تدمير مواقع التراث الإسلامي في السعودية

يعد تدمير مواقع التراث المرتبطة بالتاريخ الإسلامي المبكر ظاهرة مستمرة حدثت بشكل رئيسي في منطقة الحجاز غرب السعودية، خاصة حول أقدس مدينتين في الإسلام، مكة المكرمة والمدينة المنورة.[1] تركزت أعمال الهدم التي تقوم بها الحكومة السعودية على المساجد ومواقع الدفن والمنازل والمواقع التاريخية المرتبطة بالنبي محمد والصحابة، والعديد من الشخصيات المؤسسة للتاريخ الإسلامي المبكر.[1][2] كانت العديد من عمليات الهدم جزءًا رسميًا من التوسيع المستمر للمسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة والمرافق الخدمية المساعدة، من أجل استيعاب العدد المتزايد باستمرار من المسلمين الذين يؤدون فريضة الحج.[3]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

تم توحيد جزء كبير من شبه الجزيرة العربية سياسيًا بحلول عام 1932 ضمن الدولة السعودية الثالثة والحالية، المملكة العربية السعودية. الحملة العسكرية التي قادها الملك عبد العزيز بن سعود وجيشه من رجال القبائل احتلت الحجاز وأطاحت بالعشيرة الهاشمية الحاكمة. وجد الحكام النجديون العرب الرحل أنفسهم إلى حد كبير في مقاليد مجتمع متطور للغاية. كانت البنية السياسية المتماسكة القائمة على نظام الشورى قائمة منذ قرون. قامت هيئة إدارية مركزية بإدارة ميزانية سنوية خصصت نفقات المدارس الثانوية والجيش والشرطة.[4] وبالمثل، كان النسيج الديني لنجد والحجاز مختلفًا بشكل كبير. كانت العادات والطقوس الثقافية الحجازية التقليدية ذات طبيعة دينية بالكامل تقريبًا. الأعياد والاحتفالات الدينية المرتبطة بالنبي محمد وآل بيته وصحابته، وزيارة الأضرحة والمقابر والأماكن المقدسة المرتبطة بأي من هذه كانت من بين العادات الأصلية للإسلام الحجازي.[5] مع انتقال السلطة الإدارية للحجاز إلى أيدي المسلمين النجديين الوهابيين، نظر علماء الدين الوهابيين إلى الممارسات الدينية المحلية على أنها خرافة لا أساس لها تحل محل العقوبات الدينية المقننة التي كانت تعتبر فسادًا كليًا للدين وانتشار البدع.[6] ما تبع ذلك كان إزالة البنية التحتية المادية والمقابر والأضرحة والمساجد والمواقع المرتبطة بآل البيت والصحابة.[7]


القرن 19

عام 1801 و1802، قام آل سعود تحت قيادة عبد العزيز بن محمد آل سعود بمهامة والاستيلاء على المواقع الشيعية المقدسة في كربلاء والنجف، في العراق حالياً، وذبح أعداد من الشيعة وتدمير مقبرة الحسين بن علي، حفيد النبي محمد وابن علي بن أبي طالب. عام 1803 و1804، استولى آل سعود على مكة والمدينة وقاموا بتدمير الآثار التاريخية وعدد من المواقع المقدسة والأضرحة، مثل ضريح بُني على مقبرة السيدة فاطمة، ابنة محمد، حتى أنهم عزموا على هدم قبر النبي محمد نفسه، مما أثار موجة من الغضب في العالم الإسلامي.[8][9][10] في مكة، هُدمت قبور أقارب مباشرين للنبي محمد الموجودة في مقبرة جنة المعلا، بما في ذلك مقبرة زوجته الأولى السيدة خديجة.[11] بدأ التفكيك الأولي للمواقع عام 1806 عندما احتل الجيش الوهابي التابع للدولة السعودية الأولى المدينة المنورة وهدم بشكل منهجي العديد من المنشآت في مقبرة جنة البقيع.[12] مقبرة البقيع هي مقبرة واسعة مجاورة للمسجد النبوي تضم رفات العديد من أفراد آل البيت، والصحابة والشخصيات المركزية من التاريخ الإسلام المبكر. أقام الأتراك العثمانيون، وهم أنفسهم من أتباع طوائف أكثر تسامحًا بعض الأحيان، أضرحة متقنة فوق قبور البقيع. هُدمت هذه الأضرحة في معظمها. كما استهدف المساجد في أنحاء المدينة وحاول الوهابيون هدم قبر محمد.[13] أدى النقد الصريح واسع النطاق لهذا الإجراء الأخير من قبل المجتمعات الإسلامية في أماكن بعيدة مثل الهند، في النهاية إلى التخلي عن أي محاولات هدم في هذا الموقع. أدت الادعاءات السياسية ضد السيطرة التركية على المنطقة إلى الحرب العثمانية السعودية (1811-1818) حيث أجبرت الهزيمة السعودية رجال القبائل الوهابية على التراجع عن الحجاز والعودة إلى الداخل. أعادت القوات التركية تأكيد سيطرتها على المنطقة وبدأت بعد ذلك في إعادة بناء المواقع المقدسة على نطاق واسع بين عامي 1848 و1860، وقد استخدم الكثير منها أفضل الأمثلة على التصميم والحرفية العثمانية.[14]

القرن 20

مقبرة البقيع قبل أعمال الهدم عام 1926.
الضريح السابق لفاطمة الزهراء، العباس، الحسن بن علي، علي الساجد، محمد الباقر، وجعفر الصادق.
المقبرة بعد أعمال هدم عام 1926. المسجد النبوي في الخلفية البعيدة، باتجاه الغرب.
صورة بانورامية للمقرة، حيث القبلة خلف المصور، صورة باتجاه الشمال.
مقبرة الإمام زين العابدين مدنسة في البقيع.

في 21 أبريل 1925، مرة أخرى هُدمت الأضرحة والقباب في البقيع بالمدينة المنورة.[14] وكذلك كانت مؤشرات الموقع الدقيق لأماكن دفن آل البيت محمد وذريتهم، كما هي حتى يومنا هذا. رُسمت أجزاء من قصيدة البُردة الشهيرة التي تعود إلى القرن الثالث عشر في مدح الإمام البوصيري للنبي محمد، والمنقوشة على قبر محمد. ومن بين المواقع المحددة التي استهدفت في ذلك الوقت قبور شهداء غزوة أحد، ومنها قبر حمزة بن عبد المطلب عم محمد وأحد أحبائه. مسجد فاطمة الزهراء بنت محمد ومسجد المنارتين وقبة الثنايا،[14] بنيت القبة لدفن ثنايا النبي محمد، أي القاطع الذي انكسر من ضربة تلقاها النبي أثناء غزوة أحد. في المدينة المنورة، مشربة أم إبراهيم، منزل السيدة ماريا القبطية زوجة محمد، والمكان الذي وُلد فيه ابنهما إبراهيم، بالإضافة إلى موقع دفن حميدة البربرية المجاور، والدة الإمام موسى الكاظم، دمرت خلال هذه الفترة.[14] تم رصف الموقع وهو اليوم جزء من ساحة رخامية ضخمة بجوار المسجد. أمرت اللجنة العلمية الدائمة المعينة من قبل الحكومة السعودية بهدم مثل هذه المنشآت في سلسلة من الأحكام الإسلامية التي تشير إلى التبجيل المفرط الذي يؤدي إلى الشرك.[15]

القرن 21

شهد القرن الحادي والعشرون زيادة في هدم المواقع في مكة والمدينة من قبل السلطات السعودية، إلى جانب التوسع في التطوير الفاخر. مع استمرار شعائر "الحج" السنوية في جذب حشود أكبر عامًا بعد عام، رأت السلطات السعودية أنه من الضروري هدم مساحات كبيرة من المناطق السكنية السابقة حول الحرمين المكي والنبوي لإفساح المجال أمام البنية التحتية للحج. عام 2010، كان من المتوقع أن ينفق المطورون ما يقدر بنحو 13 بليون دولار على أكبر مشروع توسع في تاريخ المدينة.[16]

في حين أن هناك اتفاقًا واسع النطاق على الحاجة إلى المرافق التي يمكن أن تستوعب أعدادًا أكبر من الحجاج، فقد تم تطوير فنادق راقية وأبراج عمارات ومطاعم ومراكز تسوق ومنتجعات صحية[17] تسبب في انتقاد البعض للسلطات السعودية لغفراطها في تسويق موقع يعتبره الكثيرون حرماً إسلامياً مقدساً.

التدفق السريع لاستثمارات رأس المال في مكة والمدينة يقود الكثيرين إلى الاعتقاد بأن المال والنمو الاقتصادي هما السبب النهائي لما تقوم به السلطات السعودية من أعمال الهدم. يجادل النقاد بأن هذا التركيز المالي يعمل مع السياسة الوهابية للدولة لتي تفرض محواً ثقافيًا واجتماعيًا هائلًا لمعالم المدن المقدسة،[18] محو أي عنصر يشجع على الممارسات المناهضة للعقيدة الوهابية.

بحسب الإندپندنت، فإن بيت المولد الذي قيل إن النبي محمد قد وُلد فيه على وشك أن يحل محله قصر ملكي ضخم، كجزء من مشروع بناء ببلاين الدولارت في مكة أدى إلى تدمير مئات المعالم التاريخية.[19]

يحول السعوديون الدرعية، عاصمة الدولة السعودية الأولى، إلى منطقة جذب سياحي رئيسية.[20][21]

المواقع المدمرة

المساجد

المقابر والقبور

المواقع الدينية التاريخية


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشآت العسكرية التاريخية

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ أ ب "Wahhābī (Islamic movement)". Encyclopædia Britannica. Edinburgh: Encyclopædia Britannica, Inc. 9 June 2020. Archived from the original on 26 June 2020. Retrieved 8 September 2020. Because Wahhābism prohibits the veneration of shrines, tombs, and sacred objects, many sites associated with the early history of Islam, such as the homes and graves of companions of Muhammad, were demolished under Saudi rule. Preservationists have estimated that as many as 95 percent of the historic sites around Mecca and Medina have been razed.
  2. ^ "Medina: Saudis take a bulldozer to Islam's history". The Independent. 26 October 2012. Archived from the original on 6 September 2017. Retrieved 14 November 2014.
  3. ^ "'Cultural genocide of Islamic heritage' in Saudi Arabia riles Sunni Sufis". The Times of India. 11 April 2013. Archived from the original on 11 April 2013.
  4. ^ Yamani, Mai (2009). "Devotion". Cradle of Islam. London: I.B. TAURIS. p. 2. ISBN 978-1-84511-824-2.
  5. ^ Yamani, Mai (2009). "Devotion". Cradle of Islam. London: I.B. TAURIS. p. 4. ISBN 978-1-84511-824-2.
  6. ^ Rentz, George S. (2004). "Devotion". The Birth of the Islamic Reform Movement in Saudi Arabia. London: Arabian Publishing Ltd. p. 139. ISBN 0-9544792-2-X.
  7. ^ Angawi, Dr.Sami (February 19, 2002). "A NewsHour with Jim Lehrer Transcript". PBS NewsHour Online Transcript. Archived from the original on October 24, 2010. Retrieved October 29, 2010.
  8. ^ Ahmed, Irfan (July 2006). "The Destruction of Holy Sites in Mecca and Medina" Archived 2016-01-26 at the Wayback Machine. Spirit themag. Issue 1.
  9. ^ Nibras Kazimi, A Paladin Gears Up for War Archived 2008-03-04 at the Wayback Machine, The New York Sun, November 1, 2007
  10. ^ John R Bradley, Saudi's Shi'ites walk tightrope, Asia Times, March 17, 2005
  11. ^ "The American Muslim (TAM)". Theamericanmuslim.org. Archived from the original on 16 March 2017. Retrieved 14 November 2014.
  12. ^ "The Saud Family and Wahhabi Islam". Countrystudies.us. Archived from the original on 16 March 2017. Retrieved 14 November 2014.
  13. ^ Anthony H. Cordesman (2003). Saudi Arabia enters the 21st century. Praeger (April 21, 2003). ISBN 978-0-275-98091-7. Archived from the original on January 18, 2023. Retrieved August 12, 2015. The tension between Saudi Shi'ite and Wahhabi is especially intense because Saudi "Wahhabis" actively reject all veneration of man, even the prophet. At one point, they attempted to destroy Muhammad's tomb in Medina. In contrast, the Saudi Shi'ites are "Twelvers", a branch of Islam that venerates the Prophet's son-in-law Ali, and believes that the leadership of Islam must pass through Ali's line. They venerate each of the past imams, and make pilgrimages to their tombs.
  14. ^ أ ب ت ث ج ح Irfan Ahmed, The Destruction of Holy Sites in Mecca and Medina, page 1 Archived 2011-07-13 at the Wayback Machine, Islamica Magazine, Issue 15.page 71. Accessed online October 29, 2010.
  15. ^ "Fatwas of the Permanent Committee". Official KSA Rulings. Archived from the original on 13 December 2014. Retrieved 27 March 2014.
  16. ^ Abou-Ragheb, Laith (July 12, 2005). "Dr.Sami Angawi on Wahhabi Desecration of Makkah". Center for Islamic Pluralism. Archived from the original on July 22, 2016. Retrieved November 28, 2010.
  17. ^ "Makkah Hotels: Makkah Hotel at Fairmont". Fairmont.com. Archived from the original on 5 February 2017. Retrieved 8 December 2014.
  18. ^ Laessing, Ulf (November 18, 2010). "Mecca goes Upmarket". Reuters. Archived from the original on November 21, 2010. Retrieved December 1, 2010.
  19. ^ "Mecca under threat: Outrage at plan to destroy the 'birthplace' of the Prophet Mohamed and replace it with a new palace and luxury malls". The Independent. Archived from the original on 13 November 2014. Retrieved 14 November 2014.
  20. ^ Hubbard, Ben (31 May 2015). "Saudis Turn Birthplace of Wahhabism Ideology Into Tourist Spot". The New York Times.
  21. ^ Estimo Jr, Rodolfo (5 January 2017). "Diriyah on course to become world-class tourist spot". Arab News. Retrieved 21 July 2017.
  22. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س History of the Cemetery of Jannat al-Baqi Archived 2013-10-17 at the Wayback Machine, History of the Shrines, Al-Islam.org (Ahlul Bayt Digital Islamic Library Project). Accessed online 16 December 2008.
  23. ^ أ ب Salah Nasrawi,"Mecca's ancient heritage is under attack – Developments for pilgrims and the strict beliefs of Saudi clerics are encroaching on or eliminating Islam's holy sites in the kingdom" Archived 2016-12-24 at the Wayback Machine, Los Angeles Times, September 16, 2007. Accessed online 16 December 2008.
  24. ^ Power, Carla (November 14, 2014). "Saudi Arabia Bulldozes Over Its Heritage" Archived 2014-11-14 at the Wayback Machine. Time.
  25. ^ "Why is Saudi Arabia destroying the cultural heritage of Mecca and Medina?". The Art Newspaper. 19 November 2015. Archived from the original on 23 January 2022. Retrieved 4 February 2022.
  26. ^ "Historic Makkah fortress demolished". Arab News (in الإنجليزية). 2002-01-09. Archived from the original on 2021-01-19. Retrieved 2021-11-07.

وصلات خارجية