ثيودوسيوس الأول

ثيودوسيوس الأول Theodosius I
إمبراطور للإمبراطورية الرومانية
Theod1.jpg
عملة معدنية للإمبراطور ثيودوسيوس الأول
العهدأغسطس378 - 15 مايو 392 (emperor in the east, with Gratian and Valentinian II in the west);
15 May 392 - 17 January 395 (whole empire)
سبقهفالينز إمبراطور الإمبراطورية الرومانية الشرقية; فالنتيان الثاني إمبراطور الإمبراطورية الرومانية الغربية
تبعهArcadius in the east;
Honorius in the west
المدفن
الزوجات
الأنجالBy 1)Arcadius, Honorius and Pulcheria (?-385)
By 2) Galla Placidia
الاسم الكامل
فلافيوس ثيودوسيوس
الأسرة المالكةTheodosian
الأبTheodosius the Elder
الأمThermantia

ثيودوسيوس الأول أو الامبراطور ثيودوسيوس الكبير (347 - 395) [1] ، بالإنجليزية Theodosius I ، هو آخر إمبراطور للإمبراطورية الرومانية الموحدة حيث انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى شطرين بعد وفاتة.

عُين ثيودوسيوس الأول إمبراطورا للدولة الرومانية 378. تبنى الامبراطور ثيودوسيوس الاول المسيحية في عام 380، وجعل منها دينا وحيدا للامبراطورية في العام 391 [2].

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الإمبراطور ثيودوسيوس

كان ثيودوسيوس من أصل أسباني ، أظهر مواهبه الحربية ومهارته في القيادة أسبانيا ، و بريطانيا ، و تراقية. وكان قد أقنع القوط المنتصرين بالانضواء تحت لوائه بدل أن يحاربوه، وحكم الولايات الشرقية بحكمة وروية في كل شيء إلا في عدم تسامحه الديني ؛ فلما تولى الملك روع نصف العالم بما اجتمع فيه من صفات متناقضة هي جمال خلقه، ومهابته، وغضبه السريع ورحمته الأسرع، وتشريعاته الرحيمة، وتمسكه الصارم بمبادئ الدين القويم. [3] قسم ثيودوسيوس الأول (يطلق عليه ايضا اسم "العظيم") الامبراطوريه الرومانية لولديه آركاديوس إلى الامبراطوريه الرومانيه الشرقية (مع عاصمة بلاده في القسطنطينية) و هونوريوس في الامبراطوريه الغربية (مع عاصمة بلاده في ميلانو). [4]

Missorium of Theodosius I, flanked by Valentinian II and Arcadius, 388

مجمع القسطنطينية الأول

أنشأ المجمع المسكوني الثاني في القسطنطينية سنة 381، بناء على دعوة الامبراطور ثيودوسيوس الكبير [5]. وعلى الرغم من المشاكل الكثيرة والتعقيدات المتعدّدة التي حصلت بسببه, ومنها ان أبرشيات الغرب بما فيها روما لم تُدعَ إلى المشاركة فيه, اعتبره القديس جريجوريوس واحداً من أربعة مجامع يحترمها ويجلّها كما يحترم ويجلّ الأناجيل الأربعة المقدسة. رئس المجمع أولاً أسقف انطاكية ملاتيوس الذي توفّي أثناء إنشائه , فأُسندت رئاسته إلى القدّيس جريجوريوس اللاهوتي، وكانت قد أُقيمت عليه دعوى لخرقه القوانين التي تمنع انتقال الأساقفة لانتقاله من ابرشيته إلى كرسي القسطنطينية, فاستعفى، وترأس مكانه خلفه في أسقفية القسطنطينية نكتاريوس.

خريطة لتقسيمات الإمبراطورية الرومانية سنة 395 تحت حكم الإمبراطور ثيودوسيوس الأول

توقف الألعاب الأولمبية

أصدر الإمبراطورالروماني ثيودوسيوس الأول في العام 393 ميلادية قرارا ديكتاتوريا ثوريا قضى بإلغاء الألعاب الأولمبية باعتبارها مهرجانات وثنية لا تليق بالإمبراطورية الرومانية التي قد نبذت الوثنية واعتنقت المسيحية. وبعد 1500 عام رقدت أولمبيا تحت آلاف من الأطنان من التراب والركام وطين فيضانات نهري ((آلفيوس وكلاوديوس)) ونهبت خلالها القبائل الهمجية كل كنوز أولمبيا ودمرتها الزلازل.

Theodosius offers a laurel wreath to the victor, on the marble base of the Obelisk of Thutmosis III at the Hippodrome of Constantinople

تحريمه الوثنية وهدمه المعابد

اكتسبت المسيحية قوة كبيرة رغم كل تلك النزاعات و ذلك في مواجهة المعتقدات وخاصة في عهد الإمبراطورثيودوسيوس الكبير (378-395 م) الذي أصدر مرسوماً ببطلان العبادات الوثنية و القرابين و إحراق البخور و ممارسة الكهانة و معرفة الغيب و أمر بهدم هياكل الأصنام.

On the reverse of this coin minted under Valentinian II, the co-ruler of Theodosius in 379-392, both Valentinian and Theodosius are depicted with halos.

قد مر أن توادوسيوس هو ابن الكنت توادوسيوس الذي قتله غراسيان سنة 376 ثم سمى ابنه توادوسيوس هذا ملكاً في المشرق سنة 378 وقد رأيت أنه قهر بعد ملكه الغطط وأباحهم أن يتوطونوا في تراقيا 386 بشرط أن يخدموا المملكة وأنه انتصر لوالنتنيان الثاني وقتل مكسيموس خصمه وسترى أنه بعد مقتل والنتنيان سنة 393 حارب اربوكست قاتل هذا الملك واوجان الذي نصبه ملكاً واستظهر عليهما واستبد في الملك غرباً وشرقاً وكان توادوسيوس كاثوليكياً يدافع عن الإيمان الكاثوليكي وقد عنى بعقد مجمع في القسطنطينية سنة 381 انتخب فيه القديس غريغوريوس النزينزي على الكرسي القسطنطيني وحرم بدعة مكدونيوس وناصب الارسوسيين وقد أمر توادوسيوس بنقض هياكل الوثنيين وأبطل جعل كهنتهم ومنع عبادة أصنامهم حتى قلّ من بقي منهم في غير القرى والمزارع المسماة باللاتينية باجي (وعنها أخذ إسم Pagani وبالأفرنسية païens المراد به الوثنيين).

أما نقض الهياكل الوثنية فقد حمل توادوسيوس عليه هياج أحدثه الوثنيون في الإسكندرية لرؤيتهم تغلب الدين المسيحي على الوثنية فثاروا على المسيحيين وقتلوا كثيرين منهم فكانوا يقبضون على بعض النصارى ويكلفونهم أن يضحوا للآلهة ومن خالفهم علقوه على صليب وحطموا ساقيه أو أجروا عليه عذاباً آخر والكنيسة تعيد لكثير من هؤلاء الذين آثروا الموت على الجحود وعرض الأمر على توادوسيوس فأثنى في جوابه أعظم ثناء على المسيحيين الذين فازوا بإكليل الشهادة في هذه الأحداث وقال أنه لا يريد أن يمزج دم القاتلين بدم الشهداء بل يعفو عنهم رجاء أن يفقهوا أن الدين الذي يضطهدون أهله كان علة بقائهم أحياء لكنه يأمر بنقض هياكل الإسكندرية التي كانت منبعاً للفساد والمكايد وعهد إلى تاوافيلوس بطريرك الإسكندرية بتنفيذ هذا الأمر وأمر الوالي أن يمكن الأسقف من ذلك وأن يُدفع إلى الكنائس كل ما كان في هياكل الأصنام من الزينات والتماثيل لتباع وينفق ثمنها على سد فاقة الفقراء فابتدأ تاوافيلوس في نقض هيكل سرابيس وكان أجل معبود في الإسكندرية وحطم تمثال هذا الإله الذي كان في هيكله وأحرقه ولم يدع تاوافيلوس هيكلاً في الإسكندرية إلا ودمره ولا تمثال إلا وكسره أو أحرقه وأتبع بذلك هيكل كانوب وهي أبوقير وغيره من الهياكل في مصر وكتب إلى سائر أساقفة مصر فاقتدوا بغيرته وسقطت الوثنية في مصر مع هياكلها وأصنامها وأقبل كثيرون من الوثنيين إلى الإيمان في تلك الأثناء.

وأما في سورية فأبى أهل كثير من المدن الطاعة لأمر الملك منهم أهل غزة فإنهم عزموا أن يضحوا بنفوسهم فداء معبودهم مرناس فاجتزئ الوالي بأن يقفل معابدهم وأهل رافيا في فلسطين آلوا أن لا يطيعوا أمر الملك ولو قتلهم عن آخرهم فاغضى الوالي طرفه عنهم.

وأما في دمشق فحول هيكل الأوثان إلى كنيسة وكذلك هيكل الشمس الشهير في بعلبك إلى كنيسة بعد أن ذبّ عنه الوثنيون بالقنا والقواضب. ولما سمع أهل اباميا بأمر توادوسيوس هاجوا وماجوا واستدعوا رجالاً وثنيين من الجليل وصمموا على المدافعة عن هياكلهم على أنهم لما رأوا حاكم المشرق في مدينتهم يصحبه قضاة وجنود عدلوا عن المقاومة فدمرت هياكلهم إلا هيكل المشترى فإن بناءه كان متيناً وحجارته ضخمة مرتبط بعضها ببعض بحديد ورصاص فحاول الحاكم نقضه وكان تعب جنوده عبثاً فأشار عليه القديس مرسل أسقف المدينة أن ينتقل إلى نقض غيره من الهياكل وأخذ هذا القديس يصلي إلى الله ليهديه إلى وسيلة لنقض هذا البناء وكان الهيكل على رابية تحدث به من الجهات الأربع أروقة قائمة على أعمدة محيط كل منها ست عشرة ذراعاً وصخرها صلد قلما تؤثر الآلات به فوفد على القديس رجل لا يعرف صناعة البناء قائلاً أنه يتكفل بهدم الهيكل بنفقةٍ يسيرة وأخذ الرجل يحفر في جانب ثلاثة أعمدة فوجد أنها قائمة في أسسها على قطع من خشب الزيتون فأضرم النار عليه فاحترقت ولما لم يبق للأعمدة الثلاثة أس ترسخ عليه تداعت وسقطت وجذبت معها باقي الأعمدة وأتبعها باقي البناء فمجد المؤمنون الله وكان في إحدى نواحي اباميا هيكل كبير يسمى اولون فمضى إليه الأسقف مع الجنود والشرط لأن الوثنيين كانوا تألبوا للمدافعة عنه واستمر مرسل الأسقف بعيداً عن ساحة القتال فاستحوذ الجنود على الهيكل وخرج بعض الوثنيين ولما وجدوا الأسقف وحده وثبوا عليه وألقوه في نار لقي ربه بلظاها وعزم أبناؤه أن يثأروا به بقتل قاتليه فعقد الأساقفة مجمعاً إقليمياً نهاهم عن ذلك والكنيسة اللاتينية تعيد للقديس مرسل أسقف اباميا في 14 من شهر آب (روى ذلك توادوريطوس ك5 فصل 21 وسوزومانوس ك7 فصل 15).

وكان توادوسيوس يقيم في تسالونيك ولدى تفحصه عن حالة الدين في مملكته اتضح له أن جميع مسوديه في المغرب إلى مكدونية مجمعون على الإيمان الصحيح بسر الثالوث الأقدس وأما سكان المشرق فمنقسمون إلى بدع عديدة ولاسيما في القسطنطينية فأصدر في 28 فبراير سنة 380 شريعة مفتتحة بكلمة conctos populos (أي جميع الشعوب) وهاك نصها:

" من غراسيان ووالنتنيان وتوادوسيوس الملوك إلى شعب مدينة القسطنطينية إننا نرغب في أن جميع الشعوب الخاضعين لولايتنا يتشبثون بالإيمان الذي أرشد القديس بطرس الرسول الرومانيين إليه كما يظهر من أن هذا الإيمان حفظ في رومة إلى الآن ويلزم أن نتابع عليه داماسوس الحبر الروماني وبطرس أسقف الإسكندرية المتصف بالقداسة الرسولية فإننا نعتقد بحسب إرشاد الرسل وتعليم الإنجيل أن للأب والإبن والروح القدس لاهوتاً واحداً وعزة متساوية في ثالوث مقدس ونأمر أن من يذعنون لهذه السنة يسمون مسيحيين وغيرهم ممن نعتقدهم حمقى يسمون أراتقة وأن مجتمعاتهم لا تسمى كنائس وندع عقابهم إلى إنتقام الله أولاً ثم إلى ما يلهمنا الله إليه" وقد وجه هذه الشريعة إلى القسطنطينية عاصمة الملك ليتيسر إذاعتها في باقي أعمال المملكة وذكر بطريرك الإسكندرية دون غيره من البطاركة لأن كرسيه أقامه مرقس تلميذ بطرس ولم يذكر بطريرك أنطاكية لأن هذا الكرسي كان حينئذٍ يتنازعه ملاتيوس وبولينوس وفي تلك السنة نفسها أصدر شريعة حظر بها على القضاة أن يتعقبوا المجرمين في أيام الصوم لأنها أيام طلب المغفرة من الله كما يقول في شريعته وأوقف ملاحقة الدعاوى في سبتي الفصح وأيام الآحاد في السنة كلها ومنع في هذه الأيام فتح المشاهد والملاعب والحضور فيها إلى غير ذلك من شرائعه المحكمة والمؤذنة برسوخه في الدين.

القوط الغربيين

عقد صلح مع القوط الغربيين ممثلين في قائدهم فريتيجيرن عام 379 م. بقي الطرفان متصالحين حتى موت ثيودوسيوس عام 395 م. في ذلك العام عين القوط الغربيون ألاريك الأول كملك لهم بينما تولى أبناء ثيودوسيوس حكم الإمبراطورية فتولى آركاديوس حكم المناطق الشرقية فيها وهونوريوس الغربية منها.

Saint Ambrose and Emperor Theodosius, Anthony van Dyck.

إضطرابات في البلاد

وبينما كان الإمبراطور يقضي الشتاء في ميلان حدث في تسالونيكي سالونيكا اضطراب كان من خصائص تلك الأيام. وكان سببه أن بُثريك Botheric نائب الإمبراطور في ذلك البلد قد سجن سائق عربة محبوب من أهل المدينة جزاء له على جريمة خلقية فاضحة ، فطلب الأهلون إطلاق سراحه ، وأبى بثريك أن يجيبهم إلى طلبهم ، وهجم الغوغاء على الحامية وتغلبوا عليها ، وقتلوا الحاكم وأعوانه ومزقوا أجسامهم إرباً ، وطافوا بشوارع المدينة متظاهرين يحملون أشلاءهم دلالة على ما أحرزوه من نصر. ولما وصلت أنباء هذه الفتنة إلى مسامع ثيودوسيوس فاستشاط غضباً وبعث بأوامر سرية تقضي بأن يحل العقاب بجميع سكان تسالونيكي. فدعى أهل المدينة إلى ميدان السباق لمشاهدة الألعاب ، ولما حضروا انقض عليهم الجند المترصدون لهم وقتلوا منهم سبعة آلاف من الرجال و النساء و الأطفال. وكان ثيودوسيوس قد بعث بأمر ثان يخفف به أمره الأول ولكنه وصل بعد فوات الفرصة. وارتاع العالم الروماني لهذا الانتقام الوحشي وكتب الأسقف أمبروز Ambrose الذي كان يجلس على كرسي ميلان ويصرف منه على شؤون الأبرشية الدينية بالجرأة والصلابة الخليقتين بالمسيحية الحقة ، كتب إلى الإمبراطور يقول إنه (أي الأسقف) لا يستطيع بعد ذلك الوقت أن يقيم القداس في حضرة الإمبراطور إلا إذا كفر ثيودوسيوس عن جرمه هذا أمام الشعب كله. وأبى الإمبراطور أن يحط من كرامة منصبه بهذا الإذلال العلني وإن كان في خبيئة نفسه قد ندم على ما فعل ، وحاول أن يدخل الكنيسة ، ولكن أمبروز نفسه سد عليه الطريق ، ولم يجد الإمبراطور بداً من الخضوع بعد أن قضى عدة أسابيع يحاول فيها عبثاً أن يتخلص من هذا المأزق ، فجرد نفسه من جميع شعائر الإمبراطورية ، ودخل الكنيسة دخول التائب الذليل، وتوسل إلى الله أن يغفر له خطاياه. وكان هذا الحادث نصراً وهزيمة تاريخيين في الحرب القائمة بين الكنيسة والدولة.

ولما عاد ثيودوسيوس إلى القسطنطينية تبين أن فالنتنيان الثاني ؛ وهو شاب في العشرين من عمره ، عاجز عن حل المشاكل التي تحيط به. فقد خدعه أعوانه وجمعوا السلطة كلها في أيديهم المرتشية، واغتصب أربوجاست Arbogast الفرنجي الوثني قائد جيشه المرابط السلطة الإمبراطورية في غالة ، ولما قدم فلنتنيان إلى فين ليؤكد فيها سيادته قتل غيلة. ورفع أربوجاست على عرش الغرب تلميذاً وديعاً سلس القياد يدعى إيوجينيوس Eugenius وبدأ بعمله هذا سلسلة من البرابرة صانعي الملك. وكان أوجينوس مسيحياً: ولكنه كان وثيق الصلة بالأحزاب الوثنية في إيطاليا إلى حد جعل أمبروز يخشى أن يصبح يولياناً ثانياً.

وزحف ثيودوسيوس مرة أخرى نحو الغرب ليعيد إلى تلك الأنحاء السلطة الشرعية ويردها إلى الدين القويم. وكان تحت لوائه جيش من الهون و القوط ، والألاني، وأهل القوقاز ، و أيبيريا ، وكان من بين قواده جيناس Gainas القوطي الذي استولى فيما بعد على القسطنطينية ، واستلكو الوندالي الذي دافع في المستقبل عن روما ، وألريك القوطي الذي نهبها. ودارت بالقرب من أكويليا معركة دامت يومين ، هزم فيها أربوجاست وأوجينوس ؛ فأما أوجينوس فقد ذبح بعد أن أسلمه جنوده، وأما أربوجاست فقد قتل نفسه بيده. واستدعى ثيودوسيوس ابنه هونوريوس Honorius وهو غلام في الحادية عشرة من عمره ليقيمه إمبراطور على الغرب ، ورشح ابنه أركاديوس Arcadius البالغ من العمر ثماني عشر سنة ليكون إمبراطور معه على الشرق ثم مات بعدئذ في ميلان منهوكاً من كثرة الحروب ولم يتجاوز الخمسين من عمره. وانقسمت بعد موته الإمبراطورية التي طالما وحدها ، ولم يجتمع شملها مرة أخرى بعد ذلك الوقت إلا في فترة قصيرة تحت حكم جستنيان.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ثورة أنطاكية على ثيودوسيوس

في سنة 387 أراد ثيودوسيوس الاحتفال بمضي 4 سنوات على تمليك ابنه أركاديوس معه وعشر سنوات على حكمه، ففرض ضرائب جديدة هاجت بسببها أنطاكية.

آخر سنينه

قد مر أن اربوكست اغتال الملك والنتنيان سنة 393 وخشى أن يرتقي إلى منصة الملك وهو من البرابرة أي غير روماني فاختار اوجان الذي كان كاتب سر الملك وكان مشتهراً بفصاحته فأوفده إلى الملك توادوسيوس يكاشفه برضاه عنه ويعرض عليه الإتفاق إذا أحب أن يشاركه في الملك فأمسك توادوسيوس وفود اوجان أياما عنده ثم صرفهم بعد أن أتحفهم بتقادم وأسمعهم كلمات طيبة وأخذ يستعد للحرب إذ رأى أن شرفه وأمنيته يقضيان عليه أن لا يسالم خونة بل أن يثأر منهم بدم والنتنيان نسيبه ومن جملة معداته لهذه الحرب التجاءه إلى الله بالصلوات وطلبه إلى المؤمنين الأتقياء أن يصلوا من أجله ولدى عوده إلى المشرق جدد إهتمامه برد الكنائس على الكاثوليكيين وضاعف جوده بالنفقات على بناء كنائس وأديار جديدة وعلى تزيينها وروى البطريرك اسطفانوس الدويهي في تاريخه أن الملك توادوسيوس هذا هو الذي بنى دير قنوبين كرسي بطريركية الموارنة وجعل له الرئاسة على أديرة لبنان كلها ومما سنه في سنة 392 شريعة حكم بها بالنفي على من يلقي الشغب ممارياً في الإيمان الكاثوليكي وشريعة نهى بها الوثنيين أين كانوا عن تقدمة الذبائح والبخور والخمر للأصنام وكان اوجان يستعد للحرب أيضاً وفي سنة 394 زايل توادوسيوس قسطنطينية عاهداً بتدبير مهام المملكة في المشرق إلى ابنيه اركاديوس وانوريوس الذي كان قد سماه اغوسطس في 10 ك2 سنة 393 وبلغ إيطاليا وجاوز جبال الألب وقتل فلافيان قائد جيش اوجان الذي كان يخفرها وكانت له وقيعة مع اوجان في سهول اكويلايا دامت النهار بطوله. وكانت الحرب سجالاً وظن اوجان أنه قهر توادوسيوس وإن الحرب انقضت فأخذ يوزع الجوائز على قادته وجنوده وأما توادوسيسو فقضى ليله متهجداً في معبد في معسكره وفي الغداة زحف بجيشه إلى العدو ولما التحم القتال ترجل عن جواده وانتضى بثأره ووثب على الأعداء فارتاع جنوده للخطر الذي عرض نفسه له وأسرعوا إلى إتباعه ولم يبلغ إلا مرمى السهم إلا أدلهم الظلام في الجو وسمع دوي قاصف وثارت ريح زعازع في وجه جيش اوجان انتزعت الجنود عن رؤوسهم والسلاح من أيديهم وأكسبت جنود توادوسيوس قوة فذعر الأعداء وتشتتوا وقد حسب مؤرخو ذلك العصر حتى الوثنيون منهم هذا الحدث آية سماوية وتهافت بعض جنود اوجان فغرقوا في نهر كان هناك وفرّ بعضهم ومن بقي منهم رمى سلاحه واستسلم إلى توادوسيوس فلاطفهم وأمرهم أن يأتوه باوجان فتسارعوا إلى القمة التي كان عليها. وظن أنهم أتوه ببشرى الإنتصار فأوثقوه وأشخصوه إلى توادوسيوس فوبخه على اغتياله والنتنيان وتسببه بهذه الشرور وقضى عليه بالموت فأسله أحد جنوده وعاد سائر جنوده إلى تهنئة توادوسيوس بظفره واستبدّ له الملك شرقاً وغرباً وأما اروكست فانهزم مذعوراً ودرى أن الجنود يجدون في لحاقه من كل صوب فانتحر وعفا توادوسيوس عن أولاد اوجان واروكست وغيرهم من المجرمين.[6]

قد أنهكت هذه المتاعب المتصلة توادوسيوس وشعر بدنو منيته لفالج أصابه. ولم يكن قد بلغ الخمسين من عمره فدعا ابنه انوريوس من قسطنطينية وأقامه ملكاً في المغرب وجعل ابنه اركاديوس ملكاً في المشرق ونصب روفينوس معاوناً له في تدبير مملكته ولم تكن وصيته إلا بينة أخيرة على تقواه وورعه ومحبته لمسوديه. فقد حرض ابنيه على اتقاء الله والغيرة على حفظ نواميسه. ووقف أوقافاً على بعض الكنائس وعفا عفواً تاماً عن كل من حاربوه أو أساءوا إليه وأمر ابنيه بالحط من مال الخراج وفرض نظاماً لذلك وبعد أن فرغ من هذه الوصايا التي أكسبته شرفاً أعظم من انتصاراته شعر براحة فشهد صباحاً بعض ملاعب الفرسان ولكن عاودته نوبة من مرضه بعد غذائه فلقي ربه في الليل التابع في 16 يناير سنة 395 بعد أن ملك ست عشرة سنة إلا يومين وقد ابنه القديس امبروسيوس معدداً فضائله السامية ومناقبه الغراء.


انظر أيضا

وصلات خارجية

مصادر

  1. ^ K128
  2. ^ tebayn
  3. ^ قصة الحضارة
  4. ^ ويكيبديا
  5. ^ serafemsarof
  6. ^ السمعاني. "عد 569". تاريخ سوريا الديني.