الحرب الروسية التركية (1710-1711)

حملة پروت
جزء من الحرب الشمالية العظمى و الحروب التركية الروسية
خريطة حملة پروت
التاريخ1710-1711
الموقع
النتيجة نصر عثماني حاسم[2]
معاهدة پروت[3]
معاهدة إدرنة (1713)
المتحاربون
Flag of the Ottoman Empire (1453-1844).svg الدولة العثمانية
Gerae-tamga.svg خانية القرم
السويدالامبراطورية السويدية
Flag of Wallachia.svg إمارة والاخيا
روسيا الامبراطورية الروسية[1]
Flag of Moldavia.svg إمارة مولداڤيا
القادة والزعماء
Flag of the Ottoman Empire (1453-1844).svg محمد پاشا بلطچي
Flag of the Ottoman Empire (1453-1844).svg أغا يوسف پاشا
Gerae-tamga.svg دولت الثاني گيراي
السويدكارل الثاني عشر من السويد
روسيا پطرس الأكبر
روسيا بوريس شرمتييڤ
Flag of Moldavia.svg ديميتري كانتمير
القوى
200,000[4] 38,000 روسي[5][6]
5,000 مولداڤي[5]
الضحايا والخسائر
نسبياً قليلة[بحاجة لمصدر] ثقيلة[بحاجة لمصدر]

الحرب الروسية التركية 1710-1711 ثم معاهدة پروت/بساروفيتش Treaty of the Pruth (في 21 يوليو 1711) بين الدولة العثمانية وروسيا.

كانت الدولة العثمانية إمبراطورية مرهوبة الجانب في أوروبا، يثير اسمها الفزع داخل أوروبا بأسرها؛ لذلك لم تقو دولة أوروبية واحدة على مواجهتها بمفردها، فشكّلت الدول الأوروبية المسيحية أحلافا وتحالفات بينها صبغتها بالتقديس لمواجهة العثمانيين الذين توجهوا بفتوحاتهم إلى أرض لم يطرقها الإسلام من قبل.

وسادت مقولات ومعتقدات عن العثمانيين في أوروبا بأنهم جيش لا يقهر، ومن المحال أن يُهزم جيش خرج فيه السلطان العثماني للقتال.. والحق أن العثمانيين كانت جيوشهم أقوى جيوش العالم، وكذلك أساطيلهم، بالإضافة إلى ما تمتعوا به من حماسة دينية، ورغبة في الجهاد، وحسن تدريب، وابتكار في الأسلحة، بل وفي الخطط القتالية والحربية، وعرف التاريخ منهم قادة وسلاطين عظامًا مثل محمد الفاتح، وسليمان القانوني، كانت لهم بصمات بارزة في تاريخ الإنسانية في ذلك الوقت.

غير أن الإمبراطوريات العظيمة، والدول الكبرى في التاريخ تمر بمرحلة صعود مبهرة تنجز فيها أعمالا عظيمة، في زمن قليل، ثم تمر بمرحلة توقف تدافع فيها عن إنجازاتها السابقة، ثم تبدأ في مرحلة الضعف والاضمحلال، ثم التلاشي من الواقع والدخول في سجلات التاريخ، ويعتبر عصر السلطان أحمد الثالث من عصور التوقف في تاريخ الدولة العثمانية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أحمد خان الثالث

صعد السلطان العثماني أحمد الثالث إلى عرش الإمبراطورية المترامية الأطراف سنة (1115 هـ= 1703م) وهو في الثلاثين من عمره، وعُرف عنه حبه للسلم، وحبه للأدب والشعر والموسيقى والخط، وشهد عصره بداية التأثر بأوروبا في مجال بناء القصور والإسراف، وهو ما جعل الأغنياء يسعون إلى اقتباس العادات الأوروبية، في الأثاث والحدائق وبخاصة في منطقة البوسفور.

أما في مجال الآداب فقد شجع الشعراء وأغدق عليهم، ونشطت حركة الترجمة عن اللغتين العربية والفارسية واللغات الغربية، وتم تأسيس أول مطبعة عثمانية في الآستانة بعد إقرار مفتي الدولة لإنشائها واشتراطه عدم طبع القرآن الكريم فيها؛ خوفا من الخطأ في كتابته.

أما في مجال الإصلاحات فقد أدرك عدد قليل من العثمانيين مدى ما حققته أوروبا من تفوق وتقدم وهو ما جعلها لا تخشى بأس العثمانيين وسطوتهم، بل تسعى إلى اقتطاع بعض أملاكهم في أوروبا، ورأى الصدر الأعظم (رئيس الوزراء) إبراهيم باشا ضرورة التعرف على أوروبا، فأقام الاتصالات المنتظمة بالسفراء الأوروبيين في الآستانة، وأرسل السفراء العثمانيين إلى العواصم الأوروبية للمرة الأولى؛ بهدف تزويد الدولة بمعلومات عن قوة أوروبا العسكرية.


الحرب مع روسيا

اتبع الإمبراطور الروسي "بطرس الأكبر" سياسة خارجية مبنية على أساس إضعاف الأقوياء من مجاوريه، بدءًا بالسويد وبولونيا، وانتهاءً بالدولة العثمانية، والمعروف أن العثمانيين بعد فشلهم في الحصار الثاني لفيينا وهزيمتهم سنة (1095هـ= 1683م) اتخذت أوروبا ضدهم سياسة هجومية، واجهها العثمانيون بتقهقر تخللته هزائم، وفي خلال ذلك انتزع بطرس الأكبر موقع وميناء "آزوف" في شمال شرق البحر الأسود، وكان ذلك فاتحة جهود روسية حولت البحر الأسود إلى بحيرة روسية خلال قرن من الزمان، وهو ما شكل تهديدًا للدولة العثمانية التي عقدت "صلح فارلوجة" سنة (1111هـ= 1699م) الذي تنازلت بموجبه لبولندا عن أوكرانيا، وللنمسا عن المجر وترنسلفانيا، وللبندقية عن المورة (اليونان)، ووُصف هذا الصلح بأنه أول تفكيك لأوصال الإمبراطورية العثمانية؛ لأنه سجل اعترافًا قانونيًا بالتنازل عن بعض أملاكها في أوروبا.

وقد بدأ بطرس الأكبر تنفيذ مشروعه الكبير بحرب السويد، وانتصر عليها انتصارًا عظيمًا في "موقعة بولتاوا" سنة (121هـ=1709م)، وفر ملك السويد "كارل الثاني عشر" إلى داخل الأراضي العثمانية وحاول استمالة العثمانيين لحرب الروس، لكن الوزير "نعمان باشا كوبريلي" عارض هذه الحرب، فلما عُزل وتولى مكانه "بلطجي محمد باشا" مال لإثارة الحرب ضد روسيا، واعتبر اجتياز الروس للأراضي العثمانية أثناء مطاردة شارل الثاني عشر سببا كافيا لإعلان الحرب، أما السبب الحقيقي فكان استرداد الأراضي التي استولت عليها روسيا في معاهدة فارلوجة.

واضطر السلطان -الذي لا يرغب في الحرب- إلى إعلان الحرب على الروس، وأعطيت القيادة العليا إلى بلطجي محمد باشا، فخرج من إستانبول في (ربيع الأول 1123هـ= أبريل 1711م) في جيش يتكون من (140) ألف جندي، والتقى بالجيش الروسي في موقع "فلكزن" على نهر بروت، وحوصر الروس وقيصرهم حصارا شديدًا، لكن بلطجي لم يستطع اجتياز الخنادق الروسية لمناعتها، ودارت المراسلات بين الطرفين التي انتهت بتوقيع "معاهدة فلكزن" في (9 جمادى الآخرة 1123هـ= 25 يوليو 1711م) التي سمحت للقيصر بالانسحاب بجيشه في مقابل تعهده بإعادة الأراضي التي استولت عليها روسيا في معاهدة فارلوجة، وعدم تدخل القيصر في شؤون القوزاق مطلقًا.

غير أن وعود القيصر كانت حبرًا على ورق، حيث كان همه الأول تخليص جيشه من الحصار، وهو ما أثار غضب ملك السويد، الذي سعي لدى السلطان العثماني حتى عزل بلطجي محمد باشا، وتولى مكانه "يوسف باشا" الذي وقّع معاهدة جديدة مع الروس سُميت ب"معاهدة أدرنه" في (24 جمادى الأولى 1125هـ= 18 يونيو 1713م) التي قضت بانسحاب الروس من بولندا، واستعادة ميناء آزوف، وحافظت على البحر الأسود كبحيرة عثمانية لمدة ستين عامًا أخرى، لم يتمكن خلالها الروس من الهبوط إلى المياه الدافئة، أما ملك السويد فغادر الدولة العثمانية بعد فشله في زجها في حرب حاسمة ضد الروس.

الحرب مع البندقية

بعدما استرد العثمانيون ما حصل عليه الروس في معاهدة فارلوجة، رأوا ضرورة استرداد ما حصلت عليه البندقية والنمسا، وتولى في تلك الفترة منصب الصدارة العظمى في الدولة العثمانية "علي باشا" الذي كان ميالا للحرب، غيورًا على مصالح الدولة، راغبًا في استرجاع أملاكها خصوصًا في بلاد المورة؛ لذلك أعلن العثمانيون الحرب أولاً على الدولة الأضعف وهي البندقية في (1 ذو الحجة 1126هـ= 8 ديسمبر 1714م) بعدما مضى على معاهدة فارلوجة خمسة عشر عامًا.

وسار "علي باشا" بجيش كبير من إستانبول، وبرفقة الأسطول العثماني واستولوا على بعض الجزر التي في حوزة البندقية، واستطاع علي باشا دخول أراضي المورة والسيطرة على جميع قراها ومدنها باستثناء جزيرة كورفو، وهرب الأسطول البندقي من الأسطول العثماني، وهكذا خرجت البندقية من صفوف الدول الكبرى سنة (1127هـ= 1715م) بعد فقدانها المورة.

واستعان البنادقة بـ"شارل الثالث" ملك النمسا بعدما وضعت الحرب أوزارها بين النمسا وفرنسا بعد "معاهدة أوترك"؛ فأسرع الإمبراطور النمساوي لنجدة البنادقة بعدما أدرك أن بلاده ستكون المرحلة التالية في الحرب مع الدولة العثمانية، وأرسل بلاغًا إلى السلطان العثماني يطلب منه إرجاع كل ما أخذه من البنادقة أو ما أعطي لهم في معاهدة فارلوجة، وإلا فسيكون امتناعه بمثابة إعلان الحرب، فلم تقبل الدولة العثمانية هذا التهديد الصريح، وفضلت الحرب عليه.


اقرأ أيضا

  • سليمان القانوني وقمة عهود الدولة العثمانية
  • عائلة "كوبريللي"
  • العثمانيون في وسط أوروبا
  • فتح القسطنطينية

المصادر

"بساروفيتش.. وإنقاذ ما يمكن". إسلام أون لاين.

  • محمد فريد وجدي: تاريخ الدولة العلية ـ تحقيق إحسان حقي ـ دار النفائس ـ بيروت الطبعة السادسة (1408هـ= 1988م)
  • يلماز أوزتونا: تاريخ الدولة العثمانية ـ مؤسسة فيصل للتمويل ـ تركيا (الطبعة الأولى: 1988).
  • أحمد عبد الرحيم مصطفى: في أصول التاريخ العثماني ـ دار الشروق ـ القاهرة ـ الطبعة الثالثة (1418= 1998م).
  • سعيد أحمد رجاوي: الإمبراطورية العثمانيةـ الأهلية للنشر والتوزيع ـ بيروت (1993).
  1. ^ There were factions of the Dnieper Cossacks allied with each of the combatants: Orlik's Hetmanate in Exile for the Ottomans and Skoropadsky's هتمانية القوزاق for Russia.
  2. ^ Donald Quataert, The Ottoman Empire, 1700-1922, (Cambridge University Press, 2005), 41.
  3. ^ Treaty of Pruth, Alexander Mikaberidze, Conflict and Conquest in the Islamic World: A Historical Encyclopedia, Vol. 1, ed. Alexander Mikaberidze, (ABC-CLIO, 2011), 726.
  4. ^ A Global Chronology of Conflict: From the Ancient World to the Modern Middle East, Vol. II, ed. Spencer C. Tucker, (ABC-CLIO, 2010), 712.
  5. ^ أ ب Young W. International Politics and Warfare in the Age of Louis XIV and Peter the Great: A Guide to the Historical Literature. iUniverse. 2004. P. 459
  6. ^ Stevens C. Russia's Wars of Emergence 1460-1730. Routledge. 2013. P. 267