عبد الرحمن الغافقي

(تم التحويل من عبد الرحمان الغافقي)
رسم للفنان كارل فان ستوبين لمعركة بلاط الشهداء

عبد الرحمن الغافقي قائد إسلامي شارك في فتح الأندلس في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك وتولى إمارتها بعد تعيين 4 ولاة للأندلس لم يستطيعوا أن يثبتوا أنفسهم فيها، قام عبد الرحمن بإخماد الثورات القائمة في الأندلس بين العرب والبربر وعمل على تحسين وضع البلاد الأمني والثقافي. استشهد في معركة بلاط الشهداء (732 م الموافق 114 هـ) قرب مدينة تورز الفرنسية وذلك بعد أن توغل في جيشه داخل أراضي الفرنجة حتى وصل إلى ما يعرف اليوم بشمال إيطاليا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

صورة تخيلة للمعركة

هو عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي العكّي، من أمراء الأندلس وأعظم ولاتها وأقدرهم. برز قائداً في جيش والي الأندلس السمح بن مالك الخولاني، وفي سنة 102هـ/721م، قاد السمح بن مالك جيشاً غزا به أرض الفرنجة في بلاد الغال (گاليا) انطلاقاً من سپتمانيا ومركزها أربونة (ناربونة) التي فتحها المسلمون قبلاً في الجزء الجنوبي الغربي من گاليسيا واتخذوها قاعدة لهم. [1]

وتقدم السمح متوغلاً في أراضي أكيتانيا وحاصر عاصمتها تولوشة (تولوز) على نهر الگارون. وحدثت معركة بين جيش السمح وجيش دوق أكيتاينا (أكويتن) الكونت «أودود». وقتل السمح فاختار الجيش عبد الرحمن ابن عبد الله الغافقي قائداً له، فرجع عبد الرحمن بالجيش إلى الجنوب نحو قاعدة ناربونة رجوعاً منظماً ومن دون تفكك، وأقرته الجماعة النافذة في البلاد والياً على الأندلس حتى يقدم الوالي الجديد، فلبث في منصبه فترة قصيرة ظهرت فيها مقدرته، واستطاع أن يخمد بوادر الخروج التي ظهرت في الولايات الشمالية، وأن يستبقي الجزية على نربونة وسواها من قواعد سبتمانيا، وظل يخمد الفتن ويصلح الأمور حتى قدم عنبسة بن سحيم الكلبي والياً على الأندلس لبشر بن صفوان الكلبي والي إفريقيا والأندلس يومئذٍ تتبع ولاية إفريقيا. ثم مات عنبسة متأثراً بجراحه عند عودته من غزوه أرض الفرنجة سنة 107هـ/725م، وارتد الجيش إلى الداخل وظهر الاضطراب في الجزيرة، وتعاقب ولاة عدة بعده حتى عيّن والي إفريقيا عبيدة بن عبد الرحمن السلمي عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي والياً على الأندلس بموافقة الخليفة الأموي في دمشق هشام بن عبد الملك، فكانت هذه الولاية هي الثانية، فرحبت الأندلس بتوليته، وأحبه الجند لعدله ورفقه، وجمعت هيبته كلمة القبائل، فتراضت مضر وحمير، وعاد الوئام إلى الإدارة والجيش. وقام عبد الرحمن بزيارة الأقاليم المختلفة، ونظم شؤونها وعهد بإدارتها إلى ذوي الكفاية والعدل، وقمع الفتن والمظالم، وأعاد إلى النصارى كنائسهم وأملاكهم، وعدل نظام الضرائب على أساس العدل والمساواة، وضبط الإدارة، وأصلح الجيش مشاركاً فيه مختلف الولايات. وأعدّ وحدات قوية مختارة من فرسان البربر بقيادة نخبة من القادة العرب، وحصّن القواعد والثغور الشمالية.

نشأ وضع جديد عندما عقد دوق أكويتن (أكيتانيا) تحالفاً مع مينوسة الحاكم المسلم لولايات البيرنيه الشمالية وسبتمانيا موثقاً هذا الحلف بمصاهرة من دون موافقة عبد الرحمن، وكانت غاية التحالف مناوأة حكومة الأندلس، فأرسل عبد الرحمن حملة اجتاحت مناطق الثائر «مينوسة» الجبلية وقتلته وأسرت زوجته ابنة دوق أكيتانيا (لامبيجيا)، التي حُمِلَت إلى دمشق وزوجت هناك من أمير مسلم.

دفعت هذه الأحداث الفرنجة والقوط إلى التحرك لمهاجمة المواقع الإسلامية، مما دفع عبد الرحمن إلى إعداد جيش كبير لاجتياح مملكة الفرنجة كلها، وكان أكبر جيش سيره المسلمون إلى بلاد الغال (گاليا-فرنسا) منذ الفتح، وبقصد الثأر لحملة السَّمح بن مالك السابقة. وحشد عبد الرحمن قواته في بمبلونة جنوبي البيرينيه بعدما اخترق أراگون (الثغر الأعلى) وناڤاره (بلاد البشكنس) ثم عبر الپيرينيه من ممرات باب شزروا (رونسيڤال)، فاستولى على «آرل»، وتوجه إلى «بوردو» وهَزم الدوق، في معركة نهر الگارون، وتابع الجنود تقدمهم نحو الشمال مثقلين بالغنائم. واستنجد دوق أكيتانيا أودو بـ «شارل (كارل) مارتل» صاحب السلطة الحقيقية محافظ قصر ملك فرنسا الصوري تيودوريك الرابع، وأحس كارل بخطر الهجوم العربي الإسلامي على دولته، التي يسعى إلى ترسيخها، فبادر بسرعة إلى جمع جيش كبير قاده لمواجهة العرب.

والتقى الجيشان في موضع بين «تور» و«پواتييه» يبعد عشرين كيلو متراً شمال شرقي پواتييه. وحدثت معركة شرسة في أوائل 114هـ وربيع 732م، استشهد فيها قائد الجيش عبد الرحمن، وتراجع الجيش بعد ذلك، وأطلق العرب على موقع المعركة اسم «بلاط الشهداء»، على أن المعركة لم تكن فاصلة، ولم تحل دون حدوث غزوات أخرى لاحقاً، إذ توغل بعد سنتين (116هـ/734م) يوسف بن عبد الرحمن، حاكم نربونة في حوض الرون، باتجاه الشمال، ولكن الغزوات اللاحقة كانت أقل عمقاً وأضيق نطاقاً. واستقر المسلمون في الأراضي التي حازوها بحملة يوسف بن عبد الرحمن مدة أربع سنوات، ردهم بعدها كارل مارتل إلى قاعدتهم نربونة، ولم يستطع فتحها إلى أن قام «بيبن» الفرنجي عام 761م باسترجاع نربونة وبذا سقط آخر معقل للمسلمين في أراضي غاليا أو (غاليش).

لم يولِ المؤرخون العرب والمسلمون بلاط الشهداء أهمية كبرى قياساً بمؤرخي الغرب، ولاسيما الحديثون منهم، الذين عدّوها معركة فاصلة في الصراع بين الإسلام والنصرانية، ردّ فيها الزحف الإسلامي عن غربي أوربا النصراني بأكمله.

وقد كان عبد الرحمن الغافقي جندياً مجيداً ظهرت مواهبه الحربية في غزوات غاليا كما كان حاكماً قديراً بارعاً في شؤون الحكم والإدارة يعمل للإصلاح. وتجمع الروايات على رفيع صفاته وتقدير عدله وحلمه وتقاه. والمعروف عنه أنه كان من التابعين روى عن عبد الله بن عمر بن عبد العزيز وعبد الله بن عياض.


انظر أيضاً

الهوامش

  1. ^ يوسف الأمير علي. "عبد الرحمن الغافقي". الموسوعة العربية. Retrieved 2014-11-11.

المصادر

قراءات إضافية

  • History of Abdul Salam Al Termanini[dead link] (in Arabic)
  • The New Century Book of Facts, King-Richardson Company, Springfield, Massachusetts, 1911
  • A list of historical rulers in what is now Spain[dead link] (in Spanish)
  • "Early Andalusian Politics", by Richard Greydanus
  • Edward Gibbon, The Decline and Fall of the Roman Empire, (New York, 1974), 6:16.
  • Richard Hooker, "Civil War and the Umayyads"
  • Tours, Poiters, from "Leaders and Battles Database" online.
  • Robert W. Martin, "The Battle of Tours is still felt today", from about.com
  • Santosuosso, Anthony, Barbarians, Marauders, and Infidels ISBN 0-8133-9153-9
  • Bennett, Bradsbury, Devries, Dickie and Jestice, Fighting Techniques of the Medieval World
  • Reagan, Geoffry, The Guinness Book of Decisive Battles, Canopy Books, NY (1992) ISBN 1-55859-431-0
  • Early Andalusian Politics, Richard Greydanus
  • History of Abdul Salam Al Termanini (Arabic)


سبقه
السمح بن مالك الخولاني
والي الأندلس
721–722
تبعه
عنبسة بن سحيم الكلبي
سبقه
محمد بن عبد الله الأشجعي
والي الأندلس
730–732
تبعه
عبد الملك بن قطن الفهري