الثورة المولداڤية 1848

الثورة المولداڤية 1848 كانت ثورة قومية رومانية رومانسية ليبرالية غير ناحجة في إمارة مولداڤيا. وكجزء من ثورات 1848 التي عمت اوروبا، ولصلتها الوثيقة بالانتفاضة الناجحة في ولاخيا، فقد سعت إلى الاطاحة بالادارة المفروضة من الامبراطورية الروسية تحت نظام النظام الاورگاني. قاد الثورة مجموعة من المثقفين الشبان، وقد تم اخمادها بسرعة. هذا بالرغم من حقيقة أن الثوريين المولداف (البغدان) كانوا أكثر اعتدالاً ورغبة في التوفيق في مطالبهم للاصلاح عن أقرانهم الولاخيين (الأفلاق)، إذ أن الحياة السياسية والاجتماعية المولدافية استمرت محكومة بأرستقراطية محافظة إقطاعية، وكانت الطبقة الوسطى في طورها الجنيني.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

أحرزت الحركة القومية في صربيا نجاحاً جزئياً يإقامة حكومة ذاتية والتخلص من الإدارة العثمانية, وكيف أن الحركة القومية في اليونان نجحت أيضاً في التخلص من الحكم العثماني وإقامة دولة مستقلة بحماية دولية بعد أن تحمل الفلاحون في هذين البلدين عبء معارك الثورة والقتال من أجل الإستقلال. أما الحركة القومية في إمارتي الدانوب (ولاخيا (بالعربية: الأفلاق) ومولدافيا (بالعربية: البغدان) فقد اختلفت عن الحركة في الصرب واليونان رغم وجود بعض أوجه الشبه بين ذلك أن هاتين الإمارتين كانتا قد حققتا تطوراً ملحوظاً سياسياً وإقتصادياً في نهايةالقرن الثامن عشر كما سبقت الإشارة.

ففي القرن الثامن عشر كانت الإمارتين تحت حكم مسيحي ولكن من قبل يونانيين من منطقة الفنار حول استانبول والمعروفون بالفنارين, وبالتالي فإن الحكومة العثمانية لم تحكم الإمارتين بشكل مباشر لأن هؤلاء اليونانيين الفناريين يحكمون باسم السلطان. وعلى هذا كانت أول خطوة في الحركة القومية في الإمارتين هي العمل على التخلص من حكم أولئك اليونانيين الأجانب كجزء من النضال ضد السيادة العثمانية. وثانياً لم يكن بالإمارتين طبقة من المسلمين ملاك التيمارات الكبيرة أو الجفالك, وإنما كان بها أرستقراطية محلية من النبلاء الإقطاعيين (البويار Boyars) الذين كانوا في وضع سياسي قوي ليس لأنهم يمثلون زعامات طبيعية للبلاد, ولكن لأنه كان بإمكانهم الإفادة بشكل هائل من التطورات الإقتصادية في أوروبا آنذاك.

كانت إمارتا الدانوب أو البلاد الرومانية تمثل مصدراً للمواد الطبيعية اللازمة لتوسيع آفاق الإنتاج في الدول الصناعية الغربية مثلما كان حال بولندا والمجر وبروسيا وروسيا, ذلك أن التربة في الإمارتين ملائمة جداً لزراعة الحبوب للتصدير على نطاق واسع بعكس أراضي البلقان الأخرى. ولهذا وبناء على هذه الظروف كان من مصلحة أي نبيل إقطاعي أن يحوز أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الزراعية وأن يضمن قوة أيدي عاملة من الفلاحين تحت يده, وفي القوت نفسه كان أي فلاح يسعى لكي يحوز أي قطعة أرض تكون تحت تصرفه حتى يتحرر من الإلتزامات الإقطاعية المفروضة عليه. ولهذا كانت هناك خصومة طبيعية بين طبقة الفلاحين وطبقة الإقطاعيين بسبب تناقض مصالح كل منهم.

وبالتالي لم يكن من المنتظر وجود إندماج بين الطبقتين في الحركة القومية عكس ما كان قائماً في بلاد اليونان والصربو ومن ثم فإن المراحل الرئيسية في تحقيق إستقلال رومانيا ثامت على أساس المفاوضات الدبلوماسية وليس على معارك القتال ومن هنا كان فشل الثورة التي تزعمها في 1821 تيودرو فلاديميريشكو Vladimirescu, وكذا الثورة في ولاخيا في1848 اللتان كانت عنواناً على الإنقسام بين الفلاحين والإقطاعيين.

وهناك إختلاف ثالث بين أحوال رومانيا وكل من الصرب واليونان راجع إلى الموقع الجغرافي لإمارتي الدانوب (رومانيا), فلأنهما تقعان على الطريق إلى استانبول فقد كانتا مسرحاً لإحتلال روسي متكرر في سنوات 1711, 1736-1739, 1787-1792, 1806-1812, 1828-1834, 1849-1851, وأخيراً 1853-1854. وعلى هذا كان وجود جيوش أجنبية على أراضيهما عاملاً له أهمية حيوية في الحركة القومية بين الرومانيين, إلا أنها تسببت في جلب التدخل الخارجي في المنطقة, بل إن النمسا مارست إلى حد ما ضغوطاً على الرومانيين أثناء حرب القرم 1854-1857. ومن هنا فقد أجبر تصارع النمسا و روسيا على حدود الإمارتين الزعماء الرومانيين على الإعتماد على الدبلوماسية أكثر من الإعتماد على المعارك لتحقيق هدف الإستقلال, إذ لم يكونوا يرغبون في مقاومة جيرانهم الأكثر قوة كما لم يكونوا يريدون تحويل بلادهم إلى أرض معارك.

وبسبب تلك الملامح الفريدة لأوضاع البلاد الرومانية فمن الأفضل أن ندرس الحركة القومية هناك على فترتين, الأولى وتمتد حتى إشتعال حرب القرم في 1853, وهي موضوع هذا الفصل وقد تم خلالها التخلص من سيطرة اليونانيين الفنارين لتحل محلهم حماية روسية تغلغلت في كل مجالات حياة الرومانيين. أما الفترة الثانية فتبدأ من 1853 إلى 1878 وقد شهدت تحقيق الإستقلال الذي رافقه إيجاد موقف في البلقان سمح لحكومة رومانيا أن تقوم بدور التوازن بين القوى الكبرى.

على أن إحلال النفوذ الروسي في بلاد رومانيا محل النفوذ اليوناني-العثماني قد مر بعدة عمليات منذ أواخر القرن الثامن عشر وبناء على معاهدة كوتشك قينارجي، ذلك أن هذه المعاهدة التي حدت من مضايقات الحكم العثماني كانت خطوة أولى ف يمكاسب روسيا في الإمارتين, فقد نصت المادة 16 منها على الباب العالي يصدر أوامره بالعفو العام عن "رعاياه" الرومانيين الذين حاربوا في صفوف روسيا, وأن يعد با، يمارس المسيحيون شعائرهم الدينية في حرية, وأن يحدد الجزية المفروضة, فضلاً عن أن يكون لخوسبدار كل من الإمارتين وكيلاً في العاصمة استانبول. والأهم من كل ذلك أنه أصبح بإمكان روسيا أن تتحدث بإسم هاتين الإمارتين, وأن الحكومة العثمانية وعدت بالإستماع بقدر كبير من الإعتبار إلى صوت القوى الدولية. وفي 1779 وفي مؤتمر آينالي كاڤاك Aynali Kavak بشأن القرم تقرر أن يتم دفع الجزية كل عامين, وأن يكون لروسيا حق التدخل في شؤون الإمارتين حسب مقتضى الحال. وف يالعام التالي (1780) تم تعيين أول ممثل روسي لدى الإمارتين في بوخارست.

ولقد أصبحت الإمتيازات الجديدة التي حصلت عليها الإمارتين حقيقة واقعة اتضحت في المراسيم التي أصدرتها الحكومة العثمانية. ففي عامي 1783, 1792 وافق الباب العالي على أن تقوم روسيا بتعيين ممثلين لها للتباحث بشأن الأعباء المالية المفروضة على الإمارتين. وفي 1784 صدر خط شريف يعترف بالآثار السلبية التي تنجم عن التغيير السريع لحكام الإمارتين وقرر أن خلع الأمراء الحكام أو عزلهم يكون فقط بسبب إرتكاب الجرائم. كما تقرر ألا تفرض أية أعباء جديدة على الإمارتين في المستقبل فيما عدا الجزية المقررة. وإذا إحتاج الباب العالي أية مواد تموينية من أي منهما فعلية أن يشاريها بسعر السوق.

لكن هذه الشروط لم تنفذ أبداً أذ استمرت أساليب الإدارة الداخلية بالإمارتين طبقاً لما كان عليه الحال من قبل من حيث تغيير الحكام بشكل سريع. ففي خلال المدة من 1792-1802 تم تغيير حكام ولاشيا شأن الصرب وبلغاريا من هجمات بشفان أوغلو ومن حملات السلب والنهب التي كانت تشن من القلاع العثمانية على الدانوب.

ومن الملاحظ أن الأخطاء التي ارتكبها بشفان أوغلو من حيث تجريد الناس من أملاكهم وحرمانهم من حقوقهم أدت إلى وقوع أزمة أخرى في العلاقة بين الباب اعالي والإمارتين في عام 1802. وفي تلك الأثناء تمكن النبلاء (البويار) بتأييد من روسيا من إستصدار خط شريف من السلطان يؤكد على إمتيازاتهم السابقة وعلى إستمرار سريانها. ومن ذلك أن تعيين خوسبدارية الإمارتين أصبح لمدة سبع سنوات متتالية من أجل الإستقرار, وعدم جواز عزلهم إلا في حالة إرتكاب جرائم وبموافقة روسيا ورضاها, وإلغاء كل الضرائب التي فرضت بعد مرسوم 1783, وإعادة ما صادرته السلطات العثمانية من ملكيات وعقارات وأموال النبلاء. كما تقرر تنظيم إحتياجات الباب العالي من مواد تموينية من الإمارتين بمقتضى فرمانات وليس بالإجراءات التحكمية القسرية وأن يدفع ثمنها بأسعار السوق الجارية. كما تقرر منع المسلمين من دخول الإمارتين أو الإقامة فيها بإستثناء التجار الذين يحملون فراماناً بالدخول. ويضاف إلى هذا أن الأوامر صدرت للخوسبدارية لكي يضعوا في إعتبارهم النصيحة التي يتقدم بها المندوبون الروس لدى الإمارتين في بوخارست. وكان من شأن هذا الإجراء أن يحد من التدخل العثماني في الإمارتين وأن يفتح الباب في الوقت نفسه لزيادة النفوذ الروسي هناك.

وهكذا وبعد عام 1802 تولى الخوسبدارية في الإمارتين يونانيين من الفناريين وهما قسطنطن يبسلانتس ypsilantes, وألكسندر موروزي Moruzi. وعندما تجدد القتال بين الدولة العثمانية وروسيا في 1806 أصبحت الإمارتين ميداناً للمعارك الحربية. ثم موضع مقايضة بين نابليون بونابرت إمبراطور فرنسا وألكسندر الأول قيصر روسيا في صلح تيلست Tilsit عام 1807 وفي صلح إرفورت Erfurt عام 1808 الذي حصلت روسيا بمقتضاه على حق السيطرة على الإمارتين, ولم يحل دون تمتعها بالسيطرة الحقيقية على الإمارتين إلا إستمرار خلافاتها مع فرناس. ففي 1812 والإستعدادات قائمة لمواجهة غزو فرنسي متوقع على الإمارتين اضطرت الحكومة الروسية لتوقيع معاهدة بوخارست 1812 تنازلت بمقتضاه عن أراضي الإمارتين للدولة العثمانية فيما عدا الأرض بين نهري الدنيستر وپروث Pruth المعروفة ببساربيا Bessarabia رغم أن الجيوش الروسةي ظلت باقية في الإمارتين. وكان هذا يعني ضم بساربيا إلى روسيا رغم أن بساربيا تخص مولدافيا لأن سكانها رومانيون أساساً. وكان ضم بساربيا إلى روسيا على هذا النحو صدمة كبيرة للعلاقات الطيبة بين روسيا والإمارتين ف يالمستقبل. وفي أثناء تلك التطورات كان يوان كاراگيا Ioan Caragea خوسبدارية ولاخيا, وسكارلات كاليماخي Scarlat Calimachi خوسبدارية مولدافيا.

ورغم ما سببته الحروب من خراب ودمار, إلا أن هذه الفترة شهدت فرصاً كبيرة وواسعة لتسويق المنتجات الزراعية خارج البلاد. والحاصل أنه بعد أن إستعادت روسيا شبه جزيرة القرم من الدولة العثمانية في 1783 بدأ الباب العالي يعتمد بشكل متزايد على إمارتي الدانوب (رومانيا) في إمداد الدولة العثمانية بكافة المواد اللازمة. وهكذا سنحت الفرصة لملاك الأراضي الزراعية في الإمارتين لتحقيق أرباح حقيقية عندما أكدت لهم السلطات العثمانية بأنها سوف تشتري ما تريد من محاصيل وخلافه بسعر السوق. وبدأ أولئك الملاك في إقامة مشروعات صناعية صغيرة في إقطاعياتهم تقوم على الإنتاج الزراعي مثل دباغة الجلود, وتقطير الكحول, وإعداد اللحوم المدخنة. وبناء على إمكانات هذا الثراء سعي الملاك الكبار (البويار) لتوسيع حجم إقطاعياتهم مع ضمان إستمرار وجود اليد العاملة لسد إحتياجات السوق, وفي الوقت نفسه أبدوا رغبتهم ف يالتخلص من القيود التي تفرضها الحكومة العثمانية على كل نشاط يقومون به.

وفي هذا الخصوص كان ثمة تنظيم لأوضاع الفلاحين حدث أثناء حكم قسطنطين مفروكورداتوس لولايتي ولاخيا ومولدافيا في منتصف القرن الثامن عشر, وكان الفلاح بمقتضاه إنسان متحرر م كل القيود الإقطاعية من الناحية القانوينة ذلك أن حقوقه في الأرض والضرائب المقررة عليه لم تكن قد استقرت بعد. ففي 1774 تقرر أن يقوم الفلاحون بزراعة ثلثي أرض النبيل الإقطاعي (من البويار) سخرة Claca مدة إثنا عشر يوماً متصلة أو متفرقة, ثم تم تقنين أيام العمل وتحديدها حسب نوع العمل المطلوب, أي ما بين 25 يوماً إلى 40 يوماً. وكان من الصعب عملياً فرض هذه القواعد على فلاحين لا يقيمون في مكان واحد وإنما يعيشون في أماكن متناثرة ومتباعدة ويتحركون من مكان إلى آخر, ويعتمدون إعتماداً رئيسياً على تربية الحيونات للتصدير. ولهذا تم إستبدال سخرة أيام العمل بمال يدفعه الفلاح. وقد ظل هذا المقابل المادي (العشر) الذي دفعه الفلاح للإقطاعي يمثل المصدر الرئيسي لدخل النبلاء حتى منتصف القرن التاسع عشر. وفي الوقت الذي كان النبلاء فيه لا يدفعون أية ضرائب للحكومة كان الفلاحون يدفعون ضرائب ويخضعون لإلتزامات أخرى كثيرة. ولم يقتصر الأمر على هذا بل إن النبلاء سعوا فيما بعد لمد بساط السخرة وضم مزيد من أراضي الغابات والمراعي لإقطاعياتهم والتي كانت من قبل للمنفعة العامة.

وبالإضافة إلى أراضي النبلاء وإقطاعياتهم الخاصة والتي يزرعها لهم الفلاحون كانت الكنيسة الأرثوذكسية تمتلك خمس مساحة الأراضي الزراعية في الإمارتين تحت تصرف رهبان الأديرة, وخلا فترة حكم اليونانيين الفناريين تمتعت مؤسسات الكنيسة بميزات هائلة ساعدتها على تكوين الثروة وممارسة النفوذ, فلم تكن تخضع لسلطة حكومة مدنية, ولم تكن تدفع ضرائب بدعوى أن الأرباح التي تجنيها تصرف على إعانة رهبان الأماكن المقدسة مثل جبل آثوس Athos و جبل سيناء والضريح المقدس. كما كانت تتمتع برعاية روسية منذ استخدما الجيش الروسي أثناء غزوه المتقطع لأراضي الإمارتين, وكان الفلاحون في تلك المناطق يعانون قسوة الحياة.

ولكن وعلى الرغم من تصادم المصالح بين الفلاحين والنبلاء إلا أنهما كانا يعارضان السيادة العثمانية وسيطرة اليونانيين الفنارينين, فالنبلاء كانوا يعارضون القيود التي فرضتها الحكومة العثمانية على نشاطهم حيث كانوا يتطلعون لإيجاد سوق حرة تماماً لتسويق منتجاتهم, والفلاحون كانوا يعانون من إهمال الحكم العثماني لهم وعدم توفير ضمانات لتطبيق القانون والأمن في مناطق الريف, كما كانوا دوماً ضحية ليس فقط للطبقة الحاكمة بل أيضاً للعصابات المتناحرة وللتخريب الذي تحدثه الجيوش شأن ما كان يحدث الفلاحين في بلاد الصرب. ويضاف إلى هذا أن الحرفيين والتجار وهم يشكلون طبقة صغيرة كانوا غير راضين عن نظام الإمتيازات المعمول به في الإمبراطورية العثمانية, إذ رأوا أن الأجانب يتمتعون بإمتيازات هائلة في التجارة على أراضيهم ويتمتعون بإستثناءات وإعفاءات من دفع الضرائب وسائر القيود التي يقاسي منها فلاحو البلاد. وهكذا وجدنا أن كل القوى الإجتماعية في الإمارتين (رومانيا) منالنبلاء والفلاحين والتجار يرغبون في إحداث تغيير في الحياة السياسية في البلاد.

ولقد إتضحت وجهات نظر تلك القوى ودى تأثيرها أثناء التمرد الذي تزعمه كل من ألكسندر اپشيلانتس, وتيودور فلاديميريشكو وقد سبق أن شرحنا الأسباب التي كانت وراء إختيار الإمارتين مفتتحاً للثورة اليونانية. والحقيقة أن دور فلاديميريشكو كان أكثر تعقيداً فهو ابن لعائلة ولاشية من الفلاحين الأحرار تزعم حركة تمتعت بتوافق إجتماعي قوي, وكانت تعبر عن رغبة الفاحين في التخلص من السخرة وسائر الإلتزامات القهرية الأخرى, وهاجم في خطابه السياسي الإمتيازات التي يتمتع بها النبلاء.

في مارس 1821 كما رأينا دخل إيشيلانتيس مولدافيا ومعه عصبة من اليونانيين وسرعان ما تبين صعوبة التعاون بين اليونانيين والرومانيين من أي طبقة إجتماعية, ذلك أن اليونانيين أقدموا على ذبح التجرا الأتراك في مدينتي ياشي Iaşi وجلاطة ثم تصرفوا بشكل عام في مولدافيا بأسلوب أثار شعور العداء للفناريين اليونانيين. وكان هذا من شأنه أن جعل الأمر ف يالنهاية بيد الروس. وهنا نلاحظ أن رابطة فيليكه هتايريا Philike Hetairia كانت حرة في تقديم المساعدة الروسية, في الوقت الذي لم يكن من حق الجيش العثماني دخول أراضي الإمارتين دون موافقة الدول الثلاث الحامية. ولهذا كان الثوار يأملون في إيجاد موقف في المنطقة يعجز الباب العالي عن التعامل معه, ويضطر روسيا للتدخل مثلما كانت النمسا تتصرف في الأراضي الإيطالية بموافقة دول الحلف المقدس.

ولكن روسيا رفضت التحرك بل لقد وافقت على دخول القوات العثمانية أراضي الإمارتين فكان هذا بمثابة إعلان ليس فقط عن هلاك الثورة بل عن أن التعاون اليواني-الروماني أصبح أكثر توتراً. ورغم أن فلاديميريشكو تعاون في البداية مع إبشيلانتيس, إلا أن هزيمة الحركة جعلته يتصل بالباب العالي طلباً للتفاوض, وفي القوت نفسه زاد شعور عداء للنبلاء الرومانيين لليونانيين. وفي أثناء تفاوض الرومانيين مع مندوبي الباب اعالي ركز فلاديميريشكو والنبلاء القول على أن غضبهم ليس موجهاً ضد السيادة العثمانية بل ضد حكم الفناريين, وهي أقوال تشابهت مع الحجج التي كان يبديها زعماء لصرب طوال الفترة من 1790-1805 عندما كانوا يعلنون أنهم يهاجمون حكم الإنكشارية وليس حكم السلطان بشكل مباشر. وعندما علم إبشيلانتيس بتصرفات فلاديميريشكو في التفاوض مع العثمانيين قام بتحريض أتباعه على إختطافه وتم إعدامه بتهمة الخيانة وانتهى الأمر العثمانيين قام بتحريض أتباعه على إختطافه وتم إعدامه بتهمة الخيانة وانتهى الأمر بإنضمام بعض قواته إلى إبشيلانتيس وإنصرف البعض الاخر إلى بيوتهم تاركين الميدان.

وبعد القضاء على التمرد والتخلص من فاديميريشكو وتصفية قواته أصبح بإمكان نبلاء رومانيا التفاوض مع الحكومة العثمانية بدعم من روسيا للحصول على مكاسب سياسة أفضل لبلادهم. ورغم أ، الإنتفاضة تسببت في خسائر إقتصادية حقيقية في البلاد وأدت إلى إحتلال عثماني لمدة ستة عشر شهراً, إلا أنه تحققت أهداف سياسية مهمة لعل أهمها قاطبة إنتهاء حكم اليونانيين الفناريين الطويل للإمارتين, ففي 1822 تم تعيين جريجوري غيكا Ghica حاكماً على ولاخيا, ويونيتا ستوردزا Ionita Sturdza حاكماً على مولدافيا وهما من الرومانيين أهل البلاد, وحل النبلاء الرومانيون محل أولئك اليونانيين في مختلف هيئات الحكم والدواوين (الإدارات). ورغم أن عائلات من أصول يونانية ظلت أصحاب نفوذ في شؤون البلاد, إلا أن الثورة أنهت التقوق اليوناني الذي كان سائداً في حكم الإمارتين من قبل.

على أن إستمرار أزمة اليونانيين مع قيام إنتفاضة في شبه جزيرة المورة كان من شأنه إحداث تغييرات سياسية حاسمة في الإمارتين وبمقتضى مؤتمر آكرمان Akerman في أكتوبر 1826 تدعمت حقوق الرومانيين ضد السيادة العثمانية وكذا حقوق روسيا في التدخل فضلاً عما تقرر في المؤتمر بشأن الصرب, وأصبح من المتعين أن إختيار الخوسبدارية (حكام الإمارتين) وعزلهم يكون بمعرفة دواوين النبلاء ولمدة سبع سنوات وبموافقة روسيا والدولة العثمانية. كما قرر المؤتمر أن يقوم النبلاء في كل من ولاشيا ومولدافيا بإصدار القانون التنظيمي اللازم لشؤون الحكم والإدارة في الإمارتين.

ولقد أكدت معاهدة آدريانوبل في 1829 التي أعقبت الحرب الروسية-العثمانية على نصوص معاهدة آكرمان ووسعت من أفاقها, إذ تقرر أن يعين الخوسبدارية في مناصبهم مدى الحياة, وأن تخلي القوات العثمانية القلاع القائمة على الضفة اليسرى من الدانوب, وأن يخرج الرعايا العثمانيون من البلاد في خلال ثمانية عشر سهراً بعد أن يبيعوا ما بحوزتهم من أراضي لأهالي البلاد الأصليين (إمارتا الدانوب). كما تم تنظيم مسألة الجزية المقررة بشكل نهائي حيث تقرر ألا تدفع عيناً وإنما تدفع نقداً وفي 1834 تحددت قيمتها بثلاثة مليون قرشاً. كما تخلت الدولة العثمانية عن حق الشفعة الذي كانت تتمسك به في شراء محاصيل الإمارتين من الحبوب والماشية الأغنام. كما تقرر تكوين ميلشية رومانية,وأخيراً كررت المعاهدة ما سبق أن أكدت عليه المعاهدة آكرمان من حيث ضرورة إصدار قانون تنظيم إداري للبلاد.

ويلاحظ أيضاً أن معاهدة آدريانوبل أكملت عملية كانت قد بدأت مع معاهدة كوتشك قينارجي تتعلق بالسيادة العثمانية على البلاد, إذ تقرر أن تكون السيادة على الإمارتني اسمية على حين زاد نفوذ روسيا في المقابل. وأكثر من هذا فقد ضمنت روسيا بمقتضى المعاهدة دلتا نهر الدانوب مما جعلها تتمكن من مراقبة النهر إستراتيجياً, وإحتفظت بقوتها العسكرية في كل أراضي الإمارتين حتى يتم دفع تعويضات الحرب مع العثمانيين. كما شرعت روسيا في تنظيم الحياة السياسة في الإمارتين من واقع إدراكها الكامل لوضعها الجديد.

ومن حسن حظ الرومانيين (أهالي الإمارتين) أن المسئول الروسي عن إدارة أحوالهم كان الكونت بول كيزليف Kiselev الذي برهن خلال مدة وجوده من 1829-1834 على أنه رجل دولة من الطراز الأول, إذ يرجع له الفضل في إجراء التغييرات التي حدثت, فقد وضع في إعتباره أولاً الزمات الناتجة عن فترة الحروي وكذا المشكلات الصحية القائمة بما فيها التعامل مع طاعون الكوليرا وإعادة تأسيس الحجر الصحي في الدانوب. وكان أكبر إنجاز حققه إشرافه على وضع الدستور فعندما وصل إلى البلاد كانت لجان وضع الدستور تعمل تنفيذاً لنصوص معاهدتي أكرمان وأدريانوبل. وكانت اللجنة في كل إمارة تتكون من أربعة نبلاء (بويار) إثنان منهم إختارهم الديوان, وإثنان إختارتهما الحكومة الروسية. وبعد إنتهاء من وضع مسودة الدستور تم إرسالها إلى روسيا وهناك تولت مراجعتها لجنة أخرى برئاسة الأمير داشكوف Dashkov وبعدها أرسلت كافة الأوراق إلى الباب العالي الذي أعادها بدوره إلى ديوان الحكم في الإمارتين وبناء على ذلك صدر دستور ولاشيا في 1830 ودستور مولدافيا في 1832.

على أن دستور الولايتين كانا يتشابهان ويتوازيان في كثير من المواد ويمثلان خطوة للأمام تجاه قيام وحدة سياسية بينهما. لكنهما لم يكونا دساتير سياسية بالمعنى الإصطلاحي بل كانا أقرب إلى صياغة تنظيم إداري طويل المدى, إذ كانت موادهما تغطي كل ملامح الحياة القومية إبتداء من تنظيم السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية للحكومة وإنتهاء بالتفاصيل الصغيرة التي تتعلق بالشؤون الصحية العامة والإدارات المحلية. وبشكل عام كانت نصوصهما جملة وتفصيلاً لصالح طبقة من النبلاء (البويار), إذ أصبحت القوة في الإمارة في يد مجموعة من الملاك على حساب السلطةالتنفيذية مثلما جاء في دستور الصرب عام 1838, ومرة أخرى يخرج الفلاحون من المشاركة في الحكم بشكل مباشر. ومثلما حدث في الصرب واليونان كان أسلوب الإدارة في الإمارتين مركزياً يعطي الحكومة سلطة مراقبة الشؤون المحلية الني يقوم بها مسئولون في المديريات والمراكز عينتهم الحكومة المركزية في مناصبهم.

ومن الناحية النظرية كانت سلطة الحكم موزعة ، فالسلطة التنفيذية في يد الخوسبودار الذي يتم إختياره من بين كبار النبلاء مدى الحياة وتنتخبه جمعية خاصة تتكون من 150 عضواً منهم 123 نبيلاً, و27 عضواً يمثلون التجار والطبقة الوسطى ولا يوجد فيها من يمثل الفلاحين. والسلطة التشريعية في يد جمعية من 49 نبيلاً يتم إنتخابهم بمقتضى حق التصويت العام فتمكنوا من السيطرة على الأمور وضبطها لصالحهم. وطبقاً لهذا النظام فليس للخوسبدار إلا حق الإعتراض (الفيتو) على قرارات الجمعية أو تأجيل إنعقادها وليس حلها وبموافقة روسيا والباب العالي, ولها أيضاً حق الإعتراض على الميزانية ولكن ليس من حقها عزل الخوسبودار ولكن يمكن لها بالإتفاق مع الأمير الحاكم مناشدة روسيا عزله. على أن هذا الأسلوب الذي من شأنه أن يسمح للسلطتين التنفيذية والتشريعية أن تعرقل كل منهما الأخرى أعطى الحكومة الروسية فرصة غير محدودة للتدخل في شؤون الإمارتين.

وفي ضوء هذا الأسلوب السياسي الذي يتمشى مع مصالح النبلاء إتجهت أنظارهم للحصول على إمتيازات أكثر تضمن مصالحهم الإقتصادية, فأصبحت الفرصةمتاحة أمامهم لتقوية سيطرتهم على الفلاحين فضلاً عن إستثنائهم من دفع الضرائب. وبمقتضى الدستور أصبح النبيل يعرف لأول مرة ب"مالك الأرض", وأصبح للفلاح حق المشاركة في ثلثي الأرض (ارض الإقليم التي أصبحت بإسم النبيل) مقابل دفع الضرائب المقررة, وإلتزامه بأيام العمل المفروضة عليه في أرض النبيل سخرة وقدرها 12 يوماً في السنة ولو أنها بلغت فعلياً 36 يوماً في ولاشيا وضعفها في مولدافيا. وكان هذا يعني أن الفلاح في ولاشيا مدين بعمل 52 يوماً سخرة ودفع ما عليه من إيجار نقداً, والفلاح في مولدافيا ملتزم بالعمل 84 يوماً. وعلى الرغم من أن الفلاح لم يكن من الناحية النظرية مرتبطاً بالأرض ولا يبرحها إلا بإذن النبيل شأن نظام القنانة في أوروبا العصور الوسطى, إلا أنه كان يتعين عليه إذا أراد ترك الأرض أن يبلغ النبيل برغبته قبل الموعد بستة أشهر, وأن يدفع ما عليه من ضرائب قبل المغادرة. ومع هذا ينبغي الإشارة إلى أنه كان من الصعوبة بمكان فرض إلتزام أيام العمل المقررة على الفلاح بدقة خلال العقود الأولى من القرن التاسع عشر. ولكن يلاحظ بشكل عام أن مقاطعات مولدافيا كانت تدار بواسطة النبلاء مباشرة المقيمون في المكان, وأما في ولاشيا فكان كثير من الملاك يفضلون الحياة في بوخارست ويؤجرون ضياعهم للغير أو يزرعونها بطريقة المشاركة.

عل كل حال . . لقد أفاد مالك الأرض من إلغاء العمل بحق الشفعة العثماني الذي تقرر دستورياً, ومن زيادة طلب بلاد أوروبا على المحاصيل الزراعية مما أدى إلى حدوث توسع هائل في الزراعة في الإمارتين وخاصة بعد حرب القرم, إذ بدأ الإنتفاع بمساحات كبيرة من الأرض, وارتفعت الإيجارات بشكل حاد, وجرت محاولات لتحسين أساليب العمل الزراعي. ولكن ترتب على هذه التغيرات زيادة في إنتاج الحبوب ونقص نسبي في الثروة الحيوانية مثلما حدث في الصرب, مما أدى في النهاية إلى سوء حالة الفلاح وخاصة في نظامه الغذائي.

وفي هذا الخصوص تجدر الإشارة إلى أن دستور الإمارتين (ولاشيا ومولدافيا) سبق دستور الصرب (1838), ودستور اليونان (1844, 1864), وكانت نصوصهما إنعكاس لأركان الفكر الدستوري في أوروبا الغربية آنذاك من حيث وقوع المؤسسات الحكومية في أيدي أصحاب الثروة والمال مما ترتب عليه إضعاف السلطة التنفيذية المركزية, وإبعاد غالبية الشعب عن المشاركة الساسية, وهو نفس ما حدث في إنجلترا بمقتضى قانون الإصلاح عام 1832 وفي ملكية يوليو في فرنسا, في الوقت الذي ظلت فيه روسيا وهي القوة الراعية للإمارتين تخضع لنظام حكم الملكية المطلقة.

كان من المتعين أن تكون مواد الدستور في كل من الإمارتين التي استهدفت بناء حكومة قومية طبيعية خطوة متقدمة على طريق تحقيق الإستقلال القومي, لكن الذي حدث أ، هذه المواد كانت علامة على بداية فترة من زيادة تدخل روسيا في شؤون الإمارتين ففي 1834 وبمقتضى معاهدة سانت بطرسبرج نجحت روسيا والباب العالي في تسوية مسائل الحرب بينهما شملت جلاء القوات الروسية, وإختيار ألكسندر غيكا خوسبودار جديد لولاشيا ومايكل ستوردزا خوسبودار لمولدافيا. ورغم أ،الدستور نص على أن يكون التعيين في الوظائف العليا مدى الحياة إلا أن القوى الدولية وافقت على أن تتولى الدفعة الأولى من الأمراء مناصبهم لمدة سبع سنوات فقط. وسرعان ما اتضح في السنوات التالية أن البلاد أصبحت أما ثلاث مراكز قوة كل منها منفصل عن الخرى وتتصارع معها وهي: الخوسبدارية, والجمعية التشريعية, والقنصلية الروسية, ذلك أن الدستور والمعاهد الروسية-العثمانية سمحت بتآمر لا حدود له بمعرفة الأمير الحاكم في الوقت الذي كانت فيه القوى الدولية الحامية والجمعية التشريعية ضد الخوسبدار, وأكثر من هذا أن فترة الحماية الروسية للإمارتين حتى 1856 شهدت من جديد كثير من الملامح السيئة التي كانت سائدة في فترة سيطرةالفناريين اليونانيين.

على أن النبلاء كانوا راضين بشكل عام عن هذا الموقف السياسي أساساً خاصة أن بعض كبارهم أثبتوا تشيعهم بقوة لروسيا التي ضمنت حمايتها وجود حكومة محافظة من شأنها تأمين ميزاتهم الإقتصادية والأجتماعية والسياسية. وفي هذا الخصوص ينبغي أن نتذكر أن الحكم في الإمارتين لم يكن أمامه بديلاً إلا التعاون مع روسيا, وذلك في ضوء توقيع روسيا في عام 1833 معاهدة خونكار اسكلسي مع الباب العالي جعلت الدولة العثمانية في وضع هامشي, ثم توقيع معاهدة مونشن‌گراتس Munchengratz في 1834 مع النمسا جاءت علامة على تجديد التعاون بين هاتين الدولتين المحافظتين تجاه المنطقة. وعلى هذا لم يكن في وسع الإمارتين التطلع لمساعدة خارجية لمقاومة التدخل الروسي وفي الوقت نفسه لم يكن بإستطاعة إنجلترا وفرنسا تقديم مساعدة إيجابية للإمارتين واكتفتا بحياكة المؤامرات في بوخارست وياصي ضد روسيا.

ومن الملاحظ أن شؤون الإمارتين في فترة الحماية الروسية كانت تجري في سهولة ويسر في مولدافيا أكثر منها في ولاشيا. ففي مولدافيا أثبت مايكل ستوردزا (الخوسبدار) أنه حاكم قوي وجرئ رغم أنه كان فاسداً وكثيراً ما كان يتغاضى عن حالات السرقة والرشوة, كما كان قادراً على التعامل مع قناصل روسيا وخاصة مع بيزاك Besak, ثم مع كوتسبو Kotsebu رغم حدوث بعض المضايقات. ولما كان قد وضع في إعتباره إصلاح البلاد طبقاً للدستور فقد طرأ تحسن ملحوظ على حالة الطرق والبريد والتعليم بصفة خاصة, فكان من الطبيعي والحال كذلك أن يواجه معارضة نبلاء الإمارة لكنه كان قادراً على السيطرة على الأمور بما كان يملكه من خبرات في المناورات السياسية.

أما الموقف في ولاشيا فكان أكثر صعوبة من مولدافيا ذلك أن حاكمها الخوسبدار ألكسندر غيكا لم يكن يواجه معارضة نبلاء الإمارة فحسب بل لقد اصطدام مع القنصل الروسي في إمارته, ففي 1837 طلب القنصل ريكمان Rikman أن تقبل جمعية الإمارة وضع مادة إضافية للدستور تقضي بألا يحدث تغيير في مواد الدستور دون موافقة روسيا والدولةالعثمانية, وقد برر هذا الطلب بقوله إن المادة المقترحة قد سقطت سهواً من المسودة الأصلية للدستور. ولما كانت هذه المادة تمثل ضربة قاصمة للحكم الذاتي للإمارة فقد رفضت الجكعية الموافقة عليها. كما أن الجمعية التالية التي تكونت بعد حل الأولى لم تعارض فقط المادة المقترحة بل وقفت موقفاً عدائياً وقوياً ضد الخوسبدار وطلبت من الباب العالي وروسيا التدخل, وعلى الفور أوفدت الدولتان بعثات للتحقق من الأمور, وانتهى الأمر بعزل غيكا في 1842. وفي ديسمبر من العام نفسه اجتمعت جمعية تشريعية خاصة تكونت طبقاً للدستور واختارت جورج بايبيشكو Bibescu خوسبدار بأغلبية الأصوات فكان أول خوسبدار ينتخب بهذه الطريقة.

ولقد واجه الحاكم الجديد (الخوسبدار بابيشكو) المشكلات نفسها التي واجهت سلفه من قبل من حيث الضغط الروسي ومؤمرات النبلاء التي لم تنقطع. وعندما اجتمعت الجمعية التشريعية وكانت تضم أغلبية معادية له بادر بحلها فوراً, وعندما اجتمعت مرة أخرى في 1844 وقعتأزمة كبيرة مع روسيا وخلاصتها أن ألكسندر تراندافيلوڤ Trandafilov وهو مهندس روسي يمثل شركة مناجم روسية طلب إذناً لإجراء مسح للبلاد بحثاً عن المناجم وبحيث يكون من حق الشركة استغلال المناجم التي يتم كشفها لمدة 12 سنة مقابل دفع تعويضات للحكومة ولملاك الأراضي التي يتم اكتشاف المناجم بها. ولقد وافق الخوسبدار وديوانه على العرض المقدم من المهندس لكن الجمعية رفضته ولهذا تم حلها فوراً ورفض المشروع كله. وفي 1847 انتخبت جمعية جديدة بأغلبية في صف الحاكم لكن مؤمرات ضده لم تنقطع وكذا توجيه الإتهامات المتنوعة لعل أبرزها أنه يوالي روسيا كل الولاء فضلاً عن أن معارضة قناصل روسيا وفرنسا وإنجلترا الدائمة له جعلت حياته صعبة وسمعته سيئة في كل من بوخارست وبلجراد وأثينا.

غير أن بايبيشكو نجح مثلما فعل ستوردزا قبله في تحسين الأحوال العامة في الأقليم رغم نقص الأموال اللازمة, فقد تم تحسين وسائل المواصلات, وتنظيم المدارس الإبتدائية والثانوية, وإقامة مسرح في بوخارست, وإنشاء حديقة عامة محل المستنقع الكبير في وسط العاصمة. كما أصدر تشريعين على جانب كبير من الأهمية ففي 1847 صدر قانون بتطبيع العلاقات مع ولاشيا وبمقضاه أصبح من السهولة بمكان لأي مولدافي أن يحصل على جنسية ولاشيا. وفي العام نفسه تأسس إتحاد جمركي بين الإمارتين, وكانت الوحدة الإقتصادية هي الخطوة الصحيحية الكبيرة تجاه الوحدة السياسية وقد مهد لها بالقوانين التي سبق ذكرها.

والحق أن الحماية الروسية على الإمارتين كانت الفترة التي شهدت نمو المشاعر القومية الرومانية بدرجة عالية وخاصة بين المتعلمين والشرائح الممتازة في المجتمع. وفي هذا الخصوص تكونت جمعيات وطنية لتنمية تلك المشاعر انعكست بدورها على برامج التعليم. ولما كان التدخل الروسي في شؤون الرومانيين أكثر وضوحاً بدرجة أكبر من أية إجراءات إتخذتها الدولة العثمانية فقد أصبحت الحماية الروسية هدفاً رئيسياً لهجوم الحركة القومية التي تولى زمامها في المستقبل الشباب من أبناء النبلاء الذين تم إيفادهم لجامعات أوروبا وخاصة باريس لإستكمال تعليمهم.

وإبتداء من أربعينات القرن التاسع عشر بدات أعداد كبيرة من الشباب الروماني الذين يتعلمون في باريس تتزايد يوماً بعد يوم ويشكلون مجموعات متنوعة وقد جذبتهم محاضرات مفكرين أمثال/ ألفونس دي لامارتين، وجول ميشيليه, وإدگار كينيه وغيرهم من أنصار الفكر القومي. ولقد فضل أغلبية هؤلاء الشبان الإلتحاق بالكوليج دي فرانس حيث لا توجد درجات علمية ولا توجد إمتحانات, ومن ثم أصبحت الفرصة متاحة لهم لتكريس معظم نشاطهم للدعاية القومية الرومانية لبلادهم وتكوين جمعيات لهذا الشأن تعقد إجتماعات بين آن وآخر بشأ، موضوع القومية. ورغم عدم وجود هدف سياسي محدد يجتمعون حوله, إلا أنهم يشتكرون في أفكار معينة تدعو – وهذا له أهمية كبرى – إلى توحيد البلاد الرومانية (إمارتا الدانوب) في دولة واحدة مستقلة, كما نادوا بحكومة دستورة ووضع برنامج للحقوق المدنية. ولكن لسوء الحظ فإن كثيراً من البرنامج الليبرالي الذي نادى به أولئك الشباب مثل المساواة بين الطبقات في فرض الضرائب وأما القانون, وإقامة حكومة نيابية حقيقية كان من شأنها أ، تقوض دعائم المؤسسات السياسية والإقتصادية للطبقة الإجتماعية لهؤلاء الشباب التي تحكم في الإمارتين. وأكثر من هذا فإن أولئك الشباب بأصولهم الإجتماعية وتعلمهم في فرنسا لم يكن لديهم فرصة لمعرفة الفلاح وفهم مشكلاته, كما كانت تنقصهم الرؤية المستقبلية, بل إن كلمة "الشعب" في تفكيرهم عبارة عن تصور مجرد تعرفوا عليه من خلال الكتب. ومن المفارقات الجديرة بالإعتبار أن زعامة الحركة القومية في الإمارتين حتى نهاية القرن التاسع عشر جاءت من بين هؤلاء الطلاب حيث برزت منهم أسماء مهمة في مقدمتها ألكسندر كوزا Cuza, ونيقولا جوليشكو Golescu, ورادو جوليشكو, وروزتي C. A. Rosetti, وإيون براشيانو Ion Bratianu, وشقيقه ديمترو, ونيقولا بالشيسكو Balcescu. أما المؤرخ ميشيل كوگالينشانو Kogalniceanu المولدافي الذي تعلم في برلين فقد كانت له مرتبة سياسية تناظر مكانة أولئك الذين درسوا في باريس.


ثورات 1848

والحاصل أنه عند إندلاع الثورة في باريس ضد حكم لويس فيليب في فبراير 1848 رجع معظم الشباب الروماني من الذين كانوا يدرسون في باريس إلى بلادهم للقيام بدور في الأحداث التي وقعت هناك. وكانت مدينة ياصي مركز الحركة في بواكيرها, ففي الثامن من أبريل 1848 تجمع هناك حوالي ألف رجل أغلبهم من ملاك الأراضي الزراعية الليبراليون بينهم ألكسندر كوزا, وإمانويل إپوريانو Emanoil Epureanu. وفي هذا التجمع تم إختيار لجنة من ستة عشر فرداً لصياغة عريضة تضمنت 33 مادة وقع عليها حوالي ثمانية آلاف شخص تطالب بإصلاح إجتماعي وسياسي معتدل يشمل قرار الحرية الفردية, والمسئولية الوزراية, وإقامة بنك وطني, وتكوين ميليشية قومية, وإنهاء الوصاية على الصحف والمطبوعات, وإنتخاب جمعية تشريعية جديدة. ورغم أن هذه الحركة لم تكن "ثورة" حقيقية بالمعنى الإصطلاحي, إلا أ. ستوردزا (خوسبدار مولدافيا) تحرك فوراً لإخماده كلية حيث اعتقل بعض قادتها ونفى آخرين إلأى خارج البلاد.

أما في ولاخيا فقد كان الموقف غاية في الصعوبة والتعقيد عكس ما حدث في مولدافيا, إذ تشكلت حكومة ثورية في بوخارست نجحت في السيطرة على الأمور لمدة ثلاثة أشهر, وقام الشقيقان براشيانو ومعهما روزتي, وبالشيسكة, وآخرون فور عودتهم من باريس بإعداد خطط للتمرد والعصيان واتصلوا بالزعماء الرومانيين في ترانسلفانيا. وكان الهدف الرئيسي في حركتهم مقاومة الحماية الروسية, وتطلعوا إلى أن يتعاون معهم الخوسبدار بايبشكو بنفسه. وأول خطوة اتخذت في الثورة كانت في 21 يونيو في ايشلاز Islaz وهي مدينة على الدانوب حيث أصدر الثوار بياناً يحتوي على 22 مطلباً أساسياً في مقدمتها المساواة في الضرائب, وإقامة جمعية تشريعية تمثل كل الطبقات, وإنتخاب مسئول تنفيذي من أي طبقة من الطبقات لمدة خمس سنوات. ويتضمن المطلب الثالث عشر تدعيم تحرير الفلاحين دون تعويض لملاك الأراضي الزراعية التي يعملون فيها. ولقد حرص الثوار من البداية أن يؤكدوا على أن حركتهم ضد الدستور القائم المعمول به, وضد روسيا, وليست ضد الدولة العثمانية, وأن كل ما يرغبون فيه هو إعادة حقوقهم السابقة.

وبعد إصدار البيان إعلن الثوار قيام أول حكومة مؤقتة ضمت كل من كرستيان تل Tell, واصطفان گوليسكو Golescu, ورادو شاپكا Sapca, ونيقولا پلشويانو Plesoianu, وانتقلت إلى مدينة كرايوڤا Craiova في يوم 25 يونيو. وفي تلك الأثناء كانت وقائع الثورة في بوخارست تتقدم في الطريق نفسه حيث وقع الخوسبدار بايبيشكو "بيان ايشلاز" ولكنه لم يتخذ خطوة عملية للقضاء على التمرد. وهكذا وفي 26 يونيو تشكلت حكومة مؤقتة أخرى ضمت بعض أعضاء مجموعة "بيان ايشلاز" وفي ليلة 26 يوينو تنازل بايبيشكو عن الحكم وذهب إلى مدينة براصوف Brasov في ترانسلفانيا. ومن مظاهر سيطرة الثوار على الأحوال اختيارهم راية جديدة ثلاثية الألوان: أزرق وأصفر وأحمر في وسطها شعار العدالة والإخاء Dreptate-Fratie. وقد تلقت حكومة الثورة منذ البداية تأييد مدينة بوخارست إذ عقدت سلسلة من الإجتماعات في ميدان الحرية حضرها آلاف البشر أظهرت مدى عمق المشاركة الشعبية للثورة.

ولاشك أن الحكومة المؤقتة كانت في وضع غير مستقر فقد كانت في خطر دائم من قيام ثورة مضادة بقيادة العناصر المحافظة, فضلاً عن أن أعضاءها لم يكونوا متفقون على البرنامج الإجتماعي والسياسي الذي يقدموه. وفي أول يوليو تم إعتقال أعضاء تلك الحكومة في مؤامرة بقيادة الكولونيل ايون اودوبشكو Ion Odobscu, وايون سولومن لكن تم الإفراج عنهم تحت ضغط جماهير بوخارست. وسرعان ما أصبح الإنشقاق بين قيادات الثورة واضحاً بين هؤلاء الذين يرغبون فقط في إجراء تغييرات سياسية وأولئك مثل بالشيسكو الذين رغبوا في إصلاح إجتماعي وإقتصادي شامل وخاصة تنفيذ المادة 13 من بيان ايشلاز فيما يتعلق بحالة الفلاح. كما حاولت الحكومة المؤقتة تطبيق بعض مواد البيان مثل إلغاء العقوبة البدنية وعقوبة الإعدام.

على أن أكثر المخاطر التي كانت تنتظر الحكومة المؤقتة لم تكن تلك التي تأتي من العناصر المضادة لها داخل البلاد بل كانت تلك التي أتت من الخارج وبخاصة من روسيا. ففي يوليو احتلت القوات الروسية مدينة ياصي استعداداً لإقتحام ترانسلفانيا لمواجة الثورة في المجر, وسرت شائعات في أنحاء بوخارست مؤداها أن روسيا قد تحتل ولاشيا فما كان من أعضاء الحكومة المؤقتة إلا أن غادروا بوخارست, وأقام نيوفيت Neofit حكومة جديدة استناداً إلى الدستور وتشكل مجلس وصاية Caimacamie من كل من تيودور فاكاريشكو Vacarescu, وباليانو E-Baleanu أ]ده كل كل من أودبشكو, وسولومون ولكن سرعان ما أطيح به.

وفور عودة الحكومة المؤقتة إلى بوخارست أخذت تخطط للدعوة لجمعية تشريعية قومية يتم إنتخابها على أساس حق التصويت العام, وفي الوقت نفسه جرت محاولات للتوصل إلى إتفاق مع الباب العالي. وفي 9 يوليو بعثت الحكومة برسالة إلى استانبول تؤكد فيها أن الحكم الجديد لا يرغب في الإنفصال عن الدولة بإيفاد سليمان باشا على رأس قوة عسكرية من عشرين ألف رجل إلى مدينة روزيه Ruze وتوجه وحدة إلى بوخارست حيث استقبل بترحيب حار. ورغم أنه لم يعترف بالحكومة المؤقتة, إلا أنه قبل تكوين مجلس الوصاية الذي يضم أعضاء من حكومة الثورة, لكن الباب العالي رفض كل هذه الترتيبات. وفي 25 سبتمبر من العام نفسه قدم مندوب آخر من لدن الباب العالي (فؤاد أفندي) تصحبه قوات عثمانية دخلت بوخارست ولم تواجه مقاومة شديدة ذلك أن قوات الثورة كانت أضعف من أن تنظم مقاومة عسكرية حقيقية. وعلى هذا وفي يوم 27 سبتمبر دخلت قوات روسية أرض الإمارة واختار مندوب السلطان العثماني شخصاً واحد فقط ليكون وصياً على العرش ألا وهو قسطنطين كنتاكوزينو Cantacuzino أحد النبلاء المحافظين وتم نفي جميع زعماء الثورة.

وهكذا . . وبوجود قوات روسية في مولدافيا وقوات روسية وعثمانية في ولاشيا تأسس نظام سياسي جديد في الإمارتين أكثر قمعاً. وفي مايو 1849 عقدت روسيا والدولة العثمانية معاهدة بلطة ليمان وافقاً فيها على أن يقوم الطرفان بتعيين الخوسبودار لمدة سبع سنوات بدلاً من إنتخابه, وأن تستبدل بالجمعية التشريعية في الإمارتين ديوان يعين الخوسبودار أعضائه,وظلت القوات الروسية في الإمارتين حتى 1851.

وبناء على هذا تعين باربو ستيربي Barbu Stirbey وهو شقيق بايبيشكو خوسبودار لولاشيا, وعُين جريجوري غيكا خوسبودار لمولدافيا. وقد حاول الإثنان العمل من أجل تحسين أحوال البلاد رغم الموقف الصعب, وكان أكبر تشريع له مغزاه إصدار "قانون الأراضي" في 1851 الذي قرر زيادة عدد أيام العمل سخرة على الفلاح مع تحديد المطلوب منه عمله. ولقد أفاد هذا القانون بطبيعة الحال النبلاء الذين بقيت أهدافهم كما هي وتتلخص في الإحتفاظ بسيطرة كاملة مع الأرض مع ضمان توفير قوة عمل زراعية مجانية.

وهكذا . . انتهت أكبر حركة ثورية في البلاد الرومانية (ولاشيا ومولدافيا) في القرن التاسع عشر بالفشل ذلك أن قيادتها كانت أضعف من أن تواجه المعارضة المشتركة الروسية العثمانية. كما لم تكن الظروف في ترانسلفانيا مواتية لتساعدج حالةالتمرد في البلاد فالعناصر الرومانية النمساوية مساو لوضع لمجريين. ولهذا وقفت تلك العناصر إلى جانب التدخل الروسي في ولاشيا ومولدافيا, وإلى جانب حكومة النمسا ضد ثورة المجر.

ويضاف إلى عوامل الفشل ما حدث من إنقسام بين قياداتها حول برنامج الإصلاح الداخلي. والحق أن أي برنامج قومي كان لابد وأن يتضمن تحرير الفلاح من قيود التبعية والسخرة لكنها مسألة لم يكن يقبلها إلا قلة قليلة من الزعماء مثل بالشيسكو وبشرط ألا يمس هذا التحرير إمتيازات النبلاء الإقتصادية والإجتماعية.

وفي المنفى لم يتفق زعماء الثورة على برنامج واحد للعمل بل لقد انتقل معظمهم إلى صفوف تيار اليمين المحافظ حتى أن برنامج ثوار عام 1848 الذين عرفوا فيما بعد بجماعة الثامنة والأربعين كان برنامجاً محافظاً نسبياً وأبعاده القومية محدودة, فبدلاً من أن يعملوا من أجل إقامة دولة قومية تضم كل الأراضي الرومانية, وتقديم برنامج إجتماعي حقيقي, وجدناهم قد حددوا أغراضهم في توحيد ولاشيا ومولدافيا فقط تعيين حاكم أجنبي عليها, بل لقد اعترف كثير منهم بعدم جدوى الثورة المسلحة. وطالما وقفت الثلاث إمبراطوريات (روسيا والنمس والدولةالعثمانية) ضد المطالب القوميةالرومانية ظل أمل الرومانيين في تحقيق أهدافهم بالقوة ضعيفاً, الأمر الذي دفع الكثير منهم للإعتماد على الوسائل الدبلوماسية.

ورغم الحقيقة القائلة بأن المنفيين الرومانيين لم يكونوا تنظيماً سياسياً في المنفى إلا أنهم كانوا يتصرفون كما لو كان هناك تنظيماً يجمعهم. ولم يكن أمامهم وقد منوا بفشل الثورة إلا أن يستعدوا للمستقبل, فشرعوا من ثم في تنظيم دعاية قومية, وعقدوا كثيراً من الإجتماعات وحرروا كثيراً من المقالات في الصحف, وبذل بعضهم جهداً كبيراص لمحادثة رجال السياسة الأوروبيين ذوي النفوذ الملحوظ. وكان أكبر نجاح حققوه في هذا المجال اكتساب تأييد نابليون الثالث إمبراطور فرنسا على حين خابت مساعيهم مع إنجلترا لأنها كانت ما تزال آنذاك مع مبدأ المحافظة على وحدة الأراضي العثمانية كدعامة ضد أطماع روسيا. ومن ناحية أخرى لم يكن من الممكن تحقيق الحد الأدنى من برنامج القومية الرومانية ألا وهو توحيد ولاشيا ومولدافيا ما لم يتم إبعاد الحماية الروسية بطريقة أو بأخرى. ثم كانت حرب القرم هي الحادثة التي قد تساعد على بلوغ المرام.

الهامش

المصادر