أمويو الأندلس (مقالة مميزة)

مسجد قرطبة, أعظم ما خلفة الأمويون في قرطبة.

نهاية الخلافة الأموية في قرطبة

بعد مقتل يحيى بن علي بن حمود عام 1026، شهدت قرطبة فراغاً سياسياً آخر إلى أن "أجمع أهلها على خلع العلويين لميلهم إلى البربر، وإعادة الخلافة بالأندلس إلى بني أمية". فبايع أهل قرطبة هشام بن محمد وتلقب بالمعتد بالله، وكان قد فر بعد أن غدر العامريون بأخيه المرتضى.

وفي عام 420 هـ استوزر حكم بن سعيد القزاز. وكان هذا الوزير نذير شؤم على المعتد بالله، إذ كان مكروهاً من أهل قرطبة لاستبداده برأيه وتعسفه بأحكامه، ومخالفته لآراء الوزراء السابقين، كما أنه كان ميالاً إلى البربر، فقام كبار رجال قرطبة بقتله.

انتهز أمية بن عبد الرحمن بن هشام بن سليمان، أحد أمراء بني مروان، فرصة قتل الوزير، ليحرض العامة على المعتد بالله سعياً لإسقاطه، وتولي الخلافة. وثار وراءه بنو أمية، وحاصروا قصر الخلافة في 12 ذو الحجة سنة 422 هـ. واُخرج هشام من قصره هو ونساؤه وأبناؤه، واُنزل إلى ساباط المسجد الجامع المؤدي إلى المقصورة، وظل هناك أسيراً ذليلاً، يترقب الموت في كل لحظة. ولكن أمية بن عبد الرحمن لم يبلغ غايته في الوصول إلى الخلافة فقرر أهل قرطبة إخراج أمية مع المعتد بالله عن قرطبة مع أن أمية كان حريصاً على الظفر بالخلافة ولم يخطر بباله أن تنتهي الأمور إلى هذا الحال. إذ أن أحداً من أهل قرطبة قال له: إن السعادة قد ولت عنكم، فقال أمية: بايعوني اليوم، واقتلوني غداً.

وهكذا انتهت الخلافة الأموية في قرطبة، بل نادى البعض بضرورة طرد جميع بني أمية من قرطبة، محذراً من يبقى منهم، ومتوعداً من يتواطأ معهم. وفي ذلك يقول ابن الخطيب (ومشى البريد في الأسواق والأرباض بأن لا يبقى أحد بقرطبة من بني أمية، ولا يكنفنهم أحد)، وفي منتصف ذي الحجة سنة 422 هـ، اجتمع شيوخ قرطبة والوزراء برئاسة ابن حزم بن جهور، واتفقوا على خلع المعتد بالله، وإبطال مرسوم الخلافة جملةً. وابن حزم كان من وزراء الدولة العامرية، قديم الرياسة، موصوفاً بالدهاء والعقل، ولم يدخل في شيء من الفتن، بل كان يتصاون عنها. وأسلموا الحكم إلى ابن حزم بن جهور وكان جديراً بهذه المهمة، وقبل أن يتسلم مقاليد الأمر على أن يجعلها شورى.

وهكذا تحول الحكم في قرطبة إلى نظام شبيه بالحكم الجمهوري، عـُرِف في كتب التاريخ بحكم الجماعة.

بعد سقوط الخلافة في 1031، تشظت أراضي دولة الخلافة إلى 22 دويلة - التي انكمشت كثيراً في قرنها الأخير، إلى العديد من ممالك الطوائف الضعيفة عسكرياً، ولكن اليانعة ثقافياً (مثل الحال في المشرق العربي).