بابانيون

(تم التحويل من سلالة بابان)
إمارة بابان، حوالي 1835.
خريطة توضح حدود إمارة بابان
تاريخ الأكراد
مانيون
كاردوخيون
ميديون
هزوانيون
شداديون
حسنويون
عنازيون
مروانيون
أيوبيون
بدليسيون
أردلانيون
بهدينانيون
سورانيون
بابانيون

البابانيون كانوا أصحاب الإمارة الكردية التي عرفت بإمارة بابان (1649 - 1851) وتشير بعض المصادر أن أصولهم ترجع إلى القبائل الكردية التي كانت تقطن منطقة بَشْدَرْ في شمال العراق وأن رئيس القبيلة أحمد الفقيه استلم لقب " بَهْ بَهْ " أو " بابان " من السلطان العثماني مكافئة لصراعهم مع الصفويين. مثل بقية الإمارات الكردية كانت حدود الإمارة ومدى إستقلاليتها تتغير حسب التحالفات والضغوط الخارجية والصراعات الداخلية [1].

في عام 1783 أو 1781 بنى البابانيون مدينة السليمانية واتخذوها عاصمة لهم. كانت علاقة هذه الإمارة متوترة مع الإمارات الكردية الأخرى مثل إمارة سوران وإمارة بوتان بالإضافة إلى صراعهم مع العثمانيين والقاجار الإيرانيين .

وهناك إختلاف على سبب التسمية فيعتقد البعض إنه تم العثور أثناء الحفر لبناء المدينة، على خاتم نُقش عليه إسم سليمان غير أن الباشا الباباني، بلغ سليمان باشا ، والي بغداد آنذاك ، بأن التسمية كانت نسبة إليه أي إلى السلطان العثماني بينما يعتقد البعض الآخر ان إبراهيم باشا بابان سمى الدينة نسبة إلى والده سليمان باشا [2]. امتد نفوذ البابانيين في البقعة المتدة بين نهر الزاب الصغير ونهر سيروان أو ما يسمى ايضا نهر ديالى وتشير بعض النصوص الأدبية إلى إن الإمارة كانت في فترة من الفترات مستقلة تماما عن النفوذين الفارسي والعثماني إستنادا إلى قصيدة مشهورة للشاعر الكردي رضا الطالباني (1835 - 1909) المشهور بإسم شيخ ره زاي طالباني [3] ولكن نفوذهم إنتهى على يد العثمانيين في 1851. [4]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تاريخ حكام بابان في (قه لاجوالان)الى بناء السليمانية 1080- 1199هجرية 1669-1784 م

توفيق قفطان
ترجمة : المحامي شعبان مزيري
نشرت في صحيفة التآخي.[1]


القسم الأول

ان تاريخ الكورد كالبحر، مهما أخذت منه لاينتهي، وما يؤخذ منه الا قطرات، لذا ومهما كتب عن تاريخ شعبنا الكوردي فهو قليل، ويمكن القول بالرأي الثابت ان تدوين تاريخنا الجديد اولى وانفع، كما ويجب ان لا ننسى ان تاريخنا الجديد ينبع من مصادر تاريخنا القديم ومأخوذ من ابناء واجيال ذلك الوقت.

ومن هذا المنطلق الواجب علينا ان نعلم كيف ننظر الى تاريخنا، والتاريخ القديم ايضا، فان هذه المسودة التي بين ايديكم صورة لجزء من تاريخنا القديم الذي هو موضع فخرنا واعتزازنا به، ومهما يقال عن تاريخ اسرة بابان وان كان مقتصرة عن المناوشات والمعارك الداخلية الا انها صورة للاحساس والشعور الوطني والقومي الذي كان دفعاَ لامراء بابان التوجه والسعي لتنظيم اتحاد كوردستان وبجميع اجزائها وجعلها تحت سيطرتهم الا ان الاطماع الداخلية والسلوكية الفردية للأسرة البابانية كانت السبب الاول للأخفاق و دون تحقيق تلك الامال والطموحات،بل كانت هناك اسباب اخرى اقوى من ذلك وهي الاساس جراء التحركات الايرانية والعثمانية حالت دون قيام هذا التنظيم الاتحادي بين كافة اجزاء كوردستان لأن في تحقيقها تعني مسح الوجود للدولتين في المنطقة على الساحة الكوردستانية، ولو كان لهذا التنظيم نجاحاَ لكانت تلك الامال والطموحات اخذت مكانها في تاريخ الكورد ومنذ ذلك العهد وتبزغ عنه صورة اخرى، بل وحتى مابعده.

وان هذه المسودة التي بين ايدينا كتبت منذ مدة طويلة ما بين (1930 -1940م) وتمكنا وبعد الاتكال على الله ان نضعها بين ايديكم والله اعلم كم من المسودات الاخرى لم تر النور (اتلفت) او (ضاعت)،ولكن مع الاسف لا اعرف اسم الكتاب . وكما اعلم ان هذه المسودة كتبها عمي او ترجمها عن الفارسية الى اللغة الكوردية، وان اكثر الراي انه ترجمها عن الفارسية وعند مقارنتي لها ومسودات اخرى والمصادر التي استفاد منها(امين زكي بك) من مسودات حسين ناظم في كتابته عن اسرة بابان، وحتى تاسيس(مدينة السليمانية) يمكننا القول انهما متشابهان بسبب ذلك الوقوف الفجائي بعد (معركة الفرسان الاثنا عشر المريواني). ومنذ ذلك الوقت والفرق بينهما اكثر من(25)عاما، وفي هذه الفترة حدثت احداثا كبيرة على ساحة ومسرحية بابان، ويمكن الاشارة الى سبب او اسباب لذلك التوقف فانه يعود الى عدم امكانية الكاتب الاستمرار والكتابة باسرها، ولاشك في تثمينها لهذه المسودة ليس لانها قديمة، بل لانها تحتوي على مواضيع واخبار تاريخية هامة اخرى وهامة عند المؤرخين، ومنها تلك الرسائل المتبادلة بين نادر شاه والشيخ حسن كله زه رده. وهناك اهمية اخرى ايضا تعطينا صوراَ جديدة للأحاديث والاقوال التي قيلت عن الحياة والاحساس الديني والدنيوي وسلوكية كبار بابان ويمكن الاستفادة منها مستقبلا حول الحياة واحداث ذلك العهد لتوضيح ما كانت تجول في خواطر ونفوس الذين كانوا ينقلون الاحداث.

وهذه المسودة كتبت على نحو الكتابة الكوردية القديمة التي كان المثقفون الكورد عليها في الكتابة (الملالي، ورجال الدين انذاك) وحتى اعتقدت ان نشرها وبهذه الصيغة والصورة سوف تحدث بعض الصعوبة امام القارئ مما اضطررت الى الاخذ باصل الحديث وحسب الامكان ان نبدا ثانية بكتابتها، ولكن في عملي هذا هل جئت على عمل جيد ام لا !؟ لذا حرصت على الابقاء على كتابة ذلك العهد لتبقى للمستقبل ووضعت صورة وزنكرافية لها في الكتاب، وفي الختام املي هو ان تكون هذه الصفحات موضع استفادة يؤخذ منها وتنفع شعبنا وان يأخذ تاريخنا موقفاَ له في المكتبات التاريخية الكوردية، وكما نعرف نحن، كم هذه المكتبات فقيرة.

دكتور كاوس قفطان
بغداد 1969

أسرة بابان

لأسرة بابان تاريخ قديم، يصل الى بدايات القرن الخامس عشر للهجرة وحتى هذا القرن بقيت سيطرة اسرة بابان واضحة، ولكن وبعد هذا العهد بدات بالاختفاء(1) قبل عهد كاكه شيخ السيء الحظ، هذا الذي ذهب ضحية جهلة، والاحداث بينه وبين اخيه(كاكه مير) الذي كان تحت سيطرته، وفي بداية العهد انقسمت منطقتهم الى قسمين(منطقة بشده ر) كانت تحت سيطرة(كاكه مير) الثانية(مه ركه) تحت سيطرة(كاكه شيخ) الا أن كاكه مير لم يرض وكان ينظر بعين الطمع الى حق اخيه. و يتحين الفرص للهجوم على اخيه للقضاء على(كاكه الشيخ) ولتحقيق اطماعه، جمع قوة من الشباب وفي ظلام الليل هجم على اخيه (كاكه الشيخ) وتمكن منه ومن عائلته باستثناء زوجة اخيه وولدها الرضيع على صدرها(احمد) نجيا من القتل هربت به ووصلت الى قرية (خدران) لاجئة مع ابنها الرضيع الى مختار القرية، حيث كان لـ(كاكه الشيخ) فضل عليه فاحسن معاملتها وقدم لها ولابنها كل المساعدات حتى بلغ ولدها (احمد) الثامنة من عمره وادخل المدرسة وتعلم القراءة والكتابة، ولموهبته في الشؤون الدينية لقلب بلقب(فقي)(2) واصبح(فقي احمد) كان مشتاقا للأخذ الثار لأبيه من عمه ولما بلغ مبلغ الرجولة توجه الى تحقيق حلمه لأخذ الثار،جمع حوله جماعة مخلصة من الشباب وكون منهم قوة وفي ليلة لم يكن عمه يعلم ماذا سيحصل له اغار عليه وشتت شمله ولم يكن هناك من يدافع عنه لكثرة ظلمه على الرعية، هرب وسكن ايران منطقة (سقز، وسابلاخ)، ففي مدينة سقز كانت عشيرة (فيض الله بك) وفي منطقة (سابلاخ) عشيرة (شيخ علي) من الموالين لـ(كاكه شيخ) وتمكن(فقي احمد) ومن نظرته الدينية اشاعة العدل والانصاف بين الرعية وتامين الامن والاستقرار وكسب المواطنين، حتى لقبوه بلقب(فقي) وعرف بعد ذلك باسمه (فقي احمد) وسكن(دارشمان) واستقر فيها وسمي بـ(فقي احمد دارشمان)، وحسب قول المؤرخين ان(فقي احمد) هو المؤسس للأسرة البابانية، ولهذا(الفقي) قصة في المنطقة يتناولونها المواطنون دائما وهي في الوقت الذي نشبت الحرب بين الدولة العثمانية والروس، ولما كانت الديانة الاسلامية هي الدين الخالص لهذه العشيرة اذاَ لابد لـ(فقي احمد) ان يناصر الدولة العثمانية ضد الروس... فأصبحت منطقته وقوته قوة للدولة العثمانية وان القصة وكما يروونها انه كان هناك فارس يصول ويجول بوحده مؤثرا مقاتلاَ ينازل الشجعان من الدولة العثمانية، وفي الاخير كان يصرع الفارس العثماني وعندما جاء دور(فقي احمد) لمقابلته تمكن(فقي احمد) من الفارس واراد قتله الا ان الفارس لم يكن رجلا بل وكما رأها(فقي احمد) انها كانت امراة جميلة وجريئة لم يقتلها، بل اخذها معه الى خيمته وتزوجها ورضيت به لشجاعته ورجولته... وحملها معه وعاد الى حيث مسكنه وسكناه وان هذه المرأة اشتهرت في التاريخ باسم(كه يغاني)(3) روسيا(بطلة روسيا). ولما سمعت الدولة العثمانية ببطولة(فقي احمد) ومواقفه البطولية وبخاصة مع ذلك الفارس(الفارسة الروسية) اصدرت الدولة امراَ أهدته منطقة(بشدر) رسمياَ وبعد عودته(فقي احمد) ونتيجة حبه الشديد لموطنه، وتجمع المواطنين حوله لعدالته ورجولته بدات منطقته بالتوسع نحو الانتعاش الى جانب توسيع حدود منطقته وحتى في القسم الايراني بدأت حدوده تتوسع في مناطق(كه ورك، منكور،مامش، وجاخ،) ومن الجهة الاخرى منطقة(بيتوين) وحتى قرب مدينة (كويسنجق) وجعلها تحت سيطرته، ولم يكن يوماَ قاسياَ او ظالماَ او بائعاَ للنفس، ومن المعروف ان العدالة الاجتماعية المسندة من المسؤولين تجعل من المواطنين ان يعيشوا حياة سعادة وامان، بدلاَ من العيش تحت رحمة النار، وبالنسبة لـ(فقي احمد) وان كان تعليمه محدوداَ فقط حصل على القراءة والكتابة الا انه لم يكن على علم في السياسة، الا انه من الناحية الاخرى في تدبير الامور الداخلية لامارته السياسية كان ماهراَ ومتفوقاَ وعالماَ من الناحية الادارية...الا انه لم يدم في حكمه طويلاَ وبعده بقيت الولاية لأبنه(خان بداغي). عهد(خان بداغي) ابن(فقي احمد)

بعد وفاة (فقي احمد) تسلم ابنه(خان داغ) ادارة البلاد ومثلما يقول المؤرخون وقالوها وكتبوها عن((خان بداغ)) انه كان شبيه ابيه في ادارة البلاد (الامارة) عادلاَ مساوياَ بين الناس شجاعاَ وعلماَ، اكثر من ابيه، وكان عمره انذاك عشرين عاماَ عندما استلم امور الامارة وادارة شؤون المواطنين عمد الى توسيع العدالة في الادارة وخدمة المواطنين منطلقاَ من المفاهيم الصحيحة لتقدم المجتمع من خلال تقديم الخدمات اليه لذا فانه اتبع خطوات ابيه وسلوكيته التي اتبعها في خدمة المواطنين نحو التقدم وبعكس ذلك ستكون سبباَ لدفع المواطنين الى المأسي فيما اذاَ قام المسؤولون بالتوجه لمصالحهم الخاصة والابتعاد عن المصلحة العامة، كما واتخذ من القانون ارادة وادارة للعدالة ومن هذه الخلق الحميدة والسلوكية العالية توجهت العشائر الكوردية وبصدق لبيعته، ومن هذه العشائر(اكو، بلباس،آلآن،وماوه ت)، ومن هذه الحاضرة للبيعة بدات حدود الامارة تتوسع نفوذاَ ومعنوية. كانت منطقة (ماوه ت) انذاك تابعة لمدينة(بانه) وكان يحكمها رجل يسمى بـ(خان اسماعيل سلطان) كان رجلاَ قاسياَ جداَ ودموياَ، وان ابنه اسكندر كان اكثر من ابيه قساوة وكان حاكماَ لمنطقة (ماوه ت)، ومات هناك ودفن فيها ومن المصادفة وما يلفت النظر ان(حسين ناظم افندي) عندما كان يتجول في تلك المنطقة قرأ كتابة على قبر ابن اسكندر، وان تلك الكتابة دفعته للبحث حتى وصل الى وثيقة تاريخية يرجع تاريخها الى القرن الحادي عشر للهجرة، ودونت في تلك الوثيقة احداث مهمة وعجيبة تاريخية ومكتوبة باللغة الفارسية وتعنى باللغة الكوردية(4). ان مولانا عبد الله بن عمر بسيفه نشر الدين الاسلامي في هذه المنطقة وفي الوقت ذاته كانت تلك المنطقة(د ه شته تال) تحت سيطرة(قهقون) كان احد الكفرة، وفي هذه المنطقة (ده شته تال) التي تقع شمال شرقي السليمانية وحدود قضاء(شاربازير) والان تقع على الحدود الايرانية وتابع لمدينة(بانه) بان مولانا عبد الله بن عمر قتل هذاالـ(قهقون) وان ابن (قهقون) اسلم ونصب بدلاَ من ابيه حاكماَ عليها. لانه ساند وساعد المسلمين والاسلام والمجاهدين المسلمين واسموه باسم(خيار الدين) وبقيت لأبنائه والى عهد(خان اسماعيل سلطان) ومثلما ذكرت في تلك الوثيقة ثبتت لهم حاكميتهم. ففي عهد(خان اسماعيل سلطان) امر هذا الخان بتعيين ابنه(اسكندر) حاكماَ على(ماوه ت) وبقي هناك حتى اعتلاء(خان بداغ بن فقي احمد داره شمانه) بعد وفاة والده عرش الامارة وتمكن من ضم(ماوه ت) الى ولايته(سيطرته).كان(خان بداغ) يتخذ شتاءَ(داره شمانه) مقراَ له،اما من فصلي الصيف والربيع يتخذ من(ماوه ت) مقراَ له، وكان محباَ للطبيعة،(وحب الاستجمام)، وتقع(داره شمانه) شرق(قلعة دزه) وهناك موقع يعرف وحتى الان باسم(خان بداغ) وان كان مثل هذا التحول شتاءَ وصيفاَ للسكن وكما يظهر للأستجمام وحب الطبيعة الا انه كان يقصد ما عليها المواطنون في حياتهم المعيشية والاجتماعية على طول حدود الولاية لتقديم الخدمات اليهم ليعيشوا بسعادة، ومنها تمكن ان يستميل كل المواطنين اليه من خلال كسب حبهم له. ولكن بقصد تثبيت نفوذه وتوسيعه اكثر اتخذ من (ماوه ت) عاصمة له وضم اليها منطقة(سيته ك) ومناطق اخرى الى ولايته عام(1075) للهجرة وكانت طموحاته ان يوسع رقعة ولايته من خلال ضم بعض المناطق الاخرى اليها، الا انه لم يدم الحكم اليه، وتوفي وترك الولاية لأبنه الامير سليمان(5).

القسم الثاني

حكومة الامير سليمان بن خان بداغ

كان الامير سليمان رجلاَ قوياَ وشجاعاَ وذو طبيعة شديدة ومع ذلك كان رحوماَ وصاحب قلب مليء بالحب والحنان وبعد ان تولي الولاية بعد ابيه وجه امكاناته وسعيه نحو تحقيق وتوسيع حدود الولاية. وفي اطار طموحه تمكن ان يلحق منطقة(قزلجة وسروجكي) بالولاية وتحت سيطرته وبعد تحقيق هذه المهمه توجه الى منطقة(قه رداخ)(شاره زور) وتمكن من الاستيلاء عليهما والحاقهما بالولاية وتحت سيطرته.

هكذا كانت حدود ولايته تمتد وتتسع الا انه لم يكن يرض بهذا ، بل كان ينظر الى الحاق ولاية(اردلان) بولايته اليوم معروف بـ(سنه) وتابعة لأيران ومهتماَ بتوسيع الرقعة الجغرافية لها، وبعد نقل عاصمته الى(قه لاجوالان) عام (1080) للهجرة وكانت حكومة ايران على علم بهذه التحركات والنوايا وتتخوف من قيام الامير(سليمان) بتحقيق نوايا طموحاته ومثلما فكرت ايران وقبل ان يستفحل الامر قررت ان تهاجم الولاية وتقضي على السلطة فيها. فاصدرت اوامرها الى حاكم(لورستان) للقيام بهجوم على الامير سليمان، ومنها توجه حاكم(لورستان) بجيش قوامه(40) الف رجل الى ولاية بابان الكوردية ولما علم الامير سلمان بذلك قرر المبادرة بسد الطريق واعد قوة قوامها(خمسة الاف) رجل من ابطال بابان المحاربين لملاقاة جيش حاكم لورستان والتقى الجيشان في (شميران) وتوقفا عند نهر سيروان كل على جهة من النهر متقابلان،وسيكون نهر سيروان حاكماَ فاصلاَ بينهما ومياه النهر آخذة بالازدياد والارتفاع جراء السيول وذوبان الثلوج حيث فصل الربيع، ولم يجرا احد من الجيشين العبور للأشتباك مع العدو، فرصة اراد منها الاستفاد، فكر الامير سليمان ان يحمل على ايران مفاجأة لسحق جيشه والحاق الهزيمة به تكون هذه الحملة عليهم رادعاَ كيلا يفكروا يوماَ للنيل من امارة بابان. ونهر سيروان في ارتفاع ساداَ طريق العبور بوجهه والعصبية اخذت تدور بكيان الامير سليمان اشبه ما تكون بفيضان نهر سيروان وان الدافع المذهبي للامير سليمان في ذلك الوقت اشبه ما يكون عليه اليوم دافعاَ قوياَ وساخناَ لاخذ الثار من قوات الشاه عباس الذي هجم على كوردستان وبغداد وسالت الدماء على يده وقيامه باعمال مشينة ومنكرة لايمكن لها ان تمحى من الاذهان وشعورالانسان في المنطقتين، وكما يقول المؤرخون ان الثأر كان دافعاَ قوياَ للأمير(سليمان) نحو ملاقاة الجيش الايراني والجيش الباباني بخمسة الاف مقاتل مقابل (30-40) الف مقاتل ايراني. ونهر سيروان في ارتفاع مياهه وكلا الطرفان لاينويان الهجوم وخسارة ما يحملونها من ادوات الحرب بالاضافة الى المؤونة. والامير سليمان مصر على ان لايخسر هذه الفرصة ولم يبال بالنتائج التي ستحصل وخطط لهجومه خطط المباغتة السريعة والمفاجاة ولابد له ان يحقق النصر في حالة فيضان، ولكن الامير سليمان بك اصر على ذلك وامر قواته بالعبور وكان هو في مقدمتهم رمى بنفسه في نهر سيروان وتبعته قواته الرجال الابطال وعبروا النهر وهاجموا قوات ايران وهي غارقة من بحر احلامها وصلت قوات بابان الى المعسكر الايراني وبهجمه مباغتة سريعة انتشر الرعب بين قوات ايران وفارة من ساحة المعركة تاركة قتلاها وجرحاها ومؤونتها واسلحتها وهي تريد الخلاص من الموت. وهكذا انتصر(الامير سليمان) وعاد الى عاصمته(قه لاجوالان) وهو يحمل الغنائم مالاتحصى من السلاح والمؤونة مع قواته المنتصرة. ويقول المؤرخون ان (الامير سليمان) لم يكن رئيس عشيرة فقط ، بل كان اميراَ مستقلاَ في القسم الاكبر من كوردستان الجنوب وتحت سيطرته، وفي نقل عاصمته الى(قه جوالان) اراد منه من ان يبين استقلاليته بان له عاصمة لامارته بابان، وكان على علاقة طيبة مع الخلافة الاسلامية في بغداد وان هذه العلاقة لم تبن على الخوف او الضعف بل انما اتت من خلال الشعور الديني مع المركز الاسلامي، وكما يشير اليه المؤرخون انه كان رجلاَ عادلاَ عابداَ يدير امارته على اسس اسلامية(الشريعة الاسلامية) سعى وعلى نهج ابائه الاولين لتقوية ولايته والسير على هديهم ونهجهم القويم ولم يقم يوماَ بعمل بعيداَ عن الشريعة الاسلامية او نقيضاَ لها... وكان اصرار الامير سليمان دخول الحرب مع ايران وتحقيقه هذا النصر بان لاتفكر ايران يوماَ الاقدام على غزو امارة بابان الكوردية. ان الحكومة الصفوية بعد هذه الهزيمة النكراء التي لحقتها ادركت ومن خلال خسائرها بانها ليس لها القدرة ثانية ان تفكر يوماَ قيامها باي تحرك نحو امارة بابان الكوردية واخذ الخوف يتسرب الى كيانها، الى جانب ما كانت ايران ترى مقدار التطور في ولاية بابان، ومنها قررت الحكومة الصفوية الابتعاد عن الحرب الظاهرية واتباعها خططاَ للحرب الباطنية السرية لرزع بذور الشقاق بين امراء بابان والدولة العثمانية، وكانت تعلم ان هذه الطريقة تعتبر السلاح القاتل والفاصل بدلاَ من استعمال سلاح النار ومنها طلبت من الحكومة العثمانية كـ(شكوى) ضد البابان ان يحاسب الامير سليمان على عمله هذا وتحقيقه لمثل هذا النصر وسعت الدولة الصفوية في حيلها مبينة الى الدولة العثمانية شدة خطورة هذه الامارة على الدولة العثمانية مستقبلاَ اذا تركت دون محاسبة او رقابة عليها.

إن العاملين في الحكومة العثمانية. ان كانوا في العاصمة او في بغداد كانوا يتحركون وفق مصلحتهم الخاصة والكسب اللاشرعي وملء الجيوب ولايبالون بكل ما تحدث في كوردستان، بل كانوا ينظرون الى مصلحتهم قبل مصلحة الدولة العثمانية،حتى وصلت الحالة الدولة العثمانية من الضعف لايمكنها معالجة امورها الداخلية ومنها قدمت ايران شكوى الى الدولة العثمانية لمعاقبة امارة بابان على فعلتها وما لحقت بجيش ايران من خسائر في الوقت الذي كانت الدولة العثمانيةغافلة عن تحركات ايران وما يدور بخلدها سراَ لتحقيقها ومنها قررت الدولة العثمانية ارسال قوة تاديبية الى بابان بجيش كبير وبقيادة(حسن باشا) والي بغداد(ويوسف باشا)والي دياربكر(حسن باشا)والي حلب وبالاضافة الى ذلك تمكنت ايران من اقناع الدولة العثمانية ان سبب البغضاء بين ايران والدولة العثمانية هو(سليمان باشا) الذي يجهر دوماَ بان ايران عدوة الدولة العثمانية منذ الازل وكان القصد من مثل هذا التحرك االايراني هو اضعاف بابان واتاحة الفرصة لأيران التغلغل في منطقة كوردستان والوقوف بوجه اطماع الدولة العثمانية، وان كثيراَ من المسودات والمخطوطات القديمة كانت مكتوبة باللغة الفارسية، ومنها ما سميت بـ(مجموعة فريدون بيك) ويعترفون ان في بداية في القرن العاشر للهجرة الذي يصادف عهد الامير(سليمان) لولاة بابان(6) بان الامير سليمان وفي ذلك الوقت كان مستقلاَ في حكمه ولم يكن تابعاَ لأية دولة وعندما نقل عاصمته الى(قه لاجوالان) كانت بموافقته ورأي المواطنين وكذلك حتى الدولة العثمانية، وان كانت على طرف اللسان. والذي سعى اليها الامير سليمان من خلال نقل عاصمته وهو تحرير المناطق وخلاصها من السيطرة الايرانية والحاقها بالامارة البابانية، وكان القصد من اقدامه هذا ان يستفيد هو منها وكذلك توسيع حدود الدولة العثمانية. الى جانب الحس المذهبي و دوره. وكان على يقين ان في الحاق الاذى بايران(المذهب الشيعي) هو نفع واستفادة الدولة العثمانية(المذهب السني) منها. وكما اتضح ان الدولة العثمانية انذاك من اصدار قرارها بارسال قوة تاديبية كان في عهد الخليفة السلطان محمد الرابع وما تمكن من بعد نظره وبقدر ما تمكن ان امر بان لايقتل الامير(سليمان) بل الابقاء عليه حياَ وارساله الى اسطنبول(الاستانة). وعندما كانت المؤامرة تدار بين الدولة العثمانية وايران للقضاء على امارة بابان كان الامير سليمان يعد خطة للهجوم على وية(اردلان) وضمها اليه، ولاشك كان ذلك سهلاَ وبسهولة ان يستولي على المنطقة الكوردية الواسعة ويجعلها تحت سيطرته، ومنها تتقوى امكانياته وتتطوره وعندما سمع بان الحكومة العثمانية التي كانت تحسب نفسها صديقة لها ولماذا ارسال مثل هذه القوة ودون ان يكون مقترفاَ ذنباَ !؟عندها علم وتوضحت له ان التي تريدها ايران من تحقيقها ستجعل الدولة العثمانية تحقيقها بدلاَ عنها.وكان يعتقد ومثلها ذهب اليه ان حكومة ايران تعلم بما يجري على الساحة وبدسائسها فارادها فرصة ان يهاجم ايران من منطقته والتخلص من وسط نارين فقسم بذكاء قواته الى قسمين، قسم منها بقيادة اخيه تيمور خان أرسلها الى جبهة ايران، لصد أي هجوم ايراني محتمل.

اما القسم الثاني فكان تحت قيادته وتحرك نحو سلسلة جبال (طاسلوجه) لسد الطريق على القوات العثمانية، وعندما وصلت القوات العثمانية الى سهل بازيان كان قد وصله (سليمان باشا) قبلها واخذ مواقعه فيها ولكنه لم تكن له رغبة ان يدخل الحرب دون معرفة الاسباب لها واراد ان يكون هناك حوار بينهما دفعاَ للخطورة وكان مطمئناَ قانعاَ انه لايتمكن القيام بمثل هذه الحرب وعلى جبهتين واراد ومن خلال كسب الوقت ان يبعد قوات الدولة العثمانية عن حدود امارته، الى ان ينتهي من معالجة ايران وقد ظهر ان حكومة الدولة العثمانية كانت مصره على رأيها وان لاتدع المجال للأمير(سليمان باشا) ان يستفيد من الوقت ومنها طلب الامير(سليمان باشا) بيان اسباب هذا الموقف له... والجواب الوحيد الذي سمعه هو اذا اردت السلامة لنفسك ، عليك بتسليم نفسك ونرسلك سالماَ الى اسطنبول واذا تريد او ترغب غير ذلك لاتسلم نفسك، وفكر الامير(سليمان باشا) كثيراَ ان يسلم نفسه، وبعد مراجعة مع نفسه قائلاَ: اذا كانت المسألة تسليم نفس وانا المطلوب فلماذا هذه القوة!؟ ان التسليم من شيمة المجرمين، ولكن هو لم يقترف أي ذنب، ولم شك بنفسه شيء!! واتضح له ان هذه العملية جاءت من خلال لعبة قامت بها ايران،وان المؤامرة اتضحت صورتها له وامامه وان ايران هي عدوة الدولة العثمانية وتسعى دائما لأضعافها والحاق الاضرار والاذى بها وتتحين الفرص لتحقيق ما تخطط له وكان امير(سليمان باشا) وسط افكاره وارائه كل الذي فعله وقام به هو قيامه بالحفاظ على تقوية حدود امارته وهذا حق شرعي له واستنكر هذا الموقف من الدولة العثمانية لانه لايليق به كل هذه الجولات التي جالت في افكاره وقرر ان يطرد كل تلك الافكار لتسليم نفسه وقرر دخوله الحرب والدفاع عن النفس، واذا القو القبض عليه فليكن في ميدان المعركة. وهكذا بدات الحرب والقتال. وان كانت القوات العثمانية اكثر بكثير من قوات بابان، وان كان القصد بان البابانيين يقاتلون من اجل الدفاع عن النفس ولم يقاتلوا لأسالة الدم وبالاضافة الى ذلك لم تتمكن القوات العثمانية ان تنال من قوات بابان، وكانت النتيجة ان قائد قوات الدولة العثمانية،ارسل رسالة الى الامير(سليمان باشا) ان لا تهدر دماء المسلمين ،وان المسألة هذه ستكون في المستقبل سببا لفناء الامير(سليمان باشا) نفسه، وماجاءت في الرسالة ليس هناك اية نية سوء من قبل الدولة العثمانية والاسلم ان تتوقف الحرب والوصول الى اسطنبول قبل الوقت ليذهب (سليمان بك) بنفسه فهذا هو الاحسن والاولى...ومنها وقع (سليمان بك) بين الرّد والفكر وهو رجل ديني كيف يجوز له ان يدخل معركة ضد هذه الخلافة الاسلامية!؟ بالاضافة الى ذلك وكما كان يعتقد انه لايتمكن من مقاومة الدولة العثمانية، وستكون نتيجتها ليست مقتصرة على الانتصار عليه بل انما القصد منها تذليله ومنها فقده لكرامته وكرامة شعبه، ومنها رأى احسن الامرين ان يسلم نفسه وارسل رسالة الموافقة وبشرط الحفاظ على كرامته وحياته، وبعد اخذ العهد عين اخاه تيمور بك بدلاَ عنه عام (1098) للهجرة أميراَ على بابان وسلم نفسه الى الجيش العثماني ، وبدون تاخيره نقلوه الى الاستانة(7). وفي بعض الكتابات التاريخية القديمة حول ذهاب الامير (سليمان باشا)لمقابلة السلطان العثماني يشيرون الى موقف غريب هو ان السلطان طلب ان يرتدي(سليمان باشا) لباسه الوطني، ولم يكن في ذلك الوقت السلاح الناري(8) فلبس سليمان باشا لباسه الوطني ودرعه(الملابس الحربية) وبوجه ينم عن الشهامة والاباء والشجاعة دخل على السلطان... اندهش السلطان عندما رأى(سليمان باشا) بهذا المظهر فصاح واي (بابام) أي (يايابة)!! ومصادر تاريخية أخرى تقول ان شهرته جاءت من هذا الاسم وبقيت جذورها الى الان . وهناك مصدر آخر ولاشك انها الاصدق وكما يذهبون اليها، واحد من المصادر الذي يسمونه(الراشدي) وكتب باللغة الفارسية ويشيرون اليه وكما ادناه((يحكى ان من كان يعينه الوالي حاكماَ على شهرزور يسكن كركوك وياخذ من القلعة مركزاَ له وبقية الضباط في بيوت حول القلعة وكان شخص يدعى (بابا سليمان) يسكن شهرزور لم يتمكن من الاستيلاء على المنطقة. من خلال جمعه قوة من العشائر الكوردية وذاع صيته وشق عصا الطاعة على الامراء والولاة والسلطان واخذ يتحرش بالحدود الايرانية عندها قامت الدولة العثمانية فارسلت قوة كبيرة من ولاية (بغداد، ودياربكر، وحلب)، شنوا عليه هجوماَ ساحقاَ وفر لعدم امكانيتة مقاومة الجيش العثماني وصل الى(العمادية) ومنها الى(حكاري) والى(وان) حتى وصل الى (الاستانة) ومعه رجال والقي القبض عليهم وامرت الحكومة العثمانية اعدام(17) شخصاَ منهم تخويفاَ لهم بل انذاراَ لهم. هكذا تشير المصادر التاريخية لبداية ولادة(به به سليمان) وهناك مصادر اخرى تاريخية تشير الى صورة اخرى تشير الى(عندما سلم الامير سليمان نفسه واقتيد الى اسطنبول)، ابعد وبامر سلطاني الى(ادرنه) ووزعت املاكه(ولايته) بين اخيه(بكربك) و(عشيرة زه نكنة) وعشائر اخرى وبقى سليمان بك هناك وحتى وفاته عام(1110) للهجرة ودفن هناك(9).


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

القسم الثالث

حكومة تيمور خان

بعد ان ارسل الامير (سليمان بك) اسيراَ الى استانة وعين اخاه مكانه(تيمورخان)وجلس على عرش بابان..اتبع سياسة الهدوء خوفاَ من الدولة العثمانية من ان يفكر بالانتقام لاخية الامير(سليمان باشا) وكان(تيمورخان) رجلاَ شجاعاَ وصاحب نظرة بعيدة ومنها لم تظهر عليه أية علامة من علامات تسىء الى الدولة العثمانية ايماناَ منه ان السكوت اولى من ان يلحق الاذى للأنسان وادارة بلاده ادارة جيدة واصبح محبوباَ لدى المجتمع وجيرانه وينظر اليه بعين الاحترام وتوفى عام 1115 للهجرة تاركاَ ثلاثة اولاد بعده(خانه بك..فرهاد بك...خالد بك).

حكومة بكر بك

بعد وفاة (تيمور خان) جلس(بكر بك بن الامير سليمان باشا) على كرسي الحكم كان(بكر بك) رجلاَ قوي البنية اشقر الوجه ومنها سمي( به كر بك سوور ـ أي ـ بكر بك الاشقر) وكان ذو طبيعة حلوة هادئة، اتبع سياسة عمه في ادارة الامارة بعيداَ عن المشاكل واحسن جواره ولم يتجاوز حدود امارته محباَ للفلاحين حتى حسب نفسه من طبقة الفلاحين لحبه اليهم وكان يجالسهم ومعهم. وتقدمت الزراعة في عهده وازدهرت مشاريع المياه وحفر ترعة لم يسبق لها مثيل من المشاريع اللاروائية وهو (ترعة بكر) والمعروفة بـ(بكره جو) تقع قرب السليمانية، ومن انشاء وفتح هذه الترعة حصلت الحكومة على واردات كبيرة وكثيرة من المحاصل الزراعية بالاضافة استحصال الحكومة ضريبة لخدمات هذه الترعة الاروائية ومن الاثارة الباقية في عهده من شهرزور قضاء حلبجة، قرية (به كراوا) وبالقرب منها قلعة هدمت (مهدومة) يقال انه هو بناها او امر ببنائها او قديمة فهو قام على اعمارها واحيائها(10) ولم تحدث في عهده اية حوادث سوى شيء واحد وهو ارادت عشيرة زه نكنة ان تتحدى وترفع رأسها وتتمرد، ولكن(بكر بك) عالجها وتمكن من ايقاف العشيرة عند حدها ،وان هذه المعركة مع (زنكنة) كانت دليلاَ على قوة بأسه ومهما يكن فانها لم تلحق ضررا بالزراعة وحكم 12 عاماَ وكانت فترة حكمه من احسن فترات في تاريخ بابان. وتوفي عام(1127) للهجرة وترك من بعده ولدين(سليم، وشيره بك) ولم يكن هناك من يقوم بادارة الولاية. لأنهما كانا صغيري السن.. ولهذا نرى ولاول مرة ياتي حاكم لا صلة له تعينه الحكومة لامارة بابان،ونتيجة تعيينه اتت بالخراب على الامارة.

زمن الوصايا / ام الستلم

توفى بكر بك وخلف من بعده ولدين هما(سليم بك وشيره بك) اما تيمور خان خلف ثلاثة اولاد(خانه بك، فرهاد بك ،خالد بك) كانوا كلهم صغار السن وكان(خانه بك) اكبرهم سنا وفي عمر 13 عاما ولهذا لا يمكن اناطة مسؤولية الادارة لأي منهم لهذا السبب قامت حكومة الدولة العثمانية بتعيين حاكم من قبلها لادارة شؤون الامارة، وفي مجيئه الحق اضراراَ كبيرة بولاية بابان لا لأنه من الغرباء وتسلم هذه المسؤولية بل لجهله ادارة الامارة ويفتقر الى فهم السلطة الادارة بعيداَ عن المعارف جاهلاَ بكل شيء ولا يعلم ماذا كانت تجري حوله بعكس السابق للولاية عندما كان احد البابانيين يتسلم الولاية وامورها كان كل المواطنين ياتونه مباركين له ويعظمون وجوده وبكل احترام وحتى المناطق المجاورة للأمارة ينظرون الى حكام بابان حفاظا على حدودهم بكل احترام وتقدير اما هذا الحاكم الغريب الجديد الذي لايفهم ولايعلم شيئا عن الامور الادارية بمجيئه شعر المواطنون ان امارة بابان فقدت هيبتها الماضية وكل من ناحيته يبرز على الساحة ومن له قليل من القوة ويتسلط على الاخرين ويعلن استقلاليته، ومثال على ذلك قيام(عشيرة زه نكنه) وكان رئيسهم احمد خان كانوا يتحيئون الفرص لأحياء العداوات الشخصية والسابقة وتمكنوا من الاستيلاء على منطقة(قه ره داغ)،و(سنكاو) هاتان المنطقتان سبق وان استولى عليهما امراء بابان وتبين انهم لم يتوقفوا عند اطماعهم بل وجهوا وجهتهم نحو شاره زوور وقسماَ من بازيان ولم يكتفوا بذلك حتى مدوا ايديهم على نهر(تانجرو) وكان الحاكم يرى كل شيء امامه مع احداثها ولم يتحرك وكان لم يكن هناك مد يده على ولايته(بابان) وفي ذلك الوقت كان قد كبر(خانه بك) وكان من العمر(16) عاماَ وعى الى نفسه وينظر الى ماحوله.. وكان يشعر بعد وفاة عمه(بكر بك) انه سيتحمل مسؤولية كبيرة بعده ومنذ ذلك الوقت الذي كان فيه صغيراَ وبدأ(احمد خان) بالاعتداءوالتطاول والتعدي على حدود الامارة كان ينوي ويرغب ويتمنى ان المواطنين يسمعون منه ويجلسون معه، الا ان حلمه لم يتحقق لأنهم ينظرون اليه ولصغر سنه ،لا يسمعون منه، ولكن بعد ان استولى(احمد خان) على نهر(تانجرو) هب الى نفسه بان الوقت حان ولو انه في السادسة عشرة من العمرعليه ان يوقف(احمد خان) عند حده ، ولكن هذه لا يمكن القيام به بمفرده ،وكان بحاجة الى من يسمعه ويساعده، الوقت يمر والخطورة تتعاظم وكان يخاف ان يأتي يةماَ ويطمع(احمد خان) بـ(قه لاجوالان)ويسيطرعليها..ومن موقع القدرة النفسية تمكن من جمع الرجال المعروفين وتحدث معهم واراد ان يؤثر في نفوسهم ويحرك عندهم الشعور وتذكيرهم بتاريخ بابان وقيادة بابان والعائلة البابانيةوالاشارة الى ما كانت أسرة بابان عليها من عظمة وكان حينها(احمد خان) هذا يركع امام هذه الاسرة،لان الاسرة البابانية هي منبع الاسود والرجال الشجعان الذين لايقبلون الذل واليوم ان تلك الاسرة لم يبق فيها رجال لانراها تتمركز في اسرة هذه الامارة . بل امارة هذه الاسرة ان تتلو الماَ واليوم(احمد خان) سيطر على (تانجرو) فغداَ يستولي على قه لا جوالان. وفي النهاية طلب منهم توحيد جهودهم واثمارهم لمنع (احمد خان) من مثل هذاالاطماع وايقافه عند حده ونهض احدهم في المجلس (خدر اغا) قائلا لهمَ: (ومعه صديق له) يمكن لنا المصالحة مع (احمد اغا زه نكنة) بدلا من الاصطدام الا ان الجالسين من الرجال المعروفين الاوائل قاموا بوجهه ونهروه وصاحوا به ان لا صلح معه لأن مثل هذا العمل سيجعل من (احمد خان) ان يرى نفسه اكبر مما كان عليه واشاروا الى اعمال (احمد خان) اللا انسانية، وان الذين قاموا على اخفاء اعمال (احمد خان) وتغطيتها، وكانوا على امل ان يقوم الحاكم بعمل شيء لايقاف (احمد خان) عند حده ومادام الحاكم لايبال بما يقوم بها من اعمال فمنها اعلن الحاضرون استعدادهم ان يلقنوا(احمد خان) درساَ لن ينساه.

لاشك ان (خان بك) عندما لمس من جماعته هذا الموقف فرح جداَ وطرد (خدر آغا) صديق(احمد خان) من المجلس.. وقرر ان يجازيهم على مثل هذا الموقف الجريئ، وبعدها نهض والقى كلمة قصيرة بينهم قال فيها من الان فصاعدا ان الشعب الذي تعلم الحياة الحرة والعيش الرغيد والاستقلالية ويجب تحرره لايمكن قبول المذلة تحت ايدي الظلم ، ثم بين استعداده في سبيل الحرية والتحرر لامارة بابان وقوميته ان يضحى بنفسه في سبيل الوطن نحو العيش بكرامة،وهناك وبعد ان انتهى من كلمته وفي ذلك الوقت جاؤا برأس(خدرآغا وصديقه) ورموها امامه. عندما نظر(خانه بك) الى هذا الموقف. قائلاَ لهم في الحقيقة ولاول مرة اجتماعنا لم اكن اهدف، وبهذه الصورة وبهذا الموقف الجريء سوف تدعمونني وتساندوني وبمثل هذه الرجولة تعبرون عن الوطنيه، وقررت ان لم تدعوني سوف اقوم بوحدي واقابل احمد خان وجها لوجه واذا تمكن فانني قد تلت حقي واذا لم اتمكن وما قدرت فليكن ذهابي عالياَ الرأس الى جنب أبائي واجدادي، وها هو رأس(خدر آغا) ليكن عبرة لكل من يدعو لنفسه ضدي ان لم يكن مسانداَ ومتعاوناَ معي سيكون مصيره مصير(خدراغا) لان مساندته وتعاونه معي ،مساندة للوطن والشعب. ومنذ الساعة وجدت الامل وآمل ان ننتصر، لان النصر مرتبط بالسعي والنضال، ونحن والى يومنا هذا نعيش بذلة ويعود ذلك الى هذا الحاكم الغريب(الاجنبي) ونحن أبناء تاريخ بابان وقفنا بوجه حكومة مثل(ايران) وهززنا كيانها ،هل يمكننا ان نقف مشدودي الايدي والارجل امام شخص مثل(احمد خان) وبعد هذا الاجتماع وهذه الكلمة وضع خطة للهجوم وبصورة ان يقوم بنفسه وعلى وجه السرعة وبدون توقف يتوجه الى(زازله) ويكرعليه بصورة مفاجئة وسريعة ،وهناك ينتظرهم للمساعدة. وكان الجالسون في ذلك المجلس عندما رأوا(من خانه بك) ما عليه من الحرارة والوطنية والشجاعة نهضوا وبسرعة كل الى تجهيز نفسه ويستعد لاداء واجبه..تحرك(خانه بك) مع القوة الصغيرة التي كانت معه نحو(زازله)كرعلى(زه نكنه) واوقع فيهم خسارة كبيرة ولم يمر وقت الا ورجال بابان يتفاخرون الى ساحة المعركة لتقديم العون والمساعدة . ولما رأى(احمد خان) ما جرى له استعد للمعركة ومعه رجاله، وبعد صولة او صولتين فر من كانوا حوله ودخلت قوات بابان وطاردتهم حتى منطقة زه نكنه وبعد كل هذا تم الاتفاق وكما كانت(زه نكنه) تابعة لبابان وان هذا النصر الفريد دفع بـ(خانه بك) ليعيد مجد بابان الى سابق عهده، وبعد النصر والانتصار توجه(خانه بك) نحو تحقيق طموحه للاستيلاء على ولاية(موكريان) التي كانت تحت سيطرة ايران، وكان الاستيلاء على هذه الولاية حلماَ او املاَ في نفس الولاة البابانيين ولكن لم يتحقق لهم وبقيت تلك الامال والاحلام ميراثاَ من(الامير سليمان) و(بكر بك) انتقل الى(خانه بك) وقبل ان يموت(بكربك) وكما قيل عنه أي كان من اسرة بابان يتولى الحكم وتمكن من تحقيق هذا الطموح وحتى في الآخرة سترتاح له نفسي لذا قام(خانه بك) لتحقيق تلك الامال التي كان يشتاق اليها، والى جانب ذلك هناك اسباب اخرى، ومنها كان ذلك السبب ان(خانه بك) كان طموحاَ ان يوسع سيطرة امارة بابان وتوسيع رقعتها وحدودها على حساب تلك الولايات وعلى حساب ايران، لاننسى السبب المذهبي كان ساخناَ وان تلك المفارقات المذهبية بين المذهبين بقيت وعلى الامير (خانه بك) معالجتها، ولهذا نرى(خانه بك) هجم على ولاية أردلان الغريب ان حاكم ولاية(اردلان) لم يكن يريد ان يقف بوجه(خانه بك) ولاي سبب كان، فما كان منه الان ان هرب وترك الولاية(امارة اردلان) ودخلها(خانه بك) بسلام واستولى على عاصمتها(سنة) واتخذ منها عاصمة لملكة وترك العاصمة الاصلية قه لاجوالان هدية لأخيه (خالد بك) كان ذلك عام(1135 للهجرة).

وبعد مدة أي سنة (1136 للهجرة) كان والي بغداد(احمد باشا) اعلن حرباَ على ايران وانتهز(خانه بك) هذه الفرصة اضافة الى ما كان يضمره من الحقد على ايران ويقصد اتعاب ايران اكثر ولكي لا تتمكن ايران مستقبلاَ ان تسترد(اردلان ) منه جهز الف مقاتل من الخيالة الشجعان ومع جيش والي بغداد وتوجهوا نحو(كرمنشاه) لم تعد نفسها لمثل هذه الحرب استسلمت ونتيجة لهذه الحرب وقعت همدان في خطر، لذا قرر الايرانيون ان يبقوا في مواقعهم لكي لا يستسلموا بسهولة. وعندما اتضح لجيش والي بغداد ما في امر (همدان) امر حصار المدينة وحتى الاستسلام. وخلال فترة اسبوع كانت تحدث المناوشات بين حين واخر حتى يتمكن الجيش الايراني الخروج من المدينة من خلال هجماته على جيش والي بغداد الا ان الجيش الايراني كان يترك الساحة متقهقراَ تاركاَ وراءة خسارته، ودامت هذه المعركة زهاء عشرين يوماَ ولم يصل الجيش الايراني مساعدات المؤونة والارزاق مما ادى الى الارهاق والجوع والتسبب حتى اتوا على قرارهم بترك المدينة قبل محوهم وقتلهم، وبعد يومين انتهزوا فرصة للفرار وترك المدينة، ودخلت قوات بغداد الى المدينة واحتلتها، واعادت الامن والاستقرار فيها وبعد مدة من اخذ الراحة وجمع الغنائم عادت القوات العثمانية الى بغداد، اما بالنسبة الى (خانه بك) وما قام بها من الشجاعة مع رجاله منحه الوالي لقب(باشا) واهداه هدايا كثيرة، وفي مشاركته هذه كان القصد منها رفع اسم بابان عالياَ ورسماَ لمجده السابق وبعدها عاد(خانه بك) مع مقاتليه الشجعان مع الهدايا الى عاصمة ملكة(سنة) وطلب من اخويه (خالد وفرهاد) العودة الى قه لاجوالان وظهر ان (خانه بك) بعد وصول لم يكن راضياَ من اخيه(خالد) فعزله ونصب اخاه (فرهاد) بدلاَ عنه اميرا على قه لا جوالان.

القسم الرابع

وبعد هذه الفترة التاريخية بسنتين أي سنة( 1143 للهجرة)جاء احد شاهات الصفويين الى الحكم وكان يدعى شاه طهماسب.(11) ان هذا الشاه(الشاب) وصاحب النعرة المذهبية لا يستقر له قرار بالنسبة الى مدينتي(كرمنشاه)و(همدان) تحت السيطرة العثمانية. وكان ينظر اليهما انهما من حقه ،ولهذا السبب قرر اعادته وتحريره من الاحتلال العثماني، وجهزجيشاَ كبيراَ بقيادة(نادر شاه) لتحرير(همدان) و(كرمنشاه) كان(نادرا شاه) رجلاَ ذو نظرة بعيدة، لذا تمكن من ان يكون اعظم رجالات ايران شهرة.

وكان ينتمي الى عشيرة(بياغي) والى جانب ذلك كان رجلاَ عصبياَ دموياَ وحشاَ، لايعرف الخوف واذا اتجه في حروبه الى اية جهة يعمل فيها الخراب والدمار ولم يكن يدع فيها شيئاَ بعد الخروج منها ، كان طماعاَ وذوو وجهين لايعرف الا مصلحته الخاصة حتى انه كان يطمع بعرش ايران، من خلال تقربه من عائلة الشاهات الايرانية عن طريق الزواج وحتى اصبح في تلك وحتى اصبح في تلك الفترة هو السلطان وهو الشاه الامر والناهي في كل مجالات ايران واسمه الحقيقي(نادر قولي) لم تتوقف اطماع)نادر قولي( )نادر شاه( في ادارة اعمال هذا الشاه الشاب بل كان يعمل لجميع الرجال المعروفين على الساحة الايرانية ، والجيش الايراني حوله واستمالته اليه وكانت هذه الفرصة الثمينة استلامه لقيادة الجيش نحو (كرمنشاه) و(همدان) بان هذا العمل العسكري واجب وطني وصورة من صورالحق لأعادة المدينتين الى احضان ايران، واسرع لتحقيق اطماعه ورأس قيادة الجيش وحاصر(همدان) وكان الجيش العثماني الموجود في(همدان) اهتز كيانه من قبل هذه المفاجأة التي لم يكن يتصورون ظهورها وحاول الجيش العثماني ان لا يسلموا المدينة، ودخلوا في معارك ومناوشات. الا انهم لم يكونوا قادرين على المقاومة لان تعداد جيش (نادر شاه) كان اضعاف واضعاف الجيش العثماني في المدينة مما اضطر الجيش العثماني الى تسليم المدينة وتركها وانسحابه نحو مركز(كرمنشاه) وتبعتهم قوات(نادر شاه) واخرجتهم من كرمنشاه وانسحبت منها توجهت القوات العثمانية الى بغداد. هكذا تمكن (نادر قولي) (نادر شاه) وفي فترة قصيرة من الزمن تحرير هاتين المدينتين وبتحرير المدينتين اشتهر اسم (نادر شاه) في الاوساط المدنية والعسكرية، وان (نادر قولي)( نادر شاه) كان يامل من ذلك ان يستفيد من هذه الفرصة وتوليه قيادة الجيش لهذه المهمة، بعد هذا الانتصارالذي تحقق لـنادر قولي (نادر شاه) ووصول اخبار الهزيمة التي لحقت بالجيش العثماني الى امر السلطان العثماني والي بغداد (احمد باشا) ووالي دياربكر(مصطفى باشا) ووالي سيواس(حسين باشا) ومتصرفي مرعش، وموصل وقاموا بتجهيز جيش كبير وبقيادة والي بغداد لاعادة سلطة الدولة العثمانية والدخول في حرب ضد الجيش الايراني. ومنها طلب والي بغداد من(خانه بك) الاشتراك في هذه المهمة الحربية مع رجاله.

لقد تحركت القوات العثمانية وبجيش جرار من بغداد نحو كرمنشاه وتوقفت عند منطقة(شهرزور)لوصل خبر وفاة السطان أحمد الثالث (سلطان الدولة العثمانية) ونصب بعده السلطان(محمود الاول) وبقيت القوات العثمانية في منطقة شهرزور قرابة ثلاثة اشهر تنتظر الاوامر من السلطان الجديد وكانت الاوامر تأمر الاستمرار على توجهها وكما مخطط لها نحو ايران. وبناء على هذا القرار والامر تحركت القوات العثمانية من شهرزورعام (1144) للهجرة نحو(كرمنشاه) وعند وصولهم الى حدود هذه المدينة كان في استقبالهم المواطنون ورجال المدينة من كبارالقوم وهكذا عادت هذه المدينة الى السلطة العثمانية وبعد استراحة كاملة توجهت هذه القوات نحو(همدان)، وكان(خانه بك) ذلكم القائد الباباني الكوردي الشجاع يقود رجاله واظهر شجاعة على ساحة الميدان في المعركة.. وحاصروا(همدان). الا ان هذه المدينة لم تستلم بل دخلت الحرب بعد ان سدت الابواب بوجه القوات العثمانية وقام(الشاه طهماسب) ارسال قوات لمساعدة مدينة(همدان) بقوة مؤلفة من مائة الف شخص وتحت قيادته. وبعد وصوله الى حدود المدينة عسكر هناك ولكن القوات العثمانية تركت حصار مدينة(همدان) واتجهت لملاقاة قوات(طهماسب) ونسبت قيادة هذه المهمة وللمرة الثانية الى(خانه بك) وفي اليوم الثاني تحركت القوات لملاقاة قوات ايران، وكانت القوات الايرانية تبعد حوالي ثلاث ساعات عن مركز (شاه ايران) الا ان(خانه بك) تمكن وبكل شجاعة قيادة قواته ودخل معركة قوية وتمكنت قوات بابان من قتل عدد كبير من قوات ايران وحتى وصلت الحالة بقوات(شاه ايران) الى ترك ميدان المعركة والفرار. وفي اليوم التالي وصلت القوات العثمانية الى تمركز قوات (خانة بك بابان) وشنوا سوياَ هجوماَ على قوات الشاه في معركة كبيرة ودامت ثلاثة ايام بلياليها وفقد الطرفان فيها من قواتهم وبصورة خاص الجانب الايراني. وفي اليوم الرابع ظهرت علامات التعب والانهاك على القوات الايرانية ولحقت بها الهزيمة، وماكان من الشاه. الا الخلاص والنجاة بنفسه وتركوا ما عندهم وغنمتها القوات العثمانية بالاضافة الى ما كانت من الاسلحة في مدينة(همدان) تركتها قوات ايرانية.. وبعد هذا النصر اهدت الدولة العثمانية سيفاَ مرصعاَ بالجواهر الى(خانه بك) الا ان هذه الصداقة لم تدم طويلاَ بين(خانه بك بابان) و(والي بغداد) بسبب الوشاية الكاذبة التي كانت تنشر من قبل بعض الرجال الذين يكنون البغض والكراهية والحقد لـ(خانة بك)وايصالها الى(احمد باشا) والي بغداد الا انه لم يكن يصرف تلك الاقوال والوشايات ومن تلك الاقوال ان(خانه بك) يطمع بتوسيع رقعة امارته حتى حدود بغداد والاستيلاء على بغداد، وكانت نتيجة هذه الوشايات والاكاذيب انه صدق(احمد باشا) بها. وكان يتصور ان(خانه بك) زاد في حده، وسوف يلحق به ضرراَ كبيراَ وكما ظن كانت تلك الوشاية الغرض منها الايقاع بـ(خانه بك). وذهب(احمد باشا) مذهب الشك فيما لو ترك(خانه بك) على ما عليه فمن الممكن ان يقوم على فعلته. وكان الظن يكبرعنده وفي نفسه عندما كان يتذكر ايام مجيء(خانه بك) لزيارته كيف كان متغطرساَ ومحباَ لنفسه في مجلس الوالي الا ان(خانه بك) لم يكن يفكر يوماَ ان يقوم بعمل مشين ضد الدولة العثمانية او والي بغداد(احمد باشا) أو في نيته قتل الوالي، فأمر الوالي بقتل(خانة بك) . هذا الرجل الامير الشجاع الذي ساعد الدولة العثمانية في معاركها وحروبها مع ايران وكان اليد الباني لانتصار الدولة العثمانية(12) وفي معارك(همدان) و(كرمنشاه) واعادة السلطة العثمانية الى تلك المدينتين. كان(خانه بك) ذلك الرجل الشجاع الذي كان ينتظر اليه كشوكة في عين ايران حافظ على حدود الدولة العثمانية من اعتداءات ايران ولم تكن اعماله هذه لمصلحته الخاصة فقط بل شراكتة لمصلحة للدولة العثمانية ايضا ،ولاشك ان الشعب الكوردي وخاصة في منطقة بابان واردلان نظر الى هذا العمل والحدث نظرة اخرى وليس كما قيل مد يد المساعدة الى الدولة العثمانية في ضيقها، وكما اتضح حين قيام(نادر) وبقوة كبيرة ظهرعلى مسرح تاريخ الشرق الاوسط ،وكما رأينا ان تلك القوة الايرانية التي كانت وقبل سنين في(همدان) و(كرمنشاه) اندحرت امام القوات العثمانية ، والبابان عادت ثانية لاعادة تلك المدينتين بقيادة (نادر شاه) وشنت (.....................) القوات العثمانية ووصل الى الولايات الكوردية ومنها الى بغداد وحاصرها واصابت بغداد بالامراض والجوع والفاقة، ولما وصلت القوات الايرانية الى الولايات الكوردية لم تقابل بالدفاع وبالقوة ولسبب ذلك الموقف المشين من والي بغداد لخيانته من قتل(خانه بك) امير بابان. وباختصار نقل جثمان (خانه بك) الى قرية(عود الآن ) ودفن بالقرب من مرقد الشيخ(اسماعيل عودالآني) وكان انذاك(محمد بك خانه بك) حاكماَ لمدينه(سنة) ولكن بعد ان دخل (نادر شاه) بجيشه كوردستان ومنها الى بغداد اضطر ترك(سنة).


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حكومة خالد باشا

بعد وفاة(خانه بك) تسلم اخوه(خالد بك) ادارة شؤون امارة بابان في(قه لا جوالان) وكان رجلاَ ذو اخلاق فاضلة وشجاعاَ وصادقاَ وكان حقاَ رجلاَ مصلحاَ، اتضح من ذلك انه وبعد وفاة(خانه بك) ظهرت بعض المنافسات والخلافات الا انه تمكن من اصلاح البين وعندما توجه(نادر) بجيشه نحو بغداد طلب(احمد باشا) والي بغداد من(خالد بك) المساعدة. الا انه لم يلب دعوته وطلبه. في الوقت كان (نادر شاه) متوجها الى بغداد اراد حاكم مدينة (تبريز) (لطف علي بك) ان يساعد(نادر شاه) وان يمر بمنطقة(قه جوالان) الا ان(خالد بك) استعد لذلك ووصل بقوة من المقاتلين الى(سره ده شت) لمنع مرور قوات(لطف علي بك)عبر منطقة (قه جوالان) وسد الطريق بوجهه. ولما علم(لطف علي بك) بذلك ارسل رسالة الى(خالد بك) بين فيها صفاء نيته، وكانت الرسالة تعبر عن موقفين اما انه لم يتمكن من مواجهة قوة بابان او لفشله من المرور حيث يقول في رسالته، انه لم يكن ينوى سوءاَ تجاه حكومة(قه لا جوالان). وانما طلبه كان يقتصر فقط الوصول الى بغداد لمساعدة(نادر شاه) وكان(خالد بك) رجلاَ متديناَ وقوراَ وثبت في كيانه جذور المذهبية وكان سبباَ في عدم السماح لمن يريد ان يعاون ويساعد الذين يقفون ضد سلطان. لانه هو خليفة المسلمين. ومهما كان(احمد باشا)، هوالذي اهدر دم اخاه (خانه بك) لم يكن يوماَ قانعاَ ان يقف ضده لانه يرى نفسه نائباَ لخليفة بغداد، لهذا كان جوابه لرسالة (لطف) بانه رجل اخاف الله وعابد وارى خليفة المسلمين خليفته علينا وكبيرنا ولا ادع نفسي ان تلطخ يدي بدماء جيشه، ولست من أي جهة منكم و ولاتاتي عبر منطقتي والاولى أن تأخذ طريقاَ آخر تسلكه، وعندما علم(لطف علي بك) بهذه الرسالة سلك طريقاَ آخر، كان ذلك و(نادر شاه)يجتاز بقواته عبر(شهرزوور) وكان(سليم بك بكر بك)،ابن عم(خالد بك) رئيسا لتلك المنطقة، انزعج جدا بمرور قوات(نادر شاه) بتلك المنطقة، ولكن لا حول له لعدم تمكنه من مواجهة هذه القوة الجرارة وهي تمر عبر منطقته، الا انه لم يسكت عنها فعليه ان يتبين ما عليها بابان من شجاعة، فكان له ان هجم على مؤخرة قوات(نادر شاه) والحق بها خسائر فادحة، كان(نادر شاه) رجلاَ وحشاَ دموياَ لايرحم. والى جانب هذا كان صاحب نظرة بعيدة ، وفكرلايبعد الكورد عنه او يستفزهم وغض النظر عن ما قام به(سليم بك) الا انه سعى ببث روح التفرقة بين الكورد انفسهم، لاشعال النار بين رؤساء الكورد انفسهم، واشغالهم في حروبهم تخلصا، من مناوشاتهم وابعادهم عن مساعدة والي بغداد (احمد باشا) وكتب رسالة الى(سليم بك) قال فيها لقد قمت انت وبدون خوف ضرب قواتنا الكبيرة لايران والحقت اضراراَ كبيرة بها، ولكنني اغض النظرعنها واذا تمكنت وانت على هذه الشجاعة اريدك ان اراك. وعند وصول الرسالة الى(سليم بك) ومعرفته بان(نادر شاه) رجل دموي قاتل وشريد ووحش ومهما يكن اراد ان يبين مدى شجاعة رجال بابان امام رجل كبير ايراني. ومنها قام وبلا خوف ذهب الى(نادر شاه) وقال له ليس الانسان فقط، بل حتى الجبال والوديان تهاب مني. وقمت انت بالهجوم وبشجاعة عكس مرآة شجاعتك والحقت اضراراَ بنا.

اجابه(سليم باشا) قائلاَ:سيدي..ان طبيعة هذه المنطقة طبيعة للرجولة. وانها الشجاعة الفطرية لنا. فانا متحير كيف ووجود حكومة بابان ويمر بالمنطقة جيش دون ان نعرف انفسنا بقوته واذا لم نقم بما قمنا بها لاصبح باشاوات بابان عندكم. ينظر اليه(سركال). عندكم(مختار). ويقول له(نادر شاه) ان مثل هذه الشجاعة يعني الجنون ونتائجها وخيمة ترى كيف تجرأت وبحفنة من الكورد تتحرك بقصد الحفاظ على وجودك. وهنا سلم بيدي شجاعة اخرى في جوابه... قائلاَ: مولاي ان الحفاظ على وجودنا ليس بالقلة والكثرة .بل انما بالشجاعة والعزم والارادة التي كان عليها اباؤنا واجدادنا، وبالشجاعة تمكنت بابان ان ترسخ كيانها وتركوها لنا،ولهذا لا يمكننا ان نجعلها ضحية للخوف، بل بالعكس نحافظ عليها وحتى آخر قطرة من دمائنا لتوسيعها وبنائها. واذا نحن لم نسع لها للحفاظ عليها،وعلى هذا المجتمع الصغير من قومنا، وهذا يعني اننا لسنا من الشجاعة والاقدام وعلينا ان نحسب لذلك ايضا،نعم باشا انه ادامة لبلدنا تستحق كل الفداء وصولاَ الى حد الجنون. واذا لم نكن هكذا سوف نقوم على ايذاء كيان الاباء والاجدادنا. ويقول(نادر شاه) لـ(سليم بك) في هذا يابني انت على سهو، ان الحفاظ والانتصار لم ياتيان من حفنة رجال اذ كانوا يوازونكم كياناَ ووجوداَ، وان اعداؤكم هذا سوف يحمي وجودكم وصولاَ الى حتى لايمكنهم باللسان ايضا تثبتون وجودكم .

القسم الخامس

وان هذا العداء سوف يضر بوجودكم وقومكم ويؤدي بكم الى الفناء وبسرعة.. وان مثل هذا اللاوجود اشبه ما يكون بعدد من الشموع الصغيرة لاقيمة لها امام ضياء الشمس..ويجيبه (سليم بك) قائلاَ مولانا ان الانسان يولد بدءاَ من الام وينتقل في مراحله من حضن امه وبعدها يتمكن من المشي ونحو الكبر الا ان يصبح رجلاَ ذا هيكل كبير، صحيح ان الشمع امام الشمس لاضياء له.

ولكن عندما تغيب الشمس يقوم الشمع بنشر اشعاعه. ويقول له(نادر شاه) اذا كانت الحالة هكذا وكما تقول وتسعون لاثبات، وتقومون على انشائها بلدكم والحفاظ عليها.اذاَ لماذا(احمد باشا) والي بغداد.

اضافة الى ما قدمها (خانه بك) من خدمة له امر اعدامه وبالشكل الذي اراده وغضيتم النظر عنه ولم تقوموا بشيء. وهل تعتقد ان عين (خانه بك) لا تنتظر اخذ الثار. قال سليم بك صحيح ولكن الدولة العثمانية دولة خلافة والوقوف بوجهها وكما في معتقداتها اجرام وليس صحيحاَ، لذلك نضطر الى غض النظر عنه.

ويقول له(نادر شاه) ان الاطاعة الى هذه الدرجة والى هذه المرحلة تعني الجهالة والتخلف نحن انتم نعرف انفسنا باننا مسلمون. نحن لا نطلب منكم ان تقفوا ضد الخليفة او تعصون عليه. بل انما نطلب منكم الاخذ بالثار لـ(خانه بك). ولهذا السبب لا تغضوا النظرعن حقكم وانا اعيبكم، اذا كنتم تنظرون الى شجاعتكم من هذا المنظار في الشجاعة والفداء والتضحية ستلقون العكس وتقعون في الفقر وعدم القدرة ولهذا انظر اليهم من رحمة القلب وعيب عندي ان تنظروا إلى (احمد باشا) الدموي الذي هوعدوكم. بانه خليفة المسلمين. وللحقيقة اقول ان لزمني الضحك لكن انا متحير بجهالتكم ، بان الاسلام. يقتل بطل اسلامي، ان الدموي (احمد باشا) قام وباسم الاسلام باعمال شنيعة وكبيرة. وفي الوقت الذي ينظر اليه خليفة الاسلام ، وان هذا هي الجهالة ونحن نرى انفسنا، ونعرف انفسنا مسلمون ونحترم الخليفة ونريد الخير للاسلام، ولكن واحداَ مثل (احمد باشا) يقوم بمثل هذا العمل المشين عندها نضطر ان نقف ضده وبوجهه وازاحته.

ويقول سليم مهما كان سيئاَ ولكن مادام مندوب وممثل لخليفة بغداد يجب ان نغض النظر عنه.

ويقول (نادر شاه) في البداية قلت ان جهالتكم وجهلكم سد عليكم رؤية الطريق الصحيح، يجب ان يكون خليفة المسلمين على معرفة من الرجال المسيئين ويؤديه، وان الرجل القويم هو من يقوم على تعرية المسيئين وان يقف ضدهم وان يسعى ليفنيه عن الوجود. (احمد باشا) قام بوجه الزوار الايرانيين ووقف على ايذائهم عند زيارتهم الى المراقد والاماكن المقدسة في العراق، ومما نضطر ان نرمي هذا الثقل عن كاهلنا، ولهذا بمثل هذا الجيش انا ذاهب الى بغداد، ولما لم تتمكنوا اخذ الثار لـ(خانه بك) قررت ان اخذ الثار له، وعمك (خالد بك) يقف الى جانب (احمد باشا) وانا مطمئن انه على نفس.

فكر (أحمد باشا)، وانا انظر الى ما عليها اسرتكم(عائلتكم) من جذور اصيلة واريد ان اثبتها عندك انا لا اريد ان امحي اثر سلالة اسرتكم من الوجود، ولا اريد خراباَ لبلادكم لان وجداني لايقبل ولايرضى بها والا اتمكن ان اجعل من ترابكم تذهب مع مهب الريح، ولهذا لا اريد ان يشتعل الاخضر واليابس سوياَ وانتقم من الذين هم من المجرمين، ومن هذا قررت ان امنحك حكومة (قه لا جوالان) وعلى شرط ان تكون مثلي صادقاَ وتعطيني الوعد ان تكون عملاَ وقولاَ في اعمالك صادقاَ معي ومني الهدية لك ستكون تحت حمايتي واساعدك واوصلك الى ذروة القمة.

وبهذه الصورة ومن خلال عرض الاطماع البراقة والنفع الخالي تمكن (نادر شاه) ان يستميل (سليم بك). وكان القصد لسببين:

أولاً: ابعاد (سليم بك) عن (احمد باشا) والي بغداد وعدنها يعطي لهذه الحملة مشروعيتها عند المسلمين وفي نفس الوقت التاثير على(خالد بك) بقصد اذلاله نوعاَ ما، لانه لم يدع الطريق لمرور(لطف علي بك) في منطقة (قه لاجوالان) كما وزرع بذور التفرقه بين امراء وحكام بابان واشغال (خالد بك) بامور مثل هذا التغيير كي لا يتمكن القيام بمساعدة (احمد باشا) والي بغداد ويضعه في شك من انتصار (نادر شاه) ان (نادر شاه) الذي تمكن ومن خلال نظرته البعيدة وحركاته ان يحصل على تاج عرش ايران لم يصعب عليه استمالة وكسب رجل ساذج اليه وهو (سليم بك).

وبعد هذا اللقاء والاطمئنان من كسب ودّ (سليم بك) جهز جيشاَ له وارسله للهجوم على عمه (خالد بك) في (قه لاجوالان). الا ان (سليم بك) احسن بالندامة. كيف انه اوقع نفسه في اتون نار نفسية وامروية لاخروج منها وكيف له القيام باصلاح نفسه وهو الان في مهب الريح حب السلطة والامارة التي اوقعها فيها (نادر شاه) ودون ان يفكر بالمستقبل ماذا سيحصل للأسرة البابانية وبعمله هذا انقسم البابانيون على انفسهم (خالد بك) واتباعه و(سليم بك) ومؤيديه ، وكان (خالد بك) يعلم ان (سليم بك) مسند من (نادر شاه) لا يمكن مقاومته او ردعه مما اضطر الهرب الى (استانة) وتوقفت عند مدينته اورفه ومنها الى الموصل وبقي هناك حتى وفاته عام (1165 للهجرة)، كان (نادر شاه) يريد ان يثبت له موضع قدم على ارض كوردستان. وحتى قام بتحركاته المريبة واتصل برجال الدين الكبار وكسب رضاهم. ومنهم (الشيخ حسن كله زه رده) الذي كان من الرجال الدين المعروفين. وارسل له رسالة بقصد استمالته للتعاون وهذا نص الرسالة وباللغة العربية وكما هي نصاَ:

((مني الى ذي المآرب والمنن اعني به السيد حسن.. اما بعد:فان حبي بجدكم لا يكاد انكاره وان مرامي ترويج مذهب الجعفري الصادق فبورود العريضة لا بد ان تتشرف اليّ والا يكون سببا لقهري..)) . ولم يكن الشيخ حسن من الذين ينساقون وراء الكلام والاقوال من (نادر شاه) بل ان الشيخ حسن هو من آل اسرة شيخ عيسى وشيخ موسى جاؤا من همدان عام(656 هـ) وسكنوا برزنجه وتوزع اولادهم وسكنوا السليمانية وكركوك وكلهم من ذرية الشيخ عيسى وان من مثل الشيخ حسن لايمكن ان يتوهم باقوال (نادر شاه) ولايذهب اليه وكتب رسالة اليه جواباَ على رسالته. وهذه هي نص الرسالة الجوابية:

))اخذت كتابكم ووافانا بالذين خطابكم اما قولك فان حبي لجدكم لايكاد انكاره وان كانت تلك المحبة ممزوجة ببعض ساير الاصحاب طوبى لك في الدنيا وفي يوم الحساب والاوبال على صاحبها، واما قولك وان مرامي ترويج مذهب جعفرالصادق فانه كان من اجل التابعين وجدنا ماله مذهب مدون اتبعناه، وامام قولك فبورود العريضة لابد ان تتشرف اليّ فانا رجل كسيف البال ضعيف الحال لا اقدر على المشي، ولكن اوصيكم يوصيانا تعمل بها وتنجو منها ان لا تحارب السلاطين العثمانية، اذ طلع من الكشف على بقائهم الى يوم القيامة ومنها ان ما أضمرت في قلبك تخريب الموصل لا تفعل يكون سبباَ في هلاك جندك ومنها ان تجعل في القوية لانه يقتلك بعض اقاربك الذي الان معك).

لاشك ان هذا الجواب اثر قلب (نادر شاه) ولم يتمكن ان يقوم باي شيء تجاه الشيخ حسن او ايذائه لانه رجل معروف ومن كبار رجال الدين ومن ابناء جعفر الصادق وآل الحسين.

حكومة سليم باشا

بعد استلام(سليم باشا) ادارة شؤون بابان عمل على تبديل كل الاسس الادارية والسياسية للحكومة، ولهذه وللمرة الاولى تقوم حكومة بابان وحسب توجيه الادارة الايرانية وحسب ارادة (نادر شاه) وقطع علاقته مع الدولة العثمانية، ونظراَ لوجوده الكثير من الذين لايحبون ايران ووجود شقاق في جبهتين (ايران والدولة العثمانية) داخل الامارة . لم يقم (سليم باشا) باية محاولة لاعادة المياه الى مجاريها، بل كان العكس من ذلك ان يميل إلى نادر شاه لان (أحمد باشا) والي بغداد، سبق وان قاد جيشا (1160 هـ) وهجم على بابان، ومن جهة اخرى صدرت فتاوى من العلماء وشيوخ الدين ان من يحمل سلاحاَ بوجه الدولة العثمانية فهو كافر، ولان (سليم باشا) ابتعد عن الناس وبقى هو ومن حوله، اضطر ان يهرب ويلجأ إلى قلعة سروجك وكذلك اخوه (شيرو بك) هرب ولجأ الى قلعة (قه مجوغة) وحمل عليهما (احمد باشا) اولا على قلعة (قه مجوغة) فهرب (شيرو بك) ثم عاد (احمد بك) ليهجم على (سروجك) على (سليم باشا) الا ان انتشار الامراض والاوبئة اثرت على قوات(احمد بك) وافنائهم والاتيان عليهم باعداد كبيرة وحتى (احمد بك) نفسه . ومن هناك. الا ان(سليم بك) طلب العفو. وعفاه (احمد باشا) وفي طريق عودته اخذ العهد من(سليم بك) ان لايرفع السلاح بوجه الدولة العثمانية. وان لا يميل الى ايران واتفقا على ذلك وعاد (احمد باشا) والي بغداد. الا انه توفي في الطريق عند قرية دلي عباس. وبعده اصبح (سليمان باشا) والياَ على بغداد (كان صهر احمد باشا).

وكما يقال ان(سليمان باشا) كان رجلاَ بعيد النظر وقوياَ وعندما راى ان(سليم بك بابان) توجه ثانية نحو ايران ومع ذلك كان قد موت (نادر شاه) قتلاَ نصحه مراراَ وطلب منه ان يعود الى الطريق الصحيح وتقوية علاقته مع بغداد ولكن دون فائدة. بل على العكمس اتفق مع(عثمان باشا) حاكم(حرير) ان يدخلوا منطقة(ره ند اباد) وفي 1146هـ هاجم(سليمان باشا) ولاية بابان وكما أسلفنا، وعلت نداءات رجال الدين ان من يتعاون مع (سليم باشا) فهو كافر. ومن هذا الموقف هرب (سليم بك) الى ايران.وبعد هروب (سليم باشا) تسلم (سليمان باشا ابن خالد باشا) الحكم ،وكما يقال انه رجلاَ صالحاَ ومصلحاَ وشجاعا َوله من الصفاة انه كان ينظر دوماَ الى المستقبل ، ولهذا كان دوماَ متوجهاَ نحوالاصلاحات الداخلية للامارة البابانية.

لقد قام (سليمان باشا) والي بغداد باعداد هجوم على (عثمان باشا) والي (حريرو كويسنجق)، وكان قد لجأ الى جبل دوكورت، الا ان قوات والي تمكنت من حصارهما وقطعت الطريق عليهم من المؤونة وحاولاَ من معهم الدفاع عن نفسهم الا انهم لم يتمكنوا، وقتل الكثيرمنهم ،ومنهم من تمكن الهرب، والقي القبض على (عثمان باشا) واخوته. وامر الوالي بقتلهما. وتمكن (قوج بك) من الهرب (وهو شقيق عثمان باشا) الا انه القي القبض عليه بعد احتلال القلعة وقتل (قوج بك) ايضا. وبعد ذلك عاد (سليمان باشا) والي بغداد الى بغداد بعد ان استتبت الامور.عني(سليمان بك ابن خالد باشا) حاكما على امارة بابان ومنحه لقب(باشا).

حكومة سليمان باشا الثاني المشهور بـ(المقتول)

كان سليمان باشا الثاني بابان (المقتول)، رجلاَ صارماَ الى جانب حبه للخير وكانوا يشيرون اليه بالتكبر،ولو انه كان مهاباَ وقوياَ من الاداء، الا انه كان مع الحق، سادت الامارة حالة من الهدوء والاستقرارالتام والتقوة المنطقة وابعادها عن خطورة ايران، قام (سليمان باشا) والي بغداد بالحاقا لمناطق (حرير، كويسنجق، التون كوبري، زند اباد) الى سلطة بابان واعفاء المنطقة من كافة الضرائب ولمدة عشرسنوات والتوجه نحو الاصلاح الاقتصادي وتقوية الجيش وشراء الاسلحة، الى جانب تامين الحياة والانتعاش للامارة، واشترط على (سليمان باشا الثاني بابان)، مساعدة بغداد في حالات الحاجة والنزول الى الساحة والابتعاد عن ايران. كان ذلك في الوقت الذي قد قتل(نادر شاه).وان ايران تسودها الفوضى،ومنها فكر(سليم باشا) وهولاجئ في ايران، ولكن كل اتصالاته لم تثمر،ولا احد يستجيب له، وهكذا بقي (سليم باشا) مدة سنتين دون ان يحصل على أية مساندة، وبعدها توجه الى كباررجال الكورد ومنهم(كريم خان زند) رئيس عشيرة زند،المعروف بسطوته وشهرته وصاحب اليد على (اصفهان) واطرافها، فاستجاب كريم خان زند لطلبه وجهز له جيشاَ قوامه 12 ألف مقاتل (خيال)، وتوجه(سليم باشا) الى امارة بابان(13) وكان وصول هذا الجيش سراَ وبهدوء ودون ان تشعربه امراء بابان، الى(مريوان). فقام حاكم مدينة(قزلجه) بارسال رسالة مستعجلة الى(قه لاجوالان).

سليمان باشا بابان يحذرهم بوجود، ووصول هذه القوة الى(مريوان). وكان(سليمان باشا) انذاك نائماَ، ولما فتح(وصل الرسالة الى ايدي) الامراء الرسالة لم يجراؤا على فتح الرسالة، وبقوا في حيرة امرهم في كيفية معالجة الامروالخطر يداهم الامارة، فلما راى احد خدام(سليمان شاه)هذه الحالة بين الامراء، وذهب الى حيث ينام(سليمان باشا) وضغط اصبعه بقوة عليه،ونهض(سليمان باشا) صائحا ماذا هناك؟!.فقص خادمه القصة عليه. بان العدو قريب الحدود، والكل ينتظر امركم. فصاح (سليمان باشا) قائلاَ يا عديمي الضمائر يامن انتم كالنساء تنتظرون، ركض الخادم واخبر قيادة بابان بذلك ففرحوا، الا انه قال لهم، ان الباشا قال هذا ونام ثانية... ومن هذا الموقف قام ابطال بابان، وبينهم(سليم بك) المعروف بـ(سليم سى ته نكه ـ أي سليم ثلاث بطون)ومعه(محمود بك ،وجوامير اغا ،وبريندار آغا،وزلال احمد اغا، ومحمد بيك مه ركه يي، وحمه ره ش داود آغا ، واكرم ملا مظهر، ورجال أخرون وكان تعدادهم 12 خيالاَ وهم الدين اشتهروا بـ(دوانكزه سوارى مه ريوان ـ اي ـ اثنا عشر فرسان مريوان) كل واحد مع خادمه توجهوا الى حيث وجود جيش (سليمان باشا) في (مريوان).[2]

هؤلاء هم من ادخلوا هذه القصة المشهورة اثنا عشر خيالة مريوان في التاريخ الكوردي وستبقى خالدة خلود التاريخ ومفخرة من مفاخر الشعب الكوردي حيث اراد هؤلاء ابطال وبدون علم اوامر من الباشا ان يثبتوا وجودهم على ساحة المعركة للدفاع بدمائهم عن ارضهم وشعبهم ولم يكونوا على عقيدة بانهم يقتلون بل على عقيدة سيخلدون في التاريخ، تاريخ شعبهم الكوردي وفي المساء وبعد ان قطعوا ستين ميلا وقفوا على حدود المعسكر للعدو وكانت خطتهم الهجوم على العدو كل واحد مع رفاقه من جهة وبصوت (الله اكبر) والخدم يدقون على الطبول لكن ظن العدو انهم محاصرون من جهاتهم الاربعة، وعند الموعد بعد ثلثي الليل بدأت الغارة وبدأ القتال والكر والهجوم وعندما خرج (سليم باشا) وسمع اصوات القادة المهاجمين عرفهم بانهم في حلهم. الا ان المسألة تعدت ذلك سادت الفوضى ساحة جيش (سليم باشا) مما اضطر الى الهرب وبعد طلوع الشمس بانت الامور ومحيت قواته ابطال بابان من هذه المعركة (الاثنا عشر خيالة مريوان)(*) من الخيالة وهم (سليم بك، واكرم ملا حمزة، وجوامير آغار زه نكنه، واحمد اغا زولال، ومحمد بك ،ومركة) ومع ثلاثة اخرين، كانوا من الجرحى، الذين ابدوا شجاع للدفاع عن كرامتهم وشعبهم الكوردي(سليمان باشا) في (قه لاجوالان) عندما نهض من نومه عصراَ قرأ رسالة حاكم (قزلجه) ، ولما قصوا عليه قصة الخيالة (الاثنى عشر) لم يصدق ان يتمكن هؤلاء الخيالة القيام بشيء، ومنها امر عنده من الامكانات من القوة ان يصلوا لمساعدة هؤلاء الخيالة وعندما وصلوا الى(قزلجه) قصوا عليه ما قاموا بهاهؤلاء الخيالة مقابل قوة قوامها 12 ألف مقاتل ايراني، وبفخر واعتزاز تلقوا الخبر وفرحاَ، والى جانب ذلك أسف على استشهاد ابطال بابان... الابطال الذين اثبتوا للعالم معجزه الكورد في القتال على ساحات الدفاع، وان استشهادهم تركوا للشعب الكوردي تاريخاَ مجيداَ.


قائمة الحكام

  1. فقي أحمد، 1649-1670
  2. بابا سليمان، 1670-1703
  3. خنا محمد پاشا، 1721-1731
  4. خالد پاشا، 1732-1742
  5. سليم پاشا، 1742-1754
  6. سليمان پاشا، 1754-1765
  7. محمد پاشا، 1765-1775
  8. عبد الله پاشا، 1775-1777
  9. أحمد پاشا، 1777-1780
  10. محمود پاشا، 1780-1782
  11. ابراهيم پاشا، 1782-1803
  12. عبد الرحمن پاشا، 1803-1813
  13. محمود پاشا، 1813-1834
  14. سليمان پاشا، 1834-1838
  15. أحمد پاشا، 1838-1847
  16. عبد الله پاشا، 1847-1850

الهامش

  1. ^ توفيق قفطان، ترجمة : المحامي شعبان مزيري. "تاريخ حكام بابان في (قه لاجوالان)الى بناء السليمانية 1199 - 1080هجرية 1669-1784 ميلادية". كيلكامش.
  2. ^ إن هذه القصة وبمثل هذا العرض يمكن ان تكون خيالية، لان قصة الاثني عشر الخيالة لـ(بيرة ميَرد) حوله هذا الحادث، لم ترد هكذا.

الهوامش

  • ملاحظة:ـ والى هنا تنتهي المخطوطة دون التطرق او الوصول الى نهاية العرض وايصالها الى فترة تاسيس مدينة السليمانية في عهد ابراهيم باشا عام (1199 هـ 1714 م).وفي هذه الفترة وانهارت قوات (سليم باشا) حتى مجيء (ابراهيم باشا) لادارة شؤون بابان من (قه لاجوالان) شهدت احداث كثيرة منها التفرقة والانقسام والمعارك الداخلية عل مسرح بابان ومجيء اعداء من الحكام على عرش بابان، وان احسن الكتابات في تلك الفترة والتي توضح امارة بابان هو كتاب امين زكي بك (تاريخ السليمانية)(ك).

1ـ لاشك كان القصد من هذا الامل، كانت فترة تاسيس مدينة السليمانية، إلا ان تاريخ بابان والى ما بعد النصف الثاني من القرن الثالث عشر كان مستمراَ، لذا وبالعكس كانت بداية القرن الخامس هي بداية نشوء اسرة بابان وليس نهايتها(ك).

2ـ وبعدها ان الاسرة البابانية كما في التاريخ كتب اسمها وتاسست. يعتبر فقي أحمد هو مؤسس الاسرة البابانية (ك).

3ــ كيغان: اسم تستعمله الانكليز والفرنسين. وان هذا الاسم في الشرق كان يطلق على كل المسيحيين في اوربا ولكن لما كانت الحرب بين روسيا والدولة العثمانية من الممكن سميت بهذا الاسم(ك).

4ـ ان مسودة حسين ناظم ثمين جداَ عند المؤرخين الذين كتبوا عن الكورد وبخاصة الكتابة التاريخية عن اسرة بابان، واستفادوا من هذه المسودة(ك).

5ـ وحسب ما جاء في كتاب تاريخ السليمانية، وكتاب (ريج ، ولونكري ، ودائرة المعارف الاسلامية) انه وبعد وفاة(فقي احمد) وبصورة مباشرة جلس (الامير سليمان) (بابا سليمان) على عرش الولاية وان (الامير سليمان) ليس ابن (خان داغ) بل انه ابن (فقي احمد) او اخ (خان بداغ).

6 ـ يمكن ان تكون بداية القرن الحادي عشر وليس القرن العاشر لان (1080) للهجرة نقل سليمان باشا عاصمته الى(قه لاجوالان)(ك).

7ـ امين زكي بك، كتب في تاريخ السليمانية انه سلم نفسه سنة 1111 للهجرة(ك).

8 ـ القصد من السلاح الناري هو (البندقية، والمسدس، والمدفع) فكان موجود في ذلك الوقت)(ك).

9ـ يمكن بعد سنة(1110) للهجرة لان ومثلما في تاريخ السليمانية،ان الامير (سليمان باشا) نفسه (1111) للهجرة الا ان الاستسلام كان سنة(1098) الا ان وفاته كانت(1111)(ك).

10ـ وكما اتضح اخيراَ انها اقدم آثار للأنسان في هذه المنطقة(ك).

11ـ ومما يذكر في بعض الكتابات التاريخية الاخرى التي توضح الموقف الصحيح بانه(خانه باشا) بقي في (اردلان) يدير ولايته وتوفي هناك، ولكن هناك روايات اخرى تشير انه لم يقتل وبامر الوالي(احمد باشا) مباشرة بل انما نتيجة دسائس الباشا قتل سرا والاسباب لم تكن فقط تلك الاكاذيب والدسائس التي كانت تصل الى الباشا(والي بغداد) بل كان له سبب آخرهو الحقد الدفين القديم ، والاصدق العودة الى تاريخ السليمانية، لامين زكي بك(ك).

12 ـ لاشك ان مساعدة كريم خان زند لم تقتصرعلى هذه الحالة فقط ،بل كان طامعاَ ببغداد وامارة بابان وان ارساله لهذه المساعدة وتحت هذا الغطاء تجربة وفرصة لاخذ الثأر، وبصورة خاصة كانت كالاضفر في اصابع الدولة العثمانية ضد إيران.