ابن خرداذبه

أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن خرداذبه، الشهير بلقب ابن خـُرْداذبه (205-280 هـ/ 820-893م)، جغرافي فارسي شهير.

وُلد بخراسان. يصل عدد مؤلفاته إلى عشرة، أشهرها كتاب المسالك والممالك، الذي ألَّفه سنة 232هـ، 846م تقريبًا، ويُعدُّ هذا الكتاب أول كتاب كامل في الجغرافيا الوصفية يصل إلينا من التراث العربي الإسلامي، وقد شغل ابن خرداذبه وظيفة صاحب البريد بنواحي الجبال ب إيران، وأصبح مُقرّبًا من بلاط الخليفة المعتمد بسامرّاء (256- 279هـ،870 - 892م)، ويُعتقد بأن كتاب المسالك والممالك قد ألِّف استجابةً لطلب أحد المسؤولين العباسيين، ويبدأ الكتاب بوصف شكل الأرض أو ما يسمى بالجغرافيا الرياضية، ثم يتتبع اتجاه القبلة لكل بلد، ثم وصف الطرق وتقسيم الأرض وعجائب الأرض. ومن مؤلفات ابن خرداذبه الأخرى كتاب عن الأنواء وآخر عن التاريخ. إلى جانب سبعة مؤلفات أخرى متنوعة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مقدمة كتابه الشهير

بسم الله الرحمن الرحيم أطال الله تعالى بقاءك يا ابن السادة الأخيار والأئمة الأبرار منار الدين وخيرة الله من الخلق أجمعين وأدام الله لك السعادة وكثر لك الزيادة من جميع الخيرات ووفقك لسبيل الصالحات وجعلك ممن ارتضى أفعاله وزين أحواله. فهمت الذي سألت أفهمك الله جميع الخيرات وأسعدك إلى الممات وأفلح في الدارين سهمك ووفر فيهما قسمك من رسم إيضاح مسالك الأرض وممالكها وصفتها وبعدها وقربها وعامرها وغامرها والمسير بين ذلك منها من مفاوزها وأقاصيها ورسوم طرقها وطسوقها على ما رسمه المتقدمون منها فوجدت بطليموس قد أبان الحدود وأوضح الحجة في صفتها بلغة أعجمية فنقلتها عن لغته باللغة الصحيحة لتقف عليها وقد رسمت رسم لك فوز الحق في جميع مأمولك ومطالبك ما رجوت أن يكون محيطاً بمطلوبك وآتياً على إرادتك كالمشاهد لما نأى والخبر بما قرب وصنعته كتاباً افتتحته بالحمد لله ذي العزة المنيعة والنعمة السابغة الذي أنشأ الخلق على ما أراد وبين سبيل الحق للعباد لم تشركه في خلقه الآراء المتوهمة ولا ظنون الرؤيات تعالى الله عما يشركون وصلى الله على محمد نبيه وعلى الأخيار من عترته وسلم كثيراً.


هذا كتاب فيه صفة الأرض وبنية الخلق عليها وقبلة أهل كل بلد والممالك والمسالك إلى نواحي الأرض، تأليف أبي القاسم عبيد الله بن عبد الله ابن خرداذبة مولى أمير المؤمنين قال أبو القاسم: صفة الأرض أنها مدورة كتدوير الكرّة، موضوعة في جوف الفلك كالمحّة في جوف البيضة، والنسيم حول الأرض، وهو جاذب لها من جميع جوانبها إلى الفلك، وبنية الخلق على الأرض أن النسيم جاذب لما في أبدانهم من الخفة، والأرض جاذبة لما في أبدانهم من الثقل لأن الأرض بمنزلة الحجر الذي يجتذب الحديد، والأرض مقسومة بنصفين بينهما خط الاستواء وهو من المشرق إلى المغرب وهذا طول الأرض وهو أكبر خط في كرّة الأرض كما أن منطقة البروج أكبر خط في الفلك وعرض الأرض من القطب الجنوبيّ الذي يدور حوله سهيل إلى القطب الشماليّ الذي يدور حوله بنات نعش، فاستدارة الأرض في موضع خط الاستواء ثلاثمائة وستون درجة والدرجة خمسة وعشرون فرسخاً والفرسخ اثنا عشر ألف ذراع والذراع أربع وعشرون إصبعاً والإصبع ست حبات شعير مصفوفة بطون بعضها إلى بعض يكون ذلك تسعة آلاف فرسخ،

وبين خط الاستواء وبين كل واحد من القطبين تسعون درجة اصطرلابية واستدارتها عرضاً مثل ذلك إلا أن العمارة في الأرض بعد خط الاستواء أربع وعشرون درجة ثم الباقي قد غمره البحر الكبير، فنحن على الربع الشماليّ من الأرض والربع الجنوبيّ خراب لشدة الحر فيه والنصف الذي تحتنا لا ساكن فيه، وكل ربع من الشماليّ والجنوبيّ سبعة أقاليم وذكرّ بطلميوس في كتابه أن مدن الأرض على عهده كانت أربعة آلاف ومائتي مدينة.

قبلة أهل كل بلد فقبلة أهل أرمينية وآذربيجان وبغداد وواسط والكوفة والمدائن والبصرة وحلوان والدينور ونهاوند وهمذان وإصبهان والري وطبرستان وخراسان كلها وبلاد الخزر وقشمير الهند إلى حائط الكعبة الذي فيه بابها وهو من القطب الشماليّ عن يساره إلى وسط المشرق، وأما التُّبَّت وبلاد الترك والصين والمنصورة فخلف وسط المشرق بثمانية أجزاء لقرب قبلتهم من الحجر الأسود، وأما قبلة أهل اليمن فصلاتهم إلى الركن اليماني ووجوههم إلى وجوه أهل أرمينية إذا صلوا، وأما قبلة أهل المغرب وإفريقية ومصر والشأم والجزيرة فوسط المغرب وصلاتهم إلى الركن الشأمي ووجوههم إذا صلوا إلى وجوه أهل المنصورة إذا صلوا، فهذه قِبَل القوم والنحو الذي يصلون إليه.

السواد ثم ابتدئ بذكرّ السواد إذ كانت ملوك الفرس تسميه دل إيرانشهر أي قلب العراق، فالسواد اثنتا عشرة كورة كل كورة أستان وطسّاسيجه ستون طسّوجاً وترجمة الأستان احازة وترجمة الطسّوج ناحية، كورة أستان شاذ فيروز وهي حلوان خمسة طساسيج طسّوج فيروز قباذ، وطسّوج الجبل، وطسّوج تامرّا، وطسّوج إربل، وطسّوج خانقين. الجانب الشرقيّ سقي دجلة وتامرّا كورة أستان شاذ هرمز سبعة طساسيج طسّوج بزر جسابور، وطسّوج نهر بوق، وطسّوج كلواذى ونهر بين، وطسّوج جازر، وطسّوج المدينة العتيقة، وطسّوج راذان الأعلى، وطسّوج راذان الأسفل.


المصادر

المراجع