التبشير الپروتستانتي في الصين

مبشرون من إرسالية الصين الداخلية بالزي المحلي.

في مطلع القرن التاسع عشر، تزامن التوسع الاستعماري الغربي في نفس الوقت مع ازدهار التبشيرية (والتي كثيراً ما تُدعى الصحوة الكبرى الثانية) في أرجاء العالم الناطق بالإنگليزية، مما أدى إلى المزيد من النشاط التبشيري وراء البحار. وأصبح القرن التاسع عشر يُعرف بإسم "القرن العظيم" لِما قامت فيه من إرساليات تبشيرية حديثة.

فبدءاً من المبشر الإنگليزي روبرت موريسون في 1807، عاش الآلاف من الپروتستانت، رجالاً وزوجاتهم وأطفالهم ومبشرات نساء عازبات مبشرين في الصين في مواجهة ممتدة بين الثقافتين الصينية والغربية. معظم الإرساليين كانوا يمثلون ومدعومين من منظمات أو طوائف پروتستانتية في بلادهم الأصلية. وقد دخلوا الصين في وقت تنامي نفوذ شركة الهند الشرقية البريطانية، إلا أنهم كانوا ممنوعين من الإقامة والسفر في الصين إلا في المنطقة المحدودة الثلاثة عشر مصنع في كانتون، المعروفة الآن بإسم گوانگ‌ژو، ومكاو. وفي معاهدة 1842 التي أنهت حرب الأفيون الأولى حصل الإرساليون على حق الإقامة والعمل والتبشير في خمس مدن ساحلية. وفي 1860، فتحت المعاهدات التي أنهت حرب الأفيون الثانية مع البريطانيين والفرنسيين كامل الصين على مصراعيها أمام النشاط التبشيري.

انفجر النشاط التبشيري الپروتستانتي في العقود التالية. فمن 50 مبشراً في الصين في 1860، قفز الرقم إلى 2,500 (بما فيهم الزوجات والأطفال) في 1900. ألف وأربعمائة من المبشرين كان بريطانيين، 1,000 كانوا أمريكان، و 100 من أوروپا، أغلبهم من اسكندناڤيا.[1] بلغ النشاط التبشيري الپروتستانتي أوجه في ع1920 ثم بدأ في الانحسار بسبب الحرب والقلاقل في الصين. وبحلول 1953 كان كل المبشرين الپروتستانت قد طردتهم الحكومة الشيوعية للصين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النشاط التبشيري (1807–1842)

حتى 1842، كان لزاماً على التجار الأجانب والمبشرين في الصين أن يعيشوا في مكاو أو في منطقة المصانع الثلاثة عشر في گوانگ‌ژو. السفر خارج تلكما المنطقتين كان محظوراً. زوجات التجار والمبشرين الأجانب كان مسموح لهن بالإقامة في مكاو فقط.

في السنين الأولى بالنسبة لموريسون والإرساليين الذين تبعوه، كانت الحياة في الصين هي عبارة عن تحديد الإقامة في مكاو ومنطقة المصانع الثلاثة عشر في گوانگ‌ژو فقط مع دعم متردد من شركة الهند الشرقية ومواجهة معارضة من الحكومة الصينية والكاثوليكية التي تأسست في الصين لأكثر من قرن. العمل المبكر لموريسون تكون في معظمه من تعلم اللغة الصينية وترجمة الكتاب المقدس إلى الصينية. وقد أعيد إحياء قانون صيني بعنوان "السحرة والساحرات وكل المشعوذين محظورون." في 1826 من قِبل داوگوانگ الامبراطور ليمكـِّن من اصدار أحكام بالإعدام على الأوروپيين لنشرهم المسيحية بين الصينيين والمانشو (تارتار). والمتحولون إلى المسيحية الذين لن يتوبوا عنها كانوا يُرسلون إلى المدن المسلمة في شين‌جيانگ حيث يُعطـَون عبيداً للزعماء المسلمين والبكوات.[2][3][4][5]

الأشخاص من المحيط الغربي [الأوروپيون]، إذا نشروا في البلد ديانة سيد السماء، [الاسم الصيني المعطى للمسيحية من الكاثوليك]، أو طبعوا كتباً في السر أو جمعوا الناس للتبشير أو حاولوا بأي طريقة خداع الناس، أو إذا قام أحد الصينيين أو التتار، بدورهم، بنشر المبادئ أو أعطوا في السر أسماء (كما في التعميد)، أو أثاروا أو ضللوا الجموع، إذا ثبت ذلك بشهادة صحيحة، فإن رأس أو زعيم تلك المجموعة سيحكم عليه بالإعدام شنقاً على الفور: فإن من ينشر الدين أو يثير الجموع أو يضللها، أما إذا كان العدد ليس كبيراً ولم يعط أسماءً (أي لم يُعمِّد أحداً)، فإنه يُحكم عليه بالإعدام شنقاً بعد فترة من السجن. أما أولئك الذين كانوا مجرد مستمعين أو أتباع للمعتقد، إذا لم يتوبوا ويتبرأوا من فعلتهم فسوف يُنقلون إلى المدن المحمدية (في تركستان) وسوف يُسلـَّموا كعبيد إلى البكوات وكبار المحمديين الذين بمقدورهم أن يجبروهم. ... كل الضباط المدنيين والعسكريين الذي يفشلوا في الكشف عن الأوروبيين المقيمين سراً في البلد في نطاق اختصاص أولئك الضباط، وينشرون دينهم مما يؤدي إلى خداع الجموع، سوف يتم تسليمهم إلى المجلس الأعلى للمحاكمة.

أول إرسالي أمريكي إلى الصين، إلايجا كولمان بردجمان وصل إلى گوانگ‌ژو في 1830. وقد أنشأ مطبعة للأدبيات المسيحية. أول إرسالي طبي إلى الصين كان الأمريكي پيتر پاركر الذي وصل گوانگ‌ژو في 1835. وقد أسس مستشفى حازت دعم الصينيين، وقد عالجت آلاف المرضى.[6]


النفوذ المتنامي للإرساليات (1842–1900)

وكر أفيون في صين القرن 18 بعيون فنان غربي

هزيمة الصين أمام بريطانيا العظمى في حرب الأفيون الأولى أسفرت عن معاهدة نانكينگ في 1842 التي فتحت أمام التجارة وإقامة الأجانب والنشاط التبشيري خمس مدن موانئ صينية، سُميت موانئ المعاهدات: گوانگ‌ژو، شيامن (آموي)، فوژو، نينگ‌بو، وشانغهاي .[7] وسرعان ما تأسست منظمات تبشيرية پروتستانتية في المدن المفتوحة.

في حرب الأفيون الثانية (1856–1860) هزمت بريطانيا العظمى وفرنسا الصين. وفتحت معاهدة پكين في 1860 البلد على مصراعيها أمام الأجانب وأرست حرية الدين في الصين. تزايد النشاط التبشيري الپروتستانتي بسرعة كبيرة هائلة بعد تلك المعاهدة وفي خلال عقدين من الزمان كانت الإرساليات متواجدة تقريباً في كل مدينة كبيرة وكل مقاطعة في الصين.

المسيحية والمبشرون الپروتستانت لعبوا دوراً في تمرد تاي‌پنگ (1850–1864). الدارس الفاشل، هونگ شيوچوان، قرأ مَلزمة مسيحية، واعتقد أن قد جاءته رؤيا، وطلب من المبشر المعمداني الأمريكي إساكر جاكوكس روبرتس أن يعلمه المسيحية. لاحقاً، بعد أن أصبح هونگ زعيماً للتمرد، أضحى روبرتس مستشاراً للتاي‌پنگ. وفي 1862، اختلف روبرتس مع هونگ، وهرب لينجو بحياته، وأدان التاي‌پنگ.[8]

مبشر يعظ في الصين مستخدماً الكتاب عديم الكلمات

صحوة 1859 في بريطانيا وعمل ج. هدسون تيلر (1832–1905) ساعدا على زيادة عدد الإرساليين في الصين. وبحلول عام 1865 حين أنشأ تيلر إرسالية الصين الداخلية (CIM) كان هناك 30 جماعة پروتستانتية مختلفة تعمل في الصين.[9] لكن في المقاطعات السبع التي كان يعمل فيها المبشرون الپروتستانت، كان هناك ما يقدر بـ 204 ملايين شخص مع 91 عاملاً فقط. مع وجود إحدى عشرة مقاطعة أخرى يبلغ عدد سكانها 197 مليون نسمة، من دون مبشرون. [10] أثار تايلور وآخرون الغرب وخصصوا المزيد من الأشخاص والموارد في الجهود المبذولة لجعل الصين دولة مسيحية. استجابت المجتمعات التبشيرية والطوائف على جانبي المحيط الأطلسي. تم تشكيل العديد من المجتمعات الجديدة وتم تطويع المئات من المبشرين، وكثير منهم من طلاب الجامعات المتأثرين بوزارة دوايت مودي. أبرز المنظمات الإرسالية كانت إرسالية الصين الداخلية وجمعية لندن الإرسالية، والمجلس الأمريكي لمفوضي الإرساليات الأجنبية. إرساليون آخرون كان من المعمدانية، المعمدانية الجنوبية، المشيخية، الإرسالية الإصلاحية الأمريكية، الميثودية، الأسقفية، والوسلية.

وزعت الحركة التبشيرة البروتستانتية العديد من نسخ الكتاب المقدس، وكذلك أعمالاً مطبوعة أخرى في التاريخ والعلوم. كما أنشأوا وطوروا المدارس والمستشفيات التي تمارس الطب الغربي. [9] وقد نظر المعلمون الصينيون التقليديون إلى المدارس الإرسالية بريبة وكان من الصعب غالباً على المدارس المسيحية جذب الطلاب. وقد قدمت المدارس التعليم الأساسي للفقراء الصينيين، بنين وبنات. قبل زمن الجمهورية الصينية ، لما كانوا لولا ذلك لم يتلقوا أي تعليم رسمي.[11]

هدسون وماريا تيلر في 1865

من بين المبشرين الپروتستانت المؤثرين الذين وصلوا إلى الصين في القرن التاسع عشر الأمريكيون ويليام آمنت، جوستوس دوليتل، تشيستر هولكم، هنري لوس، ويليام ألكسندر پارسنز مارتن، كالڤن ويلسن ماتير، لوتي مون، جون لڤنگستون نيڤيوس، آرثر هندرسن سمث. ومن بين المبشرين البريطانيين البارزين جيمس لگ ووالتر هنري مدهرست ووليام إدوارد سوثل. وبرز بين إرساليي الصين الشبان والشابات المثاليون، ذوو التعليم الراقي أعضاء فرقة أوبرلين، وسبعة كمبردج، وحركة المتطوعين الطلاب.

كان شعار الحركة التبشيرية هو "تبشير العالم". ولاحقاً، وللتعجيل، تم توسيع الشعار ليكون: "تبشير العالم في هذا الجيل."[12][13]وقد حظيت الصين، التي تقاوم الجهود التبشيرية والأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم، بنصيب كبير من اهتمام الحركة التبشيرية المزدهرة في جميع أنحاء العالم.

حياة المبشرين في الصين

كان على المبشر في الصين أن يعيش حياة الشظف، خاصة في القرن التاسع عشر. الاستنزاف كان عالياً بسبب المشاكل الصحية والانهيارات العصبية. تعلم اللغة الصينية كان مهمة شاقة وطويلة المدى. أثبتت غالبية المبشرين عدم فعاليتهم. "من بين أول 53 مبشراً أرسلوا ... من قبل البعثة الصينية الداخلية، بقي 22 بالغاً فقط في البعثة، ومن بين هؤلاء فقط أربعة أو خمسة رجال وثلاث أو أربع نساء كانوا جيدين جداً.[14] استغرق الأمر حوالي خمس سنوات من دراسة اللغة والعمل لمبشر للمهمات في الصين - واستقال العديد من المبشرين الجدد أو ماتوا قبل إكمال وصايتهم. بشكل عام، في القرن التاسع عشر، على الرغم من وصول المبشرين في الصين عادة ما كان الشباب يتمتعون بصحة جيدة، حيث استقال حوالي نصف المبشرين أو ماتوا بعد أقل من 10 سنوات من الخدمة. كانت الأسباب الصحية هي السبب الرئيسي للاستقالة. وقدرت الوفيات بين الأطفال المولودين لأزواج تبشيرية بثلاثة أضعاف معدل الوفيات بين الأطفال الرضع. ومعدل الوفيات في المناطق الريفية في إنگلترا. وفي أواخر القرن التاسع عشر، بدأت الظروف الصحية والمعيشية في التحسن بعد تأقلم المنظمات الإرسالية وازدياد عدد الأطباء فيها.[15]

اللطمة الكبرى التي كانت تفت في الروح المعنوية للمبشرين في الصين هي نسبة النجاح الضئيلة جداً في تحقيق هدفهم الرئيسي: اعتناق الصينيين للمسيحية. روبرت موريسون في 27 عاماً من العمل التبشيري لم ينجح إلا في اقناع 25 صينياً باعتناق المسيحية والمبشرون المبكرون الآخرون لاقوا نتائج مشابهة.[16] معدل اعتناق المسيحية ازداد مع الوقت ولكن بحلول عام 1900 لم يكن هناك سوى 100,000 مسيحي بروتستانتي صيني بعد نحو قرن من الجهد الشاق لآلاف المبشرين.[17] أضف إلى ذلك، اتهام المنتقدين أن العديد من أولئك المسيحيين كانوا "مسيحيي الأرز"، ممن قبلوا المسيحية فقط مقابل مزايا مادية. فتحول المبشرون إلى إنشاء المستشفيات والمدارس كوسيلة أكثر فاعلية في اجتذاب الصينيين إلى المسيحية بدلاً من الوعظ والتبشير.

في نظر الصينيين، كانت المسيحية مقترنة بالأفيون، وتمرد تايپنگ بملايين القتلى فيه، الإمبريالية، والامتيازات الخاصة التي حصل عليها الأجانب والمتحولون إلى المسيحية بمقتضى المعاهدات غير المتكافئة. وقد قال نبيل صيني عن التواجد الأوروبي والأمريكي في الصين: "خذوا مبشريكم وأفيونكم، وحينها ستكونون مـُرحب بكم."[18]

المبشرون السويديون اتخذوا مساكن في شين‌جيانگ لتنصير الأويغور (المسلمون الأتراك).

الإرساليون المسيحيون مثل البريطاني جورج و. هنتر، يوهانس آڤتارانيان، والإرساليين السويديين أمثال Magnus Bäcklund، Nils Fredrik Höijer، الأب هندريكس، يوسف مسرور، آنا مسرور، ألبرت أندرسون، گوستاف آلبرت، ستينا مارتنسون، جون تورنكويست، Gösta Raquette، أوسكار هرمانسون والأويغور الذي اعتنق المسيحية نور لوقا درس اللغة الأويغورية وكتبوا أعمالاً بها. والتركي المتحول إلى المسيحية، يوهانس آڤتارانيان ذهب إلى الصين لينشر المسيحية بين الأويغور. يعقوب إسطفان، ووئركاي‌شي، وعليموجيانگ يميتي كانوا أويغور آخرين تحولوا إلى المسيحية.

وتـُرجم الكتاب المقدس إلى اللهجة القشغرية من التركي (الأويغورية).[19]

وقد انتشرت عصابات مضادة للمسيحية بين المسلمين في قشغر تستهدف المبشرين السويديين في 1923.[20]

وبإسم الإسلام، قام الزعيم الأويغوري عبد الله بغرا بهجوم مسلح عنيف على المبشرين السويديين في يرقند وكاد أن ينفذ حكم الإعدام فيهم لولا تدخل آق‌سقال (لحى بيضاء) بريطانيين لإنقاذهم.[21]

وقد زعم جورج و. هنتر أن بينما كان يستحيل أن ينخرط المسلمون التونگان (مسلمون صينيون) الدعارة لبناتهم، فإن المسلمين الأتراك (أويغور) يعرضون بناتهم للدعارة، ولذلك كانت العاهرات التركيات شائعات في أرجاء الصين.[22]

الإرسالي المسيحي السويدي J. E. لوندال كتب في 1917 أن النساء المسلمات المحليات في شين‌جيانگ كن يتزوجن رجالاً صينيين لنقص النساء الصينيات، أقارب الزوجة وباقي المسلمين كانوا يكرهون المرأة التي تفعل ذلك.[23]

- يشترك عدد من الأصدقاء البريطانيين والألمان لدعم مهمة جديدة بمقرها الرئيسي في قشغر ويرقند، وهما مدينتان في تركستان الصينية، وسيتم تنفيذ العمل ليس بين الصينيين، ولكن بين المحمديين، الذين هم في الغالبية العظمى في تلك المنطقة. المهمة الجديدة مثيرة للاهتمام، من حيث أنها هجوم على الصين من الغرب. سيصل مبشران ألمانيان، برفقة طبيب ومسيحي، إلى قشغر الربيع المقبل ويبدآن العمل. يمكن أن نضيف أن جمعية الكتاب المقدس البريطانية والأجنبية تقوم حالياً بطباعة الأناجيل الأربعة بلهجة تركستان الصينية، ومن المرجح أنها ستكون جاهزة قبل تحديد المهمة الجديدة في قشغر.[24][25]

المبشرات النساء

في البداية، أرسلت الجمعيات التبشيرية المتزوجين وعدد قليل من الرجال غير المتزوجين كمبشرين. كانت الزوجات بمثابة "مبشرات مساعدات" بدون أجر. كان رأي الجمعيات التبشيرية التي يهيمن عليها الذكور هو أن النساء غير المتزوجات لا ينبغي أن يعشن بدون حماية وحيدة في بلد أجنبي وأن العمل الروحي للمبشرين لا يمكن أن يقوم به إلا رجال مرسومون. بمرور الزمن، أصبح واضحاً أن المدارس المسيحية كانت ضرورية لجذب وتثقيف المسيحيين والقادة المحتملين وتغيير الثقافات الأجنبية التي لم تكن متقبلة للرسالة المسيحية كما أعلنها المبشرون الذكور.[26] كانت أول مبشرة غير متزوجة في الصين ماري آن أآلدرسي، وهي امرأة بريطانية غريبة الأطوار، افتتحت مدرسة للفتيات في ننگ‌بو في عام 1844.[27]

كانت سوزي كارسون رينهارت مبشرة وطبيبة ومستكشفة للتبت.

في ستينيات القرن التاسع عشر، بدأت المنظمات التبشيرية النسائية، وخاصة الجمعية التبشيرية الخارجية للمرأة التابعة للكنيسة الأسقفية الميثودية في الولايات المتحدة، وبدأت النساء في أن يصبحن مبشرين في جميع أنحاء العالم بأعداد كبيرة. فسرعان ما تفوق عدد المبشرين، المتزوجات وغير المتزوجات، عدد الرجال. بحلول عام 1919، كان عدد المبشرين الميثوديين والتجمعيين الأمريكيين (ABCFM) أكثر من ضعف عدد المبشرين الذكور في الصين. لم يخلُ صعود المبشّرات من الاحتكاك مع الرجال. فقد أكد مؤتمر معمداني عام 1888 أن "عمل المرأة في الخارج يجب أن يكون حريصاً على الاعتراف برئاسة الرجال". و"رأس المرأة هو الرجل."[28]

في الصين، بسبب الأعراف الثقافية، لم يستطع المبشرون الذكور التفاعل مع النساء الصينيات، وبالتالي فإن العمل الإنجيلي بين النساء كان من مسؤولية النساء التبشيرات. عالجت الطبيبات المبشّرات النساء الصينيات، وأدارت المبشّرات مدارس البنات. جرت العادة أن تحصل المبشّرات على أجور أقل من الرجال. ودفع الميثوديون في الخمسينيات من القرن التاسع عشر لمبشر ذكر إلى الصين راتباً قدره 500 دولار سنوياً، لكن أول مبشرين غير متزوجين أرسلهما الميثوديون إلى الصين، بيولا وسارة وولستون، وتلقيتا راتباً سنوياً قدره 300 دولار فقط لكل منهما. كما طُلب من المبشرين الأوائل غير المتزوجات العيش مع عائلات تبشيرية.[29] لاحقاً، غالباً ما كانت المبشِّرات غير المتزوجات يتشاركن المنزل. على الرغم من كثرة أعدادهن، إلا أن المبشرات، المتزوجات وغير المتزوجات، غالباً ما يُستبعدن من المشاركة في القرارات السياسية داخل المنظمات التبشيرية التي كان يهيمن عليها الرجال عادةً. فقط في العشرينات من القرن الماضي، على سبيل المثال، تم منح النساء صوتاً كاملاً والتصويت في الاجتماعات التبشيرية في الصين للمجلس الأمريكي.[30]

كانت للمبشرات "مهمة حضارية" تتمثل في إدخال ثقافة الطبقة الوسطى الپروتستانتية إلى الصين، وتعليم النساء الصينيات و"رفع مستوى جنسهن". لقد لعبن دوراً رئيسياً في الحملات ضد الأفيون وربط القدم. كان الرأي السائد في أوروبا وأمريكا في أواخر القرن التاسع عشر هو أن "الحضارة لا يمكن أن توجد بمعزل عن المسيحية."[31]

من بين المبشرات من النساء في القرن التاسع عشر إلى الصين اثنتان من أوائل المستكشفات التبت، السيدة الإنجليزية آني رويل تايلور والكندية سوزانا كارسون رينهارت، وكلاهما قامتا ببعثات أكثر خطورة بكثير من المستكشفين المشهورين في ذلك الوقت مثل سڤين هدين وأورل ستاين.

تمرد الملاكمين (1900)

ملاكم أثناء الثورة.

تمرد الملاكمين في 1900 كان أسوأ كارثة في تاريخ التبشير. فقد قـُتـِل مائة وتسع وثمانون إرسالياً پروتستانتياً، منهم 53 طفل، (والعديد من القساوسة والراهبات الكاثوليك) على يد الملاكمين والجنود الصينيين في شمال الصين. كما قـُتـِل نحو 2,000 صيني پروتستانتي. وفقدت إرسالية الصين الداخلية من أعضائها أكثر من أي منظمة أخرى: 58 شخص بالغ و 20 طفل لقوا مصرعهم.[32]

اعترف الصينيون بحقوق الإرساليين فقط بسبب تفوق الأساطيل والقوة الغربية. وقد قرن العديد من الصينيين الإرساليين بالإمبريالية الغربية ورفض كليهما، وخصوصاً الطبقات المتعلمة التي خافت من التغييرات التي قد تهدد وضعهم الاجتماعي. زمع تنامي الوجود الإرسالي في الصين، تزايد الرفض الصيني للأجانب. الملاكمون كاننوا حركة جماعية للفلاحين، حفزها القحط والفيضانات في ريف شمال الصين. وقد أخذت أسرة تشينگ صف الملاكمين، وحاصرت الأجانب في بكين في حصار المفوضيات الدولية ، مما أدى لغز الصين من قِبل تحالف من جيوش أجنبية، تحالف الأمم الثمانية. أكبر عدد من قتلى الإرساليين كان في شان‌شي حيث، ضمن آخرين، تم إعدام كل الأعضاء الخمسة عشر في فرقة أوبرلين.

قوات تحالف الأمم الثمانية

فرض تحالف الأمم الثمانية عقوبات وخيمة على الصين، رفض هدسون تيلر من CIM قبولها. فقد أراد إظهار "تواضع ورفق المسيح" للصينيين.[33] في أعقاب تمرد الملاكمين، تعرض المقيمون الأجانب في شمال الصين، وخصوصاً الإرساليون، لانتقادات حادة في بلادهم لقيامهم بالنهب. استغل الإرساليون، أمثال وليام آمنت، قوات الجيش الأمريكي لمصادرة بضاشع وسلع من الملاكمين ومن الذين يُعتقد أنهم ملاكمون لتعويض الأسر المسيحية عن خسائرهم. منتقدو تلك الأفعال ضموا الكاتب مارك توين، الذي وصفوا آمنت ورفاقه بأنهم "زعماء العصابات المقدسة للمجلس الأمريكي."

كان لتمرد الملاكمين أثراً عميقاً على كل من الصين والغرب. فقد حاولت حكومة تشينگ الإصلاح ووجد الإرساليون أن الصينيين أصبحوا أكثر تقبلاً لرسالتهم التبشيرية و"الحضارية"، إلا أن الغرب فقد إيمانه بأن له الحق في فرض ثقافته ودينه على الصين.[34] وقد أكد مؤتمر إرساليات الصين المئوي في 1907 أن التعليم والصحة لهما أهمية مساوية للتبشير بالرغم من شكوى التقليديين أن "التعليم والصحة ليسا بديلاً عن التبشير."[35] الأنشطة الإرسالية بعد تمرد الملاكمين أصبحت أكثر علمانية.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حظر تجارة الأفيون

خريطة تبين كمية الأفيون المنتج في الصين في 1908

الأفيون كان الصادرات الأكثر ربحاً لبريطانيا العظمى إلى الصين طوال القرن التاسع عشر. وقد انتقد الإرساليون الأوائل، مثل بريدجمان، تجارة الأفيون—إلا أن مواقف الإرساليين تجاه الأفيون كانت مختلفة. المعاهدات التي أنهت حربي الأفيون فتحت الصين للنشاط التبشيري/الإرسالي واعتقد بعض الإرساليين أن حروب الأفيون ربما كان جزءاً من مشيئة الرب لجعل الصين أمة مسيحية.[36] ولاحقاً، حين بدأت الرسالة الاجتماعية للإرساليين تنافس التبشير على الصدارة، أصبح الإرساليون أكثر معارضةً لتجارة الأفيون.

وفي عقد 1890، لم تكن آثار تعاطي الأفيون قد تم فهمها علمياً لحد كبير. جمع الإرساليون الپروتستانت في الصين البيانات لعرض مضار المخدر، التي لاحظوها. وكانوا غاضبين أن المفوضية الملكية البريطانية حول الأفيون زارت الهند ولم تزر الصين. فنظموا العصبة المناهضة للأفيون في الصين بين رفاقهم في كل محطة إرسالية، والتي كان الإرسالي الأمريكي هامپدن كويت دوبوز أول رئيس لها. وقد كانت العصبة محورية في جمع البيانات من الأطباء الغربيين في الصين، الذين كان معظمهم إرساليين. وقد نشروا بياناتهم واستنتاجاتهم في 1899 بعنوان آراء أكثر من 100 طبيب حول استخدام الأفيون في الصين. ضم المسح أطباء يزاولون المهنة بشكل خاص ، وبالذات في شانغهاي وهونگ كونگ، وكذلك من الأطباء الصينيين الذي تعلموا في كليات طب في البلدان الغربية.[37]

وفي إنگلترة، كان ناظر إرسالية الصين الداخلية، بنجامن برومهال، معارضاً نشطاً لتجارة الأفيون؛ وقد كتب كتابين يناديان بحظر تدخين الأفيون: Truth about Opium Smoking و The Chinese Opium Smoker. وفي 1888 شكـّل برومهال وصار أميناً على "الاتحاد المسيحي لقطع علاقة الامبراطورية البريطانية بتجارة الأفيون" كما أصبح محرر الدورية، National Righteousness. وقد ضغط على البرلمان البريطاني لوقف تجارة الأفيون. وناشد مع جيمس ليدلو ماكسوِل المؤتمر الإرسالي في لندن لعام 1888 والمؤتمر الإرسالي في إدنبرة في عام 1910 أن يدينا التجارة. وبينما كان على فراش الموت، وقـّعت الحكومة اتفاقية لإنهاء تجارة الأفيون في خلال عامين.[37]

ربط الأقدام

A bound foot
قدم مربوطة
A bandaged bound foot
قدم مربوطة باللفائف

صعود النساء المبشرات إلى مرتبة مرموقة جعل من قضيتهن المفضلة، وهي معارضة عادة ربط الأقدام للنساء الصينيات. على الرغم من أن المبشرين الذكور غالباً ما اعتبروا ربط القدمين مسألة ضمير وليس خطيئة ضد الله، عارضت المبشّرات هذه العادة بشدة. وفي ستينيات القرن التاسع عشر، حاربت المشيخية الأمريكية هيلين نيڤيوس وآخرون ربط القدم عن طريق التوفيق بين الزوجين، وإيجاد أزواج مسيحيين للشابات ذوات الأقدام غير المقيدة. في عام 1872 في بكين، حظرت الميثودية الأمريكية ماري پورتر، التي أصبحت زوجة بطل تمرد الملاكمين فرانك گامويل الفتيات ذوات الأقدام المقيدة في مدرستها وفي عام 1874 تم تأسيس منظمة مناهضة لتقييد القدم في شيامن. بحلول عام 1908، تحدثت غالبية النخبة الصينية ضد ربط الأقدام وفي عام 1911 تم حظر هذه الممارسة، على الرغم من أن الحظر لم يكن فعالًا تماماً في المناطق النائية.[38]

التوسع والانتكاسات والتساؤلات والحرب (1901–1945)

جردت انتفاضة الملاكمين كراهية الأجانب من التعاطف الشعبي بالصين وفتحت الطريق لفترة من نمو الإرساليات البروتستانتية والمؤسسات الإرسالية، وعدد المسيحيين وتقبل غير المسيحيين. وقد سُمِّيت الفترة من 1900 وحتى 1925 "العصر الذهبي" للإرساليات المسيحية في الصين. وبحلول 1919، كان هناك 3,300 مبشر في الصين (دون عد الأطفال) مقسّمين بالتساوي تقريباً بين متزوجين وعزاب من الجنسين وبلغوا أقصى رقم وهو 8,000، بـِعـَدّ الأطفال، في 1925. وفي 1926، أسهمت الحرب الأهلية والقلاقل السياسية والأيديولوجيات المنافسة مثل الماركسية، والكساد الكبير، إلى بدء تراجع الإرساليات.[39]

أول دفعة خريجين من كلية الطب الجامعية في كانتون، 1911

وكمثال للنشاط الإرسالي أثناء تلك الفترة، ما يلي. بسبب العادات الاجتماعية، كانت نساء الصين تتردد في عرض أنفسهن على طبيب ذكر يمارس الطب الغربي. وقد أسفر ذلك عن تزايد الطلب على طبيبات ممن يمارسن الطب الغربي في الصين. ولذلك قامت الطبيبة الإرسالية الدكتورة ماري فلتون (1854–1927)[40]والتي أُرسلت من قبل مجلس البعثات الأجنبية التابع للكنيسة المشيخية (الولايات المتحدة الأمريكية)] بتأسيس أول كلية طب للنساء في الصين. عـُرفت بإسم كلية طب هاكت للنساء (夏葛女子醫學院),[41][42] وكانت تقع في گوانگ‌ژو، الصين، وكانت مدعومة بتبرع سخي من إدوارد هاكـِت (1851–1916) من إنديانا، الولايات المتحدة. وقد افتُتحت الكلية في 1902 ودرّست منهجاً من أربع سنوات. وبحلول 1915، كان هناك أكثر من 60 طالبة، معظمهن مقيمات في السكن الجامعي. معظم الطالبات كن مسيحيات، بسبب تأثير الدكتور فلتون. الكلية اعتُرِف بها رسمياً، وبدرجاتها المختومة بالختم الرسمي لحكومة مقاطعة گوانگ‌دونگ. هدفت الكلية إلى نشر المسيحية والطب العصري ورفع المكانة الاجتماعية للمرأة في الصين. مستشفى ديڤد گرگ للنساء والأطفال (والتي تُعرف أيضاً بإسم مستشفى يوجي 柔濟醫院)[43][44] كانت مقترنة بتلك الكلية. خريجو الكلية ضموا CHAU Lee-sun (周理信, 1890–1979) و WONG Yuen-hing (黃婉卿)، وكلتاهما تخرجتا في أواخر عقد 1910[45]:{{{1}}} ثم مارستا الطب في مستشفيات مقاطعة گوانگ‌دونگ.

الدكتور فرد پ. مانگت (1880–1979) ذهب من جورجيا، بالولايات المتحدة، إلى شانغهاي كمبشر طبي في 1909. وفي 1912، استأجر مبنى في هوژو لتأسيس مستشفى تسع 30 سرير. وفي نهاية الحرب العالمية الأولى، عاد د. مانگت إلى شانغهاي وناقش مع ممثلي مؤسسة روكفلر في الصين نية المؤسسة نشر ممارسة الطب الغربي في الصين. وبعد مفاوضات مطولة، وافقت الحكومة الصينية على إعطاء 9 فدادين من الأرض، بينما دفعت المؤسسة 30,000 دولار أمريكي لبناء مستشفى في هوژو. كما موّلت مؤسسة روكفلر مستشفى في سوژو، الصين، بعد طلب من الإرسالي جون آبنر سنل. كما تم توفير الأموال المتبقية من قبل الكنيسة الميثودية الجنوبية والكنيسة المعمدانية الشمالية في الولايات المتحدة. وهكذا، تم تحويل المستشفى الصغير بمبنى صغير مستأجر وطبيب واحد إلى مستشفى هوژو العام (湖州醫院)، التي تضم 9 أفدنة من الأرض، وأكثر من 100 ممرضة و100 موظف آخر، بالإضافة إلى أحدث المرافق الطبية في الصين. تضمنت المرافق مختبراً للكيمياء ومنشأة للأشعة السينية ومدرسة للتمريض. ولاحقاً، احتل اليابانيون مستشفى هوژو العام. كان أعضاء أسرة الدكتور مانگت قادرين على مغادرة الصين إلى الولايات المتحدة. إلا أن الدكتور مانگت لم يكن راغباً في مغادرة الصين. وحين رأي كيف يعامل اليابانيون الصينيين، كان يبين لهم مغبة تصرفاتهم. ونتيجة لذلك، اعتقلته القوات اليابانية واتهمته بالتجسس. في وقت لاحق، أطلقت القوات اليابانية سراحه. وتحت السيطرة الصارمة للقوات اليابانية، فتح مستشفى هوژو العام أبوابه مرة أخرى و عاود الدكتور مانگت العمل لثلاث سنوات ونصف.[45][46]

كانت الحركات التبشيرية المسيحية ناجحة بشكل خاص بين المجموعات العرقية على الحدود، فبالنسبة لهم لم تقدم المسيحية جاذبية روحية فحسب، بل مقاومة للصينيين الهان. على سبيل المثال، ابتكر المبشر البريطاني صموئيل پولارد نص پولارد لكتابة لغة مياو من أجل ترجمة الكتاب المقدس. كان موسيقي ومهندس يُدعى جيمس أو. فريزر أول من عمل مع شعب ليسو في يون‌نان في جنوب غرب الصين. أدى ذلك إلى نمو هائل للكنيسة بين المجموعات العرقية المختلفة في المنطقة التي استمرت حتى القرن الحادي والعشرين.

طلاب بكين يحتجون أثناء حركة الرابع من مايو

حركة الرابع من مايو انتقدت كل المعتقدات والأديان التقليدية. والدراسة من عام 1922 بعنوان الاحتلال المسيحي للصين قدمت وجهة نظر الجناح الليبرالي من المؤسسة الإرسالية بأن السيطرة يجب أن تعاد إلى الصينيين، إلا أن العنوان غير الموفق جعل الأمور أسوأ. فقد أدت الحملات المناهضة للمسيحية في أوائل ع1920، والتجريدة الشمالية في 1925–27 إلى توحيد الصين تحت قيادة الحزب الوطني. رحب الإرساليون الليبراليون بفرصة المشاركة في تطوير الأمة الصينية، إلا أن المؤسسة الإرسالية هوجمت. تنامى الشعور المناهض للإمبريالية، وتعرضت المدارس المسيحية لرقابة حكومية فرضت قيادات صينية على كل المدارس. غادر العديد من الإرساليين الصين وخفت الدعم القادم من بلدانهم، جزئياً بسبب المشاكل الاقتصادية أثناء الركود الكبير.[47]

كرتون أصولي يصور العصرية بأنها النزول من المسيحية إلى الإلحاد، وقد نـُشِر لأول مرة في 1922 ثم استُخدِم في سبع أسئلة موضع خلاف بقلم وليام جننگز براين.

جاء النقد ودعوات الإصلاح من داخل المجتمع التبشيري. جزئياً كنتيجة لبعثات مناظرات بين المحدثين والأصوليين التي أصبحت موضع تساؤل. على سبيل المثال، عادت الروائية والمبشرة پيرل بك إلى الولايات المتحدة في عام 1932 لتسأل "هل هناك قضية للمبشرين الأجانب؟" ثنائية سيرة والديها، الملاك المحارب والمنفى فقد صوّرت الاتهامات بأن البعثات الأجنبية كانت شكلاً من أشكال الإمبريالية.[48]كما تم التعبير عن ملاحظة شكوك أخرى من خلال الدراسة المكثفة التي أجراها جون د. روكفلر الابن بعنوان "إعادة التفكير في البعثات التبشيرية" والتي ألقت بظلال من الشك على مجموعة واسعة من الأنشطة التبشيرية.[49]

وفي 1934، اغتيل جون و بتي ستام على أيدي الجنود الشيوعيين. كتبت سيرتهم السيدة هوارد تايلور، انتصار جون وبيتي ستام (شيكاغو: مطبعة مودي، 1982)، وهي زميلة تبشيرية في إرسالية الصين الداخلية. فقد ألهمت جيلًا جديداً من المبشرين للسعي للعمل في الصين على الرغم من الحرب الأهلية ووجهات النظر المعادية للتبشير لدى العديد من الصينيين.[49]

وحين غزا اليابانيون الصين في الحرب العالمية الثانية في 1937، قامت الإرسالية الصينية الداخلية والعديد من المنظمات التبشيرية الأخرى بنقل مقراتها إلى أعلى نهر يانگ‌تسى إلى تشونگ‌چينگ. بعد أن دخلت اليابان في الحرب مع الدول الغربية في عام 1941، احتجز اليابانيون مدنيين غربيين، بمن فيهم حوالي 1000 مبشر پروتستانتي، في معسكرات حتى نهاية الحرب في عام 1945، معظمهم في مجمع وي‌شيان في شان‌دونگ وستانلي معسكر الاعتقال في هونگ كونگ. كان جميع الموظفين والطلاب في مدرسة تشي‌فو للأطفال التبشيريين، من الصف الأول إلى الثاني عشر، وعددهم 239 طفلًا وبالغاً، من بين المحتجزين في وِيْ‌فانگ.[50]إريك هنري ليدل، الحاصل على الميدالية الذهبية الأولمبية، والذي اعتُقل في وِيْ‌فانگ وتوفي بسبب نزيف في المخ أثناء الحرب.

الخروج النهائي 1945–1953

بعد انتصار الجيوش الشيوعية الصينية في 1949 وكبت الأديان، غادر أو طـُرِد كل أعضاء الجمعيات الإرسالية من الصين. المبشران آرثر ماثيوز (أمريكي) والدكتور روپرت كلارك (بريطاني) وُضِعا قيد الحبس المنزلي ثم بعد زمن سُمِح لهما بمغادرة الصين في 1953. زوجتيهما، ويلدا ماثيوز وجانيت كلارك، أُجبرتا على المغادرة قبل ذلك مع المبشرين الآخرين. "إرسالية الصين الداخلية" كانت آخر جمعية إرسالية پروتستانتية تغادر الصين.

وفي 1900 كان يـُقدّر عدد الپروتستانت في الصين بنحو 100,000 شخص. وبحلول عام 1950 ازداد العدد ليبلغ 700,000، وبالرغم من أن الزيادة كانت معتبرة إلا أن العدد كان أقل كثيراً من واحد في المائة من إجمالي سكان الصين. وبمساعدة من قادة أقوياء مثل جون سونگ، وانگ مينگ-داو، وأندرو گيه، فقد أصبحت الكنائس الصينية الپروتستانتية حركة محلية.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الوقع على الولايات المتحدة

كان للمبشرين الأمريكيين جمهور في الوطن يستمع عن كثب إلى رواياتهم المباشرة. حوالي عام 1900، كان هناك قرابة 300 مبشر صيني في إجازة للعودة إلى الوطن، وقد عرضوا قضيتهم على مجموعات كنسية ربما 30000 مرة في السنة، ووصلوا إلى عدة ملايين من رواد الكنيسة. لقد شعروا بالتفاؤل بأن الصين ستتحول عاجلاً أم آجلاً إلى المسيحية.[51]

نشأت الروائية پيرل بك (1892–1973) في بيئة ثنائية اللغة في الصين من قبل والديها التبشيريين. كانت الصين موقعاً لأحداث دارت فيه العديد من رواياتها وقصصها الأكثر مبيعًا، والتي استكشفت الصعوبات وعمق إنسانية الأشخاص الذين أحبتهم، واعتبرتهم سواسية تمامًا. بعد دراستها الجامعية في الولايات المتحدة، عادت إلى الصين كمبشرة مشيخية من عام 1914 حتى 1932. قامت بتدريس اللغة الإنگليزية على المستوى الجامعي. "الأرض الطيبة" (1931) كانت روايتها الأكثر مبيعًا وفيلماً شهيراً. إلى جانب العديد من الكتب والمقالات الأخرى، وصلت إلى جمهور أمريكي كبير من الطبقة الوسطى مع نظرة شديدة التعاطف إلى الصين.[52] أشادت بها لجنة جائزة نوبل للأدب، من أجل "الأعمال البارزة التي مهدت الطريق لتعاطف الإنسان عبر الحدود العرقية المتباعدة على نطاق واسع ودراسات المثل الإنسانية التي تعتبر فناً تصويرياً رائعاً وحياً".[53]

لم يكن لأحد تأثير على الفكر السياسي الأمريكي بشأن السياسة الخارجية أكثر من هنري لوس (1898-1967)، مؤسس وناشر مجلات "تايم" و"لايف" و"فرتشن" منذ العشرينيات حتى وفاته. ولد لأبوين تبشيريين في الصين، وتلقى تعليمه هناك حتى سن 15 عامًا. تركت تجربته الصينية لديه انطباعًا عميقًا، ودائمًا ما أعطت منشوراته اهتمامًا إيجابيًا واسع النطاق للصين. قدم بعض الدعم القوي للغاية لتشيانگ كاي-شك في معاركه ضد ماو زى‌دونگ.[54][55]

كان المبشر العائد الأكثر تأثيرًا سياسيًا هو والتر جد (1898-1994) الذي خدم 10 سنوات كمبشر طبي في فوجيان 1925-1931 و1934-1938.[56] لدى عودته إلى منسوتا، أصبح متحدثًا مفوهاً يندد بالعدوان الياباني على الصين، موضحًا افتقار اليابان للمواد الخام والأسواق، والضغط السكاني، والاضطراب والحرب الأهلية في الصين. بحسب كاتب السيرة يانلي گاو:

كان جد مؤيدًا أخلاقياً ويلسوني وجاكسوني، وكانت جهوده مدفوعة بفهم مسيحي عام للبشر، بالإضافة إلى عقدة تبشيرية. وبينما ناشد المصالح القومية الأمريكية والضمير المسيحي الأخلاقي الشعبي في آن واحد، أثبتت تجربة جد أن الدعوة الشجاعة من قبل المبشرين ساعدت في الواقع في تشكيل سياسة خارجية أمريكية تحتاج إلى إيقاظها من سباتها الانعزالي".[57] خدم جد لعقدين في الكونگرس 1943-1962 كعضو جمهوري، حيث كان متحدثًا مؤثرًا للغاية في الشؤون الآسيوية بشكل عام والصين بشكل خاص. كان مبشراً ليبرالياً ولكنه كان نائباً محافظاً مناهضاً للشيوعية في الكونگرس حدد مدى الدعم الأمريكي لنظام تشيانگ كاي-شك.[58]

انظر أيضاً

الهامش

  1. ^ Thompson, Larry Clinton William Scott Ament and the Boxer Rebellion: Heroism, Hubris, and the Ideal Missionary Jefferson, NC: McFarland Publishing Company, 2009, p. 14; Hunter, Jane The Gospel of Gentility New Haven: Yale University Press, 1984, p. 6
  2. ^ Maclay 1861, p. 336.
  3. ^ Rodney Stark; Xiuhua Wang (2 May 2015). A Star in the East: The Rise of Christianity in China. Templeton Press. pp. 13–. ISBN 978-1-59947-488-5.
  4. ^ R. S. MACLAY (1861). LIFE AMONG THE CHINESE : WITH CHARACTERISTIC SKETCHES AND INCIDENTS OF MISSIONARY OPERATIONS ANMD PROSPECTS IN CHINA. pp. 336–.
  5. ^ The Chinese Repository. Maruzen Kabushiki Kaisha. 1838. pp. 54–.
  6. ^ "Elijah Coleman Bridgman" http://www.bdcconline.nt/en/stories/b/bridgman-elijah-coleman.php, "Peter Parker", http://www.bdcconline.net/en/stories/p/parker-peter.php, accessed 25 January 2013
  7. ^ John Darwin, 'After Tamerlane: The Global History of Empire', p.431. (London: Allen Lane, 2007)
  8. ^ Teng, Yuan Chung Issachar Jacox Roberts and the Taiping Rebellion" The Journal of Asian Studies, Vol. 23, No. 1 (Nov 1963), pp. 55–67
  9. ^ أ ب Spence 1991, p. 206.
  10. ^ Broomhall 1901, p. 27.
  11. ^ Spence 1991, p. 208.
  12. ^ Benjamin Broomhall (1885). Evangelisation of the World, a Missionary Band. Morgan & Scott.
  13. ^ Broomhall, Benjamin The Evangelization of the World Reprint of 1885 edition. Whitefish, MT: Kessinger Publishing, 2010
  14. ^ Austin 2007, p. 136.
  15. ^ Lutz, Jessie G. "Attrition Among Protestant Missionaries in China, 1807–1890" International Bulletin of Missionary Research, Vol, 36, No. 1, January 2012, pp. 22–27
  16. ^ "Robert Morrison (1782–1834)" http://www.wecf-cong.org/articles/robertmorrison.pdf, accessed 27 January 2012
  17. ^ Thompson, p. 14
  18. ^ Thompson, pp. 12–15
  19. ^ The Holy Bible in Eastern (Kasiigar) Turki (1950)
  20. ^ John Stewart (1989). Envoy of the Raj: The Career of Sir Clarmont Skrine, Indian Political Service. Porpoise. p. 114. ISBN 978-1-870304-03-0.
  21. ^ Andrew D. W. Forbes (9 October 1986). Warlords and Muslims in Chinese Central Asia: A Political History of Republican Sinkiang 1911–1949. CUP Archive. pp. 87–. ISBN 978-0-521-25514-1.
  22. ^ Michael Friederich (1994). Bamberger Zentralasienstudien. Schwarz. p. 352. ISBN 978-3-87997-235-7.
  23. ^ http://equmeniakyrkan.se/wp-content/uploads/2013/03/Hultvall-ENG.pdf page 6
  24. ^ The Missionary Review of the World. Funk & Wagnalls. 1899. pp. 157–.
  25. ^ The Missionary Review. Princeton Press. 1899. pp. 157–.
  26. ^ White, p. 21
  27. ^ Anderson, Gerald H. Biographical Dictionary of Christian Missions Grand Rapids, MI: Wm. B. Eerdmans Publishing, 2009, p. 9
  28. ^ Hunter, pp. 13–14
  29. ^ White, pp. 26–28
  30. ^ Hunter, pp 83–84
  31. ^ White, 351; Thompson, p. 13
  32. ^ Glover, Archibald B. A Thousand Miles of Miracle in China, London: Hodder and Stoughton, 1904, p. 1; Broomhall p. x
  33. ^ "Boxer Rebellion" http://www.omf.org/omf/singapore/about_omf/omf_history/boxer_rebellion, accessed 28 January 2013
  34. ^ Thompson, p. 1
  35. ^ Chinese Centenary Missionary Conference Records New York: American Tract Society, n.d., title page, p. 380
  36. ^ Lazich, Michael C. "American Missionaries and the Opium Trade in Nineteenth Century China" Journal of World History, Vol. 17, No. 2, June 2007, pp 210–211
  37. ^ أ ب Lodwick, Kathleen L (1996), Crusaders against Opium: Protestant Missionaries in China, 1874–1917, Lexington: University Press of Kentucky .
  38. ^ Drucker, Alison R. "The Influence of Western Women on the Anti-Footbinding Movement" Historical Reflections, Vol. 8, No. 3, Women in China: Current Directions in Historical Scholarship, Fall 1981, pp. 179–199
  39. ^ Hunter, pp. 5, 52; Bays, Daniel H. "Christianity in China 1900–1950: The History that Shaped the Present"[1], accessed 29 January 2013
  40. ^ In as much: Mary H Fulton, Amazon, http://www.amazon.com/Inasmuch-Mary-H-Fulton/dp/1140341804 .
  41. ^ "Abstract" (PDF), These, HK: HKBU, http://www.hkbu.edu.hk/~libimage/theses/abstracts/b15564174a.pdf .
  42. ^ CQVIP, http://www.cqvip.com/qk/83891A/200203/6479902.html .
  43. ^ A crusade of compassion for the healing, http://books.google.com/books/about/A_crusade_of_compassion_for_the_healing.html?id=UpkNAAAAYAAJ .
  44. ^ QQ, http://news.qq.com/a/20100411/001143.htm .
  45. ^ أ ب Chung, Rebecca Chan; Chung, Deborah; Wong, Cecilia Ng (2012), Piloted to Serve, https://www.facebook.com/PilotedToServe 
  46. ^ McMichael, Nona B (Mrs Robert S) (1963), The story of Dr. Fred Prosper Manget: for the Woman's Auxiliary of the Bibb County Medical Society, Georgia April 4, 1963 Meeting, Macon, GA .
  47. ^ Latourette 1929, pp. 686–704.
  48. ^ Conn, Peter J (1996), Pearl S. Buck: A Cultural Biography, Cambridge University Press, p. 149 .
  49. ^ أ ب Bays, http://www.globalchinacenter.org/analysis/christianity-in-china/christianity-in-china-19001950-the-history-that-shaped-the-present.php, accessed 29 January 2013
  50. ^ "Captives of Empire" http://www.captives-of-empire.com/wst_page5.php, accessed 29 January 2013
  51. ^ John King Fairbank, China Watch (1987) p. 21
  52. ^ Michael H. Hunt, "Pearl Buck-Popular Expert on China, 1931-1949." Modern China 3.1 (1977): 33-64. online
  53. ^ Mark P. Hutchinson, ed. (2018). The Oxford History of Protestant Dissenting Traditions, Volume V: The Twentieth Century: Themes and Variations in a Global Context. Oxford UP. p. 427. ISBN 9780192518224.
  54. ^ Michael H. Hunt, "East Asia in Henry Luce's 'American Century'." Diplomatic History 23.2 (1999): 321-353. Online
  55. ^ Robert E. Herzstein, Henry R. Luce, TIME, and the American crusade in Asia (Cambridge UP, 2005). pp 1-4, 247-49.
  56. ^ Lee Edwards, Missionary for Freedom: The Life and Times of Walter Judd (1990).
  57. ^ Yanli Gao and Robert Osburn Jr. "Walter Judd and the Sino-Japanese War: Christian Missionary cum Foreign Policy Activist." Journal of Church and State 58.4 (2016): 615-632.
  58. ^ Yanli Gao, "Judd's China: a missionary congressman and US–China policy." Journal of Modern Chinese History 2.2 (2008): 197-219.

ببليوگرافيا

للاستزادة

  • Daily, Christopher A. (2013). Robert Morrison and the Protestant Plan for China. Hong Kong: Hong Kong University Press.
  • Fulton, Austin (1967). Through Earthquake, wind and fire. Edinburgh: St Andrews Press.
  • Cohen, Paul (1978). "Christian Missions and Their Impact to 1900". In Fairbank, John K (ed.). The Cambridge History of China. Vol. 10 Pt 1. Cambridge University Press. pp. 543–90.. Balanced survey; the Bibliographical essay (pp. 611–24) covers monographs and articles in English, Japanese, and Chinese.
  • Hunter, Jane (1984). The Gospel of Gentility: American Women Missionaries in Turn-of-the-Century China. New Haven, Connecticut: Yale University Press.
  • Hutchison, William R (1987). Errand to the World: American Protestant Thought and Foreign Missions. Chicago: University of Chicago Press. ISBN 0-226-36309-0.. Lucid explanation of the social philosophy and theology of missions.
  • Latourette, Kenneth Scott (1969). Christianity in a Revolutionary Age. Vol. III: The 19th Century Outside Europe, the Americas, the Pacific, Asia and Africa..
  • ——— (1962). Christianity in a Revolutionary Age. Vol. V: The twentieth century outside Europe: the Americas, the Pacific, Asia, and Africa: the emerging world Christian community..
  • Neils, Patricia, ed. (1990). United States Attitudes and Policies toward China The Impact of American Missionaries.. Research essays.
  • Taylor, James Hudson (1868). China's Spiritual Need and Claims (7th ed.). London: James Nisbet.
  • Rabe, Valentin H (1978). The Home Base of American China Missions, 1880–1920.. 299 pp.
  • Thompson, Larry Clinton (2009). William Scott Ament and the Boxer Rebellion: Heroism, Hubris, and the Ideal Missionary. Jefferson, North Carolina: McFarland Publishing Company.
  • Townsend, William (1890). Robert Morrison: The Pioneer of Chinese Missions. London: S.W. Partridge.
  • Varg, Paul A (1956). "Missionaries and Relations Between the United States and China in the Late Nineteenth Century". World Affairs Quarterly. 27 (2): 153–71..
  • ——— (1958). Missionaries, Chinese, and Diplomats: The American Protestant Missionary Movement in China, 1890–1952..
  • Wylie, Alexander (1867). Memorials of Protestant Missionaries to the Chinese. Shanghai: American Presbyterian Mission Press.

وصلات خارجية