هي قصيدة من تأليف الشاعر محمد مهدي الجواهري
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نص القصيدة
أرى الدهر مغلوباً وغالبا
|
|
فلا تَعتِبَنْ لا يسمعُ الدهرُ عاتبا
|
ولا تكذبنْ، ما في البرية راحمٌ
|
|
ولا أنت فاترُكْ رحمةً عنك جانبا
|
تمكّنَ ذو طَوْلٍ فأصبح حاكماً
|
|
وجنّب مدحوراٌ فأصبح راهبا
|
وفاتت أناساً قدرةٌ فتمسكوا
|
|
ولم يُخْلقوا أُسداً فعاشوا ثعالبا
|
إلى روح " مكيافيل " نفحُ تحية
|
|
وصوبُ غمامٍ يترك القبرَ عاشبا
|
أبان لنا وجهَ الحقيقةِ بعد ما
|
|
أقام الورى ستراً وحاجبا
|
ولو رُمتُ للعَوْرات كشفاً أريتُكُمْ
|
|
من الناس حتى الأنبياءِ عجائبا
|
أريتكُمُ أنَّ المنافعَ صُوِّرتْ
|
|
محامدَ والحرمانَ منها معايبا
|
أريتكُمُ أنَّ ابنَ آدمَ ثعلبٌ
|
|
يماشيك منهوباً ويغزوك ناهبا
|
لحفظ " الأنانياتِ " سُنَّتْ مناهجٌ
|
|
على الخلق صَبَّتْ محنةً ومصائبا
|
يجرُّ سياسيُّ عليها خصومَه
|
|
ويدرك دينيُّ بهنّ المطالبا
|
فان تراني مستصرخاً من مُلِمَّة
|
|
على الناس إذ لم أخدعِ الناسَ صاخبا
|
فليس لأني ذو شعور وإنّما
|
|
أردتُ على الأيام عوناً وصاحبا
|
هي النفس نفسي يسقط الكلُّ عندها
|
|
إذا سَلِمتْ فليذهبِ الكونَُ عاطبا
|
بلى ربما أهوى سواها لأنه
|
|
يَجُرُّ إليها شهوةً ومآربا
|
ولو مُكِّنََتْ نفسي لأرسلتَ عاصفاً
|
|
على الناس يَذروهم وفجَّرتُ حاصبا
|
فلو كنت دينيّا تخذت محمداً
|
|
وعيسى وموسى حجة وركائبا
|
تناهبتُ أموالَ اليتامى أجوزُها
|
|
وأجمعُها باسم الديانة غاصبا
|
ومهدتُ لي عيشاً أنيقاً بظلها
|
|
ومتعتُ نفسي منه ثم الأقاربا
|
ولو كنتُ من أهل السياسة لم أَدَعْ
|
|
سناماً لمن أرتابُ فيهم وغاربا
|
تَخذتُ الورى بالظن أُحصي خطاهُمُ
|
|
ورُحْت لدقاتِ القلوبِ محاسبا
|
ولم أرَ في الاثم الفظيع اقترفتُه
|
|
سوى أنني أدّيتُ للحكم واجبا
|
فان لم أُطِقْ تهديمَ بيتٍ مصارحاً
|
|
أتيتُ فهدَّمتُ البيوتَ مواربا
|
لجأتُ إلى الدُّسْتُور في كل شدةٍ
|
|
أفسّر منه ما أراه مناسبا
|
وجردتُهُ سيفاً أمضَّ وقيعةً
|
|
من السيف هنديا وأمضى مضاربا
|
أكُمُّ به الأفواهَ حقا وباطلا
|
|
وأخْنُقُ أنفاسا به ومواهبا
|
أُهدّمُ فيه مجلساً ليَ لا أُريدهُ
|
|
وإن ضمَّ أحراراً غَيارىَ أطابيا
|
وأبني عليه مجلساً ليَ ثانيا
|
|
أضيّع " ألكاكاً " عليه رواتبا
|
أُحشّد فيه أصدقائي وأسرتي
|
|
كما ضمّ بيتٌ أُسرةً وصواحبا
|
فان لم تكن هذي لجأتُ لغيرها
|
|
أخفَ أذىً منها وألين جانبا
|
أُرشحُ من لم يعرفِ الشعبُ باسمه
|
|
أباعدَ عنه لفّقوا وأجانبا
|
أُسخّرهم طوراً لنفسي وتارةً
|
|
أصُبّ على الأوطان منهم مصائبا
|
وأغريت بالتلطيف أسْحَرُ شاعراً
|
|
وأغدقت بالأموال اخْدَعُ كاتبا
|
فهذا يسمى الجورَ حزماً وحكمةً
|
|
وذلك يعتدُّ المخازي مناقبا
|
ولو كنتُ فناناً ولو كنتُ عاملاً
|
|
ولو كنتُ أُمياً ولو كنت كاسبا
|
ولو كنت مهما كنت فرداً فانني
|
|
لأجهَدُ في تحطيم غيريَ دائبا
|
ولا أعرف التاريخَ يهتاج ساخطا
|
|
عليّ ولا الوجدانَ يرتدُّ غاضبا
|
فما كانت الأعذار إلا لخاملٍ
|
|
وما كنت إلا طامحَ النفسِ واثبا
|
دعوني دعوني لا تهيجوا لواعجي
|
|
ولا تبعثوا مني شجوناً لَواهِبا
|