الأسرة القرمانلية

(تم التحويل من الدولة القره مانلية)
الجمهورية الطرابلسية

1551–1864
علم ليبيا
Karamanlı Hanedanı bayrağı
امتداد الجمهورية الطرابلسية
امتداد الجمهورية الطرابلسية
العاصمةطرابلس[1]
(طرابلس)
الدين الإسلام
الحكومةجمهورية وراثية
• 
Murat Ağa
• 
Turgut Reis
• 
Mahmud Nedim Paşa
التاريخ 
• تأسست
1551
18011805
1812-1816
• انحلت
1864
سبقها
تلاها
Malta Şövalyeleri
Trablusgarp Vilayeti


دام حكم القرمانليين الوراثي لليبيا نحو قرن وربع 1711 - 1835.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأصول

كان جدهم إنكشارياً تركياً من مدينة قره مان جنوب قونية بالأناضول. استقر في طرابلس وتزوج من العرب، فصار أبناؤه من الكول أوغلية، هو لقب يطلق على مزدوجي العرق، أي الذين آباؤهم أتراك وأمهاتهم عربيات: "ولقد توارثت سلالة هذا القرصان من أب إلى ابن اسم جدهم الأول الملقب بالقرمانلي. غير أنهم، وقد استمروا في مصاهرة العرب وامتزج دمهم بهم، فإنه لم يعد لهم من الصبغة التركية سوى الاسم فقط، حيث أصبحوا يجهلون حتى لغة الأتراك".[2]

مع مرور الزمن كبرت وتمددت الأسرة القرمانلية، من الآباء، إلى الأبناء، إلى الأحفاد، وأصبحت للكثير منهم مناصب مهمة في الدولة، كان أبرزها منصب "باش آغا" أي قائد "فرسان الساحل والمنشية" الذي حظي به يوسف القرمانلي، وورّثه من بعده إلى ابنه أحمد القرمانلي، الذي سيصبح مؤسس الدولة القرمانلية.

استغل أحمد القرمانلي علاقة أسرته الوثيقة بالقبائل العربية، لاسيما قبائل منطقة المنشية محل إقامة أسرته الكبيرة، وكذلك زواجه من ابنة قائد الجيش الكول أوغلي محمد الجن، فحاز، من خلال مصاهرته، على نفوذ عسكري وسياسي قويين. وكان محمد الجن، بدوره، مصاهرا الداي إبراهيم الأركلي، الذي عينه قائدا للجيش وزوجه ابنته، بعدما ساعده في الاستيلاء على السلطة من الداي السابق!


لكن محمد الجن ما لبث أن دبر انقلابا ضد صهره، الداي إبراهيم الأركلي. فخلعه عن الحكم ونفاه إلى مصر. ونصب نفسه دايا العام 1710 إلا أن القوات الانكشارية، ذات الأصول التركية، رفضت مبايعته؛ لأنه كول أوغلي، بينما بايعه العرب.

كان الداي محمد الجن، حسب رواية القنصل الفرنسي في طرابلس، وقتها: "رجل قصير القامة، متمرد جداً، صعب العريكة. ويلقبه الناس بلقب: "ولد الجن". ولقد خدع بوعوده المعسولة الأتراك الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل تنصيبه؛ فهو يقوم الآن، يومياً، وفي كل ساعة، بإغراقهم في البحر أو شنقهم أو نفيهم من البلاد. أما أولئك الذين ظلوا منهم على قيد الحياة، فإنهم لايقدرون حتى على الاحتجاج. وقد عقد هؤلاء جميع آمالهم على خليل باشا الذي أسفوا على إبعاده عن الحكم بعد فوات الأوان. ولقد قضى محمد داي على اثنين من البكوات، وعلى كاهية (رئيس حرّاس باب القلعة)، ورئيس بحرية، وعدة قباطنة، وضباط، وغيرهم كثيرون. ولم يعد المرء يسمع في هذه المدينة الحزينة سوى العويل والصراخ".


وخلال فترة حكمه القصيرة قضى الداي ولد الجن، على نفوذ الأتراك، ونكل بهم، ليمكّن، بدلاً منهم، بني جلدته من الكول أوغلية من السيطرة على مراكز النفوذ في الجيش والدولة، بالتحالف مع العرب. وتقول الروايات العربية أن أهالي طرابلس كانوا: "يرغبون في ولاية محمد الجن، لكنه رفض، وأشار على الناس بانتخاب إسماعيل خوجه فانتخبوه، وباشر عمله أول شوال سنة 1122 هـ نوفمبر سنة 1710م وطغى عليه نفوذ محمد الجن، ولم يبق له من الولاية إلا الاسم".


والتي لم يمض فيها سوى شهرين، عندما قام قائد الجند، محمود أبو مويس (تصغيرا للموسى)، وهو من أصل عربي، بالانقلاب على حكم إسماعيل الخوجه، الداي الصوري، وقتل محمد الجن في الرابع من يوليو 1711 وبتنصيب محمود أبو مويس دايا جديدا، واغتيال محمد الجن، صهر أحمد القرمانلي، توجس الأخير خوفا على حياته مما يمكن أن يدبره له الداي الجديد. وهو ما شعر به بقوة عندما كلفه محمود أبو مويس بمهمة إبلاغ قبائل غريان بتوليّه الحكم، وحمل رسالة بذلك إلى شيخ منطقة غريان.


فقرر أحمد القرمانلي، أن يفتح الرسالة ليطلع على مضمونها، فإذ بها تحتوى على أمر رسمي يطلب فيها الداي الجديد من "شيخ غريان" قتل أحمد القرمانلي فور اطلاعه على الرسالة؛ فاستبدلها برسالة أخرى، حررها بيده، على أنها بخط الداي وبتوقيعه، وجعل مضمونها ينص على أن الداي الجديد يريد منهم ضمانة بخضوعهم لسلطته من خلال تقديم عدد من كبار أعيانهم رهائن عنده في طرابلس. وقبل أن يسلم أحمد القرمانلي الرسالة المزورة، إلى "شيخ غريان"، بالغ في وصف خطورة الداي الجديد على البلاد والعباد بسبب رغبته في الاستبداد بالسلطة والتظلم على الأهالي، والانتقام من القبائل. ثم سلمهم الرسالة مصداقا لقوله، معلنا أنه يرفض أن يصطحب أي رهائن معه لأن الداي سيقوم بقتلهم لا محالة وهو يفضل أن يذهب إلى ولاة تونس أو مصر للاستجارة بهم من أجل مساعدته في الخلاص من الداي الجديد.قاصدا بذلك إثارة نخوة الغريانيين، متوقعا أن ينكروا عليه الاستجارة بغيرهم، وهو موجود بينهم. وهو ما حدث. إذ قالوا له: "أبدا!.. إن مكانك بيننا، ونحن نعلن تمردنا جهارا، فسر على رأسنا. إنك أنت الذي سيكون دايا علينا، وستخلف محمود أبي مويس (الداي الجديد) بقوة سواعدنا". وهكذا سار أحمد القرمانلي إلى طرابلس بجيش جرار من القبائل العربية من غريان ومناطق الساحل والمنشية المحيطة بأسوار طرابلس.علاوة إلى تحالف سري مع أعضاء من الديوان الحكومي وضباط من الحامية العسكرية داخل طرابلس. واستنادا على قوته هذه أرسل أحمد القرمانلي رسولا يحمل رسالة منه موجهة إلى الداي محمود أبي مويس، يقول فيها، بكل ثقة: "إنني على وشك أن أُنزل بك ما أردت أنت أن تُنزله بي". وإذ أدرك الداي أنه ونظامه ساقطان لا محالة بيد القرمانلي، أنزل بنفسه الموت شنقا قبل أن ينزله به عدوه بالطريقة التي يشاؤها. ولم يكن قد تمتع بالحكم سوى أسبوعين.


وهكذا أصبح أحمد باشا القرمانلي داي البلاد الجديد، بعدما تمت له البيعة في 27 يوليو 1711، مؤسسا بذلك عهد الأسرة القرمانلية، التي دام حكمها حتى عام 1835.

كان أحمد القرمانلي يستمد قوته من تحالفه مع القبائل الليبية، التي استطاع محاربوها إجهاض الحملة العسكرية التي أرسلتها الآستانة لتنصيب داي موال لها، بعد مضي أسبوعين فقط على مبايعة أحمد القرمانلي.


وبدحر الحملة العسكرية العثمانية أصبحت ليبيا، في عهد القرمانليين، دولة مستقلة، عمليا، عن سلطة الباب العالي، في الآستانة. ثم إن أحمد القرمانلي قام بتلييب الجيش والحكومة، بالليبيين الكول أوغليين والليبيين الخلص، بعدما طرد مئات العسكريين الأتراك. بل إنه دبّر مذبحة جماعية لمئات الضباط الأتراك الآخرين؛ عندما دعاهم إلى حفلة باذخة في قصره، كانت، في الواقع، حفلة قتل جماعي لهم في سقيفة القصر. إذ جرى اغتيالهم وإخفاء جثثهم: "الواحد تلو الآخر فيما كانوا يعبرون السقيفة.. بحيث لا يلحظ القادم التالي منهم شيئا أثناء ولوجه السقيفة.. وفي اليوم التالي وُجد جميع الأتراك الذين كانوا بطرابلس، وقد تم اغتيالهم في كل أحياء المدينة. ولم تقم السلطات بملاحقة أحد من أولئك الذين شاركوا في تلك الاغتيالات".

وطبعا لم يكن من الممكن أن تلاحق السلطات سلطانها المطلق. أما السلطان العثماني، فإنه، بعد محاولات فاشلة للقضاء على أحمد القرمانلي، اضطر للاعتراف بسلطته المستقلة، مع الإبقاء على ولاء شكلي للباب العالي.


حروب الساحل البربري

وابتداء من عهد أحمد القرمانلي ستقوى البحرية الليبية، وتتسع أعمال القرصنة في ضرب السفن الأوروبية الحربية والتجارية في إطار الصراع المسيحي - الإسلامي الدائر منذ قرون، حيث كانت عمليات القرصنة متبادلة بين القراصنة النصارى والمسلمين. وقد واجه أحمد باشا أطماع فرنسا في فرض سيطرتها على الحوض الجنوبي للبحر المتوسط؛ خصوصا عندما أرسلت أسطولا مكونا من سبع سفن حربية قبالة شواطئ طرابلس في وضع عدواني لإجبار أحمد القرمانلي على القبول بمطالبها. فطلب الباشا الاجتماع بمبعوث الإمبراطور الفرنسي، الذي سلمه رسالة تهديد بإعلان الحرب على ليبيا ما لم تدفع تعويضات مالية عن أعمال قرصنة قامت بها البحرية الليبية ضد السفن الفرنسية، وإطلاق أسرى فرنسيين، احتجزهم الباشا للضغط على فرنسا كي تتدخل من أجل إطلاق سراح رهائن مسلمين اختطفهم قراصنة إيطاليون، واحتجزوهم في روما.


جاء في رسالة التهديد الفرنسية الموجهة إلى أحمد باشا القرمانلي: "إن إمبراطور فرنسا يطالبكم اليوم، 19 يوليو 1728، بما يلي":

دفع عشرين ألف قرش إشبيلي، تعويضا عن الأضرار وعن أعمال النهب التي اقترفها قراصنتكم.

إطلاق سراح الأسرى النصارى.

تجديد معاهدات الصلح التي أبرمت في سنة 1685، وغيرها من المعاهدات التالية لها.

وإذا لم نتلق منكم، قبل ظهر الغد، أخباراً في مثل دقة وضبط هذه التي بين يديكم الآن، فإننا سننظر من الآن فصاعدا إلى كل إبطاءً على أنه رفض من جانبكم، وسنعتبركم راغبين في القطيعة معنا، مما يترتب عليه إعلان الحرب بيننا تلقائيا".

في اليوم التالي حمّل أحمد باشا المبعوث رده على رسالة إمبراطور فرنسا: "إلى حلية الأمة النصرانية، صديقي"!

لقد تلقيت الرسالة التي وجهتموها إليّ، وفهمت محتواها تماما. ولقد اطلعت على جميع عروضكم ومطالبكم، واجتمعت إلى مجلس ديواني، الذي أجاب معظم أعضائه وكذلك قباطنتنا وكل أكابر بلادنا، بأنه إذا كان صديقنا إمبراطور فرنسا لم يوفد هؤلاء الخلق إلا لمحاربتنا، فليكن. أما إذا كان أوفدهم للتصالح، فإنه يتحتم عليهم أن يوفدوا إلينا مندوبين وليطأوا أرض طرابلس لإطلاعنا على رغباته وتلقي ردودنا، ذلك أن نيتنا في الصلح صادقة. أما فيما يتعلق بتسديد الأموال، فإن أحدا هنا لا يوافق على ذلك، ولن يوافق احد على منحكم إياها، فكونوا على بيان من ذلك. أما القنابل فإننا لانخشاها، وبمكانكم أن ترمونا بها إن حلا لكم ذلك، ولكن اعلموا أنه إذا حدث ذلك، فإننا لن نبرم معكم صلحا قط وإلى أن تفنى الدنيا".


وكانت الحرب فتحت السفن الفرنسية نيران مدافعها على مدينة طرابلس وضواحيها، التي أخليت من سكانها، طوال تسعة أيام، حتى بلغ عدد القنابل التي قصفت المدينة ألف وثمانمائة قذيفة، وقد دمرت نصف أحيائها تقريبا. وإذ أدرك قائد الأسطول الفرنسي أن لن يستطيع فرض الهزيمة من البحر، عاد بأسطوله إلى دياره.وعاد الليبيون إلى بناء ما دمره القصف "النصراني". وتعززت القناعة عند أحمد القرمانلي بضرورة تقوية أسطوله البحري وإطلاق حملات قرصنة متواصلة للانتقام من سفن "النصارى" وجعلهم في حالة دفاع دائمة، لفرض الجزية عليهم ومنعهم من تهديد بلاده، فـ: "استمرت أعمال القرصنة أكثر من ذي قبل، وأخذت الموانئ الفرنسية تُبلغ يوميا عن حلول كوارث جديدة بتجارتها البحرية. وكانت سفن القرصنة الجزائرية والتونسية تقوم من جانبها بغزوات بحرية تحت راية طرابلس فلا يمكن تمييزها عن سفن القرصنة الطرابلسية نفسها. وقدّم الفارس (دي شواسوي DE CHOISEUL) إلى ملك فرنسا مذكرة يقترح فيها الاستيلاء على ثلاث عواصم مغربية. أما (دوجي ـ تروان DUGUAY-TROUIN فقد كان أقل تهورا، إذ اكتفى باقتراح نقل اثني عشر ألف جندي فرنسي إلى طرابلس لتخريب عش القراصنة هذا إلى أبد الدهر. ولم يحظ أي من المشروعين بالقبول".


وتقرر بدل ذلك اتباع سياسة حصار طرابلس بحرا. إذن كانت الحرب مفتوحة بين العالمين الإسلامي والنصراني، بلغة تلك الأيام، وفي الحرب وفي معطيات ذلك العصر، تكون أعمال القرصنة فعلا مشروعا، لأنه يطال تجارة العدو، شريان قوته العسكرية. وخلال ذلك الصراع المستمر كانت تعقد معاهدات صلح لا تدوم طويلا، لتعود المواجهة من جديد.

اضمحلال الدول القره مانلية

بحلول عام 1819، أدت مختلف المعاهدات الناتجة عن الحروب النابليونية إلى اضعاف دول الساحل البربري وتخليهم عن فرض الرسوم على السفن المارة بالبحر المتوسط (كيف؟)، مما أدى إلى بدء انهيار اقتصاد طرابلس.[1] حاول يوسف قره مانلي تعويض الدخل الضائع بتشجيع تجارة العبيد عبر الصحراء الكبرى[بحاجة لمصدر], ولكن مع تصاعد مشاعر إلغاء الرق في اوروبا ولدرجة أقل في الولايات المتحدة, فقد فشلت تلك المحاولة في إنقاذ الاقتصاد الطرابلسي. وبضعف يوسف قره مانلي, برزت أحزاب متحلقة حول أبنائه الثلاثة; وبالرغم من تنازل يوسف عن العرش في 1832 لصالح ابنه علي الثاني, فإن حرباً أهلية سرعان ما اشتعلت. السلطان العثماني محمود الثاني أرسل قوات بزعم استعادة النظام, إلا أنها بدلاً من ذلك فقد أطاحت ب علي الثاني ونفته, واضعة نهاية لكل من الدولة القره مانلية وطرابلس المستقلة. [2] وما زال أحفاد تلك الأسرة يحملون اسمها في طرابلس، ليبيا.


قائمة حكام أسرة قره مانلي (1711-1835)

انظر ايضاً


المصادر

  1. ^ Ahmet Kavas, "Geçmişten günümüze Afrika" sf. 110, Kitabevi (2005).
  2. ^ "أول حروب أمريكا خارج قارتها لتغيير النظام في طرابلس (1 - 2)". ليبيا في الإعلام. 2006-04-01.

المراجع

  • Hume, L. J. "Preparations for Civil War in Tripoli in the 1820s: Ali Karamanli, Hassuna D'Ghies and Jeremy Bentham." The Journal of African History 21.3 (1980): 311-322.
  • McLachlan, K. S. "Tripoli and Tripolitania: Conflict and Cohesion during the Period of the Barbary Corsairs (1551-1850)." Transactions of the Institute of British Geographers, New Series 3.3 (1978): 285-294.

وصلات خارجية