جيش الرب للمقاومة

جيش الرب للمقاومة
Lord's Resistance Army
مشارك في تمرد جيش الرب للمقاومة،
الحرب الأهلية السودانية الأولى والثانية
Flag of Lord's Resistance Army
علم جيش الرب للمقاومة
فترة النشاط1987-الآن
الأيديولوجيةشعائر دينية تقليدية
Mysticism
المسيحية
الجماعاتجيش الرب للمقاومة
القادةجوزيف كوني
ڤنسنت اوتـّي
راسكا لوكوي‌يا
اُكوت اُذيامبو
Dominic Ongwen
Odong Latek
مقر القيادةاوغندا
منطقة العملياتجمهورية أفريقيا الوسطى، جمهورية الكونغو الديمقراطية، جنوب السودان، اوغندا
الحجم500-9,000[1]
بدأ بإسمحركة الروح القدس
الجيش الديمقراطي لشعب اوغندا
الحلفاءالسودان السودان (1994-2002)
الخصومأوغندا قوات الدفاع الشعبية الاوغندية
جنوب السودان جيش التحرير الشعبي السودان
جمهورية الكونغو الديمقراطية عسكرية الكونغو د.
الأمم المتحدة MONUC[2]
الولايات المتحدة الجيش الأمريكي [3]

جيش الرب للمقاومة أو حركة الرب للمقاومة، هي مجموعة مقاومة عسكرية مسيحية[4] تعمل في شمال اوغندا وجنوب السودان.[5]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التسمية


التأسيس

هيكل قيادة جيش الرب.

دشن وصول جيش الرب للمقاومة ) LRA ( إلى السودان في 1993 - 1994 بداية مرحلة ما يزيد على عقد من القتال بين الأوغنديين على التراب السوداني. كان لهذا التطور تأثيره على الحرب الأهلية في السودان والحرب في أوغندا، عامِلاً على عزل أجزاء واسعة من ولاية شرق الاستوائية السودانية من المساعدات الخارجية واضطرار الآلاف إلى الفرار. لقد غامر جيش الرب للمقاومة بدخول السودان، في اوائل التسعينات، بحثاً عن مأوى من القتال في أوغندا. وبحلول العام 1993 قامت الحكومة السودانية برئاسة عمر البشير بتحويل جيش الرب للمقاومة إلى فاعل على جانب كبير من الأهمية في مساعي الخرطوم لسحق التمرد الجنوبي. وبانتقال جيش الرب للمقاومة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية ) DRC (، في عام 2005 ، فقد بات يشكل خطراً حقيقياً على الأمن الاقليمي.

إن جيش الرب للمقاومة ) LRA ( هو واحد من أسوأ جيوش المتمردين سمعةً في العالم، إذ شكل بقيادة جوزيف كوني ورجله الثاني في القيادة فنسنت أوتي المعارضة المسلحة للحكومة الأوغندية والرئيس يوري موسيفيني منذ العام 1987 . واتسم النزاع بضراوته الوحشية وبالمناورة السياسية والدعاية من قبل الطرفين. فقد خاض جيش الرب للمقاومة حربا تتسم بهجمات عنيفة وأعمال خطف، وردت الحكومة الأوغندية على ذلك بعنف هيكلي شامل ضد الأهالي في شمال أوغندا 1. وتعرضت شمال أوغندا وأجزاء من شرق أوغندا إلى عمليات تهميش منهجية. ولجأت الحكومة في تكتيكاتها الحربية إلى حصر سكان تلك المناطق بكليتهم في ما يسمى القرى المحمية، وهي بالحقيقة معسكرات تشريد ذات ظروف غير إنسانية. وهذا تحرك حطم البنى التقليدية وأعاق التنمية )فنستروم، 2003 (. اضف إلى ذلك، ما افادت به تقارير عديدة عن أعمال عنف أرتكبها الجيش الأوغندي ضد المدنيين في الإقليم )أتونو، 2006 (. كما شكل هذا النزاع سابقة في نظام العدالة الدولية، ففي عام 2005 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية ICC( (، المؤسسة حديثاً، أول مذكراتها باعتقال كوني وأوتي وثلاثة آخرين من قادة جيش الرب للمقاومة 2.

وهذا عمل رفع من حدة وتيرة النقاش المتصل بدور العدالة الجنائية الدولية في مساعي بناء السلام. وإذ يرى المعارضون في تدخل المحكمة الجنائية الدولية عقبة أساسية في العملية السلمية في أوغندا، وهذه هي، من غير شك، وجهة نظر جيش الرب للمقاومة التي تجادل أن المحكمة الجنائية الدولية متحيزة ودوافعها سياسية عندما حصرت ملاحقتها بجيش الرب للمقاومة دون الطرف الآخر، فإن آخرين كثيرين إنما يرون بالحرب، في الحقيقة، تدخلاً مخططاً لحكومة موسيفيني )أتونو، 2006 (. والسؤال الذي يطرح نفسه راهناً ما إن كان من الأفضل تلبية مسعى المجتمع المتضرر في تحقيق المساءلة بواسطة إجراءات العدالة المحلية – بشكليها التقليدي والرسمي معاً – أم عبر نظام عدالة دولي )أفاكو، 2006 (. ولكلا الخيارين تحدياتهما الجمة، إذ لم تقم إجراءات العدالة المحلية التقليدية، تاريخياًً، بمساءلة أعمال وحشية واسعة النطاق، وأن ملاءمتها لهذا الغرض تظل مثار جدل )ألن، 2006 (، كما دلل التفاوض لعقد صفقة سلام تحت مظلة خطر الاعتقال الدولي، في الوقت ذاته، على انه إشكالي بالنسبة لقيادة جيش الرب للمقاومة وانقسم المجتمع الدولي في دعمه لحل سلمي.

إنه لمن الصعوبة بمكان الحصول على معلومات حقة عن جيش الرب للمقاومة. كما أن كثيراً من البحوث المتسمة بضخامتها القادمة من شمال أوغندا ذات أجندة خاصة وتضرب صفحاً عن التداخل القائم بين مظالم ومنطلقات جيش الرب للمقاومة والسكان المدنيين. وبما أن البحوث التي تجري في شمال أوغندا، والبحوث المعمولة في جنوب السودان إلى حد ما، تلتمس تعاون قوات الدفاع الشعبية الاوغندية ) ،)UPDF فلشدما ما تنطبع المعلومات بمنظار هذه القوات.

هذا التقرير يرتكز على عمل ميداني في شمال أوغندا وجنوب السودان بين عامي 2005 – 2007 . وأجرت المؤلفة مقابلات وجهاً لوجه مع مجموعة واسعة من المدنيين وزعماء المجتمع، أوغنديين وسودانيين، بحيث انتفى فيها أي وجود عسكري وضمن لمن أجريت معهم المقابلات السرية. كما جرت مقابلة عدد من أفراد جيشي البلدين وكذلك سياسيين سودانيين وممثلين لجيش الرب للمقاومة، ومن ضمنهم القيادة العليا لجيش الرب للمقاومة ولا سيما جوزيف كوني وفنسنت أوتي.

يتوخى هذا التقرير من خلال وصفه تاريخ النزاع بين حركة/جيش الرب للمقاومة ) LRA ( وقوات الدفاع الشعبية الأوغندية ) UPDF ( في السودان وأوغندا، إحقاق توازن منعدم غاية الانعدام في التقارير الإعلامية والبحوث الأكاديمية السابقة. إن النظر إلى حركة/جيش الرب للمقاومة باعتباره انبثق سعياً وراء تحقيق مظالم مشروعة – وهي مظالم يشاطرها فيها، في بعض الأحايين، عدد وافر من ابناء المجتمعات في شمال أوغندا وشرقها - ينبغي أن لا يفسر ذلك، بأي معنى من المعاني، باعتباره دفاعاً عن أساليب الحركة أو تكتيكاتها. مع ذلك فإن جزءاً من قصة هذا النزاع يتوقف على استخدام الدعاية والحصول على المعلومات، وطبقاً لذلك يسعى هذا التقرير إلى فصل الحقيقة عن الخيال. قواتهم العسكرية ضد المدنيين وكذلك بسبب ما هو معروف عنهم على نطاق واسع من تجنيد قسري للأطفال. إن بياناتهم السياسية )انظر إطار 1(، المنشورة على فترات غير منتظمة، تعرضت للتجاهل بشكل كبير بسبب المناخ السياسي السائد في أوغندا الذي صوّر بنجاح حركة/جيش الرب للمقاومة على أنها جماعة من الممسوسين غير العقلانيين، يقود أجندتها مجتمع شتات على غير صلة بالواقع ومفكّك. إن بيانات LRA ، طبقاً للتقييم الأوغندي الرسمي مكتوبة في الشتات ولذلك فهي غير موثوقة – رغم حقيقة أن للحرب ارتباطاتها وأهميتها العالميين وأن المسائل المطروحة في البيانات ذات صلة بما يجري بشمال أوغندا )فنستروم، 2003 (. يقول جيش الرب للمقاومة إنه كان من المحتم أن تقوم قوات الدفاع الشعبية الاوغندية ) UPDF ( بالحيلولة دون إبلاغ رسالته الإعلامية. فطبقاً لكوني أنه خلال عملية القبضة الحديدية في عام 2002 )أنظر إطار 2( حاول صحفي أن يطلع على ما كان يحدث في جنوب السودان وأوقف من قبل موسيفيني في بارتانغا 5. وبمرور الوقت عملت الماكنة الدعائية والإعلامية الحكومية على تجريد الحرب من بعدها السياسي، وأفضى إهمالها لوجود بيانات LRA السياسية إلى حجب الأسباب السياسية الكامنة للتمرد إلى حد كبير 6، تمرد يجد دعما واسعا وسط سكان شمال أوغندا المتضررين حتى ولو أن ذلك لم يجر إلى مباركة العنف المصاحب لذلك التمرد )فنستروم، .)2003

الأيديولوجيا

جيش من المتطرفين النصارى يعملون بتعاليم دموية منسوبة لكتابهم الذي يدعونه مقدسا , يتزعمهم القس جوزيف كوني الذي أصبح من أكثر زعماء العالم دموية وإجراما في العشرين عاما الماضية .

ولد جوزيف كوني عام 1964 في قبيلة الأشولي المتداخلة بين الجنوب السوداني والشمال الأوغندي. وهو مسيحي كاثوليكي، وتزعم حركة جيش الرب في أوغندا منذ عام 1986 للآن.

وتعتبر الحروب في عقيدة جيش الرب المسيحي أمرا إلهيا لا ينبغي له أن يرد , ويستهدفون بها إقامة نظام دولة مسيحية كنسية وحكم ديني ثيوقراطي يتأسس على تعاليم كتابهم المقدس بكل ما يحمل من دموية انطلاقا من الأوامر الواضحة في كتابهم مثل : " وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك فلا تستبق منها نسمة" (تثنية 20: 10-17), "اقتل رجلاً وامرأة وطفلاً ورضيعاً بقراً وغنماً جملاً وحماراً "(صموئيل (1) 15: 2، 3) .

خاض القس كولي معاركه على مدى ستة عشر عاما متتالية ولم تكن أغلبها معارك نظامية بقدر ما كانت عمليات إجرامية مسلحة تستهدف الأطفال في أكثر من بلد إفريقي لدرجة أن عملياته القذرة قد دفعت أكثر من مليوني نسمة إلى النزوح من أغولي ولانغو والمكوث في مخيمات للاجئين .

استهدف بجرائمه الأطفال واختطف منهم أكثر من خمسة وثلاثين ألف طفل من أطفال المسلمين , بل إن هناك عدة تقارير دولية تقدر العدد بأكثر من ستين ألفا , تولت عصابته خطفهم من عوائلهم من كل مكان يجدونهم فيه , واستعبدهم وجعلهم خدما ورقيقا واستخدمهم في كل إشباع كل الرغبات له ولعصابته الدموية النصرانية وبالطبع من أهمها رغباتهم الجنسية أو لإشباع رغباتهم في القتل والتعذيب .

ومنذ العام 1994 اتخذ القس كولي جنوب السودان قاعدة لانطلاق مجرمي حركته وليشن منها غاراته على معظم أرجاء أوغندا المسلمة بالإضافة إلى مسلمي جنوب السودان .

واللافت للنظر أن جيشه لا يُعلم عنه الكثير من المعلومات وتقدره بعض مراكز الدراسات أن عدد مقاتليه المسلحين يقترب من المائة ألف من الجنود أكثر من نصفهم من الأطفال المخطوفين إذ يجعلهم أسلحة له ضد كل الناس حتى مجتمعاتهم الأصلية .

ويقترب كوني في اعتقادات هذا الجيش من درجة الآلهة , فهم في طاعته لا يردون له أمرا ويهلكون أنفسهم في سبيل تنفيذ أوامره التي يتقربون بها إلى الرب بحسب زعمهم , ولاعتقادهم بأنهم الوقود اللازم لكي يعود المسيح مرة ثانية إلى الأرض , ويعدون من بقي منهم الجيش الذي سيكون بانتظار المسيح عند عودته مرة ثانية ليكونوا جيشه .

ويعد السلب والنهب من أموال المسلمين من أهم مصادر تمويل جيش الرب المسيحي , فتستولي العصابات المجرمة على كل ما يقع تحت أيديها من أموال المسلمين ويقومون بغاراتهم المستمرة المسلحة على المزروعات وقطعان الماشية ومخازن الحبوب والثمار .

ونددت الأمم المتحدة ولفتت الأنظار للعمليات القذرة التي يقوم بها جيش الرب النصراني وذلك على لسان الممثلة الخاصة للأمم المتحدة من أجل الأطفال والنزاعات المسلحة " راديكا كوماراسوامي ", التي قالت في تقرير لها : " في الواقع هناك المزيد من عمليات الخطف، وهذه الإحصاءات للذين نعرفهم فقط , فهناك 45 طفلا قتلوا أو جرحوا خلال هجمات شنها جيش الرب بين يوليو 2009 وفبراير 2012 , وتم خطف - خلال تلك الفترة - ما لا يقل عن 591 طفلا بينهم 286 طفلة وذلك في جمهورية الكونغو الديموقراطية وجمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب السودان " .

وأوضحت في تقريرها أن "هؤلاء الأطفال استعملوا كمقاتلين وجواسيس وحراس أو كخدم وعمال مطبخ , وغالبا ما يُطلب منهم قتل أعضاء من عائلاتهم وأصدقائهم خصوصا في القرى التي ينحدرون منها , وأن كل الفتيات اللواتي تم خطفهن تعرضن للاغتصاب " .

ومن الضروري لفت الانتباه إلى أن منظمة الأمم المتحدة – التي لا تهتم غالبا بقضايا المسلمين وهمومهم – لا تنطلق وحدها في مناهضة منظمة جيش الرب المسيحي , بل ومنذ أكتوبر 2011 قامت قوات تابعة للولايات المتحدة الأمريكية بمصاحبة قوات تابعة لحلف الناتو بإرسال جنود من قوات المهمات الخاصة إلى أوغندا للقيام بمهمة اعتقال أو تصفية زعيم منظمة جيش الرب جوزيف كوني. ولم يكن تنديد الأمم المتحدة , وأيضا لم تكن محاولة الولايات المتحدة قتل كوني ومحاولة تفكيك جيش الرب مراعاة للإنسانية والطفولة ولا لنصرة المسلمين وإقرار العدالة كما يشيعون , ولكن لكون جيش الرب يعمل ضد المصالح الأمريكية في ذات المنطقة , إذ أن الولايات المتحدة تريد مد خط أنابيب النفط من جمهورية جنوب السودان عبر كينيا إلى سواحل المحيط الهندي دون المرور بأراضي السودان الشمالي وأن غارات جيش الرب تعرقل هذا المشروع.

جيش الرب في اوغندا

Number of Internally Displaced Persons (IDPs), and IDPs as a percentage of total population in northern Ugandan districts (based on data from 2004).
جيش الرب للمقاومة
Ugandan districts affected by Lords Resistance Army.png
أحداث

1987–1994
1994–2002
2002–2005
محادثات جوبا
2008–

مقالات متعلقة

جيش الرب للمقاومة
حركة الروح القدس
أليس أوما
جوسف كوني
تحقيقات م.ج.د.


ظلَّ جيش الرب للمقاومة ) LRA (، نوعاً ما، كياناً مجهولاً لسنوات طويلة، مما أطلق طائفة من التكنهات المنفلة بصدد أهدافه وحجم قواته المقاتلة. لقد تمَّ وصف الزعيم كوني نفسه بلغة مضللة مثل مجنون أو مسيح مشوش الذهن بسبب من تعاليمه الروحية واتصاله بالعالم الروحي وايمانه الشديد المفترض بقيم توراتية خاصة. لا ريب أن كوني شخصية روحية وعسكرية مؤثرة، فهو يدير قيادة جيش الرب للمقاومة الذي اشبعه بشعور الانتماء إلى المجتمع، شعور متين جداً وفي بعض الأحيان عنيف. بيد أن حصر فهم جيش الرب للمقاومة بطبيعة زعيمه فقط إنما يغفل الأسباب الكامنة للحرب. وقد عبر المقاتلون الفاعلون لجيش الرب للمقاومة عن إنهم لا يقاتلون من أجل الزعيم، فهم، كما ينظرون إلى أنفسهم، مقاتلون من أجل شعبهم، شعب أشولي الذي يؤمنون بأنه معرض للتهميش والإساءة ومقصى من التنمية في أوغندا من قبل نظام قمعي 3.

لا يُعرف إلا القليل عن تاريخ النزاع العسكري بين جيش الرب للمقاومة وقوات الدفاع الشعبية الاوغندية ) ،)UPDF فأخبار المعارك بمجملها يجري التعتيم عليها إعلامياً ما عدا تلك التي يحتفل فيها الجيش بنصر مجيد. ويكاد نشر التقارير عن المعارك ينحصر بيد الحكومة الأوغندية التي تقوم سياستها الإعلامية على التقليل من قوة جيش الرب للمقاومة. لقد تباينت تقديرات القوات المقاتلة ل LRA في فترة ذروة النشاط العسكري تبايناً شاسعاً. بل أن التقديرات، حتى منذ بدء مفاوضات جوبا للسلام في يوليو/تموز 2006 ، تراوحت بين بضع مئات إلى 10 آلاف على الأقل اعتماداً على المصدر 4. أما بخصوص تقديرات موثوقة لقوات LRA في أوقات أخرى من النزاع، فهي، ببساطة الأمر، غير موجودة. وتعاني التقديرات التي تعتمد على إجراء المسوحات من خلل لأن الأمر أما أن يكون مواتياً أو غير موات، اعتماداً على تباين الظروف والسياقات، لكي يقر الأفراد المدنيون بانتمائهم. زد على ذلك، إن العضوية في LRA فضفاضة إذ ينتمي إليه الأفراد ويخرجون منه ويعاودون الانتماء )ألن وشوميروس، 2006 (. والمقاتلون الفاعلون في الجيش أقل صخباً في التعبير عن أجندتهم السياسية ويسبغون على أنفسهم الغموض الروحي.

لم تستطع حركة الرب للمقاومة ) LRM (- وهي الذراع السياسية لجيش الرب للمقاومة، تحافظ على شبكة معقدة في مجتمع الشتات- على إثارة الجانب السياسي لجيش المتمردين بسبب الفظائع التي ارتكبتها إطار 1 - بيانات جيش الرب للمقاومة ) )LRA

نشرت حركة/جيش الرب للمقاومة بيانات سياسية بأوقات منتظمة طوال فترة الحرب. ولئن يكن هذا معروفاً في شمال أوغندا حيث الاحباط يعبر عنه في الغالب في النجاح الموفق في إسكات حركة/جيش الرب للمقاومة كحركة سياسية، إلا أنه جرى تصوير الحرب في الإعلام الدولي على أنها خالية من أجندة سياسية. ولهذا فقد صرفت حركة/جيش الرب للمقاومة كثيراً من طاقتها في محاولة منها للرد على الرأي القائل بأنها حركة إرهابية ذات دوافع دينية وحسب. فعلى سبيل المثال، أفاد بيان صدر في عام 1999 موقع من قبل جوزيف كوني بأنه على الرغم من أن العديد من أعضاء جيش الرب للمقاومة مسيحيون متدينون، إلا أنهم لا ينتوون أن يكونوا أصوليين مسيحيين )فنستروم، 2003 (.

تدعو البيانات، فضلاً عن ردها على الخطاب الرسمي إزاء جيش الرب للمقاومة، وهو خطاب يصور الحركة على أنها مدفوعة برغبة الحكم على قانون يقوم على الوصايا العشر، الى إعادة نظام التعددية الحزبية وإدخال الفيدرالية الدستورية. كما تدعو، في الوقت نفسه، إلى دعم حقوق الإنسان والحاجة إلى تطوير توازن اجتماعي – إقتصادي على مستوى البلد كله وتعزيز السلم والأمن وإنهاء الفساد. تدعو البيانات بشكل روتيني إلى انتخابات حرة ونزيهة، فصل السلطات القضائية والسلطات التنفيذية من الجيش، إصلاح البرلمان لمعالجة هذه المسائل. وتعرض البيانات، في غالب الأحوال، الممارسات السياسية لموسيفيني إلى المساءلة والتحليل تفصيلياً ولا سيما مجال تمركز القوة العسكرية والتشريعية والتنفيذية في يديه. وأظهرت بيانات أخرى برامج حركة/جيش الرب للمقاومة في الصحة، الزراعة، التعليم، البنية التحتية وحتى الدفاع )فنستروم، 2003 (. سنوات عدة، المسائل التي تمثل جوهر النزاع في أرض أشولي: ضعف التمثيل السياسي للاقليم، انتهاكات متكررة لحقوق الإنسان على يد الجيش، تخلف اجتماعي واقتصادي على مستوى قومي، وفساد الحكومة )انظر إطار 1(. وعلى الرغم من إن هذه البيانات متوفرة لأهالي شمال أوغندا، وبنشرها على الانترنت تصبح متوفرة عالمياً، إلا أنه دائما ما ترتاب السلطات الأوغندية في موثوقيتها – جاعلة إياها عقيمة سياسياً )فنستروم 2003 (. وغالباً ما يتعرض من يناقض الموقف الأوغندي الرسمي إلى الحبس وفي بعض الأحيان إلى الموت في الحجز. شرح جوزيف كوني في عام 2006 قائلاً: «لقد كتبنا بياننا... أجندتنا السياسية، وبياننا مفتوح. حتى ولو لم نعمل على شرحه للعالم إلا أنه متوفر في أوغندا ». ولما سئل عن سبب إخفاق حركة/جيش الرب للمقاومة في نشر أهدافها السياسية على شكل أوسع، رد كوني بالقول: »الناس يقاتلون باستخدام الدعاية... لكنني باعتباري رحل حرب عصابات، فلم أصل بعد... كل المعلومات تأتي من جهة موسيفيني أو من أناس آخرين لأنني لا أحوز ماكنة دعائية مناسبة 7» . إن عدم قدرة حركة/جيش الرب للمقاومة على اتباع استراتيجية إعلامية مقنعة، فضلاً عن قوة دعاية الحكومة الأوغندية – مستفيدة بذلك من سمعتها العالمية الحسنة والعدد المفرط من وكالات المعونة المستعدة لقبول الخط الرسمي – أسهم، بلا شك، في دوامة العنف. مما لا شك فيه أن جيش الرب للمقاومة استخدم أساليب شنيعة، في أوغندا والسودان معاً، لبلوغ أهدافه. فقد اعترفت القيادة علناً، في يوليو/تموز 2006 ، بل اعتذرت عن تكتيكاتها، على الأقل لممثلي مجتمعات جنوب السودان 8. وأفاد كوني نفسه بأنه”لا يمكنني القول بأننا نخوض حرباً نظيفة أو ]أن[ موسيفيني يخوض حرباً قذرة، هذا يصعب قوله. لأن الحرب النظيفة يعلم بها الله وحده” 9.

لقد أدت المعلومات المضللة، النابعة في الغالب من مصادر حكومية وحسب، إلى تبسيط النظرة إلى كل من النزاع وجيش الرب للمقاومة وحصرها بزاوية أحادية الجانب. كما إن الإعلام أعطى صورة أحادية للحرب، وسياسة الحكومة الإعلامية هي التي تحرك الرأي العام. وتحصيلا لذلك، ساد الاعتقاد العام بأن جيش الرب للمقاومة هو جيش من الجنود الأطفال وهو الوحيد من اقترف جرائم حرب على الرغم من أن المحكمة الجنائية الدولية ) )ICC وجدت أن قوات الدفاع الشعبية الاوغندية مذنبة لتدريبها وإرسالها الأطفال للقتال 10 . وأكد أحد خبراء الأمن العالميين، موجزاً طبيعة سياسة الحكومة الإعلامية بشأن جيش الرب للمقاومة، أن “غالبية الناس ما لبثت تعتقد بأن جيش الرب للمقاومة هو زمرة أطفال وعجائز بسبب 20 سنة من الدعاية السياسية” 11 . ولئن يأسر التأكيد على خطف الأطفال بدقة وحشية الحرب، فإن ذلك يموه حقيقة أن جيش الرب للمقاومة LRA( ( مجموعة مسلحة مدربة تدريباً حسناً ومسؤولة أمام قيادة قوية ومركزية. كما أن معظم اعضاء جيش الرب للمقاومة تجاوزوا سن الطفولة بكثير وهم مع جيش الرب للمقاومة عن قناعة أو عن رغبة بالمغامرة أو عن إيمان بالقضية )ألن وشوميروس، 2006 (. لقد كشفت الدراسات عن طائفة من الأسباب التي تدفع الناس للإنضمام لجيش الرب للمقاومة والمكوث به: لا تقدم الحياة حيث يقطن العديد منهم الكثير، بينما يمدهم الانتماء إلى المجموعة بالشعور بالقوة والولاء، أما بالنسبة للآخرين فإن الخوف من الانتقام يشيع فيهم الخوف من المغادرة. ولئن يقم جيش الرب للمقاومة بخطف الآلاف من الأطفال، إلا أن القوات المقاتلة تتكون في العادة من نساء ورجال في أواخر سني مراهقتهم أو في أوائل العشرينات من أعمارهم. وعدد كبير منهم يكون قد قضى سنوات عديدة مع جيش الرب للمقاومة، لكنهم لا يبدؤون القتال معه إلا عند بلوغ سنوات المراهقة وما عادورا يعتبرون أطفالاً في نظر المجتمع الأشولي. يُحدد الشباب في المجتمع الأشولي بشكل عام هم من تتراوح أعمارهم بين 13 إلى 30 عاماً – أو ممن لم يتزوج بعد )أنان وبلاتمان، 2006 (. ولهذا فمن المرجح أن ينظر المجتمع المحلي إلى معظم أعضاء جيش الرب للمقاومة الفاعلين باعتبارهم شباباً أكثر منهم أطفالاً. وتبينُ إنماط الخطف، عدا عن ذلك، بأن ال LRA لا يخطف أطفالاً صغاراً جداً وأنه يجري إخلاء سراح العديد من المختطفين بعدما ينهوا واجب الحمالة )ألن وشوميروس، 2006 (. أما الذين أجبروا على البقاء مع المتمردين فهم في غالب الأحوال مراهقون أو شباب وشابات أقوياء بدنياً ومتعلمون تعلماً جيداً: هم من لديهم القدرة على تلقي التدريب العسكري والتكيف مع ظروف الحياة الصعبة في الأدغال. ولهذه الأسباب فإن وسم ال LRA باعتباره جيش أطفال مختطفين إنما يعمل على وصمه بالصبيانية، مما يقترح انعدام مسؤوليته ويظهره بمظهر شريك غير صالح في مفاوضات السلام، وكانت هذه مشكلة أبان محادثات جوبا للسلام.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

جيش الرب في السودان

أنشأت حركة/جيش الرب للمقاومة ) LRA/M (، أخيراً، مع بدء مفاوضات جوبا في عام 2006 ، سياسة إعلامية متواصلة، ناكرة مسؤوليتها عن الهجمات في أوغندا والسودان، محملة أفراد القوات الحكومية بالتظاهر على أنهم من مقاتلي LRA لإرتكاب جرائم مروعة بحق المدنيين. وإذ لا شك في قيام الجيش الشعبي لتحرير السودان ) SPLA ( وقوات الدفاع الشعبي الأوغندية ) UPDF ( كليهما بالهجوم على المدنيين وسلبهما وأن فاعلين آخرين استخدموا LRA للتغطية على الهجمات التي يقومون بها، إلا أنه ليس من السهل جداً، في العديد من الحالات الفردية، معرفة مرتكبي الهجمات الحقيقيين 12 . ومن التعقيدات الشاخصة هو غياب قوات فرض القانون وانعدام النقل والبنية التحتية للاتصالات لمحاكمة المعتدين بشكل فاعل في السودان. وأفاد زعيم محلي في جوبا ملقياً الضوء على الميل العام نحو القاء اللوم على مجموعة واحدة فقط بأن “ LRA بات اسم كل شخص يرتكب خطأ. الناس السيئون هنا يطلقون على أنفسهم جيش الرب للمقاومة”. إن التحقق من كل حادثة وتحديد الجاني بدقة إنما هي عملية طويلة، لكن الحاجة إلى ذلك تكرر في الاتفاقية الموقعة بشأن المساءلة والمصالحة التي اعترف فيها الطرفان بضرورة “ قيام عمليات تتحرى الحقيقة وعمليات قول الحقيقة” )حكومة أوغندا وحركة/جيشش الرب للمقاومة 2007 د(. إن الصدامات القبلية وحضور المليشيات الصغيرة والعصابات الجوالة إنما تزيد على ما في الجو من تشوش تشوشاً، ففي ولاية شرق الاستوائية وحدها وجد المدنيون أنفسهم وسط صراعات قوى جيش الرب للمقاومة وقوات الدفاع الشعبي الأوغندية والجيش الشعبي لتحرير السودان والقوات المسلحة السودانية وقوات الدفاع الأستوائية وحركة استقلال جنوب السودان ) SSIM (. إن المجموعات المسلحة التي تلقى دعماً من قبل حكومة السودان ما زالت تشيع عدم استقرار في الاقليم بهدف عرقلة تنفيذ اتفاق السلام الشامل ) CPA ( وزعزعة استقرار الجنوب. ومثلما وصف مقاتل من LRA الحالة في عام 2006 “الحقيقة هي أن الحرب بين الجيش الشعبي لتحرير السودان والخرطوم أبعد ما تكون عن الانتهاء”.

3. جيش الرب للمقاومة ) LRA ( في شرق الاستوائية فنسنت أوتي الشخصية القيادية الثانية لجيش الرب للمقاومة في ري – كوانغبا، يونيو/حزيران © 2006 ام. شوميروس يعود تاريخ أول معاينة لجيش الرب للمقاومة ) )LRA في ولاية شرق الاستوائية إلى عام 1991 ، لكن الحركة لم تنشئ قاعدة عملياتها هناك إلا في العام 1994 ، إذ بدأ الأهالي حينئذ يستشعرون وجودها، متذكرين أول حالات قتل المدنيين التي وقعت في السنة نفسها وكذلك أول حالات الاختطاف. يتذكر زعيم محلي بأن الناس في الأيام الأولى لم يربطوا بين المقاتلين المسلحين الذين بدؤوا بالظهور و LRA : بدأ الناس بالتعرف على أنهم من LRA عندما بدأ المقاتلون يستخدمون تكتيكات شبيهة بتلك التي في أوغندا وكذلك عندما بدؤوا بخطف الناس 13 . ويقول الأهالي أنه حتى بعد ما تعرفوا على المجموعة لم يعرفوا سبب خوضهم القتال في السودان. وكثيراً ما تميل الحكومة الأوغندية إلى شرح وصول جيش الرب للمقاومة للسودان إلى أنه نتيجة للضغط العسكري لقوات الدفاع الشعبي الأوغندية UPDF( (، لكن الانتقال صوب الجهة الأخرى من الحدود تم بالحقيقة بوازع سياسي. لقد أفاد جيش الرب للمقاومة بأنه دعي ليصبح واحداً من المجموعات المسلحة الداعمة للحكومة السودانية. فعندما انشق الجيش الشعبي لتحرير السودان ) SPLA ( في عام 1991 ، تحركت المجموعة )المعروفة باسم حركة/الجيش الشعبي لتحرير السودان – المتحد SPLA/M- United ( التي يقودها ريك ماشار إلى شرق الاستوائية، ووقعت في عام 1992 اتفاقية تعاون مع الحكومة السودانية ) GoS ( ثم انفصل ماشار لاحقاً عن الفصيل SPLA/M- United ليشكل، في عام 1994 ، حركة استقلال جنوب السودان ) SSIM ( التي أصطفت من ثم مع قوات دفاع الاستوائية ) EDF ( ومن بعد مع جيش الرب للمقاومة ) LRA (. ضمت قوات دفاع الإستوائية اعضاء من خلفيات إثنية مختلفة مثل أشولي، مادي، لوكويا، لولوبو، آيار، ولوتكو. وقد اتخذ العديد من أعضاء قوات دفاع الاستوائية من شمال أوغندا ملاذاً ولهذا فهم يتكلمون لغة أشولي. ويسرت قوات دفاع الأستوائية وقائد الجيش الشعبي لتحرير السودان – الفصيل المتحد ) SPLA-United ( وليام نون باني، الذي كان يعمل عندئذ مع ماشار، أول اتصال بين جيش الرب للمقاومة وحكومة السودان )جونسون، 2003 (. وبهذا عقدت شراكة بين الخرطوم وجيش الرب للمقاومة والتي ستعود بالمنفعة على الطرفين: الخرطوم تدير حرباً بالوكالة عبر LRA ضد الجيش الشعبي لتحرير السودان وقوات UPDF معاً، بينما يتسلم LRA امدادات ومساعدات في محاولته لإسقاط حكم موسيفيني. ويزعم البعض بأن الجيش قد وقّع، حقاً، اتفاقاً لهذا الغرض مع الخرطوم في عام 1994 ، لكن الرجل الثاني فنسنت أوتي نفى ذلك نفياً قاطعاً 14 . غير أن كوني وفنسنت كانا زائرين منتظمين للخرطوم ابتداء من 1994 وأقام LRA مقره الرسمي على وجه السرعة في جوبا التي كانت معقلاً حكومياً قوياً. كما تلقى جنود جيش الرب للمقاومة تدريبات عسكرية، بما يعكس التكتيكات البريطانية منذ الستينات ومطلع السبعينات، مع التشديد على الكمائن المضادة وحرب الأدغال 15 .

جيش الرب للمقاومة والسكان المدنيون

كان من الصعب بمكان في خضم فوضى الوضع العسكري السائد في تسعينات السودان التمييز بين الجماعات المسلحة والمدنيين. إن LRA ، الذي يرهبه المدنيون كثيراً، عمل أيضاً على استضافة الفصائل المحلية التي انشقت عن الجماعات المتمردة السودانية. فمنذ الأيام الأولى للحرب الأهلية الثانية في السودان ) 1983 – 2005 (، عارض السودانيون من أصل أشولي وآخرين من ابناء الأستوائية الجيش الشعبي لتحرير السودان ) SPLA ( لأنهم كانوا ينظرون إلى المتمردين بوصفهم حركة خاصة بقبيلة دينكا لا تشغلهم بتاتاً هموم الاستوائيين )برانج ومامبلي، 2005 (. ولئن انضم القليلون من الاستوائيين إلى SPLA خلال التسعينات، فإن الآخرين بقوا مع قوات دفاع الاستوائية ) EDF ( أو مع LRA . فعندما ينشب قتال ضد الجيش الشعبي لتحرير السودان أو ضد قوات الدفاع الشعبي الأوغندية، يقوم حتى السكان المحليون الذين ليسوا من أصل أشولي، مثل أهالي قبيلة ديدنغا، مثلما يقال، بالقتال جنباً إلى جنب جيش الرب للمقاومة. وهذا يحدث في الغالب لخيبة أملهم في الجيش الشعبي لتحرير السودان: شعور الأهالي بأن الجيش أخفق في الاتيان بقوات كافية إلى المنطقة لحماية المدنيين، كما أنه أساء معاملة أبناء ولاية الاستوائية. فالسكان ذوو الأصل الأشولي في شرق الاستوائية قد يضمرون لجيش الرب للمقاومة ضغينة «بسبب المعاملة الخشنة التي تلقاها السكان على يديه » لكن لهم أيضا، على نحو لا يطاله الشك، ارتباطاً بالجيش إذ يعتبرون أفراده «أخوانهم 16» . فطبقاً لضابط في قوات الدفاع الشعبي الأوغندية بولاية شرق الاستوائية « لدى السكان المحليين مستوى معين من الاتصال مع جيش الرب للمقاومة، هنا الناس معادون جداً للجيش الشعبي لتحرير السودان 17» . يقول سكان شرق الاستوائية بأن بينهم وبين أفراد جيش LRA صلات عمل وترتيبات زواج 18 . اتهم الجيش الشعبي لتحرير السودان ) SPLA ( السكان المحليين بعدم الإبلاغ عن LRA عندما يظهر مقاتليه، وعليه فإنهم إنما يتعاملون معه، بيد أن الأهالي يجادلون بأنه ليس»من السهل الإبلاغ عمن يصوب بندقية على رأسك 19» . كما أن اصطفاف السكان مع جيش الرب للمقاومة هو، إلى حد ما، ضرب من ضروب آليات الحماية. وشرح ضابط أمني، معلقاً على عدم قدرة المنظمات غير الحكومية على مساعدة المدنيين في مقاطعة ماكوي طوال فترة الحرب، بأن المجتمع ترك وشأنه وأختار، بناء على ذلك، تجنب المواجهة. وبسبب إعلان وكالات المعونة عن أن المنطقة محظورة لأمد طويل، وجد الأهالي أنفسهم يتعايشون مع الجنود. وقال « ليس بوسع المجتمع أن يكون معادياً لجيش الرب للمقاومة 20» . تتمتع ولاية شرق الاستوائية بتاريخ طويل من أيواء مجموعات معارضة لحكومة موسيفيني، إذ احتضنت في الثمانينات قوات الرئيس السابق لموسيفيني وغريمه تيتو أوكيلو وكذلك حركة الروح القدس بزعامة أليس لاكوينا. وينظر إلى حركة لاكوينا باعتبارها السلف الروحي والعسكري لجيش الرب للمقاومة 21 . وهكذا فإن الانخراط في السياسة الأوغندية وما يصاحبها من عنف بات جزءاً من حياة الناس في مقاطعة ماكوي طوال فترة الحرب.

ولما انتقل جيش الرب للمقاومة إلى ولاية شرق الاستوائية أصبحت الكمائن والهجمات على القرى جزءاً لا يتجزأ من واقع الحياة اليومية. كان ال LRA قوة مقاتلة مقتدرة، لكن، عندما طرح سؤال يتصل بتقييم سلوك الجيش، تباينت وجهات النظر تبايناً كبيراً بين أولئك الذين يعيشون في السودان وأولئك الذين يعيشون في أوغندا. ففي أوغندا فإن مظالم المجتمع موجهة بشكل خاص ضد ال LRA وقوات الدفاع الشعبي الأوغندية UPDF( (، وفي الغالب ضد السلوك الشخصي لقائد بعينه. أما في السودان فإن LRA ليس إلا وجهاً واحداً من الوجوه العديدة للحرب. لقد اندمجت الجماعات المسلحة وأساليبها، في ظل مناخ العسكرة المستفحل الذي عمل الجيش الشعبي لتحرير السودان، قوة دفاع الاستوائية ) EDF (، القوات المسلحة السودانية، قوات الدفاع الشعبي الأوغندية وجيش الرب للمقاومة على خلقها، في خطر مفرد لاستقرار الحياة اليومية اسمه الجندي. ومثلما أبان رجل ف”لا يمكنك أن تثق بالجنود، فهم يسيئون السلوك في الغالب” 22 . إن الطبيعة الوحشية للهجمات على المدنيين في أوغندا هي ما أثار حنق المجتمع أكثر من أي شيء آخر، بينما توالفت هجمات مثل هذه في السودان مع مستوى العنف العالي والمتواصل والواسع الانتشار. إن العمل على ارتكاب مجازر أو استعراض قوة لا تعرف الرحمة لهو أمرفعال في أوغندا )فنشي، 2005 (. أما في السودان فقد انتقل جيش الرب للمقاومة إلى سياق آخر مختلف جداً مع لاعبين عديدين آخرين لا يعرفون الرحمة. قالت سياسية سودانية إنها شعرت بأن LRA غيّر سلوكه بعدما انتقل إلى السودان، وهذا يعود جزئياً إلى أن الخرطوم شجعت أفراده على ارتكاب مجازر، كما يعود أيضاً إلى المناخ الوحشي السائد وهو أمر فاقم دوامة العنف عنفاً. وأضافت “إن جيش الرب للمقاومة يقتل الناس وينصب لهم المشانق، لذا فعندما يأتي الأهالي يمتنعون عن لمس الأشياء. أعتقد أن جيش الرب للمقاومة تعلم هذه الأشياء من جنوب السودان” 23 .

مناطق السيطرة

في منتصف التسعينات كان شرق الاستوائيين في الخط الأمامي للحرب الأهلية السودانية وسيطرت القوات المسلحة السودانية على مناطق ماكوي، باراجوك، بوريت وأويني – كيبول بمساعدة المليشيات المنحازة إليها. وأصبح LRA يشكل خطراً صلباً على الجيش الشعبي لتحرير السودان في شرق الاستوائية بسبب من تقلب تحركات المجموعة، إذ يغيب أثر مقاتليها لعدة أشهر ولا يظهرون إلا ليغزو قرية والتلبث في أطرافها أياماً معدودة 24 . أزداد نصب الكمائن على الطرق وخاصة على امتداد طريق باراجوك – بلاتاكا. حتى أبناء شرق الاستوائية الذين سبق أن فروا من المنطقة ليس بوسعهم الفرار على الدوام: لقد وقع هجومان على معسكر أشولي – باي للاجئين السودانيين في أوغندا، أولهما في 1996 والثاني في 2002 موقعاً مئات القتلى من الاشوليين 25 . وما فتئت هاتان الحادثتان تشكلان ذكرى مريرة بالنسبة لأهالي ماكوي. أنشأ جيش الرب للمقاومة لنفسه حضوراً على تلال أيماتونغ واستولى على ماكوي وأجزاء من شرق الاستوائية، بل قام بإعادة تسمية منطقة ب” نيو كولو”. وأقام الجيش مقره بالقرب من مفرق آرو، وهي منطقة تطلق عليها قوات الدفاع الشعبي الأوغندية ) UPDF ( تسمية «قرية كوني ». والمعسكر المنشئ في مفرق آرو واسع الأرجاء يتسع لضيافة نحو 3000 – 4000 مقاتل، وفيه مركز تدريب وقاعدة لبعض الكتائب. كوني كان يبقى هناك مع زوجاته وكذلك الأمر مع أوتي الذي اتخذ من المعسكر مقراً له. وطبقاً للجيش الشعبي لتحرير السودان ) SPLA (، ولا يماري جيش الرب للمقاومة في ذلك، فإن ال SPLA أجتاح هذا المعقل في عام 1997 . وفر كل من كوني وأوتي، بحسب تقارير، إلى جوبا التي أصبحت مقر الحركة الإداري. لقد زودت القوات السودانية مكان إقامة كوني بحماية مرئية وأقام LRA معسكراً جديداً قرب جوبا في ربانغاتيكا التي غدت قاعدة قيادة قوات أوتي، كما أن ل LRA معسكرات في منطقتي غامبيرا وإلرايا.

هيكل القيادة

يثير الهيكل الهرمي لجيش الرب للمقاومة ) LRA ( حيرة أعدائه، إذ يتذكر ضابط من الجيش الشعبي لتحرير السودان ) SPLA ( في شرق الاستوائية قائلاً: «ما تكلم أحد قط مع كوني. لا نعرف من هم، لا نعرف قادتهم ولا تركيبتهم القيادية 26» . من المعروف أن هناك أربع كتائب أساسية )اسماؤها جيلفا، سينيا، ستوكري وترينكل( مسؤولة أمام القيادة العليا )كونترول ألتر(. أما الهياكل الأخرى للجيش فهي غير واضحة. لاشك فيه أن ثمة هيكلاً قيادياً بحيث أن المقر العام يوجه قوات جيش الرب للمقاومة، غير أن القادة الميدانيين يتمتعون بدرجة معينة من الاستقلالية. وبحكم أن القوات في حركة دائمة وخط انتشارها واسع كل الوسع في السودان وأوغندا، فليس من اليسر ضبط كل مجموعة من المجموعات المقاتلة. واعترفت القيادة العليا لأول مرة، في منتصف عام 2007 ، بأنه قد يكون هناك مجموعات من جيش الرب للمقاومة لا تخضع لها 27 . وفي حال اشتباك جيش الرب للمقاومة ) LRA ( مع الجيش الشعبي لتحرير السودان ) SPLA ( يقوم مقاتلو ،LRA كما هو معهود منهم، بالهجوم أولا ثم تليهم القوات المسلحة السودانية بهجوم ثان. لقد اشتركت القوات المسلحة السودانية في معظم المعارك التي خاضها جيش الرب للمقاومة مع الجيش الشعبي لتحرير السودان. وغالبا ما تستخدم القوات المسلحة السودانية، في حال اشتراكها، الدبابات وفي بعض الأحيان طائرات أنطونوف.

وتدريجياً، صار أهالي ماكوي يتعرّفون على قادة LRA البارزين )خلال تجمع جيش الرب للمقاومة في أويني – كيبول أواخر 2006 ، ميّز الأهالي بسهولة القادة الأساسيين(، لكن قوات الدفاع الشعبي الأوغندية ) )UPDF كانت في ذلك الوقت تجد صعوبة في فهم المجموعة. قال أحدهم «لقد سمعنا بستوكري )إحدى كتائب جيش الرب للمقاومة(، لكن بالنسبة لنا لا نعرف من هو من 28» . إنه لمن الصعوبة بمكان بالنسبة ضباط ال UPDF الذين لا يتحدر معظمهم من شمال أوغندا أن يميزوا بين مليشيات أوشلي المتعددة التي تتكلم اللغة نفسها. وكما شرح ضابط من قوات UPDF فقد تطلب الأمر منها سنوات عديدة لفهم الديناميات في السودان ولتمييز أفراد جيش الرب للمقاومة عن أفراد قوة دفاع الاستوائية ) EDF (. ولم يتضح كل الوضوح لقوات ال UPDF إلا بعد 2002 عام، عندما أخذت عملية جمعها المعلومات الاستخبارية بالتنامي في السودان، بأن EDF أكثر نشاطاً في منطقة توريتا البعيدة عن مفرق آرو حيث كانت قوات الدفاع الشعبي الأوغندي تخوض معاركها القتالية ضد جيش الرب للمقاومة 29 .

العلاقات الخارجية

حكومة السودان

في السنوات التي سبقت توقيع اتفاق السلام الشامل ) CPA ( لسنة 2005 ، الذي أنهى الحرب الأهلية السودانية الثانية، تبدى بجلاء شديد أن من مصلحة الخرطوم الاصطفاف مع جيش الرب للمقاومة ) LRA (. وهذا وضع مثالي لخوض حرب بالوكالة )برونير، 2004 (. وصف أوتي الأهمية اللوجستية لاتفاقهما المتبادل بالقول “ كانت علاقتنا جيدة مع الخرطوم والزعيم )كوني( ذهب إلى هناك. حتى أنا فقد ذهبت إلى هناك عدة مرات” 30 . وقال مسؤول أوغندي بأنه “كان لدى كوني مقر إقامة رسمي في مدينة جوبا، ولديه مكتب، وهو ضابط عسكري محترم حاله في ذلك مثل حال الضباط العسكريين السودانيين” 31 . إن تكتيك الخرطوم القائم على فرق تسد أبقى على جذوة الحرب مشتعلة في الجنوب من دون الاعتماد كثيراً على قواتها )مارتن 2002 (. وكان لدعم الخرطوم، في الوقت نفسه، تأثير سياسي على جيش الرب للمقاومة توارى عن أذهان الناس بشكل كبير: فمن خلال الحصول على الدعم الرسمي من دولة أخرى فإن خطط LRA لإسقاط الحكومة الأوغندية اتخذت مزيداً من الشرعية.

لقد استخدمت الخرطوم انشقاق الجيش الشعبي لتحرير السودان والتأسيس اللاحق لحركة استقلال جنوب السودان ) SSIM ( لريك ماشار لزعزعة الاستقرار في شرق الأستوائية. وفشل ماشار في اقناع المجتمع الدولي بقضيته. وظل ماشار بعد مذبحة بور دينكا في جونجلي في شهر أغسطس/آب العام 1991 ، التي قامت فيها قوات ماشار بقتل نحو 2000 شخص وتشريد المئات، من دون دعم خارجي. وأصطف مع الخرطوم، في إطار 2 - عملية القبضة الحديدية.

وقعت الخرطوم وكمبالا في عام 2002 اتفاقية تخول قوات الدفاع الشعبي الأوغندية ) UPDF ( بملاحقة ومهاجمة قوات جوزيف كوني في مفرق آرو. لقد أطلق على عملية UPDF في الأراضي السودانية عملية القبضة الحديدية، وكانت من أكثر فترات الحرب دموية. تميزت الحملة بهجومات بالمروحيات على جيش الرب للمقاومة وهجوم أرضي انتقامي. لقى العديد من أفراد جيش الرب للمقاومة ) LRA ( وجنود من ال UPDF حتفهم وعانى الأهالي في شرق الاستوائية معاناة هائلة.

وعلى الرغم من جهود قوات الدفاع الشعبي الأوغندية على الحاق الهزيمة بجيش الرب للمقاومة في شرق الاستوائية، إلا إن ال LRA لبث هناك أربع سنوات أخرى. وعندما شرع منذ منتصف 2005 يستعد لعملية السلام التي ستسمى مفاوضات جوبا، أخذ مقاتلوه والقيادة العليا يتحركون صوب حدود جمهورية الكونغو الديمقراطية ) DRC ( في غرب الاستوائية. وبينما هم في طريقهم غرباً وقع بعض من أشد المعارك شراسة مع الجيش الشعبي لتحرير السودان ) SPLA ( في مناطق لم يمسسها سابقاً جيش الرب للمقاومة مثل الشارع بين يي ) Yei ( وجوبا )بي بي سي نيوز، 2005 (. بيد أن ال LRA نفى أن تكون قواته قد قامت بهذه الهجومات )حركة/جيش الرب للمقاومة، 2005 (.

ظل انسداد المسارب، في سعيه للحصول على استقلال الجنوب وانقلب على رفاقه القدامى في الجيش الشعبي لتحرير السودان. ووافقت حكومة السودان ، مقابل ذلك، على القيام باستفتاء بشأن استقلال الجنوب قبل العام 322009 .

كان جيش الرب للمقاومة ) LRA ( شريكاً واضحاً لحركة استقلال جنوب السودان ) SSIM (، ويزعم جيش الرب للمقاومة بأن حركة SSIM دعته للمجيء للسودان من خلال ممثلي قوات دفاع الاستوائية ) EDF (. وعلى الرغم من أن ماشار وكوني قضيا وقتاً طويلاً في مقر إقامتيهما في جوبا، فهما لم يلتقيا مباشرة خلال التفاعل اليومي لمجموعتيهما. لكنهما تقابلا مع ذلك وجها وجها مرة واحدة على الأقل في عام 331997 . ولم يقع لقاؤهما اللاحق إلا أثناء التحضيرات لمفاوضات السلام في عام 2006 ، إذ قام ماشار، نائب رئيس جمهورية حكومة جنوب السودان، في ذلك الوقت، بدور الوسيط بين جيش الرب للمقاومة وحكومة أوغندا. بلغت العلاقة بين جيش الرب للمقاومة والخرطوم ذروتها في عام 1996 ، في نفس الوقت الذي خطفت فيه بنات منطقة أبوكي وهي من الإفرازات الشائنة للحرب القائمة عبر الحدود السودانية – الأوغندية )دي تيمرمان، 2001 ( 34 . وفي ذلك الوقت، طبقاً لعضوة سابقة في جيش الرب للمقاومة، «كان العرب يأتون بالطعام والأسلحة بالسيارة ويسلموننا ذلك في مفرق آرو – أحيانا حمولة عشر سيارات. يأتون إلينا كل ثلاثة أو أربعة أشهر. يمكث الجنود العرب على الدوام ويتحدثون ». تنقل معظم المؤن براً رغم أن بعضاً من الأفراد السابقين في LRA يقولون إن يتم في العادة إسقاط الذخائر من الجو. وبعد 1996 فترت العلاقة تدريجياً، «فعلاقة جيش الرب للمقاومة بالعرب علاقة حلوة مرة » كما يتذكر أحد سكان شرق الاستوائية، مستحضراً إرسال جيش LRA في بعض الأوقات رسائل إلى الجيش الشعبي لتحرير السودان عارضاً الاستيلاء على جوبا بالنيابة عنه 35 . ولئن قال ممن قابلناهم من مدنيين وعسكريين بأن الخرطوم زودت المتمردين الأوغنديين بمعدات حتى إلى وقت متقدم من عام 2006 ، فإن جيش LRA يشير إلى أن إمدادات كهذه قد توقفت قبل ذلك بوقت طويل 36 . آخرون أفادوا بأن الإمدادات توقفت في شهر نوفمبر/تشرين الثاني العام 2005 بانتقال جيش الرب للمقاومة إلى منتزه غارمبا الوطني في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وكما يظهر فإن الخرطوم سعت إلى معاودة تأسيس قناة اتصال في مارس/أذار العام 2006 ، لكن الآراء تتفق جميعها على أن العلاقة كانت قد انتهت في ذلك الحين – يصر جيش الرب للمقاومة حالياً على أنه ما عاد له أي ارتباط مع حكومة السودان. ومن الواضح أن الخرطوم واصلت تقديم الأسلحة بعد اتفاق 1999 )هيومن رايتس ووتش، 2006 (، وإن كان من الصعب التأكد من دقة تاريخ انتهاء العلاقة. مع ذلك يبدو مؤكداً أن LRA أخذ، ابتداءً من أولى المفاتحات التي تقدم بها لحكومة جنوب السودان ) GoSS ( في مستهل العام 2006 ، يفك ارتباطه كلياً بحكومة السودان .)GoS(

مع ذلك لم تنقطع التقارير التي تتحدث عن استمرار انزال امدادات من الجو على الاقليم الذي كان يسيطر عليه LRA بعد مدة طويلة من مغادرته له. وعلى ما يبدو كان هنالك في يونيو/حزيران العام 2006 انزال إمدادات من الجو على طول طريق توريت. وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول تحدث الأهالي عن امدادات اسقطت من الجو وعن رؤية ثلاث طائرات، على الأقل، من نوع أنطونوف تحلق على مستوى منخفض بالقرب من توريت. هذه المنطقة معقل للقوات المسلحة السودانية ويعتقد الأهالي بأن الامدادات المنزلة جوياً هي أما للقوات المسلحة السودانية أو لما يسمى قوات دفاع الاستوائية 2EDF(2 (، وهي مجموعة ساخطة من مقاتليين سابقين في قوات الدفاع الاستوائية ) EDF ( الذين ما انفكوا يتلقون دعماً من حكومة السودان بهدف تخريب اتفاق السلام الشامل ) CPA (، إذ أن من «المتعارف عليه » في أوساط السودانيين الجنوبيين أن حكومة السودان تواصل تقويضها لاتفاق السلام الشامل من خلال دعمها للجماعات المسلحة. وقد أوضح سلفا كير ميارديت رئيس حكومة جنوب السودان والنائب الأول لرئيس الجمهورية السودانية، في خطاب له بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لتوقيع اتفاق السلام الشامل، بأن مواصلة الخرطوم دعمها ل LRA ولمليشيات أخرى سيكون أحد أسباب الفشل المحتمل لاتفاقية السلام الشامل )كير ميارديت، 2007 (. هذا الزعم له مصداقية واسعة وإن حول الأنظار أيضاً، بما يفي الغرض منه، عن عيوب حكومة جنوب السودان.

هنالك نظريات عدة بشأن أسباب تدهور العلاقة بين الحكومة السودانية وجيش الرب للمقاومة ) ،)LRA ومن أكثر القصص رواجاًً في أوغندا والسودان هي أنه بُعث ببعض من مقاتلي LRA إلى الخرطوم بغرض التدريب ولم يعودوا قط. ويشتبه اشتباهاً كبيراً في أن أفراد هذه المجموعة من المقاتلين جرى دمجهم في القوات التي أصبحت تعرف بالجنجويد – وهي قوة تتألف من العرب بشكل كبير وظفتها الحكومة السودانية لإرهاب سكان دارفور 37 . أما قوات الدفاع الشعبي الأوغندية ) UPDF ( فقد نشرت قصة تقول إن نحو 300 مقاتل من LRA سيقوا في عام 1997 للقتال في دارفور. ولما طلب كوني عودتهم أبى الرئيس السوداني البشير ذلك. وقدرت مصادر أمنية عدد المقاتلين الذين اقتيدوا إلى دارفور ب 37 في نهاية 2005 38 . ولما سئل أوتي عن الاشاعات التي تشير إلى أن أفراداً من LRA يقاتلون في دارفور وما إذا كان هذا هو سبب انهاء العلاقة مع الخرطوم، أجاب: « كلا، قطعاً كلا 39» . على أي حال، لقد اعتور العلاقة بين الطرفين عنصر من عدم الثقة في أواخر عام 1999 عندما وقع السودان وأوغندا اتفاقية نيروبي برعاية مركز كارتر الأمريكي، إذ نصت على أن لا يدعم أي طرف متمردي الطرف الآخر )حكومتا السودان وأوغندا، 1999 (. وكان الضغط قد أزداد على السودان عندما أعلنت الإدارة الأمريكية برئاسة بيل كلينتون رسمياً بأن السودان دولة داعمة للإرهاب. كانت اتفاقية نيروبي محاولة لإشاعة السلام في الإفليم لكنها استثنت LRA – وهي تكون بذلك قد ضمنت إخفاقها في تحقيق السلام أواشاعة الاستقرار. فطبقاً لعضو من LRA أن « مركز كارتر لم يتكلم مع الأشخاص المناسبين 40» . ولئن توقف دعم جيش الرب للمقاومة رسمياً، فإن صلاحية الاتفاقية وضعت موضع الشك منذ لحظة توقيعها )هاسونيريا وسولومون، 1999 (. قطعت الخرطوم في 2002 خطوة أبعد وأصدرت بروتوكولاً عسكريا يسمح بوجود قوات الدفاع الشعبي الأوغندية ) UPDF ( على التراب السوداني )أنظر إطار 2(. وتمخضت عملية القبضة الحديدية عن مزيد من القتال على جانبي الحدود. وبدلا من أن تنهي العملية الحرب أفرزت طائفة جديدة من المشاكل للسودان. ونتيجة لهذا، لم تأذن حكومة جنوب السودان المنصبة حديثاً، وهي ، راهناً، حكومة إقليمية نصف مستقلة بموجب بنود اتفاق السلام الشامل ) CPA (، بتجديد البروتوكول حين انتهت مدة صلاحيته في شهر فبراير/ شباط 2006 . وليس ل UPDF ، الآن، حق قانوني في البقاء على الأراضي السودانية. وقال ماشار في يونيو/حزيران العام 2006 إنه لم يشعر بالارتياح تحت مظلة «غزو أجنبي »، لكنه لم يفعل شيئاً لطرد 41 UPDF . وقد يعود السبب في ذلك إلى أن على حكومة جنوب السودان أن تحافظ على علاقة جيدة مع الحكومة الأوغندية التي لم تنظر في أول الأمر إيجابياً إلى المساعي السودانية في الشروع بمحادثات السلام. إن الوجود المتواصل ل UPDF في السودان وعملياتها العسكرية ضد LRA شكلا عقبة أساسية خلال محادثات جوبا. وألمح ممثلو الحكومة الأوغندية في كمبالا إلى أن «هناك أسباباً أخرى » لبقاء هذه القوات في السودان إلى جانب وجود جيش الرب للمقاومة 42 . فعلى سبيل المثال، وكما قال بعض من أهالي شرق الاستوائية فإن حكومة جنوب السودان تستخدم ال UPDF لحماية الجيش الشعبي لتحرير السودان ) )SPLA ضد قوات الحكومة السودانية 43 . كما أن ثمة شكاً، في الوقت ذاته، في أن الخرطوم ما زالت تقف وراء عمليات بث عدم الأمان في جنوب السودان داعمةً أيا من يقوم بعمليات هناك. فطبقاً لسياسي من نيمولي «لا يمكننا أن نستبعد بأن يكون بعض الأشخاص، أو بعض المليشيات على الأرض، لم يجر استيعابهم من قبل الجيش. فالمنطقة ملأى بالأسلحة، ولكن أمل الناس في أن لا يكونوا جيش الرب للمقاومة 44» . إن تنفيذ إعلان جوبا، الذي دمج رسمياً المليشيات مثل قوات دفاع جنوب السودان ) SSDF ( بالجيش الشعبي لتحرير السودان ) SPLA ( امر يبعث على التحدي )يونغ 2006 (. وإذا أخذنا في الاعتبار الشكوك والأدلة على أن الخرطوم ما زالت تدعم مليشيات لخوض الحرب بالنيابة عنها – مثلما فعلت في ذروة الحرب - فإن الأمل الوحيد لإحلال السلام في الإقليم هو القيام بإعادة هيكلة شاملة للقطاع الأمني. وعلاوة على الهجمات التي قامت بها المليشيات على أهداف عسكرية لحكومة جنوب السودان، فقد تم نصب كمائن على الطرق لأغراض تخريب اقتصادية، إذ شهدت التجارة بين أوغندا وجوبا ازدهاراً كبيراً بعد توقيع اتفاق السلام الشامل مقوضاً بذلك أرباح العديد من التجار الذين تربطهم علاقات بالخرطوم. وقد ارجع نصب بعض الكمائن على الطرق إلى تجار في محاولة لهم لقطع طريق الإمدادات إلى أوغندا للاستئثار بالأسواق في جوبا وملئها ببضائعهم من الخرطوم. شرح سياسي محلي قائلاً «يعتقد الناس في الجنوب بأن الشمال ما كان مخلصاً في عملية السلام، ولا سيما التجار الشماليين. لكون هذه الطرق ]جوبا – نيوملي وجوبا - توريت[ عاملة فستغمرها البضائع القادمة من شرق أفريقيا. وتبقى بضائع الخرطوم على الرفوف لأنه لا توجد سوق لها 45» .


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الحركة الشعبية لتحرير السودان

قاتل الجيش الشعبي لتحرير السودان ) SPLA ( في شرق الاستوائية، على الدوام، قتالاً متعدد الأعداء. فعلى حين كان SPLA يخوض معارك عنيفة ضد قوات الحكومة السودانية، فإن أجنحته الأخرى كانت منشغلة أيضاً تقاتل بعضها بعضاً إذ يأتي أحدها بجيش الرب للمقاومة ) LRA ( لمقاتلة حكومة السودان. لقد جابه جيش SPLA معارضة شديدة من الأهالي الاستوائيين، فضلا عن إدراكه بأنه ليس بوسعه التعامل بشكل مناسب مع 46 LRA . وتختلف روايات الاشتباكات العسكرية بين جيش الرب للمقاومة والجيش الشعبي لتحرير السودان بل ومتناقضة في غالب الحال اعتماداً على المصدر. يقول جيش الرب للمقاومة بأن الجيش الشعبي لتحرير السودان قوة ضعيفة وما رغبت أبداً في قتالهم. ويجادل الجيش الشعبي لتحرير السودان من جهته، بأن جيش الرب للمقاومة لم يهجم قط على أهداف عسكرية، بل استهدف أهدافاً مدنية، وهذا معناه أن أي اشتباك مع جيش الرب للمقاومة سيفضي إلى سقوط الكثير من الضحايا المدنيين 47 . واجمالاً يبدو أن المجابهات العسكرية انحصرت في صدامات ومعارك كبرى قليلة، بعضها وقع موخراً في عام 2005 . يصف الجيش الشعبي لتحرير السودان معاركه مع جيش الرب للمقاومة بأن «معظمها تجلل بالنصر » بالرغم من أن كلاً من الطرفين زعم بأن له كانت اليد العليا. يقول جيش الرب للمقاومة بأنه تمكن من حيازة العديد من الأسلحة نتيجة لهذه الصدامات. كما استخدم الطرفان المسلحان في نزاعهما السكان المدنيين باعتبارهم مقاتلين بالوكالة. ولم يقم الجيش الشعبي لتحرير السودان بإعلان الحرب على جيش الرب للمقاومة لكنه وزع أسلحة على القرويين لحماية أنفسهم 48 .

جنوب السودان

في أواخر 2005 ، غيرت حكومة جنوب السودان، المشكلة حديثاً، والتي تتمتع فيها الحركة الشعبية لتحرير السودان بالأغلبية، نهجها إزاء جيش الرب للمقاومة. فبعد ما أعلن أوتي في الراديو في خريف العام 2005 بأن جيش الرب للمقاومة يريد السلام، حاولت حكومة جنوب السودان إقامة خط اتصال. وقد كان مندوبو السلام عن جيش الرب للمقاومة قد أقاموا صلة بشيوخ أشولي المقيمين في نيروبي الذين استشاروا سياسيين سودانيين محليين وربطوهم، بناء على ذلك، بصلة مع ماشار. وعرض ماشار، الذي كان قد أصبح نائب رئيس حكومة جنوب السودان بعد وفاة جون قرنق، التفاوض. وفي فبراير/شباط 2006 أقيم اتصال فعال، وعقد أول اجتماع بين أوتي وماشار في أبريل/نيسان 2006 الذي أدى بدوره إلى أول لقاء مع كوني في الشهر التالي. وبدأت محادثات جوبا رسمياً يوم 14 يوليو/تموز 2006 .

قوات الدفاع الشعبي الأوغندية

مع توقيع الاتفاقية للشروع في عملية القبضة الحديدية يكون قد سمح رسمياً لقوات الدفاع الشعبي الأوغندية) UPDF ( بتعزيز وجودها في جنوب السودان، بيد أن الروابط بين حكومتي جنوب السودان وأوغندا تعود إلى وقت سابق على ذلك. قال مراقب دولي “إن العلاقة بين حكومة جنوب السودان وأوغندا علاقة تتسم بتعقدها، ومن الصعب إنكار دور قوات الدفاع الشعبي الأوغندية في كل ذلك” 49 . لقد دعمت UPDF الجيش الشعبي لتحرير السودان في أوقات الحرب والسلام معاً، بتقديمها له إمدادات واستشارات استراتيجية، ولذلك فإن نشاطات UPDF على التراب السوداني ليست نادرة الوقوع. ولئن بدأت قوات الدفاع الشعبي الأوغندية بمقاتلة جيش الرب للمقاومة رسمياً في السودان في عام 2002 ، فهنالك أدلة لا يرقى إليها الشك في أن القوات كانت في شرق الاستوائية منذ 1997 . لقد أكد جنود من UPDF بأنهم كانوا في المنطقة قبل الوقت المعترف به رسمياً بكثير 50 . يقول الأهالي والسياسيون المحليون إن وجود قوة أجنبية فاقم الحرب الأهلية سوءاً على سوء وكان لذلك ضرره الفادح على السكان المنكوبين من ويلات الحرب. يقول أحد أهالي شرق الاستوائية رغم أنه لم يتجرأ أي فرد من أفراد المجتمع المحلي على مقاتلة جيش الرب للمقاومة، إلا حافظوا على أسلحتهم استعداداً لقوات الدفاع الشعبي الأوغندية. وأضاف “ عندما يقابلوك UPDF[ [ في الأدغال فلا يمكنهم معرفة ما إن كنت مدنياً أو متمرداً. يقتلونك” 51 .

هنالك قول شائع يردده سكان شرق الاستوائية، مثلما اقتبسه خبير أمني دولي” لماذا قوات الدفاع الشعبي الأوغندية في السودان؟ للتأكد من أن لا ينزل الدمار بجيش الرب للمقاومة” 52 . لقد عمل جيش الرب للمقاومة على تقوية UPDF لأن التمويل العسكري في أوغندا يعتمد على حجج الحكومة بالحاجة إلى دفاع أقوى ضد المتمردين. ومع انتشار الحرب وتواصلها بات الجيش لاعباً اقتصادياً بالغ الأهمية عبر أعمال النهب والفساد 53 . لكن الجرائم التي ترتكبها جهات حكومية يغض الطرف عنها )غاليتي ورون، 2005 (. ومثلما قال سياسي محلي من نيمولي “ إن استياء الناس يعود إلى أن هؤلاء ] UPDF [ ما دافعوا عنهم قط”. وأضاف “ لم يقاتلوا جيش الرب للمقاومة قتالاً فعالاً مع أن تلك هي مهمتهم... لجأوا إلى انزال التدمير بالمنطقة وقطع الأشجار في غابتنا. الناس مستاؤون حقاً منهم”. كما ألمح إلى أنه ما عاد لقوات الدفاع الشعبي الأوغندية ولاية لحراسة مقاطعة ماكوي التي تضم نيمولي 54 .

قدم الزعماء المحليون لمقاطعات شرق الاستوائية مظالمهم بخصوص جيش الرب للمقاومة وقوات الدفاع الشعبي الأوغندية إلى قيادة جيش الرب للمقاومة في يوليو/تموز 2006 . ولئن كانت اتهامات القتل وإساءة المعاملة الموجهة لقوات الدفاع الشعبي الأوغندية لا تعادل تلك الموجهة لجيش الرب للمقاومة، فإن بيان الزعماء المحليين يقول:”إن قوات الدفاع الشعبي الأوغندية لم تفي بمهمتها في جنوب السودان. فبدلا من، على سبيل المثال، تعقب ومهاجمة جيش الرب للمقاومة، فقد صوبوا بنادقهم تجاه السكان المدنيين رمياً ونهباً واغتصاباً وحرقوا أكواخهم بذريعة ملاحقة جيش الرب للمقاومة” )أهالي أشولي مادي، باري الجنوبيين، لوتوهو، لوكايا، لولبو، 2006 (. وأدانت محكمة الجنايات الدولية ) ICC ( أوغندا وجيشها لارتكابها أفعالاً مشابهة في جمهورية الكونغو الديمقراطية ) DRC (، من “قتل، تعذيب وممارسة أشكال أخرى من المعاملة غير الإنسانية” بحق السكان المدنيين بينما تحرض على “النزاع العرقي” وتخفق “ في اتخاذ اجراءات للحد من نزاعات كهذه” )محكمة الجنايات الدولية 2005 (. ويستشهد أهالي شرق الاستوائية وأفراد جيش/حركة الرب للمقاومة على الدوم بتقييم المحكمة ويلفتون الانتباه إلى قيامها بسلوك مشابه في جنوب السودان. إن الابقاء على أوار الحرب مشتعلاً بات جزءاً من تجارة مربحة بالنسبة لقوات UPDF ، إذ أفاد الأهالي بقيام أفراد هذه القوات الدفاع الشعبي الأوعندية بقطع أشجار خشب الساج وحملها إلى أوغندا:”لجنود UPDF عقلية رجال الأعمال، فهم يقطعون الأخشاب في منطقة أشولي. من أذن لهم بذلك؟” 55 . وقدم فريق خبراء الأمم المتحدة أدلة على استغلال مشابه قامت به أوغندا للموارد الطبيعية أبان مغامراتها العسكرية في جمهورية الكونغو الديمقراطية ) DRC ( العام 1998 . وقد أدين في هذه الحالة أفراد من قوات الدفاع الشعبي الأوغندية بممارسة إحتكار الموارد الطبيعية الأساسية للمنطقة والإتجار عبر الحدود والسيطرة على الإيرادات الضريبية بغرض إغناء عسكريين من ذوي الرتب العسكرية العالية وقادة آخرين. وقد أقامت قوات الدفاع الشعبي الأوغندية سيطرة فعلية على المناطق التي تحتوي على الكولتان )مادة الكولمبايت- تانتاليات، وهي خام معدني(، الماس، الخشب والذهب )الأمم المتحدة، 2002 (.

بل خلال انسحاب قوات الدفاع الشعبي الأوغندية من المناطق المحيطة بأويني – كيبول بموجب بنود اتفاقية وقف الأعمال العدوانية ) CoH ( )أنظر الفصل 5(، أفاد الأهالي بقيام قوات UPDF بقطع 200 شجرة ليس بعيداً عن بالاتاكا ونقلوها عبر الحدود قبل أن يصل خبر ذلك إلى مسامع السلطات. وجادل ضابط من قوات الدفاع الشعبي الأوغندية رداً على هذا قائلاً: “إن واجبنا هو البحث عن المتمردين في جنوب السودان للمحافظة على النظام والقانون على طول الطريق. كيف يمكننا أن نبحث عن خشب” 56 . كما اعلنت هيئة خبراء الأمم المتحدة بأن قوات الدفاع الشعبي الأوغندية المتواجدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية قامت بخلق “الظروف التي تستدعي وجود قوات” وأن”عمليات قوات الدفاع الشعبي الأوغندية العسكرية ساهمت في تسليح أعداد كبيرة” )الأمم المتحدة ، 2002 (. إن محاربة العدو الحقيقي، لا تبدو بالنسبة للمجتمعات المحلية، الوازع الأساس لجيش الرب للمقومة أو لقوات الدفاع الشعبي الأوغندية في شرق الاستوائية. ومثلما قال قائد محلي “ منذ قدوم قوات الدفاع الشعبي الأوغندية إلى السودان لم يواجهوا جيش الرب للمقاومة وجها لوجه. يبدو كما لو أنه جرى اعطاء جيش الرب للمقاومة ممراً آمناً. يتساءل الناس عن سبب وجود قوات الدفاع الشعبي الأوغندية هنا. إن كان وجودهم في السودان ما لبث يفاقم من حدة التوتر مع جيش الرب للمقاومة فلمَ لا يتحركون خلف الخطوط؟ ينبغي أن يطلب بشكل مؤدب من قوات الدفاع الشعبي الأوغندية المغادرة، فوجودها ليس من الحكمة في شيء للوصول إلى سلام محسوس مع جيش الرب للمقاومة” 57 .

إن العداوة الموجهة إزاء قوات الدفاع الشعبي الأوغندية في شرق الاستوائية يستوقف الأنظار، إذ يتهمهم السكان المحليون وكذلك خبراء أمنيون دوليون بتدبير هجمات بحيث تبدو كما لو انها من صنع جيش الرب للمقاومة، وقد استخدم جيش الرب للمقاومة هذا لتبرئة أنفسهم من ارتكاب هذه الهجمات. لكنه من الصعب حتى على الأهالي، في غالب الأحوال، تمييز مجموعة مسلحة عن أخرى. وأشار آخرون إلى شروع قوات الدفاع الشعبي الأوغندية في دعم قوات دفاع الاستوائية - 2، وريثة قوات دفاع الاستوائية ) ،)EDF للإبقاء على جو من عدم الاستقرار في شرق الاستوائية وتطهير المنطقة من جيش الرب للمقاومة. يصف شهود عيان كيف جرى تجنيد سودانيين جنوبيين ومقاتلين سابقين من جيش الرب للمقاومة في كتيبة قوات الدفاع الشعبي الأوغندية 105 لدخول السودان وخوض قتال عسكري ضد جيش الرب للمقاومةً. يقول الأهالي إن الكتيبة استخدمت للقيام بهجمات بحيث تبدو كما لو أنها من هجمات جيش الرب للمقاومة وأن جنود الكتيبة كانوا فاعلين في المنطقة في ربيع 2007 . ولئن يظل من الصعب التحقق من مزاعم مثل هذه، فإنها تبين المناخ المعتكر والمضطرب. ولئن لا يرقى الشك إلى أن جنوداً أو وحدات اساءت استخدام قوتها العسكرية، فمن الصعب تحديد المحفز المؤسساتي لذلك.

جميع هذه الاتهامات التي يقول بها الأهالي وجيش الرب للمقاومة رفضتها قوات الدفاع الشعبي الأوغندية. قال مسؤول في هذه القوات” إن أفراد جيش الرب للمقاومة يبحثون عن كل الأسباب لتبرير ما حدث”. وطبقاً لقوات الدفاع الشعبي الأوغندية فإن جيش الرب للمقاومة لم ينخرط قط في قتالها، لكنه استخدم تكتيكات جبانة، مشتبكاً مع أصغر المجموعات من قوات الدفاع الشعبي التي تقوم بدوريات ويختار في العادة الهجوم على المدنيين في المراكز التجارية” 58 . ورداً على الاتهامات باختيار أهداف مدنية سهلة، قال جوزيف كوني إنه لما كان جيش الرب للمقاومة يقاتل قوات الدفاع الشعبي الأوغندية، فإنها كانت مدعومة من المدنيين ويصطحبها مدنيون: “ لذا عندما نطلق النار فلا بد أن تصيب النار القريبة المدنيين أيضاً”. وأضاف أن قوات الدفاع الشعبي الأوغندية جهدت على الدوام أن تكون على مقربة من المدنيين عندما تقوم بالهجوم على جيش الرب للمقاومة: “هذا هو التكتيك الذي تبناه يوسيفيني الآن في أوغندا. يخلطون الجنود بالمدنيين ولهذا عندما نقاتلهم نقتل مدنيين” 59 .

ومثلما اشرنا سابقاً، إن الوجود المستمر لقوات الدفاع الشعبي الأوغندية أصبح عقبة أساسية في محادثات جوبا. وعلى حين يزعم بعض الأهالي أن انسحابا كاملاً لقوات الدفاع الشعبي الأوغندية سيتركهم من دون حماية ضد الجماعات المسلحة المسلحة، فإن الغالبية الساحقة لسكان شرق الاستوائية، كما يبدو، لا يخفون تبرمهم من جودها. وأثبت تجمع في شرق الاستوائية على أنه غير قابل للتطبيق وسط اتهامات بأن قوات الدفاع الشعبي الأوغندية وجيش الرب للمقاومة واصلت ارتكاب جرائم وحشية.

محادثات سلام جوبا

إن الإلماعات الأولى لمحاولة واعدة وشاملة لإنهاء الحرب في أوغندا وحل مشكلة وجود جيش الرب للمقاومة في السودان ) LRA ( بدأت في 2006 ، إذ قدم الجانبان عروضاً. وقام LRA في 2005 – 2006 بالاتصال بمنظمات عالمية لحشد تأييد لإجراء محادثات سلام، معبراً عن استعداده للتعاون مع حكومة جنوب السودان. وعرضت حكومة جنوب السودان، بعد مساع مكررة غير ناجحة في إقامة اتصال مع القيادة العليا، على جيش الرب للمقاومة ثلاثة خيارات: الانسحاب من السودان، إعلان الحرب على الجيش الشعبي لتحرير السودان، أو الانخراط في المفاوضات، وهذا أفضى إلى عقد أول اجتماع بين كوني وماشار بالقرب من الحدود الكونغولية في الثالث من مايو/أيار 2006 قامت بتيسيره منظمة باكس غريستي ) Pax Christi ( الهولندية. لم تنطلق محادثات السلام انطلاقة واعدة، فالتأييد الدولي كان ضعيفاً ولم تبد الأطراف ثقة في ماشار إذ نظروا إلى أنه سيستخدم دوره في التوسط لتشديد قبضته على السلطة في حكومة جنوب السودان. كما لم يكن لجيش الرب للمقاومة مصداقية شريك في التفاوض وبسبب إن محكمة الجنايات الدولية ICC( ( أصدرت مذكرات اعتقال، فليس بوسع الدول الموقعة على نظام روما الأساسي 63 أن تدعم رسمياً حلاً تفاوضياً بدون إجراءات المحاكمات في لاهاي أولاً. وتركز الاهتمام الدولي بمعظمه في المحادثات على مساءلة شرعية وقدرات وفد حركة/جيش الرب للمقاومة للسلام واطلاعه على مجريات الأمور لأنه كان مؤلفاً بمعظمه من عناصر قادمة من مناطق الشتات )انترناشونال كرايسز جروب، 2006 (، وجرى في غالب الأحيان التغاضي عن أن الوفد اختير رسمياً وقام جوزيف كوني بتعيينه. وإذ كان وفد حركة/جيش الرب للمقاومة يصارع مع مسائل أهليته والتناحر الداخلي، فإن المساءلة الدولية لشرعيته أدامت وجهة النظر التي تقول بأن جيش الرب للمقاومة ليس قوة سياسية، مما جعل مناخ التفاوض، على ما فيه من صعوبات بالغة، يتردى أكثر فأكثر. وأفادت حركة /جيش الرب للمقاومة مراراً بأن عملية السلام غير آمنة ومتحيزة ضدها، ولهذا فإن التقدم الذي تحقق في الأشهر الستة الأولى من محادثات السلام كان بطيئاً. وقد صارعت حكومة جنوب السودان، باعتبارها طرفاً ميسراً، من أجل خلق جو حيادي للنقاش، ليس بسبب التعقيدات الكبيرة للمصالح المتعددة وحسب، بل لأنها أيضاً حكومة شابة تعمل في بيئة أمنية متقلبة. وأبدت الحكومة الأوغندية، وإن أظهرت التزاماً بالمحادثات، مرونة قليلة إزاء المطالب الأولية لجيش الرب للمقاومة. ومن جانب آخر، فإن هزال تنظيم جيش الرب للمقاومة وبعض المطالب غير الواقعية التي قال بها الجيش لم تساعد مساعيه في كسب احترام الآخرين.

لقد عمل تدهور العلاقة بين الوسيط وجيش الرب للمقاومة ) LRA ( على تقويض المحادثات حتى قبل انطلاقها، إذ تعرض ماشار إلى ضغط دولي متعاظم لأنه بسط يده ل LRA والتزم بمدهم بالطعام لخلق بيئة سلمية تمهيداً للتفاوض. وتعرض ماشار، بعدما صور وهو يسلم هدية نقدية مقدارها 20 ألف دولار أمريكي لجوزيف كوني، إلى حملة انتقاد دولية شديدة، إذ اعطي الشعور بأن هذه النقود إنما هي لتمكين جيش الرب للمقاومة من ابتياع أسلحة جديدة – رغم أن جيش الرب للمقاومة ما كان بحاجة إلى أسلحة جديدة وأن المبلغ نفسه ليس كافياً إلا لشراء نزراً يسيراً من الأسلحة 64 . وكان على ماشار، بغية احراز دعم مالي وسياسي، أن يدلل على أن محادثات السلام ذات جدوى عملية وأنه يمكن الوثوق ب LRA/M باعتباره شريكاً في المفاوضات. وفي يوليو/تموز 2006 مارس ماشار الضغط على أوتي لمغادرة منتزه غارمبا الوطني والانضمام إلى أفراد وفده لمحادثات السلام في جوبا. أبى أوتي فعل ذلك لخوفه من الاعتقال بموجب قرار محكمة الجنايات الدولية ) ICC (. فما كان من ماشار إلا أن ترك وفد LRA/M لمحادثات السلام في الأدغال بالقرب من الحدود الكونغولية، وهو تحرك أتى على كل ما لدى وفد جيش الرب للمقاومة من ثقة في ماشار. وعانت محادثات السلام من جو انعدام الثقة بوسيطهم الأساس ابتداء من يوليو/تموز إلى ديسمبر/كانون الأول 2006 .

وبعدما تم التوقيع أخيراً على اتفاقية وقف الأعمال العدوانية ) CoH ( في 26 أغسطس/آب 2006 ، تجمع لأول مرة مقاتلو LRA في موقعين مخصصين في جنوب السودان بعد حصولهم على ضمانات بمرور آمن )حكومة أوغندا وحركة/جيش الرب للمقاومة 2006 (. دام التجمع، مع ذلك، وقتاً قصيراً وتفرق أفراد جيش الرب للمقاومة لما أصبحوا عرضة لتهديد عسكري من قبل قوات الدفاع الشعبي الأوغندية – بواسطة وجودها الذي يثير الخوف، تبادل اطلاق النار، ومن ثم هجوم بطائرة مروحية مقاتلة. والتزمت قوات الدفاع الشعبي الأوغندية UPDF( (، في اتفاق مجدد، بالانسحاب من مناطق التجمع، بيد أن الطرفين، جيش الرب للمقاومة وقوات الدفاع الشعبي الأوغندية واصلا التصادم حتى بعد حلول العام 2007 . وقد شوهد جيش الرب للمقاومة، قبل أن يجري توقيع ملحق يسمح بممر آمن عبر نهر النيل العام 2007 ، وهو يتحرك في مناطق بعيدة عن مناطق التجمع، في ما يعد خرقاً لإتفاقية وقف الأعمال العدوانية. حركت UPDF قواتها، في الوقت نفسه، وهاجمت جيش الرب للمقاومة بطائرات مروحية مقاتلة مرة على الاقل. وأكد فريق رصد وقف الأعمال العدوانية ) ،)CHMT الذي يضم في عضويته أفراداً من قوات الدفاع الشعبي الأوغندية وجيش الرب للمقاومة وممثلي الأمم المتحدة، هذه الحادثة، غير أن الناطقين الرسميين لقوات الدفاع الشعبي الأوغندية أنكروا في بياناتهم الصحفية الرسمية وقوع هذه الهجمات.

عمليات عسكرية

تتسم التقارير المتصلة بأنشطة جيش الرب للمقاومة على الأراضي السودانية، وبالأخص شرق الاستوائية، بالتناقض. ففي أواخر 2006 أصر بعض السكان المحليين على أن جيش الرب للمقاومة توقف عن الهجوم وما عادت الخرطوم تمده بالمساعدات. وبنفس القدر من القناعة يعتقد آخرون بأن جيش الرب للمقاومة استمر، وقتذاك، بالهجوم ونصب الكمائن، بل حتى بمساعدة القوات المسلحة السودانية. وأفاد جيش الرب للمقاومة مراراً بأنه لم يقم بأي هجوم منذ دخوله في محادثات السلام. وقام الجيش الشعبي لتحرير السودان ) SPLA ( ومراقبو الأمم المتحدة في التحقيق في هجمات عديدة جرى اتهام جيش الرب للمقاومة بها في أواخر 2006 ومستهل 2007 ، وتوصلا إلى أن هذه الهجمات ليست من صنع جيش الرب للمقاومة. بيد أن الانقطاعات في سير محادثات جوبا في مستهل 2007 معناها تردي الأحوال في شرق الاستوائية بسبب الأعمال العدوانية لكلّ الأطراف، ومنها أعمال عسكرية مؤكدة أقدم عليها جيش الرب للمقاومة وقوات الدفاع الشعبي الأوغندية والقوات المسلحة السودانية. وجدد الأهالي في شرق الاستوائية من جديد شكواهم من تصرفات مسيئة – وخصوصاً مضايقات وعمليات نهب – من لدن قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان المتمركزة في المنطقة. كما احتدت التوترات بين الجماعات الإثنية التي غالباً ما تفضي إلى أعمال عنف 65 . انهى جيش الرب للمقاومة ) LRA (، الذي ما كان واثقاً من الاتجاه التي تسير فيه محادثات السلام بعد امتناعه عن الرجوع إلى طاولة المفاوضات في يناير/كانون الثاني 2007 )أنظر أدناه(، فترة هدوء نسبي عندما أقدم على هجمات تلوح المدنيين. وقتل في ذلك الشهر عضو في قوات حفظ السلام التابعة لبعثة الأمم المتحدة في السودان ) UNMIS ( بهجوم في شرق الاستوائية. لقد القي اللوم على جيش الرب للمقاومه على نصبه الكمين، وهر أمر أنكره الجيش وزعم أن مليشيات متحالفة مع حكومة السودان تتحمل المسؤولية. وعبر الأهالي في شرق الاستوائية عن خيبة أملهم من LRA وغضبهم عليه لانقلابه ضدهم مرة أخرى حتى بعد أن كان المجتمع المحلي قد وافق على استضافة أفراده أثناء التجمع. كما أن تدهور الوضع الأمني أوقف برامج الإغاثة والتنمية وهذا من الأعراض الجانبية لمحادثات جوبا، تاركاً مواطني مقاطعة ماكوي في حال يرثى إليها بعد فترة قصيرة من شيوع الأمل.

وبحكم هذا التعثر الشديد وبحكم استحالة تجمع جيش الرب للمقاومة في أويني – كيبول، جرى إضافة ملحق جديد لاتفاقية وقف الأعمال العدوانية ) CoH ( يسمح لأفراد LRA بعبور النيل للتجمع في نابانغا بغرب الأستوائية خلال ستة أسابيع من تاريخ توقيع الملحق المصادف 14 أبريل/نيسان 2007 )حكومة أوغندا وحركة/ جيش الرب للمقاومة 2007 ب(. وكان فريق رصد وقف الأعمال العدوانية ) CHMT ( من جاء بتوصية التجمع في نقطة واحدة هذه في أواخر يناير/كانون الثاني 2007 ، بيد أن تواتر المعلومات المتصلة بهجومات جيش الرب للمقاومة في غرب الاستوائية وعبوره إلى جمهورية إفريقيا الوسطى ) CAR ( أثارت الالتباس، فضلاً عن تناقضها في أحوال كثيرة. وقد أفضت المشكلة العالقة بشأن تحديد مكان إجراء محادثات السلام في مطلع 2007 بالقيادة العليا لجيش الرب للمقاومة إلى الانسحاب من منطقة التجمع المخصصة في غرب الاستوائية فيما أفادت تقارير إخبارية بأن مقاتلي جيش الرب للمقاومة يتجهون نحو حدود جمهورية إفريقيا الوسطى CAR( (. وإذ لم يتم التحقق من هذا الأمر بشكل مستقل، إلا إن الاشاعة لم تخفت. وأيا كان الأمر فإن أي انتشار آخر للنزاع فهو تطور باعث على القلق.

إن طبيعة المعلومات، برأي الطاقم الأمني الدولي، إنما تؤكد على أهمية الحاجة لإعادة التحقق من أي هجوم اتهم به جيش الرب للمقاومة لإن جماعات أخرى أخذت، كما يبدو، تغتنم فرصة غياب الرصد. فاعتماداً على ما قاله خبير أمني دولي فإن سجل جيش الرب للمقاومة سيء للغاية بحيث أنه من الصعوبة بمكان عدم تصور بأن أفراده ليسوا، على الدوام، جناةً: “إن مصداقية جيش الرب للمقاومة تقوم على احتمالية قيامه بالهجوم” 66 . وإذ أمكن بسهولة ارجاع بعض الهجومات، ولا سيما تلك التي حدثت منذ يناير/كانون الثاني 2007 ، إلى جيش الرب للمقاومة، إلا إنه ليس واضحاً من ارتكب الهجومات الأخرى، فهي أما من صنع جيش الرب للمقاومة، الذي ما برح نشطاً رغم ما قدمه من تعهد بعدم القيام بذلك، وأما من صنع أفراد ينتسبون لقوات أخرى يتظاهرون بأنهم من جيش الرب للمقاومة ويرتدون زيه المعروف ويستخدمون ذات الأساليب في عمليات نصب الكمائن.

أبت حركة/جيش الرب للمقاومة ) LRA/M ( مواصلة محادثات السلام في جوبا في يناير/كانون الثاني 2007 ، معبرة عن همومها الأساسية المتصلة بالمخاوف الأمنية وأسلوب التوسط الثقيل الوطأة والمعاملة غير المنصفة. كما شكت LRA/M ببيان مفصل لها من الوسيط الذي طعن على الدوام في “ مصداقية وأصالة وقدرة تفاوض” وفدها )حركة/جيش الرب للمقاومة 2007 (. هذا الموقف أدى إلى شلِّ المفاوضات بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان. ولئن نُظر بادى ذي بدء، إلى موقف LRA/M الرافض للعودة إلى طاولة المفاوضات في جوبا باعتباره دليلاً على انعدام التزامها بمحادثات السلام، إلا أن الشرح المفصل الذي قدمه لاحقاً جيش الرب للمقاومة غير تلك النظرة. ولئن اعتبرت بعضا من مخاوف LRA على انها ما انفكت تنطوي على مبالغة، إلا أن المراقبين الدوليين وافقوا على أن تؤخذ بعض هذه المخاوف مأخذاً جدياً وأن آليات فريق التوسط عملت بالضد من جيش الرب للمقاومة في بعض الأحيان 67 . مع ذلك أثبتت الأطراف كافة، المشاركة في مباحاثات السلام، التزامهما المتواصل بحضورها الاجتماعات والابقاء على خط اتصالات مفتوح وكذلك المشاركة في مشاورات واسعة مع أصحاب المصلحة. وبينما كانت المحادثات في طور “سبات” رسمياً في بداية 2007 ، عقد المبعوث الخاص للامم المتحدة بنزاع جيش الرب للمقاومة الجديد، الرئيس السابق لموزمبيق، يواكيم تشيسان، عدة اجتماعات مع قادة جيش الرب للمقاومة في منتزه غارمبا الوطني. وقد أثبتت الجهود المتعلقة بإذكاء جذوة محادثات جوبا نجاحها عندما وافق الطرفان على العودة إلى طاولة المفاوضات بعد محادثات جرت وجها لوجه بين وفد الحكومة الأوغندية والقيادة العليا لجيش الرب للمقاومة في ري – كوانغبا يومي 13 – 14 أبريل/نيسان عام 2007 )حكومة أوغندا وحركة/جيش الرب للمقاومة 2007 أ(. وافق جيش الرب للمقاومة على العودة إذا لبيت شروط معينه له تتصل بأمن أفراده ومواقعهم في محادثات السلام. كما طالبوا بحضور مراقبين من عدة دول إفريقية. استؤنفت محادثات السلام في 26 أبريل/نيسان وتمخض عنها توقيع اتفاقية بشأن الحلول الشاملة )انظر أدناه(. وكان ممثلو حكومات تنزانيا، جنوب إفريقيا، كينيا، وموزمبيق، من ضمن الموقعين، كما جرى، إضافة إلى ذلك، تعزيز فريق رصد وقف الأعمال العدوانية ) )CHMT بمراقبين من الاتحاد الإفريقي منذ ذلك الحين. وهذه هي المرة الأولى التي ظهر بها جيش الرب للمقاومة بمظهر قوة يمكن الاتصال بها ومنخرطة في حوار متواصل مع الحكومة الأوغندية والفاعلين الدوليين ومع ممثلي المجتمعات في السودان وأوغندا.

وساد في شمال أوغندا، منذ بدء المفاوضات في عام 2006 ، سلام الأمر الواقع الذي مكّن العديدين من التخطيط للعودة إلى بيوتهم وقراهم من معسكرات المشردين الحكومية. لقد سمحت العملية السلمية للزعماء المحليين الافصاح عن مخاوف ومظالم اشولي ومجتمعات أخرى في شمال أوغندا وشرقها. كما مكنت عملية السلام في شرق الاستوائية وغرب الاستوائية السودانيتين من إقامة أعمال تنموية بدخول وكالات الإغاثة إليهما لدعم المجتمع المحلي والعملية السلمية، لكن التقدم المحرز توقف بسبب من تدهور الحالة الأمنية في مستهل 2007 وهو أمر انعكس سلباً على الأهالي الذين عبروا عن خيبة أملهم إزاء كل من جيش الرب للمقاومة لاستمراره في الهجمات، وإزاء الوكالات لعدم الوفاء بوعودها. لقد تدهورت الحالة الأمنية إلى حد كبير في مطلع 2007 بالنسبة للأهالي )غوردون وآخرون، 2007 (. وبينما لم ينقطع البحث عن حل سلمي، فقد جرى استعراض الخيارات العسكرية أيضاً من قبل الأطراف الخارجية، مدعومة بذلك من قبل أولئك الذين يفضلون إدخال مذكرات الاعتقال التي أصدرتها محكمة الجنايات الدولية ) ICC ( حيز التنفيذ. لقد هدفت استراتيجية ICC إلى فصل قيادة جيش الرب للمقاومة عن القاعدة ودق اسفين بينهما وتمكين التدخل العسكري من إدخال مذكرات الاعتقال حيز التنفيذ، ربما باستخدام قوة دولية خاصة. إن الحل العسكري يعني هجوما شاملا على معسكر جيش الرب للمقاومة والذي من جرائه سيفقد الكثير من الجنود حياتهم من أجل القبض على عدد قليل من القادة. لكن بالرغم من التوترات القائمة داخل وفد حركة/جيش الرب للمقاومة وبين أعضاء الوفد والقيادة العليا، فقد قاومت حركة/جيش الرب للمقاومة المساعي الخارجية لإحداث انقسام بين القيادة والقاعدة والوفد المفاوض. وبات واضحاً، مع ذلك، إنه لا يمكن توقيع صفقة سلام شامل إلا إذا جرى حل مسألة مذكرات اعتقال محكمة الجنايات الدولية ) ICC ( – حل ترضى به جميع الأطراف في محادثات السلام وكذلك محكمة الجنايات الدولية. وفي مايو/أيار 2007 ، بعد مشاورات عميقة، تم وضع إطار عمل للتعاطي مع قضايا بيان المسؤولية ومعالجة مذكرات الاعتقال القائمة. ووقعت في يوم الثاني من مايو/أيار اتفاقية بشأن الحلول الشاملة إثر حلافات حادة، باستخدام مشروع نص غير معدل عرض على الطرفين في ديسمبر/كانون الأول 2006 )حكومة أوغندا وحركة/ جيش الرب للمقاومة 2007 د(. ولئن جرت الإشادة بالتوقيع على انه تقدم كبير في العملية السلمية، التي لم تخرج، في أعين الكثيرين، حتى ذلك الحين، إلا بنتائج ملموسة قليلة، إلا إن الوثيقة أهملت، في الحقيقة، معالجة الكثير من المسائل، وعلى وجه التخصيص لم تحدد طرائق التنفيذ، ناهيك من اتسام الكثير من البنود المتفق عليها بالغموض. ينبغي النظر إلى الوثيقة باعتبارها تعبيراً عن حسن نوايا الطرفين وليس برتوكولاً فعلياً لاتفاقية سلام نهائية. وكما هو جلي مما سبق، فإن كثيراً من النقاط الواردة في الإتفاقية يتسم بالإبهام ويحتاج إلى إعادة نظر، وهذا سيشكل مضمون محادثات السلام في الأشهر القادمة. وكما لوحظ مع الصعوبات التي رافقت اتفاقية وقف الأعمال العدوانية ) CoH (، فالاتفاقيات الموقعة لا يفضي بالضرورة إلى توضيح المسائل، فقد جرى التعاطي مع CoH ، في أوقات متعددة، على أنها تعبير عن حسن النوايا وأنها إعلان وقف إطلاق النار يتطلب مراقبة. وهذا أفضى إلى حالة ملتبسة ازدادت حدة بسبب مشاكل تتعلق بالقدرة اللوجستية لفريق رصد وقف الأعمال العدوانية ) .)CHMT

كما شاب محادثات جوبا فقر في إطار العمل التنظيمي، وبطء أو غموض الاستجابة الدولية في كثير من الأحيان، وانعدام الثقة العام في صلاحيتها – إضافة إلى الحرب الدعائية المتواصلة لكل من جيش الرب للمقاومة وحكومة أوغندا، إذ غدت التهديدات العسكرية جزءاً من عملية السلام. وأصدرت حكومتا أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وحكومتا حكومة السودان وحكومة جنوب السودان معاً، بيانات لا لبس فيها عن استعدادها لمحاربة جيش الرب للمقاومة إن أخفقت محادثات السلام. وكثيرا ما أكد ال LRA استعداده لحمل السلاح مرة أخرى 68 .

يعتمد السلام في أوغندا على قدرة الطرفين والوسطاء على إعداد مشروع اتفاقية تمنح الطرفين نتائج محسوسة. كما يجب أن تعالج الاسئلة المتصلة بالعدالة والمساءلة بطريقة تعمل على تماسك المجتمع من دون اهمال وجود نظام العدالة الدولي. ولضمان أوسع مشاركة ممكنة، ينبغي إشراك أكبر ما أمكن من الزعماء المحليين والمدنيين وأصحاب المصلحة في المشاورات المتواصلة المتعلقة بشمال أوغندا لضمان قبول واسع لطرائق التنفيذ اللاحقة. يعتمد السلام في جنوب السودان، أولاً وأخيرا، على التنفيذ الناجح لإتفاق السلام الشامل ) CPA (. بيد أن نزع شامل لسلاح الجماعات المسلحة الأخرى ) OAGs ( والمدنيين، وكذلك التوصل إلى اتفاقية سلام بين الطرفين الأوغنديين، لهما ضروريان ضرورة كبرى لاستقرار الإقليم كله.

التسليح

تغمر الأسلحة الصغيرة جنوب السودان، وساهمت في ذلك عوامل شتى، فقد عملت العديد من حركات التمرد في إقليم البحيرات الكبرى والقرن الإفريقي على ضمان تدفق سيل متواصل من الأسلحة، كما قامت جماعات متمردة ضد الحكومة في أوغندا بتزويد جيش الرب للمقاومة ) LRA ( بالأسلحة. وعندما اطيح بعيدي أمين وتيتو أوكلو ) 1979 و 1986 على التوالي( قام العديد من الذين كانوا منخرطين في القتال بسلب الأسلحة والذخائر واخفائها في شمال أوغندا. وبعض من مخزونات السلاح هذه قديم جداً، وتحوز أعداد كبيرة من المدنيين على الاسلحة ويقومون باستخدامها، والسلاح المفضل هو البنادق الهجومية التي يتم المتاجرة بها بسهولة ويسر 69 . وقاتل جيش الرب أيضاً بأسلحة على درجة أكبر من التطور، إلا أن البنادق هجومية على طراز الكلاشينكوف هي الأكثر حضوراً بين أفراده. زد على ذلك، إن لدى جماعات مسلحة أخرى مخزونات في السودان والجنود يغيّرون ولاءاتهم بين المليشيات المتعددة أو الجيوش آخذين أسلحتهم معهم. لجيش الرب للمقاومة أسلحة وذخائر مخبأة في جميع انحاء شمال أوغندا وجنوب السودان )مسح الأسلحة الصغيرة، 2006 (. وفي السنوات التي كانت تتواصل فيها الإمدادات من الخرطوم، كانت جودة معدات قوات الدفاع الشعبي الأوغندية أقل تقدما من تلك التي لجيش الرب للمقاومة. ومثلما يستحضر أحد الضباط “ لدى ]أفراد LRA [ جميع انواع الأسلحة الصغيرة التي يمكن أن تطرأ على البال، مع أسلحة أخرى مساعدة من العرب. لديهم في الحقيقة أسلحة مضادة للطائرات، بسبطانات مزدوجة يحملونها بسهولة ولديهم بي 10 التي استخدموها لضرب ناقلاتنا المدرعة ودباباتنا. إنهم مسلحون تسليحاً جيداً. وفي الحقيقة، اقتنى جيش الرب للمقاومة على قاذفات صواريخ قبل أن تقوم قوات الدفاع الشعبي الأوغندية ) UPDF ( باقتنائها. إنني أتذكر مرةً قيامهم بهجوم على مفرزة جيدة من مقاتلي UPDF بقاذفات صاروخية وكنا نتساءل عن طبيعة السلاح الذي استخدموه. ولما رفع شخص منا الخرطوشة وفحصناها أدركنا بأنهم أكثر تقدما منا”. ثم طلبت أوغندا من دول أخرى المساعدة لتجهيز نفسها بأسلحة شبيهة 70 .

لم يشترك جيش الرب للمقاومة ) LRA ( بشكل جدي في تهريب الأسلحة قط. ففي الأيام الأولى من النزاع كان الحصول على الأسلحة سهلاً لأن الكثير من مقاتلي ال LRA هم أما مقاتلون سابقون في جيش التحرير الوطني الأوغندي ) UNLA ( أو تجمعهم روابط وثيقة بأفراد سابقين من الجيش الذي كان يقاتل موسيفيني مثل أفراد الجيش الديمقراطي للشعب الأوغندي ) UPDA (. يروي الأهالي كيف تدفقت شحنات الأسلحة على شمال أوغندا وجنوب السودان بعد إسقاط تيتو أوكلو في عام 1986 . ولما تعهدت الخرطوم بدعم جيش الرب للمقاومة بعد ذلك بعشر سنوات حقق الحصول على أسلحة حديثة تقدما كبيراً. قال زعيم محلي”إن أردت 500 دبابة، خذها طالما وعدت بأنك ستستخدمها ضد اعداء ]الخرطوم[، وهذا يعني كل شخص أسود البشرة... وهم بالطبع يستخدمون سوداً لقتل السود. فالأسلحة ليست مشكلة كبيرة بالنسبة لهم” 71 . إن بعضا من أسلحة جيش الرب للمقاومة ) LRA ( الكبيرة أو الأكثر حداثة إنما حاز معظمها من المعارك التي خاضها مع قوات الدفاع الشعبي الأوغندية أو الجيش الشعبي لتحرير السودان، وكذلك مع قوات الأمم المتحدة. ففي يناير/كانون الثاني العام 2006 اصطدم LRA مع بعثة منظمة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية ) MONUC ( في منتزه غارمبا الوطني بعدما تلقت MONUC معلومات دقيقة عن مخابئ القيادة العليا للجيش، وقتل في العملية 8 غواتيماليين من قوات حفظ السلام التابعة ل .MONUC وعلى الرغم من أن الرواية الرسمية للأحداث - من قبل LRA و MONUC معاً – هي أن جيش الرب يتحمل مسؤولية القتل، إلا أن مسؤولين عسكريين دوليين أكدوا في مقابلات معهم على أنهم قتلوا ب”نيران صديقة” في “عملية مرتجلة” كانت اليد العليا فيها لجيش الرب للمقاومة بسبب من معرفتهم بالأرض. كما قال المسؤولون إن القصص التي شاعت عن التمثيل بجثث الجنود الغواتيماليين غير صادقة 72 . وقال جيش الرب للمقاومة إن عدداً كبيراً من مقاتليه صرعوا في العملية، لكنهم فروا ببعض من الأسلحة، منها مدفع رشاش للأغراض العامة ) GPMG ( من طراز ام 60 .

لقد استخدم أفراد جيش الرب للمقاومة ) LRA ( في أوقات مختلفة من النزاع بنادق هجومية، رشاشات، ألغام أرضية – روسية الصنع في الغالب- وقاذفات آر بي جي. كما أفادت تقارير بأنهم استخدموا أيضاً منظومات الدفاع الجوي المحمول 7-SA على أنه ليس هنالك ما يشي بذلك. غير أن الاهتمام الاساس تركز على الدوام على الأسلحة الصغيرة، ممكنةً جيش الرب للمقاومة الجوال من النجاة. كما أن لديهم علاوة بنادق هجوم بطراز الكلاشينكوف عيار 7.62x39 ملم، بنادق من نوع FN ، FAL وجي 3 عيار 7.62x51 ملم وكذلك مسدسات براوننغ عيار 9 ملم هي قيد الاستخدام إضافة إلى عدد قليل من ضروب مختلفة من أم 16 عيار 5.56x46 ملم. يبدو أن المدافع الرشاشة للأغراض العامة ) GPMG’s ( - الروسية الصنع مرة أخرى – هي من أكثر البنادق الرشاشة تداولاً رغم أن جيش الرب للمقاومة يحوز بنادق بيرن أيضاً. إن أر بي كي، وهي أي كي – 47 بسبطانة ثقيلة ومِنصَب ثُنائي ومقبض مختلف ومخزن أوسع، هي أكثر الأنواع تداولا إضافة إلى 7.62x54R mm PK التي تطلق خرطوشة ذات حافة أطول. وتتوفر بارودات وإن كانت نادرة ومعظمها بسبطانة مفردة من النوع الأمريكي. كما أن لديهم قاذفات صواريخ متعددة الرميات. أما الأنواع الأكثر غلاء مثل دراغينوف SVD أو ام 60 فهي نادرة لأن ذخائرها غالية ولس سهلاً الحصول عليها. إن إمدادات الذخائر جيد بشكل عام ولما يكون جيش الرب للمقاومة في وضع قتالي فهم يحملون معهم كمية قياسية – على الأقل 200 من الأعيرة النارية لكل رجل إضافة إلى حزام ب 100 عيار ناري على المقاتل و 400 طلقة بحاشي البندقية و 100 عيار على الرامي 73 . تعتمد اتصالات جيش الرب للمقاومة على هواتف الاقمار الصناعية وأجهزة الراديو التي تم الحصول عليها من النهب أو من أنصاره. وبحسب الإمكان، يستخدم جيش الرب للمقاومة تلفونات جوالة عادية إضافة إلى منظومات مراسلين بين المجموعات المختلفة التي يتزعمها قادة مختلفون.

تتفق جميع الأطراف المتصارعة على شيء واحد: إن إمدادات الأسلحة ومخزونها كافية لإطالة أمد النزاع لمدة طويلة جتى من دون مساعدة خارجية. لقد دخل جيش الرب للمقاومة محادثات السلام وهو على بينة من أنه يشكل، بناء على ما لديه من سلاح، تهديداً عسكرياً حقيقياً، إذ يحتفظ بمخزونات الأسلحة في شرق الاستوائية وغرب الاستوائية وكذلك في شمال أوغندا وإن يصعب تحديد كميتها. وقد تصبح كمية الأسلحة، في الحقيقة، مشكلة أبان التفاوض على شروط نزع السلاح والتسريح وإعادة الادماج ) DDR (. تصف قوات الدفاع الشعبي الأوغندية مخزونات جيش الرب للمقاومة من الأسلحة بأنها “كميات هائلة” من قطع سلاح وذخائر 74 .

مقاتلو جيش الرب للمقاومة مدربون تدريباً جيداً للحفاظ على أسلحتهم في حالة جيدة، إذ يعملون على تنظيفها تزييتها بشكل منتظم. يستخدم قادة الشُعْب بطاقات المدى لإعطاء المحور أو التغطية القوسية. ما فتئوا يستخدمون أوتاداً على شكل بنادق مما يشي بتدريب عسكري قديم بعض الشيء. يرتدي معظم مقاتلي جيش الرب للمقاومة على الاقل جزءا من الزي الرسمي على الاقل والكثير منهم مجهز بعتاد عسكري كامل ومناسب. ينتعل معظم المقاتلين جزم ولّنغتون والتي تعتبر الآن تقريبا العلامة المميزة لجيش الرب للمقاومة.

نقل الأسلحة

البنادق والذخائرعملة رائجة في جنوب السودان: كل الجيوش التي اشتركت في نزاع جيش الرب للمقاومة عُرف عنها مقايضة الأسلحة مقابل الحصول على معلومات. يتاجر جيش الرب للمقاومة بالأسلحة على نطاق ضيق، ذلك بتزويد الأهالي بأسلحة وذخائر مقابل معلومات عن مواقع افراد الجيش الشعبي لتحرير السودان ) SPLA (. وعندما يلقى جندي من قوات الدفاع الشعبي الأوغندية حتفه تُباع أسلحته، كما هي العادة، إلى الأهالي بهذه الطريقة. ولم تعرف جنوب السودان حكم القانون لمدة عقدين من السنوات والجماعات المسلحة تستبدل ولاءاتها بسهولة ويسر – ناقلة اسلحتها ذهاباً وإياباً بين مختلف قوات التمرد والحكومات. بل إن القوات العسكرية الرسمية نفسها تصرفت من دون آليات لضبط الأسلحة واقتصاد الحرب جعل الاتجار بالأسلحة مصدراً حياً من مصادر الدخل بما في ذلك الجيوش الحكومية. إن وجود جيش أجنبي في جنوب السودان، قوات الدفاع الشعبي الأوغندية في هذه الحالة، فاقم من مناخ انعدام الأمن للمدنيين وهذا أمدهم بحافز إضافي للحصول على الأسلحة وحملها. ولم يقم العسكر وحدهم على حفز تدفق الأسلحة على الاقليم، بل كذلك الرعاة على طول الحدود الكينية والأوغندية والسودانية، فهم مزودون تزويداً جيداً بالأسلحة. لقد جرى نزع أسلحتهم في أوقات مختلفة لكن بعضا من هذه الأسلحة وجدت طريقها إلى المناطق التي تشهد قتالاً. )مكوتو، 2003 (. لقد أمد تقليد الغارات على قطيع الماشية، وهو أمر فاقمه النمو السكاني وانحسار المصادر الطبيعة، المدنيين أو الرعاة بحافز واضح للحصول على الأسلحة الصغيرة )شوميروس، على وشك الصدور( 75 . زد على ذلك، إن ثمة طريق إمدادات أسلحة قائماً بين الصومال وإثيوبيا والسودان لسنوات مديدة الآن، يتزود منه الجيش الشعبي لتحرير السودان ) SPLA ( والمدنيون. أما في شرق الاستوائية فإن جيش الرب للمقاومة وميليشيات أخرى تدعمها الخرطوم فقد تسلموا معظم أسلحتهم من منطقة توريت التي تسيطر عليها الحكومة. وتبقى نيمولي على الرغم من أنها تحت سيطرة الجيش الشعبي لتحرير السودان، مركزاً تجارياً للسوق السوداء للاسلحة القادمة من أوغندا إذ يبدو أن المدنيين ابتاعوا معظمها. إن طرق الإمداد المتبعة تقع على شرق نيمولي لكنها باتت صعبة الاستخدام بسبب وجود قوات الدفاع الشعبي الأوغندية. ولوحظ في الأونة الأخيرة ازدياد في تهريب الأسلحة من كينيا والصومال إلى أوغندا – وهذا مؤشر ليس على عدم الاستقرار في الصومال وحسب، وإنما على زيادة الاحساس بعدم الاستقرار في الاقليم كله، وهو احساس من المحتم أن يشعر به السودانيون الجنوبيون الذين يقطنون على طول هذه الطرق.


الولايات المتحدة

في 16 أكتوبر 2011 قررت الولايات المتحدة نشر مئة جندي في أفريقيا للمساعدة في التصدي لمتمردي جيش الرب للمقاومة. وهو أكبر انتشار للقوات الأميركية في المنطقة منذ الهزيمة التي منيت بها في تدخلها في الصومال في 1993. وحرصت الادارة الاميركية على التوضيح ان الجنود الاميركيين لن يقاتلوا المتمردين مباشرة. وقال اوباما ان "قواتنا ستقدم معلومات استخباراتية ونصائح ومساعدة" الى الجيوش الشريكة.[6]


انظر أيضا

المراجع

  • Briggs, Jimmie (2005). Innocents Lost: When Child Soldiers Go to War. Basic Books. {{cite book}}: Cite has empty unknown parameter: |coauthors= (help)
  • Green, Matthew (2008). The Wizard of the Nile: The Hunt for Africa's Most Wanted. Portobello Books. ISBN 978-1846270307. {{cite book}}: Cite has empty unknown parameter: |coauthors= (help)
  • Singer, Peter W. (2006). Children at War. University of California Press. {{cite book}}: Cite has empty unknown parameter: |coauthors= (help)
  • Allen, Tim (2010). The Lord's Resistance Army: Myth and Reality. Zed Books Ltd. {{cite book}}: Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)

المصادر

  1. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة IRIN
  2. ^ ReliefWeb » Document » Guatemalan blue helmet deaths stir Congo debate
  3. ^ [1]
  4. ^ "Terrorist Organization Profile: Lord's Resistance Army (LRA)". National Consortium for the Study of Terrorism and Responses to Terrorism, University of Maryland. Retrieved October 16, 2011.
  5. ^ جيش الرب للمقاومة: تاريخ ولمحات، ماركيه شوميروس
  6. ^ دول افريقية ترحب بالمساعدة العسكرية الاميركية ضد جيش الرب للمقاومة، إيلاف

وصلات خارجية