بجا

(تم التحويل من البجة)
البجا
Beja
Beja
بجا
التعداد الإجمالي
2,954,000
المناطق ذات التواجد المعتبر
Flag of السودان السودان2,676,000
Flag of إرتريا إرتريا203,000
Flag of مصر مصر75,000
اللغات
لهجة سودانية، البجا
الديانة
الإسلام المسيحية

البجا أو البجة Beja، هم جماعة عرقية تعيش شمال شرق السودان وجنوب شرق مصر على شاطئ البحر الأحمر (شرق النوبة القديمة) .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التسمية

التاريخ

يصفهم المؤرخ المقريزي في خططه قائلا: هم قوم بادية يتبعون الكلأ حيثما كان الرعي. تتمركز عاصمتهم في هجر وهم قوم ليس لهم مدن ولا قرى ولا مزارع. ومعيشتهم مما ينقل إليهم من أرض الحبشة وأرض مصر). إلا أن المصادر التي أرخت قبل المقريزي الذي أرخ لعصر المماليك تدحض هذا الافتراء وتثبت أن البجا كانت لهم ممالك ولهم مدن وقرى وأن في أرض الحبشة جزء من مواطنهم ولهم فيها مقاطعة تسمى باسمهم (بيجا مدر) كما أن أجزاء من السودان ومصر وإرتريا تمثل موطنا لهم .

أصول البجا

خيام بدو البجا. على أطراف عطبرة، المركز التجاري الغربي.
نزعة للاستقرار. خيمة للبجا ملحق بها مبنى بالطين الآجر.

كغيرها من المناطق الساحلية اختلطت أصول البجا بعدة جهات عربية وعجمية ولكن الطابع العجمي كان يغلب عليها قبل الميلاد لندرة هجرة العرب أما بعد الإسلام فقد تدفقت سيول من الهجرات العربية والقرشية والأموية والجهنية والرفاعية والبلوية إلى ساحل البجا واختلطت بهم وتزواجت معهم ولكن اللهجة البجاوية والطابع البجاوي هو الشيء الوحيد الذي بقي حتى الآن وورثته كل القبائل المهاجرة لأرض البجا لقوته وأغلب قبائل البجا اليوم عربية محضة وبعضها الآخر مختلط بالعرب فالبجة في الحصر الحاضر أصولها عربية من جهينة ورفاعة وهوازن وكاهل. وثلاثة منها قرشية شريفة وتقسيمها كالآتي:

  • المجموعة القرشية المحضة المهاجرة لساحل البجا من ستمائة عام خلت:

1- قبيلة السادة الأرتيقا أمراء سواكن الحسنيين

2- قبيلة الأشراف الحسينيين

3- قبيلة الهدندوة العباسيين

  • محموعات متفرقة:

1- بني عامر (وهي قبيلة تتكون من عدة أصول مختلفة تجمعها مصالح اقتصادية)

2- الحلنقة تنتمي لهوازن

3- الملهيتكناب والسيقولاب من القبائل البكرية

  • قبائل الحباب: ينتسبون لبني هاشم وتقول الرواية أن جدهم هو الابن الأكبر للفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم. استأجر سفينة بعد وفاة والده وركب فيها مع أفراد أسرته وعبر البحر للساحل الغربي ورست السفينة في مرسى تكلاي ومنه دخلوا إلى داخل الهضبة الإرترية حيث اختلطوا بالسكان هناك وتزواجوا.
  • الأتمن : وينتسبون لعجيب المانجلك العبدلابي ويقال أنهم من جهينة

من أهم المدن التي بناهاالبجا العرب جزيرة سواكن التي بناها الأمير عبد الله بوش الأرتيقي المحمدي الغمري الحسني وسكنت بها مجموعة ضخمة من القبائل العربية المهاجرة من جزيرة العرب. وعرفوا فيما بعد بالبجا بفضل استقرارهم الطويل بالمنطقة وأكتساب اللهجة

اللغات

يتحدثون البجا واللهجة السودانية.

الديانة

المشهور انهم أقوام قد انتقلوا من الوثنية إلى الإسلام، وقد ورد انهم كانوا (يعبدون الأوثان). وقيل عنهم (وليس لهم شريعة انما كانوا يعبدون صنما يسمونه "حجاجوا"). كما قيل عنهم: (وطائفة البجاة اضل من الأنعام سبيلا واقل عقولا لا دين لهم سوى كلمة التوحيد ووراء ذلك من مذاهبهم الفاسدة ما لا ينحصر).[1]

وبعض المصادر تظن (ان بعض سكان المنطقة قد اعتنقوا المسيحية). وقد قيل عنهم انهم (كانوا مسيحيين في القرن السادس، ولكنهم أسلموا منذ القرن الثالث عشر الميلادي).

والمشهور، عبر تاريخهم، (انهم قد مارسوا اصناف مختلفة من العبادات كعبادة الأجداد وعبادة ابطالهم الاسطوريين وعبادة الارواح). وانهم (قد عبدوا آلهة قدماء المصريين، وقد كانوا يتعبدون في معبد "الفنتين" في اسوان حتى عهد الدولة الرومانية في مصر حيث منعهم الرومان من ذلك). يعتقد، وكما سلف، انهم قد انتقلوا من الوثنية للإسلام مباشرة. ويعتقد ان ذلك قد تم عبر اعتناقهم للإسلام الصوفي. وفيما يبدو فإن ما رغب البذاويّت، كغيرهم من وثنيي أقوام السودان، في الإسلام الصوفي هو أن الصوفية اكثر اقناعا واقرب الى وجدان هؤلاء لأنها أقل تشددا من بقية الفرق الاسلامية، فهي تقبل الأفراد إليها على ما هم عليه، ومن ثم تسعى لتربيتهم التربية الدينية التي تراها. لقد حاولت الصوفية التواؤم مع ما انتظرها من تراث لدى هذه الشعوب بدلا من نفيه، وكان لجوءها للاستفادة من ذلك التراث وتوظيفه لمصلحتها مما رغب هؤلاء فيها. هذا التسامح فكرة أساسية عند الصوفية، إذ أن كل طريقة تعترف بغيرها من الطرق ولا تصادمها، بعكس حال فرق أخرى تعتبر كل منها أنها وحدها هي الفرقة الناجية وان الآخرين أصحاب بدع وضلالات، وكان أن انتشرت عند الصوفية مقولتهم أن " لكل شيخ طريقته"؛ وهكذا كان اعتناق البذاويّت للإسلام الصوفي الذي صبغ حياتهم وبعمق.


العادات

يتميز البذاويّت بنمط من العادات والتقاليد متفرد، ولاشك ان حياتهم قد تأثرت بمجمل الظروف والمؤثرات التي سبق ذكرها من اعتناقهم للإسلام وتأثير الصوفية وتأثيرات المجموعات التي وفدت للمنطقة، من عربية وغيرها، وقسوة منطقتهم والرعي المترحل الذي يمتهنون وضعف انتشار التعليم بينهم.

والبذاويّت يؤرخون لسنينهم بأحداثها، ويعرفون الشهور بأسمائها وفي لغتهم اسم لكل شهر، غير أنه يبدو ان اسماء بعض تلك الشهور قد تعرب، وقليلون هم الذين يعرفون كامل اسماءها الحقيقية الآن.

وهم اثناء ترحالهم في منطقتهم ليلا يسترشدون بالنجوم ويعرفونها بأسمائها ومواقعها، اما اثناء النهار فهم يعرفون منطقتهم جبلا جبل ويعرفون كل خور وبئر بأسمائها ويعرفون القبائل التي تقطن حول كل منها.

من عاداتهم ما يسمونه: (اتْفايْ واكْ) ومعناها: قطع سرة "الوليد". وبعد نزول الجنين وربط سرته يأتي الأب ليعمد الطفل فيؤذن في اذنه اليمنى وينطق بإقامة للصلاة في اليسرى. تربط تبيعة الذكر في اعلى شجرة او تدفن قرب المسجد او ترمى في البحر إذا كان قريبا، اما تبيعة الأنثى فتدفن قرب الشعبة الخلفية من البيت دلالة على رغبتهم في استقرارها في البيت.

وهم شديدو التمسك بعادة الختان وهي عادة غاية في القدم عندهم. وقد ارتبط الختان عندهم بالكثير من المعتقدات. ويختنون الذكر في يوم ولادته، اما البنت فيتأخر ختانها، ويختنون الإناث ختان فرعون ويفضلون ختانها في يوم السبت، ولهم في ذلك معتقدات.

وعندهم ما يسمونه: (سِمِلّايْتْ) أو ( لِقُوقْ) وهو عبارة عن ان الرجل عندما يحلب اللبن فإنه لا يشرب منه ابدا إلا بعد ان يرشف منه، شرطا، رجل آخر ويسمي عليه قائلا "بسم الله". فإذا فعل دون (سِمِلايْتْ) فإنه يوصم بذلك ويسمونه: (أودَنابْ).

والمرأة لا تحلب ابدا، وذلك عندهم عيب شنيع، لذا فإن الأطفال يبيتون من غير عشاء إذا لم يكن هناك ثمة رجل يحلب للأسرة. يعتز البذاويّت بإبلهم كثيرا، ويهتمون بها اهتماما كبيرا يفوق الوصف. فهي المال المتقوم عندهم، فالغنى عندهم هو امتلاك الإبل، والرجل منهم لا يبيع إبله إلا إذا اضطر أشد الاضطرار. ومن وبر الإبل مساكنهم ومن البانها ولحومها غذاؤهم. والإبل وسيلة انتقالهم الرئيسية. والجمل ركيزة أساسية في حياتهم وقد دخل، وبعمق، في حياتهم الاجتماعية وفي أعرافهم. ومنذ ان عرفوا، فان الجمل كان من اهم مواضيع شعرهم، والكثير من اغانيهم موضوعة في الجمل. وكان رعيهم الذي يمتهنون يسد جل متطلباتهم، ومن هنا جاء اعتزازهم برعيهم فهم شديدو التمسك به ولا يقبلون، بل ويحتقرون، أية مهنة اخرى.

ومما له علاقة بأعرافهم في ذلك فإنه وعند قطع سرة الوليد، فإن الأب يسمي ناقة بعينها من إبله، من أحسنها، ويهبها للوليد الذي صار منذ هذه اللحظات، لحظاته الأولى في الحياة، شخصية مستقلة.. وينمو نصيب الوليد في المرعى بنموه. والصداق عندهم أساسه الناقة. وفي طقوس زواجهم ما يسمونه: (مِتْـلَوِ) وهو شراكة بين الزوجين، وفيه تشارك العروس زوجها في مال إذا رغبت، وتبدأ الشراكة بأن توافق هي على أن تدخلها بالناقة التي دفعت لها كصداق وتنمو شراكتهما في المرعى.

وإذا نشذت الزوجة وطالبت بالطلاق فغالبا ما يطالب الزوج أن تتنازل الزوجة عن نصيبها في تلك الشراكة ليفترقا كوسيلة فعّالة للضغط عليها، وغالبا ما ترفض هي.. ويجري البحث عن مخرج آخر. و(تِ لأنَيْ) عندهم: الإسترضاء، ويتم ذلك في كبرى مشاكلهم. فالزوج الذي يختلف مع زوجته إذا أراد أن يسترضيها، أو في الديات أو الجروح والعفو فيها، فإن التراضي في كل ذلك يتم بأن يدفع الذي عليه الحق إبلا حسب كل حالة إرضاءا لصاحب الحق. ومن تلك الأعراف ما يتعلق بعلاماتهم على إبلهم، فلكل قبيلة علامة خاصة بها على إبلها بها تعرف الناقة في أي أرض ظهرت. وعلامة القبيلة على إبلها هي علامة الأم الكبرى للقبيلة.. وهكذا عند كل قبائل البذاويّت.

وتمثل ال(جَبَنَ): اي "القهوة" اهم طقوس الضيافة عندهم، وهم يشربونها في كل وقت. وهم يحتسونها بفناجيل صغيرة ويشربون – شرطا- اعدادا فردية من الفناجيل اقلها ثلاث. ويتشاءمون من شرب فنجال واحد ولقد ارتبط ذلك عندهم بالكثير من المعتقدات. وهم قد يفضلون البقاء دون طعام لو كان الخيار بينها وبين الطعام.

ومن عاداتهم ان يوقدوا النار امام البيت كل ليلة وحتى الصباح ويسمونها: (تُ مْألَوْ) او (تُ تَلَوْ) ومن معاني ذلك الكرم، اذ يبتغون من ذلك ان تجلب النار المسافرين ليلا لإستضافتهم، ويتفاءلون بذلك ويعتقدون انه ما دامت تلك النار مشتعلة فإنه لاخوف عليهم وانهم سيجدون زادهم، وانطفاؤها يعني انهم سيعسرون.

ومن قديم عاداتهم في القسم المغلظة انهم يطلبون من الشخص المتهم بأمر ما إذا انكر واراد ان يبرئ نفسه، رجلا كان او امرأة، ان يلحس النار، ويسمون ذلك (نإيـّتْ لْهاسْ).

وهم لا يقسمون على المصحف لا صادقين ولا كاذبين.

ومن عاداتهم اذا تقابلت قبيلتان للحرب ولم يكن من يمنع ذلك من غيرهما، فإنه تبادر امرأة وتسير بين الجمعين حاسرة الرأس فلا تصطدم القبيلتان ما دامت تلك المرأة تسير بين الفريقين حاسرة رأسها، بل ويتفرق الجمعان.

أعرافهم

المقصود بالعرف في الفهم العام شيء واسع، ونعني بالعرف هنا ما تعارف عليه البذاويّت في معاملاتهم فيما بينهم، وما توافقوا عليه واتخذوه قانونا يقوم على اسس اخلاقية يتبناها الفرد منهم ومنذ نشأته.

فهم مشهود لهم بالكرم وبالشجاعة، وهم متشددون في التزامهم بعهودهم ويسمون العهد: (قَلَدْ) ويوفي احدهم حتى بعهد قاتل اخيه ويمهله المدة التي يطلبها، وغالبا ما تكون سبعة ايام، بغرض ان تأتي قبيلة القاتل لحل الإشكال عن طريق العرف: ( أوّ سْلِفْ). والعرف: (سِلِفْ) تحل به الغالبية العظمى من مشاكلهم وهي في الارض والمياه "الآبار" والأنعام والنساء. وهم، ومذ عرفوا، كانوا يتعاملون بأعرافهم التي تواضعوا عليها في مجالس حكمائهم بعيدا عن الدولة وقوانينها. ومجالس ال(سِلِفْ) مهمة كبراء القبائل في مجالس حكمائهم التي قامت على ركائز راسخة بمعرفة هؤلاء الحكماء بتقاليد الناس وعاداتهم. ورغما عما قلناه من ان البذاويّت مسلمون، غير أنه من الجلي أن الرؤى حول الإسلام، والتي حكم بها في السودان في مختلف المراحل، لم توافق تصورات البذاويّت، الأمر الذي أفرز غربتهم في وطنهم في تلك المراحل؛ والواضح أيضا من كل ذلك هو أن حلول وأحكام مجالس حكمائهم تلك كانت اكثر توافقا مع وجدانهم الأمر الذي وفر بينهم سلما اجتماعيا وتعايشا كان الأكثر وضوحا عبر السنين. وفي انساق علاقاتهم، فردية وجماعية، ما يسمونه (يايْ هَمادْ) والمعنى المباشر للعبارة هو: لوم وشكر، إلا ان مضمونه اشمل واوسع من ذلك، فهو اتفاق ضمني فيما بينهم ذو قيمة وحجية ملزمة، اذ انه وبمجرد احساس طرف ما بأن طرفا آخر قد تظلم منه يسعى الطرف المدعى عليه، وبشكل يكاد تلقائيا، الى استرضاء الطرف المدعي؛ وإن ظل امر المطالبة بالحق بيد المدعي يمكنه المطالبة به عبر اعرافهم. وأساس ذلك هو حرصهم الشديد على الحفاظ على المودة فيما بينهم، وخرق ذلك الاتفاق او التعدي علي مضامينه يودي بصاحبه الى دائرة العيب وموقع الإدانة مما يرتب عليه جزاءات معنوية ومادية تبدأ بحتمية استرضاء صاحب الحق ما امكن وبكل الوسائل، وتصل الى تعويضات مادية حسب كل حالة. اما فيما يستوجب القصاص في الجروح والإصابات، فيتم تقييم الإصابة فيها فيما يعرف عندهم باسم: (بويْ واكْ)– حيث ان (بُوّيْ) تعني: دم، و( واكْ) من معانيها: تقييم- وتحل مشاكل ذلك بالتعويض المادي بقدر التقييم الذي يتم للإصابة. وقد تتدخل قبيلة الشخص المدعى عليه بالحق للوفاء بحق المدعي سواء كان استرضاءا او بتحمل المادي في الحق عنه في حالة اعساره. وفي اطار مفهومهم للشهامة: (دُورْأرِيّتْ) تتشابك منافعهم وتتكامل إمكانياتهم وجهودهم لمواجهة ظروف حياتهم القاسية. ويظهر ذلك جليا في بعض انساق علاقاتهم للحصول على الأنعام من بعضهم، ولمختلف الأسباب، الأمر الذي ينتج ترابطا فيما بينهم. من ذلك ما يسمونه: (لْهَقِينْ) وهو تبرعات الأهل والأصدقاء بانواع الأنعام للزوج حديث الزواج مما يمكن من امتلاك مراح يسد مختلف احتياجات الأسرة الجديدة. و(تَيْتْ): نقل ملكية الأنعام على سبيل الهبة الأمر الذي ينتج حميمية متينة بين الواهب والموهوب له. و(دَنْقَيْت) وهي استعارة الحيوانات للإنتفاع بألبانها، عند انقطاع لبن بهائم الاسرة عند الإعشارها مثلا، ومن ثم اعادتها الى صاحبها عندما تحل ازمة المقترض. و(يْهَمُوّتْ) وهي استعارة الأنعام للإنتفاع بمنتجاتها.

ويبدو واضحا اليوم انهم يشعرون بانهم مجموعة متميزة سواء كان ذلك باعتبار اللغة او العادات والتقاليد. ويتضح ايضا ان لطبيعة حياتهم المذكورة اثر في الشخصية، فالفرد منهم حذر وقد طبعته حياته بما يفسره البعض بالغموض. وهو غالبا لا يبدأ بالعداء، غير انه صارم وعنيف وفي دواخله كوامن الثأر تستثيرها بوادر الاستفزاز او العداء؛ ومن هنا يأتي ضعف اختلاطهم بمن حولهم من المجموعات.


البجة: سكان الصحراء الشرقية في العصور القديمة

أحمد إلياس حسين
ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا المقال

يطلق اسم "الصحراء الشرقية" على المنطقة الواقعة شرق النيل تميزاً لها من الصحراء الواقعة غربي للنيل. ومنطقة الصحراء الشرقية التي نود التعرف على سكانها تشمل المنطقة التي تحد جنوباً بنهر عطبرة و شمالاً بوادي الحمامات الذي يصب في النيل في منطقة الأقصر الحالية، ويحدها شرقاً نهر النيل وغرباً البحر الأحمر. ويرجع تاريخ وجود سكان هذه المنطقة إلى البدايات المبكرة لوجود الانسان على الأرض. فقد أشارت نتائج أبحاث الجينات الوراثية أن منطقة شرق افريقيا بصورة عامة تعتبر مهداً للجنس البشري. ووضحت نتائج أبحاث دراسات بروفسور منتصر الطيب وفريقه في معهد الأمراض المتوطنة بجامعة الخرطوم بالاشتراك مع باحثين غربيين من العينات التي أخذت من بعض مواطني شرق وشمال السودان إلى أن سكان هذه المناطق يمثلون أقدم سلالات البشر على الأرض. (Elhassan N, Gebremeskel EI, Elnour MA, Isabirye D, Okello J, et al. (2014) The Episode of Genetic Drift Defining the Migration of Humans out of Africa IsDerived from a Large East African Population Size. PLoS ONE 9(5): e97674. doi:10.1371/journal.pone.0097674)

فسكان الصحراء الشرقية هم سلالة أولئك السكان القدماء قِدم وجود الانسان على الأرض. ورغم أن التنقيب عن الآثار في هذه المناطق في بداياته المبكرة، إلا أن نتائج ما تم القيام به من حفريات وضح استقرار الانسان المبكر في مناطق الصحراء الشرقية التي لم تكن صحراءً جرداء مثل حالتها الراهنة، بل كانت تتوفر فيها كميات وافرة من المياه وغطاء نباتي غزير بما في ذلك الغابات، وثروة حيوانية غنية على رأسها الأبقار والأفيال.

وقد تم العثور على آثار استقرار الانسان في مناطق الصحراء الجنوبية على نهر عطبرة وانتشارهم شمالاً منذ الألف الخامس قبل الميلاد، أي قبل سبعة ألف سنة. وقامت التجمعات السكانية الكبرى على امتداد نهر عطبرة وامتداد دلتا القاش شمالاً منذ ذلك الوقت. (أسامة عبد الرحمن النور، دراسات في تاريخ السودان القديم. ص 95 - 96.) وكانت الصلات قوية بين سكان هذه المناطق وسكان النيل عبر نهرعطبرة والأودية التي تصب في النيل في المناطق الواقعة شمال الشلال الثاني مثل وادي العلاقي. ووجد الباحثون تشابه بين الثقافات المبكرة لسكان منطقتي كسلا وقوز رجب علي نهر عطبرة وبين ثقافة وادي النيل في الفترة السابقة لبداية عصر الأسر المصرية. وسنحاول فيما يلي إلقاء بعض الضوء بما تيسر من معلومات على سكان الصحراء الشرقية في العصور القديمة، ونبدأ بالتعرف عليهم قبل قيام مملكة كوش الأولى في الألف الثالث قبل الميلاد.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سكان الصحراء الشرقية قبل قيام مملكة كوش الأولى

تعتبر مملكة كوش الأولى من أقدم الممالك السودانية القديمة، وأول ما تم التعرف عليه من آثارها وجد في منطقة كرمة الحالية في شمال مدينة دنقلة، ولذلك اشتهرت في كتب التاريخ ب"حضارة كرمة". ويرجع قيام مملكة كوش الأولى إلى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد. ولا تتوفر معلومات تمكن من دراسة حضارتها وامتداد حدودها دراسة مفصلة لأنها لم تترك آثاراً مكتوبة، وما توفر من معلومات أتى من مخلفاتها وبخاصة في منطقة كرمة إلى جانب ما ورد عنها في الآثار المصرية القديمة.

وقد تم العثور على بعض آثارها في مناطق متعددة في السودان مثل وادي هَوَر شرقاً ونهر عطبرة غرباً والنيل الأبيض جنوباً، كما تم العثور على بعض آثارها في صعيد مصر، (سامية بشير دفع الله، تاريخ الحضارات السودانية القديمة. ص 194) فلم تكن حضارتها محصورة على منطقة النيل في شمال السودان فقط. ومن الجدير بالذكر أن بعض الباحثين أرجع أسباب قيام المملكة إلى تحركات سكانية أتت عبر وادي هَوَر من غرب السودان بينما أرجعه بعضهم إلى تحركات سكانية أتت من شرق السودان عبر نهر عطبرة وأعالي النيل الأزرق. (سليم حسن، تاريخ السودان المقارن إلى أوائل عهد بيعنخي. ص 75-76 ومحمد ابراهيم بكر: تاريخ السودان القديم ص 44) وقد دام حكم مملكة كوش الأولى نحو عشرة قرون من القرن 25 وحتى القرن 15 ق م.

وليس من السهل التعرف على أوضاع سكان الصحراء بصورة واضحة قبل قيام مملكة كوش الأولى، ولكن ما توفر من معلومات في الآثار المصرية القديمة التي ترجع إلى ما قبل بداية العصر الفرعوني في نهاية الألف الرابع قبل الميلاد (القرن 32 ق م) مكن من إلقاء بعض الضوء على الجزء الشمالي من الصحراء.

فقد عُثِر على بعض الرسوم الصخرية داخل الصحراء ترجع إلى ما قبل نهاية الألف الرابع قبل الميلاد، أي قبل بداية عصر التاريخ المصري القديم بقيام عصر الأسر. (David Meredith, "German Remains in Eastern Desert of Egypt "Journal of Egyptian Archeology. Vol. 38, p 109.) كما عثر على ثلاث تماثيل كبيرة للمعبود مين Min في منطقة الأقصر الحالية في صعيد مصر.بلغ ارتفاع أحدها نحو ثلاثة أمتار. ووجدت عليه رسومات بعض الحيوانات مثل البقر والفيلة، كما وجدت علية أيضاً بعض الأصداف البحرية. وكان السكان المعروفون باسم الأنو Anu أو Aunuالأونو في منطقة النوبة الحالية يقدسون هذا المعبود مين باعتباره رب الخصوبة والنماء وحامي القوافل. وقد وضحت الآثار أيضاً وجود مملكة ومدن للأونو في منطقة الأقصر وجنوبها قبل توحيد مصر وبداية عصر الأسر. (Flinders Petrie, The Making of Egypt. , p58, 66. عبد العزيز صالح، الشرق الأدنى القديم ج 1 ص 77)

ويدل وجود الرسوم الصخرية داخل الصحراء على استيطان السكان في تلك المناطق قبل نهاية الألف الرابع قبل الميلاد، وتوضح صور الأبقارأنهم كانوا يقتنون البقر، كما تدل رسوم الأفيال أن الغطاء النباتي ومصادر المياه كانت أكثر توفراً عما آل إلية الحال عند بداية التاريخ الفرعوني في نهاية الألف الرابع قبل الميلاد. ويشير وجود الأصداف على تمثال المعبود مين على التواصل بين سكان النيل والصحراء والبحر الأحمر في تلك الحقب المبكرة، ويُرجع بعض المؤرخين أصل المعبود مين إلى منطقة البحر الأحمر.( Flinders Petrie, p65)

ويوضح ما عثر عليه من آثار أن شعب الأونو كان على درجة متقدمة من التنظيمات السياسية والاقتصادية والدينية. وما يهمنا هنا هو وجود الصلات بينه وبين سكان الصحراء وساحل البحر الأحمر. ورغم ان الآثار لم تشر إلى طبيعة تلك الصلات إلا أن الاشارة إلى القوافل تؤكد الصلة والروابط بين سكان النيل والصحراء وساحل البحر الأحمر منذ تلك العصور، ولا شك في أن التجارة كانت من بين أهم عوامل تلك الصلات.

ووضح المؤرخون والآثار يون من واقع ما عثروا عليه من آثار أن شعب الأونو كان ذا بشرة سمراء، أي مثل النوبة الحاليين. وكذلك أتت الأساطير عن آلهتهم مين وإيزيس وأوزريس. فقد جاء في تراثهم أن إيزيس بأنها كانت سمراء البشرة وذات شعر صوفي.( Flinders Petrie,eligion and conscience in Ancient Egypt. p 78.) ولم ترد معلومات عن سكان الصحراء والساحل، غير أن المؤرخين في العادة يعتبرون أن سكان الصحراء وسكان النيل في صعيد مصر جنوباً ينتمون إلى السلالة التي بدأ بها عصر الأسر المصرية.

وعلى ذلك فإن سكان الصحراء وساحل البحر الأحمر ينتمون لنفس سلالة الأونو على النيل. وتوجد الكثيرمن الأدلة في عصور مصر التاريخية المبكرة التي تؤيد ذلك. فمن أسماء سكان الصحراء الشرقية في الأثار المصرية منذ عصر الأسرة الأولى وحتى عصر الأسرة الثامنة عشر اسم "أونوت" (سليم حسن، تاريخ السودان المقارن ص 82.) ومن المعروف أن سكان جنوب مصر وجيرانهم جنوباً كان يطلق عليهم تاستيو وعلى بلادهم تاستي أي أرض الأقواس، (محمد ابراهيم بكر: تاريخ السودان القديم ص 37.) ونقل سليم حسن عن جاردنر أن كلمة أونوت تعني القوس والرامي للقوس، كما كانت كلمة أونوت تستخدم صفة لاسم ستيو فيقال ستيو-أونوت. فالأونوت سكان الصحراء كانوا أيضاً "رماة الحدق"

ومن جانب آخر يرى بعض المؤرخين أن كلمة أونو ترتبط بالحجارة والمناطق الجبلية، وهو الاسم الذي أطلقه قدماء المصريين على سكان ساحل البحر الأحمر "ساكني الجبال أوالكهوف" Hill-men أوTroglodyte ، كما أشار بدج بأن قدماء المصريين أطلقوا على ال Hill-men اسم "الأنتي" (Wallis Budge, The Egyptian Sudan Vol. 2 p 174, 532.) ويدعم هذا إلى الربط الصلة القوية بين سكان الساحل والصحراء والنيل.

كما وضحت الآثار التي تم إنقاذها من مقابر منطقة قُسطُل شمال وادي حلفا قبل أن تغمرها مياه بحيرة النوبة تطور نظام سياسي يشير إلى قيام مملكة أطلق عليها المؤرخون "مملكة تا ستي"،وتبين أن قيامها سابقاً لبداية عصر الأسر في مصر في نهاية الألف الرابع قبل الميلاد.(انظر لكاتب هذا الموضوع : قُسطل عاصمة أول مملكة سودنية، سودانايل 26/8/2014) وقد ارتبطت المنطقة التي قامت عليها مملكة تا ستي شمالاً بالأودية الي تأتي من داخل الصحراء مثل وادي مور ووادي السبوع ووادي كورسكو ثم وادي العلاقي مما يوضح أيضاً الصلة والارتباط القوي بين سكان الصحراء ومناطق النيل.

وقد حملت أخبار الأسر المصرية المبكرة حتى بداية عصر الأسرة الرابعة قبل قيام مملكة كوش حملات المصريين العسكرية المتكررة على المناطق الواقعة على حدودهم الجنوبية والتي واجهت مقاومة تدل على قيام التنظيمات السياسية أو الممالك الصغرى بما في ذلك منطقة الصحراء الشرقية قبل قيام مملكة كوش الأولى.

أسماء سكان الصحراء في العصور القديمة

تناولنا في مقال سابق مملكة تاستي التي قامت في منطقة حلفا الحاليةكأول مملكة سودانية في التاريخ القديم قبل بداية عصر الفراعنة في مصر. ولم تكن مملكة تا ستي المملكة الحيدة على حدود مصر الجنوبية، فقد دلت الآثارالتي وجدت في كرمة والتي ترجع إلى الألف الرابع قبل الميلاد إلى وجود مجمع سكني عبارةعن قرية أو مدينة صغيرة، وتضمنت مخلفات الموقع منازل ومقابر وأدوات فخارية ومطامير (مخازن) قمح. ويدل ذلك على تطور الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لسكان ذلك الموقع قبل قيام مملكة كوش الأولى في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد. ويرى آدم وليامز (النوبة رواق افريقيا ص 130)أن آثارمملكة تاستي قد امتدت إلى جنوب منطقة وادي حلفا مما يوضح أن المجتمعات السودانية على حدود مصر الجنوبية كانت قد انتظمت حياتها تحت أنظمتها السياسية قبل وإبانبداية التاريخ المصري القديم. وقد أيدت هذه الحقيقة المعلومات التي وردت في الآثار المصرية منذ بداية عصر الأسرة الأولى عن هذه المناطق الحدودية.

وكانت الصحراء الشرقية بين مناطق الحدود التي ورت عنها بعض المعلومات في الآثار المصرية مما مكن المؤرخين من التعرف على سكانها في تلك الأوقات المبكرة. وقد وردت الإشارة إلى سكان الصحراء الشرقية في كتب التاريخ تحت أسماء متعددة، قد يكون ذلك لتعدد المجموعات البشرية (القبائل) في المنطقة. ولكن يلاحظ أن اسم الجماعة السكانية الواحدة في ذات المنطقة أتى تحت أكثر من اسم واحد. فهل يرجع السبب في ذلك إلى الخلط أو عدم دقة النصوص المصرية في تناولها لأولئك السكان؟ أم يرجع السبب إلى ترجمة المؤرخين لتلك الأسماء من اللغة المصرية القديمة؟ فالمؤرخون لم يكتبوا في مؤلفاتهم أسماء سكان الصحراء الشرقية في كل المرات كما وردت في النصوص الأصلية باللغة المصرية القديمة، بل كتبوا ترجمة تلك الاسماء إلى اللغة التي يكتبون بها أوربية كانت أوعربية. كما لم يلتزم المؤرخون بترجمة واحدة لتلك الأسماء بل جاءت ترجماتهم مختلفة. فمثلاً كلمة نِحِسيNehesi في اللغة المصرية القديمة تُرجمت إلى أسود أوزنجي ومرة إلى النوبة وتارة إلى عبد وأخرى إلى سكان الجنوب دون الالتزام بإلحاق الترجمة بكتابة أصل الاسم الذي تمت ترجمته من لغته الأصلية.

وقد أدى ذلك في كثير من الأحيان إلى تعزر معرفة المجموعة السكانية المقصودة في النص الأصلي. ويتطلب ذلك مراجعة المتخصصين في اللغة المصرية القديمة لتلك الترجمات لمساعدة القراء والباحثين في التعرف على أولئك السكان بصورة واضحة. وأشهر الجماعات السكانية في الصحراء الشرقية التي تناولتها الآثار المصرية القديمة في العصر الفرعوني مجموعتان هما: مجموعة المِجا أوالمزا ومجموعة الأونوت.

مجموعة المِجا أو المِزا

اسماالمِجا والمِزا هما الاسمان الأكثر شهرة وتدويناً في كتب التاريخ، وقد كُتِبا في مراجع التاريخ القديم بأشكال مختلفة مثل مِجا ومِجاي ومِدجاي ومِدجو.ومِزا ومِزوي ومِزاوي ومِازوي ويلاحظ أن أسمي مِجا ومِزا قريبات الشبة مما يوحي برجوعهما إلى أصل واحد وهو "مِجا".

وعاش أصل اسم مِجا القديم في الاسم الحديث الذي يطلق على سكان شرق السودان "بجة". فقد ذكر المرحوم سليم حسن (تاريخ السودان المقارن ص 47 و50) أن كثيراً من علماء الآثار "أخذوا في توحيد كلمة مجا أو مزا باسم قبيلة بجا، وهذا التوحيد قد اعترف به إدوارد مير والأستاذ زيتة والأستاذ كيس"ويغلب استخدام لفظ مزا أو مزاي على البلاد بينما يطلق مزاوي ومزاي على ساكن البلاد. وعندما يستخدم سليم حسن كلمة مجا يضع دائماً أمامها بين قوسين مزا، وعندما يستخدم كلمة مزاي يضع أمامها بين قوسين مجاي مما يدل على ترادف معاني هذه الأسماء. وكما ارتبط اسم المِزاي أو المِجاي بالصحراء الشرقية، ارتبط كذلك بالمنطقة النيلية، فقد كانوا يعيشون بين الشلالين الأولوالثاني. وكانوا يعيشون في صعيد مصر حتى إناسمهم في عهد الأسرة 18بين القرنين 16 – 14 ق. م.أخذ يستعمل بمعنى وظيفة الشرطة ورماة الصحراء.

ولا خلاف بين المؤرخين في أن هذه الأسماء بمختلف أشكال كتاباتها أطلقت على الشعب الذي تكون من عدد من القبائل والذي سكن المنطقة التي تعيش عليها قبائل البجة الحالية ويعني ذلك أن كل تلك الأسماء ترجع إلى أسلاف قبائل البجة الحالية.

مجموعة الأونوت

والاسم الآخر الذي أطلق على سكان الصحراء هو أونوت، ذكر سليم حسن (ص 82) أن ظهوره في الآثار المصرية بدأ منذ عصرالأسرة الأولى في القرن الحادي والعشرين قبل الميلاد، وأنه أطلقعلى مختلف قبائل الصحراء الشرقية.وقد وردت كتابته أيضا في كتب التاريخ بأشكال مختلفة مثل أونو وأنتيو وأونتي وأنتي.وأُطْلِقت هذه الأسماء على سكان الصحراء والمناطق الجبلية وساحل البحر الأحمر، ولكن غلب اسم أونوت على سكان الصحراء بينما غلب اسم أنتي على سكان المناطق الجبلية والساحل.

وقالل زيتة عن الأونوت أنهم يمثلون قبيلة "مجا" أو "مزا" (المزاوي) الذين يسكنون الصحراء بين النيل والبحر الأحمر ويفدون إلى وادي النيل. وقد ذكرنا سابقاً أن كلمة "أونت" تعني قوس كما تعني أيضاً الراميمن القوس. وهذا يوضح الرابط بين الأونوت ورماة الحدق في حروب المسلمين ومملكة مريس (نوباتيا) في عصر الخليفة عمر بن الخطاب. وقد رأى البعض أن كلمة "أُن" في أول كلمة أونوت "تعني عموداً أو دهليزاً من أصل الحجر الذي عمل منه العمود" وربطت كلمة "أُن"بسكان الجبل أو الكهف، ولذلك تم الربط بينهم وبين سكان الكهوف أي تُرُجلُدايت. وذكر بدج (Wallis Budge, The Egyptian Sudan: The History and Monuments. Vol.1 p 588, 598, 631) أن قدماء المصريين عرفوا سكان جبال البحر الأحمر hill men باسم Anti بما يشير إلى أنه ربما قصد بهم سكان الساحل. وقد ورد استخدام أنتي كثيراً لسكان مناطق الجزء الغربي من الصحراء القريبة من النيل جنوب الشلالين الأول والثاني.

ويلاحظ على عصر بداية الأسر المصرية أن شعب الأنو -أسلاف النوبة الحاليين في صعيد مصر- الذي تعرفنا عليه في موضوعنا السابق هو الذي وحد الوجهين القبلي والبحري وبدأ به التاريخ المصري، وأن الملك مينا الذي حقق هذه الوحدة هو الذي خلف الملك العقرب Scorpion على حكم شعب الأونو،وأن المدينتين اللتين تحققت منهما تلك الوحدة هما مدينة نُبِت Nubet في منطقة الأقصر الحالية ومدينة نِخِن Nekhen جنوب الأقصر على بعد70 ميلاً من مدينة أسوان. فشعب الأونو هو الذين وحد مصر وأسس الأسرة الأولى.

الصحراء الشرقية والسلطات المصرية

لم تكن هنالك علاقات ثابتة ومتصلة بين سكان الصحراء الشرقية والمصرين في بداية العصر الفرعوني بعكس ما كان عليه الحال في الصحراء الغربية للنيل. فقد أدى وجود عدد من الواحات في الصحراء الغربية مثل واحات الخارجة والداخلة وسيوة إلى قيام مجتمعات مستقرة إلى جانب الجماعات البدوية. وقد تعاملت تلك المجتمعات المستقرة في الواحات مع السكان والسلطات الحاكمة على النيل بصورة دائمة ومنتظمة حتى أصبحت الواحات جزءاً من الدولة المصرية.

أما الصحراء الشرقية فلا توجد فيها واحات مثل الصحراء الغربية، ويسود الجفاف الصحراء الشرقية وبخاصة المناطق الواقعة شمال خط عرض مدينة أسوان وتكاد تنعدم فيه مصادر المياه، ولذلك ساد على سكانه طابع البداوة. ولم يساعد الطابع البدوي والترحال الدائم للسكان السلطات المصريةعلى خلق صلات دائمة مع تلك المجتمعات البدوية. فأصبح أولئك البدو خارج سلطة الدولة كما اتضح من ضرورة خروج فرق عسكرية كبيرة العدد لحماية العاملين في المناجم أو المحاجر أو العابرين الصحراء إلى البحر الأحمر من هجوم القبائل البدوية عليهم. وكما يتضح ذلك أيضاً من إقامة التحصينات الحدودية في الصحراء على بعض المناطق المواجهة للنيل.

ولعل المثل الواضح على ذلك الحملتين التين ارسلتا في ععد الأسرة الحادية عشرة في القرن 21 ق م إلى البحر الاحمر عبر وادي الحمامات. فقد تكونت الحملة الأولى من عشرة ألف رجل بين مدني وعسكري، والثانية من ثلاثة ألف رجل بين مدني وعسكري. وكانت أهداف الحملتين 1. توطيد الأمن في وادي الحمامات الذي يصب في النيل في منطقة الأقصر الحالية لاستغلال محاجره، 2. عمل تحصينات حدودية ذكرت النقوش أنها امتدت شمالاً في الصحراء حتى منطقة المنيا المنيا الحالية، 3. وتأمين الطريق إلى البحر الأحمر والاشراف على إنزال السفن التي حملت مفككة على الحمير عبر الصحراء ، لأنه لم تكن للمصريين ميناء دائمة لخدمة الملاحة في البحر الأحمر طيلة العصر الفرعوني.

ولذك أتت المعلومات عن سكان الصحراء الشرقية في المصادر المصرية القديمة قليلة نسبيّاً، ويلاحظ أنها تركزت بصورة واضحة على الجزء الأوسط من الصحراء الشرقية الواقعة على الحدود السودانية المصرية الحالية وجنوبيها بعكس ما كان عليه الحال في العصر السابق لقيام الأسر. وربما كان من بين أسباب ذلك تركز سكان الصحراء في المناطق الجنوبية لأن تلك المناطق أغني بكثير بثرواتها الغابية والمعدنية، وحيث تتوفر بعض مصادر المياه الطبيعية في بعض المناطق الجبلية. كما قد يكون السبب أيضاً ناتجاً عن هروب قبائل الصحراء من سلطة الدولة المركزية التي قامت في صعيد مصر.

وكان ملوك مصر يستغلون مناجم ومحاجر الصحراء، ويتحصلون الضرائب ويسخرون في بعض الأحيان البدو في أعمال التعدين وقطع الحجارة. فقد وضحت الآثار أن الملك سنوسرت الأول في القرن 20 ق م أرسل أحد موظفيه لإحضار الجمشت من وادي الهودي الذي يقع جنوب شرقي أسوان، وذكر ذلك الموظف أنه أدى المهمة لملكه "الذي يذبح الأونتي سكان الصحراء الجنوبية الشرقية" ويقول في مكان آخر "أرسلني سيدي لأن أقوم بما أراده خاصاً بهذا الجمشت الذي في أرض النوبة، وقد أحضرته بكميات عظيمة، وعندما جمعته مثل فم المخزنين جُر بزحافات وحُمل على نقالات، وكل أونتيو من أرض النوبة الذين سيدفعون الجزية يعمل خادماً حسب رغبة هذا الإله"

والإشارات المبكرة إلى سكان الصحراء الشرقية في الآثار المصرية وردت في إطار التناول العام لشؤون المناطق المجاورة لحدود مصر الجنوبية. كما وردت الإشارة إليهم مباشرة في سياق العلاقات بينهم وبين السلطات المصرية. ويبدو أن العلاقات بين السودانيين والمصريين كانت بصورة لدرجة تطلبت من السلطات المصرية في عصر الأسرة السادسة تعيين مترجمين، فقد ورد الإشارة في نصوص تلك الأسرة إلى "رئيس المترجمين للمِجا ويام وإرثت" وجاءت الإشارة إلى سكان الصحراء الشرقية في تلك الفترة - كما نقلته كتب التاريخ من الآثار المصرية تحت اسم مِزا ومزاوي أومِجا. ويقول سليم حسن عن ذلك: "مِجا أو مِزا التي وردت في النقوش هي بلاد يسكنها قوم من البدو الرحل ويحتمل أنها تقابل قبيلة بجة الحالية" ويرى المؤرخون أن المِجا منذ بداية ظهورهم كما تقول سامية بشير دفع الله: "كانوا يسكنون أطراف الصحراء الشرقية والمنطقة الممتدة بين النيل والبحر الأحمر،" وقد ورد أقدم ذكر لاسم المِجا والمِزا في الآثار المصرية في القرن الثاني والعشرين قبل الميلاد في عصر الأسرة المصرية السادسة، جاء في أحد النقوش: "أرسلني جلالة الملك مرنرع في حفر ترع في الجنوب (جنوب أسوان) وكان رؤساء أقطار ارتت وواوات وايام ومِجا يقدمون الخشب لهذا الغرض" وجاءفي نصٍّ آخر لنفس الحدث: "في حين أن زعماء بلاد أرثت وواوات ويام والمزاوي كانوا يوردون الخشب لهذا الغرض" وجاء لنفس صاحب النص أعلاه عن تكوين جيش مصري لمحاربة البدو الأسيويين من "الإرتت والمدجوMegju)) ويام واوات وكاعو والطمياح" وفي نص في مكان آخر لنفس هذا الحدث كتب الاسم "مدجا" فالإشارة أتت إلى سكان الصحراء في هذا النص بـ"مدجو ومِدجا" بينما وردت في النصين أعلاه بـ "مِجا والمزاوي"

ويلاحظ أن المصريين كانوا في كثير من الأحيان في العصر الفرعوني يستعينون بالجنود الأجانب - المرتزقة - في إعداد جيوشهم. وكان أهل الصحراء من العناصر المجندة في الجيش، فقد وضحت آثار الأسرة السادسة أن حاكم إقليم مصر الجنوبي أنه جند عدداً كبيراً من الجنود المرتزقة من "إرثت والمزاوي ويام وواوات وكاو وتمحو" وأضافهم إلى جيشه الذي قاتل به أهل الرمال الآسيويين.

وكان جل اهتمام المصريين بالصحراء الشرقية منصبّاَ في استغلال المعادن ومختلف أنواع الحجارة التي تدخل في متطلبات القبور الملكية والمعابد. كما كانت الأخشاب في تلك الفترة من بين المواد التي تقدمها منطقة الصحراء كما ورد في الفقرة أعلاه لأن الصحراء لم تكن جافة كحالتها الحالية. وكان السودان يمثل المصدر الرئيس لمد المصريين بالذهب، والغالبية العظمى من ذلك الذهب كانت تأتي من الصحراء الشرقية. وقد تركزت المناجم الرئيسة في إنتاج الذهب في المناطق الصحراوية الواقعة في منطقة وادي العلاقي الذي كان به ما يزيد عن المائة منجم على مسافة نحو 150 ميلاً من النيل. وإلى جانب ذلك ساهمت بعض المناجم في الصحراء المواجهة لمنطقة الأقصر الحالية في إنتاج الذهب. وقد بدأ استغلال المصريين لمناجم الصحراءالشرقية منذ عصر الدولة الوسطى (21 - 18 ق م).

وتوسع استغلال مناجم ذهب الصحراء الشرقية في عصر الدولة الحديثة (16 -11 ق م). فقد بلغ إجمالي ضريبة أربعة سنوات في عصر الملك تحتمس الثالث من إقليم واوات الذي كانت تتبع له مناجم وادي العلاقي 993.3 كيلو جراماً، بينما بلغت ضريبة إقليم كوش لنفس الفترة 65.6 كيلو جراماً. وأهدى تحتمس الثالث أهدى تحتمس الثالث معبد آمون مرة 3338.96 كيلو جراماً ومرة أخرى 1384.5 كيلو جراماً.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الصحراء الشرقية والسلطات المصرية

أدى اضطراب الأوضاع في مصر بعد عصر الأسرة السادسة - فيما يعرف في التاريخ المصري بعصر الانتقال الأول في القرنين 22 و21 ق م - إلى ضعف النشاط التجاري مع السودان، فقلت المعلومات المدونة في الآثار المصرية عن ممالك وسكان السودان. وتعرضت مصر في هذه الفترة إلى غزو من الشرق عبر سينا ومن الجنوب. وقد أشارت إحدى الوثائق التي ترجع إلى تلك الفترة إلى الفوضى التي أحدثها الأجانب والجنود المرتزقة، وجاءت الإشارة المباشرة إلى المِجا بأنهم استوطنوا وساهموا في تلك الاضطرابات. (سليم حسن، تاريخ السودان المقارن. ص 87 - 89) وتزامن ذلك مع استقرار جماعات في منطقة قُسطل وشماليها وتأسيس ما أطلق عليها المؤرخون حضارة المجموعة ج التي تولت القيادة بعد مملكة تا ستي قبل توحيد مملكة كوش الأولى للمنطقة. ونسب بعض الباحثين أصل هذه الجماعة إلى مناطق أعالى نهري النيل الأزرق وعطبرة وشرق السودان، ونسبهم آخرون إلى مناطق الصحراء الغربية. وقد وصفوا بأنهم رعاة ماشية يشبهون قبائل البقارة الحالية ببقرهم ذات القرون الكبيرة التي خلفوا لنا صورها على الرسوم الصخرية وعلى فخارهم. كما وصفوا بعد اختلاطهم بقبائل الشرق بأنهم يشبهون العبابدة البشاريين والهدندوة.(خصر أدم عيسى، السودان القديم: تاريخه ثقافته وحضارته. الخرطوم: دار جامعة الخرطوم للطباعة والنشر 2010 ص 47 وسامية بشير دفع الله، المرجعالسابق ص 140 وسليم حسن ص، تاريخ السودان المقارن. ص 75 وp 49 A. J. Arkell, History of the Sudan.) وبعد عودة استقرار الأوضاع في مصر في عصر الأسرتين الحادية عشرة والثانية عشرة عاد الاهتمام بالصحراء الشرقية التي لم تكن تابعة للسلطة المركزية المصرية على النيل. وبدأت الأسرة الحادية عشرة (القرن 21 ق م) كما ذكر عبد العزيز صالح (الشرق الأدنى القديم ص 113) بمحاولة "توطيد الأمن في السبل المؤدية للبحر الأحمر عبرالصحراء الشرقية" الذي قال عنه سليم حسن "طريق الصحراء وادي الحمامات الذي كان مستعملا منذ عصر الفراعنة حتى يومنا هذا... وكانت القوافل تقطع المسافة في مدة أربعة أيام من قفط إلى البحر الأحمر سالكة طريقاً وعراً لا ماء فيه، شمسه محرقه."( عبد العزيز صالح، الشرق الأدنى القديم ص 113 وسليم حسن مصر القديمة ج 2 ص 263)

وقد خرجت بعثتان كبيرتان لتحقيق هذا الهدف. خرجت إحدى البعثتين في عشرة ألف رجل بين مدنيين وعسكريين ترأسها الوزير أمنمحات لتوطيد الأمن في وادي الحمامات. وأقامت البعثة تحصينات حدودية في المنطقة المواجهة. ويؤكد خروج ذلك العدد الكبير من العسكريين لتوطيد الأمن في وادي الحمامات المتصل بالنيل وإقامة الحصون أن السكان البدو الذين كانوا يتجولون في تلك المناطق كانوا خارج سلطة الدولة، وأن حدود الدولة في الصحراء لم تكن تبتعد كثيراً عن النيل. ولم يرد ذكر لأسماء السكان ولكن الجماعة أو القبيلة البدوية الوحيدة التي ورد ذكرها في الأثار الفرعونية في الصحراء الشرقية هي جماعة المٍزا أو الِجا.

وخرجت البعثة الثانية برئاسة موظف كبير يدعى حنو أو حننو بلغ تعدادها ثلاثة ألف رجل. كانت تهدف أيضاً إلى تأكيد الأمن في مسالك القوافل وتطهير الآبار القديمة وحفر أخرى جديدة، وتحصيل الهدايا من البدو باسم القصر الملكي. ثم الاشراف على إنزال سفن and#12297;جُبيليةand#12296; على البحر الأحمر" (عبد العزيز صالح، الشرق الأدنى القديم ص) ويفهم مما ورد في هذا النص عن "تحصيل الهدايا باسم القصر" أنه لم تكن هنالك ضرائب مفروضة على مواطنين مصريين في تلك المناطق بل كان يطلب من القبائل البدوية تقديم الهدايا باسم القصر.

وتواصلت اهتمامات الأسرة الثانية عسرة بالصحراء الغربية، وبدأ ثاني ملوك الأسرة سنوسرت الأول بالبحث عن الذهب. ذكر سليم حسن أن سنوسرت أرسل حملة بقيادة أميني لهذا الغرض إلى صحراء قفط في منطقة وادي الحمامات. وجاء على لسان قائد الحملة: "وسرت إلى الجنوب مع جمع يبلغ أربعمائة من خيرة رجال الجيش وعدنا إلى الوطن سالمين دون أن يُفقد واحد منّا، وقد أحضرت الذهب الذي كلفت به" (سليم حسن، تاريخ السودان المقارن. ص 135.)

وعلق سليم حسن على هذا النص قائلاً: "يدل عدد الجنود الذين رافقوا أميني أنه لم يكن هنالك ما يدعوا لنشوب حرب بل كان لمجرد البحث عن مناجم الذهب التي بدأت تظهر في بلاد النوبة، والظاهر أن وادي النيل النوبي في ذلك الوقت قد سادته السكينة بعد الحروب الأولى، وأن المصريين قد أخذوا العدة لأنفسهم وأقاموا الحاميات في أنحاء طرقهم، ومع ذلك فقد اتخذ قائدنا لنفسه الحيطة خوفاً من قطاع الطرق من البدو الذين كانوا يتجمعون في الصحراء."

ويلاحظ أن قائد الحملة ذكر بعد إنجاز مهمته في الصحراء المواجهة لمنطقة الأقصر الحالية أنه عاد إلى الوطن، فهو لم يشعر أنه في بلاده وهو داخل الصحراء. فالصحراء كانت بلاداً أجنبية في ذلك الوقت بالنسبة للمواطن المصري على النيل. ويلاحظ كذلك أن سليم حسن يتحدث عن الأمن في صحراء قفط من خلال حديثه عن الأمن في وادي النيل النوبي باعتبار أن هذه المناطق الصحراوية جزء من بلاد النوبة.

وإذا وضعنا في اعتبارنا أن كل عرض الصحراء من قفط إلى البحر الأحمر نحو 200كيلو متر، فإن مناطق البحث عن الذهب في الصحراء ليست بعيدة عن النيل، ورغم ذلك ورغم أن الهدوء والأمان الذي كان يسود بلاد النوبة في ذلك الوقت، رغم كل ذلك لم يكن متيسراً للمصري دخول الصحراء إلا تحت الحراسة المشددة. ويؤكد ذلك أن المصريين لم يكن لهم وجود في كل منطقة الصحراء الممتدة من وادي الحمامات جنوباً.

وقد وضّحت آثار الملك سنوسرت الأول أنه حارب وأخضع المنطقة بين أسوان وحلفا وعين عليها حاكماً مقره ألفنتين في منطقة أسوان. وذكر ذلك الحاكم أنه كان يقدم "التقارير عن الضرائب من بلاد مزا (بجا) بوصفها جزية من أمراء البلاد الأجنبية" ولكن يبدو أن سلطة الدولة المصرية على مزا الصحراء كانت واهية جدّاً إن لم تكن معدومة

وما ذكر هنا عن الضرائب ربما كان ما يقدم من بعض المناطق التي اعترفت بالسلطة المصرية في بعض الأوقات في مناطق استغلال الموارد. ومن الواضح أن السلطات المصرية كانت تحتاج إلى عدد كبيرمن الجنود لدخول الصحراء. فقد كانت البعثات المتكررة لمحاجر الجمشت في وادي الهودي على بعد 26 كيلومتر فقط جنوب شرق أسوان تتطلب ضرورة اصطحاب الجنود، وحدث ذلك حتى في عصر هذه الأسرة التي ذكر النص أعلاه أخذها الضرائب من المِجا.

وكما ذكر أحد موظفي الملك سنوسرت الثالث: "لقد أرسلني السيد بأمر يتعلق بأعماله الطيبة في هذه الأرض، وقد كان الجيش خلفي لأجل أن أقوم بما أراده خاصاً بهذا الجمشت الذي في أرض النوبة، وقد أحضرته من هناك بكميات كبيرة."( سليم حسن، تاريخ السودان المقارن. ص 138)

تحركات البحة في الصحراء وصعيد مصر

لم تدم قوة الدولة المصرية طويلاً إذ سرعا ما دخلت مصر مرة أخرى في مرحلة اضطرابات وضعف بعد نهاية عصر الأسرة الثانية عشر في القرن 18 واستمرت في عصر الأسر 13 و14 و15 و16 و17حتى القرن 16 ق م. وهي الفترة المعروفة في التاريخ المصري بفترة الانتقال الثانية. وساد الأمن والسلام في هذه الفترة بلاد السودان المجاورة للحدود المصرية. وأدى ذلك إلى الكثير من التغيرات والتطورات التي حدثت في المنطقة.

ومن أبرز تلك الأحداث نمو قوة مملكة كوش الأولى وتوسع حدودها حتى منطقة أسوان، بل وُجِدت آثارها شمالاً في أبي دوس شمال مدينة الأقصر الحالية. (سامية بشير دفع اللت، تاريخ الحضارات السودانية القديمة ص 229 و267.) ولا تتوفر معلومات عن علاقة مِجا الصحراء بمملكة كوش في عصر توسعها. ولما كان للمِجا وجود واضح على النيل من منطقة حلفا جنوباً وحتى أسوان شمالاً فإن المِجا المستقرون على النيل قد أصبحوا بذلك جزءاً من مملكة كوش. وكان للمجاِ في هذه الفترة وجودٌ ملحوظٌ في الصحراء وفي صعيد مصر. ففي الصحراء أدى انقطاع التدخل المصري المتكرر في المنطقة إلى تطور نظم السكان الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وربما شهدت المنطقة قيام أكثر من مملكة بين النيل والبحر الأحمر. فقد ورد في آثار الأسرة الثالثة عشرة في النصف الأول من القرن 18 ق م أنه ةة"وصل وفد من المدجاي من جهة تسمى أوشيك إلى مصر لمقابلة الملك ... ويُعتقد أن جهة أوشيك المذكورة هي مملكة من ممالك المدجاي في الصحراء الشرقية"(المرجع السابق ص 260)

وبسط المِجا سيطرتهم حتى أصبح اسمهم علماً على كل سكان المنطقة الواقعة جنوبي مصر. فقد ذكر سليم حسن "أن اسم "مزاي" أصبح يطلق بصورة عامة على كل سكان المنطقة الواقعة جنوب أسوان ومنطقة الصحراء الشرقية، بينما يطلق اسم مزاوي على أفراد القبيلة."( سليم حسن، تاريخ السودان المقارن. ص 48) كما وردت في الآثارالمصرية أخبار تحركات كبيرة للمِجا نحو صعيد مصر، ويبدو مقبولاً أن تكون تحركات تلك القبائل قد أتت من مناطق نهر عطبرة جنوباً وحتى صعيد مصر شمالاً، وذلك للعلاقة الطبيعية بين المناطق الجافة ومناطق الأنهار. وبدأ استقرار قبائل المِجا في صعيد مصر مبكراً، فالاشارات المبكرة في الأثار المصرية أتت في عصر الأسرة السادسة بمشاركتهم كجنود مرتزقة في الجيش، وكانوا غالباً ما يستقروا في صعيد مصر بعد نهاية خدمتهم كما اتضح ذلك في عصر الأسر التالية للأسرة السادسة.

وكانت تحركات المِجا نحو صعيد مصرتزداد إبان ضعف السلطة المركزية في مصر مثل عصر الانتقال الأول بين القرنين 22 -21 ق م وعصر الانتقال الثاني الذي بدأ بنهاية الأسرة 12 في القرن 18 وانتهى في القرن 16 ق م. وقد شهدت هذه المرحلة الأخيرة هجرات خلفت وجوداً واضحاً على المجتمع المصري وبرزت في آثار تلك الفترة. يقول سليم حسن ( المرجع السابق ص 266) عن تلك التحركات: "كانت هذه الهجرة لمصر واسعة النطاق لدرجة لم تعرف من قبل" ولعل أوضح آثار تلك الهجرات هي ما أطلق عليه المؤرخون اسم "حضارة Pan-Grave" تكتب الكلمة في أغلب كتب التاريخ في السودان بالحروف العربية "البان قريف" وذلك لأن المقابرتشبه في شكلها الطوة (المقلاة) Pan باللغة الانجليزية، وهي لغة الآثاريين الذين نقبوا تلك المقابر، فأشتهرت باسم البان قريف. وقد تناول سليم حسن أصحاب تلك الحضارة تحت اسم أصحاب المقابر القعبية. والقعب كما يقول الجوهري (الجوهري، الصحاح في اللغة، موقع الوراق warraq.com. ج 2 ص 86 ) هو "قدح من خشب مقعَّرٌ " فشكل القبور تشبه القدح المقعر. وأطلق عليها عبد العزيز عبد الغني "القبور القُبُّعِية" أي التي تشبه في شكلها القُبُّعَة. وأرى أن إطلاق اسم القعبية أو القبعية على تلك المقابر قد يكون أحسن من إطلاق البان قريف.

ورأى بعض المؤرخين أن أصحاب هذه القبور القُبُّعِية أتوا من جنوب منطقة حلفا، ولكن أغلب المؤرخين يرون أنهم أتوا من الصحراء الشرقية بصورة عامة" أي المنطقة التي تقطنها حالياً قبائل عديدة تنضوي كلها تحت اسم البجة" وحدد بعضهم أصول أصحاب تلك المقابر القُبُّعِية إلى جبال البحر الأحمر. وقد أتى التصريح الواضح أنهم ينتمون إلى قبيلة المِجا. وخصص البعض الآخر أنهم مجموعة متخصصة من المِجا، أو الجنود المرتزقة الذين كانوا يخدمون في الجيش المصري.( سليم حسن، تاريخ السودان المقارن.ص 270 وسامية بشير دفع الله، المرجع السابق. ص253-255 وA. J. Arkell, History of the Sudan. P 78) وهكذا يتضح أن أصحاب المقابر القُبُّعِية هم المِجا أسلاف البجة سكان الصحراء الشرقية. وأرى أنه من الممكن الحديث عنهم بهذا الاسم بدلاً من اسم "البان قريف" أو تناولهم تحت اسم جماعة المِجا في صعيد مصر وشمال وشرق السودان، لأن أثارهم في حدود السودان الحالية وجدت في مناطق حلفا وكسلا وأركويت وخور أربعات والخرطوم، كما وجدت آثارهم أيضاً في اغروداتAkurdet في دولة أرتريا.( سامية بشير دفع الله، المكان السابق. وA. J. Arkell, History of the Sudan. P 78 and note no. 1) أما آثار المجا أصحاب المقابر القُبّعِية في حدود مصر الحالية فقد انتشرت على طول المنطقة الواقعة شمال حلفا وحتى شمال منطقة الأقصر، وذكر Petrie أنهم كانوا ينتشرون غرب النيل حتى منطقة الفيوم الحالية. (Flinders Petrie, the Making of Egypt. London: The Sheldon Press1939, p 145) وقد تتبع سليم حسن ( المرجع السابقص 267) تلك الآثار التي تم الكشف عنها حتى عصره (توفى عام 1961م) في خمسة عشرة موضعاً في هذه المنطقة بين مقابر ومستوطنات، وأغلب تلك المواقع في منطقة الأقصر الحالية وشمالها مثل قاو وتقع شمال الأقصر والتي وجد بهامستوطنة و37 مقبرة وموقع المستجدة وهو أكبر موقع تم العثور عليه ويقع شمال قاو ووجد به 107 مقبرة ومستوطنة. وهكذا أصبح للمِجا وجود وأثر واضح على التركيبة السكانية في صعيد مصر، وأبرزت آثار الأسرة 17 دورهم في مقاومة وطرد المصريين للهكسوس الذين كانوا يحتلون شمال البلاد. ويبدو أن كل ذلك لم يغير في السياسة المصرية تجاه سكان الصحراء الشرقية. فقد بدأت الدولة الحديثة - التي بدأ حكمها بعد طرد الهكسوس - منذ بداية عصر مؤسسيها ملوك الأسرة 18 في معاودة الهجوم على السودان، وجاء في أحد نقوش منطقة أسوان الذي يرجع إلى بداية هذه الأسرة أن بدو الصحراء هم العدو الرئيس لمصر. واجه هذا الغزو المصري للسودان مقاومة عنيفة من مملكة كوش الأولى التي كانت حدودها ممتدة حتى أسوان، ويبدو مما ورد في أخبار الحملات المصرية أن بعض الممالك جنوب كرمة وممالك الصحراء الشرقية قد شاركت في التصدي للاحتلال المصري. فقد خاض أحمس الأول أول ملوك الأسرة 18 معارك على النيل جنوب أسوان وفي الصحراء. وفي بعض المعارك النيلية كان من بين الأسرى اثنان من المِجا تم أسرهم في سفينة القائد قائد الجيش.(سليم حسن، ص 275 ) كما خاضت جيوش أحمس الأول معركة في الصحراء الشرقية المواجهة لمناطق جنوبي أسوان في مكان به محطة عسكرية، فقد ورد في أحد النصوص أن قائد الجيش أحضر "جلالته من محطة البئر العليا". وخاض تحتمس الأول ثالث ملوك الأسرة 18 أيضاً حروب ضد المِجا، وجاء في نقشه إنه ذهب "لمعاقبة ثوار البلاد الأجنبية "ويوضح سليم حسن (277 و279) أن البلاد الأجنبية هنا مقصود بها الصحراء. وخاض تحوتمس الثالث عدد من المعارك بما فيها معارك مع المِجا، وجاء في آثاره إنه أسر 110 من المِجا. وقد كان المصريون في عصر تحوتمس الثالث إخضاع مملكة كوش الأولى في منتصف القرن 15 واحتلوا أراضيها على النيل جنوب الشلال. لكن لم تتمكن السلطات المصرية من السيطرة على المناطق البعيدة عن النيل، كما لم تتمكن من انهاء المقاومة وبخاصة في المناطق الصحراوية. (المرجع السابق، ص279) فقد جاء في آثار تحتمس الرابع ثامن ملوك الأسرة 18 في نهاية القرن 15 أخبار حملة ضد قبائل الصحراء الشرقية التي كانت تغير على المناطق النيلية جنوب أسوان. وفي عهد امنحتب الثالث تاسع ملوك الأسرة 18 في مستهل القرن الرابع عشر ورد على لوحة سمنة " انه كان من بين الغنائم التي تحصل عليها الحملة "مائة وعشرون من رجال المزوي"(المرجع السابق ص 275)

الخاتمة

لم يكن سكان الصحراء الشرقية يعيشون في عزلة عن الشعوب والممالك التي قامت حول حدودهم شمالاً وجنوباً وغرباً كما يتردد كثيراً عنهم، فقد كانوا منذ فجر تاريخهم على صلة دائمة بمنطقة النيل من جنوب مصب نهرعطبرة وحتى صعيد مصر شمالاً. وقد اتفق المؤرخون أن أولئك السكان بمختلف مسمياتهم من نهر عطبرة جنوباً وحتى وادي الحمامات شمالاً وسواحل البحر الأحمر شرقاً منذ فجر التاريخ هم أسلاف قبائل البجة الحالية.

وكانت جماعات المِجا إلى جانب وجودها في الصحراء قد استوطنت النيل أيضاً بين منطقتي حلفا جنوباً وحتى الأقصر في صعيد مصر شمالًا. وورد ذكر مملكة المِجا في الصحراء في آثار الأسرة المصرية السادسة (24 - 22 ق م) إلى جانب ممالك المنطقة مثل واوات وإرثت ويام قبل قيام مملكة كوش الأولى مما يؤكد تواصل سكان الصحراء مع سكان تلك الممالك. وعندما وحدت مملكة كوش تلك الممالك في منتصف القرن الثامن عشر قبل الميلاد أصبح المِجا جزءاً منها. ووضحت الآثار مساهماتهم في التصدي للغزو المصري لمملكة كوش ومشاركتهم المستمرة في الثورة ضده إبان فترة الاحتلال. ويرى بعض المؤرخين (المرجع السابق ص 285) أنه حدثت هجرة بعض سكان مملكة كوش إبان الاحتلال المصري إلى الصحراء الشرقية. ومن جانب آخر فإن الصحراء الشرقية الواقعة جنوب منطقة وادي الحمامات وساحل البحر الأحمر كانت تعتبر بلاداً أجنبية بالنسبة لمصر في العصر الفرعوني، بعكس الصحراء الواقعة غربي النيل والتي كانت جزءاً من أقاليم الدولة. ولم تخضع الصحراء الشرقية للمصريين ما عدا فترة الاحتلال المصري للسودان بين القرنين الخامس عشر والرابع عشرقبل الميلاد حيث كان حكام الصحراء في بعض مناطق وادي العلاقي يعترفون بالسلطة المصرية.

ولم تتمكن مصر الفرعونية من إقامة علاقات دائمة مع سكان الصحراء الشرقية، وما تم من صلات تمثل في استغلال المصريين لموارد الصحراء المعدنية وجلب الحجارة وعبور الصحراء للوصول إلى ساحل البحر الأحمر، وكان كل ذلك يتم تحت حراسة عسكرية مشددة. ورغم كل ذلك فقد ساهمت قبائل المِجا مساهمة فعالة في التركيبة السكانية في صعيد مصر طيلة حقب التاريخ الفرعوني. وكان لجالية المِجا دور بارز في صعيد مصر منذ عصر الأسرة السادسة وحتى نهاية العصر الفرعوني في القرن 11 ق م.

انظر أيضا

المصادر

المراجع

  • إمارة سواكن من المنشأ حتى ميناء عثمان دقنة، الشريف محمود أبوعائشة.
  • تاريخ سواكن والبحر الأحمر ، محمد صالح ضرار.
  • ممالك البجا، محمد صالح ضرار.
  • سلسلة القبائل والأنساب في السودان، عون الشريف قاسم.
  • تاريخ البجا، محمد أدروب أوهاج.
  • تاريخ قبائل البجة، أ.بول.
  • رحلة ابن بطوطة، ابن بطوطة.
  • تاريخ ارتريا المعاصر، محمد عثمان أبوبكر.
  • خطط المقريزي، المقريزي.
  • السلوك لمعرفة دول الملوك، المقريزي.
  • [[عمدة الطالب في نسب آل أبي طالب، جمال الدين بن عنبة.
  • أربعة وثائق مخطوطة للأرتيقة.
  • عدة وثائق لقبيلة الأشراف مسجلة بمحكمة مكة.

مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب البجة سكان الصحراء الشرقية في العصور القديمة 4 بقلم احمد الياس حسين 08-02-15, 05:50 AM, احمد الياس حسين البجة سكان الصحراء الشرقية في العصور القديمة 3 بقلم احمد الياس حسين 01-02-15, 03:03 PM, احمد الياس حسين البجة سكان الصحراء الشرقية في العصور القديمة 2 بقلم احمد الياس حسين 25-01-15, 06:50 PM, احمد الياس حسين كيف فقدت مصر وجهها الحقيقي في التاريخ بقلم د أحمد الياس حسين 18-01-15, 01:36 PM, احمد الياس حسين البجـة: سكان الصحراء الشرقية في العصور القديمة - 1 بقلم د. أحمد الياس حسين 16-01-15, 02:11 PM, احمد الياس حسين القواسم المشتركة بين الحبشة والسودان عبر التاريخ بقلم أحمد الياس حسين 01-01-15, 02:35 PM, احمد الياس حسين الحدود السودانية المصرية: المصريون والبحر الأحمر في العصر الفرعوني 4 بقلم د. أحمد الياس حسين 09-12-14, 01:41 PM, احمد الياس حسين الحدود السودانية المصرية: المصريون والبحر الأحمر في العصر الفرعوني 3بقلم د أحمد الياس حسين 26-11-14, 12:26 PM, احمد الياس حسين الحدود السودانية المصرية: مصر والبحر الأحمر في العصر الفرعوني 2 بقلم احمد الياس حسين 17-11-14, 05:03 PM, احمد الياس حسين الحدود بين السودان ومصر عبر التاريخ 1 بقلم د. أحمد الياس حسين 03-11-14, 04:40 AM, احمد الياس حسين قُسْـطُـل: عاصمة أول مملكة سودانية في التاريخ القديم "مملكة تاستي" 26-08-14, 05:38 PM, احمد الياس حسين من هم العنج 3/احمد الياس حسين 24-08-14, 03:41 PM, احمد الياس حسين من هم العنـج 2 ...العنج في الروايات الشعبية 09-08-14, 06:21 AM, احمد الياس حسين سكان مملكة علوة من هم العنج /احمد الياس حسين 11-07-14, 09:35 PM, احمد الياس حسين الهوية الوطنية السودانية /احمد الياس حسين 27-06-14, 12:28 PM, احمد الياس حسين من ثقافتنا الشعبية عن أصول سكان السودان:الأمازيغ (البـربـر) 22-06-14, 04:48 PM, احمد الياس حسين من ثقافتنا الشعبية عن أصول سكان السودان: الزنج والحبش 21-05-14, 08:21 PM, احمد الياس حسين تعليق على محاضرة السيد الصادق المهدي عن الهوية 3 بقلم: أحمد الياس حسين 13-05-14, 01:13 PM, احمد الياس حسين تعليق على محاضرة السيد الصادق المهدي عن الهوية 2/مفهوم التنوع العرقي في السودان 07-05-14, 02:21 PM, احمد الياس حسين محاضرة السيد الصادق المهدي عن الهوية 1 لم يكن الدين واللغة شرطاً في هوية سكان دولة المدينة 29-04-14, 01:06 PM, احمد الياس حسين هل شيد المصريون السد العالي على أراضي سودانية الحدود بين مصر والسودان عبر التاريخ 4 22-04-14, 03:29 PM, احمد الياس حسين الحدود بين مصر والسودان عبر التاريخ 3 15-04-14, 05:28 AM, احمد الياس حسين هل شيد المصريون السد العالي على أراضٍ سودانية الحدود بين مصر والسودان عبر التاريخ 2 17-03-14, 05:27 PM, احمد الياس حسين تعليق على بيان الحركة الوطنية للتغيير/أحمد الياس حسين 13-03-14, 02:02 PM, احمد الياس حسين الحدود بين مصر والسودان عبر التاريخ 1/احمد الياس حسين 11-03-14, 06:12 AM, احمد الياس حسين مصر تملك الوثائق للمطالبة بسيادتها/احمد الياس حسين 02-03-14, 02:58 PM, احمد الياس حسين من ثقافة الاقصاء والتهميش إلى ثقافة الوفاق والقبول /د. أحمد الياس حسين 26-02-14, 03:34 PM, احمد الياس حسين مفهوم الكتلة التاريخية: كل القوى الفاعلة والقادرة على ممارسة الفعل 2/ د. أحمد الياس حسين 17-02-14, 07:04 PM, احمد الياس حسين مفهوم الكتلة التاريخية: الحوار والتوافق والاجماع الوطني "طرح الفكرة كبديل لاستراتيجية الاقصاء والته 11-02-14, 05:18 PM, احمد الياس حسين حول أجور أساتذة الجامعات الحكومية العربية نقلاً عن "المنار للإعلام" د. أحمد الياس حسين (أستاذ جامعي 04-02-14, 03:09 PM, احمد الياس حسين من هو شعب البَلو (البلويت) 8 البليون و البليميون من هم البليون؟د أحمد الياس حسين 31-01-14, 02:48 PM, احمد الياس حسين أصول سكان السودان: الجذور والقواسم المشتركة خلفية تاريخية د احمد الياس حسين 26-01-14, 06:46 PM, احمد الياس حسين

قراءات إضافية

  • Herman N. Almkvist. 1881-1885. Die Bischari-Sprache. 3 vols. Uppsala.
  • Václav Blažek. 2003. "Beǧa language", in: S. Uhlig et al. (eds.), Encyclopaedia Aethiopica Vol. 1: A-C (Wiesbadn: Harrassowitz), pp. 519b-521b.
  • Richard A. Hudson. 1974. "A structural sketch of Beja," African Language Studies. Ed. D.W. Arnott. London: School of Oriental and African Studies. Pages 111-142.
  • Richard A. Hudson. 1976. "Beja", in: M. Lionel Bender et al. (eds.), The Non-Semitic Languages of Ethiopia (East Lansing: Michigan University, African Studies Centre), pp. 97–131.
  • Leo Reinisch. 1893-1895. Die Beḍauye-Sprache in Nordost-Afrika 2. 3 vols. Vienna: F. Tempsky.
  • Leo Reinisch. 1895. Wörterbuch der Beḍauye-Sprache. Vienna.
  • E. M. Roper. 1927. "The Poetry of the Haḍenḍiwa", in: Sudan Notes and Records 10, pp. 147–158.
  • E. M. Roper. 1928. Tu Beḍawiɛ: An Elementary Handbook for the use of Sudan Government Officials. Hertford, Herts, England: Stephen Austin and Sonds, LTD. Oriental and General Printers.
  • Rainer Voigt. 1998. "Zur Gliederung des Kuschitischen: das Beḍauye und das Restkuschitische", in: I. Fiedler, C. Griefenow-Mewis & B. Reineke (eds.), Afrikanische Sprachen in Brennpunkt der Forschung: linguistische Beiträge zum 12. Afrikanistentag, Berlin, 3-6 Oktober 1996 (Köln 1998), pp. 309–324.
  • Werner Vycichi. 1953. "Der bestimmte Artikel in der Bedja-Sprache", in: Muséon 66, pp. 373–379.
  • Wedekind, Klaus and Charlotte Wedekind. 2007. A Learner's Grammar of Beja. Koeln: Koeppe Verlag.
  • Andrzej Zaborski. 1975. The Verb in Cushitic. Warszawa.
  • Andrzej Zaborski. 1989. "Der Wortschatz der Bedscha-Sprache. Eine vergleichende Analyse", in: Ausgewählte Vorträge. Deutscher Orientalistentag (Stuttgart; ZDMG Supplement VII), pp. 573–591.
  • Andrzej Zaborski. 1997. "Problems of the Beja Present Seven Years Ago", in: Lingua Posnaniensis 39, pp. 145–153.

وصلات خارجية