كمال مغيث

كمال مغيث

كمال مغيث، هو باحث تربوي مصري في المركز القومي للبحوث التربوية والتنمية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

آراؤه

كمال مغيث.jpg

في حوار صحفي معه قال: تعرض التعليم على مدى فترات طويلة إلى عملية تخريب ممنهج وأصبحت البيوت المصرية تعيش فى أزمة حقيقية لا سبيل للخروج منها إلا من خلال مشروع وطنى يتبنى قضايا التعليم والثقافة بشكل جدى لأن التعليم والثقافة وجهان لعملة واحدة وقضاياها تسبق قضايا الخبز والاقتصاد والأمن الوطني.

هذا ما أكده الدكتور كمال مغيث الخبير فى المركز القومى للبحوث التربوية مضيفا أنه برغم تحول الهدف الأساسى للتعليم بعد ثورة 1952 إلى الحشد الايديولوجى خلف النظام السياسى، الا انه كان هناك تعليم حقيقى وكانت مهاراتنا تصقل منذ دخولنا المدرسة وكانت لدينا أنشطة عديدة موسيقية وفنية ورياضية ولم تعرف مدارسنا التطرف الدينى ولا هيمنة السلفيين، ولا الفساد ولا الغش بطبيعة الحال.. وإلى نص الحوار.


  • ماذا يفعل التعليم فى ظل عمليات تخريب ممنهجة وسياسات متخبطة غير مدروسة؟

إذا خلصت النوايا والإرادة يستطيع التعليم أن يعيد بناء هذا الوطن ويجعله يقفز فى سنوات قليلة إلى مقدمة الدول من حيث مستوى التقدم والرخاء المادى والديمقراطية، إذا كان هذا التعليم تتحقق فيه الإتاحة والجودة وتتوافر فيه مبادئ العدالة وتكافؤ الفرص لجميع أبناء الوطن فى مدارس تعد مؤسسات وطنية تهدف إلى تعزيز الانتماء والتماسك الوطنى ويحظر فيها الدعاية الطائفية والسياسية. و يقوم به معلمون مهنيون ومثقفون ومبدعون، تنظم أمورهم وتدافع عنهم وعن مهنة التعليم نقابة مهنية حديثة ومستقلة. ويتم ذلك عبر مناهج عصرية وحديثة تثير الفكر وتحث على الإبداع وترتبط بالمجتمع ومشكلاته وتنمى مختلف القدرات العقلية للطلاب وتعد الأنشطة جزءا لا يتجزأ منها، وترتبط بامتحانات تتجاوز قياس القدرة على الحفظ والتذكر إلى تقييم القدرة على النقد والتحليل والتعبير والإبداع. وإذا كان يتم فى مدارس ملائمة تجذب بإمكاناتها وأنشطتها الطلاب ومنفتحة على المجتمع تستفيد من إمكاناته وتتفاعل مع مشاكله وتعتبر نفسها مركز إشعاع ثقافى للمجتمع.


  • ما تقييمك لحال الثقافة ومستقبلها فى مصر فى ظل تردى حال التعليم؟

حدد عميد الادب العربى الدكتور طه حسين فى كتابه (مستقبل الثقافة فى مصر) هدفين للتعليم الهدف الأول الإعداد للمهنة بمعنى أن أعد الطالب لسوق العمل سواء أراد أن يكون صحفيا أو مهندسا أو طبيبا والهدف الثانى هو الثقافة بمعنى أعداد الطالب ليكون صاحب مهنة ومثقفا ومواطنا يتعامل ويعيش مع الثقافة العصرية. لابد أن يكون لديه قدرة على معالجة قضايا الثقافة، عندما يقال لخريج الهندسة أو الطب كلمه دستور ،كوتة المرأة، تراث دينى، الحكم الفاشى، الحكم العسكرى يستطيع أن يتكلم و يتعامل ويناقش ويكون لدية رؤية ووجهه نظر. ولديه على الأقل حصيلة علمية تسمح له بالتعامل بعمق مع القضايا الثقافية المختلفة وفى رأيى أن أهم عنصر حقيقى يميز بين الإنسان والحيوان هو الثقافة لان دوافعنا واحدة وهو المحافظة على النوع بشكل فسيولوجى بيولوجى.

واتفق مع الكاتب الكبير طه حسين الذى أكن له كل الحب والتقدير على تلك الأهداف وأزيد عليها أربعة أهداف أخري.

الهدف الأول هو تنمية ثقافة المواطنة، فى ضوء الظروف القاسية التى نعيشها والغزو الوهابى الذى فتح له السادات الأبواب بعد اتفاقه مع الجماعات الإسلامية والسلفية المتشددة. لماذا المواطنة من أهم أهداف التعليم؟ لان مصر دولة قديمة وثرية التكوين عندنا مسلمون ومسيحيون من ملل متعددة عندنا فقراء وأغنياء ريف وحضر بدو ونوبيون كل جماعة منهم لها عادات وطقوس وثقافات لذلك لابد ان تكون هناك ثقافة عامه تتجمع فيها كل هذه الثقافات .فقبل أن تكون نوبيا فأنت مصري، قبل أن تكون مسيحيا أنت مصرى فى الأساس ويأتى بعدها أى شيء آخر هذا هو الانتماء الحقيقى.

فيكون من الطبيعى أن نجد تمثالا للسيدة العذراء والصليب والقسيس أمام المسلم والولد المسيحى يجد المصحف وصورة جيفارا بجوار صورة سعد زغلول. المواطنة هى العامل المشترك للجمع بين كل هذا بالإضافة إلى تنمية فكرة الانتماء للعائلة وفكرة الدولة القومية، الدولة التى تقوم على رعاية كافة الملل والنحل فلا يوجد مبرر للاحتكاك بين هذه الطوائف، فعندما جاء محمد على إلى مصر أقام المدارس الابتدائية وجلس الطالب المسيحى بجوار المسلم لكى يعزز انتماءه لوطنه.

الهدف الثانى إعداد الطالب للتسلح بالمنهج العلمى والقدرة على استخدامه بمعنى أننى عندما أقول لشخص أن مصر أعلى دولة فى الإصابة بفيروس سى لا تكون إجابته انه «غضب من ربنا «،لكن المنطقى أن تكون الإجابة وفق منهج علمى قائم على التحليل العلمي بمعنى استخدام العقل للربط بين ارتفاع نسبة الاصابة بمرض البلهارسيا مثلا والعادات الغذائية غير السليمة، وعندما يقال إن لدينا فسادا لا تكون الإجابة «مفيش ضمير» لكن الرد المنطقى هو عدم وجود قوانين تكافح الفساد ورقابة.

والهدف الثالث هو الوجدان، لابد أن يملأ الوجدان بكل مفيد وإيجابى ولو أن الدولة لم تملأ هذا الوجدان بكل ما هو مفيد سوف يظهر آخرون يملأون هذا الوجدان بأفكار مخربة وقد استغلت الجماعات الإسلامية هذا الفراغ وملأته بأفكار ضد الانتماء والمواطنة وضد الدولة.

وهناك هدف رابع هو مراجعة نسق التعليم العام فلم يعد يناسب العصر طريقة الحفظ والتلقين والامتحانات التى تقوم على أذكر وتذكر. فهذا هو السبب فى انصراف الطلاب عن العملية التعليمية لأنها لا تمس وجدانهم وسبب أساسى فى تفشى ظاهرة الغش فى المدارس والدروس الخصوصية والكتب الخارجية خاصة أن المعلومات أصبحت ملقاة على قارعة الطريق لذلك لابد من استخدام نسق يشغل عقل الطالب من خلال وضع أسئلة مثل عبر، لاحظ، أذكر رأيك .. كذلك لابد من تنمية علاقة الطالب بالمعلم لأنه محور العلم نفسه.


  • كيف ننتج طالبا متعلما ومثقفا فى ظل الظروف الراهنة؟

أولا: لابد فى البداية أن نتفق على كل الأهداف السابقة وان تصاغ بطريقة واضحة محددة وإجرائية ويعاقب كل من يخالفها والمدرس الذى يقول للطلبة المسيحيين اجلسوا أخر الصف لابد أن يحاسب ويجرم.

ثانيا لا يصح أن يكون فى الدولة نظام تعليمى أمريكى وبريطانى وفرنسى وألمانى لطلاب توفر لهم كل الإمكانات وهناك طالب يدرس له الفكر الوهابى والفكر المتطرف حتى ولو لم نقم بإلغاء تعليم الأزهر لابد أن يطبق عليه على الأقل منظومة المواطنة.

ثالثا: زيادة ميزانية التعليم والاهتمام بالمعلم لأنه هو محور العملية التعليمية والركن الأساسى فيه ونحن فى كلية التربية نعلم أن المدرس محبط وغير راض عن مهنته لأنه لم يٌعد بشكل جيد وهو العنصر الأساسى فى انهيار العملية التعليمية نتيجة لانهيار دخلة. فى أوائل السبعينات كان المدرس يتقاضى راتب يعادل الآن 10 آلاف جنيه وبحسبة بسيطة كان يتقاضى 18 جنية كان جرام الذهب وقتها 80 قرش حسب ما كانت تنشره الصحف الرسمية عن سعر الجرام كان مرتب المدرس يشترى 22 جرام دهب بأسعار اليوم يوازى 10 آلاف جنيه ،للأسف نجد المدرس مرتبة لا يتعدى الأساسى المائة وثلاثين جنيها وكثيرا ما كنت أسأل المدرسين المتعاملين بنظام العقود المؤقتة ماذا يجبركم على القبول بالعمل بهذا الراتب الهزيل يكون الرد نقبل على أمل أن يرزقنا ربنا بدرس من هنا أو مجموعة أو التثبيت فيرتفع المرتب قليلا.


  • قد يرى البعض أن قضايا التعليم منفصلة عن قضايا الثقافة .. هل هذا الكلام صحيح؟

الثقافة والتعليم مرتبطان، فالإنسان يعيش بين نقطتين، التعليم هو نقطة البداية والثقافة هى الثانية. والإنسان ينبغى أن يتحرك من نقطة البداية وهى التعليم حتى يصل الى النقطة الثانية وهى الثقافة. لكن لو تعلم وبقى فى مكانه ولم يطور نفسه بالأخلاق والمبادئ سيظل فى مكانه فى مرحلة البداية ليكون شخصا أنانيا انتهازيا «عايش لنفسه» لا يؤمن بالقانون. وفى رأيى أن تعليمنا هو أبعد ما يكون عن أن يصل بنا إلى نقطة الثقافة. نحن نعيش فى ثقافة عنيفة حيث أصبح العنف أساسيا فى حياة المصريين وقدم وساهم التعليم السيئ فى تدهور الثقافة والفنون والأعلام لذلك دائما ما أقول التعليم يأتى قبل الصحة وقبل لقمة الخبز وقبل الأمن القومي.


  • هل الحالة المتردية التى وصل لها التعليم الآن مقصودة؟

فى فترة الرئيس جمال عبد الناصر «وأنا بالمناسبة مش ناصري» لا أحد يستطيع ان ينكر النهضة العلمية التى حدثت أيامه ده تتباس ايده ورجله لأننا كنا نتعلم بجد لم يكن التعليم بجودة ما قبل ثورة 52 لكن كنا بنتعلم وكان ولى الأسرة تنتهى علاقته بالمدرسة والتعليم بدفع المصاريف أما جودة التعليم كانت مسئولية المدرسة لكن بعد فترة أصبح التعليم هو لهدف الأيدلوجى للنظام وربط عبد الناصر بين التعليم و المشروع الوطني وتطورت الامور وحدث تخطيط مركزي وكان هناك حماسه للتعليم كنت تراها ماثلة علي وجوه تلاميذ المدارس في تلك الفترة المهمة في عمر الوطن. كان التعليم في عهد عبد الناصر للجميع و لم تكن هناك نسبة تذكر للمدارس الخاصة خمسة او ستة مدارس ونفس الأمر للمعاهدالازهريه. جاءت فترة السادات فانتكست الأمور مع بداية السبعينيات واختلفت الظروف لعدم ايمان نظام السادات بمشروع ناصر القومى فسجن وأقال من أيد هذا الفكر وأهمل التعليم و بدأت الكثافات الطلابية في الظهور لتعتمد المدارس الحكومية علي نظام الفترات ومن هنا ظهرت المدارس الخاصه بمستوياتها المتعدده وانتشرت المعاهدالدينيه التابعه للأزهر وبطبيعة الحال علي معاهم تعتمد علي نظام تعليمي مؤدلج ومهتريء وفقاً لإحصاءات النجاح والرسوب في المعاهدالازهريه والكليات ايضاً، واتسعت أزمات التعليم في عهد مبارك عنعمد حتي تصبح الدولة وثقافتها مناسبة لعملية التوريث.

وأصبح الوزير يظل فى الوزارة لمدة تزيد على 13 سنة لكونه من الوزراء المرضى عنهم عندما يحصل الطالب على 100% وهو لا يجيد الكتابة هو آلة للحفظ تعرض للتخريب والعنصر الثانى أن 1% من الاثرياء يدخلون أولادهم مدارس دولية بحيث لا يشعرون بالكوارث التى تحدث فى المدارس الخاصة والمدارس الحكومية من دروس خصوصية وكتب خارجية وغيرها من المشاكل التى يعانى منها الغالبية العظمى من الشعب المصري . أستطيع أن أقول ان ما يحدث للتعليم فى مصر يسير وفق خطة ممنهجة.


  • كيف تنظر لتجارب الدول الأخري فى التعليم مثل التجربة اليابانية؟

أنا لا أعرف سوى التجربة الدنماركية للفنان عادل إمام!التجربة اليابانية والتجربة الأمريكية هى جزء لا يتجزأ من المجتمع الأمريكى والمجتمع اليابانى وهى حصيلة النمط الثقافى واقتصادى وسياسى كل هذا يخرج نظاما تعليميا يابانيا هذه التفاعلات أجبرت على التقدم فنحن لا نستطيع الاستعانة بالتجربة اليابانية منزوعة عن سياقها، والذى لا تعلمه الوزارة أنه ليس هناك شيء اسمه التجربة اليابانية في التعليم هناك نظام التعليم الياباني وهذا النظام هو حصيلة تفاعلات فلسفية وثقافية وسياسية واقتصادية واجتماعية. وأن هذا النظام لا يمكن نقله وإلا كانت الصومال نقلت نظام فنلندا وغينيا نقلت نظام كندا ويا دار ما دخلك شر.

‎ومن هنا فليس هناك أمامنا إلا أن ننهض بتعليمنا ونوفر له البنية الأساسية المناسبة وعندها يمكن أن نستفيد بكل التطبيقات المتقدمة فى العالم البوكليت وقضية التعليم.


  • ما تعليقك على تطبيق نظام البوكليت هذا العام؟

‎تطبيق هذا النظام هذا العام غير مهني وغير علمى وغير أخلاقى فكان من المفروض أن تعلن الوزارة عن تجريب هذا النظام لمدة عام ودراسته قبل إقراره بحيث يبدأ العام الجديد وذلك النوع من الامتحان ماثل فى تأليف الكتب المدرسية وفى التدريس وعند المعلمين والطلاب، ومن الواضح أن الوزارة ضربت بتطوير التعليم عرض الحائط واكتفت بمواجهة الغش.[1]


تصادمه مع وزير التعليم

كمال مغيث ووزير التعليم.jpg

هاجم "مغيث" خطى وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي، وانتقده بشده عبر رسالة ساخرة نشرها على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، كتب فيها: "لما الوزير يتكلم.. تقولوا آمين.. لما وزير التعليم يقول إن مصر انتقلت من مؤخرة تقارير جودة التعليم العالمية.. إلى مقدمتها يبقى مش لازم نسأل تقرير ايه ومنشور فين؟ وليه مش متاح للخبراء والناس ووسائل الإعلام.. علشان تراجع وتناقش وتحلل؟.. وإيه التغيرات في المؤشرات التي رفعتنا تلك الرفعة الهائلة؟ هل زاد الإنفاق الحكومي على التعليم.. هل زاد نصيب الطالب من الإنفاق على التعليم؟ هل ارتفعت مرتبات المعلمين؟.. هل قلت كثافات الفصول؟.. هل ارتفعت مهارات القراءة والكتابة والحساب..وغيرها من مؤشرات؟.. ولما الوزير يقول: بدل المدرسة أعملوا أبحاث.. يبقى مش لازم نسأل وهل تلاميذنا مدربين على التعامل مع الكمبيوتر.. ومدربين على عمل الأبحاث أصلا؟ .. وهل المعلمين مدربون على تقييمها؟ .. وما الحال لو عملها الأخ الكبير أو الاب أوالمدرس الخصوصي؟)".

وتابع مغيث: "وكيف نكتشف أن البحث مش منقول نقل مسطرة من مقال أو كتاب؟ .. وهل أولادنا يجيدون مهارات القراءة والكتابة أصلا؟ .. وما حال العدالة وتكافؤ الفرص بين التلاميذ وهو مبدأ وطنى انتزعناه؟ .. ولا دا بقى كلام المتخلفين من ناصريين واشتراكيين ولم يعد له مكان في جنة البنك الدولي؟؟.. ولما الوزير يقول التلاميذ يروحو المدرسة يومين في الأسبوع يبقى مش لازم نسأل: هل انتهت العلاقة بين وقت التمدرس والإنجاز التعليمي.. وهل كفت المدرسة عن دورها في التواصل الاجتماعي وتنمية المهارات البدنية والفنية ومهارات المواطنة والحياة وغيرها؟ .. وماذا يفعل المعلمين والتلاميذ في أربعة أيام في الأسبوع؟ .. وماهو تأثير بقاء الأولاد أربعة أيام في البيت على شكل الأسرة وحالتها؟ .. وهل لو التلاميذ مكثوا في المدرسة للخامسة هل نوفر لهم وجبة؟.. مختصر مفيد لما الوزير يتكلم... تقولوا آمين".

الانتقاد الحاد الذي وجهه الدكتور كمال مغيث، إلى وزير التربية والتعليم، قد يكون مقبولًا من باحث يعمل في مركز للبحوث التربوية، إذا كان مبني على دراسات قدمها "مغيث" إلى الجهات المعنية في الدولة، وأولها وزارة التربية والتعليم، أو إلى مجلس الوزراء، أو أي من الجهات الرسمية التي يعلمها هو جيدًا، وكذلك قد يكون مقبولًا إذا كان أرسلها بالفعل إلى الجهات الرسمية ولم يتم قبولها أو دفنت في الأدراج.

كما أنه لم يكن من اللائق بقامة بحثية مثل الدكتور كمال مغيث، أن يوجه انتقاده بطريقة ساخرة، التي لا تخرج من طالب صغير في صفوف الروضة، فهو رجل تربوي يدرك جيدا حجم درجته العلمية التي يحملها على صدره، وكان الأحرى بـ«مغيث»، مواجهة الدكتور طارق شوقي بكل الأسئلة المشروعة التي تجول في صدره كباحث محبًا لمهنته التربوية، أو كمتخصص في شؤون التعليم، بالشكل العلمي الذي يليق بمكانته وبمنصب وزير التربية والتعليم الذي كان يحلم به ليل نهار.

لم تكن لغة الخطاب التي يتعمدها الدكتور كمال مغيث، صائبة أو في محلها، فهو ليس معنيا من الناحية الوظيفية بمشكلات التعليم، إلا إذا كان يستعرض الرجل عضلاته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لجذب متابعين له وخلق حالة من «الدروشة» لصنع مريدين.

تدخل الأسئلة التي وجهها كمال مغيث، إلى وزير التربية والتعليم، إلى نطاق الكلام المشروع، غير أن لغة السخرية التي يتعمد الاعتماد عليها في الهجوم على طارق شوقي، تحمل بين سطورها معانٍ ومقاصد واضحة للجميع، كذلك فإن الأسئلة التي طرحها مغيث، عبر فيسبوك، لا يمكن لباحث بقدره أن يطرحها، إلا إذا كانت لديه حلول وإجابات شافية، لا يعلمها إلا هو ويخفيها على الجميع، وهي جريمة يعاقبه بها الله، فيمن أخفى علمًا على الناس، أو أنه على أقل تقدير يعرض بضاعته للبيع إن لم يكن يدس السم في العسل، ليثير الرأي العام في ظل الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت كل دول العالم على أثر تفشي فيروس كورونا المستجد، وتأثرت به كل النظم التعليمية القوية داخل أعتى دول العالم المتحضرة، أو أنه لا يدرك أن الدولة المصرية الحديثة، التي تبنى منذ 5 أعوام فقط، تتكلف مبالغ باهظة غير متوفرة وصعبة التوفير بل تصل إلى درجة «المستحيلة»، في ظل إرث عفن ورثه الرئيس عبدالفتاح السيسي، من الأنظمة السابقة والتي لعبت دورا خطيرا في القضاء على التعليم والمعلم والأجيال في مصر.

كانت المفاجئة، أن الرسالة الساخرة التي نشرها كمال مغيث وصلت إلى الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، الذي بعث برد أكثر من مهذب، وجاء نص رد الوزير على مغيث كالتالي: «إلى الأستاذ كمال مغيث والسادة الزملاء.. لقد اعتدتم النقد الحاد والمتواصل على كل ما نفعله، وأنا أقدر كل الآراء والأفكار، وأعلم أن تطوير التعليم عمل جماعي، وأن النهوض بالتعليم هو حلم كل مصري حريص على هذا الوطن».

وأضاف: أنا لم "أهبط" على الوزارة يا سيدي ولكنني شرفت بتكليف من السيد الرئيس للبناء على عمل كبير تم إنجازه في العامين السابقين، متمثلًا في مشروع طموح يسمى "المعلمون أولًا" تم من خلاله تطوير أداء 10 آلاف معلم مصري، ومشروع عملاق آخر يسمى "بنك المعرفة المصري".

وقال: أنا لا أتكلم عن أحلام أو "هري" كما اتهمت باطلًا، وإنما عن نتائج بذلنا فيها الوقت والجهد وموجودة على الأرض للمتابعة والتقييم.

وتابع: لقد عملت أكثر من 13 سنة حول العالم في مشروعات إقليمية وعالمية في منظمة اليونسكو في تطوير التعليم في أكثر من 30 بلدًا، وتعلم حضرتك جيدًا أنني حريص على التواصل والتشاور منذ تسلمي لهذه المهمة، وأعرض الأفكار على الجميع واستمع لكل الآراء، وأني لا أرى أي داعٍ لإرسال اتهامات بدون أن نتبادل الحوار وبدون معلومات حقيقية.

واستكمل قائلا: أنا شرحت بالتفصيل "فلسفة ما نفعل"، وكان واضحًا وضوح الشمس أن المستهدف هو "العودة إلى التعليم" بدلًا من هذا العبث المسمى تعليمًا، وهو ليس إلا صراع محموم على مجموع بلا تعليم، وقبول بجامعة في تخصصات غير مناسبة للدولة أو لسوق العمل، وهذا لا يمكن الجدال حوله، فلقد قلت إن المستهدف هو القضاء على الدروس والغش وليس استبدال الثانوية بثلاث سنوات من الدروس، ولا أدري لماذا تصر على ترديد مثل هذه الادعاءات؟، فأنا يا سيدي لست صغيرًا أو هاويًا كي أتكلم بلا خطة وبلا أدوات، ومن اللائق أن تسألني في هذا بدلًا من افتراض أننا لا نعلم ماذا نفعل.

وردا على اتهام الوزير بأن كل ما طرحه من خطط لتطوير الثانوية العامة ما هو إلا "هري" ، فجاء رد طارق شوقي، قائلًا: إن هذا ما هو إلا تعدي لا أفهمه ولا أقبله ولا حجة عليه، فالمشروع متكامل والخطة واضحة وفريق العمل مكتمل، والخطط تعرض على مجلس الوزراء والسيد الرئيس ومجلس النواب وليس على صفحات الجرائد.

كما وجه الوزير لكمال مغيث، عدة أسئلة قائلًا: ألا تعتقد أن السيد الرئيس يحاسبنا على ما نقول أو نعمل؟، ألا تعتقد أنني حريص على سمعتي العلمية والأكاديمية؟، ألا تعتقد أنني حريص على تطوير التعليم؟.

وأخيرًا قال الوزير لكمال مغيث: كنت أتمنى لغه أكثر إيجابية للحوار خصوصًا من باحث تربوي يعمل في وزارة التربية والتعليم، ويؤسفني جدًا أن يشار إلى شخصي بكلمات أن ما أبذل فيه كل هذا الجهد ما هو إلا "تصريحات صحفية لزوم الهري"، وأتمنى أن يكون الحوار في المستقبل أكثر لياقة واحترامًا لكل من يحاول جاهدًا ويعمل بلا كلل ويستقبل كل هذا النقد، فأنا احترم النقد الهادف بعد تقصي الحقيقة ولا أقبل التعدي بالقول أو السخرية مما نعمل عليه، مع خالص الاحترام والتقدير.[2]

مرئيات

د.كمال مغيث: التعليم الحديث لا يوجد فيه رسوب وكل ولادنا ناجحين.


كمال مغيث يكشف مشاكل التعليم عن البعد والتابلت فى مصر.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر

  1. ^ "الدكتور «كمال مغيث» الخبير بالمركز القومى للبحوث التربوية لـ«الأهرام»: التعليم والثقافة أهم من الخبز والصحة والأمن القومى".
  2. ^ "كمال مغيث صمت دهرا ونطق كفرًا.. ووزير التعليم يرد بـ«الأدب»: لا أتكلم عن أحلام أو «هري»".