سويرس بن المقفع

(تم التحويل من ساويرس بن المقفع)

إذا كنت تريد عبد الله بن المقفع، صاحب كليلة ودمنة، اضغط هنا.

سويرس بن المقفع (ت. 987) قس قبطي مصري، وكاتب ومؤرخ.

كان سويرس بن المقفع أسقف الأشمونين (هرموبوليس) بالصعيد.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أعماله

تقول المؤرخة إيريس حبيب المصري عن تاريخ بطاركة الكنيسة المصرية لساويريس بن المقفع أسقف الأشمونيين : " الظاهرة الغريبة أن الأسقف الأشمونى عاش في القرن العاشر ولكنه سيطر على الفكر القبطى بكتابة البطاركة.. إلى حد أن تاريخ الباباوات الذين عاشوا بعده بقرون يرجعونه إليه !! [2][3]

  • الدر الثمين في ايضاح الدين [4]


حياته

ساويرس أبن المقفع مؤلف تاريخ بطاركة كنيسة الإسكندرية القبطية [2] كل ما نعلمه عن حياة ساويرس المعروف باسم "أبى البشر بن المقفع الكاتب" أو "أبى البشر جا – رود الكاتب المصري" ينحصر في ثلاثة تواريخ: 1- نوفمبر 950م، وهو تاريخ تأليفه لكتاب "تفسير الأمانة"، الذي استكمل به كتابه السابق لهذا التاريخ وهو كتاب "المجامع"، وهو رد على كتاب "نظم الجوهر" لسعيد بن بطريق البطريرك الملكانى المقرب للفاطميين. 2- سبتمبر 955م، تاريخ إعادة تفسير كتابه السابق. 3- سنة 987م، مساهمته في تحرير الرسالة المجمعية إلى بطرك السريان. هذه هي التواريخ الأكيدة، وكل ما يضاف بعد ذلك هو اجتهادات تحاول الاقتراب من الحقيقة.


ولد ساويرس حوالي عام 915م من والد لقب بالمقفع، وقد درج بعض الكتاب على استعارة معنى "المقفع" الذي عرف به عبد الله بن المقفع الكاتب الشهير الذي عاش في القرن الثامن الميلادى، والذي نقل كتاب "كليلة ودمنة" من "البهلوية" إلى "العربية" والذي اتهم باختلاس مال الخراج، فعوقب بالضرب على يديه حتى تفقعت" أى تشنجت، كما ذكر البعض في تفسير "المقفع" إنها تعنى "منكس الرأس أبدا". وحقيقة تفسير معنى "المقفع" ترجع غالبا إلى الكلمة المصرية "قفة" التي حرفت إلى "قفعة".. ولكنها ما زالت تنطق حتى اليوم في لفظها الأول "قفة" وهى تطلق على وعاء من الخوص أو حبال ليف النخيل، يصنعه عادة الفلاحون في الريف المصري، وكذلك الرهبان والمتصوفة، ولعل والد ساورى كان يمتهن هذه المهنة فاشتهر بالمقفع، أى صانع "القفع". أما السين المضافة إلى ساورى فهى من اللواحق المقدونية. تربى ساورى تربية علمية تليق بمثقف ذلك الوقت "القرن العاشر الميلادى" فجمع بين العلوم الدينية، والعلوم الدنيوية، فعرف الفلسفة التي كانت مزدهرة في الإسكندرية، وعلوم الكلام التي قرأها في مصادرها، وأتقن اللسان العربى الوافد وعمل في الوظائف الإدارية والدواوين. ولايخفى على القارى أن من أهم شروط وظيفة الكاتب في الدواوين حينذاك أن يكون متضلعاً في اللسان العربى الوافد، قادراً على تطويعه وتطويره لمقتضيات العصر، ومن هنا نكتشف مدى الجهد الشاق الواعى الذي بذله ساويرس لينقل إلى اللسان الوافد منجزات اللغة المصرية التي كانت أكثر تطوراً في صوتياتها وقواعدها وكتابتها، ومحتوى الفاظها الحضارية والدينية والأدبية. فكان ساويرس هكذا واضعاً لأول قاموس للترجمة من اللسان العربى إلى اللغة المصرية [ لم يعثر بالطبع على هذا القاموس، ولكن من المؤكد أنه كان عند ساويرس ليستعين به على ترجماته ].

ثم أخذ يتدرج في الوظائف، أيام حكم الأسرة الإخشيدية حتى أصبح كاتبا ماهرا، وكانت رتبة الكاتب آنذاك رتبة مهمة في الجهاز الإدارى للحكام الوافدين، وقد عرف في هذا الوقت بكنيته "أبى البشر ساورى ابن المقفع"، والشاهد على ذلك عنوان رسالته إلى الوزير القبطى أبى اليمن قزمان بن مينا، الذي كان يتولى الوزارة على ايام أبى المسك كافور الإخشيدى (966-968م) ونال ثقة الملك المعز لدين الله (972-975)، فقد جاء في عنوان الرسالة "نبتدى بعون الله وتأييده نكتب رسالة أنبا ساويرى أسقف الأشمونيين المعروف قبل رهبنته بأبى البشر ابن المقفع الكاتب، إلى أبى اليمن قزمان بن مينا، عامل مصر (أيده الله!) فيما سأله من الكتاب إليه بمذاهب النصارى، على طريق الاختصار والإيجاز".

و لقد كان ساويرس يتمتع [كما هي عادة المصريين ] بروح فكاهية عالية تنبع من حدة ذهنه وحضور بداهيته، يتضح ذلك من القصة التي ذكرها مؤلف المجلد الثاني، ج. 2 ،ص 933طبعة جمعية الدراسات القبطية، وهى : " أتفق أنه [ أى ساويرس ] كان جالس عند قاضى القضاه إذ عبر عليهم كلب، وكان يوم الجمعه، وكان هناك جماعه من الشهود، فقال له قاضى القضاه : ماذا تقول يا ساويرس في هذا الكلب، هو نصرانى أو مسلم ؟. فقال له : إسأله فهو يجيبك عن نفسه. فقال له القاضى : هل الكلب يتكلم ؟ إنما نريدك أنت تقول لنا. قال : نعم يجب أن نجرب [ نختبر] هذا الكلب، وذلك أن اليوم يوم جمعه والنصارى يصوموه ولا يأكلوا فيه لحم، فإذا فطروا عشيه يشربوا النبيذ والمسلمين ما يصوموه ولا يشربوا فيه النبيذ، ويأكلوا فيه اللحم، فحطوا قدامه لحم ونبيذ فإن أكل اللحم فهو مسلم، وإن لم يأكله وشرب النبيذ فهو نصرانى. فلما سمعوا كلامه تعجبوا من حكمته وقوة جوابه وتركوه ].

ترهبه واختياره أسقفا

بعد أن ترقى أبو البشر إلى أعلى المناصب الرسمية تخلى عن وظيفته ليترهبن في أحد الأديرة، ولا ندرى أين ترهب، ولا متى، كما أننا نجهل السبب الذي جعله يترك العالم، إلى حياة الرهبنة، إلا أن هذا دليل قاطع عن تقواه، وورعه وخبرته بأمور السلطة التي خدمها وعرف عنها الغدر السريع، والانتقام لأتفه الأسباب. وفى ظل رهبنته أتقن ساويرس (ساورى) علوم الكتاب المقدس، وألف فيها باللغة العربية العديد من الكتب منها كتاب "الدر الثمين في إيضاح الاعتقاد في الدين" الذي ينقسم إلى 15 بابا، يذكر فيه ساويرس 1161 (ألف ومائة وواحد وستون) نصا كتابيا (هذا بصرف النظر عن التلميحات إلى نصوص من الكتاب المقدس)، منها 307 مرجع إلى العهد القديم، و 854 إلى العهد الجديد، وترجمها جميعها بجهده الذاتى من اللغة القبطية إلى العربية، دون أن يسبقه إلى ذلك أحد، حتى ذُكر عنه "أنه لم يوجد في عصره من يضاهيه في معرفة الكتاب المقدس".

كذلك معرفته لآباء الكنيسة تفوق مستوى معاصريه، ففى نفس كتاب "الدر الثمين" المذكور، قد أحصى الناشر الألمانى لهذا الكتاب 191 مرجعا لآباء الكنيسة، سوى نصوص أخرى لم يعتبرها من التراث الآبائى.

علاقته بالملك المعز

كانت علاقة المعز بالبطرك إبرام (افراهام) علاقة طيبة، حتى حسده الوزير اليهودى "يعقوب بن كلس" ولما كان ساويرس من أصدقاء إبرام البطرك، وأكبر علماء الكنيسة في ذات الوقت، كان كثيرا ما يتردد على ديوان الملك وكان المعز يدعوه للمناظرة مع أئمة المسلمين واليهود في حضوره "ودفعات كثيرة جادل قضاة من شيوخ المسلمين بأمر الملك المعز".

تاريخ البطاركة

من بين المصادر التي يعتمد عليها الباحثون في تاريخ مصر تحت الحكم الإسلامي في العصور الوسطى، كتب أرخها كتاب مسيحيون من مصر وغيرها من البلدان، مثل سعيد أبن بطريق، البطرك الملكانى بمصر والمعروف باسم " أوتيخا " صاحب كتاب " التاريخ المجموع على التحقيق والتصديق " [ توفى سنة 940م ]، ويحيى أبن سعيد الأنطاكى [ توفى سنة 1066م ] صاحب كتاب " التاريخ " أو " صلة كتاب سعيد أبن بطريق "، وأبن مماتى [ توفى سنة 1209م ] صاحب كتاب " قوانين الدواوين ". وأبن العبرى " أبو الفرج أبن هارون الملطى، توفى سنة 1286م " صاحب كتاب " تاريخ مختصر الدول " وأبن العميد المعروف بالمكين، توفى سنة 1292م " صاحب كتاب " تاريخ المسلمين ".

أما صاحبنا ساويرس فقلما يعرفه العلماء والطلاب الباحثون في تاريخنا الوسيط، ولعل ذلك يرجع إلى أن ساويرس عنون مؤلفه باسم " تاريخ البطاركة " فظنه الباحثون أنه لايهتم بتاريخ مصرو هذا غير صحيح.

مصادر مخطوط تاريخ البطاركة

ساويرس معلوماته وأخباره مما وجده في الأديرة المختلفة مثل دير القديس أبى مقار [بوادى النطرون] ودير نهيا بالجيزة، لم يعد موجود الآن وأديرة وادى هبيب (وادى النطرون) وغيرها من الديارات، ومما وجده في أيدى النصارى، ويذكر ساويرس أنه أضاف إلى معلومات الأوائل ما عرفه هو من سير ممن شاهدهم من الآباء ويذكر ساويرس أنه لاقى مشقة كبيرة في ترجمة الوثائق القبطية واليونانية. وأنه استعان ببعض القبط ممن كان لهم دراية باللسان القبطى أو اليونانى. منهم الشماس ميخائيل ابن بدير والواضح بولس بن رجاء، وقد ورد خبر الأخير في سيرة أنبا فيلوثاوس البطرك (63). وقد أتم كتاب "تاريخ البطاركة" من أتى بعد ساويرس من الكتاب والأساقفة، ولكن الكتاب ينسب إليه، ولعل ذلك يرجع إلى أن ساويرس كان أول من تكبد جمع سير البطاركة وترجمتها من اليونانية والقبطية ورصد الوقائع التاريخية المعاصرة لهم.

والمخطوط يستكمل مسيرة التاريخ المصري منذ الحكم الأيوبى والمملوكى والعثمانى حتى الحملة الفرنسية وعصر محمد على ويختتم هذا كله بحياة كيرلس الخامس، البطرك رقم 112 الذي عاصر إسماعيل باشا والخديوى توفيق والخديوى عباس حلمى الثاني، أي حتى عام 1895، وكان أحد أعضاء مجلس شورى النواب، كما عاصر الثورة العرابية والاحتلال البريطانى.

و يبدوا من التراجم التي صنفها وجمعها ساويرس للبطاركة أنها كانت بمثابة تقويم أو روزنامه للكنيسة المصرية، وأنها كانت تعتمد على المشاهدات والأتصال بأبطال الحوادث أو كتابة الأخبار المتواترة حينذاك، فهى أشبه شىْ بالمذكرات أو اليوميات، ولا نتبين من كتابتها الرجوع إلى مؤلفات سابقة أو معاصرة، اللهم إلا في النادر، فنرى ساويرس يستشهد أحياناً بسعيد أبن بطريق لتأكيد صحة بعض ما يكتبه من أخبار.

و في الغالب أن هذا المؤلف الروزنامة كان بطلب الحكام المسلمين من أجل معرفتهم بتاريخ الشعب المصري ومذاهبه الدينية. وهكذا فهذا الكتاب يختلف في هدفه عن الكتب التاريخية العامة أو الخاصة، ومع ذلك فهو يشترك معها جميعها في أن الدين كان يمتزج بالتاريخ امتزاجاً شديداً، وهذه ظاهرة نلمسها في تاريخ أوروبا في العصور الوسطى كما نلمسها في التاريخ الإسلامي. ومن هنا نرى أن ساويرس وإن كان قد أرّخ للبطاركة وللكنيسة المصرية القبطية في ظل الحكم الإسلامي، غير أنه أشترك مع المؤرخين المسلمين ومؤرخى العصور الوسطى الأوربية في أنه مزج بين الدين والتاريخ.

تحميل الكتاب

وصلات خارجية

مصادر

  1. ^ http://www.weghatnazar.com/publication/publication_details.asp?id=1655&issue_id=64
  2. ^ أ ب http://www.coptichistory.org/new_page_941.htm
  3. ^ راجع أيريس حبيب المصري - قصة الكنيسة القبطية - طبعة 1998 - مكتبة كنيسة مار جرجس بأسبورتنج - أسكندرية - الكتاب الرابع حاشية اسفل صفحة 114
  4. ^ http://www.copts-mashaheer.com/nb17/p10/p10.htm