الشريف البعقوبي

الشيخ أبي عبد الله محمد بن علي بن عرفة البعقوبي الحسني، الشافعي الأشعري، من أعلام التصوف العراقي وأعلام مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى العراقية في العصر العباسي الثاني ومن جملة مشايخ الشيخ عبدالقادر الجيلاني القطب الصوفي الكبير.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نسبه

هو محمد بن علي بن عرفة بن الحسن بن أبي بكر بن علي بن الحسن بن أحمد بن إسماعيل بن القاسم بن محمد النفس الزكية بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب.


التحقيق في أمر القاسم بن محمد النفس الزكية

وقع خلاف كبير جدا حول وجود ابن لمحمد النفس الزكية يسمى القاسم، فذهب أغلب النسابين المتقدمين إلى القول بعدم وجود ابن للنفس الزكية اسمه القاسم، وإلى القاسم بن محمد النفس الزكية يرجع نسب ملوك المغرب السعديين و العلويين و كذلك الشريف البعقوبي، والعيايشة بينبع ومنهم جابر بن جباره العياشي، وقال جمع من النسابون بوضع وسائط بين القاسم ومحمد النفس الزكية، بأن تزاد ثلاثة أسماء، في نسب العلويين والسعديين.

وذهب أحمد بن سهل الرازي و كثير من نسابوا ومؤرخوا المغرب وبعض متأخري نسابوا الحجاز كأنس كتبي، والمشرق كالرجائي، إلى القول بوجود ابن للنفس الزكية اسمه القاسم (2). أما التحقيق في وجود القاسم فقد ذكره بعض من المؤرخين والنسابين، منهم المؤرخ أحمد بن سهل الرازي المتوفي في الربع الأول من القرن الرابع قال في كتابه أخبار فخ: ثم خرج يحيى و إدريس من الحبشة ،فقدما إلى فرع المِسْوَر ليلاً ،فأقاما به زمناً يتشاوران إلى أين يخرجان وأي بلد يحملهم ويخفيهم وشملهم من الخوف ، مثل ماكان عرف وتناهى إليهم خبر علي بن إبراهيم، و إبراهيم بن إسماعيل، و القاسم بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، و موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن ؛ وقال في موضع آخر: لما كان من أمر الحسين رحمه الله بفخ ماكان ،أحضر موسى الهادي موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، والقاسم بن محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن (5)، وقال أبو عبدالله الحسين الديار بكري صاحب تاريخ الخميس المتوفي سنة966 هـ كما ذكر صاحب كتاب المطالع محمد الزكي الحسني العلوي: توفى القاسم بن محمد النفس الزكية في حياة أبيه وجده، وترك زوجته حاملاً بابنه إسماعيل، فلما وضعته تزوج بها أخوه عبد الله الأشتر، وكفل ابن أخيه إسماعيل، فلما وقع ما وقع بالإمام محمد وفر ولده عبد الله لبلاد السند وحمل معه ابن أخيه إسماعيل مع أمه، ولما وقع ما وقع بعبد الله حين قام ببلاد كابل وقتل وفر إسماعيل فيمن فر ورجع إلى ينبع واستوطنه.

عقيدته

وهو من الرجال الصالحين والعلماء العالمين وكان شافعيا أشعريا، من جملة مشايخ شيخ الإسلام، عبد القادر الجيلاني (قدس الله روحه )، مشهود له بالعلم والمعرفة.

سيرته

وكان الشيخ عبدالقادر الجيلاني على صله وثيقة به ويصاحبه الإمام أبو إدريس البعقوبي، وفي خلال سفرة الشيخ عبد القادر الجيلاني، من بغداد إلى بعقوبة، نزل عند قريبه الشريف البعقوبي وكانت بينهم محاورات ,ودروس كان لها أثر عميق في شخص الشيخ عبدالقادر الجيلاني حيث تعلم منها دروسا بليغة ,في الاعتماد على النفس ,وطلب العلم وتقبله للنصائح وامتثاله للطاعة عند صدور الأمر الصالح . وكان الشريف البعقوبي , قد اتخذ من بعقوبة ,موطنا له إلى ان وافاه الاجل وهو يعد بحق من أهم أعلام بعقوبة في العصر العباسي الأخير , على حد قول الدكتور صادق جعفر ,في رسالته للماجستير من جامعة القاهرة (عبدالقادر الجيلاني) 1975, ومن المؤكد كان له دور في إعداد جيل صلاح الدين الأيوبي الذي حرر القدس الشريف من الصليبيين , من خلال الإعداد الفكري ,وذلك مفصل في كتاب هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس للدكتور ماجد عرسان الكيلاني. وللشريف البعقوبي عدة مؤلفات ضاعت عند احتلال المغول لبغداد سنة 656هـ ،ولقد ذكره العلامة المؤرخ مصطفى جواد في كتابه أصول التاريخ والأدب المخطوط وغيره عند حديثة عن الشيخ عبدالقادر الجيلاني ،مؤكدا أن الشريف البعقوبي، من أجداد ملوك المغرب العلويين و السعديين ،وهذا ما أكده العلامة جلال الحنفي في أكثر من مجلس. أخباره كان عظيم القدر كبير الشأن وإليه ينتمي أعيان مشايخ العراق وهو أول من أسس المشيخة بالعراق بعد انقراض مشايخ الرسالة وهو القائل من زار قبري أربعين أربعاء أوتي في آخرها براءة من النار . وقال أخذت من ربي عز وجل عهداً أن النار لا تحرق جسداً دخل حرمي هـذا . ويقال أنه ما دخل حرمه يعني تربته سمك ولا لحم إلا ولم ينضج بالنار لا طبخاً ولا شياً , وتخرج بصحبته غير واحد من الأكابر مثل الشيخ محمد الشنبكي وغيره وانتمى إليه أكثر أعيان مشايخ العراق , وقال بإرادته جم غفير من ذوي الأحوال الفاخرة وتلمذ له خلق لا يحصون من أرباب المقامات الرفيعة وانعقد عليه الاجماع من المشايخ والعلماء بالتجبيل والتعظيم والرجوع إلى قوله والمصير إلى حكمه وقصد بالزيارات من النذورات من كل قطر ، وروى بالأمالي من كل جهة ، واهرع إليه السلوك من كل فج عميق وكان جميل الصفات شريف الاخلاق كامل الأدب كثير التواضع شديد الاقتفاء لأحكام الشرع مكرماً لأهل السنة والدين وله كلام عال في علوم المعارف . كان رضي الله عنه في أول حاله يقطع الطريق ببعقوبة ومعه رفقاء وهو مقدمهم فسمع ليلة امرأة تقول لزوجها انزل هـهنا لئلا يأخذنا الشريف وأصحابه ,فاتعظ وبكى وقال الناس يخافونني وأنا لا أخاف الله تعالى وتاب في وقته وتاب معه أصحابه وانقطع مكانه متوجهاً إلى الله تعالى على قدم الصدق والاخلاص في إرادته ولم يكن يومئذ بالعراق شيخ مشهور فرأى في منامه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأبا بكر الصديق رضي الله عنه فقال : يا رسول الله ألبسني خرقة فقال يا محمد أنا نبيك وهذا شيخك وأشار إلى الصديق رضي الله عنه ثم قال ألبس سميك محمد فألبسه الصديق رضي الله عنه ثوباً وطاقية ومر بيده على رأسه ومسح على ناصيته وقال : بارك الله فيك وقال له رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يا أبا بكر : تحيى سنن أهل الطريق من أمتي بالعراق بعد موتها ويقوم منا أرباب الحقائق من أحباب الله بعد درسها وفيك تكون المشيخة بالعراق إلى يوم القيامة وقد هـبت نسمات الله تعالى بظهورك ثم استيقظ فوجد الثوب والطاقية عليه , وكان نودي في العراق أن الشريف وصل إلى الله تعالى عز وجل. قال الشيخ أبو محمد الشنبكي المتقدم ذكره رضي الله عنه كنت أتيته وهو في بعقوبة وحده والأسد محدقة به يتمرغ بعضها على قدميه . وقال الشيخ عزاز بن مستودع البطائحي : الشريف أول المشايخ بالعراق بعد مضي السلف وكانت الأنوار تخترق البطائح من كثرة ما يطرقها رجال الغيب وكان مجاب الدعوة ظاهر التصريف . وقال الشيخ أحمد بن أبي الحسن علي الرافعي أتت امرأة إلى الشريف وقالت له : أن ابني غرق في الشط وليس لي سواه وأنا أقسم بالله عز وجل قدرك على رده على فان لم تفعل شكوتك إلى الله وإلى رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم أقول يا رب أتيته ملهوفة وكان قادراً على رد لهفي فلم يفعل فأطرق ثم قال أريني أين غرق أبنك فأتت به إلى الشط فإذا ابنها قد طفى على وجه الماء ميتاً فسبح الشيخ في الماء حتى وصل إليه وحمله على عاتقه وأخرجه وأعطاه إلى أمه وقال خذيه فقد وجدته حياً فانصرفت وهو يمشي معها ويده في يدها كأن لم يكن به شيء قط ، وزلزلت واسط مرة فنزلت إلى البهموت بعد أن اخترق الأرضين السبع وقال له : اسكن يا عبد الله فقال : أمرت أن أطيعك وحدك فسكن وكان حياً في القرن السادس الهجري.

شيوخه وتلاميذه

كان الشريف البعقوبي شغوفاً بالعلم، جاداً في تحصيله، مقبلاً عليه بهمة تنطح النجوم وتقل الجبال، ولقد ساعدته عزيمته النافذة، وشكيمته التي تستصغر عظائم الأمور، في ترويض الصعاب، وتخطي رقاب الموانع، الأمر الذي يسّر له أن يتقن في اليوم ما يتقنه أقرانه في أسبوع، تجده دائماّ يضطرب في مجالس العلم، متنقلاً من مجلس إلي آخر، تدفعه نفسه التواقة إلي الاستزادة والتعمق، فمثل هذه النفس التي عظم قدرها، وارتفعت منزلتها في العيون، لا تركن إلي القليل والسطحي منه، انكب الشريف على العلم حتى أتقن جميع العلوم التي كانت سائدة في عصره، و"كان من جملة الذين أخذ عنهم الحديث أبوغالب الباقلاني، وجعفر السراج، وأبوبكر بن سوسن، وبن بيان، وأبوطالب بن يوسف، ومن الذين أخذ عنهم الفقه القاضي أبوسعيد المخزامي، وأبوالخطاب الكلوذاني، وبن عقيل، ومن الذين أخذ عنهم الأدب زكريا التبريزي". كما نجده قد أخذ"علم التصوف عن الشيخ حماد بن مسلم الدباس ، ثم حبب إليه المجاهدات والرياضيات، وكان هذا الشيخ قدوة لمشايخ بغداد، منهم الشيخ عبدالقادر الذي كان في صحراء العراق ملازماً الخلوة والمجاهدة، متحملاً المشاق في مخالفة النفس، ومحاربة الهوى، وملازمة السهر والجوع، والمقام في الأماكن المنعزلة، مقبلاً على الاشتغال بالعبادة وتلاوة الأذكار". و نجد أن الشريف قد جمع بين الدراسة العلمية والرياضة الروحية، وقد استمرت فترة الدراسة والتحصيل "عنده من يقارب الثلاث وثلاثون عاماً، لا نلم بالكثير من تفاصيلها لأنه أمضى قسماً كبيراً منها بعيداً عن الناس وعن الدراسة والتحصيل في بغداد وبعقوبة. ولعل الشيء الذي ينبغي عليّ ذكره أن الشريف تغمده الله برحمته وشمله بعفوه انصب أكثر اهتمامه على دراسة المذهب الحنبلي ثم درس معه المذهب الشافعي والحنفي والمالكي أيضاً. ودام هذا الدرس والتحصيل اربعون سنة ولكنه لم يكن متصلاً، بل متقطعاً على حسب الظروف والأحوال". أما تلاميذه الذين نهلوا العلم على يديه فهم من ذوي الشهرة والنباهة، "وممن حدث عنه: عبدالقادر الجيلاني و السمعاني، وعمر بن علي القرشي، والحافظ عبدالغني، والشيخ موفق الدين ابن قدامة، وولداه عبدالرزاق وموسى، والشيخ علي بن إدريس، وأحمد بن مطيع الباجسرائي، وأبوهريرة محمد بن ليث الوسطاني، وأكمل بن مسعود الهاشمي، وأبوطالب عبداللطيف بن محمد القبيطي، وروى عنه بالإجازة الرشيد أحمد بن سلمة وصحبه الشيخ السهروردي، ويذكر السمعاني أنه قرأ عليه كتاب أخبار مكة للأزرقي، وبعض جزء من كتاب الجامع الصحيح لأبي حفص البيجري".

وفاته

ومن المرجح أن تكون وفاته سنة 655 هـ ولقد ذكرته بعض المصادر منها بهجة الأسرار ومعدن الأنوار في مناقب الشيخ عبد القادر الجيلاني ومازال مرقده ظاهرا للعيان وبجواره مقبرة لعامة المسلمين في مدينة بعقوبة العراقية وهي مركز محافظة ديالى.

المصادر والمراجع

  • تذكرة المقتفين لاثار اولي الصفا وتبصرة المقتدين ،للواسطي ،ص421
  • كتاب المختصر المحتاج اليه من تاريخ بغداد ،الذهبي ص234
  • كتاب تاريخ حوادث بغداد ،مؤلف مجهول،ص35
  • الاصفهاني : مقاتل الطالبيين، ص206
  • ابن سهل الرازي : أخبارفخ ،ص 158 ،159
  • السيوطي : تاريخ الخلفاء ،ص 331
  • ابن دقماق : الجوهر الثمين، ص110.
  • أبو العباس أبن القاضي : درة الحجال في أسماء الرجال، 1/106.
  • الفتوني العاملي : تهذيب حدائق الألباب : ص148.
  • المطهر الجرموزي :النبذة المشيرة، ص181.
  • الرباطي الضعيف : تاريخ الضعيف الرباطي، 1/93.
  • محمد الطالب السلمي : الإشراف على بعض من بفاس من الأشراف ,1/1-10.
  • مرتضى الزبيدي : الروض الجلي، ص130.
  • الناصري : الاستقصا في أخبار المغرب الأقصى ج3/3
  • أبي القاسم الزياني : جمهرة التيجان وفهرسة ا لياقوت والمرجان، ص70
  • ابن زيدان العلوي : المنزع اللطيف في مفاخر المولى إسماعيل ،39-42
  • الفضيلي : الدرر البهية والجواهر النبوية ،ص79 -80
  • المشرفي : الحلل البهية، ص206-207
  • جمال الدين فالح الكيلاني،محاظرات في التاريخ الاسلامي - التصوف ،ص11
  • الشباني الادريسي : مصابيح البشرية ص304.
  • الرجائي الموسوي : المعقبون من آل أبي طالب، ص1/54
  • إيهاب الكتبي : المنتقى في أعقاب الحسن المجتبى ،ص 136
  • أنس الكتبي : الأصول في ذرية البضعة البتول ،ص 38
  • أحمد الرجيبي : تاريخ بلدية بعقوبة ،ص3 ،ص63

وصلات خارجية

http://alashraf.maktoobblog.com/1079894/ http://www.ibtesama.com/vb/showthread-t_214788.html