قياس الألوان

قياس الألوان Colorimetry، في العلوم والتكنولوجيا هو علم يستخدم لقياس ووصف الإحساس اللوني البشري فيزيائيا"[1]. وهو مشابه لقياس الضوء الطيفي، ولكنه يتميز باختزال الطيف إلى متغيرات فيزيائية للإحساس اللوني، والتي تكون غالبا هي قيم الحفز الثلاثي XYZ في الفضاء اللوني سي آي إي 1931[2].

عين الإنسان جهاز عالي الحساسية قادر على إدراك وتحسس عدد كبير من الألوان ولكنها لا تقيسها، إذ يتطلب قياس الألوان التعبير عنها إما بأرقام مطلقة أو نسبية بمقارنتها مع مراقب مرجعي، وهو شخص افتراضي يفترض أنه يمثل وسطي الأشخاص الطبيعيين في ظروف معرّفة جيداً.

يستخدم علماء الطبيعة كلمة لون ويقصدون بها ظاهرة فيزيائية ناتجة من تحليل الضوء الأبيض، ويستخدمها الفنانون التشكيليون والمشتغلون بالصباغة وعمال المطابع ويقصدون بها المواد الصباغية التي يستعملونها لإنتاج التلوين. أما اللون بحد ذاته فهو ذلك التأثير الفيزيولوجي الخاص بعمل الدماغ الناتج من سقوط الضوء على شبكية العين، سواء كان ناتجاً من المادة الصباغية الملونة أم من الضوء الملون.

فاللون إذاً هو إحساس يظهر من خلال علاقات إنسانية نفسية أو فيسيولوجية، بينما قياس الألوان هو علم فيزيائي دقيق يدرس التكافؤ بين المكونات المتعددة للضوء التي تعطي الإحساس اللوني نفسه. كما يدرس الألوان ويصنفها ويحدد حدودها وتباينها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مواصفات الألوان

يُعَرَّف اللون بثلاثة مقادير فيزيائية تعد أساس علم قياس الألوان:

النصوع luminance: وهو يعبر عن الشدة مقيسة بالواحدات الضوئية، فيقال عن منبع إنه قوي أو ضعيف، أي إن إضاءته قوية أو ضعيفة. أما من أجل جسم ما فهي تعبر عن مدى عتامة أو إضاءة اللون، فنقول عنه إنه غامق أو فاتح.

2ـ كنه اللون: وهو ما يميز اللون من غيره، ويوصف بطول موجة الضوء المهيمن للون المدروس. وهذه الصفة تُعْرَف باللغة الدارجة تحت اسم اللون، كأن يُقال هذا اللون هو بنفسجي أو أزرق أو أخضر أو أحمر أو أصفر أو أزرق مخضر أو أحمر برتقالي. تشير هذه الأسماء في الواقع إلى المادة الملونة أو الصبغة التي تحدد هذا اللون.

3ـ عامل النقاوة: ويعبر عن مدى قرب أو ابتعاد اللون عن اللون النقي.

وتستخدم كلمة نقي أو مشبع أو مخلوط بالأبيض أو مبيض. ويعبر عن طول الموجة المسيطِر في اللون مع عامل النقاوة مجتمعين بالصبغة اللونية.

يمكن التعبير عن عامل النصوع وعامل النقاوة للون جسم ما باستخدام صيغة واحدة، كما يأتي:

1ـ إذا كان لون الجسم فاتحاً أو مشبعاً يقال إنه حي.

2ـ إذا كان لون الجسم فاتحاً ومبيضاً يقال إنه شاحب.

3ـ إذا كان لون الجسم غامقاً ومشبعاً يقال إنه لون عميق.

4ـ إذا كان لون الجسم غامقاً ومبيضاً يقال إنه مخلوط أو ممزوج.


إدراك الألوان

تحليل الضوء الأبيض.

أثبت العالم الإنليزي نيوتن أن الضوء الأبيض يمكن تحليله إلى ألوانه الأصلية باستخدام موشور زجاجي، وأن إدراك أي لون يكون بوساطة الضوء الساقط عليه ثم المنعكس إلى العين. وسطوح الأجسام عموماً تحلل الضوء (الطبيعي أو الصناعي) الساقط عليها. فكل سطح يمتص بعض الإشعاعات ويعكس إشعاعات أخرى في جميع الاتجاهات، ولون الإشعاعات التي انعكست من هذا السطح تمثل لونه، فمثلاً يُرى سطح أحمر اللون كذلك لأنه امتص كل الإشعاعات ما عدا الإشعاعات الحمراء التي عكسها.

على هذا الأساس يقال عن سطح ما إنه أبيض، إذا كان يعكس كل الإشعاعات التي تسقط عليه، كما يقال عن سطح إنه أسود إذا كان يمتص تماماً كل الإشعاعات التي تسقط عليه أما السطوح الرمادية فهي التي تعكس جزءاً من الإشعاعات الملونة وتمتص نسباً منها، والسطوح التي ليست كاملة البياض أو كاملة السواد أو رمادية يقال عنها ملونة.[3]

إنتاج الألوان

طريقة المزج بالجمع.

تنتج الألوان المختلفة بعمليتي تركيب مختلفتين، إما بالجمع أو بالطرح.

1ـ عملية التركيب بالجمع: بالاستعانة بثلاثة منابع للضوء أمام كل منها مرشح، الأول أحمر والثاني أخضر والثالث أزرق داكن، وبتركيب كل اثنين من هذه المصادر الضوئية الملونة الثلاثة يُحصل على ما يأتي:

ـ بتركيب الضوءين الأحمر والأخضر ينتج اللون الأصفر.

ـ بتركيب الضوءين الأخضر والأزرق ينتج اللون الأخضر المائل للزرقة (السياني).

ـ بتركيب الضوءين الأزرق والأحمر ينتج اللون البنفسجي المحمر (القرمزي ـ الماجينتا).

وبتركيب الأضواء الثلاثة الأحمر والأخضر والأزرق ينتج اللون الأبيض. وهذا هو التركيب بالإضافة أو الجمع، وهو المستعمل في إنتاج ألوان التلفزيون والسينما والتصوير الضوئي.

2ـ عملية التركيب بالطرح: وتتم بوضع مرشحات ملونة بالألوان الآتية: الأصفر، والقرمزي (الماجينتا)، والأخضر المزرق (السياني)، بالتتابع أمام منبع واحد للضوء ويُحصل من خلالها على:

ـ اللون البرتقالي بتركيب المرشحين القرمزي والأصفر.

ـ اللون البنفسجي بتركيب المرشحين الأزرق والقرمزي.

ـ اللون الأخضر بتركيب المرشحين الأصفر والأزرق.

وبتركيب المرشحات الثلاثة كلها يحذف كامل الضوء أي السواد. ومزج المواد الملونة هو عملية تركيب بالطرح، فالضوء يتعرض لعملية طرح بامتصاص المادة الملونة لبعض إشعاعات طيفية منه. لذا فالإحساس باللون الناتج من مزج مادتين ملونتين هو باقي عمليتي طرح مختلفتين للضوء الذي يضيئهما.وما يتبقى هي الإشعاعات التي لم تمتص من كلا اللونين وانعكست إلى العين، وهي بذلك مشابهة لنتيجة تركيب المرشحات الملونة السابقة بالتتابع أمام المنبع الواحد للضوء.

أجهزة قياس الضوء

تمثيل الألوان في المستوي.

في علم قياس اللون تُستخدم أجهزة عديدة لقياس الصفات الثلاث المميزة للألوان، فهناك نمط من أجهزة قياس اللون وظيفته قياس اللون بالمقارنة مع لون مرجعي. وهناك أجهزة قياس ضوئية تعطي مقدار الضوء المنعكس أو المنتشر عن الجسم، وهناك أيضاً أجهزة قياس المحتوى اللوني وتقوم بتحليل الضوء الملون إلى عصابات ضيقة.

وهناك أيضاً أجهزة التحليل الطيفي التي تساعد على تحليل الإشعاع المنعكس أو النافذ بطريقة المقارنة. وأخيراً تتوافر أجهزة قياس الطاقة الضوئية اللونية التي تسمح بقياس كامل الصفات الفيزيائية للون المدروس.

منحنيي انعكاس طيفي. تعكس العينة المقاسة الضوء الأطوال الموجية الأقصر في حين تمتص الأطوال الموجية الأخرى وهذا يعطيها لونا أزرقا

مقياس قيم الحفز الثلاثي

مقياس الألوان في التصوير الرقمي (Digital imaging) هي أجهزة لقياس قيم الحفز الثلاثي تستخدم لمعايرة الألوان. وبروفيلات الألوان تضمن الانسجام أثناء عملية التصوير بدءًا من تلقي الصورة وحتى إخراجها (طباعتها أو إظهارها باستخدام وسائل الإظهار المختلفة).

مقياس الإشعاعية الطيفية، والمضواء الطيفي، ومقياس اللون

يمكن قياس توزع القدرة الطيفية المطلق للمنبع الضوئي باستخدام مقياس الإشعاعية الطيفية، والذي يعمل بجمع الضوء وتمريره عبر موحد اللون (Monochromator) قبل قراءته في حزم ضيقة من الطول الموجي.

يمكن قياس اللون المنعكس باستخدام المضواء الطيفي حيث يأخذ القياسات في المنطقة المرئية من الطيف (ويمكن تجاوزه قليلا) لعينة ملونة. وإذا أخذت القراءات حسب ما هو متعارف عليه كل 10 نانومتر، فإن مجال الطيف المرئي بين 400-700 نانومتر سيعطي 31 قراءة. تستخدم هذه القراءات لرسم منحني الانعكاس الطيفي للعينة (كم تعكس العينة الضوء المرئي كتابع لطول الموجة)، وهي أكثر المعطيات الدقيقة التي يمكن إيجادها عن خواص العينة.

تعتبر القراءات غير نافعة بذاتها، وإنما بقيم الحفز الثلاثي التي يمكن تحويلها إلى إحداثيات لونية وتعالج في تحويلات الفضاء اللوني. ويستخدم مقياس اللون لهذا الغرض. فمقياس اللون هو ببساطة مضواء طيفي يمكنه أن يقيس قيم الحفز الثلاثي باستخدام التكامل العددي (من الجداء الداخلي لتوابع المضاهاة اللونية مع توزيع القدرة الطيفية للمضياء)[6].

إحدى مزايا مقياس اللون على مقياس قيم الحفز الثلاثي هي عدم وجود مرشحات بصرية تتباين بحسب المصنع، وهو ذو محني نفاذية طيفية ثابت مع تقدم عمر المقياس[7]. ومن جهة أخرى، فإن مقياس قيم الحفز الثلاثي ذو عمل خاص، وأرخص، وأسهل في الاستخدام[8].

تنصح هيئة الإضاءة الدولية باستخدام القراءات بقفزات تحت 5 نانومتر، حتى مع الطيف الناعم[5].

مقياس درجة الحرارة اللونية

الخطوط العمودية على المنحني هي خطوط درجات الحرارة اللونية المترابطة المتساوية

يستخدم المصورون ومصوري الأفلام المعلومات التي تقدمها هذه المقاييس لكي يحددوا أي التصحيحيات اللونية يجب استخدامها لجعل المنابع الضوئية المختلفة بدرجة حرارة لونية متساوية. إذا أدخل المستخدم درجة الحرارة اللونية المرجعية، فيمكن للمقياس حساب الفرق في المايرد (mired) بين القياس والقيمة المرجعية، مما يمكن المستخدم من اختيار الهلام اللوني (color gel) أو مرشح التصوير الضوئي (photographic filter) بأقرب عامل مايرد[9].


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مثلث الألوان

حسب قوانين نظرية الألوان الثلاثية، فإن ثلاثة ألوان أساسية تسمح عند مزجها بنسب معينة الحصول على الألوان كافة. ويحدث الأمر نفسه في علم قياس الألوان، حيث تحدد الألوان التي تؤثر مباشرة في العين؛ لأنها هي التي يمكن قياسها فعلياً. وتوجد ثلاث قواعد للقيام بذلك:

1ـ نصوع مزيج لوني يساوي مجموع نصوع الألوان المركبة له. (قانون الجمع).

2ـ إذا أعطت منطقتان مضاءتان الانطباع اللوني نفسه، فيبقى الانطباع نفسه حتى لو ضُرب نصوع كل منها بعامل الضرب نفسه. (قانون التناسب).

3ـ إذا وضع مزيجان لونيان مضيئان أحدهما إلى جانب الآخر وأعطيا الأثر اللوني نفسه فيكون سلوكهما نفسه في آلية مزج.

يحوي أي نظام لقياس الألوان ثلاثة معطيات، لا يمثل إلا بنظام بثلاثة مركبات في الفراغ. لسهولة الدراسة، من الأنسب العمل في المستوي، ولذلك تستخدم المثلثات اللونية الكلاسيكية.

أول نظام من هذا النوع هو نظام RGB المعرف منذ عام 1931، وهو يستخدم ثلاثة ألوان أساسية: الأحمر R والأخضر G والأزرق B. ويعتمد على نظرية أساسية: إن مزج المكونات الثلاثة يكافئ صباغياً لوناً أبيض مرجعياً، والذي أصبح منبع الطاقة المتساوية، وهذا يرجع إلى التمثيل على شكل مستوي. ولهذا النظام بعض المساوئ، ولذلك تم الوصول إلى نظام xyz حيث يكون بتغيير الإحداثيات:

ألوان بيضاء معيارية A.B.C مع المركز النظري للأبيض.

كل الأضواء الملونة تتوضع في الشكل بإحداثيات ثلاثية لونية موجبة.

طيف الطاقة المتساوية أي الأبيض النظري يقع في مركز المثلث.

الوحدات الجديدة المنسوبة إلى x و z هي صفر وy تعبر عن الإضاءة.

الجانب الممثل للأزرق هو مماس إلى الخط y ونقطته السفلى تقع في حدود اللون فوق البنفسجي على الخط x.

أصبح هذا الاتفاق ذا استخدام واسع في عالم قياس الألوان.

على هذا المثلث من الممكن وضع المركز w الذي يمثل الأبيض النظري أو إلى جانبه ألوان تخيلية أخرى بيضاء تعد كمرجع عملي.

تقع أطوال الموجة التي تعرّف لوناً ما على محيط المثلث، ابتداءً من الأسفل عند الدرجة 400 كلفن للوصول إلى الذروة عند الدرجة 520كلفن، ونزولاً إلى نهاية الأحمر عند الدرجة 700كلفن. أما الخط الواصل بين النقاط السفلية فهو الخط الأرجواني.

وهكذا، فإن علم قياس الألوان يشكل لغة لونية محددة ووسيلة قياس فيزيائية دقيقة. و يقدم تفسيرات جيدة لنظام رؤية العين الذي قد يعطي نتائج خاطئة أحياناً.

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ Ohno, Yoshi (2000-10-16). "CIE Fundamentals for Color Measurements" (PDF) in IS&T NIP16 Intl. Conf. on Digital Printing Technologies. Proc.: 540–545. Retrieved on 2009-06-18. 
  2. ^ Gaurav Sharma (2002). Digital color imaging handbook. CRC Press. p. 15–17. ISBN 9780849309007.
  3. ^ سليم نوح. "قياس الألوان". الموسوعة العربية. Retrieved 2012-03-28.
  4. ^ أ ب ICC White Paper #5
  5. ^ أ ب ت Lee, Hsien-Che (2005). "15.1: Spectral Measurements". Introduction to Color Imaging Science. Cambridge University Press. p. 369–374. ISBN 052184388X. The process recommended by the CIE for computing the tristimulus values is to use 1 nm interval or 5 nm interval if the spectral function is smooth {{cite book}}: External link in |chapterurl= (help); Unknown parameter |chapterurl= ignored (|chapter-url= suggested) (help)
  6. ^ أ ب Schanda, János (2007). "Tristimulus Color Measurement of Self-Luminous Sources". Colorimetry: Understanding the CIE System. Wiley Interscience. doi:10.1002/9780470175637.ch6. ISBN 978-0-470-04904-4.
  7. ^ Andreas Brant, GretagMacbeth Corporate Support (2005-01-07). "Colorimeter vs. Spectro". Colorsync-users Digest. Retrieved 2008-05-06.
  8. ^ Raymond Cheydleur, X-Rite (2005-01-08). "Colorimeter vs. Spectro". Colorsync-users Digest. Retrieved 2008-05-06.
  9. ^ Salvaggio, Carl (2007). Michael R. Peres (ed.). The Focal Encyclopedia of Photography: Digital Imaging, Theory and Application (4E ed.). Focal Press. p. 741. ISBN 0240807405.

قراءات إضافية

وصلات خارجية

  • Konica Minolta Sensing - Precise Color Communication A brief yet informative introduction to color theory and color measurement, with the emphasis on communicating color information numerically to avoid subjective interpretations.
  • Hunter LAB - A guide to color and appearance A comprehensive guide to measuring color and appearance of objects. The section provides information on numerical scales and indices that are used throughout the world to remove subjective measurements and assumptions. TS