علم الصوتيات

(تم التحويل من Phonology)

علم النظم الصوتية أو علم الصوتيات الوظيفي أو (كما هو شائع في المغرب العربي الصواتة) Phonology، هو النظام الصوتي للغة. يعتبر علم الصوتيات أحد مستويات اللغة الأساسية، فهو مكمل للنظام الصرفي المورفولوجيا morphology ونظام تركيب الجملة السنتاكس syntax والخطاب discourse. ويشمل ويغطي كل هذه المستويات مستوى واحد مشترك هو المعنى أو الدلالة semantics.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النمط الصوتي

يهتم علم الصوتيات بالبحث في وظيفة الصوت اللغوي كما يعنى بوضع الأسس العامة التي تحكم هذه الأصوات في لغة من اللغات، فالفونولوجيا العربية لها أسسها العامة التي تميزها عن الفونولوجيا الإنجليزية أو الفرنسية أو غير ذلك، فلكل لغة نمط صوتي خاص يتمثل في:

  • مجموعة الأصوات التي تكون هذه اللغة
  • التراكيب المسموح بها لهذه الأصوات في الكلمات
  • عمليات حذف وإضافة وتغيير الأصوات".

فعلم الصوتيات – كما أسلفنا- علم يختص بدراسة النظم والأنماط الصوتية التي تميز كل لغة عن غيرها "والنظام الصوتي هو جميع الأصوات اللغوية المتمايزة عن بعضها البعض في لغة ما"( ). "ولكل لغة أنماطها الصوتية الخاصة بها إضافة لاشتراكها مع لغات أخرى في أنماط موحدة. فالكلمات في اللغة العربية، على سبيل المثال لا تبدأ بصامتين. بينما نجد في اللغة الإنجليزية كلمات تبدأ بصامتين بل وثلاثة صوامت مثل: "يطير" "”fly” و"شارع" “street” فالمقطع في اللغة العربية لابد أن يبدأ دائمًا بصامت واحد يليه صائت، والكلمة تبدأ بمقطع. أما في الإنجليزية فإن المقطع يمكن أن يبدأ بثلاثة صوامت، أو صامتين، أو صامت واحد، أو بلا صامت"( ).

أما الصوتيات أو الفوناتيكا phonetics فهو العلم الذي يدرس الأصوات اللغوية وصفا وتصنيفا بمعزل عن وظيفتها الفونولوجية. أي أن الفوناتيكا تدرس الجانب الطبيعي أو الفيزيائي البحت للأصوات اللغوية، و هذا يعني أنها تهتم بدراسة آلية إنشاء الأصوات التي تستعمل للكلام من طرف النظام الصوتي، و معرفة الأعضاء التي تسمح بالنطق، و تشكل الأمواج الصوتية و الأثر السمعي الذي تحدثه على المستمع. بينما تدرس الفونولوجيا وظيفة تلك الأصوات في اللغة والقواعد التي تضبطها لكي تعطي تركيبات ذات معنى.

كما يستخدم لفظ الصوتيات acoustics للدلالة على علم الصوت عموماً، إلا أنه شاع استخدامه للدلالة على فرع علمي خاص يعالج الصوتيات المعمارية architectural acoustics الذي يُعنى ببناء المساحات المغلقة، بحيث تحسِّن من سماع الكلام وفهمه، أو الاستمتاع بالموسيقى.


التاريخ

لم تُدرس صوتيات البناء حتى وقت قريب. ولقد تقدم المعماري الروماني ماركُس بوليو Marcus Pollio، الذي عاش في القرن الأول قبل الميلاد، ببعض الملاحظات ذات الصلة بالموضوع والمرتبطة بالمساحات التي تخلو من الأعمدة، حيث أشار إلى ظاهرة تردد الصوت أو ارتجاعه reverberation إضافة إلى تداخله interference. إلا أن الدراسة العلمية لهذه الأمور تمت على يد الفيزيائي الأمريكي جوزيف هنري Joseph Henry عام 1856، وتبعه الفيزيائي الأمريكي والاس سابين Wallace Sabine عام 1900 الذي تعمق في هذه الدراسة.

على التصميم المعماري أن يأخذ في الحسبان الخصائص الفيزيولوجية لحاسة السمع إضافة إلى أمور نفسية، فالأصوات غير المألوفة تبدو غير طبيعية، والأصوات الصادرة في غرفة عادية ينتابها تعديل نتيجة ارتدادها وانعكاسها على الجدران وعلى أثاث الغرفة، ولذا يُعمد إلى جعل (ستوديو) البث الإذاعي متميزاً بدرجة محددة من الارتدادية لضمان استعادته طبيعياً. ولتحقيق مواصفات صوتية ملائمة يُلجأ إلى تصميم الغرف بحيث تؤمن انعكاسات محدودة للصوت، وبحيث تنعدم الارتدادات المفرطة عند أي من التواترات الصوتية، إضافة إلى أصداء بعض هذه التواترات والتداخلات الصوتية والتشوُّهات.


نشأت بداية الصواتة أو علم التصريف الصوني في العالم العربي عندما فكر الخليل بن أحمد في جمع اللغة عن طريق الحصر والاستيعاب لا عن طريق الجمع أو التصنيف، فاتجه نحو الترتيب الألفبائي، وساعده على ذلك وعيه بالأسس الصرفية وخصائص ائتلاف وجمع الأصوات جنبا إلى جنب في اللغة العربية، وساعده على ذلك عقليته الرياضية، فقدم معجمه عن طريق الصور المختلفة لتقاليب الأصوات، أو نظرية التوافيق والتباديل -إن صح التعبير- فجاء معجمه غاية في الإتقان وقمة في الإحكام.


والأسس الصوتية التي يحفل بها كتاب العين على وجه العموم ومقدمته على وجه الخصوص يمكن أن ندرجها تحت فرعين أساسيين من فروع علم الأصوات الحديث، الفرع الأول هو ما أطلق عليه الصوتيات والفرع الآخر هو الصواتة أو الفونولوجيا، وكلا العلمين يبحثان في الصوت اللغوي، أو بعبارة أخرى يبحث كل منهما في جانب من جوانب هذا الصوت اللغوي، ويعتمد كل منهما على أسس وأساليب خاصة للبحث.

وشاع المصطلح الأول حتى أصبح علما على الدراسات الصوتية عامة، وكان هذا الإطلاق هو الأشهر حتى أواخر القرن التاسع عشر، حيث بدأ التطور البحثي يلقي بظلاله على علوم اللغة، واتضح للباحثين أن هناك جوانب للصوت اللغوي.

زمن التردد

يُطلق على الزمن اللازم للصوت حتى تنخفض شدته الأصلية مليون مرة اسم زمن الترداد reverberation time. ولا شك في أن زيادة محسوسة في زمن الترداد يحسِّن من الأداء الصوتي، وخاصة في الاستماع للألحان الموسيقية، كما أن صوتاً جَهْوَرياً ينبغي أن يكون مسموعاً في مسرح لمدة ثانية أو ثانيتين بعد انقطاعه، ثم إن زمن ترداد أقصى من ذلك يكون مرغوباً في منزل خاص.

5945-1.jpg
استخدام سقوف مقعرة أو عواكس مناسبة لتأمين سماع جيد للحضور كافة

يلجأ المهندسون المعماريون، لاستخدام نوعين من المواد لتعديل زمن الترداد؛ وهي مواد ماصة أو مواد عازلة تكسى بهما السقوف والجدران والأرضيات، فالمواد الخفيفة كالفلين واللباد تمتص معظم الطاقة الصوتية التي ترد عليها، في حين تعكس في الوقت ذاته بعض الأصوات ذات التواترات المنخفضة. وتعكس المواد القاسية والملساء كالرخام والسطوح المعدنية معظم الأمواج الصوتية التي ترد عليها. كما تختلف الخصائص الصوتية لمسرح كبير اختلافاً جذرياً فيما لو كان غاصاً بالمستمعين أو خالياً منهم. فالمقاعد الفارغة تعكس الأمواج الصوتية، في حين يمتص الحضور هذه الأمواج.

من الممكن تحقيق مواصفات صوتية مقبولة في غرفة إذا حققنا فيها توازناً بين السطوح العاكسة والسطوح الماصة. ويمكن أن تحدث غالباً أصداء غير مرغوب فيها في غرفة تحقق زمن ترداد ملائم إذا جعل سقف الغرفة مقعراً وعاكساً بدرجة عالية؛ ففي حالة كهذه يمكن تركيز الصوت في نقطة محددة، مما يجعل المواصفات الصوتية للغرفة سيئة في تلك النقطة بالذات. وبالمثل فإن ممراً طويلاً بين جدارين مصقولين يمكنه أن يحول دون انتشار الصوت بفعل الانعكاس المتكرر له، وأن يسبب أصداء غير مرغوب فيها، حتى عندما يكون الامتصاص الكلي للأمواج كافياً. كما ينبغي بذل عناية خاصة لتجنب حدوث تداخل بين الأمواج الصوتية. ويحدث التداخل إذا كان هناك فرق في المسير بين الصوت المباشر والصوت المنعكس، الأمر الذي تنشأ عنه بقع ميتة dead spots، ينعدم عندها سماع تواترات محددة.

ثمة أمر آخر مهم يتعلق بالصوتيات في غرفة يرتبط بعزل الغرفة عن أصوات غير مرغوب فيها، ويتحقق ذلك بإحكام إغلاق الفتحات التي يمكن للصوت أن يتسرب منها، وباستخدام جدران سميكة، إضافة إلى بناء عدة جدران منفصلة معزولة بعضها عن بعض.

يستخدم العلماء مقاييس لتحديد سوية شدة الصوت sound level meters بهدف تقييم الخصائص الصوتية للغرف، إضافة إلى غرف عديمة الصدى anechoic chambers يجري فيها امتصاص الأمواج الصوتية بفضل أوتاد مغروزة في جدرانها. يقيس مقياس سوية شدة الصوت جهارة الصوت، أي معدل تدفق الطاقة الصوتية عبره، ويعطي الناتج بواحدة الديسيبل (dB) وهي واحدة لوغاريتمية. ففي غرفة هادئة يشير مقياس كهذا إلى 38ديسيبل، ويشير إلى 70ديسيبل إذا ساد الجو محادثة عادية، في حين يدل على 120ديسيبل إذا تعرض لصوت صفارة إنذار بغارة جوية.

وتجهز المسارح والقاعات عادة بسطوح عاكسة وأخرى ماصة، بهدف تحسين سماع الأصوات والأنغام الموسيقية من قبل الحضور، وذلك بهدف تحقيق زمن ترداد ملائم، وتجنب حدوث تداخلات بين الأمواج الصوتية تقود إلى وجود بقع ميتة فيه.[1]


انظر أيضاً

الهوامش

  1. ^ أحمد حصري. "الصوتيات (علم ـ)". الموسوعة العربية.

قائمة المراجع

  • Anderson, John M.; and Ewen, Colin J. (1987). Principles of dependency phonology. Cambridge: Cambridge University Press.
  • Bloch, Bernard. (1941). Phonemic overlapping. American Speech, 16, 278-284.
  • Bloomfield, Leonard. (1933). Language. New York: H. Holt and Company. (Revised version of Bloomfield's 1914 An introduction to the study of language).
  • Brentari, Diane (1998). A prosodic model of sign language phonology. Cambridge, MA: MIT Press.
  • Chomsky, Noam. (1964). Current issues in linguistic theory. In J. A. Fodor and J. J. Katz (Eds.), The structure of language: Readings in the philosophy language (pp. 91-112). Englewood Cliffs, NJ: Prentice-Hall.
  • Chomsky, Noam; and Halle, Morris. (1968). The sound pattern of English. New York: Harper & Row.
  • Clements, George N. (1985). The geometry of phonological features. Phonology Yearbook, 2, 225-252.
  • Clements, George N.; and Samuel J. Keyser. (1983). CV phonology: A generative theory of the syllable. Linguistic inquiry monographs (No. 9). Cambridge, MA: MIT Press. ISBN 0-262-53047-3 (pbk); ISBN 0-262-03098-5 (hbk).
  • de Lacy, Paul. (2007). The Cambridge Handbook of Phonology. Cambridge University Press. ISBN 0-521-84879-2 (hbk).
  • Firth, J. R. (1948). Sounds and prosodies. Transactions of the Philological Society 1948, 127-152.
  • Gilbers, Dicky; and de Hoop, Helen. (1998). Conflicting constraints: An introduction to optimality theory. Lingua, 104, 1-12.
  • Goldsmith, John A. (1979). The aims of autosegmental phonology. In D. A. Dinnsen (Ed.), Current approaches to phonological theory (pp. 202-222). Bloomington: Indiana University Press.
  • Goldsmith, John A. (1989). Autosegmental and metrical phonology: A new synthesis. Oxford: Basil Blackwell.
  • Goldsmith, John A (1995). "Phonological Theory". In John A. Goldsmith (ed.). The Handbook of Phonological Theory. Blackwell Handbooks in Linguistics. Blackwell Publishers.
  • Gussenhoven, Carlos & Jacobs, Haike. "Understanding Phonology", Hodder & Arnold, 1998. 2nd edition 2005.
  • Halle, Morris. (1954). The strategy of phonemics. Word, 10, 197-209.
  • Halle, Morris. (1959). The sound pattern of Russian. The Hague: Mouton.
  • Harris, Zellig. (1951). Methods in structural linguistics. Chicago: Chicago University Press.
  • Hockett, Charles F. (1955). A manual of phonology. Indiana University publications in anthropology and linguistics, memoirs II. Baltimore: Waverley Press.
  • Hooper, Joan B. (1976). An introduction to natural generative phonology. New York: Academic Press.
  • Jakobson, Roman. (1949). On the identification of phonemic entities. Travaux du Cercle Linguistique de Copenhague, 5, 205-213.
  • Jakobson, Roman; Fant, Gunnar; and Halle, Morris. (1952). Preliminaries to speech analysis: The distinctive features and their correlates. Cambridge, MA: MIT Press.
  • Kaisse, Ellen M.; and Shaw, Patricia A. (1985). On the theory of lexical phonology. In E. Colin and J. Anderson (Eds.), Phonology Yearbook 2 (pp. 1-30).
  • Kenstowicz, Michael. Phonology in generative grammar. Oxford: Basil Blackwell.
  • Ladefoged, Peter. (1982). A course in phonetics (2nd ed.). London: Harcourt Brace Jovanovich.
  • Martinet, André. (1949). Phonology as functional phonetics. Oxford: Blackwell.
  • Martinet, André. (1955). Économie des changements phonétiques: Traité de phonologie diachronique. Berne: A. Francke S.A.
  • Napoli, Donna Jo (1996. Linguistics: An Introduction. New York: Oxford University Press.
  • Pike, Kenneth. (1947). Phonemics: A technique for reducing languages to writing. Ann Arbor: University of Michigan Press.
  • Sapir, Edward. (1925). Sound patterns in language. Language, 1, 37-51.
  • Sapir, Edward. (1933). La réalité psychologique des phonémes. Journal de Psychologie Normale et Pathologique, 30, 247-265.
  • de Saussure, Ferdinand. (1916). Cours de linguistique générale. Paris: Payot.
  • Stampe, David. (1979). A dissertation on natural phonology. New York: Garland.
  • Swadesh, Morris. (1934). The phonemic principle. Language, 10, 117-129.
  • Trager, George L.; and Bloch, Bernard. (1941). The syllabic phonemes of English. Language, 17, 223-246.
  • Trubetzkoy, Nikolai. (1939). Grundzüge der Phonologie. Travaux du Cercle Linguistique de Prague 7.
  • Twaddell, William F. (1935). On defining the phoneme. Language monograph no. 16. Language.

بعض علماء الصوتيات

مؤتمرات علم الأصوات


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وصلات خارجية