جماعة التكفير والهجرة

(تم التحويل من التكفير والهجرة)

جماعة المسلمين أو كما يسميهم الإعلام جماعة التكفير والهجرة جماعة مصرية المنشأ تتبنى الإسلام السياسي ، إنبثقت في أواخر الستينيات وإنتشرت في العديد من الدول وبرز إسم الجماعة بصورة ملفتة للنظر في عام 1977 حيث أصبح المهندس الزراعي المصري شكري مصطفي زعيما للجماعة وشكري مصطفى كان عضوا سابقا في حركة الإخوان المسلمين ولكنه إنتهج إسلوبا أكثر تشددا بعد إعدام سيد قطب [1].

«التكفير والهجرة» أول تنظيم ديني ظهر بعد جماعة «الإخوان» في مصر، وقد أنشأ هذه الجماعة شكري أحمد مصطفى بعد خروجه من السجن عام 1971، وبدأ في تجميع بعض الأفراد حوله، بعضهم كان من أصول إخوانية والبعض الآخر شباب ملتزم حديثاً بلغتهم، بالتالي «التكفير والهجرة» كانت أهميتها أنها أول محاولة تنظيمية تلاها في الظهور مباشرة عام 1974 الجماعة المعروفة باسم «الفنية العسكرية»، وظلت جماعة «التكفير والهجرة» حتى عام 1978 تقريباً التنظيم الأكبر في الحجم والعدد بعد «الإخوان المسلمين»، ويعزى ذلك إلى أنها كانت حالة تنظيمية نشطة، فضلاً عن أفكارها البسيطة البراقة والمتطرفة أيضاً.

شكري مصطفى

تنوعت مصادر تمويل الجماعة فكان منها توجيه أعضائها نحو العمل ببعض الحرف اليدوية، بعد أن حرم عليهم شكري مصطفى العمل في المصالح الحكومية، كذلك بيع أفرادها ممتلكاتهم، خصوصاً الحلي والذهب، كي يتمكنوا من تزويد أنفسهم بالمؤن اللازمة ووسائل الدفاع عن النفس، تطبيقاً لمفاهيمه الفكرية حول الهجرة.

ومصطلح «التكفير والهجرة» مجرد اسم إعلامي دأبت أجهزة الإعلام المصرية في ذلك الوقت على إطلاقه على المنظمات المثيلة، فجماعة الفنية العسكرية المنسوبة إلى صالح سرية لم يكن اسمها جماعة الفنية العسكرية، بل «جماعة شباب محمد»، والتكفير والهجرة كان اسمها «الجماعة المسلمة»، ومن والاها والى صحيح الدين ومن خالفها خالف صحيح الدين، بالتالي كان كل من هو خارج الجماعة كافراً، وكل من كان عضواٍ في الجماعة ثم انشق عنها مرتداً ويتعين قتله.

تقوم فكرة الهجرة على أساس الهجرة المكانية، بأنك تتباعد عن هذا المكان لقصد إخلائه من المؤمنين كي تحق لعنة الله على الباقين، وتعرف لدى البعض بفكرة «التخلية»، بحيث عندما يعود جيش المسلمين يجد الباطل وقد زهق ويجد الكفار وقد هزموا فيقيم دولة الإسلام، وطبقاً لهذه المفاهيم أمر شكري مصطفى زعيم الجماعة المسلمة في سبتمبر (أيلول) عام 1973 بخروج أعضاء الجماعة إلى المناطق الجبلية، واللجوء إلى المغارات الواقعة في دائرة أبي قوس في محافظة المنيا جنوب مصر.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الكل كافر

التكفير العـنصر الأساسي في معتقدات هذه الجماعة، فهم يكفرون كل من ارتكب كبيرة وأصر عليها ولم يتب منها، كذلك يكفرون الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله بإطلاق ومن دون تفصيل، والمحكومين لأنهم رضوا بذلك وتابعوهم أيضاً بإطلاق ومن دون تفصيل. أما العلماء فيكفرونهم لأنهم لم يكفروا هؤلاء ولا أولئك، ويكفرون كل من عرضوا عليه فكرهم فلم يقبله أو قبله ولم ينضم إلى جماعتهم ويبايع إمامهم، أما من انضم إلى جماعتهم ثم تركها فهو مرتد حلال الدم، وعلى ذلك فالجماعات الإسلامية إذا بلغتها دعوتهم ولم تبايع إمامهم فهي كافرة مارقة من الدين.

وكل من أخذ بأقوال الأئمة أو بالإجماع، حتى ولو كان إجماع الصحابة، أو بالقياس أو بالمصلحة المرسلة أو بالاستحسان ونحوها فهو في نظرهم مشرك كافر.

والعصور الإسلامية بعد القرن الرابع الهجري كلها عصور كفر وجاهلية، لتقديسها لصنم التقليد المعبود من دون الله تعالى، فعلى المسلم أن يعرف الأحكام بأدلتها ولا يجوز لديهم التقليد في أي أمر من أمور الدين !

قول الصحابة وأفعالهم ليس بحجة ولو كان من الخلفاء الراشدين. والهجرة هي العنصر الثاني في فكر الجماعة، ويقصد بها العزلة عن المجتمع الجاهلي، وبالنسبة إليه المجتمعات كافة جاهلية، والعزلة المعنية مكانية وشعورية، إذ تعيش الجماعة في بيئة تتحقق فيها الحياة الإسلامية الحقيقية كما عاش الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في الفترة المكية.

وطبقا لأفكارهم أنه يجب على المسلمين في هذه المرحلة الحالية من عهد الاستضعاف الإسلامي أن يمارسوا المفاصلة الشعورية لتقوية ولائهم للإسلام من خلال جماعة المسلمين، التكفير والهجرة، وفي الوقت ذاته عليهم أن يكفوا عن الجهاد إلى أن يكتسبوا القوة الكافية. كذلك لا قيمة عندهم للتاريخ الإسلامي لأن التاريخ هو أحسن القصص الوارد في القرآن الكريم فحسب.

لا قيمة أيضاَ لأقوال العلماء المحققين وأمهات كتب التفسير والعقائد، لأن كبار علماء الأمة في القديم والحديث، بحسب معتقدهم، مرتدون عن الإسلام. وقد قالوا بحجية الكتاب والسنة فحسب، لكن كغيرهم من أصحاب البدع الذي اعتقدوا رأياً ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه فما وافق أقوالهم من السنة قبلوه وما خالفها تحايلوا في رده أو رد دلالته.

دعوا إلى الأمية لتأويلهم الخاطئ للحديث النبوي «نحن أمة أمية…» فدعوا إلى ترك الكليات ومنع الانتساب إلى الجامعات والمعاهد، إسلامية أو غير إسلامية، لأنها مؤسسات الطاغوت وتدخل ضمن مساجد الضرار.

أطلقوا أن الدعوة لمحو الأمية دعوة يهودية لشغل الناس بعلوم الكفر عن تعلم الإسلام، فما العلم إلا ما يتلقونه في حلقاتهم الخاصة.

قالوا بترك صلاة الجمعة والجماعة في المساجد، لأن المساجد كلها ضرار وأئمتها كفار إلا أربعة مساجد: المسجد الحرام والمسجد النبوي وقباء والمسجد الأقصى، ولا يصلون فيها أيضاً إلا إذا كان الإمام منهم.

زعموا أن أميرهم شكري مصطفى هو مهدي هذه الأمة المنتظر، وأن الله تعالى سيحقق على يد جماعته ما لم يحقق على يد محمد صلى الله عليه وسلم من ظهور الإسلام على جميع الأديان، وعليه فإن دور الجماعة يبدأ بعد تدمير الأرض بمن عليها بحرب كونية بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي، تنقرض بسببها الأسلحة الحديثة كالصواريخ والطائرات وغيرها ويعود القتال كما كان في السابق رجل لرجل بالسلاح القديم من سيوف ورماح وحراب.

ادعى زعماء الجماعة أنهم بلغوا درجة الإمامة، والاجتهاد المطلق، وأن لهم أن يخالفوا الأمة كلها وما أجمعت عليه سلفاً وخلفاً.


القبض على أمير الجماعة

في منطقة «عزبة النخل» الواقعة على أطراف مدينة القاهرة في الشمال الشرقي، كان رجل أمن سري (مخبر) يجلس عند محل ترزي، فرأى شخصاً ومعه سيدة منتقبة تحمل طفلاً على كتفها، فلاحظ تشير إلى الملثم وتقول له «ابعد» فارتاب فيه واتجه نحوه يسأله عن اسمه وهويته، فرفع اللثام وقال له: «أنا شكري مصطفى.. أنا شكري مصطفى.. أنا شكرى مصطفى»، رددها ثلاث مرات، فتم الاتصال بأقرب نقطة شرطة من محل الترزي من دون أي مقاومة تذكر من شكري أو محاولة هرب كان يستطيعها فلم يكن رجل الأمن السري مسلحاً ولا يحمل جهاز اتصال وكان موجوداً في المكان صدفة، وتم القبض على مصطفى في وضع كان يشبه عملية استسلام كامل منه، على رغم ما أشيع آنذاك عن خطط واستراتيجيات باشرها الأمن للقبض عليه.

بعد ذلك وفي التوقيت نفسه، تم القبض على المئات من أفراد الجماعة وتقديمهم إلى المحاكمة في القضية رقم 6 لعام 1977 التي حكمت بإعدام خمسة من قيادات الجماعة في مقدمهم شكري مصطفى، وأحكام بالسجن متفاوتة على بقية أفراد الجماعة.

خارج مصر

وكان محمد بويري الذي قام بإغتيال المخرج الهولندي ثيو فان كوخ في 2 نوفمبر 2004 عضوا في جماعة التكفير و الهجرة [2]. وقد أطلقت الجماعة على نفسها اسم (جماعة المسلمين)، باعتبارهم المسلمين الوحيدين في العالم كله.

وكانت للجماعة دور في الحرب الأهلية الجزائرية, وكانت هذه الجماعة قد اختطفت الشيخ محمد حسين الذهبي وزير الأوقاف المصري الأسبق، في صيف العام 1977، وساومت السلطات على مطالب عدة، ثم قتلوه حينما رفضت مطالبهم. ثم تمّ إعدام المؤسس وعدد آخر على إثر ذلك.

المصادر