حملة بلاد الرافدين

حملة بلاد الرافدين
جزء من الحرب العالمية الأولى
Mesopotamian campaign 6th Army Siege of Kut.png
الخنادق في حصار الكوت.
التاريخ6 نوفمبر 1914 – 14 نوفمبر 1918
(أربع سنوات وأسبوع ويوم واحد)
الموقع
النتيجة نصر بريطاني، معاهدة سيڤر
التغيرات
الإقليمية
تقسيم الدولة العثمانية
المتحاربون

الامبراطورية البريطانية الامبراطورية البريطانية

الكويت (1914)[1][2][3]
 الدولة العثمانية
الإمبراطورية الألمانية الامبراطورية الألمانية
القادة والزعماء
Flag of the United Kingdom.svg جون نيكسون
Flag of the United Kingdom.svg پرسي ليك
Flag of the United Kingdom.svg فريدريك مود
Flag of the United Kingdom.svg تشارلز تاونسند
مبارك الصباح

Ottoman Flag.svg سليمان عسكري بك
Flag of the German Empire.svg كولمار فرايهر فون در گولتز
Ottoman Flag.svg نور الدين بك

Ottoman Flag.svg خليل پاشا
Ottoman Flag.svg كاظم قرة‌بكير
Ottoman Flag.svg علي إحسان پاشا
القوى
350,000[4]–410,000+[5] 100,000+[بحاجة لمصدر]
الضحايا والخسائر
92,000 100,000+[بحاجة لمصدر]

حملة بلاد الرافدين كانت حملة في مسرح عمليات الشرق الأوسط في الحرب العالمية الأولى دارت بين الحلفاء ممثلين في الامبراطورية البريطانية، ومعظم قواتها كانت من الامبراطورية الهندية وأستراليا؛ أما القوى المركزية، فكان معظم قواتها من الدولة العثمانية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

تمكنت الدولة العثمانية من غزو هذه البلاد في مطلع القرن السادس عشر. لم يكن للدولة العثمانية سيطرة محكمة على كل مناطق هذه البلاد ولم تحاول الامبراطورية أن تبني نظام للادارة لدرجة أنه لكي تصل قافلة الي العاصمة كانت تقضي أربعة أشهر في الطريق. وبمطلع القرن التاسع عشر بدأت سياسة إصلاح وتعديلات وهكذا حاولت الإمبراطورية حل هذه المشكلة وبدأت العمل في إنشاء خط سكة حديد برلين – بغداد في مطلع سنة 1888 واكتمل معظمه في سنة 1915 مع وجود أربعة فجوات فقط في المسار وهكذا أصبحت الرحلة تأخذ واحد وعشرين يوماً فقط للوصول من اسطنبول إلى بغداد.

من العوامل التي دفعت بريطانيا لإرسال قواتها إلى هذه المنطقة كانت الشركة الإنگليزية الإيرانية للنفط وهي من الشركات العاملة في المنطقة والتي كان لها امتياز أعمال التنقيب عن حقول النفط عبر الدولة الفارسية باستثناء أقاليم (أذربيجان، غيلان، مازندران، أستراباد، خراسان).[6] في سنة 1914 وقبل الحرب قامت بريطانيا بتوقيع عقد مع هذه الشركة لإمداد البحرية البريطانية بالنفط.[6] بينما كانت الكويت عاملاً استراتيجياً آخراً. ولم تتوقع الدولة العثمانية أي أحداث مهمة في هذهِ المنطقة.


بلاد الرافدين

كانت منطقة العمليات الحربية في العراق محصورة في الأراضي المروية بنهري دجلة والفرات حيث كان التحدي الأكبر هو تحريك القوات والامدادات عبر المستنقعات والصحراء والتي تحيط بمنطقة الصراع.

بعد بداية الحرب الاوروپية بقليل، أرسل البريطانيون قوة عسكرية لحماية عبادان. ففي عبادان كانت توجد واحدة من أوائل مصافي النفط في العالم. تضمن التخطيط العملياتي البريطاني إنزال قوات في شط العرب. أنيطت المهمة إلى الفرقة السادسة (پونا) المدعـّمة من الجيش الهندي البريطاني، وسـُميت قوة التجريدة الهندية D (IEFD).

كان هناك ثمة سبب آخر للجهد البريطاني في بلاد الرافدين، خصوصاً في أذهان السياسيين أمثال أوستن تشمبرلين (وزير الدولة للهند) ونائب الملك السابق اللورد كرزون، ألا وهو الحفاظ على هيبة بريطانيا في الرأي العام لمسلمي الهند. لذا كان الجهد مبذولاً من مكتب الهند والجيش الهندي، بمدخلات ضئيلة من وزارة الحربية البريطانية بلندن.[7]

كان الجيش الرابع العثماني موجود في المنطقة في بداية الحرب العالمية الأولى وكان يتكون من فيلقين: الفيلق الثاني عشر مع الفرقتين الخامسة والثلاثين والسادسة والثلاثون في الموصل، والفيلق الثالث عشر بالفرقتين 37 و38 في بغداد.

ندم متأخر

وكان اشتباك بحري قد وقع في البحر المتوسط في مطلع الحرب العالمية الأولى عندما حاولت عناصر أسطول البحر المتوسط البريطاني اعتراض الفرقة الألمانية للبحر المتوسط وتمكنت السفن الألمانية من مراوغة الأسطول البريطاني وعبرت مضيق الدردنيل لتصل إلى اسطنبول حيث كان وصولهم عامل مساعد ساهم في دخول الدولة العثمانية الحرب في معسكر القوى المركزية.[8] في 29 أكتوبر 1914 بعد مطاردة گوبن وبرسلاو، قامت المدمرة برسلاو بقصف ميناء فيودوسيا على البحر الأسود. إثر ذلك، في 30 أكتوبر، غيرت القيادة العليا في اسطنبول توزيع قواتها. وفي 2 نوفمبر، أعرب الصدر الأعظم سعيد حلمي پاشا للحلفاء عن ندمه عن تصرفات البحرية العثمانية. إلا أن وزير الخارجية الروسي سرگي سازونوڤ اعتبر الاعتذار متأخراً وقال أن روسيا اعتبرت تلك الغارة عمل حرب. حاولت الوزارة أن تشرح أن الأعمال العدائية التي وقعت قد قام بها ضباط ألمان في البحرية العثمانية بدون أخذ موافقة من القيادة العثمانية للبحرية. أصر الحلفاء على تعويضات لروسيا، وطرد الضباط الألمان من كل من گوبن وبرسلاو، والتحفظ على السفن الألمانية حتى نهاية الحرب. ولكن قبل أن ترد الحكومة العثمانية، أعلنت بريطانيا العظمى وفرنسا الحرب على الدولة العثمانية في 5 نوفمبر. إعلان الباب العالي الحرب جاء في 14 نوفمبر.[9]

وعندما بدأت حملة القوقاز الروسية بعد هجوم برگمان (كانت أول اشتباكات حملة القوقاز، الجنرال برگمان الذي كان قائد الفيلق القوقازي الأول الروسي أخذ زمام المبادرة ضد العثمانيين وانتهت بانتصار أولي للجيش العثماني وعندما فشل الهجوم الروسي وتكبدت روسيا خسائر فادحة وصلت إلى 40% من القوات الروسية) عندها قام وزير الحربية العثماني أنور پاشا بتوجيه الفرقة ال37 وقيادة الفيلق الثالث عشر إلى القوقاز للمشاركة في معركة ساري‌قميش (وهي المعركة التي دارت رحاها بين الجيش العثماني والجيش الروسي بدأ من 22 ديسمبر 1914 وحتى يناير 1915 وجزء من حملة القوقاز العسكرية والتي انتهت بانتصار روسي حيث كانت الاستراتيجية العثمانية مبنية على أن تكون قواتهم سهلة الحركة وأن تصل لأهداف محددة في توقيتات زمنية معينة مبنية على مباديء تكتيكية ألمانية وناپليونية وبسبب نقص التسليح وتدريب القوات العثمانية لقتال الشتاء لحقت بالجيش العثماني خسائر فادحة في معركة جبال الله أكبر بالإضافة إلي أن الفيلق الثاني عشر كان قد تم حشده معظمهٌ إلى المشاركة في الحملة العسكرية في سيناء وفلسطين.

كانت بلاد الرافدين ذات أولوية متدنية للعثمانيين، ولم يتوقعوا أعمالاً عسكرية كبرى فيها. فاحتفظوا بأفواج مسترخية من الفيلقين الثاني عشر والثالث عشر بمستويات وقت السلم. وأصبحت قيادة الجيش السادس هي (قيادة منطقة العراق) مع الفرقة 38 فقط تحت قيادتها. وتولى قيادتها المقدم سليمان عسكري بك. وقام باعادة حشد جزء من قوات الفرقة 38 في فم شط العرب، وباقي الدفاعات تمركزت في البصرة. ولم تملك هيئة الأركان العامة العثمانية في وقتها حتى خريطة جيدة للعراق. وحاولت القيادة العسكرية العثمانية رسم خريطة للعراق بمساعدة بعض الأفراد الذين عملوا في العراق قبل الحرب وبالرغم من فشل هذه المحاولة الا إن ناظر الحربية أنور باشا قام في النهاية بشراء خريطتان من ألمانيا بمقياس 1/1,500,000.

العمليات

1914

الهجوم البريطاني الأول، 1914.

في 6 نوفمبر 1914، بدأ الاحتلال البريطاني للعراق وكان الهجوم الأول بقصف من البحرية على الحصن القديم الفاو، في ولاية البصرة عند مصب شط العرب في الخليج العربي. وكان في مواجهة الأنزال البريطاني في الفاو ما يقارب 350 جندي عثماني وأربعة مدافع فقط. وبحلول منتصف نوفمبر، تم انزال نصف فرقة پونا على الشاطيء. وتحركت فرقة پونا إلى مدينة البصرة.

في 22 نوفمبر وبعد أسبوعيين، هاجم الجيش البريطاني مدينة البصرة ضد قوة عثمانية مكونة من 2900 مجند عربي من قيادة المنطقة العراقية بقيادة صافي پاشا، وتمكنوا من احتلالها.

تم أسر صافي باشا و1200 أسير معه، ولقد كان جيش العثمانيين الأساسي بقيادة خليل باشا يتمركز على بعد 275 ميل شمال غرب بغداد. وقاموا بمجهود ضئيل لطرد البريطانيين.

1915

وصل إلى بغداد ناظر الحربية العثماني أنور باشا، وأدرك خطأ التقليل من أهمية حملة بلاد الرافدين. ولهذا عين الفريق محمد فاضل باشا الداغستاني قائداً لجيش العشائر المتطوعين لقتال الجيش البريطاني في جبهة الكوت، ولقد أمر الفرقة 35 والفريق محمد فاضل باشا بالعودة إلى مواقعهم القديمة. ولقد فقدت الفرقة 38 قائدها في معركة ساريكاميش ثم أعيد تكوينها بعد ذلك.

وفي شهر يناير تولى سليمان عسكري بك قيادة منطقة العراق. ولم يكن لدى الجيش العثماني أي موارد أخرى لتحريكها إلى المنطقة حيث كانت معركة جالليبولي ماتزال دائرة.

دارت هذة المعركة في شبهة جزيرة جالليبولي في تركيا من 25 أبريل 1915 وحتى 9 يناير 1916 أثناء الحرب العالمية الأولى وهي عبارة عن هجوم إنجليزي –فرنسي للأستيلاء على العاصمة إسطنبول وتأمين طريق الأمدادات إلى روسيا). ولقد أنتهت هذة المحاولة بالفشل الذريع للقوات المهاجمة وتكبد الطرفان العثماني والحلفاء خسائر فادحة.

وقام سليمان عسكري بك بأرسال خطابات إلى شيوخ العرب في محاولة منهُ لتنظيمهم لمحاربة البريطانيين، ولقد أراد أسترجاع شط العرب بأي ثمن.

في 12 أبريل هاجم سليمان عسكري بك المعسكر البريطاني في الشعيبة بقوة 3800 مقاتل، وفي الصباح الباكر هاجمت هذه القوات من الشيوخ العرب ولم تسفر عن أي نتيجة. وتوقف الهجوم مع أول هجمة مرتدة للخيالة البريطانية. وأنتهت العملية بمقتل 1000 جندي وأسر 400 آخريين.

انتهى الانسحاب على بعد 75 ميل أعلى النهر عند آل حميسيا، وأصيب سليمان عسكري بك في (الشعيبة)، وفي النهاية أطلق النار على نفسهِ حزناً على الهزيمة في مشفى في البرجسية قرب البصرة.

لقد أدى الاندفاع السريع للقوات البريطانية أعلى نهر دجلة إلى تغيير توقعات بعض القبائل العربية بشأن الطرف الذي سوف ينتصر في هذا الصراع، ولقد كان هناك بالفعل بداية ثورة عربية في حملة سيناء وفلسطين العسكرية مدركين أن الجيش البريطاني أصبحت لهُ اليد الطولى في الصراع الدائر وبالتالي أنضم العرب إلى بريطانيا في هذهِ المنطقة، وقاموا بالأغارة على المستشفيات الحكومية وقتلوا الجنود في ولاية العمارة.

نتيجة النجاح البريطاني غير المتوقع أعادت القيادة البريطانية تقييم الخطة فقاموا بأرسال الجنرال سير جون نيكسون في أبريل 1915 لتولي القيادة. ولقد أمر تشارليز تاوزند للتقدم نحو بلدة الكوت بل وحتى إلى بغداد إذا تمكن من ذلك.

تقدم تشارليز بجيشه الصغير إلى أعلى نهر دجلة، ونجح في تحقيق عدة أنتصارات على عدد من الجيوش العثمانية التي أرسلت أليه لوقف تقدمه، وأزداد قلق ناظر الحربية العثماني أنور باشا من احتمال سقوط بغداد. فقام بأرسال جنرال ألماني عمرهُ 75 عاماً كولمار فون در گولتز لتسلم القيادة العامة للقوات، ولقد كان هذا الجنرال مؤرخ تاريخ حربي وقد ألف العديد من الكتب العسكرية الكلاسيكية وأمضى سنوات طويلة كمستشار عسكري في الامبراطورية العثمانية في حين ارسل العميد نور الدين ليكون القائد في الميدان.

وفي 22 نوفمبر تمت المواجهة بين الجيش العثماني أمام خصمهِ البريطاني في معركة ستسيفون أو معركة سلمان باك وهي مدينة على بعد 25 ميل جنوب بغداد. وأستمرت المعركة لمدة خمسة أيام، ولم تكن معركة موفقة للطرفين حيث انتهت بانسحاب كلا الجيشين من الميدان وأدرك الجنرال تاوزند ضرورة الأنسحاب الكامل من المعركة وسحب فرقتهِ بطريقة منظمة إلى إمارة الكوت واستقر هناك وتحصن بها ولكن مالبث أن لحقت بهِ الفرق 45، 38، 35، 44 العثمانية بقيادة نور الدين باشا وقوات ملحقة من القبائل العربية، وعادت القوات البريطانية المنهكة والمستنزفة إلى دفاعات إمارة الكوت. وأكتمل الانسحاب في 3 ديسمبر وفي خلال هذة الفترة خسر الجيش البريطاني 4.500 قتيل، أما نور الدين باشا فقد خسر 9.500 قتيل من أصل 35.000 ولقد فقدت الفرقة 45 حوالي 65% من قواتها.

قوات الجيش السادس العثماني

في 7 ديسمبر، بدء حصار الكوت، ومن وجهة نظر العثمانيين أدى حصار الكوت إلى منع الجيش السادس من أداء أي عمليات أخرى. ومن وجهة نظر الجيش البريطاني فإن الدفاع عن الكوت والأجبار على التراجع إلى ولاية البصرة كان خاطئاً حيث أن الكوت كانت معزولة. ويمكن الدفاع عنها ولكن يصعب أمدادها.

لقد ساعد الجنرال الألماني كولتز القوات العثمانية على بناء مواقع دفاعية حول الكوت، ثم أعادة تنظيم الجيش السادس إلى فيلقين الفيلق ال13 والفيلق 18. وقام نور الدين باشا بأصدار أوامره بأعادة تنظيم دفاعات الجيش السادس الذي يحاصر الجيش البريطاني، فتم بناء مواقع دفاعية جديدة أسفل نهر دجلة منعت أي محاولة لأنقاذ الجنرال تاوزند، وأقترح الجنرال تاوزند محاولة لكسر الحصار ولكن هذهِ الخطة رفضت من قبل السير جون نيكسون، ولكنه بعد فترة قبل الأقتراح. وأسس نيكسون تحت قيادة الجنرال أيلمر قوة أنقاذ. واستخدم الجنرال ايلمر هذهِ القوة في ثلاث محاولات كبيرة لكسر الحصار العثماني ولكن كل هذهِ المحاولات باءت بالفشل.

1916

وفي 20 يناير، قام ناظر الحربية أنور باشا باستبدال نور الدين باشا بالعقيد خليل بك. لم يرد نور الدين باشا أن يعمل مع جنرال ألماني. وأرسل برقية إلى وزارة الحربية يقول فيها: "لقد أثبت الجيش العراقي بالفعل بأنه لا يحتاج إلى الخبرة العسكرية للجنرال گولتس باشا." وبعد أول محاولة فاشلة تم احلال الجنرال نيكسون بالجنرال ليك.

لقد استخدم العقيد خليل الحصار لكسر الجيش البريطاني، ووصلت للجيش البريطاني كميات ضئيلة من الامدادات عن طريق النقل الجوي ولكنها لم تفي باحتياجات القوات البريطانية وأصبحت القوات البريطانية تواجهة اما المجاعة أو الأستسلام.

في خلال الفترة بين يناير ومارس 1916، قام ايلمر بشن مجموعة هجمات في محاولة منه لكسر الحصار واختراق خطوط العثمانيين، وبالتتابع وقعت هذهِ الهجمات في مجموعة معارك شرسة ابتدأت بمعركة الشيخ سعد ومعركة وادي الفلاحات ومعركة الصناعيات ومعركة مضيق الحنة ومعركة الدجيلة ومعركة سابس. ولقد حاولت سلسلة الهجمات هذهِ أن تكسر حصار الجيش العثماني ولكنها فشلت جميعها وكانت الخسائر فادحة لكلا الطرفين. وفي شهر فبراير، تلقى الفيلق الثامن امدادات عسكرية ممثلة في الفرقة الثانية مشاة بينما شح الطعام وتدهورت معنويات الجيش البريطاني في عمارة الكوت.

في 12 مارس 1916، قتل الفريق محمد فاضل باشا الداغستاني في معركة سابس بعد أن سقطت قنبلة مدفع على خيمته، فأصدر ناظر الحربية أنور باشا بياناً رسمياً في رثاءه وشيع بموكب عسكري مهيب وكانت جنازتهِ محمولة على عربة مدفع، يحيط بها كبار رجال الجيش ثم دفن في مقبرة الخيزران ببغداد.

في 19 أبريل توفي الفيلد مارشال الألماني كولتز بعد اصابتهِ بمرض الكوليرا وبعد هذا تكررت المحاولات البريطانية للوصول إلى المدينة عن طريق النهر بواسطة سفينة بخارية ولكنها باءت بالفشل. وفي النهاية استسلم تاونسند في 29 أبريل 1916 ووقع 13.000 جندي منهم 8.000 بريطاني في أيدي الجيش العثماني أسرى.

نظر البريطانيين إلى هزيمة الكوت كهزيمة مهينة، لقد مرت سنوات عديدة منذ أن أسرت أعداد كبيرة من البريطانين في أي معركة. ومما زاد من وقع الهزيمة أنها جاءت بعد أربعة أشهر فقط من هزيمة حملة گاليپولي. وتم عزل معظم القادة في الجيش البريطاني من القيادة والمتورطيين في فشل انقاذ تاونسند، أما الجيش العثماني فقد تمكن من المحافظة على مواقعهِ الدفاعية ضد قوات متفوقة عسكرياً وتقنياً وعددياً.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1917

جيش الجنرال مود يستولي على الكوت، 1917.
القوات البرطانية تدخل بغداد، 1917.

رفض قادة الجيش البريطاني أن يدعوا هذهِ الهزيمة تمر مر الكرام. ولهذا تم منح الجنرال مود قوات اضافية ومعدات واستمر لمدة ستة أشهر في تدريب هذهِ القوات وتنظيمها.

وشن الجيش البريطاني هجوماً شرساً في 13 ديسمبر 1916. وتقدم القوات البريطانية من على ضفتي نهر دجلة وأجبرت الجيش العثماني على الخروج من عدة مواقع عسكرية محصنة على طول الطريق.

وشن الجنرال البريطاني مود هجوم ناجح على كوت العمارة وأستعادها في شهر فبراير 1917، مدمراً معظم الجيش العثماني في الهجوم. وفي بداية شهر مارس, كان البريطانيين على أبواب بغداد، وقامت حامية بغداد تحت قيادة حاكم منطقة بغداد خليل باشا بمحاولة وقف الهجوم ولكن تمكن الجنرال مود من مراوغة الجيش العثماني وتدمير الفوج العثماني والاستيلاء على المواقع الدفاعية العثمانية. فانسحب خليل باشا بطريقة عشوائية من المدينة وسقط ما لا يقل عن 15000 جندي عثماني أسيراً في يد القوات البريطانية، وفي 11 مارس 1917 دخل الجيش البريطاني مدينة بغداد حيث تمت تحيتهم كمحررين، ولقد لعبت قوات الهند البريطانية دوراً مهماً في تحرير بغداد. وبعد أسبوع من سقوط المدينة أصدر الجنرال مود بيان بغداد، والذي أحتوى على العبارة الشهيرة "لم تأتي جيوشنا إلى مدينتكم وأرضكم كغزاة أو أعداء ولكن كمحررين".

توفي الجنرال مود في بغداد بعد أصابتهِ بمرض الكوليرا في 18 نوفمبر وتم وضع الجنرال وليام مارشال بديلاً عنهُ والذي أوقف العمليات الحربية في فصل الشتاء.

1918

الوصول لـنهر الزاب الأصغر، على بعد 120 كم في يومين.

استكمل الجيش البريطاني هجومه في أواخر فبراير 1918 مستولياً على هيت وخان البغدادي في مارس وكفري في أبريل. وفي بقية سنة 1918، كان على الجيش البريطاني تحريك قواتهِ إلى حملة سيناء وفلسطين للإعانة في معركة مجيدو حيث قام الجنرال مارشال بتحريك بعض من قواتهِ شرقاً لمعاونة الجنرال ليونل دنسترڤيل في عملياتهِ الحربية في فارس أثناء صيف 1918. ولقد أصبح جيشهُ هائل القوة غير نشيط وليس فقط في الموسم الحار ولكن خلال أغلب الموسم البارد. فالقتال في أرض الرافدين لم يعد مطلوباً.

هدنة مدروس، أكتوبر

بدأت مفاوضات الهدنة بين جيش الحلفاء والجيش العثماني في أكتوبر. وبالرغم من ذلك فقد قام الجنرال مارشال بتنفيذ التعليمات الصادرة لهُ من مكتب قيادة الأركان البريطانية للقيام بالهجوم للمرة الأخيرة وكان النص كالتالي: "يجب بذل أقصى جهد لتحقيق أكبر تقدم ممكن بإتجاه نهر دجلة قبل صفارة النهاية" وهكذا وللمرة الأخيرة قام الجنرالألكسندر كوب بقيادة قوة بريطانية من بغداد في 23 أكتوبر 1918، وفي خلال يومين قطع مسافة 120 كيلومتر حتى وصل لنهر الزاب الصغير حيث توقع مواجهة الجيش العثماني السادس بقيادة إسماعيل حقي، وانتصر الجيش البريطاني مرة أخرى وهرب الجيش العثماني في معركة الشرقاط، وأسر معظم القوة العثمانية.


في 30 أكتوبر 1918 وقعت هدنة مدروس ووافق الطرفان على الأوضاع الحالية. ووافق الجنرال مارشال استسلام خليل پاشا والجيش السادس في نفس اليوم. ولكنهُ استمر في التقدم واستولى على ولاية الموصل بعد ثلاث أيام من توقيع الهدنة ودخلتها القوات البريطانية في 14 نوفمبر 1918. انتهت الحرب في بلاد الرافدين في 14 نوفمبر 1918. وكان ذلك بعد 15 يوم من توقيع الهدنة وبعد يوم واحد من احتلال اسطنبول.

التبعات

مع الوجود الفعلي للقوات الهندية البريطانية على الأرض، قام البريطانيون باستيراد موظفين مدنيين من الهند الذي كان لديهم معرفة وخبرة مسبقة عن كيفية فرض الحكومات للاستعمار. طرد العثمانيين هز ميزان القوى القديمة لقرون. العرب الذين كانوا يعتقدون أن طرد العثمانيين سيؤدي إلى استقلال أكبر وحاربوا إلى جانب الحلفاء القوات العثمانية واجهوا معضلة أخرى. أصيبوا بخيبة الأمل بشأن مزاعم ترددت حول الانتداب البريطاني على بلاد الرافدين.

تأسس في المنطقة ثلاث جمعيات سرية بارزة مناهضة للاستعمار خلال عامي 1918 و1919. في النجف، تأسست جمعية النهضة الإسلامية. الجمعية الوطنية الإسلامية كانت قد تأسست بهدف تنظيم وحشد الأهالي للمقاومة الكبرى. في فبراير 1919، في بغداد، تحالف التجار الشيعة، المدرسين السنة والموظفين المدنيين، العلماء السنة والشيعة، والضباط العراقيين أسس جمعية حراس الإستقلال. كان لجمعية أعضاء في كربلاء، النجف، الكوت، والحلة. كان وضع البريطايين في الموصل غير مستقل. اعتمد البريطانيون تدابير يائسة لحماية مصالحهم. اندلعت الثورة العراقية ضد البريطانيين بعد فترة وجيزة من إعلان الانتداب. قضت عليها القيادة الملكية البريطانية في العراق عام 1920.

البرلمان العثماني وافق بالأغلبية على التنازل عن المنطقة، لكن الآراء اختلفت حول قضية الموصل. أعلن البرمان العثماني الميثاق الملكي. بموجب هذا الميثاق كانت الموصل جزءاً من معقلهم، إستناداً إلى الماضي، التاريخ، المفهوم المشترك للأخلاق والقوانين. على ما يبدو، من وجهة النظر البريطانية، أنه إذا ما نجح مصطفى كمال أتاتورك في تأمين جهود الرامية إلى تأسيس الجمهورية التركية، فسوف يحول انتباهه إلى استعادة الموصل والدخول إلى بلاد الرافدين، حيث من المحتمل أن ينضم إليه السكان المحليين. حاول وزير الخارجية البريطاني نفي وجود أي نفط في منطقة الموصل. في 23 يناير 1923، زعم اللورد كروزون أن وجود النفط ليس إلا مجرد أمراً افتراضياً..[10] ومع ذلك، وتبعاً لأرمسترونگ، "إنگلترة أرادت النفط. كانت الموصل والأكراد هما المفتاح."[11]

الخسائر

خسر الجيش البريطاني وجيش الهند البريطانية مالا يقل عن 92.000 جندي في حملة بلاد الرافدين, أما خسائر الدولة العثمانية فلا زالت غير معلومة حتى الآن ولكن تم أسر ما لا يقل عن 45000 جندي عثماني.

في نهاية 1918 كان لبريطانيا حوالي 410.000 جندي في المنطقة بالرغم من أن 112.000 منهم فقط مقاتليين.

معارك الحملة

انظر أيضاً

الهوامش

  1. ^ Slot 2005, p. 406
  2. ^ Slot 2005, p. 407
  3. ^ Slot 2005, p. 409
  4. ^ Erickson 2007, page 154.
  5. ^ A naval history of World War I, Paul G. Halpern, Routledge, 1995, ISBN 1-85728-498-4, page 132.
  6. ^ أ ب The Encyclopedia Americana, 1920, v.28, p.403
  7. ^ Woodward, 1998, pp113
  8. ^ حملة بلاد الرافدين، ويكيپديا العربية
  9. ^ CUP Declaration of War, 14 November
  10. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة britainsoil
  11. ^ Harold Courtenay Armstrong Gray Wolf, Mustafa Kemal: An Intimate Study of a Dictator. page 225

المصادر

  • F.J.Moberley The Campaign in Mesopotamia(4 vols, 1923–27, HMSO, official history)
  • A. J. Barker (1967) The Neglected War. Faber and Faber.
  • A. J. Barker (2009) The First Iraq War, 1914–1918: Britain's Mesopotamian Campaign. New York: Enigma Books. ISBN 978-1-929631-86-5. (published in 1967 in Britain as The Neglected War)
  • Mesopotamia Campaign – from The Long, Long Trail website, downloaded January, 2006.
  • [1]Mesopotamia Campaign, from The Commonwealth War Graves Commission newsletter, downloaded June, 2011.
  • Strachan, Hew (2003). The First World War, pp 123–125. Viking (Published by the Penguin Group)
  • Fromkin, David (1989). A Peace to End All Peace. Avon Books.
  • U.S. Military Academy map of the 1915 Campaign
  • U.S. Military Academy map of the Siege of Kut
  • Esposito, Vincent (ed.) (1959). The West Point Atlas of American Wars – Vol. 2; map 53. Frederick Praeger Press.
  • Briton Cooper Busch (1971) Britain, India, and the Arabs 1914–1921. University of California Press.
  • Wilcox, Ron (2006) Battles on the Tigris. Pen and Sword Military
  • Woodward, David R . "Field Marshal Sir William Robertson", Westport Connecticut & London: Praeger, 1998, ISBN 0-275-95422-6
  • Cato, Conrad. The Navy in Mesopotamia, 1914–1917. London: Constable & Co., 1917.
  • E.O.Mousley The Secrets of a Kuttite: An Authentic Story of Kut, Adventures in Captivity and Stamboul Intrigue (1922; John Lane, The Bodley Head, London & New York)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وصلات خارجية