أبو الأعلى المودودي
أبو الأعلى المودودى ( 1321 - 1399 ) هجرية (1903-1979) ميلادية
ولد بمدينة جيلى بورة القريبة من مدينة أورنك أباد في ولاية حيدر أباد بالهند في أسرة فاضلة اشتهرت بالدين والفضل والعلم . لم يعلمه أبوه في المدارس الإنجليزية واكتفى بتعليمه في البيت
و يعد أبو الأعلى المودودي نموذجًا فريدًا للداعية الإسلامي المجتهد الذي أوقف حياته على الدعوة إلى الإسلام، وجعل رسالته في الحياة إعلاءَ كلمة الحق، والتمكين للإسلام في قلوب أتباعه قبل ربوعه وأوطانه.
وكان لإخلاصه في دعوته واجتهاده في رسالته أكبر الأثر في التفاف الكثيرين حوله، وانضوائهم تحت لواء فكره الذي تخطى حدود القومية ونطاق المكان؛ ليصبح راعية عالميًا للإسلام في كل مكان، بل إن أعماله ومؤلفاته قد انطلقت لتتخطى حدود المكان وتتجاوز إسار اللغة،
فترجمت إلى معظم لغات العالم؛ لتظل ينبوعًا متجددًا لعطائه الفكري والدعوي الذي تجاوز مرحلة الدعوة باللسان والتنظير الفكري إلى مجال التطبيق العملي للتشريع الإسلامي حكمًا وقيادة ومعاملات.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
البداية
عقب وفاة الوالد عام 1917 أدرك الابن أنه أصبح لا يملك إلا بناء الذات فاتجه إلى الصحافة فانضم إلى جريدة مدينة "بجنوز" 1918، ومنها إلى جريدة (تاج) الأسبوعية، وفيها كتب افتتاحيات عديدة تتحمس للمحافظة على الخلافة الإسلامية، وفي هذه الأثناء كتب كتاب "النشاطات التبشيرية في تركيا".
يحكي المودودي حادثا طريفا عن حياته المبكرة، وهو أنه ذات يوم ضرب ابن أحد الخدم في بيتهم، فأمر أبوه الخادم أن يضرب ابنه. ويعلق المودودي: "هذا الحادث لقنني درسًا، ولم أجرؤ طول حياتي أن أعتدي على الضعفاء".
ونتيجة احتكاكه بحركة الخلافة انتقل إلى دهلي عاصمة الهند، وقابل مفتي الديار الهندية الشيخ "كفاية الله" والشيخ "أحمد سعيد"، وكانا من كبار جمعية العلماء بالهند، ووقع الاختيار عليه لرئاسة تحرير الصحيفة التي ستصدرها الجمعية تحت اسم "المسلم" (بين 1921و1923)، وفي عام 1924 أصدرت جريدة الجمعية، ورأس المودودي تحريرها حتى 1948.
وخلال إقامته في دهلي تعمق المودودي في العلوم الإسلامية والآداب العربية، كما تعلم الإنجليزية في أربعة أشهر، وحصل قراءات فاحصة للآداب الإنجليزية والفلسفة والعلوم الاجتماعية؛ الأمر الذي مكنه من إجراء المقارنة بين ما تنطوي عليه الثقافة الإسلامية وما تتضمنه الثقافية الغربية.
أصدر مجلة " ترجمان القرآن " الشهرية المستقلة سنة 1923 م وكان لها دور أساسى في الحركة الإسلامية في القارة الهندية .
تقابل مع الشاعر محمد إقبال الذى أقنعه بالمجئ إلى لاهور ليتعاونا معـًا في بعث الإسلام و ساند مسلمى الهند حتى قيام دولتهم باكستان .
تأسيس الجماعة الإسلامية
أسس الجماعة الإسلامية في لاهور، وأعلن أن هدفها هو الإصلاح الشامل لحياة المسلمين اليوم على أساس الإسلام الصحيح النقى مما ألصقه به الحاقدون من شوائب مع اتخاذ الشريعة الإسلامية دستورًا للبلاد وتم انتخب أميرًا لها في (3 من شعبان 1360 هـ الموافق 26 من أغسطس 1941م).
ودعا مسلمى الهند في مجلته ترجمان القرآن إلى الانضمام إليها قائلا "لابد من وجود جماعة صادقة في دعوتها إلى الله ، جماعة تقطع كل صلاتها بكل شيء سوى الله وطريقه ، جماعة تتحمل السجن والتعذيب والمصادرة ، وتلفيق الاتهامات، وحياكة الأكاذيب ،
وتقوى على الجوع والبطش والحرمان والتشريد ، وربما القتل والإعدام ، جماعة تبذل الأرواح رخيصة ، وتتنازل عن الأموال بالرضا والخيار
وبعد ذلك بعامين في (1362 هـ = 1943م) نقلت الجماعة الإسلامية مركزها الرئيسي من لاهور إلى دار السلام - إحدى قرى بتها نكوت – و سخر قواه وجماعته لمناصرة قضية فلسطين
ومع إعلان قيام دولة باكستان في (11 من شوال 1366 هـ = 28 من أغسطس 1947م)، انتقل المودودي مع زملائه إلى لاهور؛ حيث أسس مقر الجماعة الإسلامية بها، وفي (صفر 1367 هـ = يناير 1948م) بعد قيام باكستان بنحو خمسة أشهر، ألقى المودودي أول خطاب له في كلية الحقوق، وطالب بتشكيل النظام الباكستاني طبقًا للقانون الإسلامي
وظل المودودي يلح على مطالبة الحكومة بهذا المطلب، فألقى خطابًا آخر في اجتماع عام بكراتشي في (ربيع الآخر 1367 هـ = مارس 1948م) تحت عنوان "المطالبة الإسلامية بالنظام الإسلامي".
و قبض عليه عدة مرات لأسباب مختلفة
الحكم بإعدامه
حكم عليه بالإعدام في عام 1953 فوقف ثابتًا وقال كلمته المشهورة " إن كانت تلك إرادة الله فإنى أتقبلها بكل فرحة ، وإن لم يكتب لى الموت في الوقت الحاضر فلا يهمنى ما يحاولون فعله فإنهم لن يستطيعوا إلحاق أقل ضرر بى "وبعد أربعة أيام فقط من اعتقاله حكم عليه بالإعدام،
وهو ما أدى إلى حدوث ثورة من الغضب الشديد في معظم أنحاء العالم الإسلامي ، وتوالت البرقيات من كل مكان تشجب هذا الحكم، حتى اضطرت الحكومة إلى تخفيف حكم الإعدام والحكم عليه بالسجن مدى الحياة، ولكن ردود الفعل الرافضة لهذا الحكم أدت إلى إصدار حكم بالعفو عن المودودي في (1374 هـ = 1955م).
و عندما ساءت حالته الصحية سلم قيادة الجماعة للأستاذ محمد طفيل وتفرغ للعمل الفكرى
فى زمان متقارب ولد الإمامان أبو الإعلى المودودى و حسن البنا ، وتشكلت رؤاهما الدينية ونزعتهما الإصلاحية ، ومارسا الدعوة والعمل والتربية والجهاد، حتى تركا رصيدا يعتز به كل مسلم ، ويرى فيه القدوة والهدى ، وقد كانت أوجه الشبه بين الرجلين كبيرة ، كما كان التشابه بين حال بلديهما الهند ثم باكستان ومصر كبيرا ، فكلتاهما تحتل موقعا جغرافيا وسياسيا وحضاريا متميزا ومؤثرا ، وكلتاهما تعرضت للاحتلال الإنجليزى والتآمر الدولى والاستبداد السياسى الداخلى، وكلتاهما كانت موضع إشعاع دعوى وريادة إسلامية ، وما زالتا على ذلك ..
وفاته
توفى سنة 1979 م في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية بعد إجراء عملية قرحة وقد كان في زيارة لابنه
مؤلفاته
بلغ عدد مؤلفات المودودي (70) مصنفًا ما بين كتاب ورسالة، ومن أبرز تلك المؤلفات:
وكان سبب تأليفه لهذا الكتاب أن المهاتما غاندي نقل عنه قوله بأن الإسلام انتشر بحد السيف. وخطب الإمام "محمد علي الجوهري" خطبة في الجامع الكبير بدهلي، وصدح بقولته: "ليت رجلا من المسلمين يقوم للرد"؛ فأراد المودودي أن يكون هذا الرجل، وغربل أمهات الكتب في هذا الموضوع، وأخذ يطالع تاريخ الحروب عند جميع الشعوب قديمًا وحديثًا وكتب حلقات متواصلة في جريدة الجمعية، ثم صدرت في كتاب عام 1928، وكان الدكتور "محمد إقبال" ينصح دائمًا الشباب المسلمين باقتناء هذا الكتاب.
- مبادئ الإسلام
- الحجاب
- تفسير سورة النور
- الجهاد في سبيل الله
- تذكرة دعاة الإسلام
- الانقلاب الإسلامى
- المسألة القاديانية وكشف فيه بإيجاز عن عقائد هذه الفرقة ومخططاته
- المصطلحات الأربعة الأساسية في القرآن، والإسلام والجاهلية، ودين الحق، والأسس الأخلاقية الإسلامية
وقد حظيت مؤلفات المودودي بشهرة عريضة في جميع أنحاء العالم ولقيت قبولا واسعًا في قلوب المسلمين في شتى البقاع؛ فترجم الكثير منها إلى العديد من اللغات، حتى بلغ عدد اللغات التي ترجمت مصنفات المودودي إليها ست عشرة لغة، منها: الإنجليزية، والعربية، والألمانية، والفرنسية، والهندية، والبنغالية، والتركية، والسندية…، ونالت استحسان ورضى المسلمين على شتى مستوياتهم واتجاهاتهم.
تأثيره الجماهيري
وعندما قامت الحرب بين باكستان والهند في (جمادى الأولى 1385 هـ = سبتمبر 1965م) كان للمودودي والجماعة الإسلامية دور بارز في الشحذ المعنوي للجماهير ومساعدة مهاجري الحرب، كما ساهمت الجماعة بشكل إيجابي في الإمداد الطبي، فأقامت نحو عشرين مركزًا للإمداد الطبي في آزار كشمير، وألقى المودودي عدة خطابات عن الجهاد.
وفي (رمضان 1386 هـ = يناير 1967م) قامت الحكومة باعتقال المودودي لمدة شهرين، وبعد أن أطلق سراحه ظل يمارس دوره الدعوي في شجاعة وإيمان، فكان من أبرز دعاة الحرية والوحدة، وظل يحذر الشعب من مساندة الجماعات الانفصالية حتى لا ينقسم الوطن، ويقع في حرب أهلية لا يعلم مداها إلا الله.
وفي (رمضان 1392 هـ = نوفمبر 1972م) بعد نحو ثلاثين عامًا من الكفاح الطويل طلب المودودي إعفاءه من منصبه كأمير للجماعة الإسلامية لأسباب صحية، وانصرف إلى البحث والكتابة؛ فأكمل تفهيم القرآن، وشرع في كتابة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي (عام 1399 هـ = 1979م) فاز المودودي بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام؛ فكان أول من حصل على تلك الجائزة تقديرًا لجهوده المخلصة في مجال خدمة الإسلام والمسلمين.
المراجع
http://www.elrasol.com/file/ozamaa/dooah/elmodody.htm http://www.islamonline.net/Arabic/history/1422/09/article20.shtml
http://www.almukhtar.org/Issues_display.cfm?ID=46
مصادر الدراسة
أبو الأعلى المودودي: حياته وفكره العقدي: حمد بن صادق الجمال – دار المدني للطباعة والنشر والتوزيع – جدة (1401 هـ = 1986م).
أبو الأعلى المودودي فكره ودعوته: د. سمير عبد الحميد إبراهيم – دار الأنصار – القاهرة: 1399 هـ = 1979م.
أبو الأعلى المودودي والصحوة الإسلامية: د.محمد عمارة – دار الشروق بالقاهرة: 1407 هـ = 1987م.
النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين: د. محمد رجب البيومي (الجزء الثالث) – سلسلة البحوث الإسلامية : السنة 13 الكتاب الأول: مجمع البحوث الإسلامية – القاهرة: (1402 هـ = 1982م).