ثورة صاحب الحمار

ثورة صاحب الحمار (326-339 هـ الموافق 937-950) كانت أعنف ثورة في عهد الدولة الفاطمية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الثورة

قامت هده الثورة في المهدية العاصمة الأولى للفاطميين قبل الانتقال للقاهرة وذلك في زمن حكم الخليفة محمد القائم بأمر الله 322هـ – 334هـ وانتهت في زمن حكم ابنه الخليفة المنصور بالله (334هـ-341هـ). وقد دامت هذه الثورة ثلاثة عشر سنة عطلت في أثناها الحركة الاقتصادية والعمرانية للبلاد. تسترت هذه الثورة بالدين واستعانت بالأمويين فقد تطرف بها قائدها وانحرف بها تابعا أطماعه كما تبينه بعض المصادر التاريخية. وسعت رقعة هده الثورة كامل شمال إفريقيا تصدى لها القائم في بدايتها، إلى أن جاء ابنه المنصور الذي قضى عليها نهائيا.


القائد

إن اسم الثورة منشق عن اسم القائد الذي عرف بصاحب الحمار وأسمه الحقيقي هو مخلد بن كداد ليغرني أصيل قبيلة زناته البربرية - أمه جارية سوداء من قبيلة هوارة - عاش في مدينة توزر عرف باسم أبي يزيد. نشاء على التعطش لدماء والقتل و الثار و ارتكاب المحرمات والمنكرات .-و قد قال عنه ابن خلدون في كتابه العبر الجزء الرابع ص84-85 { ...وهو صاحب الحمار-من أهل قسطيلية من مدائن بلد توزر و كان يختلف إلى بلاد السودان بالتجارة... وخالط النكارية من الخوارج .......فمال إلى مذهبهم واخذ بيه ...... و كان يذهب إلى تكبير أهل ملته و استباحة الأموال والدماء والخروج عن السلطان ..... و لما مات المهدي خرج بناحية جبل الأوراس و ركب الحمار و تلقب بشيخ المؤمنين : فاتبعه أمم من البربر ....}- يكنى بصاحب الحمار لأنه كما علمنا سابقا كان يتنقل بين المدن و القرى ناشرا دعوته العدائية راكبا حمارا .

تفاصيل هذه الثورة

لقد أتى هذا الثائر إلى المهدية غازيا و محاربا للقضاء على الفاطميين في عاصمتهم بعد أن قام بحملات دعائية صاخبة في المدن والقرى وارتكب عملا استفزازي وهو دق رمحه على باب المهدية الجنوبي بعد عملية شغب معلنا بداية ثورة أجمع المؤرخون أن نجاة الدولة الفاطمية منها كان بمثابة معجزة لقد كان نجاح الثورة ممكننا لولا أخطاء القائد الذي توهم النصر قبل وقوعه فمكان منه إلا أن أخر زحفه للمهدية أخر معقل حصين للفاطميين بعد الاستيلاء على القيروان تاركا المجال للخليفة المنصور الوقت رغم قصره للتفكير للخروج من المأزق و بعد تشاور والتحليل قرر طلب المساعدة من قبيلة كتامة و زناتة وشجعهما على التضامن والتعاون والتكاتف و تناسي إغراضهما وأحقادهما لدحر عدو ماكر رابض على أبواب العاصمة بجيش لا يحصى عدده فكان ما أراده وأستجبتا لندائه وعملتا بأوامره و بدأت المعارك بين الطرفان بين مد و جزر. ومن الملاحظ في هذه الأثناء إن سكان المهدية شعروا بالخطر, ففروا إلى صقلية عن طريق البحر و,إلى طرابلس لغرب و مصر كما يذكر ذلك في بيان المغرب لابن غدارى.

وللدفاع عن العاصمة الفتية خصص المنصور حامية جعلها تحت قيادته إلى نهاية المعركة ويتفق المؤرخون على أن هذه الثورة كانت على غاية من الشراسة و القسوة _و ليست كالثورات الأخرى التي كانت تقع من حين لآخر _و تمتاز عنها بأنها عمت و انتشرت في كل مكان من الصحراء و الجبال و السهول والقرى و المدن و الأرياف. وتمركزت خاصة بكتامة في مدينة سوسة التي تبعد عن المهدية ب 62 ميلا وعن مدينة القيروان ب 110ميلا تقريبا . فالثورة أد ا على أبواب العاصمة تحاصرها عن قرب .أصبحت في عزلة عن العالم الخارجي الأمر الذي ساعد أبا زيد على تضيق الخناق عليه . وكان من الصعب الخروج منها .{ولعل هذا هو السبب الذي جعل المنصور بعد قضائه على صاحب الحمار وخروجه من المأزق يسارع باستبدال المهدية بالقيروان.}

وكان المنصور أثناء الحصار منهمكا في إعداد الخطط المناسبة والفعالة للقضاء على الثورة. واستغرق ذلك ثلاثة أشهر. ولما سنحت الفرصة المناسبة جمع المنصور جيشه مصدرا أوامره بالتوجه إلى القيروان ليلا، حيث كان الخصوم نائمين غير متأهبين لهذا الحدث فعملوا { جيش المنصور} فيهم سيوفهم وجعلوا من مضاجعهم بركا من الدماء.

متأثر بهذه الهزيمة لاذ صاحب الحمار بالفرار متعهدا بجولة أخرى لكن المنصور أصر على ملاحقته لإفنائه وقطع دابره ودابر الخوارج.

ويرى المؤرخون أن المعركة من اخلد المعارك التي شهدها المغرب العربي وكان ضحايا الخوارج فيها أربعين ألفا – ويذكر ابن حماد المعركة وهزيمة صاحب الحمار في كتابه أخبار بني عبيد وسيرتهم ص58-59-60 {...وسار إلى جبل أوراس و فيه قوم من هوارة (قبيلة بربرية)... من أهل مذهبه (المقصود المذهب الخارجي) فقام فيهم و قوي بهم و اشتدت شوكته واستفحل أمره... واستولى أبو يزيد على أفريقية كلها إلا المهدية ودخل القيروان ووصل إلى مصلى العيدين في أيام المنصور ثم هزم... }. ولم تنته هذه المعركة بالقيروان كما قلت وإنما لهيبها إلى مدينة سوسة، حيث انحسرت فيها -وكانت قاسية دامية على الطرفين المتقاتلين ودامت سنة كاملة- فقد كان أبو زيد تحصن بقلعة فيها وأخذ يصدر أوامره و المنصور يضيق الخناق عليه محاربا إياه من مدينة إلى أخرى ومن حصن لحصن ومن قلعة لأخرى إلى أن قبض عليه وهو مختفٍ في إحدى المغارات. أما ابن عذارى فيقول في كتابه البيان المغرب في أخبار ملوك الأندلس والمغرب: {قبض عليه وقتل في الجزائر بجبال كيان } ولكن المهم أنه تم القضاء على صاحب الحمار. وتكميلاً للرواية الأول فقد قبض عليه ووضع في قفص وحمل للمهدية مكبلا بالسلاسل والأغلال وأمر المنصور بإعدامه وسلخه وحشوه بالقطن وتعليقه على باب المهدية الجنوبي الذي دق رمحه فيه وكان ذلك في سنة 339هـ/950م. وأعلن المنصور بعد ذلك عن موت أبيه القائم بأمر الله الذي مات أثناء المعركة ولم يعلن عن موته إلا بعد أربع سنوات حتى تهدأ الثورة ووقع القضاء عليها.

مصدر

[1]