الحسن بن عمار الكتامي

أبو محمد الحسن بن عمار بن عليّ بن أبي الحسن الكلبي من بني أبي الحسب (ت. 5 شوال 390 هـ/1000م ) وزير الحاكم بأمر الله الفاطمي وأحد أمراء صقلية وأحد شيوخ كتامة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مقتل ابن عمار

ذكر المؤرخ المسلم المقريزى في المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثالث ( 103 من 167 ):

«خط قصر ابن عمار هذا الخط من جملة حارة كتامة وهو اليوم درب يعرف بالقماحين وفيه حمام كرائي ودار خوند شقرا يُسلك إليه من خط مدرسة الوزير كريم الدين بن غنام ويُسلك منه إلى درب المنصوري وابن عمار هذا هو أبو محمد الحسن بن عمار بن عليّ بن أبي الحسن الكلبي من بني أبي الحسب أحد أمراء صقيلة وأحد شيوخ كتامة وصاه العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله لما احتضر هو والقاضي محمد بن النعمان على ولده أبي علي منصور فلما مات العزيز بالله واستخلف من بعده ابنه الحاكم بأمر الله اشترط الكتاميون وهم يومئذ أهل الدولة أن لا ينظر في أمورهم غير أبي محمد بن عمار بعدما تجمعوا وخرج منهم طائفة نحو المصلى وسألوا صرف عيسى بن مشطروس وأن تكون الوساطة لابن عمار فندب لذلك وخلع عليه في ثالث شوّال سنة خمس وسبعين وثلاثمائة وقلد بسيف من سيوف العزيز بالله وحُمل على فرس بسرج ذهب ولقّب بأمين الدولة وهو أوّل من لقب في الدولة الفاطمية من رجال الدولة وقيّد بين يديه بحدّة دواب وحُمل معه خمسون ثوبًا من سائر البز الرفيع وانصرف إلى داره في موكب عظيم وقُرىء سجله فتولى قراءته القاضي محمد بن النعمان بجلوسه للوساطة وتلقيبه بأمين الدولة والزم سائر الناس بالترجُّل إليه. فترجَّل الناس بأسرهم له من أهل الدولة وصار يدخل القصر راكبًا ويشق الدواوين ويدخل من الباب الذي يجلس فيه خدم الخليفة الخاصة ثم يعدل إلى باب الحجرة التي فيها أمير المؤمنين الحاكم فينزل على بابها ويركب من هناك. وكان الناس من الشيوخ والرؤساء على طبقاتهم يبكرون إلى داره فيجلسون في الدهاليز بغير ترتيب والباب مغلق ثم يفتح فيدخل إليه جماعة من الوجوه ويجلسون في قاعة الدار على حصير وهو جالس في مجلسه ولا يدخل له أحد ساعة ثم يأذن لوجوه من حضر كالقاضي ووجوه شيوخ كتامة والقوّاد فتدخل أعيانهم ثم يأذن لسائر الناس فيزدحمون عليه بحيث لا يقدر أحد أن يصل إليه فمنهم من يومي بتقبيل الأرض. ولا يردّ السلام على أحد. ثم يخرج فلا يقدر أحد على تقبيل يده سوى أناس بأعيانهم إلا أنهم يومئون إلى تقبيل الأرض وشرف أكابر الناس بتقبيل ركابه وأجلّ الناس من يقبل ركبته. وقرّب كتامة وأنفق فيهم الأموال وأعطاهم الخيول وباع من كان بالاصطبلات من الخيل والبغال والنجب وغيرها وكانت شيًئا كثيرًا وقطع أكثر الرسوم التي كانت تطلق لأولياء الدولة من الأتراك وقطع أكثر ما كان في المطابخ وقطع أرزاق جماعة وفرّق كثيرًا من جواري القصر وكان به من الجواري والخدم عشرة آلاف جارية وخادم فباع من اختار البيع وأعتق من سأل العتق طلبًا للتوفير.

واصطنع أحداث المغاربة فكثر عتيهم وامتدّت أيديهم إلى الحرام في الطرقات وشلحوا الناس ثيابهم فضج الناس منهم واستغاثوا إليه بشكايتهم فلم يبد منه كبير نكير فأفرط الأمر حتى تعرّض جماعة منهم للغلمان الأتراك وأرادوا أخذ ثيابهم فثار بسبب ذلك شرٌّ قُتِلَ فيه غلام من الترك وحَدَثٌ من المغاربة فتجمع شيوخ الفريقين واقتتلوا يومين آخرهما يوم الأربعاء تاسع شعبان سنة سبع وثمانين وثلاثمائة. فلما كان يوم الخميس ركب ابن عمار لابساً آلة الحرب وحوله المغاربة فاجتمع الأتراك واشتدّت الحرب وقتل جماعة وجرح كثير فعاد إلى داره. وقام برجوان بنصرة الأتراك فامتدّت الأيدي إلى دار ابن عمار واصطبلاته ودار رشا غلامه فنهبوا منها ما لا يحصى كثرة فصار إلى داره بمصر في ليلة الجمعة لثلاث بقين من شعبان واعتزل عن الأمر. فكانت مدّة نظره أحد عشر شهرًا إلاَّ خمسة أيام.

فأقام بداره في مصر سبة وعشرين يومًا ثم خرج إليه الأمر بعوده إلى القاهرة. فعاد إلى قصره هذا ليلة الجمعة الخامس والعشرين من رمضان فأقام به لا يركب ولا يدخل إليه أحد إلاَّ أتباعه وخدمه وأطلقت له رسومه وجراياته التي كانت في أيام العزيز بالله ومبلغها عن اللحم والتوابل والفواكه خمسمائة دينار في كل شهر وفي اليوم سلة فاكهة بدينار وعشرة أرطال شمع ونصف حمل ثلج. فلم يزل بداره إلى يوم السبت الخامس من شوّال سنة تسعين وثلثمائة/1000م. فأذن له الحاكم في الركوب إلى القصر وأن ينزل موضع نزول الناس فواصل الركوب إلى يوم الاثنين رابع عشرة فحضر عشية إلى القصر وجلس مع من حضر فخرج إلى الأمر بالانصراف. فلما انصرف ابتدره جماعة من الأتراك وقفوا له فقتلوه واحتزوا رأسه ودفنوه مكانه وحُمل الرأس إلى الحاكم ثم نقل إلى تربته بالقرافة فدفن فيها. وكانت مدّة حياته بعد عزله إلى أن قُتل ثلاث سنين وشهرًا واحدًا وثمانية وعشرين يومًا وهو من جملة وزراء الدولة المصرية وولى بعده برجوان وقد مرّ ذكره‏.‏»


الهامش