الورقة الفدرالية 51

جيمس مديسون، مؤلف الورقة الفدرالية 51

الورقة الفدرالية 51 ، هي مقال تأليف جيمس ماديسون، وهي الورقة الحادية والخمسين من الأوراق الفدرالية. الأوراق الفدرالية هي عبارة عن مجموعة من المقالات تتألف من 85 مقالاً نشرت في الأصل بدون ذكر اسم كاتبها في صحف نيويورك باسم "پوبليوس" المستعار في عام 1787 وعام 1788. وكان كتّاب مقالات الأوراق الفدرالية، الكسندر هاملتون، وجيمس ماديسون، وجون جاي من أشد المناصرين والمؤيدين حماسة للدستور الأميركي الجديد وكانوا يسعون جاهدين إلى إقناع الناس في نيويورك بتأييد المصادقة على الدستور.[1]

ربما كان المقال رقم 51 هو المقال الأشهر في هذه المجموعة، وهو يعرف بالعبارة التالية: "لو كان الرجال ملائكة، لما كانت هناك حاجة لحكومة". وعلى الرغم من أن تلك العبارة كثيرًا ما تُنسب إلى ماديسون، فإن اسم كاتب المقال لا يزال غير مؤكد. يشرح المقال نظام الضوابط والتوازنات بين الفروع الثلاثة للحكومة الفدرالية، حيث إن كل فرع منفصل تمامًا عن الفروع الأخرى مما يمكن كل فرع من تحديد سلطة الفروع الأخرى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نص الورقة

كلمات تنادي بالحرية: الأوراق الفدرالية

المقال رقم 51، الصادر بتاريخ 8 فبراير 1788، بقلم الكسندر هاملتون أو جيمس ماديسون

مستخلصة من صحيفة نيويورك باكيت

(جيمس ماديسون أو ألكسندر هاملتون)

إلى أهالي ولاية نيويورك:

إلى أي وسيلة، يتعين علينا أن نلجأ في نهاية المطاف للمحافظة بصورة عملية على الفصل الضروري للسلطة بين مختلف الفروع الحكومية، وفقًا لما هو منصوص عليه في الدستور؟ الجواب الوحيد الذي يمكننا إعطاؤه هو، لقد وُجد أن جميع هذه الأحكام الخارجية غير كافية، وأن الخلل ينبغي أن يصحح من خلال ابتداع هيكلية داخلية للحكومة بحيث يمكن لجميع الأجزاء المختلفة المكوّنة لها، نظرًا لعلاقاتها المتبادلة، أن تشكل الوسيلة اللازمة لإبقاء كل منها في مكانها الملائم. وبدون أن أفترض أنني سأتولى التطوير الكامل لهذه الفكرة المهمة، فسوف أخاطر بتقديم بعض الملاحظات العامة، التي قد تضعها تحت ضوء أكثر وضوحًا، وتمكننا من اتخاذ قرار أكثر صحة حول مبادئ الحكومة وهيكليتها كما خطط لها المؤتمر.

ومن أجل وضع الأساس اللازم لتلك الممارسة المنفصلة والمميزة للسلطات المختلفة للحكومة، والتي تكون إلى حدٍ ما مقبولة من جميع المعنيين بأنها ضرورية للمحافظة على الحرية، فمن الجلي أنه ينبغي أن يمتلك كل فرع في الحكومة إرادة تصرّف خاصة به، وبالتالي يجب أن تكون مكوّنة بطريقة تتيح لأعضاء كل فرع أقل قدر ممكن من التأثير في تعيين أعضاء الفروع الأخرى. وفي حال جرى الالتزام الصارم بهذا المبدأ، فإنه سيتطلب أن تأتي جميع التعيينات في المناصب العليا التنفيذية، والتشريعية، والقضائية من ينبوع السلطة نفسه، أي من الشعب، عبر قنوات ليس لها أي اتصال ببعضها البعض. من المحتمل أن تكون الخطة القائمة على إنشاء عدة وزارات أقل صعوبة في الممارسة مما قد تبدو عليه عند التأمل بها. غير أنه يتوجب التغلب على بعض الصعوبات، وتحمّل بعض النفقات الإضافية لتنفيذ ذلك. ولذلك، ينبغي قبول حصول بعض الانحرافات عن المبدأ. ففي تشكيل هيئات العدل خاصة، قد يكون من غير الملائم الإصرار الصارم على المبدأ: أولا، بسبب المؤهلات الخاصة التي يتعيّن على الأعضاء امتلاكها، حيث يتوجب أن يكون الاعتبار الأول انتقاء ذلك النموذج من الخيار الذي يؤمن هذه المؤهلات بالشكل الأفضل. وثانيًا، نظرًا للصفة الدائمة لشغل هذه المناصب التي تتم على أساسها التعيينات في ذلك الفرع سوف تدمر كل شعور بالاعتماد على السلطة التي قامت بالتعيين في هذه المناصب.

ومن الواضح بصورة مماثلة، أن أعضاء كل فرع حكومي يجب أن يعتمدوا بأقل قدر ممكن على أعضاء الفروع الأخرى، فيما يخص المكافآت المرتبطة بمناصبهم. فلو كان رئيس القضاة، أو القضاة، غير مستقلين عن السلطة التشريعية في هذه الحالة المعينة، فإن استقلاليتهم في الشؤون الأخرى سوف تكون مجرد استقلالية شكلية. ولكن الأمان الأكبر ضد التركيز التدريجي للسلطات المتعددة في فرع حكومي بعينه، يقوم على منح أولئك الذين يديرون كل فرع الوسائل الدستورية والحوافز الشخصية اللازمة لمقاومة تجاوزات الآخرين. يجب أن تكون مخصّصات الدفاع في هذا السياق، كما في جميع الحالات الأخرى، متناسبة مع درجة خطر الهجوم. وينبغي جعل الطموح يتصدى للطموح الآخر. وينبغي ربط مصلحة المرء مع الحقوق الدستورية في ذلك المكان. قد يعكس ذلك تصورًا للطبيعة الإنسانية، في أن مثل هذه الوسائل ضرورية للسيطرة على إساءة استخدام الحكومة لسلطتها. ولكن ما هي الحكومة نفسها، سوى كونها أعظم جميع الانعكاسات للطبيعة الإنسانية؟ لو كان الرجال ملائكة، لما استدعت الحاجة وجود حكومة. ولو كان الملائكة سيحكمون الناس، لما كان من الضروري وضع ضوابط خارجية أو داخلية على الحكومة. تكمن الصعوبة الكبرى لدى صياغة أي حكومة يديرها الرجال على الرجال في هذا: ينبغي عليك في المقام الأول تمكين الحكومة من السيطرة على المحكومين، وفي المقام التالي عليك إلزامها السيطرة على نفسها.

مما لا شك فيه أن الاعتماد على الناس يشكل الوسيلة الأولية لضبط أعمال الحكومة، ولكن التجربة علمت البشر ضرورة اتخاذ احتياطات إضافية. يمكن تعقب هذه السياسة المتعلقة بسد الاحتياجات، من جانب المصالح المتباينة والمتنافسة، وما يشوب الحوافز الأفضل من شوائب، عبر منظومة الشؤون الإنسانية، الخاصة منها والعامة. ونرى ذلك واضحًا بصورة خاصة في جميع توزيعات الصلاحيات الثانوية، حيث يكون الهدف الثابت هو تقسيم وترتيب المناصب المتعددة بطريقة تمكن كل منصب من ضبط أعمال المنصب الآخر، وبحيث تكمن المصلحة الخاصة لكل فرد في أن يكون حارسًا أمينًا للحقوق العامة. ولا يمكن أن تكون احتياطات الحذر هذه مطلوبة بدرجة أقل عند توزيع السلطات العليا للدولة. ولكن من غير الممكن منح كل فرع سلطة متساوية للدفاع عن النفس. ففي نظام الحكم الجمهوري، تكون السلطة التشريعية هي المسيطرة بالضرورة. ويتمثل علاج هذا الوضع الغير ملائم بتقسيم السلطة التشريعية إلى فروع مختلفة، وبجعل هذه الفروع، من خلال أساليب مختلفة من الانتخابات والمبادئ المختلفة في العمل، متصلة بأقل قدر مع بعضها البعض بقدر ما تسمح به طبيعة وظائفها المشتركة واعتمادها المشترك على المجتمع. قد يكون حتى من الضروري تأمين وجود حماية ضد التعديات الخطيرة من خلال اتخاذ إجراءات احتياطات إضافية. ونظرًا لأن وزن السلطة التشريعية يتطلب أن يتم تقسيمها بهذا الشكل، فإن ضعف السلطة التنفيذية، من جهة أخرى، يفرض تحصينها.

ويبدو بوضوح أن الحل يتمثل في منح الفرع التنفيذي قوة مطلقة للنقض أو الاعتراض على الفرع التشريعي، لكن ذلك ربما لا يكون حلا مأمونًا أو فعالا، إما لأن الفرع التنفيذي لن يمارس ذلك بما يكفي من الدقة والحسم، أو بسبب أن الفرع التنفيذي قد يسيء استخدام سلطته. ألا توجد وسيلة يمكن تزويد الفرع التشريعي بها لكي يمارس نفوذه دون انتهاك حقوق الفرع التنفيذي؟ وإذا كان حالفني الصواب في هذا التفسير- وأعتقد أنني كذلك- وكانت دساتير الولايات لديها الأساليب نفسها في الرقابة وتحقيق التوازن بين السلطات، إذًا فمن المنطقي أن تكون السلطات الفيدرالية مهيكلة بالأسلوب نفسه لأن نجاح ذلك على المستوى الفيدرالي سيكون حتى من الأسهل عنه على مستوى الولاية.

هناك، علاوة على ذلك، اعتباران ينطبقان بصفة خاصة على النظام الفدرالي لأميركا، مما يحول ذلك النظام إلى وجهة نظر مثيرة جدًا للاهتمام. أولا، في الجمهورية الواحدة، تخضع جميع السلطات التي يتنازل عنها الشعب إلى إدارة حكومة واحدة، وتتم الحماية من اغتصابات هذه السلطات من خلال تقسيم الحكومة إلى فروع مميزة ومنفصلة. أما الجمهورية المركبة، مثل أميركا، فيتم أولاً تقسيم السلطات التي يتنازل عنها الشعب بين حكومتين مميزتين أي، الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات، ومن ثم يتم تقسيم فروع الجزء المخصص لكل حكومة بين فروع حكومية مميزة ومنفصلة. وبالنتيجة، تبرز الحاجة إلى ضمان أمن مزدوج لحقوق الشعب. وسوف تضبط الحكومتان المختلفتان أعمال بعضهما البعض، وفي الوقت نفسه تضبط كل حكومة أعمالها بنفسها. ثانيًا، من المهم جدًا في أية جمهورية ليس فقط حماية المجتمع من ظلم حكامه، وإنما أيضًا حماية جزء من المجتمع من ظلم الجزء الآخر فيه. تكون هناك بالضرورة مصالح مختلفة لدى الفئات المختلفة من المواطنين. فإذا كانت الغالبية موحدة الصفوف من خلال المصلحة المشتركة، فسوف تكون حقوق الأقليات غير مضمونة.

ولكن هناك طريقتان لتأمين الحماية من هذا الشر: تتمثل الطريقة الأولى بتكوين إرادة لدى المجتمع الأهلي مستقلة عن إرادة الغالبية، أي ضمن المجتمع نفسه، وتتمثل الطريقة الثانية، بإدراك أن المجتمع يشتمل على صفات منفصلة ومتعددة للمواطنين إلى حد يجعل من إمكانية حصول ائتلاف غير عادل لأكثرية المجتمع أمرًا بعيد الاحتمال، إن لم يكن غير قابل للتطبيق عمليًا. تسود الطريقة الأولى في جميع الحكومات التي تملك سلطة موروثة أو ذاتية التعيين. وهذا يشكل، في أفضل الأحوال، مجرد ضمانة غير مستقرة، لأن السلطة المستقلة عن المجتمع قد تتبنى أيضًا وجهات نظر غير عادلة حول الأغلبية، كالمصالح المشروعة للأقلية، ومن الممكن أن تستخدم هذه السلطة ضد الجهتين. تتمثل الطريقة الثانية في الجمهورية الفدرالية للولايات المتحدة. ففي حين أن جميع السلطات في هذه الجمهورية سوف تُستمد من المجتمع وتَعتمد عليه، فإن المجتمع نفسه سوف يقسم إلى الكثير من الأجزاء، والمصالح، وطبقات المواطنين، بحيث تكون حقوق الأفراد أو الأقليات أقل عرضة بدرجة كبيرة لخطر ائتلافات مصالح الأغلبية.

في الحكومة الحرة يجب أن يكون ضمان الحقوق المدنية مماثلا للحقوق الدينية. يشمل هذا الضمان في حالة أولى تعدد المصالح، وفي حالة أخرى في تعدد الطوائف. وسوف تعتمد درجة الأمان في الحالتين على عدد المصالح والطوائف، ومن الممكن افتراض أن ذلك يعتمد على اتساع مساحة البلاد وعدد من تشملهم الحكومة. يجب أن توصي وجهة النظر هذه حول الموضوع بإنشاء نظام فدرالي ملائم لجميع الأصدقاء المخلصين والمتفهمين للحكم الجمهوري، حيث إن ذلك يظهر أنه في مساحة أراضي الاتحاد نفسها يمكن إنشاء كونفدراليات أكثر تحديدًا، أو يمكن للولايات أن تسهل تشكيل ائتلافات ظالمة من الأغلبية فيها: وبذلك سوف تتقلص الضمانة الأفضل، في ظل الأشكال الجمهورية لحقوق كل طبقة من المواطنين: وبالتالي ينبغي إجراء زيادة متناسبة في استقرار واستقلال بعض أعضاء الحكومة، الذين يشكلون الضمانة الأخرى الوحيدة. فالعدل هو الهدف النهائي للحكومة كما أنه الهدف النهائي للمجتمع المدني. وهو كان وسوف يبقى دائمًا المسعى الذي يتوق الناس لتحقيقه حتى الحصول عليه، أو حتى تضيع الحرية خلال هذا المسعى. ففي مجتمع يخضع لأشكال من الحكومة تستطيع فيها الفئة الأقوى توحيد صفوفها بسهولة واضطهاد الفئة الأضعف، ويمكن القول عن حق إن الفوضى سوف تسود كما هي في الحالة الفطرية، حيث لا يتم تأمين سلامة الفرد الأشد ضعفًا ضد عنف الفرد الأكثر قوة، وكما، في الحالة الأخيرة، فحتى الأفراد الأشد قوة سوف يتم حثهم، نظرًا لعدم تيقنهم من وضعهم، للخضوع لحكومة قد تحمي حقوق الضعفاء كما تحمي حقوقهم. وهكذا، في الحالة الأولى سوف يتم تدريجيًا إقناع الفئات أو الأطراف الأكثر قوة، من خلال حافز مشابه، على تأييد حكومة تقوم بحماية حقوق جميع الأطراف، الأطراف الأكثر ضعفًا، والأطراف الأشد قوة.

ليس هناك من شك بأنه في حال انفصلت ولاية رود آيلاند عن الكونفدرالية وتُركت لتهتم بشؤونها، سوف يبرز انعدام ضمان الحقوق تحت الشكل الشعبي من الحكم القائم ضمن مثل هذه الحدود الضيقة عبر الاضطهادات المتكررة للأغلبية المشاغبة بحيث يصبح مطلوبًا اللجوء إلى قوة مستقلة عن الشعب تدعو إليها أصوات تلك الفئات نفسها التي أثبت سوء حكمها ضرورة القيام بذلك. ففي جمهورية الولايات المتحدة الواسعة الأرجاء، وبين التنوع الكبير للمصالح، والأطراف، والطوائف الذين تحتضنهم، من النادر حصول ائتلاف مكوّن من أغلبية المجتمع بالكامل استنادًا إلى أية مبادئ غير مبادئ العدالة والصالح العام، وفي حين يكون الخطر أقل على مجموعة الأقلية من فرض إرادة مجموعة الأغلبية، يجب أيضًا ألا تكون هناك ذريعة، لتوفير الضمان للمجموعة الأولى، وذلك من خلال إدخال إدارة إلى الحكومة لا تعتمد على المجموعة الأخيرة، أو بعبارة أخرى، إرادة مستقلة عن المجتمع بنفسه. وليس ذلك أقل تأكيدًا مما هو مهم، بغض النظر عن الآراء المخالفة التي يتم التعبير عنها، والتي تقول إنه بقدر ما يكون المجتمع أكبر، بقدر ما يكون أكثر قدرة على حكم نفسه، شرط أن يتم ذلك ضمن النطاق العملي ولحسن الحظ بالنسبة للقضية الجمهورية فمن الممكن نقل هذا النطاق العملي إلى مدى كبير جدًا من خلال التعديلات الحكيمة مع مزيج من المبدأ الفدرالي.

پوبليوس.


الهوامش

  1. ^ "http://iipdigital.usembassy.gov/st/arabic/pamphlet/2012/10/20121015137486.html#axzz2Z9fJ6uXD". الورقة رقم 51: هيكل الحكومة يجب أن يؤمّن التوازن والضوابط بين السلطات. 2012-10-15. Retrieved 2013-07-17. {{cite web}}: External link in |title= (help)

المصدر

  1. ^ Ira C. Lupu, "The Most-Cited Federalist Papers." 15 Constitutional Commentary 403-410 (1997)
  2. ^ James Madison, "Federalist, No. 51." (1787)

وصلات خارجية

اقرأ نصاً ذا علاقة في

Federalist No. 51