فارس الخوري

فارس الخوري
Faris al-Khoury.jpg
رئيس وزراء سوريا
ووزير المعارف والداخلية
في المنصب
14 اكتوبر 1944 – 1 اكتوبر 1945
الرئيس شكري القوتلي
سبقه سعد الله الجابري
خلفه سعد الله الجابري
في المنصب
3 نوفمبر 1954 – 13 فبراير 1955
الرئيس هاشم الأتاسي
سبقه سعيد الغزي
خلفه صبري العسلي
رئيس مجلس الشعب السوري
في المنصب
نوفمبر 21, 1938 – 8 يوليو 1939
سبقه هاشم الأتاسي
خلفه فارس الخوري
في المنصب
17 أغسطس 1943 – 17 اكتوبر 1944
سبقه فارس الخوري
خلفه سعد الله الجابري
في المنصب
16 سبتمبر 1945 – 22 اكتوبر 1946
سبقه سعد الله الجابري
خلفه فارس الخوري
في المنصب
27 سبتمبر 1947 – 31 مارس 1949
سبقه فارس الخوري
خلفه رشدي كخيا
أول مندوب دائم لسوريا في الأمم المتحدة
في المنصب
1946–1948
سبقه منصب مستحدث
خلفه فريد زين الدين
وزير المعارف
في المنصب
1925–1926
الحاكم العام Flag of France.svg الجنرال ويگان
رئيس الوزراء Flag of Syria French mandate.svg الداماد أحمد نامي بك
وزير المالية
في المنصب
1 تشرين الأول 1918 – 31 آب 1920
العاهل Arab Revolt flag.svg الشريف حسين
الحاكم العام Flag of the United Kingdom.png الجنرال اللنبي
رئيس الوزراء رضا باشا الركابي
هاشم الأتاسي
علاء الدين الدروبي
عضو the مجلس مبعوثان العثماني Parliament
عن دمشق
في المنصب
1914–1916
الحاكم Flag of the Ottoman Empire.svg جمال باشا
تفاصيل شخصية
وُلِد 1877
حاصبيا، سوريا العثمانية
توفي 1962 (عن عمر 85)
دمشق، سوريا
الحزب حزب الشعب (1924-1925)
الكتلة الوطنية (1928-1946)
الأقارب حفيدته كوليت خوري
الدين مسيحي

فارس الخوري (20 نوفمبر 1873 - 2 ديسمبر 1962) رجل دولة سوري مسيحي ووزير ورئيس وزراء ورئيس برلمان والأب الروحي للسياسة السورية المعاصرة؛ ولد في قرية الكفير التابعة حاليا لقضاء حاصبيا (حالياً بلبنان، التي كانت آنذاك جزءاً من سوريا). وفي عام 1914، انتخب نائباً عن دمشق في مجلس مبعوثان العثماني. بعد تاريخ من النضال ضد العثمانيين ثم ضد الفرنسيين أصبح فارس الخوري رئيساً لوزراء سوريا من 14 أكتوبر 1944 إلى 1 اكتوبر 1945 ومن اكتوبر 1954 إلى 13 فبراير 1955. ارتقاء الخوري لأعلى مصاف السياسة السورية كان مثار اعجاب، لكونه مسيحياً وهو دلالة على روح التسامح السائدة آنذاك. ومنصبه كرئيس وزراء هو، حتى اليوم، أعلى منصب لسياسي مسيحي سوري. ترجع شعبية فارس الخوري بين ناخبيه إلى مواقفه القومية والوطنية والعلمانية. ولكونه قومي سوري، فلم يقايض على مبادئه وكان معارضاً للوحدة العربية وللوحدة بين سوريا ومصر. فقد رأى الوحدة مع مصر خطأ كبيراً، مما جعله يستقيل من منصبه كرئيس للوزراء في 1958. وقد خدم بلاده طيلة 50 سنة. وهو جد الروائية السورية كوليت خوري.[1][2][3]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النشأة

والده يعقوب بن جبور الخوري مسيحي بروتستانتي، كان نجاراً وله بعض الأملاك الزراعية في قريتة. والدته حميدة بنت عقيل الفاخوري ابنة رجل قضى في مذبحة عام 1860 بين الدروز والمسيحيين. كانت مهتمة بابنها البكر فارس كل الاهتمام وتخطت كل المصاعب من أجل تعليمه.

تلقى فارس الخوري علومه الابتدائية في مدرسة القرية، ثم بالمدرسة الأمريكية في صيدا، ولما كان متفوقاً على أقرانه فقد عينه المرسلون الأمريكان معلماً في مدرستهم الابتدائية في زحلة.

دخل فارس الكلية الإنجيلية السورية، والتي سميت بعد ذلك الجامعة الأمريكية في بيروت. ولكن المرسلين الأمريكيين لم يمكنوه من الاستمرار، فقد عينوه من جديد في مدرستهم بقرية مجدل شمس عام 1892، ثم نقلوه إلى صيدا، وفي عام 1894 عاد للدراسة في الجامعة الأمريكية وحصل على شهادة بكالوريوس في العلوم عام 1897، وكانت هذه الشهادة في ذلك الحين شهادة ثقافية عامة ليس فيها اختصاص في أحد فروع العلوم والآداب، دعاه رئيس الجامعة للتدريس في القسم الاستعدادي كمعلم للرياضيات واللغة العربية.

دعي فارس الخوري لإدارة المدارس الأرثوذكسية في دمشق، ولإعطاء بعض الدروس في مدرسة تجهيز عنبر (مكتب عنبر). ثم عُين ترجماناً للقنصلية البريطانية (1902ـ 1908) حيث أكسبته وظيفته الجديدة نوعاً من الحماية ضد استبداد الحكم العثماني.

لم يترك فارس الخوري الدرس والتحصيل، بل ظل منكباً على الدراسة والمطالعة فدرس اللغتين الفرنسية والتركية لوحده دون معلم وبرع فيهما، كما أنه أخذ يطالع الحقوق لنفسه، وامتهن المحاماة بدمشق، وتقدم بفحص معادلة الليسانس بالحقوق فنالها. في عام 1908م انتسب لجمعية الاتحاد والترقي فكان هذا أول عهده بالسياسة.

نظم فارس الخوري الشعر وأولع به، فكان شعره وطنياً تناول فيه القضايا العربية، وكذلك كان أديباً حيث ملأت منظوماته الشعرية وكتاباته الصحف السورية والمصرية. إلا أن انشغاله في علوم السياسة والاقتصاد والعمل الوطني والقومي والعلمي جعله ينصرف عن الشعر ولا يقوله إلا في المناسبات.

انتخب فارس الخوري سنة 1914 نائباً عن دمشق في مجلس المبعوثان العثماني. وفي سنة 1916 سجنه جمال باشا بتهمة التآمر على الدولة العثمانية، لكنه بُرئ ونفي إلى استانبول، حيث مارس التجارة هناك.


العهد الفيصلي (1918 – 1920)

في أول حكومة عربية وفي مجلس الشورى

في 27 أيلول 1918 اجتمع فارس وفريق من الوجهاء والمفكرين في بهو المجلس البلدي في ساحة المرجة في دمشق وقرروا إقامة حكومة مؤقتة تحول دون الفوضى ريثما يصل الأمير فيصل وكتائب الثورة العربية المنتصرة.

وكان فارس عضواً في هذه الحكومة التي جعلوا من سعيد الجزائري رئيساً لها والتي كان من أعضائها شكري الأيوبي وشاكر الحنبلي. ومع أن هذه الحكومة لم يُكتَب لها الاستمرار إلا أنها تبقى منذ عهد الأمويين وبعد جلاء العثمانيين أول حكومة عربية تعلَن في دمشق. في الأول من تشرين الأول سنة 1918 وصلت القوات العربية وجيوش الحلفاء إلى دمشق بقيادة الأمير فيصل الذي وصل في الثالث من تشرين الأول على رأس الجيش العربي. وتشكلت حكومة عسكرية برئاسة الفريق رضا باشا الركابي. وكان أعضاؤها كلاً من عادل أرسلان وبديع المؤيد وعطا الأيوبي وياسين الهاشمي وفارس الخوري. وكانت هذه الحكومة تعمل تحت إشراف الأمير فيصل قائد الجيوش الشمالية وممثل والده الملك حسين وتحت قيادة الجنرال اللنبي القائد العام لقوات الحلفاء.

وخلال عهد هذه الحكومة انعقد المؤتمر السوري، وجرت التشكيلات والتغييرات الإدارية والتعيينات وتم وضع قانون أساسي للبلاد.

ولكن جيوش فرنسا بدأت في الثامن من تشرين الأول 1918 احتلال الساحل تنفيذاً لخطة دُبِّرَت سلفاً. فالقيادة العليا البريطانية كانت قد قسمت سورية الطبيعية التي اعتبروها «بلاد العدو المحتلة» إلى مناطق عسكرية ثلاث هي: المنطقة الجنوبية (أي فلسطين) بقيادة إنكليزية، المنطقة الغربية (أي الساحل الممتد من جبل عامر إلى ما وراء خليج إسكندرونة وتشمل جبل لبنان وبيروت واللاذقية بقيادة فرنسية، والمنطقة الشرقية (أي سورية الداخلية) وتضم الجمهورية السورية ومملكة الأردن بقيادة عربية، وعُهِدَ بالحكم فيها إلى الأمير فيصل. ورغم أن هذه المنطقة الشرقية لم يكن لها ساحل ولا مرفأ ولا عائدات جمركية مستقلة، وعلى الرغم من كل الصعوبات التي خلقها الفرنسيون كي لا تتمتع هذه المنطقة باستقلالها فقد أُنشِئَت فيها قواعد دولة عربية مستقلة، عاصمتها دمشق فأصبحت قبلة المتطلعين إلى الاستقلال والحرية وصار يؤمها رجالات العرب من كل صوب.

المؤتمر السوري وإعلان الملكية

عُقِدَ في حزيران 1919 مجلسٌ سُمِّيَ بالمؤتمر السوري ضم ممثلين من جميع مناطق سورية الطبيعية وكان رئيسه هاشم الأتاسي، وأعلن المؤتمر في 7 آذار 1920 استقلال سورية التام بحدودها الطبيعية. وفي 8 آذار نادى بالأمير فيصل ملكاً على سورية، وتُلِيَ القرار من شرفة البلدية على الشعب المحتشد في ساحة الشهداء (وهي ساحة المرجة الآن). ورُفِعَ العلم الجديد «وهو علم الثورة العربية وفيه نجمة بيضاء سباعية في المثلث الأحمر».

في أول وزارة عربية في عهد الاستقلال

في اليوم نفسه (أي في 8 آذار 1920) كلف الملك فيصل السيد رضا الركابي بالوزارة فشكلها معيناً رضا الصلح للداخلية، وفارس الخوري للمالية، وساطع الحصري للمعارف. وتلك كانت أول وزارة في عهد الاستقلال، ودامت حتى الثالث من أيار 1920، أي أقل من شهرين.

في الوزارة الثانية في عهد فيصل

استدعى الملك السيد هاشم الأتاسي وكلفه بتأليف حكومة دفاع وطني وهي الوزارة الثانية في عهد فيصل. وحل رشيد رضا محل هاشم الأتاسي في رئاسة المؤتمر السوري. وعُيِّنَ رضا الصلح رئيساً لمجلس الشورى، ويوسف العظمة وزيراً للحربية، أما سائر الوزراء فقد احتفظوا بوزاراتهم السابقة، فارس الخوري للمالية وساطع الحصري للمعارف.. إلخ.

فاجعة ميسلون

في تلك الفترة كان الجنرال گورو الذي عينته فرنسا في تشرين الثاني 1919 قائداً أعلى (ثم سُمّيَ فيما بعد مفوضاً سامياً في البلاد الواقعة تحت الانتداب الفرنسي) يعزز جيشه في الساحل ويستعد لاحتلال ما بقي من سورية خلال الأشهر التي انقضت بعد مؤتمر سان ريمو للحلفاء في إيطاليا الذي كان قد وزع الانتدابات على البلاد العربية بين الدول الطامعة بالحكم بحيث تصبح فلسطين والعراق تحت انتداب إنكلترا وسورية تحت انتداب فرنسا. وبالفعل زحف غورو إلى دمشق، وكانت معركة ميسلون التي اُستُشهِدَ فيها يوسف العظمة في 24 تموز 1920.

الوزارة الثالثة والأخيرة في عهد فيصل

استقالت وزارة هاشم الأتاسي إثر فاجعة ميسلون وعهد الملك فيصل إلى علاء الدين الدروبي بتأليف وزارة جديدة تضمن التفاهم مع الفرنسيين، فشكلها في 25 تموز 1920 واحتفظ بثلاثة من الوزراء السابقين منهم فارس الخوري للمالية.

نهاية عهد الاستقلال

كان الفرنسيون يمهدون لإعلان استقلال لبنان، (وقد أعلن رسمياً في أول أيلول 1920) فقطعوا علاقة الأقضية الأربعة، حاصبيا وراشيا وبعلبك والبقاع، بسورية واعتبروها تابعة لإدارتهم في لبنان. فقامت وزارة الدروبي التي كانت ماتزال في الحكم بالاحتجاج على هذا العمل في 9 آب 1920. واضطربت البلاد، وازداد هيجان الناس، وسادت النقمة في منطقة حوران فطلب الفرنسيون من الوزارة أن تتوجه إلى حوران لتهدئة الأحوال.

وبعد ظهر يوم ذهاب الوزراء إلى حوران ورد نبأ هاتفي إلى جميل الألشي ينقل إليه تفاصيل الحادثة فاتصل بفارس الخوري الذي تخلّف هو أيضاً عن الذهاب معهم وقال له مذهولاً: "الوزراء قُتِلُوا!" والمعروف أن الحادثة جرت في خربة الغزالة على طريق درعا حيث هاجم الحورانيون القطار الذي يقلّ الوزراء فأُنزِل هؤلاء منه وقتلوا الدروبي وعبد الرحمن اليوسف في 31 آب 1920 ونجا الباقون بأعجوبة. وبطبيعة الحال سقطت الوزارة الثالثة وتشكَّلَت وزارة جديدة برئاسة جميل الألشي الذي كان قد بقي في دمشق حين وقوع الحادثة، ولم يشارك فارس الخوري هذه المرة في الوزارة، بل انصرف إلى العمل في مجالات شتى أهمها عالم القانون وعالم الاقتصاد.

عاد فارس الخوري إلى دمشق بعد انفصال سوريا عن الحكم العثماني. وفي عام 1919 عُين عضواً في مجلس الشورى الذي اقترح على الشريف فيصل تأسيسه، كما سعى فارس مع عدد من رفاقه إلى تأسيس معهد الحقوق العربي، وكان هو أحد أساتذته، كما اشترك في تأسيس المجمع العلمي العربي بدمشق.

تولى فارس الخوري وزارة المالية في الوزارات الثلاث التي تألفت خلال العهد الفيصلي في سوريا.

الغزو الفرنسي (1920 – 1923)

وعلى إثر احتلال الفرنسيين لسوريا عام 1920 انصرف الخوري إلى العمل الحر كمحام. ثم انتخب نقيباً للمحامين واستمر خمس سنوات متتاليات، وعضواً مؤسساً في المجمع العلمي (الذي هو اليوم المجمع اللغوي بدمشق). ومشاوراً قانونياً في بلدية دمشق (وهي اليوم المحافظة). وعين أستاذاً في معهد الحقوق العربي لتدريس مادتي أصول المالية وأصول المحاكمات الحقوقية. لفارس الخوري ثلاث مؤلفات في القانون هي: (أصول المحاكمات الحقوقية) و(موجز في علم المالية) و(صك الجزاء).

مشروع الفيجة

في سنة 1921 فكر الفرنسيون في مشروع جر مياه الفيجة إلى منازل دمشق وفي إعطاء امتياز المشروع إلى شركة فرنسية. وعندما طلب رئيس البلدية من فارس الخوري المشاور الحقوقي للبلدية دراسة المشروع تبين لفارس أن شروط الامتياز تضر بمصلحة السكان، فسجل اعتراضاته، واقترح تأسيس مشروع وطني تكون فيه المياه ملكاً للأمة وأنهى دراسته بوجوب رد المشروع. وعلى هذا النحو، وبعد هذه الحادثة بحوالي السنة اجتمعت لجنة من تجار دمشق وأغنيائها وبحثت موضوع تأسيس شركة تجارية لتوزيع المياه. لكن معارضة فارس الخوري كانت شديدة لأنه لم يشأ أن تكون استثمارية بل عمومية ولذلك أسرع وقدم في اليوم التالي مشروعاً وطنياً مفصلاً هو الذي اُعتُمِدَ ونُفِّذَ ومازال قائماً حتى يومنا هذا.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الحكومة الاتحادية من 10 كانون الأول 1922 إلى 1 كانون الثاني 1923

بدأت فرنسا منذ دخلت البلاد في تموز 1920 بتنفيذ البرنامج الاستعماري فقسمت وجزأت البلاد إلى دويلات وهي: دولة لبنان الكبير (أُعلِنَت في 1 أيلول)، ودولة دمشق، ودولة حلب (أُعلِنَت في 8 أيلول) وحكومة الساحل (أُعلِنَت في 23 أيلول) في لواء اللاذقية، وحكومة جبل الدروز، ولواء إسكندرون المستقل إدارياً ومالياً. وتصرف الجنرال غورو بسورية كما لو كانت مستعمرةـ ووضع على ثلاث من دويلاتها حكاماً فرنسيين وذلك قبل إقرار صك الانتداب من قبل مجلس عصبة الأمم. والانتداب وضع دولي أبدعه المستعمرون في ذلك الزمان ليغلّفوا به أعمالهم بالشرعية وبالقانون.

ولما رأى گورو أن سياسة التجزئة التي اتبعها لم تبلغ غايتها بل أثارت الاستنكار في جميع أنحاء البلاد قرر تشكيل اتحاد سوري من دويلات حلب ودمشق والساحل. فأصدر قراره في 29 حزيران 1922 بإنشاء الاتحاد السوري برئاسة صبحي بركات وبتشكيل مجلس لهذا الاتحاد يؤخذ أعضاؤه من ممثلي الدويلات الثلاث. فكان فارس أحد نواب دولة دمشق في مجلس الاتحاد. وكان معه الشيخ طاهر الأتاسي ونجيب آغا البرازي ومحمد علي بك العابد وسامي باشا مردم بك.

وكما ورد في مطلع حديث الفارس لصحيفة «سورية الجديدة» أُفرِجَ عن بعض المساجين الوطنيين في أوائل سنة 1923 وعن البعض الآخر في أواخر صيف السنة ذاتها. لكن الحوادث والفتن لم تنقطع خلال سنتي 1923 و1924 اللتين سبقتا الثورة. وكانت الوحدة السورية في مقدمة مطالب سكان البلاد في داخلها وساحلها.

وقد رأى الجنرال ويگان الذي خَلَفَ غورو أن يُحدِثَ تعديلاً في النظام الذي أقامه سلفه، فألغى الاتحاد السوري في 5 كانون الأول 1924، وشكل دولة سورية من دولتي حلب ودمشق، ولكنه فصل دولة الساحل عن الاتحاد، فأصبحت تحت إدارة حاكم فرنسي، كما كانت الحال سابقاً في جبل الدروز. وفي أواخر 1924 عُيِّنَ الجنرال ساراي مفوضاً سامياً في سورية بدلاً عن الجنرال ويگان.

حزب الشعب والنفي

إخوة فارس الخوري

أسس فارس الخوري وعبد الرحمن الشهبندر وعدد من الوطنيين في سوريا، الذين نادوا بالقومية العربية وقادوا الحركة الوطنية في البلاد، حزب الشعب رداً على استبداد السلطة الفرنسية. ولما نشأت الثورة الفرنسية عام 1925 اعتقل فارس الخوري وآخرون ونفوا إلى معتقل أرواد.

في عام 1926 نفي الفرنسين فارس الخوري إلى خارج سورية بسبب استقالته من منصب وزير المعارف في حكومة الداماد أحمد نامي بك احتجاجاً على سوء نوايا الفرنسيين.

شارك فارس الخوري وعدد من الوطنيين في تأسيس الكتلة الوطنية، وكان نائباً لرئيسها يضع القرارات ويكتب منشوراتها، وهذه الكتلة قادت حركة المعارضة والمقاومة ضد الفرنسيين، وكانت من أكثر الهيئات السياسة توفيقاً وفوزاً مدة تقارب العشرين عاماً.

على أثر الإضراب الستيني الذي عم سوريا عام 1936 للمطالبة بإلغاء الانتداب الفرنسي تم الاتفاق على عقد معاهدة بين سوريا وفرنسا، ويقوم وفد بالمفاوضة لأجلها في باريس، فكان فارس الخوري أحد أعضاء هذا الوفد ونائباً لرئيسه.

انتخب فارس الخوري رئيساً للمجلس النيابي السوري عام 1936 ومرة أخرى عام 1943، كما تولى رئاسة مجلس الوزراء السوري ووزيراً للمعارف والداخلية في تشرين أول عام 1944... وكان لتولي فارس الخوري رئاسة السلطة التنفيذية في البلد السوري المسلم وهو رجل مسيحي صدى عظيم فقد جاء في الصحف: (... وأن مجيئه إلى رئاسة الوزراء وهو مسيحي بروتستانتي يشكل سابقة في تاريخ سورية الحديث بإسناد السلطة التنفيذية إلى رجل غير مسلم، مما يدل على ما بلغته سورية من النضوج القومي، كما أنه يدل على ما اتصف به رئيس الدولة من حكمة وجدارة). وقد أعاد تشكيل وزارته ثلاث مرات في ظل تولي شكري القوتلي رئاسة الجمهورية السورية.

رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النقراشي (يمين) مع نظيره السوري فارس الخوري عام 1944.

كان فارس الخوري متجرداً في أحكامه، عميقاً في تفكيره، صائباً في نظرته، وقد جره هذا الإنصاف لأن يقول عن (الإسلام) الذي درسه وتعمق فيه أنه محققاً للعدالة الاجتماعية بين بني البشر. فمن أقواله في الإسلام: (.. يمكن تطبيق الإسلام كنظام دون الحاجة للإعلان عنه أنه إسلام). ـ (… لا يمكننا محاربة النظريات الهدامة التي تهدد كلاّ من المسيحية والإسلام إلا بالإسلام). ـ (… لو خيرت بين الإسلام وبين الشيوعية لاخترت الإسلام). ـ (… هذا هو إيماني. أنا مؤمن بالإسلام وبصلاحه لتنظيم أحوال المجتمع العربي وقوته في الوقوف بوجه كل المبادئ والنظريات الأجنبية مهما بلغ من اعتداد القائمين عليها. لقد قلت ولازلت أقول، لا يمكن مكافحة الشيوعية والاشتراكية مكافحة جدية إلا بالإسلام، والإسلام وحده هو القادر على هدمها ودحرها). ويؤثر عنه كثير ممن عاشره حبه للإسلام وتعلقه به عقيدة وشريعة، وكثيراً ما أسر باعتقاده هذا إلى زائريه ومخلصيه.

فارس الخوري والملك فيصل بن عبد العزيز
فارس الخوري والملك فيصل بن عبد العزيز

في عام 1945 ترأس فارس الخوري الوفد السوري الذي كُلّف ببحث قضية جلاء الفرنسيين عن سوريا أمام منظمة الأمم المتحدة، التي تم تأسيسها في نفس العام، حيث اشترك الخوري بتوقيع ميثاق الأمم المتحدة نيابة عن سورية كعضو مؤسس. وأشتهر بموقفه المندوب الفرنسي في مجلس الأمن عام 1946، فقد جلس الخوري على المقعد الخاص بالمندوب الفرنسي الذي فوجئ به يحتل مقعده، فطلب منه الانتقال إلى المقعد الخاص بسوريا، لكن فارس الخوري تجاهله، وأخرج ساعته من جيب سترته وراح يتأمل فيها، بينما المندوب الفرنسي استشاط غضبا، وعند الدقيقة الـ25 قال له فارس بيك بلغة فرنسية واضحة: سعادة السفير، جلستُ على مقعدك 25 دقيقة فكدتَ تقتلني غضبا وحنقا، سوريا استحملت سفالة جنودكم 25 سنة، وآن لها أن تستقل.[4] كما ألقى الخوري خطبة في المؤتمر المنعقد في دورته الأولى نالت تقدير العالم وإعجابه. حيث أبدى فيها استعداد بلده سورية وشقيقاتها العربيات لتلبية نداء البشرية من أجل تفاهم متبادل أتم، وتعاون أوثق، كما تحدث فيها عن خطورة المهمة الملقاة على عاتق المؤتمر، وأظهر تفاؤله في إمكانية تحقيق الفكرة السامية التي تهدف إليها المنظمة العالمية. وبناء على جهوده فقد منحته جامعة كاليفورنيا (الدكتوراه الفخرية) في الخدمة الخارجية اعترافاً بمآثره العظيمة في حقل العلاقات الدولية.

‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍انتخب فارس الخوري عضواً في مجلس الأمن الدولي (1947-1948)، كما أصبح رئيساً له في آب 1947، إضافة لاهتمامة بوطنة سوريا اهتم بالقضية الفلسطينية اهتماماً خاصاً، وأكد رفض الدول العربية إقامة دولة لليهود فيها. كما شرح القضية المصرية وطالب بجلاء الإنجليز عن أراضيها، وأكد على السلام العالمي وطالب بإنهاء تنافس الدول الكبرى، وحذر من وقوع حرب ذرية مدمرة. ولطالما ضجت هيئة الأمم بخطبه ومناقشاته باللغة الإنجليزية من أجل نصرة الحق في القضية العربية.

عاد فارس الخوري إلى بلاده بعد انتهاء عضوية سورية في مجلس الأمن الدولي، وكان قد انتخب رئيساً للمجلس النيابي لعام 1947 عندما كان يمثل سورية في مجلس الأمن. ولكن عندما حل هذا المجلس على أثر الانقلاب الذي قام به حسني الزعيم ثابر فارس الخوري على عمله في الحقل الدولي، وترأس الوفود السورية إلى هيئة الأمم متابعاً نضاله ودفاعه عن القضايا العربية.

الحكومة السورية (نوفمبر 1954)

وفي ٢٩ تشرين الأول ١٩٥٤: تشكيل حكومة جديدة برئاسة فارس الخوري، هي الأولى بعد الانتخابات التشريعية التي أعقبت سقوط حكم أديب الشيشكلي. ضمت الحكومة في عضويتها: فيضي الأتاسي وزيراً للخارجية، رشاد جبري للدفاع الوطني، أحمد قنبر للداخلية، فاخر الكيالي للاقتصاد الوطني، رزق الله أنطاكي للمالية، عبد الصمد الفتح للزراعة، مجد الدين الجابري للأشغال العامة والمواصلات، منير العجلاني للمعارف، علي بوظو للعدل، محمد سليمان الأحمد (بدوي الجبل) للصحة والإسعاف العام. لكنها لم تستمر سوى أشهر معدودة. وكان من أهم الأمور السياسية أثناء توليه وزارته الرابعة، الصدى البعيد في المجلس النيابي، وفي دوائر الحكومة وجماهير الشعب الذي أحدثه صدور الأحكام القاسية ضد الإخوان المسلمين في مصر. مما جعل سائر الحكومات العربية (بما فيها الحكومة السورية) تتوسط لدى القاهرة لتخفيف هذه الأحكام، وعرض الخوري وساطته الشخصية بالإضافة لوساطة حكومته والشعب السوري برئيس جمهوريته ومجلسه النيابي وفئاته وأحزابه، وواضعاً كرامته الشخصية كرجل يحفظ له المصريون أخلد الذكريات، لقاء تخفيف هذه الأحكام فلم يجد ذلك نفعاً، ونفذت أحكام الإعدام في ست من أقطاب الدعوة الإسلامية في وادي النيل. فكان لذلك أثر كبير في نفسه لم يزايله بقية عمره.

اعتكف فارس الخوري في منزله بدمشق. يذهب مرة كل عام إلى جنيف ليشترك في جلسات لجنة القانون الدولي التي هو عضو فيها.

رأيه بالوحدة مع مصر

تروي حفيدته كوليت خوري أنها إثر عودتها من أحد المظاهرات المطالبة بالوحدة مع مصر، عادت إلى منزل جدها /فارس الخوري/ في حي المهاجرين لتجده جالساً على الكرسي أمام المذياع ووجهه متجهم ولم يكن راضياً عما يجري في تلك الفترة، فارس الخوري أكثر الناس حكمة في سورية آنذاك كان محتقن الوجه وغير مرتاح, أخبرته أنها كانت مع المتظاهرين المؤيدين للوحدة, فاكتفى بهز رأسه ولم يقل لها "عفي عليكي" كعادته, ما أثار حفيظتها لتسأله /لم لست سعيداً/ فأخبرها أنه مشغول البال, قلق, في تلك اللحظة وافاه مجموعة من الكبار الذين صرح لهم بقلقه وخوفه على قضية العمر التي طالما سعوا إليها وحلم حياتهم بالوحدة الكبرى على اتساع رقعة الوطن العربي.‏‏‏

وقال بالحرف /الآن عملوا وحدة مسلوقة سلقاً والوحدة لا تسلق والخوف إذا ما فشلت سنعود إلى نقطة ما قبل الصفر/ وبحماستها المعهودة السيدة كوليت قالت /لا الوحدة حلوة/ لكنه أصر على أن الوحدة لا تسلق سلقاً وستكون خسارة كبيرة إذا ما فشلت, وهذا ما حصل فتنبؤات فارس خوري كلها صدقت.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مرضه ووفاته

شكري القوتلي يزور فارس الخوري في مستشفى السادات بدمشق. وفي الوسط كوليت خوري.

في 22 شباط 1960، أصيب فارس الخوري بكسر في عنق فخذه الأيسر بغرفة نومه، وكان يعاني من آلام المرض الشديد في مستشفى السادات بدمشق، حينما منح جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من قبل الرئيس جمال عبد الناصر بناء على توصية المجلس الأعلى للعلوم والفنون.

مواقف سياسية مشهورة

من أحد المواقف المشهورة له أنه دخل إلى الأمم المتحدة حديثة المنشأ، بطربوشه الاحمر وبذته البيضاء الانيقة... قبل موعد الاجتماع الذي طلبته سوريا من اجل رفع الانتداب الفرنسي عنها بدقائق واتجه مباشرة إلى مقعد المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة وجلس على الكرسي المخصص لفرنسا. بدء السفراء بالتوافد إلى مقر الأمم المتحدة بدون اخفاء دهشتهم من جلوس 'فارس بيك' المعروف برجاحة عقله وسعة علمه وثقافته في المقعد المخصص للمندوب الفرنسي، تاركا المقعد المخصص لسوريا فارغا. دخل المندوب الفرنسي، ووجد فارس بيك يحتل مقعد فرنسا في الجلسة... فتوجه اليه وبدأ يخبره ان هذا المقعد مخصص لفرنسا ولهذا وضع أمامه علم فرنسا، وأشار له إلى مكان وجود مقعد سوريا مستدلا عليه بعلم سوريا ولكن فارس بيك لم يحرك ساكنا، بل بقي ينظر إلى ساعته.. دقيقة، اثنتان، خمسة...

استمر المندوب الفرنسي في محاولة 'إفهام' فارس بيك بأن الكرسي المخصص له في الجهة الأخرى ولكن فارس بيك استمر بالتحديق إلى ساعته: عشر دقائق، أحد عشرة، اثنا عشرة دقيقة وبدء صبر المندوب الفرنسي بالنفاذ واستخدم عبارات لاذعة ولكن فارس بيك استمر بالتحديق بساعته، تسع عشرة دقيقة، عشرون، واحد وعشرون... واهتاج المندوب الفرنسي، ولولا حؤول سفراء الأمم الأخرى بينه وبين عنق فارس بيك لكان دكه..... وعند الدقيقة الخامسة والعشرين، تنحنح فارس بيك، ووضع ساعته في جيب الجيليه، ووقف بابتسامة عريضة تعلو شفاهه وقال للمندوب الفرنسي:

سعادة السفير، جلست على مقعدك لمدة خمس وعشرين دقيقة فكدت تقتلني غضبا وحنقا، سوريا استحملت سفالة جنودكم خمس وعشرين سنة، وآن لها ان تستقل.

في هذه الجلسة نالت سوريا استقلالها.. في عام 1946، جلى آخر جندي فرنسي عن سوريا..

حين كان فارس الخوري رئيساً للمجلس النيابي, كان المجلس يضم عدداً من نواب العشائر شبه الأميين.‏ فوقف واحد منهم يتحدث قائلاً: (حضرات النواب المحترمون), فصحح له فارس الخوري بقوله: (حضرات النواب المحترمين).‏ فأعاد النائب نطقها بالشكل الصحيح, ثم تابع قوله: (كان النواب المحترمين), فقاطعه فارس الخوري, وصحح له مرة أخرى بقوله:(كان النواب المحترمون).‏ فثارت ثائرة النائب وصاح محتجاً باللهجة العامية:‏ - ليش هيك متحطط عليّ يا دولة الرئيس?‏ لما قلت (المحترمون) صححتها لي إلى (المحترمين) ولما قلت (المحترمين) قاطعتني وقلت: (المحترمون).‏ فهل تريدني أن أقول (المحترمون) أم (المحترمين)?‏ فرد عليه فارس الخوري ضاحكاً:‏ - لست أنا من يريد وإنما سيبويه هو الذي يريد.

وفي مرة أخرى كان فيها أيضاً فارس الخوري رئيساً للمجلس النيابي.‏ كان المجلس يناقش مشروع قانون, وطال النقاش حول أحد مواد القانون, واقترح أحد النواب حذف هذه المادة لحل المشكلة.‏ فرد عليه فارس الخوري أنه لا يمكن حذفها, لأن عدة مواد في الفصل تستند عليها, فاقترح النائب حذف الفصل بكامله من مشروع القانون, فحبكت الضحكة على فارس بيك ورد على النائب قائلاً:‏ لا بأس ولكن سيكون حذف الفصل فصلاً ناقصاً من المجلس أمام الحكومة.‏ هذه المواقف الطريفة تعبر عن شخصية سياسية فذة وفكر منير لشخص أبيّ قلمانجد مثيله بين السياسيين.

من ضمن تلك المواقف موقفه بشأن فلسطين حيث صرح "بأن قضية فلسطين لا تُحل في أروقة مجلس الأمن ولكنها تُحل على ثرى فلسطين" جاء هذا في كتاب (هتاف المجد) لعلي الطنطاوي وقد عاصره.

كانت وفاة فارس الخوري مساء الثلاثاء 2 كانون الثاني 1962، في مستشفى السادات بدمشق.

مراجع

  1. ^ مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية http://www.asharqalarabi.org.uk/center/rijal-fares.htm
  2. ^ (فارس الخوري) محمد الفرحاني، مطبعة دار الغد، لبنان/ بيروت، 1964
  3. ^ ـ (موسوعة رجالات من بلاد العرب) د. صالح زهر الدين، المركز العربي للأبحاث والتوثيق، بيروت، الطبعة الأولى 2001، ص (592).
  4. ^ سناء نصر الله. "فارس بيك الخوري.. رجل الثورة السورية والتحرر من فرنسا". الجزيرة نت.