المعرفة والسلطة

(تم التحويل من معرفة السلطة)
المعرفة والسلطة مترجم للعربية. لقراءة وتنزيل الكتاب، اضغط على الصورة.

في النظرية النقدية، المعرفة والسلطة أو المعرفة-السلطة (إنگليزية: power-knowledge)، هو مصطلح طرحه الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو (فرنسية: le savoir-pouvoir). وفقًا لفوكو، تقوم السلطة على المعرفة وتستفيد من المعرفة؛ من ناحية أخرى، تعيد السلطة إنتاج المعرفة من خلال تشكيلها وفقًا لنواياها المجهولة.[1] تعيد السلطة تأسيس مجالات الممارسة الخاصة بها من خلال المعرفة.

لطالما كانت العلاقة بين السلطة والمعرفة موضوعًا مركزيًا في العلوم الاجتماعية.[2]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تاريخ المفهوم

إسهامات فوكو

قدم ميشيل فوكو Michel foucaut(1926-1984) سلسلة من المحاضرات القيمة في " الكوليج دو فرانس" ساهم من خلالها في اغناء النقاش بصدد مجموعة من القضايا المهمة والإشكاليات الملحة التي أصبحت تطرح في فضاء التحليل والنقاش الفلسفي على المستوى الأوروبي والعالمي استجابة للظروف التي يمر منها المجتمع المعاصر الذي أصبح يتخبط في العديد من المشاكل فرضت ضرورة الكشف عن الخلل الذي يعيشه انطلاقا من القيام بعملية تشخيص للحاضر وللواقع ؛ وهي نفس المهمة التي تضطلع بها الفلسفة حسب M foucaut؛ إذ أن الفلسفة الراهنة أصبحت تهتم بتشخيص الحاضر والاهتمام بالجانب اللامفكر فيه؛( كالبحث عن اللاعقلاني في الحضارة الغربية )؛ وفي هذا الإطار يقول ميشيل فوكو:" إنها(أي الفلسفة) عملية تشخيص على غرار الفحص الطبي ؛فهي محاولة لتشخيص الحاضر؛ أي أنها تسعى لأن تعين ما هو الحاضر؟ وبماذا يختلف حاضرنا اختلافا مطلقا عن ماضينا ؟ عملية التشخيص هاته عمل ميشيل فوكو على بلورتها من خلال سلسلة من المحاضرات التي ألقاها في" الكوليج دي فرانس" .

وعلى هذا الأساس سنحاول في هذه الورقة استقراء أهم ما ورد في الدرس الذي ألقاه ميشيل فوكو في المؤسسة السابقة الذكر بتاريخ كانون الثانيjanvier 1976؛ وذلك من أجل كشف النقاب عن جزء هام من المواضيع التي تصدى إليها المشروع الفوكوي بالدراسة والتحليل لإبراز مدى أهمية وراهنية مقاربة ميشيل فوكو في دراسة الأنساق والنظم الاجتماعية المعاصرة .

على أساس أننا لن نلتزم بتكرار جميع المواضيع والمحاور التي تطرق لها ميشيل فوكو في هذه المحاضرة بل سنقتصر فقط على الجزء المهم منها الذي يتوافق مع أهداف تخصصنا؛ إذ تبقى هذه العملية مجرد محاولة أولية لمحاورة نصوص ميشيل فوكو؛ الأمر الذي يجعلها مغامرة محفوفة بمخاطر الانزلاق في تأويلات ذاتية يمكن أن تشوه المعنى الحقيقي لمقولات فوكو.


افتتح ميشيل فوكو هذه المحاضرة بالحديث عن التداخل المفاهيمي الذي يقع للرأي العام في سياق تحليله لمفهوم المؤسسة ؛ خصوصا مؤسسة "الكوليج دي فرانس" التي يؤكد فوكو بأنها ليست مؤسسة تربوية أو تعليمية وان كانت غاية تأسيسها كانت كذلك فإنها تحولت إلى هيئة علمية تضطلع بمهمة البحث وتحصل مقابل ذلك على أجر مادي؛ إذ أن الظروف العامة والسياقات التي تؤثث طريقة عمل"الكوليج دي فرانس" تستبعد أن نطلق عليه اسم المؤسسة بالمعنى الحديث لها؛ فهو لا يخضع لقوانين معينة تلزم تقديم تقارير عن الموضوعات المنجزة، أو توجه المستفيدين من الدروس نحو القيام بأعمال روتينية، بل شعاره هو الحرية في الفكر والحرية في العمل والحضور.

بعد هذا التوضيح انتقل ميشيل فوكو للحديث عن الملابسات التي جعلته يعتزم على تغيير توقيت الدروس التي يلقيها من حصة المساء إلى حصة الصباح من أجل تقليص عدد الحاضرين؛ حتى تتسنى إمكانية التواصل معهم وإقناعهم بالأفكار والأطروحات المتداولة، ومن ثم التحكم في مجرى المحاضرة.


يقصد ميشيل فوكو بالمعارف الخاضعة ما يجب فهمه بشكل مغاير أو مناقض على اعتبار أن تلك المعارف لم تصل بعد إلى مستوى المعارف المفهومة؛ فهي غير كافية، وغير مشكلة مما يجعلها تحتل مرتبة دنيا في السلم التراتبي للمعرفة بالمقارنة مع المعارف المكتسبة أو المحقة التي تخضع لمنهجية وقواعد دقيقة؛ إذ أن المعارف الخاضعة التي يطلق عليها ميشيل فوكو اسم:" المعارف المحلية حول الناس"؛ هذه المعارف الغير المؤهلة هي التي أدت إلى حدوث النقد الذي جسدته كتابات هذا الأخير حول" تاريخ الجنون؛ ومولد العيادة؛ الكلمات والأشياء؛المراقبة والعقاب.


التطورات الحديثة

في صلب الأزمات الحاضرة عربياً، تكمن واحدة من أخطر الإشكاليات، التي تحتاج إلى تفكيك، من أجل كسر حالة الفوات التاريخي، وتلك الإشكالية تتمثل في العلاقة بين المعرفة والسلطة، خصوصاً أن مشروع التنوير الذي بدأ منذ ما يقارب مئة عام لم يستكمل طريقه، بفعل هيمنة سلطات متعددة، في مقدمتها السلطات السياسية التي أخذت على عاتقها مهمة بناء الدولة الوطنية، والتي مارست هيمنة ممنهجة على إنتاج المعرفة، بما يتماشى من جهة مع وعيها الأيديولوجي، وبما يتماشى مع مصالحها من جهة أخرى.[3] قد يكون الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو من أبرز الفلاسفة المعاصرين الذين اشتغلوا على تفكيك العلاقة بين المعرفة والسلطة، وقد افترض فوكو أن إحدى مهام المعرفة هي مساءلة السلطة، والتي تعني «العمل على تحديد السلطة، من خلال كشف آلياتها وآثارها وعلاقاتها بمختلف جاهزيات السلطة المُمارسة»، وفي هذا التوجه لفوكو نزوع إلى جعل المعرفة، والفلسفة، على وجه الخصوص، مرتبطة بالحاضر، وليست مجرد تعالٍ في الفضاء المجرد. السلطة في وعي فوكو عموماً، وفي وعي الفلاسفة المعاصرين، بقيت أسيرة النموذج الغربي/ الليبرالي، حيث يشكل اقتصاد السوق مرجعية السلطة، وبالتالي فإن مساءلة السلطة عبر المعرفة، تغدو، بشكلٍ من الأشكال، مساءلة لاقتصاد السوق، وما ينتجه من قيم مرتبطة به، وبآلياته، وبمصالح الفئات المسيطرة على توجهاته. في السياق العربي، لم تتشكّل السلطة، منذ الانتدابات، في خضم السوق الاقتصادية، وإنما، اكتسبت القدر الأكبر من شرعيتها من خلال النظام الدولي، ومن الاستقطابات التي سادت فيه، ما بعد الحرب العالمية الثانية، وبناءً عليه، فإن السلطة في بعض دول العالم العربي كانت، من حيث المبدأ والمصلحة، على تناقض مع اقتصاد السوق الحر، وبالتالي، فقد كانت مصلحتها، ولضرورات وجودية، إعاقة اقتصاد السوق، وما ينتجه من مؤسسات وآليات، ومنها المؤسسات الأكاديمية، التي يفترض أنها تقوم بدور رئيسي في إنتاج المعرفة. ولضرورات الهيمنة على المجتمع، فإن السلطة في بعض الدول العربية، ونتيجة آليات وجودها، هيمنت على الفضاء المعرفي، وثمة مؤشر مهم وواضح يؤكد حالة الشرخ بين المعرفة والسلطة، وهو مؤشر قابل للقياس، يتمثل في المسافة الفاصلة بين المؤسسات الأكاديمية وبين المجتمع، فقد تحوّلت الأكاديميات إلى مؤسسات لتفريخ الخريجين، وغابت عنها الروح الحرّة، التي يمكن أن تخلق تأثيراً في البنى المجتمعية، أو تتفاعل مع مؤسسات المجتمع المدني. مارس عقل السلطة إقصاءً لكل ما هو متناقض معه، وفي هذا السياق، فإن عقل السلطة نفسه لم يعد معرفياً، وفقد عناصر العقلانية، التي يمكن أن تقرأ التحوّلات السياسية والاقتصادية، أو تتعرّف إلى الحاجات المستجدة في الواقع، واقع الفئات والشرائح الاجتماعية. تفكيك العلاقة بين المعرفة والسلطة، في سياق الحاجة للتقدم في العالم العربي، تصبح مهمة تاريخية، فعملية عقلنة السلطة، وبناء شرعيتها انطلاقاً من حاجات الواقع نفسه، هي في الوقت نفسه عقلنة للمعرفة، وإخضاعها، أي إخضاع المعرفة، للنقد، من مناهج وأدوات وشروط، فلا تبقى المعرفة متعالية، في ثوب التاريخ والعقائد والأيديولوجيات، وإعادتها للعالم الواقعي، الذي يضع الإنسان منطلقاً وغاية له. تفكيك المعرفة كهدف مستقل، هو مسألة أيضاً في غاية الأهمية لتجاوز الفوات التاريخي، فمع وصول مشروع النهضة العربي إلى أفق مسدود، تحوّلت المعرفة إلى سلطة، إلى دائرة مغلقة، لا يأتيها الباطل لا من أمام ولا من وراء، وكل معرفة بهذا المعنى هي أسّ التطرف، بكل أشكاله، تطرف السلطة، وتطرف الجماعات، وتطرف الأفراد، ففي مجتمعات لا تخضع فيها المعرفة للنسبية، تتحوّل إلى مصدر للعنف والعنف المضاد، وهو ما ينتشر اليوم على امتداد جزء كبير من الجغرافيا العربية.


اشتهر الفيلسوف الفرنسي[3] الألمعي ميشيل فوكو (1926-1984) بتحليله التاريخي للعنف والجنسانية والجنون، بقدر شهرته بمقولاته الملغزة حول طبيعة السلطة والمعرفة والحقيقة. وغرضي من هذا المقال اختبار مقولاته حول السلطة والمعرفة والحقيقة، وبخاصة تلك المتعلقة بالمعرفة العلمية.

يعتقد فوكو، كونه فيلسوفًا بنيويًا، أن المفتاح لفهم وضع المعرفة العلمية هو فهم البنى المفاهيمية الكامنة في أسسها. تدفع البنى المفاهيمية إلى السطح مجالات المعرفة وتنظمها، عبر تصنيف الأشياء والبحث في كيفية وجودها وكيفية معرفتنا بها وحديثنا عنها. فاللذة الجنسية والحمل مثلًا ظلا موضوعين للمناقشة بين الكتّاب عبر التاريخ، لكن ليس بوصفهما «جنسانية Sexuality». والأخيرة لم تكن مما يُنعت به الأفراد ولا خصيصة يتصف بها شخص ما حتى القرن التاسع عشر.

ولم تكن لتظهر دراسة الجنسانية البشرية من دون منظومة مفاهيمية (مثل ثنائيات «طبيعي»/«مرضي« أو «معترف»/«متلقي الاعتراف»)، والممارسات الاجتماعية التي تدور في فلكها (مثل طب القرن التاسع عشر وطقوس التوبة الكاثوليكية). ولفظة «الخطاب» عند فوكو هي عَلَم على البنى المفاهيمية التي ظهرت لتنظيم مجال ما من مجالات المعرفة، ومن ثم فهناك خطابات بيولوجية أو كيميائية أو أنثروبولوجية وما إلى ذلك.

ويجادل فوكو بأن الخطاب العلمي ليس نتاج دراسة موضوعية لظاهرة ما، كما يحب أنصار الواقعية العلمية (ومعظم العلماء منهم) أن يعتقدوا، وإنما هو بالأحرى نتاج منظومات من علاقات القوة تناضل لخلق مجالات معرفية داخل مجتمع ما.

علاقته بالمعلومات

المصادر

  1. ^ Foucault, Michel, 1926-1984. (2008). The history of sexuality. Penguin. ISBN 9780141037646. OCLC 709809777.{{cite book}}: CS1 maint: multiple names: authors list (link) CS1 maint: numeric names: authors list (link)
  2. ^ Segev, Elad (2019-09-05). "Volume and control: the transition from information to power". Journal of Multicultural Discourses. 14 (3): 240–257. doi:10.1080/17447143.2019.1662028. ISSN 1744-7143.
  3. ^ أ ب [1]المعرفة والسلطة [2]معرفة متحررة من السلطة [3]المعرفة والسلطة في تصور ميشيل فوكو