محمد إسعاف النشاشيبي

(تم التحويل من إسعاف النشاشيبي)
إسعاف النشاشيبي

محمد إسعاف بن عثمان بن سليمان النشاشيبي (1300ـ 1367هـ/1882-22 يناير 1948م) أديب فلسطيني لبناني. لقّب بأديب العربية، وكني بأبي الفضل لولعه بمقامات البديع.

ولد في القدس الشريف ونشأ بها، وأتم دروسه في المكاتب، ثم تلقى الأدب أربع سنوات في مدرسة الحكمة البطريركية في بيروت على الشيخ عبد الله البستاني، والشيخ محيي الدين الخياط، والشيخ مصطفى الغلاييني، وألمّ بالفرنسية إلماماً حسناً، ثم عاد إلى القدس في نحو العشرين من عمره، وقد أراد والده أن يكون عوناً لـه على إدارة أملاكه الواسعة وأمواله الطائلة، فكان كذلك على مضض، وبدأ حينها الكتابة نظماً ونثراً في عدد من صحف القدس ومصر وسورية، وتولى رئاسة مجلة «الأصمعي» في بيت المقدس مدة وجيزة، وكتب في مجلة «النفائس» و«المنهل».

نشر سنة 1912 كتابه «أمثال أبي تمام»، وقبيل نهاية الحرب انضم إلى أساتذة الكلية الصلاحية التي أنشأها جمال باشا في بيت المقدس، وألقى أولى محاضراته فيها بعنوان «كلمة في سير العلم وسيرتنا معه».

إسعاف النشاشيبي

وبعد الحرب أضحى مفتشاً للغة العربية في إدارة المعارف سنة 1929، ومن آثاره في هذه المرحلة: «مجموعة النشاشيبي» و«البستان» و«قلب عربي وعقل أوربي» وهي محاضرة ألقاها في الجامعة الأمريكية ببيروت سنة 1924، و«كلمة في اللغة العربية» جهرَ بها في جمعية الرابطة الشرقية في القاهرة تلك السنة، ورسالة عنوانها «العربية وشاعرها الأكبر أحمد شوقي»، وهي خطبة في مهرجان شوقي، و«العربية والأستاذ الريحاني».

بعد أن ترك إدارة المعارف انقطع للكتابة والقراءة والرحلات، فأصدر خطباً اقتضتها مناسبات في رسائل قصيرة مثل: «مقام إبراهيم» و«بيروت والغلاييني» و«البطل الخالد صلاح الدين»، ومقالات متنوعة بأسماء مستعارة أحياناً، ومن ذلك «سلسلة في الرد على المبشرين» خص بها مجلة الرسالة الغراء، وفي أثناء ذلك صدر لـه كتاب «الإسلام الصحيح»، وترك آثاراً مخطوطة حمل منها في رحلته الأخيرة إلى القاهرة ثلاثة ليطبعها، وهي «نُقل الأديب» و«أمالي النشاشيبي» و«التفاؤل عند أبي العلاء»، ومن آثاره كتب هي: «الأمة العربية»، و«حماسة النشاشيبي» و«جنة عدن»، ذكر الزركلي أنها كانت في بيته بالقدس قبل استيلاء اليهود عليها.

انتخب عضواً مراسلاً في المجمع العلمي العربي بتاريخ 8/11/1923، وكان نظمه للشعر قبل الحرب الكبرى، وقد زهد في نظمه بعدها، وكان أديباً فذاً لا نظير له بين أدباء عصره، تأنق في أقواله حتى لكأنها من القرن الهجري الأول، وبدأ شاعراً وأديباً منشئاً وناقداً وراوية، وانتهى فقيهاً مجتهداً قوي الحجة ناصع البيان، وكان حبه للعربية منقطع النظير وغيرته على وطنه عديمة المثيل. توفي بالسكتة القلبية في القاهرة صباح الخميس في 22 يناير، ودفن فيها بمقبرة عبد القادر بك مختار.

الجالسين من اليمين إلى اليسار: الوطني الفلسطيني إسعاف النشاشيبيعبد القادر الكيلاني – الوطني العراقي سعيد الحاج ثابت – رئيس الوزراء العراقي جميل المدفعي – الوزير العراقي مهدي كبةمحمد علي الطاهر. واقفين من اليمن إلى اليسار: سليم ثابتخالد الشوربجي.
أخذت الصورة في القاهرة في الأربعينات.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المربي حامي اللغة

كان إسعاف مربياً ناجحاً في المدارس، ويركز على الحماسة في إلقاء الدروس ويرى فيه وسيلة من شأنها إنجاح العملية التربوية،" فإن أردت غرس الأخلاق والقيم العليا في نفوس التلاميذ، فعليك اختيار النصوص الجميلة من قرآن وحديث ومَثَل سائر وخطبة بليغة وشعر فصيح، ثم اقرأ لهم هذه النصوص بفهم ومتعة وشخصية قوية، اقرأ لهم كي يستشعروا حبك لها وحماستك، ثم عد إلى كل نص من هذه النصوص وعلّق على مفرداتها التعليق الذي يكشف أسرار الألفاظ ودلالاتها المعجمية الدقيقة ". هذه كانت طريقة إسعاف في التعليم: اختيار النص والتعليق عليه ثم الطلب من التلاميذ حفظه، وعليه كانت القراءة وكان السماع وسيلتين من الوسائل الأساسية في تعليم النشء وتثقيفه، وهذه هي طريقة السلف الصالح في دروس العلم، إنها طريقة تقوم على دعامتين: الكتاب والأستاذ.

كان إسعاف يشترك في أكثر الحفلات التي تقام بفلسطين، خاصة تلك التي تقام لمناسبات وطنية وقومية أو أدبية واتسمت خطبه بالثورية والتحريضية التي تدعو الشعب للتحرك من أجل تحقيق الأهداف وحفظ الأوطان، كما كان واعظاً ومرشداً في المساجد. كتب إسعاف الكثير من الشعر والمقالات الأدبية نادباً ما أصاب الأمة العربية من ضعف وفرقة وتمزيق بين المستعمرين، ودعا الأمة العربية إلى وحدتها وجمع كلمتها، وإلى حمل السلاح لدفع العدوان وتحقيق الاستقلال لها، وإنقاذ فلسطين التي يخطط لها المستعمرون كي تصبح وطناً قومياً لليهود.

كان إسعاف شديد الغيرة على القرآن الكريم واللغة العربية والحضارة الإسلامية، ولعل حدة المزاج التي كان يتصف بها ناتجة مما كان يلمسه من انقباض الناس عن هذه الأركان وإقبالهم على نمط الحياة الغربية وتعلقهم بالدعوات الهدامة التي راح دعاة السوء من الغربيين وأتباعهم من المسلمين والعرب يروجونها في أسواق الشرق.

تبدو غيرته هذه في كل مصنفاته، ولاسيّما كلمته المطولة بعنوان "البطل الخالد صلاح الدين والشاعر الخالد أحمد شوقي". عاش إسعاف في زمن شهد صراعاً عنيفاً بين دعاة التجديد والمحافظين على دور القديم في اللغة والحياة، ولماّ كان إسعاف من مؤيدي القديم وكان يعي تقدم الغرب على الشرق في مضمار العلم، فقد دعا إلى الانتفاع بالجديد مع حماية للقديم ليقوم الجديد على قاعدة صلبة، كما دعا إلى التجديد في اللغة والأدب، لكن التجديد الذي يحفظ اللغة من كل ما يؤدي إلى فسادها واضمحلالها، التجديد الذي يطور وينمي ويزيد في صرح الحضارة من الجانب الأدبي واللغوي، لا التجديد الذي يقضي على اللغة العربية ويعتمد اللهجات العامية أو الذي يلغي القافية بدعوة حرية الشعر وتجديده.

وكان النشاشيبي يصر على اعتبار اللغة هي الأمة، والأمة هي اللغة وضعف الأولى ضعف الثانية، وهلاك الثانية هلاك الأولى، وما الأمة إلاّ لغتها وأدبها وخلقها، حسب ما جاء في مقالته "العربية المصرية". كان النشاشيبي عضواً نشيطاً من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق، انفرد بأسلوب من البيان، وبقدر متميز من الحماسة للغة العربية. توفي ـ ـ في القاهرة عام 1948م، وقد لحده في قبره بيده الحاج أمين الحسيني.

ولا نجد خيراً من قول صديقه أحمد حسن الزيات فيه غداة وفاته: "إن النشاشيبي كان خاتم طبقة من الأدباء واللغويين المحققين، لا يستطيع الزمن الحاضر بطبيعته وثقافته أن يجود بمثله، فمن حق المحافظين على التراث الكريم، والمعتزين بالماضي العظيم، أن يطيلوا البكاء على فقده وأن يرثوا لحال العروبة والعربية من بعده".


مؤلفاته

  • أمثال أبي تمام، شرحها ونشرها تباعا في مجلة النفائس،1912.
  • كلمة موجزة في سير العلم وسيرتنا معه ، القدس 1916.
  • مجموعة النشاشيبي ، القاهرة 1923.
  • قلب عربي وعقل أوروبي، القدس، 1924.
  • البستان، (أقوال عربية من شعر ونثر) مصر، 1924، و1927.
  • كلمة في اللغة العربية، القدس، 1925. ط2، الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين، بيروت، د.ت.
  • العربية وشاعرها الأكبر أحمد شوقي، 1928
  • اللغة العربية والاستاذ الريحاني، 1932
  • العربية في المدرسة، 1932
  • البطل الخالد صلاح الدين الأيوبي والشاعر الخالد أحمد شوقي، مطبعة بيت المقدس، القدس 1932. ط2، الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين، بيروت، د.ت.
  • الاسلام الصحيح، القدس، 1936.
  • مقام ابراهيم (عن الزعيم السوري ابراهيم هنانو) 1938.
  • نقل الأديب، بيروت، 1956.
  • التفاؤل والأثرية في كلام أبو العلاء المعري، مطبوعات المجمع العلمي العربي، دمشق
  • المجموعة الكاملة لمؤلفات إسعاف النشاشيبي»..تحرير د. كامل السوافيري.


آثاره المخطوطة

  • الأمة العربية
  • آمال النشاشيبي
  • حماسة النشاشيبي
  • جنة عدن
  • المبهج

حوله

  • اسحق الحسيني، أديب العربية: محمد اسعاف النشاشيبي دار الطفل العربي، القدس، 1987.
  • ياسر أبو عليان وآخرون، إسعاف النشاشيبي: عصره، حياته، أدبه وفكره، دار الطفل العربي، القدس، 1987
  • محمد جمعة الوحش، إسعاف النشاشيبي، منشورات وزارة الثقافة،عمان، 1988.
  • أحمد عمر شاهين، اسعاف النشاشيبي، دار المبتدا- بيروت 1992
  • ناصر الدين النشاشيبي، أديب العربية، اسعاف النشاشيبي، بأقلام أدباء العرب، بعد 50 عاماً على وفاته، دار الشروق، عمان.

المصادر

  • خير الله الشريف. "النشاشيبي (محمد إسعاف ـ)". الموسوعة العربية.

للاستزادة

  • إسحاق موسى الحسيني (مجلة المجمع العلمي العربي مج 23/294ـ 300).
  • عمر رضا كحالة، معجم المؤلفين، ج4 (مؤسسة الرسالة، بيروت 1993).