الكميت بن زيد الأسدي

الكميت بن زيد الأسدي (و. 60 - 126 هـ / 680 - 744 م)، الكميت بن زيد بن خنيس الأسدي أبو المستهل. شاعر الهاشميين، من أهل [[الكوفة] ، اشتهر في العصر الأموي ، وكان عالماً بآداب العرب ولغاتها وأخبارها وأنسابها. ثقة في علمه، منحازاً إلى بني هاشم ، كثير المدح لهم، متعصباً للمضرية على القحطانية، وهو من أصحاب الملحمات. أشهر قصائده (الهاشميات - ط ) وهي عدة قصائد في مدح الهاشميين ، ترجمت إلى الألمانية. قال أبو عبيدة: لو لم يكن لبني أسد منقبة غير الكميت، لكفاهم.

وقال أبو عكرمة الضبي:

لولا شعر الكميت لم يكن للغة ترجمان.

اجتمعت فيه خصال لم تجتمع لشاعر: كان خطيب بني أسد ، و فقيه الشيعة ، وكان فارساً شجاعاً، سخياً، رامياً لم يكن في قومه أرمى منه. له (الهاشميات).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ولادته ونشأته

ولد الكميت في سنة ( 60 هـ ) وقتل في خلافة مروان بن محمد سنة ( 126 هـ ) بعد عام واحد من خلافة مروان. وينتهي نسبه إلى قبيلة بني أسد بن خزيمة من مضر.

قيل إنه كان ذكياً حاضر الجواب منذ صغره ، كاتباً حسن الخط ، خطيب بني أسد ، فقيهاً متضلعاً بالفقه ، فارساً ، شجاعاً ، سخياً ، حافظاً للقرآن ، وهو أول من ناظر في التشيع مجاهراً بذلك، ومما قال:

فَإِن هِيَ لَم تصلحْ لحيٍّ سِوَاهُمُ فإنَّ ذَوِي القُربى أحقُّ وأوجَبُ
يقولون لَم يُورثْ وَلَوْلا تُراثهُ لَقَد شركت فِيهَا بكيلٌ وأرحَبُ

قال محمد العيساوي الجمحي : الكميت أول من أدخل الجدل المنطقي في الشعر العربي فهو مجدد بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ، وشعره ليس عاطفياً كبقية الشعراء ، بل إن شعره شعر مذهبي ، ذهني عقلي .

فهو شاعر يناضل عن فكرة عقائدية معينة ، وعن مبدء واضح ، ومنهج صحيح ، ودعوته هذه قد آمن بها ، وكرَّس لها حياته وجهده ، وتحمل في سبيلها الأذى ومات بسببها .

وقال أبو الفرج : شاعر ، مقدَّم ، عالم بلغات العرب ، خبير بأيامها ، من شعراء مضر وألسنتها المتعصبين ، ومن العلماء بالمثالب والأيام المفاخرين بها ، كان في أيام بني أمية ، ولم يدرك العباسية ، وكان معروفاً بالتشيع لبني هاشم ، مشهوراً بذلك [ الغدير 2 / 286 ] . وقال الفرزدق له : أنت والله أشعر من مضى وأشعر من بقي . وسُئل معاذ الهرَّاء : من أشعر الناس ؟ قال : أمن الجاهليين أم من الإسلاميين ؟ قالوا : بل من الجاهليين ، قال : امرؤ القيس ، وزهير ، وعبيد بن الأبرص . قالوا : فمن الإسلاميين ؟ قال : الفرزدق ، وجرير ، والأخطل ، والراعي . قال : فقيل له : يا أبا محمد ما رأيناك ذكرت الكميت فيمن ذكرت ؟ قال : ذاك أشعر الأولين والآخرين.


مقتله

حينما ثار زيد بن علي على هشام، وقف الكميت يؤيد ويدعو للمشاركة في الثورة على حكم بني مروان، مما أثار عليه حكام عصره، فتعرض للأذى مراراً، وسُجن، وتشرّد كما يشير إلى ذلك في إحدى هاشمياته:

ألم ترني من حـب آل محمدٍ أروح وأغدو خائفاً أترقّبُ
كأنيَ جانٍ أو محدثٌ أو كأنما بهم أُتّقى من خشية العار أجربُ

وتقضي المقادير أن تفشل ثورة زيد، ويُقتل على يدي يوسف بن عمر الثقفي والي العراق، ويصلب في الكناسة، فيحزن عليه الإمام محمد الباقر ومحبّوه، وينبري الكميت لهجاء يوسف الثقفي لما فعله بزيد:

يعزُّ على أحمـدٍ للذي أصاب ابنَه الأمس من يوسفِ
خبيثٍ من المعشر الأخبثين وإن قلتُ زانين لم أَقذفِ
خَرجتَ لهم تُمسِي البراحَ وَلَم تَكُن كَمَن حِصنُهُ فيه الرتاجُ المضَّببُ
وَمَا خَالدٌ يَستَطعِمُ المَاءَ فَاغِراً بِعَدلِكَ والدَّاعِي إِلَى المَوتِ يَنعبُ

ومضت الأيام، وإذ بالكميت في مجلس يوسف بُعَيد قتله خالداً القسري الوالي السابق، وكان جنود من اليمانية وقوفاً على رأس يوسف، وكان يتحين فرصة للتخلص من الكميت، فأشار إليهم أن يضعوا سيوفهم في بطنه، ففعلوا ووجأوه فمات لساعته بعد نزف شديد. قتل في الكوفة في خلافة مروان بن محمد سنة ( 126 هـ ).

وكان الجند على رأس يوسف متعصبين لخالد ، فوضعوا نصال سيوفهم في بطن الكميت، فُوْجِؤُوهُ بها ، وقالوا : أتنشد الأمير ولم تستأمره ؟ فلم يزل ينزف الدم حتى مات.

وروي عن المستهل بن الكميت أنه قال : حضرت أبي عند الموت وهو يجود بنفسه ، ثم أفاق ففتح عينه ثم قال ( ) : ( اللهم آل محمد ، اللهم آل محمد ، اللهم آل محمد ) ، ثلاثاً .

وروي أيضاً أنه قال لولده المستهل : إذا متُّ فامضِ بي إلى موضع يقال ( مكران ) ، فادفنِّي فيه ، فدفن الكميت في ذلك الموضع ، وكان أوَّل من دفن فيه ، وهي مقبرة بني أسد .

من قصائده

نفى عن عينك الارق الهجوعا ***** وهم يمتري منها الدموعا

دخيل في الفؤاد يهيج سقما ***** وحزنا كان من جذل منوعا

لفقدان الخضارم من قريش ***** وخير الشافعين معا شفيعا

لدى الرحمن يصدع بالمثاني ***** وكان له أبو حسن قريعا

حطوطا في مسرته ومولى ***** إلى مرضاة خالقه سريعا

وأصفاه النبي على اختيار ***** بما أعيى الرفوض له المذيعا

ويوم الدوح دوح غدير خم ***** أبان له الولاية لو أطيعا

ولكن الرجال تبايعوها ***** فلم أر مثلها خطرا مبيعا

فلم أبلغ بها لعنا ولكن ***** أساء بذاك أو لهم صنيعا

فصار بذاك أقربهم لعدل ***** إلى جور وأحفظهم مضيعا

أضاعوا أمر قائدهم فضلوا ***** وأقومهم لدى الحدثان ريعا

تناسوا حقه وبغوا عليه ***** بلا ترة وكان لهم قريعا

فقل لبني أمية حيث حلوا ***** وإن خفت المهند والقطيعا

ألا أف لدهر كنت فيه ***** هدانا طائعا لكم مطيعا

أجاع الله من أشبعتموه ***** وأشبع من بجوركم أجيعا

ويلعن فذ أمته جهارا ***** إذا ساس البرية والخليعا

بمرضي السياسة هاشمي ***** يكون حيا لامته ربيعا

وليثا في المشاهد غير نكس ***** لتقويم البرية مستطيعا

يقيم أمورها ويذب عنها ***** ويترك جدبها أبدا مريعا

وأخرى:

طربت وما شوقا إلى البيض أطرب ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب

ولم يلهني دارا ولا رسم منزل ولم يتطرّبني بنان مخضّب

ولا أنا ممن يزجر الطير همه أصاح غراب أم تعرض ثعلب

ولا السانحات البارحات عشية أمر سليم القرن أم مر أغضب

ولكن إلى أهل الفضائل والنهى وخير بني حواء والخير يطلب

إلى النفر البيض الذين بحبهم إلى الله فيما نالني أتقرب

بني هاشم رهط النبي فإنني بهم ولهم مرارا أرضى وأغضب

خفضت لهم مني جناحي مودة إلى كنف عطفاه أهل ومرحب

وكنت لهم من هؤلاء وهؤلا محبا على إني أذم وأغضب

وأرمي وأرمي بالعداوة أهلها واني لأوذى فيهم وأؤنب

فما ساءني قول امرئ ذي عداوة بعوراء فيهم يتحديني فاجذب

فقل للذي في ظل عمياء جونة ترى الجور عدلا أين لا أين تذهب

بأي كتاب أم بأية سنة ترى حبهم عارا علي وتحسب

أأسلم ما تأتي به من عداوة وبغض لهم لا جبر بل هو أشجب

ستقرع منها سن خزيان نادم إذا اليوم ضم الناكثين العصبصب

فمالي إلا آل أحمد شيعة وما لي إلا مشعب الحق مشعب

ومن غيرهم أرضى لنفسي شيعة ومن بعدهم لا من أجل وأرجب

أريب رجالا منهم وتريبني خلائق مما أحدثوهن أريب

إليكم ذوي آل النبي تطلعت نوازع من قلبي ظماء واليب

فاني عن الأمر الذي تكرهونه بقولي وفعلي ما استطعت لا جنب

يشيرون إلي بالأيدي وقولهم ألا خاب هذا والمشيرون أخيب

فطائفة قد كفرتني بحبكم وطائفة قالوا مسيء ومذنب

فما ساءني تكفير هاتيك منهم ولا عيب هاتيك التي هي أعيب

يعيبوني من خبّهم وضلالهم على حبكم بل يسخرون وأعجب

وقالوا ترابي هواه ورأيه بذلك أدعى فيهم وألقب

على ذاك إجريّاي فيكم ضريبتي ولو جمعوا طرا علي واجلبوا

وأحمل أحقاد الأقارب فيكم وينصب لي في الأبعدين فانصب

بخاتمكم غصبا تجور أمورهم فلم أر غصبا مثله يتغصب

وجدنا لكم في آل حاميم آية تأولها منا تقي ومعرب

وفي غيرها آيا وآيا تتابعت لكم نصب فيها لذي الشك منصب

بحقكم أمست قريش تقودنا وبالفذ منها والرّديفين نركب

وصلات خارجية

  1. هاشميات الكميت (طبعة قديمة) - (للتحميل)
  2. ديوان الكميت.