أوسنيوس

هذا المقال عن الشاعر أوسنيوس. للبحث عن جون أوسنيوس, القاتل السويدي, انظر جون أوسنيوس.
تمثال لأوسنيوس على مدخل المدرسة الپلاتينية، ميلانو من نحت جيوڤان پييترو لازانيا.
دسيميوس مگنس اوسـُنيوس

دسيميوس مگنوس أوسـُنيوس Decimius Magnus Ausonius (ح.310 - 395) هو شاعر وبليغ لاتيني , ولد في بورديگالا (بوردو).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النشأة

كانت غالة في القرنين الرابع و الخامس أكثر الولايات الغربية في الإمبراطورية الرومانية رخاء من الناحية المادية وأعظمها رقياً من الناحية العقلية. فقد كانت ترتبها خصبة كريمة، وصناعتها اليدوية متقدمة، وأنهارها وبحارها تعج بالمتاجر وكان نربونه وأرْليز، وبردو، وطولوز (طلوشة)، وليون، ومرسيليا ، وبواتيه ، وتريبه جامعات مزدهرة تنفق عليها الدولة، وكان المدرسين، والخطباء، والشعراء، والحكماء منزلة لا ينالها في العادة إلا رجال السياسة والملاكون. وفي أيام أوسنيوس وسيدنيوس عقد لغالة الزعامة الأدبية في أوروبا كلها.

وكان دسيميوس أوسنيوس Decimus Magnus Ausonius شاعر العصر الفضي في غالة ، وفيه تتمثل روح هذا العصر. وقد ولد في بوردو حوالي عام 310 ، وكان والده كبير أطبائها، وفيها تلقى علومه ، وقد حدث العالم فيما بعد في شعر كريم سداسي الأوتاد عن فضائل معلميه ، ذكر فيه بسماتهم وأغفل ضرباتهم.

وسارت حياته بعدئذ سيراً هادئاً مطمئناً حتى عين أستاذاً في بردو وظل يعلم "النحو" (وكان يقصد به وقتئذ الأدب) و "البلاغة" (أي الخطابة والفلسفة) نحو ثلاثين عاماً، وكان مربياً للإمبراطور گراتيان قبل أن يتولى عرش الإمبراطورية.

وإن فيما كتبه عن والديه وأعمامه وأخواله، وزوجته، وأبنائه وتلاميذه ما يوحي بأن حياته في البيت وفي خارجه كانت شبيهة بحياة المدن الجامعية في الولايات المتحدة الأمريكية في القرن التاسع عشر. وهو يصف بعبارات جذابة البيت والحقول التي ورثها عن أبيه، ويحدثنا عن المكان الذي يرجو أن يقضي فيها أخريات أيامه، ويقول لزوجته في سني زواجهما الأولى. "فلنعش على الدوام كما نعيش الآن، ولنحتفظ بالاسمين اللذين سمى بهما كلانا الآخر في بداية حبنا... ويجب أن يبقى كلانا في سن الشباب، وستكونين على الدوام جميلة في عيني، وعلينا ألا نحسب حساباً لمر السنين". على أنهما سرعان ما فقدا أول طفل رزقه منها، وقد كتب يحي ذكراه بعبارات تفيض بالحب فقال: "لن أتركك دون أن أبكيك يا بكر أبنائي وباسمي. لقد اختطفك الموت منا في الوقت الذي كنت تحاول فيه أن تبدل لغطك إلى أولى كلمات الطفولة... إنك الآن ترقد على صدر والد جدك الذي تشاركه قبره". وماتت زوجته ولم يمض على زواجهما الموفق إلا زمن قليل، وتركت له ابناً وبنتاً؛ وقد بلغ من حبه ووفائه لها أنه لم يتزوج قط بعد؛ ووصف في شيخوخته ألمه لفقدها ولوعته التي لم يخففها مر السنين، كما وصف السكون المحزن المخيم على بينهما الذي طالما عرف عناية يديه وأحس بنغم وقع قدميها.


الشعر

وكان الناس في أيامه يحيون قصائده لما فيها من عواطف رقيقة، وصور ريفية جميلة، ولغتها اللاتينية الخالصة، ولشعرها الذي لا يكاد يقل في رقته عن شعر ڤرجيل.

وكان پـَولينوس الذي أصبح فيما بعد من القديسين، يشبه نثره بنثر شيشرون، وكان سيماخوس يقول إنه لا يستطيع أن يجد في شعر ڤرجيل شيئاً أجمل من قصيدة موزلا Mosella التي وصف فيها أوسنيوس نهر موزل. وكان الشاعر قد أولع بذلك النهر حين كان مع گراتيان في ترييه. ويقول في وصفه إنه يجري وسط جنة حقه من الكروم، والبساتين والقصور الصغيرة ذات الحدائق، والمزارع الفاخرة الغنية، ونكاد نحس في وقت ما بخضرة شواطئه، وموسيقى جريانه. ثم لا يلبث أن يتدلى من هذا المستوى الرفيع فيصف في عبارات تتكرر مراراً ما في مجرى النهر من سمك لطيف. وتذكرنا هذه الرغبة الجامحة في ذكر الأقارب والمدرسين، والتلاميذ، والسمك بكتابات ويتمان Whitman ولكنها ينقصها شعور ويتمان الفياض وفلسفته القوية اللذين يخففان من سآمتها.

وسبب ذلك النقض أن أوسنيوس بعد أن ظل ثلاثين عاماً يعلم النحو كان يصعب عليه أن يضمن عباراته شيئاً غير العاطفة الأدبية. فقصائده مسبحة صداقة، وأوراد مدح، ولكن الذين لم يعرفوا منا أمثال أولئك الأعمام والأخوال الذين نفتتن بحبهم، أولئك الأساتذة الذين يُغرونا بتمجيدهم قلما يتأثرون بهذا المديح.

الحياة السياسية

ولما توفي ڤالنتيان الأول (375)، وجلس جراتيان على عرش الإمبراطورية استدعى إليه معلمه القديم ، وأفاض عليه وعلى من معه كثيراً من المنح السياسية. فعين أوسنيوس حاكماً على إليركم Illyricum وإيطاليا، وأفريقية وغالة، واحدة بعد واحدة في فترة قصيرة، ثم عين آخر الأمر قنصلاً وهو في سن التاسعة والستين، وبفضل مشورته أصدر جراتيان مراسيم تفرض إعانات من الدولة لشؤون التعليم، وللشعراء، والأطباء، ولحماية روائع الفن القديم. وبفضل نفوذه أيضاً عين سيمكس حاكماً على روما، وبولينس والياً على إحدى الولايات وحزن أوسنيوس حين اعتزل بولينس شؤون الدنيا وانقطع للدين، لأن الإمبراطورية المهددة من جميع نواحيها كانت في حاجة إلى أمثاله. نعم إن أوسنيوس نفسه كان أيضاً مسيحياً، ولكن لم يكن جاداً كل الجد في مسيحيته، فقد كانت ميوله، وموضوعات شعره، وأوزانه، وما فيه من أساطير كلها وثنية وسارة مطربة.

المنشار المائي

مخطط المنشار الروماني في هيراپوليس المدفوع مائياً، في آسيا الصغرى. المنشار من القرن الثالث هو أقدم ماكينة معروفة تتضمن آلية مرفق وذراع توصيل.[1]

كما تميزت كتاباته بالذكر، العابر، لكيفية عمل طاحونة مائية لنشر الرخام على أحد روافد نهر موزل:


....ويشتهر كلبيس بأسماكه العظيمة، وبذلك الصليل الذي لا ينقطع، من دوران قرصي الرحى في دورات غاضبة تقود المناشير الصارخة التي تقطع كتلاً ناعمة من الرخام، الذي يـُسمع من ضفتيه ...

اعادة بناء حديثة طاحونة سوتر.


النهاية

ولما بلغ الشاعر سن السبعين عاد إلى بوردو حيث عاش عشرين سنة أخرى. وكان وقتئذ حياً، في وسعه أن يوفق في قصائد البنوة التي نظمها في شبابه وبين حب الأجداد لأحفادهم حين يبلغ هؤلاء الأجداد الشيخوخة. انظر إليه وهو يقول لحفيده:

«"لا تخف، وإن كان صدى الضربات الكثيرة يتردد في المدرسة، وإن تجهم وجه المدرس، ولا ترتعد فرقاً إذا سمعت في أثناء ساعات الصباح صراخاً أو طرق أذنيك صوت العصا، فإذا كان المدرس يتخذ العصا صولجاناً يهزه بيده، وإذا رأيت لديه مجموعة كاملة من العصي... فليس هذا أو ذاك إلا مظهراً خارجياً يبعث به الخوف الكاذب في النفوس. لقد مر أبوك وأمك بهذا كله في أيامهما، ثم عاشا بعدهما ليخففا عني في شيخوختي الهادئة الصافية عبء السنين."»

وما أسعد حظ أوسنيوس إذ عاش ومات قبل أن يجتاح البلاد تيار البرابرة الجارف.

أعماله

كرم النبيذ على عناقيده

الأدب

  • John R. Martindale: Decimius Magnus Ausonius. In: The Prosopography of the Later Roman Empire. Vol I, Cambridge 1971, S. 140f.
  • Altay Coskun: Die gens Ausoniana an der Macht. Untersuchungen zu Decimius Magnus Ausonius und seiner Familie. Prosopographica et Genealogica 8. Oxford 2002, ISBN 1-900934-07-8.

انظر أيضا

وصلات خارجية

Wikiquote-logo.svg اقرأ اقتباسات ذات علاقة بأوسنيوس، في معرفة الاقتباس.

المصادر

  • ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
مناصب سياسية
سبقه
ڤالنز،
ڤالنتنيان الثاني
قنصل الامبراطورية الرومانية
379
مع كوينتوس كلوديوس هرموگنيانوس اُليبريوس
تبعه
گراتيان،
ثيودوسيوس الأول