10 أكتوبر في حرب أكتوبر

"يوميات حرب أكتوبر"
سبت أحد إثنين ثلاثاء أربعاء خميس جمعة
4 5 6 7 8 9 10
11 12 13 14 15 16 17
18 19 20 21 22 23 24
25 26 27 28


10 أكتوبر، هو خامس أيام حرب أكتوبر 1973.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأحداث

كانت إسرائيل تحارب جيوشاً عربية، ولكنها كانت أيضاً تواجه الإمدادات الكبيرة من الاتحاد السوڤيتي، خاصة إلى سورية، فمخازن الاتحاد السوڤيتي تقع على بعد حوالي ساعتَي طيران من سورية، كما تحركت عشرات السفن محملة بالإمدادات من مواني البحر الأسود.[1]

ويزداد من يوم لآخر تورط الاتحاد السوڤيتي في الحرب، حيث تتدفق المعدات والأسلحة والذخائر بكميات كبيرة إلى السوريين والمصريين. وتتجسس السفن السوڤيتية المنتشرة في البحر المتوسط لحسابهما، إذ تتنصت على الشبكات الإسرائيلية.

توجه حاييم بارلف رئيس الأركان السابق إلى الجبهة الجنوبية لتولى منصبه، كمستشار لرئيس الأركان بالجبهة الجنوبية. وقبل سفره استعرض بارليف تجارب العبور التي قام بها الجيش الإسرائيلي. كان جونين منزعجاً من وجود بارلف في مركز قيادته، ورغم أن بارلف حاول طمأنته إلا أنه ظل متوتراً.


القتال على الجبهة الجنوبية

هبط معدل القتال على الجبهة الجنوبية، وخفت حدته قليلاً ولم يعد هناك سوى عمليات محدودة، ولا توجد معارك كثيرة، ومع حلول الظلام يبدأ الجانبان المصري والإسرائيلي، في مراجعة ما تم طوال اليوم وحصر الخسائر، والاستعداد لإحباط محاولات الطرف الآخر للقيام بعمليات ليلية، وكذلك الإعداد لأعمال قتال الغد.


موقع قطع بورفؤاد

بعد خمسة أيام من الحصار، نجحت قوة ماجن اقتحام الموقع المحصن المحاصر على ساحل البحر والمعروف لدى المصريين باسم موقع قطع بور فؤاد، والذي يسمى لدى القيادة الإسرائيلية باسم "موقع بودابست"، حيث تمكنت عناصر المظلات بالتعاون مع الدبابات وبجهد مشترك من اقتحام الطريق الساحلي إلى هذا الموقع من اتجاه الشرق، وكان هذا الموقع الوحيد الصامد في القتال إلى النهاية. كان هناك موقع آخر لا زال محاصر، في لسان بور توفيق، ولا زال صامداً.

الجديد في الموقف بعد أربعة أيام قتال طويلة، وصول تعزيزات جديدة إلى الجبهة، خاصة وحدات المدفعية، حيث وصلت العديد من وحدات الهاوتزر عيار 155مم، والهاونات الثقيلة عيار 160 مم، والهاونات 120مم.

أعمال القتال الرئيسية على الجبهة المصرية يوم 10 أكتوبر 1973

بدأت هجمات القوات المصرية الساعة العاشرة صباح يوم 10 أكتوبر 1973، لتوسيع رؤوس الكباري، ولكن بقوة محدودة، لا تتعدى كتائب مشاة أو دبابات، وأشتد القتال بين الجانبين وتدمر لكل طرف عدد من الدبابات.

تركز هجوم المصريين في اتجاه "هافيفا"، في شرق قطاع الفردان، وبدأت قوات آدن تدعم أوضاعها لصد الهجوم المصري، وبدأت الكاتيوشا المصرية تصب نيرانها على وحدات فرقة آدن.

تمكنت القوات الإسرائيلية من صد الهجوم وإحداث تدمير في بعض الدبابات، وأبلغت عناصر الاستطلاع عن تحركات القوات المدرعة المصرية على الاجناب، فاتجهت إليهم الدبابات الإسرائيلية لملاقاتهم وتمكنت من تدميرهم، ومع ذلك استمر ضغط وحدات المشاة، وتصاعدت الخسائر الإسرائيلية حيث قتل بعض قادة السرايا ونواب قادة الكتائب، واستطاعت الصواريخ "ساجر" والقواذف ر. ب. ج ـ 7 التي تطلق من مسافات قصيرة أن تدمر العديد من الدبابات الإسرائيلية مجدداً. كان الموقف خطيراً، سرعان ما وجهت نيران المدفعية على القوات المصرية المهاجمة، بتوقف الهجوم من شدة النيران، وتراجع المصريون غرباً على طريق "أروڤ Arov" "شمال الفردان"، تاركين العديد من الخسائر خلفهم، لقد أطلقت وحدات المدفعية الإسرائيلية 4700 قذيفة على مدار هذا اليوم، تزن نحو 250 طن، واستطاعت المدفعية الإسرائيلية من معاونة القوات، على الرغم من القصف المضاد عليها من المدفعية المصرية.

وعاود المصريون هجومهم بعد ساعتين (الواحدة ظهراً) بآلالاف من جنود المشاة المدعمة بالدبابات، بدأ الهجوم هذه المرة من (أروڤ) في اتجاه زراكور "Zrakor"، شرق البلاح، ووقعت القوات الإسرائيلية تحت ضغط الهجوم المصري، ووقع العديد من الخسائر في لواء جابي من قوات آدن، كما وقعت القوات الإسرائيلية تحت تأثير نيران المدفعية والكاتيوشا المصرية، ودمرت العديد من الدبابات في منطقة "هافراجا Hafraga" "جنوب شرق البلاح"، استمرت الهجمات المصرية في الضغط على وحدات آدن شرق الفردان والبلاح. حتى تمكن لواء جابي من إيقاف الهجوم المصري تجاه اروف بعد أربعين دقيقة عصيبة من بدءه. ومع ذلك فقد استطاع المصريين أن يوقعوا العديد من الخسائر في الدبابات الإسرائيلية باستخدامهم الدقيق للصواريخ "ساجر".

وفي الساعة الثانية عاود المصريون هجومهم، تحت ستر نيران مدفعيتهم، التي تمكنت من تدمير عدد من الدبابات الإسرائيلية، ولكن هذا الهجوم لم يحقق نجاحاً، بسبب كثافة نيران المدفعية الإسرائيلية، والتي بدأت تؤثر على الهجوم المصري. كرر المصريين الهجوم في قطاع لواء "ناتك"، على محور الطريق الأوسط، بإعداد كبيرة من الدبابات والمركبات المدرعة المصرية والآلاف من المشاة، واستمر القتال لمدة ساعة كاملة، لم يكن لدى "ناتك" وحدات مشاه، وهو في حاجة شديدة إلى دعم من المشاة على وجه السرعة، لقد تحملت دباباته العديد من الخسائر، وكانت نقطة ضعف كبيرة، أن الوحدات المدرعة لا تعمل معها وحدات من المشاة، إذ كانت المشاة محملة في المركبات نصف جنزير ولا يمكنها مرافقة الدبابات.

مع تزايد حجم الخسائر في قوات آدن، قرر الجنرال جونين سحب إحدى كتائب دباباته واستبدالها بأخرى أقل خسائر على حساب وحدة أخرى. التي حدثت بها مزيد من الخسائر.

نتائج القتال في يوم 10 أكتوبر 1973

من نتائج القتال في الأيام الماضية، لاحظ الإسرائيليون، أن أي هجوم مصري، يسبقه عمليات قصف مدفعية شديدة، إذ يكثر المصريون من الاستعانة بضباط الملاحظة الأماميين، وهؤلاء يتوغلون بين الخطوط الإسرائيلية ومن ورائها، ويديروا نيران مدافعهم من مواقع قريبة من الأهداف المضروبة، وفي خلال أيام تعلم جنود الجيش الإسرائيلي، أن قصف المدفعية المباغت عليهم معناها ـ أحيانا كثيرة ـ وجود مجموعة من رجال الملاحظة المصريين مختبئة على مقربة منهم، وبينما النيران على أشدها، يبدءون في البحث عن ضباط الملاحظة المصريين.

كانت الخسائر في أفراد الدبابات كبيرة، وأثناء القتال ظهر قادة أصاغر، تولوا مهام قيادية بعد أن قتل قادتهم، وهناك أطقم دبابات لم يغمض لهم جفن منذ بدأت الحرب، أنهم يقاتلون من الصباح إلى المساء دون أن يعرفوا ماذا يجرى في القطاع المجاور.

كان معدل التغيير في المواقف سريعاً، لدرجة أن العديد من الدبابات قد تغير تشكيل أطقمها، حيث إن الدبابات التي بها جرحى تخلى إلى الخلف، وبعد إخلائهم يتم تشكيل أطقم جديدة للدبابات، وهناك أفراد دبابات استبدلوا ثلاث دبابات أو أكثر، أنهم يحاربون مع أفراد طاقم لم يعرفوهم من قبل، وفي حالات كثيرة لقي أفراد دبابات جدد مصرعهم بدون أن يعرفهم زملائهم في الطاقم. وفي فرقة آدن فقد طاقم إحدى الدبابات قائدهم، الذين تدربوا معه، وعملوا معه طوال سنوات، وعندما يحضرون جثته إلى محطة التجميع، يصعد إلى الدبابة قائد جديد من الاحتياط، وفي خلال حوالي ساعة يلقى مصرعه هو الآخر، ويعودون مرة أخرى. ولا يصدق الرجال في محطة التجميع أعينهم، من مشهد الدبابة وهي عائدة للمرة الثالثة، وهي تحمل معها هذه المرة أيضاً جثة القائد، ويرفضون هذه المرة العودة إلى الدبابة. فالطاقم مذهول بحيث لا يستطيع القتال.

كانت حرب لم يألفها الإسرائيليون، يعالج فيها الأطباء جنوداً كثيرين، مصابين بصدمة القتال، مئات المصابين بهذه الصدمة، والكثير منهم يحتاج إلى علاج نفسي، هناك من نسوا أسماءهم، وهؤلاء يجب إرسالهم سريعاً إلى المستشفيات في الخلف.

الجانب السوري

أعمال قتال يوم 10 أكتوبر 1973

السلاح البحري الإسرائيلي

كانت قوة السلاح البحري الإسرائيلي الرئيسية 14 سفينة صواريخ حديثة، من بينها اثنتان كبيرتان، تم بناؤهما في إسرائيل، وجميعها مزودة بصواريخ سطح/ سطح من طراز جبرائيل. وكان السلاح البحري الإسرائيلي يعتمد على المساندة الجوية القريبة، مثله مثل القوات الإسرائيلية في كل فروعها. في صباح يوم 10 أكتوبر 1973، قصفت البحرية الإسرائيلية أهدافاً إستراتيجية في سورية، أمطرت مواني اللاذقية وطرطوس وبانياس بالصواريخ. وفي الوقت نفسه، كانت القوات الجوية الإسرائيلية، تكثف هجماتها، لشل المطارات والقواعد الجوية، وكان هدف القيادة العليا الإسرائيلية، تعطيل الجسر الجوي، الذي بدأ السوفيت يقيمونه، ليمدوا القوات السورية بالأسلحة عوضاً عما فقدته مستخدمين في ذلك طائراتهم الضخمة من نوع أنتينوڤ 22 Antinove-22.[2]

تطور القتال على الجبهة السورية يوم 10 أكتوبر 1973

مع أول ضوء يوم 10 أكتوبر 1973 بدأت مجموعة العمليات المدرعة الإسرائيلية بقيادة بيليد في استئناف هجومها المضاد، بهدف الاستيلاء على "تل كدن"، الذي يتمركز عليه مركز القيادة المتقدم للقيادة السورية. ولكن (بيليد) يتكبد خسائر كبيرة في هجومه، إذ يواجه بسد قوي من الصواريخ المضادة للدبابات، أقامها السوريون حول التل ويصدر جوفى، قائد المنطقة الشمالية الإسرائيلية، أوامره بالتوقف مؤقتاً، في المواقع التي وصلت إليها دبابات بليد.

إلى الشمال من مجموعة بليد، كانت مجموعة عمليات لانر تواصل هجومها المضاد ضد الخشنية، دافعة اللواء 79 مدرع بقيادة العقيد أور من الجنوب، واللواء 17 مدرع بقيادة العقيد سريج من الشمال. وأصبحت المنطقة بين تقاطع طرق الخشنية وتل فارس مزدحمة بالدبابات الإسرائيلية المهاجمة. واستطاعت قوات لانر تقليص جيب الخشنية، أمّا بيليد، فقد صدرت إليه التعليمات بالتحرك في اتجاه تل فارس.

في منتصف اليوم، أي بعد أربعة أيام قتال، اندفعت القوات السورية عبر الدرب السلطاني، في هجوم كثيف ضد القوات الإسرائيلية. كان الهدف منه الاختراق، وفصل القوات الإسرائيلية عن بعضها، إلا أن قوات الهجوم وقعت في منطقة، بين فرقة بيليد، وفرقة لانر، وتمكنت القوات الإسرائيلية من تدمير لواءين مدرعين سوريين، ويصبح "جيب الخشنية" أكبر ساحة للدبابات والمركبات السورية المدمرة.

استطاع اللواء 17 المدرع الإسرائيلي، بقيادة العقيد سريج، من مجموعة عمليات لانر، والذي تصل قوته إلى نحو 50 دبابة. تدمير أضعاف قوته من الدبابات السورية، بينما انسحب السوريون أمام الهجمات الإسرائيلية العنيفة، بعد قتال شرس، فقدت فيه القوات المدرعة السورية مئات الدبابات الحديثة، من نوع ت 62 T62 السوفيتية، ومئات أخرى من المركبات المدرعة، وبدأت القوات السورية في التراجع شرق الخط الأرجواني مرة أخرى، تلاحقها القوات الإسرائيلية. وانقلبت الأوضاع على جبهة الجولان بعد أربعة أيام من القتال المضني بين الطرفين.

دعم سورية بقوات عربية

حصلت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية على معلومات تفيد، بأن الدول العربية قررت دعم الجبهة السورية، بقوات مدرعة وآلية. وأن القوات العراقية بدأت تتحرك بالفعل، من الحدود العراقية السورية في اتجاه الجولان مباشرة، كما وصلت معلومات بأن التعزيزات ستصل من السعودية والكويت والأردن. وكان الوقت هو العامل الحيوي للطرفين فإما تتمكن هذه القوات من تقديم معاونة للقوات السورية، أو تتمكن القوات الإسرائيلية من إنهاء القتال على الجبهة وحسمه لمصلحتها، بالوصول إلى خط حيوي، يجبر السوريون على التوقف عن إطلاق النار، وكان هذا الخط هو ذلك الكنتور، شرق هضبة الجولان، والذي يُمكن القوات الإسرائيلية من السيطرة على الأرض حتى دمشق.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

هيئة الأركان العامة الإسرائيلية تعيد تقدير الموقف

في مساء يوم الأربعاء 10 أكتوبر 1973، عقد رئيس الأركان العامة مؤتمر للقادة في مبنى القيادة، لدراسة الموقف على الجبهة السورية، وكان هناك رأيان:

· الرأي الأول: يرجح تعزيز الأوضاع الإسرائيلية على طول الدرب السلطاني واتخاذ أوضاع دفاعية.

· الرأي الثاني: يطالب باستمرار الهجوم داخل سورية، واستغلال الفرصة، لمزيد من المكاسب.

أوضح العازر مزايا وعيوب كل مقترح، وكان ديان لا يميل لتنفيذ المقترح الثاني، حتى لا يكون مبرراً لتدخل سوفيتي لحماية دمشق، ورأى اليعازر تنفيذ المقترح الثاني على أن يتم الاختراق لنحو 12 ميلاً في عمق الحدود السورية وهو الخط الذي يمكن للقوات الإسرائيلية الدفاع عنه، ويمكن منه أيضا تهديد دمشق بالمدفعية طويلة المدى، كما كان اليعازر يعتقد أن هذا الخط سيؤدى إلى حياد سورية، (التوقف عن القتال) ويمكن لإسرائيل تركيز جهودها الرئيسية على الجبهة المصرية.

گولدا مئير رئيسة وزراء اسرائيل في ذلك الوقت
داڤيد إلعازر

وفي اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر برئاسة گولدا مئير، وافقو على اقتراح داڤيد إلعازر، باستمرار الضغط على سورية. صدرت الأوامر إلى القيادة الشمالية، بمواصلة الهجوم المضاد اعتباراً من يوم الخميس 11 أكتوبر 1973، والضغط على السوريين في اتجاه دمشق.

قرار قائد الجبهة الشمالية

تنفيذاً لأوامر القيادة العامة قرر حوفي (قائد الجبهة الشمالية)، الهجوم في القطاع الشمالي للجولان، وقد اختار هذه المنطقة لأنها أقصر المحاور إلى دمشق حيث تبعد 30 ميلا عنها، وتجعل القوات المهاجمة تستند على عائق يؤمن جانب القوات المهاجمة كما كانت ميول جبل الحرمون الغير صالحة لتحرك الدبابات. وكانت الخطة تقضي بتقدم قوات لانر، دافعة أمامها اللواء السابع المدرع بقيادة روفائيل ايتان، ثم يتقدم خلفه باقي الألوية المدرعة، وهى اللواء 79 مدرع بقيادة اور، واللواء 17 مدرع بقيادة سريج، ويقومان بتطوير الهجوم، ومهاجمة التحصينات الرئيسية على طريق دمشق، وفى حالة النجاح يقدم اللواء السابع المعاونة لهما، وسترهما بالنيران من المرتفعات في الشمال، وحددت الساعة الحادية عشر صباحاً، يوم الخميس 11 أكتوبر 1973 لبدء الهجوم. كما تقرر دفع باقي مجموعة لانر لتطوير الهجوم اعتباراً من الساعة الواحدة ظهراً.

الاختراق على الجبهة السورية يومي 11، 12 أكتوبر 1973

هاجم ايتان بلواءه، في المنطقة الجبلية من القطاع الشمالي، وهي منطقة تضعف الدفاعات السورية فيها. وتتقدم قوة ايتان، في ستر جبل حرمون (جبل الشيخ)، لتؤمن جناحها الأيسر، متخذه أقصر الطريق إلى دمشق.

اندفعت القوات بعد ذلك في اتجاه الدفاعات السورية عند قرية خان أرنبة، وكان عليها أن تطور الهجوم لتستولي على تل شمس ومزرعة بيت جن، حيث تلتف القوات المهاجمة بجزء من الدبابات لتطويق هذه المواقع، بينما يهاجم الجزء الآخر بالمواجهة محاولاً تدمير المواقع بالنيران، فقد كان خان أرنبة من المواقع القوية، التي جهزها السوريون بدفاع مضاد للدبابات يستند على صواريخ المضادّة للدبابات بكثافة. كانت مهمة المظليين من كتيبه (حازي) تطهير جانبي الثغرة. كانت القيادة العامة، والقيادة الشمالية كذلك، تعلمان مدى صعوبة القتال عند (خان أرنبه) إذ يتوقع أن يكون صعباً للغاية، كما توقعت أن تتحمل القوات المهاجمة خسائر كبيرة.

اختيرت نقطة الاختراق، باعتبارها أقل الدفاعات السورية قوة في الشمال، ولكن كان من الضروري المرور خلال حقول الألغام السورية، في منطقة صخرية صلبة، كثيرة المرتفعات، كثيرة الأشجار.

وعلى المحور الجنوبي من الجبهة يتقدم اللواء 188 كمقدمة لمجموعة بيليد المدرعة، بمهمة الاستيلاء على قطنا والمعسكرات السورية عند حالس، على أن الهجوم بالقوة الرئيسية للمجموعة.

موقف القوات

الموقف الأمريكي

أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد كانت تعرف الموقف أكثر، وكانت مساعدتها لإسرائيل مهمة بالفعل، إذ وصل يوم 9 أكتوبر 1973، إلى إسرائيل، استعواضاً للطائرات التي خسرتها في أيام القتال الأربعة الأولى، بل أن تلك الطائرات وصلت وعليها علامات السلاح الجوى الإسرائيلي، ويمكن أن تدخل المعركة بعد وصولها مباشرة، وحتى يوم 10 أكتوبر 1973، كان السلاح الجوى الإسرائيلي قد فقد 66 طائرة، وجزء كبير من الطيارين والملاحين قتلوا أو اعتبروا بمثابة مفقودين. كذلك كان المسؤولون الأمريكيون يؤكدون أنه من المهم جداً أن تقوم إسرائيل بتلقين العرب درساً لا ينسوه.

الجسر الجوى الأمريكى يبدأ من يوم 10 اكتوبر

يقول كل من اللواء : حسن البدرى ، وطه المجدوب و عميد أركان حرب ضياء الدين زهدى في كتابهم حرب رمضان ( ولقد مكن للعدو بذل كل تلك الجهود بفضل الامدادات الجديدة من الأسلحة الأمريكية المتطورة التى انهالت عليه من ترسانات الولايات المتحدة ، وتم تفريغها في مطار العريش رأسا بواسطة اطقم امريكية متخصصة ، اعتبارا من 10 أكتوبر والأيام التالية ، تلك الامدادات التى وصفها جيمس شيلزنگر وزير الدفاع الأمريكى يوم 5 نوفمبر بأنها استنفدت بشكل خطير المخزون الأمريكى من الأسلحة والمعدات بالقدر الذى سوف يرغم حكومة نيكسون على طلب زيادة ميزانية الدفاع لعام 1974[3]

لقد ظهر جليا خلال هذه الفترة بدء تدفق الامدادات الأمريكية الحديثة من الطائرات الفانتوم ومعدات التداخل الألكترونى وصواريخ شرايك المعدلة ضد الرادارات والقنابل التلفزيونية ضد وسائل الدفاع الجوى الأرضية ، الأمر الذى أدى إلى حدوث طفرة مفاجئة في قدرات العدو الجوى وخاصة في حجم وشدة ودقة الطلعات الجوية اعتبارا من 10 أكتوبر ، كما ازداد تاثير وكثافة التداخل الألكترونى على جميع انواع أجهزتنا

وكانت الطلعات المعادية على الجبهتين المصرية والسورية قد انخفضت ...... من 1100 طلعة يوميا إلى 790 طلعة يوم 9 .. ثم ازدادات إلى 1164 طلعة يوم 10 ... ثم 1238 طلعة يوم 1 1 ) ـ كتاب حرب رمضان[4]

   موشي ديان وشارون سقطا في فخ القوات الجزائرية
   ولم ينجح العدو فقط في إخفاء كل ما يتعلق بالدور الجزائري على هذه الجبهة، بل ونجح أيضا في تحويل مخاوفه من كشف حقيقة هذا الدور إلى خنجر مشهر منذ ذلك الوقت وحتى الآن في وجه الجزائريين والعرب.
   العرب مهزومون حتى عام 2023
   حتى الآن يتذكر الجزائريون حرب أكتوبر بمرارة وحسرة وأحيانا بالدموع، وكل يبكي على ليلاه... الذين شاركوا فيها يعتصرون ألما لإجحاف حقهم وبالأخص المعنوي، والمؤرخون يلقون أقلامهم كلما اصطدموا بحواجز السرية والتعتيم، أما العامة فلا يفتحون أعينهم ولا يغمضونها إلا على صورة الخيانة التي رسخها العدو والصديق في أذهانهم، ويبقى الساسة والمسؤولون الذين باتوا مقتنعين بأن أعباء الحاضر ومشاكل العصر أهم من الالتفات لماض »لا يسمن ولا يغني من جوع«، لكن فتنة هذا الماضي القريب تنخر عظامنا اليوم أكثر من فتنة الـ14 قرنا، ولنسأل أنفسنا ونجيب بصدق: ماذا سيكون موقفنا لو شنّ الكيان الصهيوني حربا شاملة جديدة ضد قطر من أقطارنا؟.
   عفوا تريّثوا قليلا، فها هي »غولدا مائير« تجيب عليكم في الصفحة 194من كتابها »حياتي«: »...أستطيع أن أؤكد لكم أن العرب لن يخوضوا حربا جماعية ضدنا لمدة نصف قرن على الأقل...«، مائير طرحت هذا الكتاب بعد حرب أكتوبر مباشرة، وقد وصلت لتلك النتيجة بعد تخصيصها لفصل كامل اختارت له عنوان »التحالف العربي وكارثة إسرائيل يوم الغفران« والذي تحدثت فيه عما أسمته »دروس ومكاسب الحرب«، فعجوز بني صهيون بررت لشعبها سبب الهزيمة في التفاف الجيوش العربية تحت راية واحدة، لكنها أكدت أيضا أنها حققت الأمن لـ»إسرائيل« حتى عام 2023، وأشارت إلى أنها قدمت للشعب الإسرائيلي أكبر »هدية«، وهي عدم إقدام العرب على محاربة إسرائيل مجتمعين، وفي فصل آخر من هذا الكتاب أشارت مائير ضمنيا أنها نجحت في إبعاد شبح وحدة الجيوش العربية مرة أخرى، لكن المرأة »الحديدية«، كما يطلقون عليها، كانت أذكى من الإفصاح عن الخطة التي وضعتها لتحول دون وحدة الجيوش العربية حتى عام 2023.
   الهزيمة والغضب يكشفان المستور
   لكن »دافيد اليعازر«، رئيس الأركان الصهيوني، الذي شاهد أول هزيمة لكيانه، والذي كان كبش فداء للمؤسسة العسكرية والذي اتهم بالقصور والتردد، غضب وانهار ففاحت رائحة المؤامرة من فمه، وهنا قررت مائير إقالته ومحاصرته... كلمات اليعازر التي قالها للمرة الأولى والأخيرة نشرتها صحيفة »معاريف« العبرية بتاريخ 29 أكتوبر 1973 ، وجاء فيها حرفيا: لست مسؤولا عن هزيمة صنعها قادة إسرائيل الأغبياء... استهانوا بالقوات العربية المحتشدة على الجبهتين الشمالية والجنوبية... ما حدث لقواتنا في ميناء الأديبة كان نتيجة للاستهانة والاستهتار بعدد وعتاد الوحدات الجزائرية...
   لقد توقع شارون المغرور أن الجزائريين بأسلحتهم البدائية سيفرون بمجرد رؤية دباباته... لكنهم نصبوا له الفخ، فخسرنا في يوم واحد 900 قتيل من أفضل رجالنا وفقدنا 172 دبابة... ألم أصرخ في وجه ديان الذي قال إن هذه النقطة ـ يقصد موقع القوات الجزائرية ـ هي الأضعف على القناة؟، ألم أخبره أمام القادة بأن نظريته المرتكزة على جهل الجزائريين بطبيعة المكان وأسلوب القتال معنا نظرية هشة، وأن هؤلاء لديهم خبرة أكبر من المصريين أنفسهم في حرب العصابات التي انهارت بفعلها فرنسا؟، لقد أخطأ ديان هو وتلميذه المعتوه شارون حينما خططوا بتفاؤل لإبادة هذه القوات أثناء انكشاف خطوط الدعم المصرية عنها وانشغال المصريين بالقتال على رؤوس الجسور؟، أما مائير فقد كللت أخطاءها من قبل بمخالفة تعاليم التوراة وترك وصايا بن غوريون، حينما سمحت للعرب طوال ست سنوات كاملة للاحتشاد تحت قيادة موحدة، إنها ـ يقصد مائير ـ تتحدث اليوم عن خطة تشتيت العرب وتفريق كلمتهم لمدة 50 سنة مقبلة، قائدة »إسرائيل« ملت من تحميل الآخرين نتيجة أخطائها، لتضع خططا لا تعدو أن تكون أحلاما موهمة الشعب الإسرائيلي أنها انتصرت، أو على الأقل لن تتكرر الهزيمة.
   الجزائريون يسقطون جنرالات »إسرائيل« في الفخ
   التصريحات التي خرجت من قمة الهرم العسكري الصهيوني دفعتني دفعا للبحث عن كل ما قيل داخل كيان العدو في تلك الفترة، فقد كانت صدمة الهزيمة قوية على العدو، حتى أنها أفقدته قدرته المعروفة على تزييف الواقع أو طبخ التبريرات، فقادني البحث إلى محاضر استماع لجنة التحقيق التي أطلق عليها اسم »أجرانات«، والتي شكلت في تل أبيب للوقوف على أسباب الهزيمة، تلك المحاكمة ظلت معظم وقائعها سرية حتى عام 2005، حينما خرجت لأول مرة مذكرات أحد القضاة الذين أشرفوا عليها، وبالتوقف عند الجلسات التي تعلقت بشهادة وزير الحرب الصهيوني الجنرال »موشي ديان«، تتكشف أجزاء من الحقيقة.
   فحينما سئل ديان عن قراره وخطة الهجوم على الأديبة أجاب قائلا: مثلما حدث في بقية مجريات الحرب... المصريون خدعونا وجعلونا نعتقد أن ميناء الأديبة غير محصن... كلفوا القوات الجزائرية بمهمة حمايته... فبنينا خططنا على أساس معلومات تؤكد لنا أن تلك النقطة الاستراتيجية في متناولنا، فحاولنا الاستيلاء عليه في الأيام الأولى للحرب، من أجل فتح منفذ على الجبهة تمر منه مدرعاتنا والمدرعات الأمريكية لتطبيق خطة التطويق، فوجهنا قصف صاروخي ومدفعي شديد ومركز على المنطقة كلها، لكن معظم صواريخنا أسقطتها الصواريخ المصرية المنتشرة على مسافة 15 كيلومترا من الميناء، في حين لم نلقَ مقاومة ولم تطلق قذيفة واحدة من المكان المستهدف، فتأكدنا أن الوضع آمن، وأننا دمرنا أسلحة الرد الثقيلة لدى القوات الجزائرية، أو أن هذه الأسلحة سحبها المصريون لاستخدامها في الهجوم، كانت كل المعطيات والتحليلات تدل على أن الجزائريين لا يملكون أسلحة قادرة على عرقلة العملية، وكنا قد جمعنا معلومات أخرى تشير لوجود حالة تذمر وانشقاق داخل تلك القوات بسبب عدم سماح المصريين لهم المشاركة في الهجوم على سيناء، وهنا أعطينا الضوء الأخضر لحلفائنا الأمريكيين، وفي الوقت ذاته أمرت اللواء 190 مدرع بالهجوم بكامل قوته على القوات المصرية في منطقة القنطرة شرق لشغل المصريين وإبعاد أنظارهم عن السويس وبالتحديد الأديبة، ثم أمرت اللواء مدرع 178 بقيادة الجنرال شارون بمهاجمة الميناء والاستيلاء عليه بسرعة، وقبيل وصول اللواء 178 للميناء فوجئنا بخبر إسقاط طائرة أمريكية عملاقة من طراز سي 5 غلاكسي بواسطة صاروخ أطلق من مواقع القوات الجزائرية، ووصلتني إشارة عاجلة تفيد بانقلاب الموقف رأسا على عقب، حيث تصدت مضادات جزائرية متطورة للطائرات الأمريكية وأمطرتها بعشرات الصواريخ فأسقطت واحدة وأصابت اثنتين أخريين نجحتا فيما بعد في الهبوط في أحد مطارات النقب، ولم تمر خمس دقائق أخرى حتى وصلتني رسالة ثانية تفيد بإطلاق بطاريات الصواريخ والمدفعية الثقيلة للقوات الجزائرية النيران بكثافة على المواقع التي انطلق منها القصف الإسرائيلي على الأديبة، هنا شعرت أننا وقعنا في فخ خطير، وأن العدو نجح في استدراجنا بخبث لم نعهده في حروبنا السابقة معه، وأن كارثة على وشك الحدوث، فحاولت الاتصال بالجنرال شارون ليوقف الهجوم ولكنه كان مجنونا.
   صاروخ جزائري يهز أمريكا
   وقبل سماع بقية شهادات ديان، أذهب للأدميرال »توماس مورير«، عضو هيئة الأركان الأمريكية المشتركة أثناء حرب أكتوبر، والذي يقول في مذكراته: إصابة السي 5 غلاكسي أصاب هيئة الأركان الأمريكية بالفزع، فقد كانت المرة الأولى التي يفقد فيها الأسطول الجوي الأمريكي واحدة من طائراته العملاقة الست، ولولا العناية الإلهية لفقدنا اثنتين أخريين، وبلغ الإحباط مداه حينما أعلن الرئيس نيكسون حالة الطوارئ داخل مقر قيادة الهيئة، طالبا تقديم تفسير مناسب لتلك الخسارة الفادحة، فلم نكن نملك أية تفصيلات أخرى باستثناء عبارات عاطفية وصلتنا من تل أبيب تتحدث عن خدعة وسوء تقدير، وبعد 18 ساعة كاملة جمعنا المعلومات التي صيغ منها التقرير الذي استلمه الرئيس في صباح اليوم التالي التاسع من أكتوبر 1973، والذي ذكرنا فيه أن السوفييت زودوا العرب بصواريخ حديثة كانت سببا مباشرا في فشل عملية الإنزال في منطقة السويس، وأجلت خطة الالتفاف على القوات المصرية لأكثر من أسبوع، لكننا اكتشفنا بعد تحليل حطام الطائرة أنها أصيبت بصاروخ سام عادي استوردته الجزائر من موسكو عام 1972.
   »شارون« يبكي ويهرب كالفأر من الجزائريين
   أعود مرة أخرى لفقرات من شهادات ديان، والتي يقول فيها للمحققين:
   »اتهامي بالمغامرة بحياة جنودنا بناء على توقعات خاطئة ليس صحيحا، فبمجرد أن أشعل العدو النار في الأديبة حاولت إيقاف الهجوم البري، وأمرت الجنرال شارون بالانسحاب الفوري، لكنه كسر الأمر العسكري، واندفع باتجاه القوات الجزائرية، فوقعت الكارثة«، تلك الكارثة تحدث عنها موشي ديان بالأرقام »900 قتيل و172 مركبة«. لكن المؤرخ والكاتب الصهيوني »شفتاي تيبت« يتحدث عام 2000 عن سبب حجب كتابه المتعلق بخبايا حرب يوم الغفران، فيقول: لأكثر من ربع قرن وكتابي ممنوع من النشر لأني أكشف فيه عن حقيقة جبن شارون الذي قدمته المؤسسة العسكرية الإسرائيلية للشعب الإسرائيلي على أنه بطل حرب كيبور، فقد كنت ضابطا في اللواء 178 مدرع الذي تعرض لمجزرة لم يشهد مثلها جيش الدفاع من قبل، مات أغلب رفاقي، وبقيت رفقة قائد اللواء أرئيل شارون وثلاثة جنود... نعم لم ينجُ من لواء مدرع بأكمله مدعوم بكتيبة مظلات سوى خمسة أشخاص، بقيت حيّا لأشهد على »شجاعة« و»بسالة« شارون »العظيم«... الذي يتحمل وحده ما وقع لإسرائيل في هذا اليوم الأسود... شارون كان يسير باتجاه الأديبة منتشيا ولم يستطع إخفاء أحلامه الشاذة في المجد والخلود، فقال لي: »سنبيد هذه الحشرات في لحظات«، وأمرني والجنود بتدمير كل شيء حي على الأرض وقتل أي أسير والتنكيل بالجثث، لقد قال بالحرف الواحد: »أريد أن ترتج السماء والأرض بانتصاركم الوشيك...«، لقد كان يتصرف وكأنه ذاهب لإبادة قرية لا يوجد بها سوى نساء وأطفال عزل...
   لم يتصرف مطلقا كقائد مسؤول عن أرواح رجاله... كان يقول بغباء لم أشهد مثيله في حياتي: »المهمة سهلة جدا... بضعة مئات من الجزائريين الضعفاء غير مدربين ولا مسلحين وغير مدعومين بالمرة.. نريد أن نفرمهم بجنازير دباباتنا لنلقن المصريين درسا مؤلما... ولنؤدّب كل من تسوّل له نفسه التصدي لنا«، كان فاشيا وقاسيا ولا يقبل الرأي الآخر، حتى أنني لم أستطع مناقشة خطة الهجوم معه بوضوح، وعندما جاءتنا الأوامر من القيادة العليا تطالبنا بالانسحاب الفوري، جنّ جنونه ورفض الأمر، في تلك الأثناء كنّا على بعد 10 كيلومترات من الهدف، فصرخ في الجميع عبر مكبر الصوت يخطب وكأنه داوود، قائلا: »على بعد أمتار ينتظركم المجد... قلوب أمهاتكم وقلوب العالم كلها معكم... بعد ساعة واحدة من الآن ستنظر لكم إسرائيل من تحت... أبيدوا هذه الفئران الجبانة التي ترتعد من بأسكم... لا ترحموهم... علموا العالم كيف يتعامل مع هذه الحثالة... لا تتركوا بيتا واحدا في الجزائر إلا متوشحا السواد... ومن بعد التفتوا إلى المصريين الجبناء... من الآن استعدوا لبناء أمجاد إسرائيل«.

ويواصل تيبت كشف أسرار هذه المعركة قائلا: اندفعنا بقوة صوب الأديبة تسبقنا قذائف دباباتنا... وما أن توغلنا في عمق المنطقة حتى وجدنا أنفسنا محاصرين من كل الجهات... كانت دباباتنا تنفجر بمعدل ثلاث إلى أربع دبابات في الثانية، فظننت أننا سقطنا في حقل ألغام... لكن أصوات الأعداء كانت تأتي من كل الاتجاهات، يقولون قولتهم الشهيرة »الله أكبر« وهم يمطروننا بالصواريخ المحمولة كتفا »آر.بي.جي«، المفاجأة شلت أيدينا وعقولنا... لم نتمكن من إطلاق قذيفة واحدة عليهم... لقد كانوا قريبين جدا... ولم تمر دقائق حتى دمر اللواء المدرع بأكمله، في حين لم تصمد قوات المظليين لأكثر من 30 دقيقة... وأبيدت عن آخرها... وتخيلوا... ماذا كان موقف شارون الشجاع وسط هذا الجحيم؟، ـ يتساءل تيبت ويجيب ـ: كان يصرخ ويبكي كالطفل الذي تركته أمّه تائها في الصحراء، كان يقول لسائق الدبابة تراجع... تراجع، لكن الصواريخ كانت أقرب من أوامره، فقفزنا من دبابتنا المحترقة تسترنا النيران المشتعلة في كل مكان، حتى قفزنا في مستنقع عشبي، أخذنا نسبح والنيران تلاحقنا... وشاءت الأقدار أن ننجو من المذبحة التي أوقعنا فيها بطل إسرائيل العظيم شارون، الذي أضاع على إسرائيل فرصة الالتفاف الأولى والهامة على الجيش المصري...


http://www.ittihadonline.net/forum/s...ad.php?t=48514


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الموقف الإسرائيلي

الموقف المصري

وصلات خارجية


المصادر

  1. ^ حرب أكتوبر 1973، من وجهة النظر الإسرائيلية
  2. ^ حرب أكتوبر 1973، من وجهة النظر الإسرائيلية
  3. ^ http://yom-kippur-1973.info/war/airlift1010.htm حرب أكتوبر 1973
  4. ^ كتاب حرب رمضان الجولة العربية الإسرائيلية الرابعة لكل من اللواء حسن البدرى ، طه المجدوب والعميد أركان حرب ضياء الدين زهدى ـ طبعة عام 1974