تراقيا

تراقيا القديمة وضواحيها

تراقيا هي منطقة تاريخية وجغرافية في جنوب شرق البلقان بشرق أوروبا، وتتقاسمها بلغاريا، اليونان، وتركيا الأوروبية. تجاور تراقيا ثلاثة بحار: البحر الأسود، وبحر إيجة، وبحر مرمرة.

وهناك تداخل في حدود تراقيا التاريخية وحدود مقدونيا التاريخية. ومعظم سكان تراقيا مسلمون أتراك يقيمون داخل اليونان وبلغاريا وتركيا.

تراقيا

تراقية Thrace إقليم في أوربة يقع في أقصى جنوب شرقي شبه جزيرة البلقان، بين خطي العرض 41درجة و43درجة شمالاً، وخطي الطول 24 درجة و28 درجة و45 دقيقة شرقاً، مقسم سياسياً بين بلغارية وتركية واليونان منذ عام 1923. وتراقية محاطة من الشرق بالبحر الأسود ومضيق البسفور، ومن الجنوب ببحر مرمرة ومضيق الدردنيل وبحر إيجة، ومن الغرب جبال منطقة صوفية، ومن الشمال وادي نهر الدانوب، وقد تقلصت مساحة الإقليم في زمن الرومان بتراجع الحدود البرية في الغرب والشمال إلى قمم جبال صوفيا وجبال ستارا بلانينا، حيث انطبقت معها الحدود الإدارية على حدود الإقليم الجغرافي الذي تقدر مساحته اليوم بنحو 94,515 كم2 65.7٪ منها في بلغاريا و25٪ منها في تركيا، وتُعرف بتراقيا الشرقية، والباقي يدخل في أراضي اليونان الشمالية الشرقية، بإسم تراقيا الغربية.

تتألف تراقية جغرافياً من حوض نهر ماريتسا Maritsa (مريتش Meriç بالتركية) الذي ينبع من جبال منطقة صوفية، ويتجه شرقاً بين جبال رودوب وستارا بلانينا، ومن حوض رافده التركي، نهر إرگنه Ergene الذي يصرف مياه تراقية الشرقية إلى نهر ماريتسا الذي يتجه جنوباً مسايراً الحدود التركية-اليونانية حتى مصبه في بحر إيجة، وتشرف على الحوض من الشمال سلسلة ستارا بلانينا، التي تمتد من منطقة صوفية في الغرب، إلى رأس أمينه Emine على البحر الأسود في الشرق، وتزيد ارتفاعات قممها على 2000م، ومن الجنوب سلسلة جبال رودوب المكونة من صخور بلورية قاسية، وتعلو في كتلة ريلا وكتلو بيرين إلى أكثر من 2900م فوق سطح البحر، ثم جبال استرنجه على امتداد ساحل البحر الأسود، وتتألف من صخور قديمة بلورية أيضاً، خلافاً لتكوينات مرتفعات تكير داغ المسايرة لسواحل بحر مرمرة، وتتألف من صخور كلسية. وإذا استُثني ما تقدم فإن الغالب على تضاريس تراقية، السهول والتلال الواطئة الرسوبية ذات الأصل اللحقي ـ النهري، التي كونها طمي الأنهار الرئيسة وعشرات الروافد والنهيرات الهابطة من الجبال إلى المنخفضات التي تراوح ارتفاعاتها بين 100-250م فوق سطح البحر في سهول نهري ماريتسا ـ إرغنة، وروافدهما التي حفرت مجاريها فيها. بيئة تراقية الغنية بالتربة الخصبة وبالمياه والغابات والموارد الطبيعية الأساسية للاستيطان جذبت إليها الإنسان منذ عصور ما قبل الميلاد، وقد عُرف سكانه الأوائل بالتراقيين، وهم قبائل هندية ـ أوربية الأصول، لهم لغتهم الخاصة السابقة لظهور اليونان ولغتهم في الألف الأول ق.م في الإقليم.

وقد عاش التراقيون في قرى صغيرة حياة بسيطة، ويمارسون أعمال الزراعة وبعض الصناعات الأولية، ولم تكن لهم دولة تجمعهم، فكان رجالهم يعملون جنوداً مرتزقة في جيوش جيرانهم. ويعتقد اللغويون أن لغتهم تمت بقرابة إلى اللغة الفرنجية القديمة في آسيا الصغرى.

خضعت تراقية لحكم اليونان القدماء الذين أقاموا عدداً من الموانئ على ساحلي بحر إيجة والبحر الأسود والبوسفور، أهمها ميناء ومدينة إيستين ـ بولو (اسطنبول)، ثم احتلها الفرس في أواسط الألف الأول ق.م (516ق.م)، حين ألف التراقيون شبه اتحاد قبلي مالبث أن انفرط عقده، مما مكّن فيليب الثاني المقدوني من احتلال الإقليم ودمجه في امبراطوريته (356-342 ق.م.)، حتى سقط بيد الرومان الذي جعلوا معظمه جزءاً من امبراطورية بزعامة «پرگامون» عام 197 ق.م.، كما أنشأ فيها بعض أباطرتهم مدناً مثل مدينة سارديكا (صوفيا اليوم)، ومدينة أدريانوپوليس (أدرنة اليوم)، وقد تحولت تراقية في العهد اليوناني، وفي العهد الروماني خاصة، إلى منطقة ذات أهمية اقتصادية لازدهار زراعة الحبوب والخضر والفواكه، إضافة إلى تربية الحيوانات، ونشوء الكثير من المحطات التجارية التي صارت مدناً على طريق المواصلات الرئيسية بين آسيا وأوربة، التي عُرفت بطريق الحرير في عهود لاحقة.

بقي الوضع السكاني في تراقية من دون تغيرات جوهرية، على تغير الحكام، وظل التراقيون العنصر المحلي الغالب، إضافة إلى مستوطنين وافدين من يونان ورومان وغيرهما، حتى أواخر عقود ماقبل الميلاد، التي تميزت ولاسيما بدايات القرن الأول الميلادي، بوصول طلائع القبائل السلافية والفيزقوطية إلى الإقليم، التي تلاها تدفق أفواج كثيرة منهم أغرقت السكان الأصليين التراقيين، حتى حل السلاف محلهم في الخريطة الأثنية واللغوية التراقية، وتمكنوا في القرن السابع الميلادي من إقامة دولة سلافية في الإقليم هي بلغارية، التي عاشت صراعاً بين البلغاريين والبيزنطيين الروم دام حتى احتل العثمانيون الأتراك الإقليم وما يجاوره في البلقان في عهد السلطان مراد الأول (1360-1389م)، وأصبح جزءاً من الممتلكات العثمانية في أوربة التي عُرفت بـ «روملي = روم إيلي»، وكان أول ولاتها من العثمانيين لالا شاهين، وقد عُرف القسم الأكبر من إقليم تراقية بولاية الروملي الشرقي بمساحة تقدر بنحو 36,000 كم²، وكانت حاضرتها مدينة فلبة (پلوڤديڤ اليوم)، وكانت تقسم إلى ستة سناجق (محافظات أو ألوية). وبعد حكم دام قرابة خمسة قرون، بدأت ولاية الروملي العثمانية بالتحرر من الحكم العثماني، حين بدأت سناجقها بالانفصال عنها منذ عام 1867، وكانت عاصمتها تنتقل من فلبة إلى صوفيا وإلى أدرنة تبعاً للأوضاع العسكرية والسياسية في الصراع العثماني ـ الأوربي حول شبه جزيرة البلقان، ولاسيما الصراع العثماني ـ الروسي، إذ بذلت روسية جهوداً كبيرة لإقامة دولة «بلغارية الكبرى» السلافية في شرقي البلقان، لكنها لم توفق في ذلك، وعوضاً عن ذلك أسفرت الحرب العالمية الأولى وهزيمة العثمانيين وحلفائهم فيها عن تجزئة تراقية وتقسيمها على الدول التي قامت في المنطقة (بلغارية، اليونان، تركية) بحسب معاهدات سيفر (1920) ولوزان (1923)، التي مازالت بنودها سارية المفعول حتى اليوم، وقد نتج من ذلك تغير آخر في الخريطة السكانية الإثنية ـ اللغوية، سببته عمليات تبادل السكان وهجرتهم أو تهجيرهم، فصار سكان القسم البلغاري سلافاً مع أقلية تركية مسلمة مع مسلمين بلغار (بوماق)، وسكان القسم اليوناني يوناناً مع أقلية إسلامية تركية وبوماقية، وسكان القسم التركي أتراكاً مسلمين، ويقدر مجموع سكان إقليم تراقية في الدول الثلاث بنحو 11.5 مليون نسمة لعام 1997.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أهم مدن تراقيا

باليونان


ببلغاريا

بتركيا

أشهر أبناء تراقيا

الآلهة التراقية

ثمة إلهان رئيسيان لتراقيي بسي، وهما ديونيسوس (الذي كان يُعبد بإسم زاگريوس) و بنديس. وكان زاگريوس يعبده أتباع الأورفية (الاسم المطلق على مجموعة من المعتقدات والممارسات الدينية المقترنة بالأدبيات المنسوبة إلى الشاعر الأسطوري أورفيوس)، الذي تذكر "الترانيم الأورفية" المتأخرة اسمه. وفي الواقع فقد كان زاگريوس إلهاً بدائياً تراقياً، عُرف لاحقاً بإسم ديونيسوس – إله الفرح والخمر والشبق في الأساطير اليونانية، كما عُرف بإسم باخوس في الأساطير الرومانية.

الذكرى

مرتفعات تراقيا في أنتارتيكا "مسماة على اسم المنطقة التاريخية."[1]

انظر أيضاً

الهامش

المراجع

  • Hoddinott, R. F., The Thracians, 1981.
  • Ilieva, Sonya, Thracology, 2001

وصلات خارجية


Coordinates: 42°N 26°E / 42°N 26°E / 42; 26