تقرير المصير

تقرير المصير هو حرية الشخص والمجتمع في تقرير حياته وسياسته داخل أراضيه بدون تدخل خارجي. وفي معنى آخر هو حق الشعوب في إختيار من يحكمهم بدون تدخل دولة أخرى. [1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تعريف

تتباين وجهات نظر فقهاء القانون الدولي ومواقف الدول من تقرير المصير على نحو يتضح معه أنه ليس من السهل وضع تعريف جامع مانع له مع أن تقرير المصير اقترن منذ القرن السابع عشر بتعبير حرية الإرادة free will. ومع ذلك يرى بعض الفقهاء أن من الممكن تعريفه على أنه «حق شعب ما في أن يختار شكل الحكم الذي يرغب العيش في ظلّه والسيادة التي يريد الانتماء إليها». وتعرفه المادة الأولى الموحدة من عهدي حقوق الإنسان[ر] لعام 1966 بأنه «حرية الشعوب في تقرير مركزها السياسي وحرية تأمين نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي» وذهبت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 2625 الصادر في 24/11/1970 الذي تضمن التصريح الخاص بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة إلى أن مبدأ التسوية في الحقوق وحق الشعب في تقرير مصيرها من مبادئ القانون الدولي الخاص بهذه العلاقات وجاء فيه «بموجب مبدأ التسوية في الحقوق وتقرير المصير للشعوب المعلنين في ميثاق الأمم المتحدة، لكل الشعوب الحق في أن تقرر، دون تدخل أجنبي، مركزها السياسي، وأن تسعى لتأمين نموها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وعلى كل دولة واجب احترام هذا الحق وفق نصوص الميثاق». [2]


التاريخ

لقد طرحت فكرة حق تقرير المصير لأول مرة في اوروبا في القرن الثامن عشر وذلك بعد ان استطاعت علاقات الانتاج الرأسمالية في هذه البلدان ان تنتصر على علاقات الانتاج الإقطاعية حيث ولد اثناءها المجتمع المدني و أنشأت اثناءها دولة القانون وأقرت ايضا مبادئ الحقوق السياسية والمدنية.

وجاء مفهوم حق تقرير المصير بعد ان تحولت الرأسمالية من منتجة ومصدرة للبضاعة الى منتجة ومصدر للرأسمال، حيث تم تقسيم العالم واعادة تقسيمه عبر ما عرف بالاستعمار الذي سيطر على الشعوب من اجل نهب ثرواتها وخيراتها عبر ما عرف بالشركات العلمية المتعددة الجنسية وعبر نظام" الكارتلات"، و"التروستات " و "السنديكات ". لبسط سلطة الرأسمال عبر الاستعمار المباشر على الغالبية العظمى من دول العالم، لاسيما في آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية.

ونتيجة لتنامي حركات التحرر الوطني المطالبة بالاستقلال من جهة ورغبة الاحزاب والقوى السياسية والاجتماعية ومن نشطا المجتمع والمدني في البلدان الأوربية من جهة اخرى نشأت حركات مناهضة للمد و التوسع الاستعماري، و داعمة لحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها عبر الاستقلال وتكوين كيانات مستقلة خاصة بها.

ولعل من اهم الأعمال التي أسفرت عنها هذه التحركات والتي تمت تحت شعار حق تقرير المصير هو استقلال النرويج عن السويد عام 1905 ، حيث كانت النرويج آنذاك تحكم من قبل السويد من خلال تمتعها بالحكم الذاتي عبر إلية النظام الفيدرالي.

ومن خلال مطالعتنا في أدبيات الحركة اليسارية نرى ان اول من طرح حق تقرير المصير وجعله هدف من اهداف اليسار هو " لينين " الذي الف كتابا اسماه حق تقرير المصير، وقد انتقد فيه اطروحات الكثير من اليساريين من أمثال " كا تسكي " و"روزا لوكسمبورگ" حول هذا المفهوم وقال بالحرف الواحد متسألا ما ذا نعني بحق تقرير المصير؟ ، مجيبا بصراحته المعهودة ان هذا الحق يعني الاستقلال وتكوين سياسي مستقل .

وهنا يجب علينا ان نتذكر ان من بين الذين طرحوا مبدأ حق تقرير المصير هو رئيس الولايات المتحدة الاميركية الأسبق ولسون وذلك عام 1919 ، لان الديمقراطية الأمريكية وكما هو معروف تأثرت بالديمقراطية الغربية الذي انبثقت في اوروبا ، واصبح هذا الحق وبعد الحرب العالمية الأولى يطرح بقوة على الساحة الدولية، كما ان فرنسا قد عارضت حينها مبدأ حق تقرير المصير ورفضت اجراء أي انتخابات في إقليمي ”الألزاس واللورين" واحتجت بوجود المستوطنين "الألمان" بكثافة فيهما." [3]

ميثاق الأمم المتحدة

قبل ميثاق الأمم المتحدة

من الممكن أن يعد نشوء مبدأ تقرير المصير وتطوره تاريخياً ردة فعل ثورية على مفهوم الحق الإلهي devine right الذي قامت عليه أنظمة الحكم في العصور الوسطى إذ كان إقليم الدولة وسكانه يعدان معاً ملكاً خاصاً للحاكم، الذي له بمقتضى سيادته المستمدة من حقه الإلهي أو ما يدعوه جان بودان: «السلطة السامية غير المقيدة بالقانون»؛ إذ يمارس سلطته عليهما معاً بصفته مالكاً شرعياً. فإذا تصرّف بجزء من الإقليم شمل تصرفه سكان ذلك الجزء الذي يرتبطون به ويخضعون لمصيره نفسه، ومع تطور الأوضاع ومرور الوقت، تولد رد الفعل على المفهوم الديني للدولة. فنمت وترعرعت فكرة أن السلطة إنما تكمن في الشعب الذي يتمتع بحق غير قابل للتصرف في تقرير شكل الحكم الذي يرغب فيه والدولة التي يود الانتماء إليها.

وإذا كان الرجوع إلى مبدأ تقرير المصير قد استهل في العام 1526 م فإنه لم يجد تطبيقه الفعلي إلا في بيان الاستقلال الأمريكي المعلن يوم 4 يوليو 1776 وبعدها في وثيقة حقوق الإنسان والمواطن لعام 1789 في فرنسة. ولما حصلت المستعمرات الإسبانية والبرتغالية في أمريكة الجنوبية على استقلالها في المدة من 1810-1825 م خشي الرئيس الأمريكي مونرو أن تلجأ الدول الأوربية إلى التدخل في شؤون دول أمريكا الجنوبية، فأصدر عام 1823 تصريحاً تضمن حق تلك الدول في تقرير المصير. كما تعهد تقديم الدعم الأدبي والعسكري لحكوماتها التي قامت استناداً إلى هذا المبدأ.

وفي تطور موازٍ نال مبدأ تقرير المصير في أوربا زخماً ضد طغيان الملوك والطبقات الحاكمة. ذلك أن الثورة الفرنسية التي أطلقت المبدأ في أوربة لم تكن تطلقه ضد حاكم أجنبي كما أنها لم تستهدف توحيد الشعوب. فالمسألة تتعلق بالأفراد والشعوب والأمم التي من حقها أن تتمتع بالحرية وأن تقاوم الاضطهاد وأن تحدد أوضاعها الداخلية والدولية. وهكذا وجدت فكرة الاقتراع العام Universal Suffrage. وكانت النتيجة المنطقية لذلك هي ديمقراطية الحكم وانبثاق مفهوم جديد لمبدأ تقرير المصير.

أدى انتشار الديمقراطية إلى تقليص دور تقرير المصير ومضمونه في الثلث الثاني من القرن التاسع عشر بسبب اللجوء إليه وسيلة لتحقيق الأماني القومية للأمم national aspiration. ذلك أن القومية vationalism هي رابطة روحية تجد التعبير عنها في اتحاد الأفراد في الأصل وفي التراث المشترك من تاريخ وثقافة وعقائد وما إلى ذلك. وأن دول ذلك الوقت مثلما هي عليه الدول في العصر الحاضر لا تعدو أن تكون بصورة أو بأخرى مزيجاً من ثقافات وأجناس مختلفة. تكونت بفعل عدة عوامل تراكمت على مر التاريخ، بعبارة أخرى إن الأصل في الدول أنها تألفت من خليط من أمم قومية. ومن ثم فإن تطور الديمقراطية ونمو مشاركة الجماهير في الحياة العامة في القرن التاسع عشر حرك الأماني القومية لكل أمة داخل الدولة حتى سمي ذلك القرن عصر «مبدأ القوميات» principle of nationalities، وصار مضمون تقرير المصير ضرورة تحقيق التوافق بين الدولة والأمة. وبكلمة أخرى صار معناه حق الأمم في تقرير مصيرها. ومما يؤكد هذا الاتجاه الذي اختطه مفكرون من أمثال «مازيني» أن إعلان حق الأمم في تقرير مصيرها لم يعط الاهتمام الكافي لحق الشعوب المستقلة في أن تقرر شكل الحكم لديها بل اكتفى بتأييد حق الشعوب المناهضة لسيطرة أجنبية في تقرير مصيرها وتكوين دولها القومية.

أما أول إشارة يسارية لمبدأ تقرير المصير فقد جاءت في التصريح الصادر عام 1896 عن المؤتمر الاشتراكي العالمي لاتحاد العمال. إلا أن غموض نصوص التصريح أثار التساؤل حول من المخاطب به هل هي الأمم؟ أو طبقة العمال؟ أو الانتماء العمالي من أجل عزل الآخرين؟ كما لفّ الغموض من ناحية أخرى معنى تقرير المصير ذاته. فهل المقصود به استقلال الشعوب؟ أو سمو طبقة العمال؟ أو تحقيق الديمقراطية الاشتراكية العالمية؟

أما الدولة السوفيتية فقد تبنت منذ مولدها حق الأمم في تقرير مصيرها مبدأ أساسياً للتسوية السلمية التي أعقبت الحرب العالمية الأولى، كما أنها كانت تعده أساس سيادتها بصدد القوميات. إذ لا يقوم موقفها في هذا المجال على الدفاع عن مبدأ القوميات بصورته التقليدية وإنما تعطي مبدأ تقرير المصير أساساً أكثر عمقاً وأوسع مدى حين تقرن مسألة القومية بمسألة التحرر من الاستبعاد الامبريالي لشعوب المستعمرات والبلاد التابعة.

أسهم انفجار تصارع القوى القومية، الذي انتقل إلى القرن العشرين من القرن السابق في إشعال نار الحرب العالمية الأولى. فقد جاء في رد الحلفاء على استفسارات الرئيس الأمريكي ويلسون Wilson أنهم يقاتلون من أجل حرية الإيطاليين والسلاف والبولونيين والتشيك واستقلالهم من السيطرة الأجنبية، مما دفع ويلسون إلى التصريح في عدد من خطبه الصارخة بوجهة نظره فيما يتعلق بحق تقرير المصير القومي بقوله: «ليس من الجائز مقايضة الناس بين سيادة وأخرى كما لو كانوا أموالاً منقولة أو حجارة لعب، وأن الشعوب لا يسيطر عليها ولا تحكم الأبناء على موافقتها وأي تسوية إقليمية تنتج من هذه الحرب يجب أن تكون لمصلحة الشعوب ذات العلاقة». وإذا كان المعنى الذي قصده «ويلسون» بعبارته السابقة قد أثار جدلاً فقد كان الفارق عظيماً بين ما قاله وما طبق فعلاً من قوله. فقد تأكد من مؤتمر السلام بفرساي الذي اختتمت به الحرب العالمية الأولى فقدان الحماسة لتطبيق حق تقرير المصير كما تعارض تطبيقه مع مصالح الدول المنتصرة.

ومن ثم، وبفعل إصرار الزعماء الذين مثلوا الامبراطورية البريطانية، على عدم الاعتراف بمبدأ تقرير المصير أساساً يستند إليه في ترتيب تغييرات في السيادة على الإقليم في مواجهة أولئك الذين كانوا يمثلون الأقاليم البريطانية المتخصصة بالحكم الذاتي حُذِف المبدأ من عهد عصبة الأمم مع أن الرئيس ويلسون كان قد ضمنه نقاطه الأربع عشرة المشهورة. بل إن ويلسون نفسه عاد وأقر لاحقاً أنه حين تحدث عن تقرير المصير لم يكن يعلم عن «القوميات»، ومن ثم فإنه قرر بأن تطبيق هذا المبدأ يقتصر على شعوب الأقاليم التي انفصلت عن الامبراطوريات المهزومة، في أوربة دون سواها. ففي غير أوربة ابتدع نظام الانتداب.

غير أن مبدأ تقرير المصير لم ينتهِ، فقد عاد للبروز من جديد حتى إبان الحرب، وكان على الحلفاء في هذه الحرب العالمية الثانية أن يلتزموا احترامه. ففي ميثاق الأطلسي Atlantic Charter الصادر يوم 14 أغسطس 1941 عن روزڤلت وتشرشل أعلن الزعيمان بعض المبادئ التي تقوم عليها سياسة بلديهما حاضراً ومستقبلاً. وكان واضحاً أن المبدأين الثاني، الذي ينص على الرغبة في عدم إحداث تغيرات إقليمية ضد رغائب الشعوب والثالث الذي ينص على حق جميع الشعوب في اختيار أشكال حكوماتها، أنهما يتناولان مبدأ تقرير المصير. إلا أن الغموض الذي اتسمت به نصوص التصريح بصورة عامة مضافاً إليه سلوك الدولتين الاستعماري جعل من الصعب معرفة ما إذا كانت نية واضعيه قد انصرفت إلى قصر تطبيقه على أوربة أو إنه ليشمل العالم بأسره.

بعد ميثاق الأمم المتحدة

خريطة العالم في 1945، تبين أقاليم مجلس الوصاية التابع للأمم المتحدة بالأخضر[4]

خلت مقترحات دومبارتون أوكس حول ميثاق المنظمة المقترحة لخلافة عصبة الأمم من الإشارة إلى مبدأ تقرير المصير. وفي المحادثات الأربع الكبار في سان فرانسيسكو أثار وزير خارجية الاتحاد السوفييتي الموضوع، واقترح النص عليه ضمن العبارة الخاصة بالهدف الثاني للمنظمة ، وكذلك في مقدمة الفصل التاسع الخاص بالتعاون الاقتصادي والاجتماعي، ثم عاد وأعرب عن موقفه هذا في مؤتمر صحفي مؤكداً أن بلاده تعلق عليها أهمية كبرى لما تبديه من اهتمام خاص بسكان المستعمرات والأقاليم الخاضعة للانتداب والذي ترغب في أن تراهم يسيرون على طريق الاستقلال الوطني في أقرب فرصة ممكنة. ومن ثم فإن على الأمم المتحدة أن تدعم هذا الهدف وأن تعمل من أجل الإسراع في تحقيق مبادئ المساواة في الحقوق وتقرير المصير للأمم.

ومع أن ممثلي الدول الثلاث الأخرى لم يشاطروا الممثل السوفييتي وجهة نظره هذه إلا أنهم قبلوا الاقتراح على أي حال، وقدموه إلى مؤتمر سان فرنسيسكو على أنه مشروع مشترك لتعديل مقترحات دومبارتون أوكس. وقد صادق المؤتمر في النهاية على هذه التعديلات، فصارت بذلك الفقرة (2) من المادة الأولى من الفصل الأول أهداف ومبادئ الأمم المتحدة على النحو الآتي: «إنماء العلاقات الودية بين الأمم، على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام» وكذلك المادة (55) من الفصل التاسع الخاص بالتعاون الدولي الاقتصادي والاجتماعي التي تضمن نصها ما يأتي: «رغبة في تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية الضروريين لقيام علاقات سلمية وودية بين الأمم مؤسسة على احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها، تعمل الأمم المتحدة على...». وإذا كان تقرير المصير كما جاء في الفقرة (2) من المادة (1) مبدأ مرشداً للأمم المتحدة في تحقيق أهدافها وأساساً لتمتين علاقات الصداقة بين الشعوب، وتقوية السلام العالمي. فإنه، كما جاء في المادة (55)، الأساس لخلق شروط الاستقرار والرفاه اللازمين لعلاقات الصداقة والسلام بين الأمم، كما أنه المبدأ الذي تلتزم الدول الأعضاء الاسترشاد به في علاقاتها مع الأمم الأخرى، وعلى أي حال فإن كلا النصين مشوبان بالغموض وتعوزهما الدقة سواء من حيث بيان مجال التطبيق أو من حيث المعنى.

إن إقدام الأربعة الكبار على التقدم بالتعديل المذكور شروعاً مشتركاً من دون الاتفاق على مضمونه هو مسؤوليتهم جميعاً لسماحهم بجعل مثل هذا المبدأ الحساس جزءاً من دستور العلاقات الدولية من دون بيان المعنى المقصود منه. ذلك أن النص عليه بمثل هذا الغموض لم يضع حداً للصراع القائم بشأن تقرير المصير بل على العكس أكسبه مزيداً من الحدة والضراوة. ومع أن المرجع في خلاف حول تفسير مبادئ ميثاق الأمم المتحدة لا يمكن أن يكون لرأي هذه الدولة أو تلك بل للأمم المتحدة كلها، إلا أن الصراع حول تفسير مبدأ تقرير المصير قد بلغ ذروته بين القوى الاستعمارية والقوى المناهضة للاستعمار ولا سيما في شأن منح الشعوب غير المستغلة استقلالها. فقد جهد ممثلو الدول الاستعمارية للتهوين من شأن هذا المبدأ وإضعاف أهميته إلى حد أن بعضهم ذهب إلى إنكار وجوده ضمن مبادئ القانون الدولي.

وقد دفع هذا الصراع الجمعية العامة لأن تطلب من لجنة حقوق الإنسان في قرارها 421 الصادر في 4/12/1950 أن تضع توصيات حول الطرق والوسائل التي تضمن حق تقرير المصير للشعوب. كما نصت في قرارها رقم 545 الصادر في 5/2/1952 على ضرورة تضمين الاتفاقية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مادة خاصة تكفل حق الشعوب في تقرير مصيرها. ثم أصدرت في 16/12/1952 القرار 637 الذي جعلت بمقتضاه حق الشعوب في تقرير مصيرها شوطاً ضرورياً للتمتع بالحقوق الأساسية جميعها، وأنه يتوجب على كل عضو في الأمم المتحدة الحفاظ على حق تقرير المصير للأمم الأخرى واحترامه.

وتابعت الجمعية العامة بعد ذلك إصدار القرارات لتأكيد حق الشعوب في تقرير المصير. وإذا كانت قد استخدمت كلمة «حق» right بدلاً من كلمة مبدأ principle بدءاً من قرارها رقم 1181 الصادر في 11/12/1957 فإنها بعد النظر في التقارير المختلفة التي قدمتها لجنة حقوق الإنسان عن طريق المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أصدرت في 14/12/1960 قرارها رقم 1514 الخاص بمنح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة الذي كانت له أهمية خاصة، لأنه اتخذ محوراً استندت إليه جميع القرارات اللاحقة الخاصة بتقرير المصير الصادرة عن الأمم المتحدة. وقد نص هذا القرار على حق جميع الشعوب من دون أي تمييز في تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي على أن تتخذ خطوات مرتبة لمنح الشعوب غير المستقلة استقلالها التام، وألا يتخذ أي سبب مهما كان ذريعة لتأخير ذلك لأن إخضاع الشعوب لاستعباد الأجنبي إنما هو إنكار لحقوق الإنسان الأساسية، ويناقض ميثاق الأمم المتحدة ويعوق السلم والتعاون الدوليين. صدر هذا القرار التاريخي في أعقاب ممارسات المجتمع الدولي التي استمرت سبعة عشر عاماً، بأغلبية 90 صوتاً مقابل لا شيء وامتناع 9 دول عن التصويت وإن عدم وجود أي معارض للقرار إضافة لتدني نسبة الممتنعين عن التصويت إنما يدل على أن يمثل رغبات جميع أعضاء الأمم المتحدة ومعتقداتهم مما يعني أن حق تقرير المصير لم يعد حقاً قابلاً للتطبيق في المستقبل لأحوال غير محدودة، وإنما صار حقاً قانونياً نافذاً وفورياً.

ثم قامت الجمعية العامة بجمع المبادئ التي سبق أن اتخذتها بصدد تقرير المصير في قرار واحد في محاولة لإيضاحها، وذلك في القرار 2625 الذي اتخذته بالإجماع uranimously في 24/11/1970 والذي تضمن الإعلان الخاص بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة. وهو، فقهاً واجتهاداً، التفسير المعتمد لأحكام الميثاق فيما تضمنه من مبادئ.

وفي 12/12/1972 صدر عن الجمعية العامة قرار مهم آخر برقم 2955 حول حق الشعوب في تقرير المصير والحرية والاستقلال وشرعية نضالها بكل الوسائل المتاحة لها والمنسجمة مع ميثاق الأمم المتحدة. وبقرارها رقم 3070 الصادر في 30/11/1973 طلبت من جميع الدول الأعضاء الاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها واستقلالها وتقديم الدعم المادي والمعنوي وجميع أنواع المساعدات للشعوب التي تناضل من أجل هذا الهدف. وقد درجت الجمعية العامة منذ ذلك على تأكيد هذه المبادئ في جميع قراراتها المعنونة تحت «الإعمال العالمي لحق الشعوب في تقرير مصيرها ومنح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة والاحترام العالمي لحقوق الإنسان». وفي غضون ذلك وقعت في 1 آب 1975 ثلاث وثلاثون دولة أوربية بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية في هلسنكي «الاتفاقية النهائية التي أسفر عنها مؤتمر الأمن والتعاون في أوربة. وقد تضمن القسم الأول منها إعلان المبادئ التي ينبغي أن توجه علاقات الدول المشتركة فدعا إلى الأخذ بعشرة مبادئ توجيهية وصفت بأنها غاية في الأهمية وأن الواجب يقضي تطبيقها بلا تحفظ. وقد نص المبدأ الثامن منها على حق تقرير المصير».

كما وسعت الأمم المتحدة من نطاق تطبيق تقرير المصير وجعلته أحد حقوق الإنسان الأساسية من ناحية وحقاً اقتصادياً من ناحية أخرى. ففي 16/12/1966 أقرّت الجمعية العامة العهدين الدوليين Covenants اللذين أعدتهما لجنة حقوق الإنسان بناء على طلب الجمعية، وتتعلق الاتفاقية الأولى بالحقوق المدنية والسياسية، وقد صارت نافذة المفعول بدءاً من 23 آذار 1976 في حين تتناول الثانية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وقد صارت نافذة المفعول بدءاً من 3/1/1976. وقد تناولت المادة الأولى من كلتا الاتفاقيتين حق تقرير المصير بنص موحّد هو ما يأتي: «تملك جميع الشعوب حق تقرير مصيرها وتملك بمقتضى هذا الحق حرية تقرير مركزها السياسي وحرية تأمين نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

حقق تقرير المصير لعدد متزايد من الشعوب استقلالها السياسي غير أن قلة من الدول المستعمرة استمرت تسيطر على ثرواتها ومواردها الاقتصادية لتبعيتها اقتصادياً داخل دائرة الاستعمار، ومن ثم اتضح أن إزالة تسلّط الاستعمار سياسياً يجب أن يتبعه إزالة تسلطه الاقتصادي. ومن خلال رؤية الاستعمار في جانبه الاقتصادي برزت فكرة السيادة الاقتصادية وحق تقرير المصير الاقتصادي ومبدأ السيادة على الموارد الطبيعية natural resources. وفي 21/12/1952 أصدرت الجمعية العامة القرار 626 بعدما أثير أمامها موضوع حق الدول ذات السيادة في تأميم ثرواتها الطبيعية والتصرف بها، وذلك في الوقت الذي أثيرت فيه فكرة السيادة الاقتصادية أمام لجنة حقوق الإنسان التي كانت تعدّ قراراً يكفل للشعوب الحق في تقرير المصير، إذ أوضحت الدول النامية أنه لا معنى لتقرير المصير ما لم تخول الدول الحق في أن تقرر بحرية نظامها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. فاقترحت لجنة حقوق الإنسان على الجمعية العامة عام 1954 إنشاء لجنة خاصة لدراسة حق الشعوب في السيادة على ثرواتها ومواردها الطبيعية. وبعد جدل طويل أقرّت الجمعية العامة سنة 1958 إنشاء هذه اللجنة، وبناء على اقتراحها اعتمدت الجمعية العامة قرارها رقم 1803 الصادر في 14/12/1962 وقد نص على حق الشعوب غير القابل للتصرف في السيادة على ثرواتها ومواردها الطبيعية بوصفه من الحقوق المنبثقة عن حق الشعوب في تقرير مصيرها وفي تقرير مركزها السياسي وتأمين نمائها الاقتصادي وفي التصرف بثرواتها ومواردها الطبيعية، شريطة عدم الإخلال بأي التزامات تستند إلى مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة ومبدأ القانون الدولي. وقد استندت بعض الدول إلى حق تقرير المصير الاقتصادي هذا حين لجأت إلى تأميم ثرواتها ومواردها الطبيعية ولاسيما النفط.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الطبيعة القانونية

صار واضحاً في الممارسة الطويلة للمجتمع الدولي، دولاً ومنظمات دولية، أن طبيعة تقرير المصير قد تطورت فصارت تعني أحد أهم الحقوق التي تقررها مبادئ القانون الدولي المعاصر، فهو يرتب للشعوب حقوقاً ويرتب على الدول التزامات ذات طبيعة دولية وهو حق دولي جماعي وعام في آن معاً. فهو حق دولي جماعي بمعنى أنه مقرر للشعوب دون الأفراد وهو حق دولي عام لأنه مقرر لمصلحة جميع الشعوب من دون أن يقتصر على فئة دون أخرى من شعوب العالم فهو، نظرياً، يشمل جميع الشعوب المستقلة وغير المستقلة وفقاً للمعنى السياسي القانوني لتعبير الشعب كما تحدد في ميثاق الأمم المتحدة وليس وفقاً للمعنى المرتبط بمبدأ القوميات.

ويتجلى حق تقرير المصير في مظهرين خارجي وداخلي. فهو في مظهره الخارجي يعنى بتحديد الوضع الدولي للدولة أو الشعب من حيث اكتساب الاستقلال أو المحافظة عليه (اكتسابه للشعوب المستعمرة والمحافظة عليه للشعوب المستقلة) أو من حيث اندماج الوحدة السياسية مع وحدة أو وحدات أخرى ضمن أحد أشكال الاندماج التي يعترف بها القانون الدولي، وهو يعطي الوحدة السياسة الحق في أن تسلك الطريق التي تشاء في علاقاتها الخارجية من دون تدخل خارجي من الشعوب أو الوحدات السياسية الأخرى، إذ لها أن تنشئ أو توقف علاقاتها الدبلوماسية وأن تنضم أو أن تنسحب من المنظمات والهيئات الدولية، أما من حيث مظهره الداخلي فإن حق تقرير المصير هو حق أغلبية الشعب داخل الوحدة السياسية المقبولة وفقاً لمبادئ القانون الدولي في ممارسة السلطة (دولية أو إقليم غير متمتع بالحكم الذاتي) لإقامة شكل الحكم والمؤسسات الوطنية بصورة تتلاءم ومصالح هذه الأغلبية ولا يتضمن حق تقرير المصير الداخلي حق الانفصال، إذ ليس للأقليات حق تقرير مصير يمكنها من أن تحتج به للمطالبة بانفصالها عن إقليم الدولة. ذلك أن ما يرتبه القانون الدولي هو أن تصان حقوقها عن طريق التزام الأغلبية واحترام حقوق الإنسان.

وترى الجماعة الدولية أن حق تقرير المصير يمارس عموماً عن طريق الوسائل الودية والديمقراطية التي يُعد الاقتراع العام أهمها ويفضل أن تتم ممارسته بإشراف الأمم المتحدة أو تحت رعايتها وعلى أساس أن لكل شخص صوتاً واحداً بغض النظر عن أصله وعرقه ودينه ولغته... إلخ. أما إذا رفضت القوى المهيمنة على السلطة داخل الوحدة السياسية التي يعيش الشعب فيها أو القوى الاستعمارية تطبيق هذا السبيل الودي وأنكرت على الشعوب حقها في تقرير مصيرها فإن لهذه الشعوب أن تمارسه بالكفاح المسلح، وهو ما يسمى تقرير المصير الثوري مثال ذلك تقرير المصير في أندونيسية في مطلع الخمسينات وفي الجزائر في منتصف الخمسينات وفي فلسطين حتى تاريخه. والكفاح الوطني المسلح ضد الاستعمار أمر أقرته الأمم المتحدة بقراراتها وإعلاناتها والمواثيق التي أقرتها وممارستها. وهو ليس إرهاباً. الإرهاب هو في التصدي للكفاح الوطني المسلح وفي العدوان والاحتلال.

تقرير المصير القومي

خلافاً لما تقدم، وعلى أثر اهتزاز النظام العالمي الذي ساد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أعلن الرئيس الأمريكي بوش عام 1990 ولادة ما أسماه النظام العالمي الجديد.

بدأت بعض الشعوب التي كانت أقليات في وحدة سياسية واحدة تتحلل من تلك الوحدة وتؤلف دولاً خاصة بها. وهذا ما حصل للاتحاد السوفييتي مثلاً فقد انقسم إلى دول، بعضها ضمته رابطة دول كومونولث، وبعضها استقل تماماً وابتعد عن الدولة السلف في كل شيء مثل أستونية وإيتوانية ولاتيفية وسواها وكذلك ما حصل للاتحاد اليوغسلافي سابقاً، إذ انقسم إلى دول: حربية والجبل الأسود (يوغسلافية) وكرواتيا والبوسنة والهرسك ومقدونية وسلوفانية. وقد تم ذلك باسم حق تقرير المصير، ولكن في بعض الحالات تبين أن التعاون الاثني أو الديني يحمل أقلية ما على التمرد والانفصال باسم تقرير المصير كصرب البوسنة في جمهورية البوسنة والأكراد في العراق وغيرهم.

وهكذا عاد تقرير المصير القومي للانبعاث أو يكاد. وهو لو أطلق على غاربه سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في العلاقات الدولية، فما من دولة في عالمنا المعاصر يمكن أن تضم قومية واحدة. لذا يمر تقرير المصير وممارساته حالياً بامتحان بالغ الخطورة إذا حل الشعب بالمعنى القومي محل الشعب بالمعنى السياسي والقانوني في ممارسته.

حركات حالية

استراليا

اسرائيل وفلسطين

حق تقرير المصير هو حق كل شعب في حكم نفسه بنفسه واختيار نظامه ومستقبله اختيارا حرا. ولا يصبح هذا الحق قابلا للتطبيق الا لشعب يعيش على ارضه، ويشغلها بصورة مستمرة غير متقطعة لا بصورة استعراضية، وهذا ينطبق على الشعب الفلسطيني، ولا ينطبق على جماعة غريبة احتلت ارض غيرها كما جرى في فلسطين. وحق تقرير المصير هو الاساس والمنطلق للحق في الاستقلال والسيادة، وتتفرع عنه الحقوق الاخرى. فالجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة اعطت تفسيرا قانونيا للميثاق فيما يتعلق بحق تقرير المصير، واكتسب التفسير طابع القواعد الملزمة في القانون الدولي. فتاريخ الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة مرتبط ارتباطاً وثيقاً وتدريجياً بمبدأ حق تقرير المصير وتفسيره، حينما باشرت الجمعية العامة النظر في قضية فلسطين عام 1947. وجاء في تقرير لجنة الامم الخاصة بشأن فلسطين ما يلي :

فيما يتعلق بمبدأ تقرير المصير فانه رغم الاعتراف الدولي بهذا المبدأ في نهاية الحرب العالمية الاولى، ورغم انه تم الالتزام به في الاقاليم العربية الاخرى، لم يتم عند وضع صكوك الانتداب من الفئة (أ) تطبيق ذلك المبدأ على فلسطين. ويرجع ذلك بوضوح إلى النية في تيسير انشاء الوطن القومي اليهودي هناك. ومن الجائز جدا في الواقع القول ان الوطن القومي اليهودي والانتداب الفريد من نوعه على فلسطين يتعارضان مع ذلك المبدأ.

وبالرغم من هذا الرأي لم تول اللجنة ذاتها اهمية لهذا المبدأ، ولم تجمع على تطبيقه بالنسبة للشعب العربي الفلسطيني. فانقسمت إلى غالبية اوصت بتقسيم فلسطين، واقلية نصحت بقيام دولة فلسطينية موحدة مستقلة، مع ضمانات لحقوق الاقلية من سكان هذه الدولة، ولكن الجمعية العامة بضغط من الولايات المتحدة والقوى الموالية لها، اصدرت في دورتها الثانية قرارها الرقم (181) في 29/11/1947 بتقسيم فلسطين. وكان من نتائجه المباشرة إلى جانب سلب الشعب الفلسطيني حقوقه وقسما من وطنه، نشوء مشكلة اللاجئين التي عالجتها الجمعية العامة في دورتها الثالثة في عام 1948م، فاصدرت قرارها (194) الذي تضمن وجوب تمكين اللاجئين من العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم والتعويض على من لا يرغب بالعودة.

وهكذا بقيت الجمعية العامة طوال عشرين عاماً تنظر إلى قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه على انها مشكلة لاجئين.

وأول مرة ظهر مفهوم الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في الدورة 24 للجمعية العامة في قرارها الرقم 2535 في 10/12/1969 ، فقد ورد فيه ان الجمعية العامة (تؤكد من جديد حقوق شعب فلسطين الثابتة).

إن نعت الحقوق بـأنها (ثابتة) ترجمة درج استعمالها للكلمة الانجليزية والفرنسية insttenable التي تعني حرفياً (غير قابلة للتصرف). وهي تلك الحقوق التي لا يجوز التنازل عنها ولا يقبل التنازل عنها، او انهاء العمل بها على أي نحو اخر، او اعمالها بغيرما هي عليه، وهي، نتيجة لذلك، ذات قوة وديمومة مطلقة.

وتقدمت الجمعية العامة خطوة اخرى في العام 1970، حينما اعلنت في قرارها 2672 (د-25) بتاريخ 8/12/1979 انها:

1- تعترف لشعب فلسطين بالتساوي في الحقوق، وبحق تقرير مصيره بنفسه وفقاً لميثاق الامم المتحدة.

2- وتعلن ان احترام حقوق شعب فلسطين الثابتة هو عنصر لا غنى عنه في اقامة سلم عادل ودائم في الشرق الاوسط.

وكررت الجمعية العامة هذه المفاهيم في قرارات اصدرتها اعوام 1971م و1972 و1973 واضافت اليها ما يزيدها قوة، فكان الاهتمام المتعاظم للجمعية العامة حينما، عبرت في قرارها (/2972) (د-26) بتاريخ 6/12/1971 عن (قلقها العظيم لعدم السماح لشعب فلسطين بالتمتع بحقوقه الثابتة، وبحقه في تقرير المصير). وزادت الجمعية العامة الامر وضوحاً وتحديداً في قرارها 30089 (د-28) في 7/12/1973 اذ اكدت من جديد (ان لشعب فلسطين الحق في حقوق متساوية. وفي حق تقرير المصير وفقا لميثاق الامم المتحدة) واعربت (عن قلقها الشديد لان اسرائيل قد حرمت شعب فلسطين التمتع بحقوقه الثابتة وممارسة حقه في تقرير المصير).

ومن أهم القرارات التي صدرت عن الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة القرار 3236/ د-29 في 22/11/1974، والذي اصبح وثيقة تاريخية قانونية سياسية. والمحور السياسي والقانوني لنضال الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية. وغدا السند والمرجع لمختلف القرارات التي صدرت عن الجمعية العامة والمنظمات الدولية الاخرى، وعن مؤتمرات حركة عدم الانحياز، ومنظمة المؤتمر الاسلامي، ومنظمة الوحدة الافريقية، وغيرها. ففي هذا القرار حددت الجمعية العامة حقوق الشعب الفلسطيني، باصولها وفروعها، في الفقرات التنفيذية الخمس الاولى من القرار على النحو التالي :

1) تؤكد (الجمعية العامة)، من جديد، الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في فلسطين وبخاصة:

أ- حقه في تقرير مصيره دون تدخل خارجي.

ب- حقه في الاستقلال والسيادة الوطنيتين.

2) وتؤكد من جديد، حق الفلسطينيين الثابت في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها، وتطالب باعادتهم اليها.

3) وتشدد على ان الاحترام الكلي لهذه الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، واحقاق هذه الحقوق، امران لا غنى عنهما لحل قضية فلسطين.

4) وتعترف بان الشعب الفلسطيني طرف رئيسي في اقامة سلم عادل ودائم في الشرق الاوسط.

5) وتعترف، كذلك، بحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكل الوسائل وفقا لمقاصد ميثاق الامم المتحدة ومبادئه.

فللشعب الفلسطيني، خلافا لحق تقرير المصير، حقوق ثابتة اخرى، وهي للذكر لا الحصر :

- الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه في فلسطين، على اعتبار ان هذا الاقليم، فلسطين، هو وطن الشعب الفلسطيني وملكه ومحل سيادته وهذا ما عنته الجمعية العامة في قرارها، حين اكدت (الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في فلسطين).

- حق التساوي في الحقوق : وذلك استناداً إلى المادة الاولى في ميثاق الامم المتحدة التي نصت على (احترام المبدأ الذي يقضي بالتساوي في الحقوق بين الشعوب، وبأن يكون لكل منها الحق في تقرير مصيره).

- حق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكل الوسائل وفقا لمقاصد ميثاق الامم المتحدة ومبادئه، وقد وردت الاشارة إلى هذا الحق في عدة قرارات اصدرتها الجمعية العامة، كالقرار 3246 (د-29) في 29/11/1974. وكان هذا القرار خاصا (بحق الشعوب في تقرير المصير والاسراع في منح الاستقلال للبلاد والشعوب المستعمرة). وسمى في فقرته السابعة افريقيا والشعب الفلسطيني بالذات، وطلب من جميع الدول، ومن جميع وكالات الامم المتحدة والمنظمات الحكومية والدولية وغير الدولية (ان تقدم لهذه الشعوب المساعدات المعنوية والمادية وغيرها من اشكال المساعدة، في كفاحها في سبيل الممارسة الكاملة لحقها الثابت في تقرير المصير والاستقلال). واكدت الجمعية العامة (شرعية كفاح الشعوب في سبيل التحرر من السيطرة الاستعمارية والاجنبية والقهر الاجنبي بكافة الوسائل المتاحة، ومنها الكفاح المسلح) وينبع من هذا الحق ويرتبط به:

1- حق الشعب الفلسطيني باستخدام القوة والكفاح المسلح.

2- الحق في الدفاع الشرعي عن النفس.

3- الحق في طلب وتلقي المساعدات المعنوية والمادية من الدول والمنظمات والمؤسسات الدولية.

- حق المساهمة في اعمال المنظمات والمؤتمرات الدولية.

- حق الاشتراك في الجهود والمؤتمرات الخاصة بالشرق الاوسط.

- الحق في اقامة علاقات رسمية مع اشخاص القانون الدولي، وقد تمثلت ممارسة هذا الحق باعتراف عدد كبير من الدول بمنظمة التحرير الفلسطينية، وبالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني. وقد قبلت هذه الدول بافتتاح منظمة التحرير مكاتب لها في عواصمها. ومنحت العاملين في هذه المكاتب الحصانات الدبلوماسية وعاملتهم كما تعامل ممثلي الدول المستقلة ذات السيادة. وهو تطور جديد في قواعد القانون الدولي المتعلقة بالاعتراف والتمثيل الدبلوماسي والحصانات المترتبة عليه. [5]


كوسوڤو

كردستان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كشمير الهندية

تايوان

القبارصة الأتراك

الولايات المتحدة

انظر أيضا

المصادر

  1. ^ Merriam-Webster online dictionary; Wordnet.Princeton definition; Answers.com definition.
  2. ^ الموسوعة العربية
  3. ^ حزب ديمقراطي الأهواز
  4. ^ "http://www.un.org/Depts/Cartographic/map/profile/world45.pdf" (PDF). Retrieved 2012-03-04. {{cite web}}: External link in |title= (help)
  5. ^ فتح

وصلات خارجية

قراءات إضافية

  • عمر إسماعيل سعد الله، تقرير المصير الاقتصادي للشعوب في القانون الدولي العام المعاصر (المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر 1986).
  • Muhammad Aziz Shukri, The Concept of Self Determination in The United Nation (Dar Al Fikr, Damascus 1965).

كتب

  • Allen Buchanan, Justice, Legitimacy, and Self-Determination: Moral Foundations for International Law (Oxford Political Theory), Oxford University Press, USA, 2007.
  • Annalisa Zinn, Globalization and Self-Determination (Kindle Edition), Taylor & Francis, 2007.
  • Marc Weller, Autonomy, Self Governance and Conflict Resolution (Kindle Edition), Taylor & Francis, 2007.
  • Valpy Fitzgerald, Frances Stewart, Rajesh Venugopal (Editors), Globalization, Violent Conflict and Self-Determination, Palgrave Macmillan, 2006.
  • Joanne Barker (Editor), Sovereignty Matters: Locations of Contestation and Possibility in Indigenous Struggles for Self-Determination, University of Nebraska Press, 2005.
  • David Raic, Statehood and the Law of Self-Determination (Developments in International Law, V. 43) (Developments in International Law, V. 43), Springer, 2002.
  • Y.N. Kly and D. Kly, In pursuit of The Right to Self-determination, Collected Papers & Proceedings of the First International Conference on the Right to Self-Determination & the United Nations, Geneva 2000, G E N E V A 2000, preface by Richard Falk, Clarity Press, 2001.
  • Antonio Cassese, Self-Determination of Peoples: A Legal Reappraisal (Hersch Lauterpacht Memorial Lectures), Cambridge University Press, 1999.
  • Percy Lehning, Theories of Secession, Routledge, 1998.
  • Hurst Hannum, Autonomy, Sovereignty, and Self-Determination: The Accommodation of Conflicting Rights, University of Pennsylvania Press, 1996.