الولي

الولي: يطلق على كل من ولي أمراً أو قام به، والنصير، والمحب، والصديق، والحليف، والصهر، والجار، والتابع، والمعتق، والمطيع يقال: المؤمن ولي الله، والمطر يسقط بعد المطر، والولي ضد العدو، والناصر والمتولي لأمور العالم والخلائق، ويقال للقيِّم على اليتيم الولي، وللأمير الوالي. قال الراغب الأصفهاني: الولاء والتوالي يطلق على القرب من حيث المكان ومن حيث النسب ومن حيث الدين، ومن حيث الصداقة، ومن حيث النصرة، ومن حيث الاعتقاد، والولاية النصرة، والولاية تولي الأمر.. والوَليُّ والموْلى يستعملان في ذلك كل واحد منهما يقال في معنى الفاعل أي الموُاِلي وفي معنى المفعول أي المُوالَى: يقال للمؤمن هو ولي الله، ويقال الله ولي المؤمنين. وولاية الله عز وجل ليست كغيرها : {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير})(سورة الشورى الآية11). فهو سبحانه الولي الذي تولى أمور العالم والخلائق، وهو مالك التدبير، وهو الولي الذي صرف لخلقه ما ينفعهم في دينهم ودنياهم وأخراهم))ا.هـ.

  • وقد سمى الله نفسه بهذا الاسم فهو من الأسماء الحسنى قال الله عز وجل:{أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحي الموتى وهو على كل شيء قدير}(سورة الشورى الآية 9)، وقال عز وجل:{وهو الذي ينزِّل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد}(سورة الشورى الآية 28).
  • فالله عز وجل هو الولي الذي يتولاه عبده بعبادته وطاعته والتقرب إليه بما أمكن من القربات وهو الذي يتولى عباده عموماً بتدبيرهم ونفوذ القدر فيهم، ويتولى عباده بأنواع التدبير.

ويتولى عباده المؤمنين خصوصاً بإخراجهم من الظلمات إلى النور ويتولى تربيتهم بلطفه ويعينهم في جميع أمورهم وينصرهم، ويؤيدهم بتوفيقه، ويسددهم قال الله عز وجل:{الله ولي الذي ءامنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}(سورة البقرة الآية257)، وقال عز وجل:{وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين}.(سورة الجاثية الآية19) فالله عز وجل هو نصير المؤمنين وظهيرهم، يتولاهم بعونه وتوفيقه، ويخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان .. وإنما جعل الظلمات للكفر مثلاً، لأن الظلمات حاجبة للأبصار عن إدراك الأشياء وإثباتها وكذلك الكفر حاجب لأبصار القلوب عن إدراك حقائق الإيمان، والعلم بصحته وصحة أسبابه فأخبر عز وجل عباده أنه ولي المؤمنين ومبصِّرهم حقيقة الإيمان، وسبله، وشرائعه، وحججه، وهاديهم لأدلته المزيلة عنهم الشكوك بكشفه عنهم دواعي الكفر، وظلم سواتر أبصار القلوب. والخلاصة : أن الله تعالى أخبر أن الذين آمنوا بالله ورسله، وصدقوا إيمانهم بالقيام بواجبات الإيمان، وترك كل ما ينافيه، أنه وليهم، يتولاهم بولايته الخاصة، ويتولى تربيتهم فيخرجهم من ظلمات الجهل والكفر، والمعاصي، والغفلة، والإعراض، إلى نور العلم، واليقين، والإيمان والطاعة، والإقبال الكامل على ربه، وينور قلوبهم بما يقذف فيها من نور الوحي والإيمان، وييسرهم لليسرى، ويجنبهم العسرى، ويجلب لهم المنافع، ويدفع عنهم المضار فهو يتولى الصالحين : {إن ولييّ الله الذي نزَّل الكتاب وهو يتولى الصالحين}(سورة الأعراف الآية 196) الذين صلحت نياتهم ، وأقوالهم، فهم لمَّا تولوا ربهم بالإيمان والتقوى، ولم يتولوا غيره ممن لا ينفع ولا يضر تولاهم الله ولطف بهم، وأعانهم على ما فيه الخير، والمصلحة في دينهم ودنياهم ودفع عنهم بإيمانهم كل مكروه كما قال عز وجل : {إن الله يدافع عن الذين ءامنوا}(سورة الحج الآية 38) . وأما الذين كفروا، فإنهم لما تولوا غير وليهم ولاهم الله ما تولوا لأنفسهم، وخذلهم ووكلهم، إلى رعاية من تولاهم ممن ليس عنده نفع ولا ضر، فأضلوهم، وأشقوهم، وحرموهم هداية العلم النافع، والعمل الصالح، وحرموهم السعادة الأبدية وصارت النار مثواهم خالدين فيها مخلدينٍ: اللهم تولنا فيمن توليت. والله عز وجل يحب أولياءه وينصرهم ويسددهم والولي لله هو العالم بالله المواظب على طاعته المخلص في عبادته المبتعد عن معصية الله.ومن عادى هذا الولي لله فالله عز وجل يعلمه بالحرب ، قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى : ((إن الله يقول من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ، وما تقرَّب إلي عبدي بشيء أحبَّ إلي مما افترضته عليه . وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن أستعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته))(رواه البخاري ). والمعنى أنه إذا كان ولياً لله عز وجل فالله يحفظه ويسدده، ويوفقه حتى لا يسمع إلا إلى ما يرضي مولاه، ولا ينظر إلا إلى ما يحبه مولاه ، ولا تبطش يداه إلا فيما يرضي الله ، ولا تمشي قدماه إلا إلى الطاعات فهو موفق مسدد مهتد ملهم من المولى وهو الله عز وجل ولهذا فسَّر هذا الحديث بهذا أهل العلم كابن تيمية وغيره ولأنه جاء في رواية الحديث رواية أخرى : ((فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش وبي يمشي ))(رواه البخاري ) هذا يدل على نصرة الله لعبده، وتأييده، وإعانته، فيوفقه الله للأعمال التي يباشرها بهذه الأعضاء، ويعصمه عن مواقعة ما يكره الله عز وجل.