هنري الثالث من فرنسا

(تم التحويل من Henry III of France)
هنري الثالث
ملك فرنسا وپولندا
گراندوق لتوانيا؛ كونت پروڤانس
(المزيد...)
صورة هنري الثالث في اللوڤر.
صورة هنري الثالث في اللوڤر.
فترة الحكم 30 مايو 15742 أغسطس 1589
التتويج 13 فبراير 1575
سبقه شارل التاسع
تبعه هنري الرابع
Consort لويز دى لورين-ڤوديمون
الاسم الكامل
Alexandre-Édouard de Valois-Angoulême
Titles and styles
جلالة ملك فرنسا
دوفان ڤيينوا
جلالة ملك پولندا
دوق أورليان
دوق أنگولم
البيت الملكي أسرة ڤالوا
الأب هنري الثاني
الأم كاترين دى مديتشي
وُلـِد (1551-09-19)19 سبتمبر 1551
شاتو فونتينبلو، فرنسا
توفي 2 أغسطس 1589(1589-08-02) (aged 37)
سان-كلود، فرنسا
المدفن بازيزليكا سان-دني، فرنسا

هنري الثالث من فرنسا (19 سبتمبر 1551 - 2 اغسطس 1589) كان اسمه الكسندر إدوارد فالويس، كان ملك فرنسا من 1574 إلى 1589 وأول ملك بولندا منتخب من 1573 إلى 1574.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الحياة

سنواته الاولى

ولد هنري في القصر الملكي، وهو ثالث ابن للملك هنري الثاني وكاثرين دى مديتشي، وحفيد فرانسوا الاول وكلود الفرنسي، وأخ لفرانسوا الثاني وشارل التاسع. وأصبح هو دوق أنگولم ودوق اورليان في عام 1560 و دوق أنجو في عام 1566.

فى عام 1564 أصبح اسمه هنري. وكان المفضل لدى أمه. اسمته بإسم "العيون الغالية" وأعطت له حنانها حبها طوال حياتها. أخوه الاكبر شارل كبر وهو ماقت له، بسبب نشاط وحصة هنري الجيدين.

شبابه

في شبابه كان يعتبر من أفضل أبناء كاثرين مديتشي وهنري الثاني. على العكس من أبيه وإخوانه الأكبر منه، كان لديه اهتمام صغير بالتقاليد القديمة التي تتعلق بالصيد والتمارين (على الرغم من براعته في المبارزة)، في المقابل كان له اهتمام بالفنون والقراءة - هذه الميول اكتسبها من أمه الإيطالية.

هو ايضا في مرحلة معينة من شبابه، أظهر ميلاً نحو البروتستانتية كوسائل للثورة - في سن التاسعة، أطلق على نفسه الهوگينو الصغير، رفض حضور القداس، غنى المزامير البروتستانتية لأخته مارگو (محاولة منه لجعلها تغير دينها)، وكسر أنف تمثال القديس بول.

حروب الدين

حصار لا روشل الذي قام به دوق أنجو في 1573 (سجادة "تاريخ هنري الثالث"، اكتملت في 1623)


ملك پولندا ودوق لتوانيا الأعظم (1573–1575)

هنري الثالث على العرش الپولندي، أمام الدايت الپولندي والأرستقراطية محاطاً بحملة الرماح، 1574.
هروب هنري الثالث من پولندا، بريشة آرتور گروتگر، 1860
هنري ملكاً على پولندا


حكم فرنسا (1575-1589)

بعد أن تربع الدوق أنجو فترة قصيرة على عرش بولندة عاد في الرابعة والعشرين ليعتلي عرش فرنسا باسم هنري الثالث، آخر ملوك فالو الفرنسيين. وهو يطالعنا في صورة له باللوفر لا يعرف مصورها، فتى طويلاً، نحيلاً، شاحباً، حزيناً، رجلاً ذا نية طيبة، شوشت عليه حياته الوراثة السيئة. كان ضعيف البنية، قلق العاطفة، سريع الإعياء، وكان عليه أن يجتنب الركوب والصيد، ويلزم فراشه أياماً إثر دقائق من الغرام النشيط. وقد شكا حكة في جلده لا سبيل إلى برئها، وصداعاً في رأسه ووجعاً في معدته ونزفاً في أذنه. أبيض شعره وسقطت أسنانه قبل ان يبلغ السادسة والثلاثين. أما غطرسته البادية فلم تكن في حقيقتها سوى جبن، وأما قسوته فخوف، فإذا أرسل نفسه على سجيتها كان لطيفاً حذراً. ولكنه لسوء الحظ كان شديد الولع بارتداء ثياب النساء. ظهر في حفلة رقص مرتدياً ثوباً انخفضت فتحة عنقه وأحاطت برقبته عقد من اللآلئ، وكان يلبس الجواهر في أذنيه والأساور في ذراعيه. وجمع من حوله اثني عشر »غندورا«، شباب جعدوا شعورهم الطويلة وصبغوا وجوههم، وازدانوا بالثياب البهية، وضمخوا أنفسهم بالعطور التي نشرت أريجها حولهم. ومع أشباه الرجال هؤلاء ألف أحياناً-وهو متنكر في ثوب امرأة-أن يعربد في الشوارع ليلاً ويلعب ألاعيبه على المواطنين. وقد أفرغ خزانة بلده المشرف على الإفلاس والفوضى على أحبائه الذكور، فأنفق أحد عشر مليوناً من الفرنكات على زفاف أحدهم، وضاعف ثمن المناصب القضائية ليشتري هدية زواج لآخر. على أنه أنفق بعض مال شعبه في أغراض نافعة-فبني البون نوف وحسَّن اللوفر، وانتشل بعض أجزاء باريس من قذارتها إلى حسن العمارة والنظافة. وأعان الأدب والمسرح. وبذل جهوداً متقطعة للنهوض بالادارة. وتكفيراً عن كل سيئاته حج مرات راجلاً إلى شارتر وكليري، وفي باريس مشى من كنيسة إلى كنيسة-وهو يعبث بمسبحات كبيرة، وجمع في حماسة الكثير من الصلوات الربانية والسلامات المريمية، وسار في مواكب »التائبين الزرق« الليلية الرهيبة وجسده في غرارة بها ثقوب لقدميه وعينيه. ولم يعقب. أما أمه التي حملت إليه بذور الانحلال من أبوين مريضين فكانت تتطلع في أسى إلى تدهور سلالتها وانقراضها الوشيك.

هنري الثالث
پورتريه ممتطياً صهوة جواده (1574)
Le roi apparaît sur un fond de ruines comme l'élu qui restaurera la France

كان في الموقف السياسي من الاضطراب ما لا يرقي إليه إدراك هنري، فهو لم يخلق للحرب. وكانت كاترين تتوق إلى السلام وقد تقدم بها العمر، ولكن الهيجونوت ما زالوا ثائرين، فهم يائسون ولكنهم لم يذلوا. وكان أخوه الدوق ألينسون يتودد إلى ملكة بروتستانتية تجلس على عرش إنجلترا، وإلى ثوار بروتستنت في الأراضي المنخفضة، وإلى هنري نافار في بيارن. وكانت أقلية من زعماء الكاثوليك، ساهم نقادهم بـ »السياسيين«، تعتنق أفكار لوبيتال (الذي مات حزيناً عام 1573)، فاقترحوا التسامح المتبادل بين المذهبين المقتتلين، ودافعوا عن فكرة مكروهة في المعسكرين، وهي أن في استطاعة الأمة أن تحيا دون وحدة في العقيدة الدينية. وقالوا إن على فرنسا إذا حظر البابوات مثل هذا التوفيق بين الفريقين أن تقطع روابطها الدينية مع روما. فلما خاف هنري التعاون بين هؤلاء السياسيين والهيجونوت، وخشي غارات الجنود الألمان القادمين لتعزيز قوة البروتستانتية، أنهى عام 1576 الحرب الدينية الخامسة بتوقيعه »صلح الموسيو« في يوليو، واصداره مرسوم تهدئة-وهو مرسوم يوليو-الذي منح الهيجونوت حرية العبادة في كل مكان بفرنسا، وحق اختبارهم لجميع المناصب، وسمح لهم بثماني مدن يكون لهم فيها كامل السلطة السياسية والعسكرية.

وصدمت هذه التنازلات الممنوحة لفريق ظن الناس أنه تحطم وانتهى معظم الكاثوليك الفرنسيين، لا سيما جماهير باريس الشديدة التمسك بعقيدتها. وكان كردينال اللورين قد اقترح عام 1562 »حلفاً مقدساً« يقسم أعضاؤه على الدفاع عن الكنيسة بكل وسيلة أياُ كانت، وبأي ثمن كائنا ما كان. ونظم هنري جيز مثل هذا الحلف في شميانيا عام 1568. ومن ثم ألفت الآن جماعات كهذه في كثير من الأقاليم. وفي عام 1576 أعلن الدوق جهاراً تأليف »الحلف المقدس« واستعد لنزال يسحق به الهيجونوت سحقاً.

عملة هنري الثالث، 1577

ولا حاجة بنا لتتبع سير الحروب الدينية السادسة والسابعة والثامنة إلا في تأثيرها على مجرى الأفكار في فرنسا. هنا دخلت الفلسفة ساحة الوغى مرة أخرى. ففي عام 1579 أصدر مؤلف غير معروف الاسم- ربما كان فليب دوبليسي- مورنيه- أحد مستشاري نافار-من بازل بياناً مثيراً سماه »دفاع (عن حقوق الشعب) ضد الطغاة«. كتبه باللاتينية، ولكن سرعان ما ترجم إلى اللغات القومية. وقد دام أثره قرناً كاملاً واستخدمه الهيجونوت في فرنسا، والهولنديون ضد فيلب، والبيورتان ضد تشارلز الأول، والوجز تبريرا لعزلهم جيمس الثاني. واتخذت النظرية القديمة، نظرية »العقد الاجتماعي« الضمني المبرم بين الشعب وحاكمه، شكلاً محدداً في هذا الكتاب، وسنشهدها مرة أخرى في هوبز، ولوك، وروسو. فالحكومة أولاً هي ميثاق بين الله، والشعب، والملك، لدعم »الدين الحق« والامتثال له-وهو البروتستانتية في هذه الحالة، وأي ملك يقصر في هذا يحل عزله-والحكومة ثانياً هي ميثاق بين الملك والشعب، الأول ليحكم بالعدل، والثاني ليطيع مسالماً. والملك والشعب على السواء خاضعان للقانون الطبيعي. أي قانون العقل والعدالة الطبيعية، الذي يمثل القانون الأدبي الإلهي، ويعلو على كل قانون »وضعي« (أي من صنع الإنسان). أما وظيفة الملك فصيانة القانون الوضعي والطبيعي والإلهي، فهو اداة القانون لا سيده. »والرعايا... بوصفهم هيئة، يجب اعتبارهم سادة المملكة وأصحابها المطلقين« ولكن من الذي يقرر أن الملك طاغية؟ لا الشعب في جمهوره، »ذلك الوحش الكثير الرؤوس«، بل ليقرر ذلك القضتة، أو مجلس كمجلس الطبقات الفرنسي مثلا. ولا يصح أن يتبع كل فرد خاص ضميره، فقد يحسب هواته ضميره، وهنا تأتي الفوضى، ولكن إذا دعاه القاضي للعصيان المسلح فعليه أن يلبي الدعوة. على أنه يحل قتل الطاغية بيد أي إنسان إذا كان مغتصباً(4).

الأسطول الفرنسي se fait écraser par la flotte espagnole le 26 juillet 1582 aux Açores

واشتد صراع القوى والأفكار بعد أن مات دوق ألينسون (1584) واعترف هنري الثالث بهنري نافار وريثاً افتراضياً للعرش. وكف الهيجونوت بين عشية وضحاها عن حديث الطغيان والعزل وأصبحوا المؤيدين المتحمسين للشرعية لما توقعوا من قرب انهيار ملك فالوا المتهافت وتسليمه فرنسا لرجلهم البروتستانتي البوريوني. وإذا القوم يعرضون عن كتاب »الدفاع« الذي كان بالأمس القريب بياناً هيجونوتياً، بل إن أوتمان ذاته صرح بأن مقاومة هنري نافار خطيئة(5). ولكن أكثر فرنسا كان يقشعر فرقاً من فكرة ملك هيجونوتي يتربع على عرشها. فكيف يمكن أن تمسح الكنيسة بالزيت المقدس بروتستانتياً في مدينة رامس؟ وهل يستطيع أحد يغير هذه المسحة أن يكون ملكاً شرعياً لفرنسا؟ أما رجال الاكليروس السنيون، يتزعمهم اليسوعيون المتحمسون، فقد نددوا بالوراثة وأهابوا بجميع الكاثوليك أن ينضموا إلى الحلف. وانضم إليه هنري الثالث بعد أن جرفه هذا التيار، وأمر جميع الهيجونوت بأن يعتنقوا الكثلكة أو يرحلوا عن فرنسا. وناشد هنري نافار أوربا أن تعترف بعدالة قضيته، ولكن البابا سيكستوس الخامس حرمه، وصرح بأنه لا يمكن أن يرث العرش لأنه زنديق سادر في زندقته. وهنا أعلن شارل، كردينال بوربون، نفسه وريثاً افتراضياً للعرش. وعاودت كاترين محاولتها في سبيل السلام، فعرضت أن تؤيد نافار إذا تخلى عن بروتستانتيته، ولكنه أبى، وامتشق الحسام على رأس جيش بعضه كاثوليكي، واستولى على ست مدن في ستة شهور، وهزم جيشاً للحلف يبلغ ضعف جيشه عند كوترا (1587).

وسيطر الهيجونوت الآن وهم لا يتجاوزون جزءاً على اثني عشر من السكان(6) على نصف مدن فرنسا الكبرى(7). ولكن باريس كانت قلب فرنسا وهي مع الحلف قلباً وقالباً. ولم يرض الحلف بالتأييد الفاتر الذي لقبه من هنري الثالث، فأقام في العاصمة حكومة ثورية تتألف من ممثلين للأحياء الستة عشر؛ وتفاوضت حكومة »الستة عشر«، مع أسبانيا لتغزو إنجلترا وفرنسا، وبيتت اعتقال الملك. وأرسل هنري في طلب حرس سويسري، ودعت حكومة الستة عشر دوق جيز إلى تقلد السلطة في باريس، نعته الملك، ولكن الدوق وصل، وهتفت له الجماهير زعيماً لقضية الكثلكة في فرنسا. وفر هنري الثالث إلى شارتر وقد شعر بالهوان وتوعد بالانتقام. ثم فقد أعصابه مرة أخرى؛ فتبرأ من هنري نافار، وعين هنري جيز قائداً أعلى للجيوش الملكية، ودعا مجلس الطبقات للاجتماع في بلوا.

فلما اجتمع المندوبون لاحظ الملك في سخط مظاهر التكريم التي حظي بها جيز والتي تقرب مما يحظى به الملوك. وفي يوم تصميم مسعور أقنع بعض أعوانه بقتل الدوق. ودعا إلى لقاء خاص، وبينما النبيل الشاب يقترب من حجرة الملك طعنه تسعة من المهاجمين طعنات أودت بحياته، وفتح الملك الباب وتطلع في رضى يشوبه الانفعال إلى هدفه الذي تحقق (24 ديسمبر 1588). ثم أمر بسجن زعماء الحلف وقتل الكردينال جيز أخي الدوق. وفي فخر ورعب أنهى إلى أمه بطولاته التي ناب فيها عنه غيره، فعصرت يديها في يأس وقالت له »إنك خربت المملكة«.

ولم يمض اثنا عشر يوماً حتى ماتت في التاسعة والستين وقد أضنتها المسئوليات والهموم والدسائس، وربما تبكيت الضمير أيضاً. ولم يكن أحد من الناس يتوقف ليحزن على موتها. ودفنت في مقبرة عامة ببلوا، لأن حكومة الستة عشر أعلنت أنها ستلقى جثثها في السين إذا جئ بها إلى باريس. واتهم نصف فرنسا هنري الثالث بالقتل، وجاب الطلاب الشوارع مطالبين بعزله، اما لاهوتيو السوربون يؤيدهم البابا فقد أحلوا الشعب من ولائه للملك، ودعا القساوسة إلى المقاومة المسلحة له في كل مكان. وقبض على مؤيدي الملك، واحتشد الرجال والنساء داخل الكنائس مخافة أن يحسبوا من أنصار الملك. واعتنق مؤلفو كراريس الحلف الايديولوجية السياسية للهيجونوت، فأعلنوا أن الشعب صاحب السيادة، وله الحق في خلع الطاغية عن طريق البرلمان أو القضاة، وأي ملك في المستقبل ينبغي أن يخضع للقيود الدستورية، وأن يكون واجبه الأول فرض الدين الحق- وهو الكاثوليكية في هذه الحالة(8).

أما هنري الثالث، الموجود الآن في تور مع بعض النبلاء والجنود، فقد وجد نفسه بين نارين. فجيش الحلف يزحف عليه من الشمال بقيادة دوق مايين، وجيش نافار يزحف من الجنوب فاتحاً المدينة تلو المدينة، إذن فإحدى القوتين قابضة عليه لا محالة. واغتنم هنري الهيجونوتي فرصته، فأوفد دوبليس- مورني ليعرض على الملك محالفته وحمايته وتأييده. والتقى الهنريان عند بليسي- لي- تور وتعاهدا بوفاء كل منهما لصاحبه (30 ابريل 1589). وهزم جيشاهما المتضافران مايين وزحفا على باريس.

وفي العاصمة المسعورة استمع راهب دومنيكي يدعى جاك كليمان في حماسة إلى ما تردد من اتهام لهنري الثالث بالاغتيال. وقد أكدوا له أن القيام بعمل عظيم في سبيل قضية مقدسة سيمحو كل تبعة عن أوزاره، وأثار ثائرته حزن كاترين دوقه مونبنسييه، شقيقة الأخوين القتيلين جيز، وحركة جمالها. فاشترى خنجراً، وتسلل إلى معسكر الملك، وطعنه في بطنه، فقتله الحراس، ومات واثقاً من ثواب الجنة. أما هنري فالوا فقد مات غداة طعنة (2 أغسطس 1589) وهو يتوسل إلى اتباعه أن يلزموا هنري نافار. وانتشرت الفوضى في جيش المحاصرين، وتبدد أكثره، وأجل الهجوم المقترح على باريس. أما في داخل الكنيسة فقد بلغت فرحة الحلف وتابعيه حد الهذيان. ووضعت بعض الكنائس صورة الراهب فوق مذبحها(9)، وهلل الأتقياء لاغتيال الملك باعتباره أنبل عمل في سبيل الله تم منذ تجسد المسيح(10). وأستدعيت أم كليمان من الريف، فوعظت في الكنائس، واحتفل القوم بها بترتيل ترنيمة مقدسة: »طوبى للبطن الذي حملك، وللثدي التي أرضعتك«(11).


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

علاقاته مع ما وراء البحار

في عهد هنري، أرسلت فرنسا أول قنصل لها في المغرب وهو گي‌يوم بيرار Guillaume Bérard. الطلب جاء من الأمير المغربي عبد الملك، الذي كان بيرارد قد انقذ حياته أثناء جائحة في اسطنبول وأراد أن يُبقي بيرار في خدمته.[1]

شجع هنري الثالث استكشاف وتنمية مناطض في العالم الجديد. ففي 1588، منح جاك نوِل، ابن شقيق جاك كارتييه، امتياز الصيد وتجارة الفراء والتعدين في فرنسا الجديدة.[2]

الطريق إلى باريس (1589-1594)

بلغ هنري نافار الآن نقطة الحسم في حياته. لقد وجد نفسه فجأة، يحكم القانون والتقاليد، ملك فرنسا. ولكن نصف جنده تركوه بمثل هذه السرعة الفجائية تقريباً. أما النبلاء الموالون لهنري الثالث فقد انطلقوا إلى ضياعهم؛ واختفى معظم الكاثوليك الذين كانوا يحاربون في جيشه. ورفض ثلثا فرنسا فكرة الملك البروتستنتي رفضاً باتاً. أما جماعة »السياسيين« فقد أسكنهم الاغتيالان برهة؛ واعترف برلمان باريس بالكردينال بوربون ملكاً على فرنسا؛ ووعد فليب ملك أسبانيا الحف بذهب الأمريكتين ليحتفظ بفرنسا في حظيرة الكاثوليكية. وكان التفسخ الذي أصاب إنتاج فرنسا وتجارتها قد جلب على البلاد من الدمار ما لم يبق لها معه إلا نشوة الحقد والكراهية القاتلة. وهو أمر لم يحزن فليب كثيراً.

كان محالاً على نافار أن يهاجم مدينة كباريس تكن له العداء الشديد، بجيش انفرط عقده وتقلص عدده. ومن ثم فقد عمله في كفاية قيادية، عطلتها خليلاته أكثر مما عطلها العدو، إلى سحب قواته إلى الشمال ليتلقى المعونة من إنجلترا، وتبعه مايين مما أتاحت له بدانته من سرعة. والتقى الجيشان عند آرك جنوبي دبيب مباشرة، وعدة جيش هنري 7.000، وجيش مايين 23.000 (21 سبتمبر 1589). ونستطيع أن نفهم نتيجة المعركة من رسالة هنري إلى رفيقه في السلاح كريون، »أشنق نفسك أيها الشجاع كريون، لقد خضنا المعركة عند آرك، ولم تكن أنت هناك« وشدد الانتصار من عزيمة أعوان هنري السريين في كل مكان. ففتحت عدة مدن أبوابها له مغتبطة، واعترفت به جمهورية البندقية ملكاً؛ أما اليزابث التواقة كالبندقية إلى الحيلولة دون سيطرة أسبانيا على فرنسا، فقد أرسلت له 4000 جندي، و 22.000 جنيه ذهبي، و 70.000 رطل من البارود، وشحنات من الأحذية، والطعام، والنبيذ، والجعة. ورد فليب على هذا بارساله تجريدة من فلاندر إلى مايين. والتقى الجيشان المعززان عند إفري على نهر أور في 14 مارس 1590. ورشق هنري في خوذته ريشة شرف كبيرة بيضاء- لا يكاد المرء يسميها ريشة طائر بيضاء- وقال لجنده »إذا فرقكم وطيس المعركة لحظة فتجمعوا تحت أشجار الكمثري تلك التي ترونها على يميني، وإذا فقدتم أعلامكم فلا تغفلوا عن ريشتي البيضاء- ستجدونها دائما في طريق الشرف، وفي طريق النصر أيضاً كما أرجو«. وقاتل في المقدمة كما كان شأنه دائماً. وورم ذراعه الأيمن وتشوه سيفه من كثرة مقارعة العدو. وقد خدمه اشتهاره بالرأفة، إذ استسلم له الآلاف من الجنود السويسريين الذين كانوا في جيش مايين والذين لم تدفع لهم رواتبهم. وخلف انتصار هنري الحلف بغير جيش، فزحف على باريس دون مقاومة تقريباً ليحاصرها.

ومن مايو إلى سبتمبر 1590 عسكر جنده الجائعون المفلسون حول العاصمة وهم يتحرقون شوقاً لمهاجمتها ونهبها، ولكن صدهم عن هذا رفض هنري الموافقة على مذبحة ربما كانت شراً من مذبحة القديس برتليمو. وبعد شهر من الحصار كان الباريسيون يأكلون لحم الخيل والقطط والكلاب، ويغتذون بالعشب. ورق لهم قلب هنري فسمح للأقوات بأن تدخل المدينة. وجاء دوق بارما، والى فليب على الأراضي المنخفضة، لنجدة باريس بجيش حسن التجهيز من صناديد الاسبان، وتقهقر هنري إلى روان بعد أن غلبته مناورات العدو، وتبعه بارما في صراع الاستراتيجية ولكن المرض أعجز الدوق، وعاد جيش هنري يحاصر العاصمة من جديد.

وواجه الآن هذا السؤال الفاصل: أيستطيع، وهو البروتستانتي، أن يظفر بعرش بلد 90% منه كاثوليك، وأن يحتفظ بهذا العرش؟ لقد كان الكاثوليك كثيرة غالبة حتى في جيشه. ولا ريب في أنه لم يكن من همومه الصغيرة تناقص موارده المالية وعجزه عن دفع رواتب جنده بعد ذلك. ومن ثم دعا معاونيه واعترف لهم بأنه يفكر في اعتناق الكاثوليكية، فوافق بعضهم على الخطة لأنها السبيل الوحيد إلى السلام، وندد آخرون بها باعتبارها تخلياً قاسياً شائناً عن الهيجونوت الذي أعطوه الدم والمال أملاً في أن يكون لهم ملك بروتستنتي. هؤلاء أجابهم هنري بقوله: »لو اتبعت نصيحتكم لما بقى في فرنسا بعد قليل ملك ولا ملكة. أريد أن أمنح السلام لرعاياي والراحة لنفسي. فتشاوروا فيما بينكم ماذا تريدون ضماناً لأمنكم. وأنا على الدوام مستعد لإرضائكم(12)«. ثم قال »ربما لم تكن شقة الخلاف بين المذهبين واسعة إلا لما بين المبشرين بهما من حقد وعداء. وسأعمل يوماً باستعمال سلطتي على أن يستقيم هذا الأمر كله(13). ثم حدد صلب عقيدته بقوله »إن الذين يتبعون ضميرهم دون عوج على ديني، وأنا على دين كل إنسان شجاع طيب(14)«. وهجر دوبليسي- مورنيه، واجريبا دوبنيه، وكثير من زعماء البروتستنت الآخرين الملك، ولكن الدوق صلى، أصدق مستشاري هنري، الذي ظل بروتستانتيا وفيا، وافق على قرار مولاه »أن باريس تستأهل قداساً(15)« .

ففي 18 مايو 1593 أرسل هنري إلى البابا وأكليروس من باريس يبدي رغبته في أن يدرس العقيدة الكاثوليكية. وكان جريجوري الرابع عشر قد جدد حرمانه. ولكن الأكليروس الفرنسي الذي لم يذل أبداً لروما تأهب لإعداد التائب الجديد لأن يكون ملكاً تقياً. على أنه لم يكن بالتلميذ السهل القيد. فهو يرفض أي تعهد بأن يشن حرباً على الهرطقة، وهو يأبى أن يوقع أو يؤمن بـ »هراء هو واثق كل الثقة من أن أغلبهم لا يؤمنون به(16)«، ولكنه وافق في سماحة على عقيدة المطهر لأنها »أعظم مصادر دخلكم(17)«. وفي 25 يوليو كتب لخليلته آنذاك »سأقفز القفزة الخطرة« ثم ذهب إلى كنيسة دير سان دنيس، واعترف، ونال الغفران، واستمع إلى القداس.

اغتياله

جاك كليمون يغتال هنري الثالث

رماه الآلاف في المعسكرين بالنفاق. وأنكر اليسوعيون كثلكته وواصل زعماء الحلف مقاومتهم. ولكن موت دوق بارما والكردينال بوربون كان قد أوهن قوة الحلف، وفقدت حكومة الستة عشر منزلها في أعين الوطنيين الفرنسيين لتأييدها خطة فليب الرامية إلى جعل ابنته ملكة على فرنسا. ومال كثير من النبلاء إلى هنري بوصفه القائد الحربي الكفيل بكبح جماح فليب، والحاكم الرحيم الذي يستطيع أن يرد العافية إلى وطن استشرت فيه الفوضى حتى كادت تمزق أوصاله. وأعربت مجلة ذكية تدعى »سانتير منيبيه« (1593-94) عن عواطف جماعة »السياسيين« والبورجوازيين، وسخرت في ظرف وتهكم اليسوعيين والحلف، وأعلنت أنه »ما من سلام بلغ من الظلم ما يجعله لا يرجح أكثر الحروب عدلاً(18)«. وطلب الجميع السلام في شوق، حتى باريس المتعصبة. واستمرت الاشتباكات الصغيرة ثمانية شهور أخرى، ولكن في 22 مارس 1594، زحف هنري إلى باريس ودخلها ولم يكد أحد يعترضه، وعظم ترحيب الجماهير به حتى أنه أراد أن يدخل نوتردام لم يكن بد من رفعه فوق الرؤوس. وثبت ملكاً في ذلك اللوفر ذاته، الذي كان فيه قبل اثنين وعشرين عاماً سجيناً قاب قوسين من الموت، واستسلم للبهجة والفرح، فأصدر بطريقته المرحة، عفواً عاماً شمل حتى آل جيز وحكومة الستة عشر. وأكتسب بعض أعدائه بالغفران عنهم دون تردد وبالمجاملة السمحة الكيسة ورشا البعض بمال اقترضه.

Vision romantique de l'assassinat du duc de Guise, par Duprat, peintre du قالب:XIXe siècle. Cette scène rassemble divers élément qui ont fait la « légende rose » d'Henri قالب:III. Sur la droite, se trouvent deux mignons rendus ridicules par leur attitude maniérée et leur costume de couleur jaune et rose. L'artiste n'a pas omis de mettre entre les mains de l'un d'entre eux un bilboquet, qui donne au personnage un caractère frivole. La scène n'a rien d'historique, d'une part à cause de la présence de ces deux figures théâtrales, pur produit de l'imagerie populaire, et d'autre part, par le mépris ici manifesté au cadavre du duc de Guise.

على أنه لم يكسب الجميع إلى صفه. ففي ليون اشترى بيير باريير مدية وشحذها ثم شد رحاله إلى باريس معلناً نية اغتيال الملك. فقبض عليه في ميلون وشنق دون إبطاء. وقال هنري »وا أسفاه، لو علمت بالأمر لعفوت عنه.« وأرسل البابا كلمنت الثامن للملك حل الكنيسة، ولكن اليسوعيين واصلوا مهاجمته في مواعظهم. وفي 27 ديسمبر هجم فتى في التاسعة عشرة يدعى جان شاتيل على الملك بخنجر ولكن لم يصبه بأسوأ من قطع في شفته وكسر في سنه. ومرة أخرى رأى هنري العفو عن هذا المتعصب، ولكن رجال السلطة أوقعوا بشاتيل كل أنواع التعذيب التي نص عليها القانون ضد قتلة الملوك. وقد اعترف الرجل في كبرياء برغبته في قتل الملك لأنه زنديق خطر، وأعلن استعداده لبذل محاولة أخرى في سبيل خلاص نفسه. وقال في اعترافه إنه تلميذ لليسوعيين، ولكنه أبى أن يورطهم بأكثر من هذا في مغامرته. وقد رويت عن اليسوعي الأسباني خوان داريانا (الذي سنلتقي به ثانية) عبارات وافق فيها على اغتيال الملوك الفاسدين، لا سيما هنري الثالث، وتبين أن اليسوعي الفرنسي جان جينار كتب يقول إنه كان من الواجب قتل هنري الرابع في مذبحة القديس برتلميو، وإنه يجب التخلص منه الآن »بأي ثمن وبأية طريقة(19)«. وفي بواكير عام 1595 أمر برلمان باريس اليسوعيين بالرحيل عن فرنسا بناء على التماس من الاكليروس العلماني في السوربون.


الأشقاء


أسلافه

سلف هنري في ثلاث أجيال
هنري الثالث من فرنسا الأب:
هنري الثاني من فرنسا
جده لأبيه:
فرانسوا الأول من فرنسا
Paternal Great-grandfather:
Charles, Count of Angoulême
Paternal Great-grandmother:
لويز من ساڤوا
Paternal Grandmother:
كلود من فرنسا
Paternal Great-grandfather:
لويس الثاني عشر من فرنسا
Paternal Great-grandmother:
آن، دوقة بريتاني
الأم:
كاترين دى مديتشي
Maternal Grandfather:
Lorenzo II de' Medici, Duke of Urbino
Maternal Great-grandfather:
Piero di Lorenzo de' Medici
Maternal Great-grandmother:
ألفونسينا أورسيني
Maternal Grandmother:
Madeleine de la Tour d'Auvergne
Maternal Great-grandfather:
John III, Count of Auvergne
Maternal Great-grandmother:
Jeanne de Bourbon-Vendôme

طالع أيضاً

المصادر

ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وصلات خارجية

ألقاب

هنري الثالث من فرنسا
فرع أصغر من الأسرة الكاپتية
وُلِد: 19 سبتمبر 1551 توفي: 2 أغسطس 1589
سبقه
Charles
Duke of Angoulême
155130 May 1574
تبعه
Diane de France
سبقه
شارل الثالث، دوق اورليان
(شارل التاسع من فرنسا)

(أخ شقيق أكبر)
دوق اورليان
156030 مايو 1574
تبعه
to royal domain
سبقه
Louise
Duke of Anjou
156630 مايو 1574
تبعه
فرانسيس
ألقاب ملكية
سبقه
Sigismund II
ملك پولندا
21 فبراير, 157319 June, 1574
تبعه
آنا وستفان باتوري
Grand Duke of Lithuania
21 فبراير, 157319 يونيو, 1574
سبقه
شارل التاسع من فرنسا
(full older brother)
ملك فرنسا
May 30, 1574August 2, 1589
تبعه
هنري الرابع من فرنسا
كونت پروڤانس وفوركالكييه
as 'Henry II'

30 مايو 15742 أغسطس 1589
Dauphin of Viennois, Count of Valentinois and of Diois
as 'Henry II of Viennois'

May 30, 1574August 2, 1589


قالب:Monarchs of Lithuania